فوائد الاصول ـ الجزء الرابع ::: 91 ـ 105
(91)
    وأما القسم الأول : فالشك فيه يرجع إلى المتبانين لا الي الاقل والاكثر لاشتراك الشرطية والمانعيه في الاثار وليس للشرطية اثر زائد تجري فيه البرائة ، اذ كما ان الشرطية الجهر تقتضي بطلان الصلاة عند الاخفات بالقراءة ، كذلك مانعية الاخفات تقتضي بطلان الصلاة عنده فلا فرق بين ان يكون الجهر شرطا او يكون الاخفات مانعا ، ويتحدان في عالم الجعل والثبوت في الاثر.
    نعم : نفس الشك في الشرطية يقتضي اثرا زائدا عما يقتضيه الشك في المانعية ، لان الشرط لابد من إحرازه ولا يكفي الشك في وجوده ، بخلاف المانع ، فإنه لا يلزم إحراز عدمه بناء على جريان أصالة عدم المانع عند الشك في وجوده.
    ففي المثال لو شك المأموم في أن الامام أجهر بالقراءة أو أخفت بها ، فبناء على مانعية الاخفات تجري أصالة عدم وجود المانع ويتم صلاته مع الامام ، وبناء على شرطية الجهر ليس له إتمام صلاته معه ، لعدم إحراز ما هو الشرط في صحة صلاته (1) فلزوم إحراز الشرط إنما يكون من الآثار المترتبة على نفس الشك في الشرطية ، وليس من آثار جعل الشرطية ، وحينئذ يقع الكلام في أن هذا المقدار من الأثر الذي اقتضاه الشك لا الجعل مما تجري فيه البراءة ويعمه حديث الرفع ، أو لا ؟.
    وغاية ما يمكن أن يقال في تقريب جريان الأصل ، هو أنه يلزم من جعل الشرطية ضيق وكلفة على المكلفين ، لأنه يلزمهم إحراز وجود الشرط ، بخلاف جعل المانعية ، فإنهم في سعة عن ذلك ، فيعمها حديث الرفع وتجري فيها البراءة ، لان في رفع الشرطية منة وتوسعة على المكلفين.
فيتساقط الجميع ، كما لا يخفى.
1 ـ أقول : لولا جريان أصالة الصحة في صلاته حتى مع الشك في فقد شرطه.


(92)
    هذا ، ولكن قد تقدم في مبحث البراءة ـ عند شرح الحديث المبارك ـ أنه يعتبر في الرفع مضافا إلى ذلك أن يكون المرفوع من المجعولات الشرعية التي يمكن أن تنالها يد الوضع والرفع التشريعي ولو تبعا ، وخصوصية لزوم إحراز الشرط ليست بنفسها من المجعولات الشرعية ولا من لوازم المجعول الشرعي ، بل هي من الآثار المترتبة على الشك فيما هو المجعول الشرعي ، ومثل هذه الخصوصية لا يعمها حديث الرفع ولا تجري فيها البراءة.
    إذا عرفت ذلك ، فنقول في المقام : إن الوجهين اللذين ذكرناهما في نجاسة الملاقي يشتركان في الأثر ، لأنه يجب الاجتناب عن ملاقي النجس على كل تقدير ، سواء قلنا بالسراية أو لم نقل ، وليس هناك أثر يختص به أحد الوجهين في عالم الجعل والثبوت.
    نعم : يفترقان في حال الشك ويظهر لاحد الوجهين أثر زائد عنده ، فإنه بناء على السراية يجب الاجتناب عن الملاقي لاحد طرفي المعلوم بالاجمال ولا تجري فيه أصالة الطهارة مع أنه يشك في ملاقاته للنجس ، على ما تقدم بيانه ، وبناء على الوجه الآخر لا يجب الاجتناب عنه وتجري فيه أصالة الطهارة ، فيكون الشك في أحد الوجهين لنجاسة الملاقي كالشك في شرطية أحد الشيئين ومانعية الآخر في الضدين اللذين لا ثالث لهما من حيث عدم اقتضاء أحد الجعلين أثرا زائدا عما يقتضيه الجعل الآخر واقتضاء الشك فيما هو المجعول أثرا زائدا.
    فان قلنا في دوران الامر بين شرطية أحد الشيئين ومانعية الآخر بجريان البراءة عن الأثر الذي اقتضاه الشك قلنا به في المقام أيضا ، وتجري أصالة الطهارة في الملاقي لاحد الطرفين ، وإن قلنا بعدم جريان البراءة في ذلك المقام فاللازم الاجتناب عن الملاقي لاحد الطرفين ، ولا تجري فيه أصالة الطهارة ، لأنه طرف للعلم الاجمالي وجدانا ، وإنما أخرجناه عن ذلك بمعونة السببية والمسببية


(93)
بالبيان المتقدم. والسببية والمسببية كانت مبنية على أن لا تكون نجاسة الملاقي بالسراية ، فلو احتمل كونها بالسراية ـ كما هو المفروض ـ تبقى طرفيته للعلم الاجمالي على حالها كالملاقي ( بالفتح ) ولا تجري فيه أصالة الطهارة ، لمعارضتها بأصالة الطهارة الجارية في الطرف الآخر (1) فتأمل فإنه لا يخلو عن دقة.

    الامر الخامس :
    لو اضطر إلى ارتكاب بعض الأطراف :
    فتارة : يكون الاضطرار قبل تعلق التكليف بأحدها وقبل العلم به ، كما لو اضطر إلى استعمال أحد مقطوعي الطهارة أو الحلية ثم حدثت نجاسة أحدهما أو حرمته والعلم بها. وأخرى : يكون الاضطرار بعد تعلق التكليف بأحدها وقبل العلم به. وثالثة : يكون الاضطرار بعد العلم به أيضا أو مقارنا له.
    وعلى جميع التقادير : فتارة يكون الاضطرار إلى أحدها المعين. وأخرى إلى أحدها لا بعينه.
    فإن كان الاضطرار قبل تعلق التكليف والعلم به وكان إلى المعين ، فلا إشكال في عدم وجوب الاجتناب عن الطرف الآخر الغير المضطر إليه ، لاحتمال أن يكون متعلق التكليف هو المضطر إليه ، فالعلم الاجمالي الحادث لم يتعلق بالتكليف الفعلي ، والأصول غير جارية في جميع الأطراف لتسقط بالمعارضة ، لعدم جريان الأصل النافي للتكليف في الطرف المضطر إليه ، للقطع بعدم وجوب الاجتناب عنه ، فيبقى الطرف الآخر جاريا فيه الأصل بلا
1 ـ أقول : ولعمري ! ان المسألة في المقام يتم بكلمتين ، وملخصه أن جريان الأصل في الملاقي فرع إحراز المسببية ، إذ مع الشك فيه فلا قصور في شمول العموم له أيضا في ظرف شموله للبقية ، فتساقط الأصول جميعا ، وبعد ذلك أين الداعي على بسط الكلام في شيء آخر ؟ لا يكاد يتم المقايسة بينه وبين المقام إلا على مختارنا ـ كما أسلفناه مفصلا ـ لا على مختاره.

(94)
معارض.
    ولو كان إلى غير المعين ، فحكمه الاضطرار إلى الواحد لا بعينه بعد تعلق التكليف بأحد الأطراف وقبل العلم الاجمالي به. وسيأتي أن الأقوى فيه وجوب الاجتناب عما عدا ما يدفع به الاضطرار.
    وإن كان الاضطرار بعد تعلق التكليف بأحدها وقبل العلم به وكان إلى المعين ، فالأقوى فيه أيضا عدم وجوب الاجتناب عن الطرف الغير المضطر إليه وفاقا للشيخ ـ قدس سره ـ لان الاضطرار إلى بعض الأطراف قبل العلم الاجمالي كتلف بعضها قبله ، ولا إشكال في عدم وجوب الاجتناب عن الباقي الغير التالف ، لاحتمال أن يكون التالف هو متعلق التكليف ، فلا يكون العلم الاجمالي علما بالتكليف ، فلا تعارض بين الأصول ، بل الأصل في التالف لا يجري ، وفي الباقي يجري بلا معارض (1) والاضطرار ملحق بالتلف في جميع المقامات ، لان المضطر إليه كالمعدوم.
    فإن قلت : لا أثر لتأخر حدوث العلم الاجمالي عن الاضطرار إذا كان المعلوم سابقا على الاضطرار ، فان المدار على المعلوم لا على العلم ، إذ العلم إنما يكون طريقا وكاشفا عن التكليف ، فلابد من ملاحظة زمان ثبوت التكليف لا زمان حدوث العلم ، والمفروض : أن التكليف بالاجتناب عن أحد الأطراف كان سابقا على الاضطرار ولم يعلم وقوع الاضطرار إلى متعلق التكليف ليسقط التكليف بسببه ، فلابد من تحصيل العلم بالمسقط ليأمن من تبعة التكليف المعلوم في البين ، ولا يحصل ذلك إلا بالاجتناب عن الطرف الغير المضطر إليه.
1 ـ أقول : هذا كله على ممشاه : من أن سقوط الأصول عن الأطراف بالتساقط ، وهكذا على ممشانا : من مانعية العلم عن الجريان ولو بلا معارض ، لأنه فرع العلم بالتكليف ، وليس حتى مع سبق التكليف ، لان سبقه لا يجدي شيئا بعد عدم كون العلم إلا منجزا من حينه ، كما لا يخفى.

(95)
    وقد حكي أن شيخنا الأستاذ ـ مد ظله ـ كان في الدورة السابقة بانيا على هذا الوجه ولكن عدل عنه في هذه الدورة وأجاب عن الاشكال بما سيتلى عليك
    قلت : العلم الاجمالي وإن كان بالنسبة إلى متعلقه لا يكون إلا كاشفا وطريقا ، إلا أنه بالنسبة إلى التنجيز وجريان الأصول في الأطراف وتعارضها وتساقطها يكون تمام الموضوع ، بداهة أنه قبل العلم الاجمالي بتعلق التكليف بأحد الأطراف لا تجري الأصول فيها لكي يقع التعارض بينها ، لان الأصول العملية إنما جعلت وظيفة للمتحير والشاك ، ولا شك مع عدم العلم الاجمالي ، فقبل العلم الاجمالي لا تجري الأصول النافية للتكليف في الأطراف ، وبعد العلم الاجمالي لا تعارض بينها ، لعدم جريان الأصل في الطرف المضطر إليه ، للقطع بعدم وجوب الاجتناب عنه ، ولا يعقل التعبد بما يكون محرزا بالوجدان ، فلم يبق إلا الطرف الآخر جاريا فيه الأصل بلا معارض. وقد عرفت في بعض المباحث السابقة التلازم بين تأثير العلم الاجمالي وتعارض الأصول.
    فالأقوى : أنه لا فرق في عدم وجوب الاجتناب عن غير المضطر إليه بين سبق التكليف على الاضطرار وعدمه إذا كان العلم به بعد الاضطرار.
    وقس عليه ما إذا كان العلم مقارنا للاضطرار ، لان العلم الاجمالي إنما يقتضي تنجيز التكليف الذي يمكن امتثاله والانبعاث عنه بعد العلم ، فالعلم المقارن للاضطرار لا يوجب التنجيز فلا تعارض بين الأصول ، وهو واضح.
    هذا كله إذا كان الاضطرار إلى المعين قبل العلم الاجمالي أو مقارنا له.
    وأما إذا كان بعد العلم الاجمالي ، فالأقوى فيه وجوب الاجتناب عن الطرف الغير المضطر إليه ، لان التكليف قد تنجز بالعلم الاجمالي فلابد من الخروج عن عهدته (1) وأقصى ما يقتضيه الاضطرار إلى المعين هو الترخيص فيما
1 ـ أقول : مجرد حدوث العلم الاجمالي بين الشيئين لا يوجب التنجز إلى الأبد ، لان كل طريق

(96)
اضطر إليه ورفع التكليف عنه على تقدير أن يكون هو متعلق التكليف واقعا وهذا لا يوجب الترخيص فيما عداه ورفع التكليف عنه على تقدير أن يكون هو متعلق التكليف ، لان الضرورات تتقدر بقدرها ، فلا مجوز لارتكاب ما عدا المضطر إليه ، لا عقلا ولا شرعا.
    أما عقلا : فلعدم جريان البراءة العقلية فيه ، لعدم تقبيح العقل مؤاخذة من خالف التكليف وارتكب الحرام المعلوم في البين تشهيا بلا اضطرار إليه.
    وأما شرعا : فلتساقط الأصول النافية للتكليف بمجرد حدوث العلم الاجمالي ، وعروض الاضطرار لا يوجب رجوع الأصل في الطرف الغير المضطر إليه ، كما لا يوجب ذلك في الطرف الباقي عند تلف الآخر بعد العلم الاجمالي ، فالاضطرار إلى البعض بعد العلم الاجمالي كتلف البعض بعده لا يوجب سقوط العلم الاجمالي عن التأثير بعدما حدث مؤثرا.
عقلي أم شرعي إنما يوجب التنجز في آن وجوده ، ولا يؤثر في التنجز حتى في حال انعدامه ، كما أن سقوط الأصول بمناط المعارضة لا يقتضي سقوطها مطلقا حتى مع ذهاب المانع من البين ، وحينئذ هذا المقدار من البيان لا يجدي لاثبات وجوب الاجتناب عن الطرف الآخر لا في المقام ولا في باب تلف مورد التكليف.
    وما أفيد من الفرق : من عدم كون التلف حدا بخلاف الاضطرار ، قد حققنا بطلانه بأن ما هو ليس بحد نفس معروض التكليف لا متعلقه ، كيف وهو من قبيل شرط التكليف ! فكيف لا يكون من حدوده ؟ وبالجملة نقول : إنه لولا تشكيل العلم الاجمالي بين التدريجيين ومنجزيته لما يكاد إثبات منجز في البين من حين الاضطرار.
    وربما يستفاد من بعض كلمات المقرر التزامه بمثل هذا العلم وتشبثه به في قوله : من « التكليف المردد بين المحدود وغير المحدود » خصوصا مع تمثله بالصلاة المزبورة ، فان أراد ما ذكرنا فلقد أجاد ، وإن أراد أن العلم بين المحدود وغير المحدود بمجرد الحدوث منجز إلى الأبد ، فهو أولى شيء ينكر ، فتدبر. والظاهر أنه أراد المعنى الأخير بقرينة إيراده على استاذنا الأعظم في فرقه بين الاضطرار بعد العلم في المعين وبين غير المعين ، وسيتضح ذلك ( إن شاء الله تعالى ) عند التعرض لكلامه.


(97)
    وهذا بخلاف ما إذا كان الاضطرار حاصلا قبل العلم الاجمالي ، فان العلم فيه يحدث قاصرا عن التأثير ، فلا يقاس أحدهما بالآخر ، بل حق القياس أن يقاس الاضطرار قبل العلم الاجمالي بتلف البعض قبله ، والاضطرار بعد العلم الاجمالي بتلف البعض بعده.
    وما قيل في المقام : من الفرق بين تلف البعض بعد العلم والاضطرار إليه بعده ، من أن تلف موضوع التكليف ليس من حدود التكليف وقيوده الشرعية ، بل سقوط التكليف بتلف الموضوع إنما هو لأجل انعدام الموضوع وقواته ، فالمعلوم بالاجمال من أول الامر هو التكليف المطلق الغير المقيد شرعا بعدم تلف الموضوع ، وقد تنجز التكليف المطلق بالعلم الاجمالي ، فلابد من الخروج عن عهدته بترك التصرف في الطرف الباقي ، وهذا غير الاضطرار إلى موضوع التكليف ، فان التكليف من أول الامر محدود شرعا بعدم عروض الاضطرار إلى متعلقه ، فلا موجب لتنجز التكليف مطلقا حتى مع حصول الاضطرار الذي اخذ حدا للتكليف شرعا ، لأنه لا يقين باشتغال الذمة بالتكليف إلا إلى هذا الحد ، فلا يجب رعاية التكليف بعد الحد.
    واضح الفساد : فإنه لا فرق في تأثير العلم الاجمالي واقتضائه التنجز بين أن يتعلق بالتكليف المطلق الغير المحدود شرعا وبين أن يتعلق بالتكليف المردد بين المحدود وغير المحدود مع تعدد المتعلق ، كما إذا علم إجمالا بوجوب صلاة الظهر أو الجمعة ، فإنه لا ينبغي التأمل في تأثير العلم الاجمالي في وجوب صلاة الظهر بعد انقضاء ساعة من الزوال ، مع أن العلم الاجمالي قد تعلق بالتكليف المردد بين المحدود وغيره ، فان التكليف بصلاة الظهر لا حد لآخره شرعا بل يمتد وقته إلى آخر العمر ، لثبوت القضاء فيها ، بخلاف صلاة الجمعة ، فان التكليف بها محدود شرعا إلى انقضاء ساعة من الزوال ، ولا فرق بين انقضاء الساعة في المثال وبين عروض الاضطرار إلى المعين فيما نحن فيه ، لان كل من الساعة


(98)
والاضطرار جعل حدا للتكليف شرعا.
    فدعوى : أن العلم الاجمالي بالتكليف المردد بين المحدود وغيره لا يقتضي التنجيز ، مما لا سبيل إليها.
    نعم : تصح هذه الدعوى مع وحدة متعلق العلم ، كما لو علم بوجوب إكرام زيد وتردد بين اليوم واليومين ، فإنه في مثل ذلك يمكن أن يقال : بعدم وجوب الاكرام في اليوم الثاني وجريان البراءة عنه إن لم نقل بجريان استصحاب وجوب الاكرام الثابت في اليوم الأول.
    فتحصل من جميع ما ذكرنا : أن الاضطرار إلى المعين لا يرفع تأثير العلم الاجمالي بالنسبة إلى الطرف الآخر إذا كان طرو الاضطرار بعد العلم.
    وأما الاضطرار إلى غير المعين ، فالأقوى فيه وجوب الاجتناب عما عدا ما يدفع به الاضطرار مطلقا في جميع الصور ، سواء كان الاضطرار قبل تعلق التكليف بأحد الأطراف أو بعده ، وسواء كان قبل العلم به أو بعده أو مقارنا له ، فان الاضطرار إلى غير المعين يجتمع مع التكليف الواقعي ولا مزاحمة بينهما ، لامكان رفع الاضطرار بغير متعلق التكليف (1) مع قطع النظر عن العلم والجهل
1 ـ أقول : لا يخفى أن الاضطرار بغير المعين إنما يجتمع مع التكليف بالمعين ما لم يزاحم هذا التكليف بتكليف آخر ولو عقليا ظاهريا ، إذ حينئذ يلزم العقل بجعل الاضطرار في غير مورد التكليف ، فيؤثر التكليف بلا مزاحم في إيجاد متعلقه.
    وأما لو كان في البين إلزام آخر ـ ولو ظاهريا ـ لا مجال لالزام العقل بجعل الاضطرار في الطرف الآخر ، فللمكلف جعل اضطراره في مورد التكليف ، ففي هذه الصورة يزاحم الاضطرار مورده ، ولازم ذلك صلاحية مثل هذا الاضطرار لرفع اليد عن التكليف الواقعي ، غاية الامر لا مطلقا بل مشروطا باختيار ترك الآخر ، ونتيجة ذلك عدم بقاء الواقع على فعليته المطلقة ، بل قهرا يبقى للواقع تكليف توسطي بين ثبوته في الواقع بقول مطلق وبين نفي التكليف رأسا ، ولازمه جواز ترك الموافقة القطعية وإن قلنا بعلية العلم الاجمالي ، وذلك من جهة نقص في المعلوم ، لا في العلم ، وحينئذ ليست المسألة من صغريات ذلك البحث ، كما لا يخفى.


(99)
الطاري ، بل لولا الجهل بشخص متعلق التكليف لكان يتعين رفع الاضطرار بغيره ، فالاضطرار إلى غير المعين قبل العلم بالتكليف ـ بل قبل تعلق التكليف بأحد الأطراف ـ كلا اضطرار ، لا يوجب التصرف في الواقع ولا يصادم متعلق التكليف ولا تقع المزاحمة بينهما إلا بعد العلم بتعلق التكليف بأحد الأطراف والجهل بشخصه (1) فإنه في هذا الحال لا يمكن التكليف برفع الاضطرار بغير
1 ـ أقول : مع الغض عما ذكرنا في الحاشية السابقة وقلنا : بأن الاضطرار الغير المعين غير مصادف واقعا لمورد التكليف رأسا ، بل العلم الاجمالي بالتكليف المطلق باق مع الاضطرار المزبور ، ولكن الاشكال أيضا في أن الاضطرار الناشي عن الجمع بين المحتملين لا يصلح إلا لرفع الحكم بلزوم الجمع بينهما الذي هو عبارة أخرى عن الحكم بوجوب الموافقة القطعية ، وهذا الحكم في طول الحكم الواقعي ، ولا مساس له به ، وإنما الكلام في أن الترخيص الاضطراري على ترك الجمع ورفع اليد عن الموافقة القطعية مع بقاء الواقع على إطلاق فعلية في موضوعه إنما يتم بناء على كون العلم الاجمالي بالنسبة إلى لزوم الموافقة القطعية مقتضيا ، إذ حينئذ يجمع بين الترخيص الاضطراري عن الجمع بين المحتملين وفعلية الواقع المعلوم على ما هو عليه بنحو يجمع بين الاحكام الواقعية والظاهرية في غير مقام بلا مضادة بينهما أصلا.
    وأما لو بنينا على علية العلم الاجمالي حتى بالنسبة إلى لزوم الموافقة القطعية ـ بمعنى كون حكم العقل في طرف قيام الطريق على التكليف حكما تنجيزيا بلزوم تحصيل الجزم بالفراغ ـ فلا شبهة في أن الترخيص الظاهري ولو بمناط الاضطرار في ترك الموافقة القطعية غير معقول ، لان في ظرف العلم بالتكليف حكم العقل بلزوم الموافقة القطعية لا يكاد تناله يد الجعل منعا وإثباتا ، وحينئذ فلو ورد في البن ترخيص بعنوان الاضطرار على ترك الموافقة ، فلا محيص من أن يكون ذلك برفع اليد عن منشأه من فعلية الواقع على تقدير المصادفة مع مورد الترخيص ، وحينئذ يبقى مجال توهم أن العلم الاجمالي بتكليف فعلي على تقدير دون تقدير لا يصلح للتنجيز ، كما هو الشأن في الاضطرار إلى المعين ، قيل وإلى ذلك نظر استاذنا الأعظم ، لا إلى مجرد المضادة بين الاحكام الظاهرية والواقعية ، كي يرد عليه بمنع تكفل الخطاب للمرتبة المتأخرة عن جهله ، وما أبدى في حاشية الكفاية أيضا : من الفرق بين الاضطرار بعد العلم وقبله إنما هو في الدورة الأخيرة حيث أوردنا عليه بالعلم بين التدريجيين ، وهو غير مرتبط بما أفاد في المقام في وجه المضادة ، ولا مرتبط بمقام كلية المضادة بين الاحكام الظاهرية والواقعية ، بل لو بنينا على عدم المضادة لابد وأن نلتزم بالمضادة في المقام على المختار : من علية العلم الاجمالي للتنجيز ، وحينئذ


(100)
متعلق التكليف ، لعدم العلم بشخصه ، ومن الممكن أن يصادف ما يدفع به الاضطرار لمتعلق التكليف.
    والحاصل : أنه فرق بين بين الاضطرار إلى المعين والاضطرار إلى غير المعين ، فان الاضطرار إلى المعين يزاحم التكليف الواقعي بنفس وجوده إذا صادف كون متعلق التكليف هو المضطر إليه ، ولا تتوقف المزاحمة بينهما على العلم بالتكليف والجهل بموضوعه ، بل تدور المزاحمة مدار واقع المضطر إليه ، فان كان هو متعلق التكليف فلا محالة تقع المزاحمة بينهما ويسقط التكليف بسببه ، ولذا كان العلم الحاصل بعد الاضطرار إلى المعين لا يقتضي التنجيز ، لاحتمال أن يكون المضطر إليه هو متعلق التكليف.
    وهذا بخلاف الاضطرار إلى غير المعين ، فإنه بوجوده الواقعي لا يزاحم التكليف ، لأنه لا يتعين رفع الاضطرار بمتعلق التكليف لامكان رفع الاضطرار بغيره.
    والذي يدلك على ذلك ، هو أنه لو علم بمتعلق التكليف في حال الاضطرار ، فالواجب رفع الاضطرار بغيره ، بخلاف الاضطرار إلى المعين ، فان العلم بالمتعلق لا يزيد شيئا إذا اتفق كون المضطر إليه هو متعلق التكليف.
فتوجه كلامه بما ذكر توجيه بما لا يرضى صاحبه في خصوص المقام ، إذ ليس نظره في وجه المضادة المزبورة إلى كلية المضادة بين الحكم الظاهري و الواقعي ، فتدبر تعرف حقيقة مرامه.
    نعم : الذي يرد عليه هو أن الترخيص التنجيزي لا تضاد الحكم الواقعي حتى في ظرف المضادة مع فعلية الواقع بقول مطلق ، وإنما يضاد إطلاق فعليته ، وذلك لا ينافي مع العلم بالتكليف الناقص الحافظ للمتعلق بمرتبة منه بالنسبة إلى الطرفين ، ومثل هذا العلم لا يقتضي إلا الفرار عن المخالفة القطعية ، ولا يقتضي وجوب الموافقة القطعية.
    ومما ذكرنا تعرف أن ما وجهه المقرر في وجه لزوم الاجتناب عن الآخر إنما يتم على مسلكه : من بقاء الحكم الواقعي على فعليته المطلقة ، بناء على مختاره من كون العلم مقتضيا بالنسبة إلى الموافقة القطعية ، وإلا فبناء على مسلكنا ، فلا يتم إلا ما ذكرنا من العبارتين ، فتدبر تعرف.


(101)
    والغرض من ذلك كله : بيان الفرق بين الاضطرار إلى المعين والاضطرار إلى غير المعين ، وأن ما ذكرناه من التفصيل بين سبق العلم على الاضطرار ولحوقه في الاضطرار إلى المعين لا يأتي في الاضطرار إلى غير المعين ، بل ينبغي تعميم البحث فيه لكلتا صورتي حصول الاضطرار قبل العلم وبعده ، فإما أن نقول : بوجوب الاجتناب عن غير ما يدفع به الاضطرار مطلقا في كلتا الصورتين ، وإما أن نقول : بعدم الوجوب مطلقا.
    والأقوى : هو الوجوب لعين ما تقدم في الاضطرار إلى المعين إذا كان بعد العلم الاجمالي. ونزيده في المقام وضوحا ، فنقول :
    إن أدلة رفع الاضطرار كأدلة نفي الضرر والحرج إنما تكون حاكمة على الأدلة الأولية بمقدار الاضطرار والضرر والحرج ، ولا يمكن أن يكون الاضطرار إلى شيء موجبا لرفع حكم شيء آخر ، فالاضطرار إلى المعين يقتضي رفع التكليف عن ذلك المعين بخصوصه ، والاضطرار إلى غير المعين يقتضي رفع التكليف عما يدفع به الاضطرار. وأما الطرف الباقي بعد رفع الاضطرار بغيره فهو باق على حكمه ، ولا موجب للترخيص فيه ، فلابد من الاجتناب عنه خوفا عن مصادفته لمتعلق التكليف من دون أن يكون هناك مؤمن عقلي أو شرعي.
    وبالجملة. ارتكاب أحد المشتبهين لابد وأن يكون بأحد الأسباب المجوزة للارتكاب ، إما للاضطرار إليه وإما لقيام الدليل عليه ولو كان هو من الأصول العملية ، وبعد رفع الاضطرار بأحد المشتبهين يبقى المشتبه الآخر بلا مجوز لارتكابه ، لعدم الاضطرار إليه ، وعدم جريان الأصول النافية للتكليف فيه ، لأنه من أطراف العلم الاجمالي ، فلا مؤمن من أن يكون هو متعلق التكليف.
    وما أفاده المحقق الخراساني ـ قدس سره ـ من أن الترخيص في بعض الأطراف تخييرا ينافي فعلية الحكم ، لوضوح أن التخيير في ارتكاب البعض لا يجتمع مع فعلية التكليف ، فلا أثر للعلم الاجمالي بالتكليف الغير الفعلي


(102)
    واضح الفساد ، فان فعلية الحكم تدور مدار وجود موضوعه ، كما أن التنجيز يدور مدار العلم بالحكم أو ما يلحق به من الامارات والأصول المحرزة ، ولا يعقل أن لا يكون الحكم فعليا مع وجود موضوعه. والاضطرار إلى غير المعين لا ينافي فعلية الحكم ، لوجود موضوعه على كل حال ، لأن المفروض وجود موضوع التكليف بين المشتبهات ، والاضطرار الذي يكون عدمه قيدا في الموضوع عقلا أو شرعا لم يقع على موضوع التكليف ، لامكان رفع الاضطرار بغيره ، فالمكلف غير ملجأ إلى الاقتحام في موضوع التكليف وإن كان معذورا لو صادف دفع الاضطرار به ، لجهله بالموضوع.
    فالاضطرار إلى غير المعين لا يمس موضوع التكليف لينافي فعلية التكليف ، بل الموضوع بتمام ماله من القيود الوجودية والعدمية محفوظ في مورد الاضطرار إلى غير المعين ، فالحكم يكون فعليا على كل تقدير.
    نعم : في الاضطرار إلى المعين لا يكون التكليف فعليا على كل تقدير ، لاحتمال أن يكون المضطر إليه هو موضوع التكليف ، فهو فعلي على تقدير وغير فعلي على تقدير آخر.
    فدعوى : أن الترخيص في بعض الأطراف تخييرا ينافي فعلية الحكم ، مما لا سبيل إليها.
    نعم : تصح هذه الدعوى على مبناه : من أن الحكم إنما يكون فعليا إذا كان المولى بصدد تحصيل مراده على كل تقدير وبأي وجه اتفق ولو برفع جهل المكلف تكوينا ، أو إيجاب الاحتياط عليه تشريعا ، ضرورة أن هذا المعنى من الفعلية ينافي الترخيص في البعض تخييرا لان الترخيص في البعض يقتضي عدم إرادة الواقع على تقدير مصادفة ما اختاره المكلف للواقع ، بل الترخيص في البعض المعين ينافي الفعلية بهذا المعنى.
    فلا وجه للتفصيل بين الاضطرار إلى المعين وغير المعين : من أنه في الأول


(103)
لا يجوز الاقتحام في غير المضطر إليه إذا كان الاضطرار بعد العلم ، وفي الثاني يجوز الاقتحام في غير ما يدفع به الاضطرار ، مع أنه ـ قدس سره ـ قد صرح بالتفصيل بينهما في حاشية الكفاية ، وإن اختار في متنها جواز الاقتحام مطلقا في المعين وغير المعين. ولو كان معنى الحكم الفعلي إرادة الواقع على كل تقدير لكان ينبغي إطلاق القول بأن الترخيص في البعض ينافي فعلية الحكم. ولكن دعوى : كون الحكم الفعلي عبارة عن بلوغ البعث والزجر إلى تلك المرتبة ، ضعيف غايته (1) فإنه ليس وظيفة الشارع رفع جهل المكلف ، وإنما وظيفته إنشاء الاحكام على موضوعاتها المقدرة وجودها على طبق القضايا الحقيقية ، وفعلية الحكم إنما يكون بوجود الموضوع خارجا ، كما أوضحناه بما لا مزيد عليه في الواجب المشروط ، فالحكم في مورد الاضطرار إلى غير المعين يكون فعليا على كل تقدير.
    هذا كله ، مع أنه يكفي في وجوب الاجتناب عن غير ما يدفع به الاضطرار فعلية التكليف على تقدير دون تقدير ، كما في الاضطرار إلى المعين (2) فان العلم الاجمالي بتعلق التكليف بأحد الأطراف لو خلي وطبع يقتضي وجوب
1 ـ أقول : بعد الاعتراف بأن الخطابات الواقعية غير واصلة إلى ما أفيد من مرتبة الفعلية ، يسئل أن إنشاء الحكم التكليفي بعدما كان على طبق الإرادة للانشائات السازجة عنها ، فلا محيص من الالتزام بوجود مرتبة من الاشتياق الغير البالغ إلى مرتبة التحريك الفعلي قبل قيام الطرق إليه ، ومن البديهي أن هذه المرتبة من الاشتياق لا ينوط فعلية وجوده بوجود موضوعه خارجا ، وبعد ذلك كيف يعقل تشكيل القضية الحقيقية في الأحكام التكليفية ؟ إذ مرتبة إنشائه حاك عن مقام إرادته مبرز لها ، والمفروض أن هذه المرتبة من الاشتياق غير منوط بوجود الموضوع خارجا ، فأين فعلية حكم منوط بوجود موضوعه خارجا ؟.
    نعم : تشكيل هذه القضية إنما يصح في الأوصاف التي تكون ظرف عروضها واتصافها خارجية ، لا مثل المقام التي تكون ظرف العروض ذهنا والاتصاف خارجيا.
2 ـ أقول : هذا البيان يقتضي وجوب الاجتناب في المعين أيضا ولو اضطر قبل العلم ، وهو كما ترى !.


(104)
الاجتناب عن جميع الأطراف مقدمة لترك الحرام المعلوم في البين ، وإنما يجوز رفع اليد عن مقتضاه بمقدار ما يثبت من المانع ، والاضطرار إلى غير المعين لا يصلح أن يكون مانعا عن وجوب ترك الحرام مطلقا ولو لم يصادف رفع الاضطرار به ، بل أقصى ما يقتضيه الاضطرار هو جواز الاقتحام في الحرام على تقدير مصادفة ما يدفع به الاضطرار له ، لان الضرورات تتقدر بقدرها ، ويكفي في وجوب الاجتناب عن الباقي الغير المضطر إليه احتمال أن يكون هو الحرام المعلوم.
    وتوهم : أنه ليس للمولى الترخيص في مخالفة التكليف على تقدير دون تقدير فاسد ، فإنه لا مانع من ذلك ، فدعوى : أن الترخيص في البعض تخييرا يلازم الترخيص في الكل مما لا شاهد عليها ، فتأمل.

    كشف قناع :
    لا إشكال في أن الاضطرار إلى المعين يقتضي التوسط في التكليف.
    وأما الاضطرار إلى غير المعين ففي اقتضائه التوسط في التكليف أو التوسط في التنجيز ، إشكال.
    وتوضيح ذلك : هو أن التوسط في التكليف معناه : ثبوت التكليف الواقعي على تقدير وعدم ثبوته على تقدير آخر ، بتقييد إطلاقه وتخصيصه بحال دون حال (1) كما هو الشأن في تقييد كل إطلاق بقيد وجودي أو عدمي.
1 ـ أقول : تفسير التوسط في التكليف بنحو يشمل الاضطرار بالمعين لو كان لاصطلاح منه فلا مشاحة في الاصطلاح معه ، وإن كان الغرض منه الإشارة إلى ما أفاده الشيخ ـ قدس سره ـ في المقام فهو بمعزل عن مرامه ، بل مرجع كلامه إلى التكليف الناقص القائم بكل واحد من الطرفين الذي هو حافظ لوجود مرامه من جهة دون جهة ، وهو الذي كان واسطة بين نفي التكليف رأسا وبين ثبوته بقول مطلق ، كما هو الشأن في كل طلب قائم بطرفي التخيير في الواجبات التخييرية ، كما لا يخفى ، فتدبر فافهم ترى مثل هذا التكليف مختصا بالاضطرار بغير المعين.

(105)
    والتوسط في التنجيز معناه : بلوغ التكليف إلى مرتبة التنجز على تقدير وعدم بلوغه إلى تلك المرتبة على تقدير آخر ، مع إطلاق التكليف الواقعي وثبوته في كلا التقديرين بلا تصرف فيه واقعا ، بل كان تنجز التكليف مقصورا بأحد التقديرين.
    إذا تبين ذلك فاعلم : أن الاضطرار إلى المعين يقتضي التوسط في التكليف لا محالة ، ولا يمكن أن يقتضي التوسط في التنجيز ، فان التكليف الواقعي مقيد بعدم طرو الاضطرار إلى مخالفته ، فعند الاضطرار إلى المعين لا يمكن الجزم ببقاء التكليف الواقعي ، لاحتمال أن يكون المضطر إليه هو متعلق التكليف ، فيوجب رفعه واقعا ، فيدور التكليف الواقعي بين ثبوته على تقدير عدم كون المضطر إليه هو الموضوع للتكليف ، وعدم ثبوته على تقدير أن يكون هو الموضوع.
    وحاصل الكلام : أن الجهل بشخص موضوع التكليف في مورد الاضطرار إلى المعين لا دخل له في الترخيص ، بل العلة في الترخيص هو الاضطرار ، فالترخيص فيه يكون واقعيا لا ظاهريا ، لان الترخيص الظاهري يتوقف على أن يكون الجهل بالموضوع علة له ، لان الجهل بالموضوع أو الحكم الواقعي له دخل في كل حكم ظاهري ، فلا يكون الترخيص في الاضطرار إلى المعين إلا واقعيا.
    ومعنى الترخيص الواقعي هو : أنه يجوز للمكلف مخالفة التكليف واقعا على تقدير أن يكون المضطر إليه هو الحرام ، وهذا عين التوسط في التكليف ، لان التوسط في التنجيز يتوقف على بقاء التكليف الواقعي على ما هو عليه من دون أن يكون في البين ما يقتضي رفعه واقعا ، وإنما كان بلوغه إلى مرتبة التنجز مقيدا بحال دون حال ، وهذا إنما يكون إذا كان للجهل بموضوع التكليف أو متعلقه دخل في الترخيص في بعض الأطراف ليكون الترخيص ظاهريا ، كما في باب الأقل والأكثر الارتباطيين بناء على جريان البراءة عن الأكثر ، فان العلة
فوائد الاصول ـ الجزء الرابع ::: فهرس