|
|||
(331)
النذر كان واجبا لحصول ما هو شرط وجوبه وهو الاستطاعة ، فلا مانع من وجوبه سوى النذر ، والنذر لا يصلح ان يكون مانعا ، لأنه قد اعتبر في انعقاد النذر ان لايكون موجبا لتحليل الحرام ولو بالاستلزام ، فالنذر والحج وان اشتركا في اخذ القدرة الشرعية في متعلقهما ، الا ان النذر قد اشتمل على خصوصية أوجبت عدم مزاحمته للحج وتقدم الحج عليه ، وتلك الخصوصية هي عدم كونه موجبا لتحليل ما هو حرام أو واجب لولا النذر ، والحج واجب لولا النذر فلا بد من انحلاله.
فانحلال النذر في مثل هذا ليس لمكان اعتبار الرجحان في متعلقه حال الفعل حتى يستشكل بأنه يكفي الرجحان حال النذر ، وزيارة الحسين عليه السلام يوم عرفة في حال النذر كانت راجحة لعدم تحقق الاستطاعة بعد ، فلا موجب لانحلاله. أو يفرض الكلام في العهد واليمين الذين لا يعتبر الرجحان في متعلقهما ـ ولعله لذلك حكى انه كان عمل صاحب الجواهر ( قده ) على ذلك ، حيث كان ينذر قبل أشهر الحج زيارة الحسين عليه السلام يوم عرفة لئلا يتوجه عليه خطاب الحج في اشهره ـ بل إن انحلال النذر انما هو لمكان استلزامه تفويت واجب لولا النذر. فان قلت : ان هذه الخصوصية لا تختص بالنذر ، بل ورد في باب الشروط والصلح وغير ذلك أن لايكون موجبا لتحليل الحرام أو تحريم الحلال. وح يلزم وجوب الحج عليه إذا آجر نفسه قبل أشهر الحج لعمل كذائي في يوم عرفة ، ثم حصلت الاستطاعة له ، فان مقتضى ما تقدم هو بطلان الإجارة ووجوب الحج عليه ، مع أن الظاهر أنه لا يمكن الالتزام به ، وان سبق الإجارة يوجب عدم تحقق الاستطاعة ، فلا يتحقق موضوع وجوب الحج. قلت : فرق بين التكليف والوضع ، وكلامنا في المقام من الحيثية الأولى ، وان التكليف بالوفاء بالنذر لا يزاحم تكليف الحج ، فلو فرض ان هناك جهة أخرى من وضع وملكية بحيث كان عمله مملوكا للغير فذلك امر آخر لا ربط له بالجهة التي نحن فيها ، فتأمل. (332)
وحاصل الكلام : ان تصحيح عمل صاحب الجواهر ره لايكون الا بأمرين :
الأول : ان مثل هذا النذر لا يوجب تحليل الحرام ، بل الموجب له هو ما كان متعلقه حراما والمقام ليس كذلك. الثاني : كفاية الرجحان حال النذر في انعقاده ، وزيارة الحسين عليه السلام يوم عرفة حال النذر كانت راجحة ، لعدم تحقق الاستطاعة في ذلك الحال. وكل من الامرين محل منع. اما الامر الأول : فقد عرفت كفاية كون المتعلق مما يوجب تفويت واجب لولا النذر في اندراجه في كونه محللا للحرام. واما الامر الثاني : فلان المستفاد من أدلة النذر هو اعتبار ان يكون متعلق النذر حال الفعل راجحا ولا عبرة بحال النذر ، وزيارة الحسين عليه السلام حال فعلها مع كون الشخص مستطيعا يجب عليه الحج لولا النذر ليست راجحة ، ولذا لا يصح نذرها بعد أشهر الحج ، وليس المراد من الرجحان هو الرجحان الذاتي ، حتى يقال : ان زيارة الحسين عليه السلام يوم عرفة راجحة ذاتا ولو مع الاستطاعة ، ولذا لو ترك الحج وزار الحسين عليه السلام يوم عرفة فقد يثاب لزيارته وليس ذلك الا لمكان رجحانها الذاتي ، بل المراد من الرجحان المعتبر في متعلق النذر هو الرجحان الفعلي ، بحيث يكون مما رغب فيه شرعا ، وزيارة الحسين عليه السلام في حق المستطيع ليست مما رغب فيها ، ولذا لا يصح نذرها في حال كونه مستطيعا اتفاقا. فيظهر منه ان الرجحان الذاتي لا ينفع. هذا حاصل ما افاده شيخنا الأستاذ مد ظله في المقام. وعليك بالتأمل في أطراف المسألة وفي أدلة النذر. فتحصل من جميع ما ذكرنا : ان المتزاحمين المشروطين بالقدرة الشرعية يقدم منهما ما هو الأسبق امتثالا أو خطابا ، والا فالتخيير. ولا يلاحظ في مثل هذا الأهمية والمهمية ، فإنه ليس هناك الا ملاك واحد ، فلا معنى لملاحظة الأهمية ، فتأمل. (333)
ولا يخفى عليك : ان التخيير في المشروطين بالقدرة الشرعية عند التساوي غير التخيير في المشروطين بالقدرة العقلية عند التساوي ، فان التخيير في القدرة العقلية انما هو لمكان تقييد كل من الاطلاقين بعدم فعل الاخر ، من دون سقوط أصل الخطابين على أقوى المسلكين فيه كما يأتي ، ولكن في القدرة الشرعية التخيير انما هو لسقوط الخطابين واستكشاف العقل خطابا تخييريا ، لمكان وجود ملاك تام في البين وعدم العلم بمتعلقه ، فيكون التخيير في المشروطين بالقدرة الشرعية كالتخيير في المشروطين بالقدرة العقلية على المسلك الاخر الذي هو خلاف التحقيق عندنا ، و سيأتي بيانه انشاء الله تعالى.
واما المتزاحمان المشروطان بالقدرة العقلية : فان كان أحدهما أهم قدم على الآخر سواء تقدم زمان امتثاله أو خطابه أو تأخر ، للزوم حفظ القدرة له فيكون خطابه أو خطاب ( احفظ قدرتك ) معجزا مولويا عن المهم. واما ان لم يكن في البين أهمية ومهمية فالسابق امتثاله هو المقدم ، ولا تصل النوبة إلى التخيير سواء كان من قبيل المقدمة وذيها ، أو كان من قبيل القيام في الركعة الأولى والثانية ، و سواء تنجز التكليف بالمتأخر كمثال القيام أولا ، كما إذا كان المتأخر مشروطا بشرط لم يحصل بعد ، فإنه على جميع التقادير يقدم ما هو الأقدم امتثالا ، الا إذا كان المتأخر أهم ، كما إذا دار الامر بين القيام حال الفاتحة ، أو القيام قبل الركوع ، حيث إن الثاني أهم لركنية ، فان أهمية المتأخر يوجب التعجيز المولوي عن المتقدم ، لمكان انه يتولد من أهمية خطاب ( احفظ قدرتك ) فيكون عاجزا شرعا عن المتقدم. وأما إذا لم يكن المتأخر أهم كالقيام في الركعة الأولى أو الثانية أو التصرف في ارض الغير لانقاذ مال الغير حيث إنه ليس انقاذ مال الغير أهم من التصرف في ارض الغير ، فمقتضى القاعدة تقديم قيام الركعة الأولى وان أوجب القعود في الثانية ، وترك التصرف في ارض الغير وان أوجب تلف مال الغير المتوقف عليه. والسر في ذلك : هو انه ليس له معجز مولوي عن القيام في الركعة الأولى ، أو ترك التصرف في ارض الغير ، لعدم أهمية المتأخر حتى يلزم حفظ القدرة له ، فليس (334)
خطاب المتأخر شاغلا مولويا عن المتقدم. وإذا لم يكن للمتقدم شاغل مولوي كان هو المتعين ، لحصول القدرة عليه بالفعل ، فلا موجب لتركه ليحفظ قدرته للمتأخر.
وبالجملة : التخيير انما يكون في الواجبين المتساويين من حيث عدم أهمية أحدهما مع اتحاد زمان امتثالهما ، لصلاحية الاشتغال بكل منهما للتعجيز عن الآخر. فالتعجيز في العرضيين انما يكون بالاشتغال بأحدهما لا بنفس الخطاب ، وانما يكون التعجيز بالخطاب إذا كان أحدهما أهم. واما في غير ذلك فالتعجيز انما يكون بالاشتغال ، لعدم صلاحية الخطاب للتعجيز ، لتساوي كل من الخطابين ، والتعجيز عن أحدهما بالاشتغال بالآخر انما يكون في العرضيين. واما في الطوليين المتقدم زمان امتثال أحدهما على الآخر ، فلا يتصور فيه التعجيز عن أحدهما بالاشتغال بالآخر ، بل يتعين الاشتغال بالمتقدم لتقدم زمان امتثاله ، وبالاشتغال به يحصل التعجيز عن المتأخر. فتحصل : انه لا موقع للتخيير في الطوليين ، ولعل منشأ القول بالتخيير هو توهم سقوط الخطابين في المتزاحمين ، واستكشاف العقل من تمامية الملاك في كل منهما وعدم قدرة المكلف على الجمع بينهما خطابا تخييريا شرعيا. واما بناء على المختار : من أن التخيير في المتزاحمين العرضيين انما هو لمكان اشتراط اطلاق كل من الخطابين بعدم فعل الآخر مع بقاء أصل الخطاب ، فلا معنى للتخيير في الطوليين ، إذ ليس المتأخر في رتبة المتقدم حتى يقيد به اطلاق خطاب المتقدم. وسيأتي بيان وجه المختار وضعف القول الأول ، وما يتفرع على القولين من الفروع التي : منها : تعدد العقاب عند ترك الكل بناء على المختار ، ووحدته بناء على القول الاخر. ومنها : دوران الامر بين التعيين والتخيير عند احتمال أهمية أحدهما ، بناء على سقوط كلا الخطابين واستكشاف العقل خطابا تخييريا ، فيبنى : اما على البراءة ، أو الاشتغال ، على القولين في مسألة دوران الأمريين التعيين والتخيير. واما بناء على المختار : من تقييد الاطلاقين ، فلا محيص من القول بالاشتغال (335)
عند أهمية أحدهما ، للقطع بتقييد غير محتمل الأهمية والشك في تقييد محتمل الأهمية ، فيرجع الشك فيه إلى الشك في المسقط.
هذا إذا تقدم زمان امتثال أحد المتزاحمين المشروطين بالقدرة العقلية. وأما إذا اتحد زمان امتثالهما كالغريقين فحينئذ تصل النوبة إلى الترجيح بالأهمية ، فأي منهما أهم يقدم ، لان الامر بالأهم يكون معجزا مولويا عن غيره. ومسألة الأهمية يختلف باختلاف ما يستفاد من الأدلة ومناسبة الحكم والموضوع ، فما كان لحفظ بيضة الاسلام يقدم على كل شيء ، وما كان من حقوق الناس يقدم على غيره ، كما أن ما كان من قبيل الدماء والفروج يقدم على غيره ، واما فيما عدا ذلك فاستفادة الأهمية يحتاج إلى ملاحظة المورد وملاحظة الأدلة. وعلى كل حال قد ظهر لك : ان الترجيح بالأهمية ، انما هو بعد فقد المرجحات السابقة : من البدلية واللابدلية ، والاشتراط بالقدرة الشرعية وعدم الاشتراط ، وغير ذلك من المرجحات السابقة ، وعند فقد جميع المرجحات يكون الحكم هو التخيير. هذا تمام الكلام في تزاحم الحكمين في التكليف الاستقلالية. واما الكلام في التزاحم في باب القيود والواجبات الغيرية ، كما لو دار الامر بين ترك جزء أو شرط ، أو دار الامر بين ترك شرط أو شرط آخر ، أو جزء و جزء آخر ، فله عرض عريض ويحتاج إلى بسط من الكلام لا يسعه المقام ، وان كان شيخنا الأستاذ قد تعرض له في هذا المقام على سبيل الاجمال ، الا انا قد اعرضنا عن بيانه لاجمال ما ذكره ( مد ظله ) في هذا المقام. فالأولى عطف عنان الكلام إلى مسألة الترتب التي هي من فروع باب التزاحم ، ووقعت معركة الآراء بين الاعلام خصوصا في زماننا الحاضر. وينبغي أولا تنقيح ما هو محل النزاع في المقام فنقول : قد عرفت ان اقسام التزاحم خمسة. الأول : تضاد المتعلقين ، لاجتماعهما في زمان واحد ، كالغريقين. الثاني : قصور قدرة المكلف عن الجمع بينهما من دون ان يكون بينهما مضادة ، لاختلاف زمانهما ، كالقيام في الركعة الأولى أو الثانية. (336)
الثالث : تلازم المتعلقين كاستقبال القبلة واستدبار الجدي.
الرابع : مقدمية أحد المتعلقين للآخر ، كالتصرف في ارض الغير لانجاء مؤمن. الخامس : اتحاد المتعلقين في الوجود ، كالصلاة في الأرض المغصوبة. وعنوان النزاع في مسألة الترتب في كلمات الاعلام وان كان في خصوص القسم الأول ، وهو ما إذا كان التزاحم لأجل تضاد المتعلقين ، الا ان الظاهر عدم اختصاص مسألة الترتب بذلك ، بل تجرى في بعض الأقسام الاخر وان لم تجر في جميع الأقسام الخمسة. فالأولى جعل الكلام في باب الترتب في مسائل خمس حسب اقسام التزاحم ، وافراد كل قسم بالبحث عن جريان الترتب فيه. المسألة الأولى : في امكان الترتب في المتزاحمين الذين كان التزاحم فيها لأجل تضاد المتعلقين ، وكان أحدهما أهم من الآخر ، بحيث يكون اطلاق الامر بالأهم على حاله ، والامر بالمهم يقيد بصورة عصيان الأهم وتركه. فيرجع النزاع في الترتب إلى أن تقييد المهم بذلك مع بقاء اطلاق الأعم هل يوجب رفع غائلة التمانع والمطاردة ، والتكليف بالمحال ، وخروج الامر بالضدين عن العرضية إلى الطولية ؟ كما هو مقالة مصحح الترتب. أو ان هذا التقييد لا يوجب رفع تلك الغائلة ، بل التكاليف بالمحال بعد على حاله ، ولا يخرج الامر بالضدين عن العرضية إلى الطولية بذلك التقييد. بل رفع تلك الغائلة لايكون الا بسقوط الامر بالمهم رأسا كما هو مقالة منكر الترتب. و الأقوى هو الأول. وينبغي ان يعلم أنه لا يختص الترتب بخصوص الأهم والمهم ، بل يجرى في الموسع والمضيق أيضا ، وعلى كل حال ان تنقيح البحث فيه يستدعى رسم مقدمات : المقدمة الأولى : لا اشكال في أن الذي يوجب وقوع المكلف في مضيقة المحال واستلزام التكليف بما لا يطاق ، انما هو ايجاب الجمع بين الضدين ، إذ لولا ايجاب الجمع على (337)
المكلف لم يقع المكلف في مضيقة المحال. فالمحذور كل المحذور انما ينشأ من ايجاب الجمع بين الضدين. ولا اشكال أيضا في أنه لابد من سقوط ما هو منشأ ايجاب الجمع ليس الا ، ولا يمكن سقوط ما لا يوجب ذلك. وهذان الأمران مما لا كلام فيهما. فالكلام كله في أن الموجب لايجاب الجمع بين الضدين هل هو نفس الخطابين واجتماعهما وفعليتهما مع وحدة زمان امتثالهما لمكان تحقق شرطهما ؟ أو ان الموجب لايجاب الجمع ليس نفس الخطابين بل الموجب هو اطلاق كل من الخطابين لحالتي فعل متعلق الآخر وعدمه.
والحاصل : انه لا اشكال في أن الموجب لايجاب الجمع في غير باب الضدين انما هو اطلاق الخطابين لحالتي فعل متعلق الاخر وعدمه ، كالصلاة و الصوم ، فان الموجب لايجاب الجمع بينهما انما هو اطلاق خطاب الصلاة وشموله لحالتي فعل الصوم وعدمه ، واطلاق خطاب الصوم وشموله لحالتي فعل الصلاة وعدمه. ونتيجة الاطلاقين ايجاب الجمع بين الصلاة والصوم على المكلف. ولو كان كل من خطاب الصوم والصلاة مشروطا بعدم فعل الآخر ، أو كان أحدهما مشروطا بذلك ، لما كانت النتيجة ايجاب الجمع بين الصوم والصلاة. وهذا في غير الضدين واضح. فيقع الكلام في أن حال الضدين حال غيرهما في أن الموجب لايجاب الجمع بينهما هو اطلاق كل من الخطابين حتى يكون هو الساقط ليس الا ؟ أو ان الموجب لذلك هو فعلية الخطأ بين مع وحدة زمان امتثالهما حتى يكون الساقط أصل الخطابين. وعلى ذلك يبتنى المسلكان في التخيير في المتزاحمين المتساويين من حيث المرجحات ، من حيث كون التخيير عقليا ، أو شرعيا ، فإنه لو كان المقتضى لايجاب الجمع هو اطلاق الخطابين فالساقط هو الاطلاق ليس الا مع بقاء أصل الخطابين ، ويكون التخيير لمكان اشتراط كل خطاب بالقدرة على متعلقة ، فيكون كل من الخطابين بالضدين مشروطا بترك الآخر ، لحصول القدرة عليه عند ترك الآخر وينتج التخيير عقلا. وهذا بخلاف ما إذا قلنا : بان المقتضى لايجاب الجمع هو أصل الخطابين ووحدة زمان امتثالها ، فإنه ح لابد من سقوط كلا الخطابين ، لان سقوط أحدهما ترجيح بلا مرجح ، ولمكان تمامية الملاك في كل منهما يستكشف (338)
العقل خطابا شرعيا تخيريا بأحدهما ، ويكون كسائر التخييرات الشرعية كخصال الكفارات ، غايته ان التخيير الشرعي في الخصال يكون بجعل ابتدائي ، وفي المقام يكون بجعل طارئ. ويكون وزان التخيير في المشروطين بالقدرة العقلية وزانه في المشروطين بالقدرة الشرعية ، حيث تقدم ان التخيير فيهما يكون شرعيا.
وعلى ذلك أيضا يبتنى وحدة العقاب وتعدده عند ترك الضدين معا ، فإنه بناء على سقوط الخطابين لايكون هناك الا عقاب واحد ، لان الواجب شرعا ح هو أحدهما. واما بناء على اشتراط الاطلاقين فيتعدد العقاب ، لحصول القدرة على كل منهما ، فيتحقق شرط وجوب كل منهما ، فيعاقب على ترك كل منهما. وربما يترتب على ذلك ثمرات اخر قد تقدمت الإشارة إلى بعضها. فتحصل : ان الذي ينبغي ان يقع محل النفي والاثبات ، هو ان الموجب لايجاب الجمع ما هو ؟ هل اطلاق الخطابين ؟ أو فعليتهما ؟ وعلى الأول يبتنى صحة الترتب ، وعلى الثاني يبتنى بطلانه. ومن الغريب : ما صدر عن الشيخ ( قده ) حيث إنه في الضدين الذين يكون أحدهما أهم ينكر الترتب غاية الانكار (1) ولكن في مبحث التعادل و التراجيح التزم بالترتب من الجانبين عند التساوي وفقد المرجح ، حيث قال في ذلك المقام ، في ذيل قوله : « فنقول وبالله المستعان قد يقال بل قيل : ان الأصل في المتعارضين عدم حجية أحدهما » ما لفظه : « لكن لما كان امتثال التكليف بالعمل بكل منهما كسائر التكاليف الشرعية والعرفية مشروطا بالقدرة ، والمفروض ان كلا منهما مقدور في حال ترك الآخر ، وغير مقدور مع ايجاد الآخر ، فكل منهما مع ترك الاخر مقدور يحرم تركه ويتعين فعله ، ومع ايجاد الآخر يجوز تركه ولا يعاقب عليه ، فوجوب الاخذ بأحدهما نتيجة أدلة وجوب الامتثال والعمل بكل منهما بعد تقييد وجوب الامتثال بالقدرة. وهذا مما يحكم به بديهة العقل ، كما في كل واجبين 1 ـ راجع تفصيل ما افاده الشيخ قدس سره في المقام في مباحث مقدمة الواجب من مطارح الأنظار ، الهداية التي تكلم فيها عن صحة اشتراط الوجوب عقلا بفعل محرم مقدم عليه وعدمها ، ص 54 إلى 57. (339)
اجتمعا على المكلف ولا مانع من تعيين كل منهما على المكلف بمقتضى دليله الا تعيين الاخر عليه كذلك » (1) انتهى موضع الحاجة من كلامه زيد في علو مقامه.
وهذا كما ترى صريح في أن التخيير في الواجبين المتزاحمين انما هو من نتيجة اشتراط كل منهما بالقدرة عليه وتحقق القدرة في حال ترك الآخر ، فيجب كل منهما عند ترك الآخر ، فيلزم الترتب من الجانبين مع أنه ( قده ) أنكره من جانب واحد و ليت شعري ان ضم ترتب إلى ترتب آخر كيف يوجب تصحيحه. وبالجملة : هذه المناقضة من الشيخ غريبة. وعلى كل حال ، فقد تحصل من المقدمة الأولى : ان العمدة هو اثبات ما يوجب ايجاب الجمع بين الضدين على المكلف ، حتى يكون هو الساقط. المقدمة الثانية : الواجب المشروط بعد تحقق شرطه حاله حاله قبل تحقق شرطه ، من حيث إنه بعد على صفة الاشتراط ، ولا يتصف بصفة الاطلاق ، ولا ينقلب عما هو عليه. وذلك لما عرفت في الواجب المشروط : من أن الشرط فيه يرجع إلى الموضوع ، فيكون الواجب المشروط عبارة عن الحكم المجعول على موضوعه المقدر وجوده على نهج القضايا الحقيقية. وليست الاحكام من قبيل القضايا الشخصية ، بل هي احكام كلية مجعولة أزلية على موضوعاتها المقدرة ، والحكم المجعول على موضوعه لا ينقلب عما هو عليه ، ولا يخرج الموضوع عن كونه موضوعا ، ولا الحكم عن كونه مجعولا على موضوعه. ووجود الشرط في الواجب المشروط عبارة عن تحقق موضوعه خارجا ، و بتحقق الموضوع خارجا لا ينقلب الواجب المجعول الأزلي عن الكيفية التي جعل عليها ، ولا يتصف بصفة الاطلاق بعد ما كان مشروطا ، لان اتصافه بذلك يلزم خروج ما فرض كونه موضوعا عن كونه موضوعا. فوجوب الحج انما أنشأ أزلا مشروطا بوجود موضوعه الذي هو العاقل البالغ المستطيع ، وهذا لا يفرق الحال فيه ، بين تحقق الاستطاعة لزيد أو عدم تحققها ، إذ ليس لزيد حكم يخصه حتى يقال : انه 1 ـ فرائد الأصول ( الرسائل ) ، مباحث التعادل والتراجيح ، المقام الأول في المتكافئين. ص 416. (340)
لا معنى لكون وجوب الحج بالنسبة إلى زيد المستطيع مشروطا بالاستطاعة ، بل لابد من أن يكون الخطاب بالنسبة إلى زيد ح مط. وهو كذلك لو كانت الأحكام الشرعية من قبيل القضايا الجزئية الخارجية ، وعليه يكون الشرط من علل التشريع لا من قيود الموضوع ، كما استقصينا الكلام في ذلك في الواجب المشروط والمعلق ، و تقدم بطلان ذلك وان الأحكام الشرعية مجعولة على نهج القضايا الحقيقية.
فما في بعض الكلمات : من أن الواجب المشروط بعد تحقق شرطه يكون واجبا مط مبنى على ذلك المبنى الفاسد : من كون الأحكام الشرعية قضايا جزئية. و اما بناء على ما هو الحق عندنا ، فالواجب المشروط دائما يكون مشروطا ، ولو بعد تحقق شرطه وفعليته. وبعبارة أخرى : الشرط دائما يكون من وسائط العروض ، لا وسائط الثبوت. وبذلك ظهر فساد ما في بعض الألسن : من أن الواجب المشروط بعد تحقق شرطه يكون واجبا مط. فالامر بالمهم المشروط بعصيان الامر بالأهم دائما يكون مشروطا ، و لو بعد تحقق شرطه. نعم يصير فعليا عنده. وعلى ذلك تبتنى طولية الامر بالمهم بالنسبة إلى الامر بالأهم وخروجه عن العرضية ، كما سيأتي توضيحه انشاء الله تعالى. والمحقق الخراساني ( قده ) مع اعترافه (1) برجوع الشرط إلى الموضوع الذي عليه يبتنى الواجب المشروط ، وأنه يكون قسيما للواجب المطلق ـ كما أوضحناه (2) في محله ـ ذهب في جملة من الموارد إلى كون الشرط من وسائط الثبوت ، وانه من قبيل العلل للتشريع كما يظهر من ارجاعه الشرط المتأخر إلى الوجود العلمي ـ على ما تقدم تفصيله ـ (3) وكما يظهر منه في المقام (4) حيث جعل الامر بالمهم بعد تحقق 1 ـ راجع كفاية الأصول ، الجلد الأول ، تقسيمات الواجب ، منها تقسيمه إلى المطلق والمشروط ص 152 ـ 2 ـ راجع الجزء الأول من هذا الكتاب ، مباحث تقسيمات الواجب ، منها تقسيمه إلى المطلق والمشروط ، الامر الأول ص 170 3 ـ الجزء الأول من هذا الكتاب ، مباحث تقسيمات الواجب في الفرق بين القضايا الحقيقية والخارجية ص 276 وراجع الكفاية ، الجلد الأول. مباحث مقدمة الواجب. منها تقسيمها إلى المتقدم والمتأخر. 4 ـ كفاية الأصول. الجلد الأول ، الامر الرابع من الأمور التي رسمها في مقدمة بحث الضد ، ص 213 (341)
شرطه في عرض الامر بالأهم. وذلك لا يستقم الا بعد القول بصيرورة الواجب المشروط مطلقا بعد تحقق شرطه. ويظهر منه ذلك أيضا في موارد أخر لعله نشير إليها في محلها.
المقدمة الثالثة قسموا الواجب إلى موسع ومضيق وعرفوا الأول بما إذا كان الزمان المضروب لفعل الواجب أوسع من الفعل ، وبعبارة أخرى : ما كان له افراد وابدال طولية بحسب الزمان. ويقابله المضيق وهو ما إذا كان الزمان المضروب للفعل بقدره ، أي ما لايكون له بدل طولي بحسب الزمان. ثم إن المضيق على قسمين : قسم اخذ فيه الشيء شرطا للتكليف بلحاظ حال الانقضاء ، سواء كان ذلك الشيء من مقولة الزمان ، أو من مقولة الزماني ، أي يكون انقضاء ذلك الشيء وسبقه شرطا للتكليف. ولعل باب الحدود والديات من هذا القبيل ، بناء على أن يكون التكليف بالحد مضيقا ، فان الشرط لوجوب الحد هو انقضاء القتل من القاتل وتحققه منه ، ولا يتوجه التكليف بالحد حال تلبس القاتل بالقتل ، بل يعتبر انقضاء القتل منه ولو آنا ما. ولو ناقشت في المثال فهو غير عزيز ، مع أن مع المقصود في المقام مجرد تصور اخذ الشيء شرطا للتكليف بلحاظ حال انقضائه ، وجد له في الشريعة مثال أو لم يوجد. ويمكن تصوير ذلك في الواجب الموسع أيضا ، بان يؤخذ الشيء شرطا للتكليف بالموسع بلحاظ حال الانقضاء ، وان لم نعثر على مثال له ، أو قلنا ان الحد من الواجبات الموسعة. والمقصود انه لا اختصاص لما قلناه بالمضيق. وقسم اخذ الشيء فيه شرطا بلحاظ حال وجوده ، ولا يعتبر فيه الانقضاء ، فيثبت التكليف مقارنا لوجود الشرط ، ولا يتوقف ثبوته على انقضاء الشرط ، بل يتحد زمان وجود الشرط وزمان وجود التكليف وزمان امتثاله ويجتمع الجميع في آن واحد حقيقي. وأغلب الواجبات المضيقة في الشريعة من هذا القبيل ، كما في باب الصوم ، حيث إن الفجر شرط للتكليف بالصوم ، ومع ذلك يثبت التكليف مقارنا لطلوع الفجر ، كما أن زمان امتثال التكليف بالصوم أيضا يكون من أول (342)
الطلوع ، لان الصوم هو الامساك من أول الطلوع ، ففي الآن الأول الحقيقي من الطلوع يتحقق شرط التكليف ونفس التكليف وامتثاله ، بمعنى ان ظرف أمثاله أيضا يكون في ذلك الآن وان لم يتحقق الامتثال خارجا وكان المكلف عاصيا ، الا ان اقتضاء التكليف بالصوم للامتثال انما يكون من أول الفجر ، ففي أول الطلوع تجتمع الأمور الثلاثة : شرط التكليف ، ونفس التكليف ، وزمان الامتثال. و لا يتوقف التكليف على سبق تحقق شرطه آنا ما. كما أنه لا يتوقف الامتثال على سبق التكليف آنا ما ، بل يستحيل ذلك.
اما استحالة تقدم زمان شرط التكليف على نفس التكليف ، فلما عرفت من رجوع كل شرط إلى الموضوع. ونسبة الموضوع إلى الحكم نسبة العلة إلى معلولها ، أي من سنخ العلة والمعلول ، وان لم يكن من العلة والمعلول حقيقة ، الا ان الإرادة التشريعية تعلقت بترتب الاحكام على موضوعاتها نحو تعلق الإرادة التكوينية بترتب المعلولات على عللها. فيستحيل تخلف الحكم عن موضوعه ، كاستحالة تخلف المعلول عن علته ، لان مع التخلف يلزم : اما عدم موضوعية ما فرض كونه موضوعا وهو خلف ، واما تأخر المعلول عن علته وهو محال. ولذا قلنا بامتناع كل من الشرط المتقدم والمتأخر ، وانه يعتبر في شرط المتكليف ان يكون مقارنا له زمانا ، وان تأخر عنه رتبة ، وذلك لان الآن المتخلف اما ان يكون له دخل في ثبوت الحكم ، واما ان لايكون ، فان كان له دخل فيلزم ان لايكون ما فرض كونه تمام الموضوع أو الجزء الأخير منه كذلك ، بل كان انقضاء ذلك الآن هو الجزء الأخير من الموضوع. وان لم يكن لذلك الآن دخل يلزم تخلف المترتب عما رتب عليه وتأخر المعلول عن علته ، و ذلك واضح. واما استحالة تأخر زمان الامتثال عن التكليف ، فلان التكليف هو الذي يقتضى الامتثال ويكون هو المحرك ، فيكون نسبة اقتضاء التكليف للحركة كنسبة اقتضاء حركة اليد لحركة المفتاح ، وغير ذلك من العلل والمعلولات التكوينية. نعم : الفرق بين المقام ، والعلل التكوينية ، هو انه لا يتوسط في سلسلة العلل التكوينية العلم ولا الإرادة بل يوجد المعلول بعد علته التكوينية من دون دخل (343)
للعلم والإرادة في ذلك. واما في المقام فيتوسط بين الامتثال والتكليف علم الفاعل بالتكليف وارادته الامتثال ، إذ مع عدم العلم بالتكليف ، أو عدم إرادة الامتثال ، يستحيل تحقق الامتثال. الا انه على كل تقدير لا يخرج التكليف عن كونه واقعا في سلسلة العلل ، غايته ان العلم والإرادة أيضا واقعة في سلسلتها ، ولا يتفاوت في استحالة تخلف المعلول عن علته زمانا بين قلة ما يقع في سلسلة العلة وكثرته. فالامتثال المعلول للتكليف والعلم والإرادة يستحيل ان يتخلف عن ذلك زمانا ، و انما التخلف في الرتبة فقط. فلا يعقل سبق زمان التكليف على زمان الامتثال. وقد تقدم منا في الواجب المعلق امتناع فعلية التكليف قبل زمان امتثاله ، لان الزمان المتخلل ، اما ان يكون لانقضائه دخل في فعلية التكليف فيستحيل فعلية التكليف قبل انقضائه ، واما ان لايكون له دخل فيستحيل تأخر الامتثال عنه أي اقتضائه للامتثال.
وبالجملة : مقتضى البرهان ، هو ان لا يتخلف التكليف عن الشرط ، و لا الامتثال عن التكليف زمانا ، بل يتقارنان في الزمان ، وان كان بينهما تقدم وتأخر رتبي ، هذا. ولكن حكى عن بعض الاعلام : انه لا بد في هذا القسم من المضيق ( وهو ما إذا اتحد زمان وجود الشرط والتكليف والامتثال ، كالصوم وكصلاة الآيات ) من تقدير سبق التكليف آنا ما قبل زمان الامتثال ، ليتمكن المكلف من الامتثال ، و لا يمكن ان يقارن التكليف لزمان الامتثال. بل يظهر (1) من المحقق الخراساني في الواجب المعلق : انه يعتبر سبق زمان التكليف على زمان الامتثال في جميع الواجبات فراجع. 1 ـ الكفاية المجلد الأول ص 163 ، قوله : « مع أنه لا يكاد يتعلق البعث الا بأمر متأخر عن زمان البعث ، ضرورة ان البعث انما يكون لاحداث الداعي للمكلف إلى المكلف به بان يتصوره بما يترتب عليه من المثوبة وعلى تركه من العقوبة ، ولا يكاد يكون هذا الا بعد البعث بزمان ، فلا محاله يكون البعث نحو امر متأخر عنه بالزمان ، ولا يتفاوت طوله وقصره فيما هو ملاك الاستحالة والامكان في نظر العقل الحاكم في هذا الباب » . (344)
وقد يوجه ذلك : بأنه لولا السبق يلزم : اما التكليف بالحاصل ، واما التكليف بالمتعذر ، لأنه ان كان المكلف في الآن الأول الحقيقي من الفجر ممسكا فتوجه التكليف إليه في ذلك يكون من الطلب الحاصل ، وان لم يكن ممسكا فيتعذر عليه التكليف بالامساك في آن الطلوع ، فلا بد من سبق التكليف على الطلوع آنا ما ليتمكن المكلف من الامساك في أول الفجر منبعثا عن التكليف السابق ، هذا.
ولكن لا يخفى عليك ما فيه : اما أولا : فلانه لا موجب لهذا التقدير ، لان توقف الانبعاث على البعث ليس بأزيد من توقف المعلول على علته ، فكما ان وجود المعلول يكون مستندا إلى علته المقارنة له في الوجود ويكون صادرا عنها ، فكذلك الانبعاث يكون مستندا إلى البعث المقارن له في الوجود ويكون حاصلا بذلك البعث. ودعوى انه يكون من تحصيل الحاصل ممنوعة ، فإنه لو كان الانبعاث حاصلا بنفسه لا عن البعث كان من تحصيل الحاصل ، وليس الامر كذلك ، بل يكون حاصلا عن البعث ، والا فيمكن تقريب ذلك بالنسبة إلى العلل والمعلولات التكوينية أيضا ، بان يقال : ان المعلول حاصل في زمان علته فتكون العلة علة لما هو حاصل. وكما يجاب عن ذلك بان المعلول حاصل من قبل علته المقارنة له في الوجود المتقدمة عليه في الرتبة ، كذلك يقال في المقام : ان الانبعاث حاصل من قبل البعث المقارن له في الوجود المتقدم عليه رتبة. فلا يتوقف الانبعاث على سبق البعث زمانا. نعم : يتوقف على سبق العلم بالبعث في زمانه ، فإنه لو لم يكن عالما بتحقق البعث في أول طلوع الفجر لم يكن يصدر عنه الانبعاث والامساك من أول الطلوع. ومن هنا قلنا بوجوب تحصيل العلم بالأحكام قبل أوقاتها لمن لا يتمكن من تحصيله في وقتها ، كالمضيقات مط ، وكالموسعات في بعض الأحيان. والحاصل : ان الذي يتوقف عليه الانبعاث في أول الفجر ، هو سبق العلم بالتكليف على أول الفجر ، لا سبق التكليف على الفجر. وأظن أن الذي أوجب القول بتقدير التكليف آنا ما قبل الفجر في هذا القسم من المضيقات ، هو ملاحظة (345)
عدم امكان تحقق الانبعاث من أول الفجر الا بسبق التكليف عليه. ولكن هذا خلط بين سبق التكليف وبين سبق العلم به. والذي يتوقف عليه الانبعاث هو سبق العلم ، لا سبق التكليف ، والا فسبق التكليف لا يوجب تحقق الانبعاث من دون سبق العلم ، كما لا يخفى. فتقدير سبق التكليف آنا ما يكون بلا موجب.
واما ثانيا : فلان سبق التكليف لا اثر له ، ويكون لغوا إذ المكلف انما ينبعث عن البعث المقارن لا عن البعث السابق ، لان البعث السابق ، اما ان يكون مستمرا إلى زمان الانبعاث ، واما ان لا يكون. فان لم يكن مستمرا لا يعقل الامتثال و الانبعاث ، إذ لا يمكن امتثال تكليف معدوم ، وان كان مستمرا فالذي يوجب الانبعاث هو استمراره وانحفاظه إلى زمان الانبعاث ، فوجوده السابق لغو والانبعاث دائما يكون عن البعث المقارن. واما ثالثا : فلان سبق التكليف ولو آنا ما لا يعقل ومن المستحيل ، كما تقدمت الإشارة إليه في المقام ، وتقدم تفصيله في الواجب المعلق وعليه بنينا امتناع الواجب المعلق ، فراجع. (1). واما رابعا : فلانه لا اختصاص لهذا التقدير بهذا القسم من المضيقات ، بل يلزم القول بسبق التكليف حتى في الموسعات ، لوضوح صحة الصلاة المقارنة لأول الزوال حقيقة ، بحيث شرع فيها في الان الأول الحقيقي من الزوال ، فإنه وان لم يلزم ذلك ، الا انه لا اشكال في الصحة. ولو فعل ذلك فيلزم تقدير سبق التكليف بالصلاة على الزوال ليكون الامتثال عن التكليف السابق ، مع أن الظاهر أن القائل بالتقدير لم يلتزم به في الموسعات ، فيطالب حينئذ بالفرق. 1 ـ راجع مباحث مقدمة الواجب ، ما افاده المصنف قدس سره في امتناع الواجب المعلق. ص 186 |
|||
|