فوائد الاصول ـ الجزء الرابع ::: 211 ـ 225
(211)
الناسي ويدخل في عنوان الذاكر ، فلا يمكن أن يكون هذا الخاطب محركا لعضلات المكلف ، لان الالتفات إلى ما اخذ عنوانا للمكلف مما لابد منه في الانبعاث وانقداح الإرادة ، فالمستطيع لو لم يجد نفسه مستطيعا لا يكاد يمكن أن يكون الخطاب بالحج محركا لإرادته نحوه ، وحينئذ يقع البحث في أنه كيف يتصور ثبوتا تكليف الناسي بما عدا الجزء المنسي ؟.
    وما قيل أو يمكن أن يقال في تصوير ذلك أحد وجوه ثلاثة :
    الأول : ما حكاه شيخنا الأستاذ ـ مد ظله ـ عن تقريرات بعض الأجلة لبحث الشيخ ـ قدس سره ـ في مسائل الخلل ، وهو إلى الآن لم يطبع ، وحاصله : يرجع إلى إمكان أخذ الناسي عنوانا للمكلف وتكليفه بما عدا الجزء المنسي ، بتقريب : أن المانع من ذلك ليس إلا توهم كون الناسي لا يلتفت إلى نسيانه في ذلك الحال فلا يمكنه امتثال الامر المتوجه إليه ، لان امتثال الامر فرع الالتفات إلى ما اخذ عنوانا للمكلف. ولكن يضعف ذلك : بأن امتثال الامر لا يتوقف على أن يكون المكلف ملتفتا إلى ما اخذ عنوانا له بخصوصه ، بل يمكن الامتثال بالالتفات إلى ما ينطبق عليه من العنوان ولو كان من باب الخطأ في التطبيق ، فيقصد الامر المتوجه إليه بالعنوان الذي يعتقد أنه واجد له وإن أخطأ في اعتقاده ، والناسي للجزء حيث لم يلتفت إلى نسيانه بل يرى نفسه ذاكرا فيقصد الامر المتوجه إليه بتخيل أنه أمر الذاكر ، فيؤول إلى الخطأ في التطبيق ، نظير قصد الامر بالأداء والقضاء في مكان الآخر ، فأخذ « الناسي » عنوانا للمكلف أمر بمكان من الامكان ولا مانع عنه لا في عالم الجعل والثبوت ولا في عالم الطاعة والامتثال.
    هذا ، ولكن لا يخفى ما فيه (1) فإنه يعتبر في صحة البعث والطلب أن يكون
1 ـ أقول : ما أفيد تمام لو كان عنوان « الناسي » من شرائط توجيه التكليف إلى نفسه بأن يكون

(212)
قابلا للانبعاث عنه بحيث يمكن أن يصير داعيا لانقداح الإرادة وحركة العضلات نحو المأمور به ولو في الجملة ، وأما التكليف الذي لا يصلح لان يصير داعيا ومحركا للإرادة في وقت من الأوقات ، فهو قبيح مستهجن.
    ومن المعلوم : أن التكليف بعنوان « الناسي » غير قابل لان يصير داعيا لانقداح الإرادة ، لان الناسي لا يلتفت إلى نسيانه في جميع الموارد ، فيلزم أن يكون التكليف بما يكون امتثاله دائما من باب الخطأ في التطبيق ، وهو كما لا ترى مما لا يمكن الالتزام به ، وهذا بخلاف الامر بالأداء والقضاء ، فان الامر بهما قابل لان يصير داعيا ومحركا للإرادة بعنوان الأداء أو القضاء ، لامكان الالتفات إلى كون الامر أداء أو قضاء ويمكن امتثالهما بما لهما من العنوان.
    نعم : قد يتفق الخطأ في التطبيق فيهما ، وأين هذا من التكليف بما يكون امتثاله دائما من باب الخطأ في التطبيق ؟ كما فما نحن فيه ، فقياس المقام بالامر بالأداء أو القضاء ليس على ما ينبغي.
    الوجه الثاني : هو ما أفاده المحقق الخراساني ـ قدس سره ـ من أن اختصاص الناسي بخطاب يخصه بالنسبة إلى ما عدا الجزء المنسي لا يلازم ثبوتا أخذ « الناسي » عنوانا للمكلف حتى يرد عليه المحذور المتقدم ، بل يمكن أن يؤخذ عنوانا آخر يلازم عنوان الناسي مما يمكن الالتفات إليه ، كما لو فرض أن « بلغمي المزاج » يلازم في الواقع نسيان السورة في الصلاة ، فيؤخذ « بلغمي المزاج » عنوانا
بنفسه موضوع الخطاب المستقل ، كما هو ظاهر مقالته.
    ولنا بيان آخر ، وهو أن موضوع الخطاب يمكن كونه هو المكلف وأن النسيان مأخوذ في خصوصية فرده المتقوم به فردية صلاته بالناقص وأن الامر متعلق بالجامع بين الزائد والناقص ، غايته كل طائفة مختص بصدور فرد خاص من الزائد في الذاكر والناقص في الساهي ، ففي مثل هذه الصورة كل من الذاكر والناسي لا يقصد إلا الامر بالجامع ، فلا قصور حينئذ لدعوة الامر بالجامع للناسي مع غفلته عن نسيانه المأخوذ في لسان الخطاب لبيان أفراد المكلفين بالامر بالطبيعة ، كما لا يخفى.


(213)
للمكلف ويخاطب بهذا العنوان ، والمفروض : أن المكلف يمكن أن يلتفت إلى كونه بلغمي المزاج وإن لم يلتفت إلى ما يلازمه من نسيان السورة ، فان التفكيك في الالتفات بين المتلازمين بمكان من الامكان. فيقصد الناسي للسورة الامر المتوجه إلى ما يلازم نسيان السورة من العنوان الذي يرى نفسه واجدا له.
    هذا ، ولكن يرد عليه :
    أولا : أن ذلك مجرد فرض لا واقع له ، بداهة أنه ليس في البين عنوان يلازم نسيان الجزء دائما بحيث لا يقع التفكيك بينهما ، خصوصا مع تبادل النسيان في الاجزاء (1) فتارة : يعرض للمكلف نسيان السورة ، وأخرى : يعرض له نسيان التشهد ، وثالثة : يعرض له نسيان الذكر الواجب ، وهكذا بقية الاجزاء ، فدعوى : أن هناك عنوان يلازم نسيان الجزء بما له من التبدل بعيدة جدا. وأبعد من ذلك دعوى : أن هناك عناوين متعددة كل عنوان منها يلازم نسيان جزء خاص.
    وثانيا : أن العنوان الملازم للنسيان إنما اخذ معرفا لما هو العنوان حقيقة فالعنوان الحقيقي إنما هو عنوان « الناسي » والذي لابد منه في صحة التكليف هو إمكان الالتفات إلى ما هو العنوان حقيقة ، ولا يكفي الالتفات إلى المعرف ، فيعود الاشكال المتقدم : من عدم إمكان الالتفات إلى ما اخذ عنوانا للمكلف واقعا ، فتأمل.
    الوجه الثالث : هو ما أفاده المحقق الخراساني ـ قدس سره ـ أيضا ، وارتضاه
1 ـ أقول : كون « بلغمي المزاج » ملازما مع نسيان الجزء الواحد أو أكثر ثم لا يلزم أخذ عنوان ملازم ، بل من الممكن اخذ عنوان ملائم مع النسيان ، بجعل العنوان « المتذكر لمقدار من الاجزاء الجامع بين البعض والتمام » ولا بأس أيضا بجعل مثل هذا العنوان مرآة إلى الناسي ، ولا يحتاج حينئذ إلى الالتفات بكونه ناسيا ، بل يحتاج إلى الالتفات إلى أن المرئي بهذا العنوان كان « الناسي » أيضا ، وهذا بمكان من الامكان.

(214)
شيخنا الأستاذ ـ مد ظله ـ وحاصله : أنه يمكن أن يكون المكلف به في الواقع أولا في حق الذاكر والناسي هو خصوص بقية الاجزاء ما عدا الجزء المنسي (1) ثم يختص الذاكر بتكليف يخصه بالنسبة إلى الجزء الذاكر له ، ويكون المكلف به في حقه هو العمل المشتمل على الجزء الزائد المتذكر له ، ولا محذور في تخصيص الذاكر بخطاب يخصه ، وإنما المحذور كان في تخصيص الناسي بخطاب يخصه ـ كما في الوجهين الأولين ـ فلا يرد على هذا الوجه ما كان يرد على الوجهين المتقدمين.
    نعم : يختص هذا الوجه باشكال ، وهو أن التكليف بالجزء الزائد لو كان بخطاب يخصه ، فأقصى ما يقتضيه الخطاب المختص بالذاكر هو وجوب ذلك الجزء في حقه ، وأما كونه مرتبطا ببقية الاجزاء بحيث يوجب الاخلال به عمدا بطلان سائر الأجزاء فهو مما لا يقتضيه ذلك الخطاب ، فليكن التكليف بالجزء الزائد من قبيل الواجب في ضمن واجب آخر ، بمعنى أن يكون ظرف امتثاله ظرف امتثال سائر الأجزاء من دون أن يكون بينه وبينها ما يقتضي الارتباطية.
1 ـ أقول : ما المراد من الامر ببقية الاجزاء بعد اختلافها حسب اختلاف نسيانه ؟ فان كان عنوان المأمور به عنوان « بقية الاجزاء » فالناسي غير ملتفت إلى هذا العنوان ، وإن كان المراد الامر بأجزاء معينة بمقدار منه للجميع بأي جزء يوجد فالمأمور به يمكن ان يكون هو المنسي ، فتدبر.
    ثم إن هذا الاشكال لا يرد على استاذنا الأعظم ، فإنه ما جعل عنوان المأمور به المشترك بين العامد والناسي كما أفيد في المتن ، بل جعل المأمور به الاجزاء التي يكون لدليله إطلاق لحال النسيان أيضا ، وأن الامر متعلق بالخالي عما شك بحسب دليله للشمول لحال النسيان ، فان في الالتفات إلى مثل هذا العنوان لا يحتاج إلى الالتفات إلى نسيان نفسه ، بخلاف ما ذكر من العنوان ، وأظن أن الاختلاف نشأ من سوء التعبير.
    نعم : الذي يرد على استاذنا هو أن تصحيح الامر بالناسي لا يكون مخصوصا بما شك في إطلاق دليله لحال النسيان ، بل ربما يجيء في صورة إطلاق دليله أيضا ، غاية الامر بمثل هذا الدليل يخصص الاطلاق أيضا بحال الذكر ، فتدبر.


(215)
    هذا ، ولكن الانصاف : أنه لا وقع لهذا الاشكال ، فان وحدة الخطاب وتعدده لا دخل له بالارتباطية وعدمها ، بل الارتباطية بين الاجزاء إنما تنشأ من وحدة الملاك القائم بمجموع الاجزاء ، فرب ملاك لا يمكن أن يستوفى بخطاب واحد ، بل يحتاج إلى خطابين.
    بل الذي يظهر من جملة من الروايات : أن التكليف بالصلاة إنما كان بخطابين : خطاب من الله ( تعالى ) وخطاب من النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ (1) ويعبر عن الأول بفرض الله ( تعالى ) وعن الثاني بفرض النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ أو سنته ، والمراد من فرض الله ( تعالى ) هو الأركان التي لا تدخلها النسيان ، ومن فرض النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ هو سائر الأجزاء التي تدخلها النسيان ، فتعدد الخطاب لا يوجب تعدد التكليف والاستقلالية ، بل لابد من ملاحظة منشأ الخطابين ، فان كان هو ملاكا واحدا قائما بمجموع المتعلقين فلا محالة تقع الارتباطية بين المتعلقين ويكون المكلف به هو المجموع من حيث المجموع ، وإن تعدد الملاك واختص كل خطاب بملاك يخصه فيتعدد المكلف به ويستقل كل من المتعلقين بالتكليف ، واستفادة أحد الوجهين إنما يكون من الخارج : من إجماع ونحوه.
    نعم : لا يبعد أن يكون الأصل في تعدد الخطاب هو تعدد المكلف به على وجه الاستقلالية ، ولكن هذا في غير الخطابات الواردة في باب المركبات ، فان الظاهر منها أن تكون الخطابات المتعددة مسوقة لبيان أجزاء المركب وشرائطه.
    فدعوى : أن التكليف بالجزء الزائد لو كان بخطاب يختص بالذاكر يلزم أن يكون الجزء الزائد واجبا مستقلا غير مرتبط بسائر الاجزاء ، ضعيفة لا تقبل الالتفات إليها.
1 ـ الوسائل : الباب 1 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 1 و 2.

(216)
    فظهر : أن الوجه الثالث هو أسلم ما قيل في وجه إمكان تكليف الناسي بما عدا الجزء المنسي ، فهو الذي ينبغي المصير إليه. هذا كله في الجهة الأولى.

    الجهة الثانية :
    في قيام الدليل على كون الناسي مكلفا ببقية الاجزاء وسقوط التكليف عن خصوص الجزء المنسي.
    ونخبة الكلام فيها : هو أنه إن كان لدليل الجزء المنسي إطلاق يشمل صوره النسيان فمقتضى إطلاقه هو عدم التكليف ببقية الاجزاء ، فإنه ليس في البين إلا تكليف واحد تعلق بجملة الاجزاء ومنها الجزء المنسي ، وهذا التكليف الواحد سقط بنسيان بعض الاجزاء ، لأنه لا يمكن بقاء ذلك التكليف بالنسبة إلى جملة الاجزاء مع نسيان بعضها ، فلابد من سقوط التكليف المتعلق بجملة العمل ، فلو ثبت التكليف ببقية الاجزاء فهو تكليف آخر غير التكليف الذي كان متعلقا بجملة الاجزاء ، ولابد من قيام دليل بالخصوص على ذلك ، فالتكليف بما عدا الجزء المنسي يحتاج إلى دليل أخر غير الأدلة المتكفلة لبيان الاجزاء ، هذا إذا كان لدليل الجزء إطلاق يعم حال النسيان.
    وإن لم يكن لدليل الجزء إطلاق واحتمل أن تكون جزئيته مقصورة بحال الذكر ، فالمرجع عند الشك في الجزئية وعدمها في حال النسيان هو أصالة البراءة أو الاشتغال ، على الخلاف في باب دوران الامر بين الأقل والأكثر ، لأن الشك في ذلك يندرج في الشك بين الأقل والأكثر ، كما لا يخفى.
    ولعله إلى ذلك يرجع ما ذكره الشيخ ـ قدس سره ـ بقوله : إن قلت : عموم جزئية الجزء لحال النسيان يتم فيما لو ثبت الجزئية بمثل قوله : « لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب الخ ».
    وحاصل ما أفاده المستشكل هو : أن دليل اعتبار الجزء تارة : يكون هو قوله


(217)
ـ عليه السلام ـ « لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب » وأخرى : يكون هو الاجماع ، وثالثة : يكون هو الحكم التكليفي المتعلق بالجزء ، كقوله : « اركع في الصلاة » أو « تشهد فيها » ونحو ذلك من الأوامر المتعلقة بأجزاء المركب.
    والقول بثبوت الجزئية وعدم سقوطها في حال النسيان إنما يستقيم لو كان دليل الجزء هو قوله : « لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب » ونحو ذلك مما يفيد نفي الصلاة عن الفاقد للجزء.
    وأما لو كان دليل الجزء هو الاجماع أو الحكم التكليفي ، فلا يتم القول بثبوت الجزئية في حال النسيان ، لان المتيقن من الاجماع هو حال الذكر ، والحكم التكليفي لا يمكن أن يعم حال النسيان والغفلة ، بل يختص بحال الذكر ، فالجزئية المنتزعة منه تتبعه وتختص بحال الذكر أيضا ، وفي حال النسيان يختص التكليف ببقية الاجزاء وتجري البراءة في الجزء المنسي على تقدير الشك في جزئيته حال النسيان.
    ثم لا يخفى عليك : أن المراد من الحكم التكليفي في كلام المستشكل ليس هو الحكم التكليفي النفسي وإن كان يوهمه ظاهر العبارة ، لوضوح أن التكليف الاستقلالي لا يمكن أن ينتزع منه الجزئية والشرطية ، فان أقصى ما يقتضيه التكليف النفسي هو وجوب المتعلق ، وأما كونه جزءا أو شرطا فهو مما لا يكاد أن يدل عليه الحكم النفسي.
    نعم : قد تنتزع المانعية من النهي النفسي ، كما في باب النهي عن العبادة ، وفي باب اجتماع الأمر والنهي بناء على الامتناع وتغليب جانب النهي وأما الجزئية والشرطية فلا يمكن انتزاعهما من الامر النفسي.
    وتصريح الشيخ ـ قدس سره ـ في المقام بصحة انتزاع الشرطية من التكليف النفسي ليس على ما ينبغي ، ولا يبعد أن يكون مراده من الشرطية عدم المانع ، كما ربما يشهد لذلك التمثيل بالحرير ، وإلا فالشرطية الوجودية مما لا مجال لتوهم


(218)
صحة انتزاعها من التكليف النفسي.
    وبالجملة : ظاهر كلام المستشكل وإن كان يعطي أن يكون المراد من التكليف المنتزع عنه الجزئية هو التكليفي النفسي ، إلا أنه لابد من توجيهه بإرادة التكليف الغيري المتعلق بأجزاء العبادة وشرائطها (1) فيكون مبنى الاشكال على اختصاص التكاليف الغيرية بالذاكر كاختصاص التكاليف النفسية به ، فالجزئية المنتزعة من التكليف الغيري لا تعم حال النسيان ، كما أن القدر المتيقن من الاجماع القائم على جزئية الشيء الفلاني هو اختصاص الجزئية بحال الذكر.
    وكأن المستشكل في ما نحن فيه اقتبس كلامه من المحكي عن الوحيد البهبهاني ـ قدس سره ـ من التفصيل بين الاجزاء والشرائط المستفادة من مثل قوله : « لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب » و « لا صلاة إلا بطهور » وبين الاجزاء والشرائط المستفادة من الأوامر الغيرية ، كالأمر بالركوع والاستقبال.
    ففي الأول : لا تختص الجزئية والشرطية بصورة التمكن من الجزء والشرط ، بل تعم صورة العجز عنهما ، ويلزمه سقوط التكليف بالصلاة عند العجز وعدم القدرة عليهما.
    وفي الثاني : تختص الجزئية والشرطية بصورة التمكن منهما ، ويلزمه سقوط خصوص التكليف المتعلق بالجزء أو الشرط الغير المتمكن منه ، ولا يسقط
1 ـ أقول : منشأ انتزاع الشرطية والجزئية يستحيل أن يكون هو التكليف الغيري ، كيف ! وهو متعلق بما هو فارغ جزئيته وشرطيته ، فكيف يكون هو منشأ انتزاعه ؟ بل لا يكون منشأ انتزاع جزئية الشيء أو شرطيته إلا الامر المتعلق بالمجموع أو المقيد مع تقيده ، وهذا ليس إلا الامر النفسي القائم بالمجموع ، غاية الامر قد يستقل هذا الامر في مقام البيان قائما بموضوعه ، ولكنه ليس أمرا مقدميا ، بل هو إما قطعة من الامر النفسي القائم بالجميع أو أمر إرشادي ، وعلى فرض المقدمية فلا يكون هو المنشأ ، بل كاشف عن وجود المنشأ ، كما لا يخفى.

(219)
التكليف ببقية الاجزاء المتمكن منها.
    هذا ، وقد حكي عن المحقق القمي ـ رحمه الله ـ التعدي في هذا التفصيل عن باب القدرة والعجز إلى باب العلم والجهل ، وقال باختصاص الشرطية المنتزعة من الأوامر الغيرية بصورة العلم بالموضوع تفصيلا ولا تعم حال الجهل به ، بخلاف الشرطية المنتزعة من مثل قوله : « لا صلاة إلا بطهور » فإنها لا تختص بصورة العلم بموضوع الشرط ، بل تعم حال الجهل به أيضا.
    وكلام المستشكل فيما نحن فيه يعطي التعدي في هذا التفصيل عن باب القدرة والعجز وباب العلم والجهل إلى باب الذكر والنسيان.
    هذا ، ولكن التحقيق : فساد هذا التفصيل في الأبواب الثلاثة ، خصوصا في باب العلم والجهل ، فان التكاليف النفسية لا تختص بصورة العلم ، فضلا عن التكاليف الغيرية ، وسيأتي توضيح ذلك في رد مقالة الوحيد البهبهاني ـ رحمه الله ـ.
    فالأقوى : أنه لا فرق في الجزئية المستفادة من مثل قوله ـ عليه السلام ـ « لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب » ، والجزئية المستفادة من مثل قوله : « اركع في الصلاة » ونحو ذلك من الأوامر الغيرية ، فإنه لا موجب لتوهم اختصاص الأوامر الغيرية بالمتمكن من الجزء أو الذاكر له (1) بل تعم العاجز والناسي وتثبت الجزئية في حقهما إذا كان لدليل الجزء إطلاق يشمل حال العجز
1 ـ أقول : لو كان المراد من الامر الغيري الامر المقدمي أي موجب للتقييد أعظم من فتح توجيه الايجاب ولو غيريا إلى مالا يطاق ؟ نعم : لو كان الامر إرشاديا لا بأس بإطلاقه وشمول الامر لما لا يطاق ، فالأولى أن يقال : بان تقيد الخطاب بما يطاق من قبيل التقيد بقرينة عقلية منفصلة ، ولازمه بقاء ظهوره على إطلاقه في دخله في الغرض برفع اليد عن فعلية أمره ، ولئن اغمض عن انفصال مثل هذا الحكم العقلي عن الخطاب ، فلنا التمسك باطلاق المادة في الدخل في المصلحة ، حتى في حال العجز ، غاية الامر ظهور الامر مختص بصورة القدرة.

(220)
والنسيان ، ومع عدم الاطلاق يرجع إلى الأصول العملية ، وهي تقتضي اختصاص الجزئية بحال القدرة والذكر ، لأن الشك في ثبوت الجزئية في حال العجز والنسيان يرجع إلى الشك في أن المكلف به في حق الناسي هل هو الطبيعة الواجدة للجزء المنسي ؟ أو الطبيعة الخالية عنه ؟ فيكون من صغريات الشك بين الأقل والأكثر ، وقد تقدم أن الأقوى : جريان البراءة من الخصوصية الزائدة المشكوكة ، وهي فيما نحن فيه جزئية المنسي في حال النسيان ، فالأصل يقتضي عدم جزئية المنسي ، ويلزمه أن يكون الجزء من الاجزاء الغير الركنية ، لاختصاص جزئيته بحال الذكر ، فلا يلزم من الاخلال به نسيانا بطلان العمل ، وذلك من خواص الجزء الغير الركني ، كما تقدم.
    هذا ، ولكن لا يخفى عليك : أن أقصى ما تقتضيه أصالة البراءة عن الجزء المنسي هو رفع الجزئية في حال النسيان فقط (1) ولا تقتضي رفعها في تمام الوقت إلا مع استيعاب النسيان لتمام الوقت ، فلو تذكر المكلف في أثناء الوقت بمقدار يمكنه إيجاد الطبيعة بتمام مالها من الاجزاء ، فأصالة البراءة عن الجزء المنسي في حال النسيان لا تقتضي عدم وجوب الفرد التام في ظرف التذكر ، بل مقتضى إطلاق الأدلة وجوبه ، لان المأمور به هو صرف وجود الطبيعة التامة الاجزاء والشرائط في مجموع الوقت ، ويكفي في وجوب ذلك التمكن من إيجادها
1 ـ أقول : معنى رفع جزئية المشكوكة بعنوان المشكوكية بقاء رفعه ما دام مشكوكا ، فإذا شك في جزئية المنسي لفرض عدم إطلاق دليله ، فلازمه أنه مهما اتى المأمور به بدون هذا الجزء نسيانا يشك في جزئيته في حال النسيان ، فلا شبهة في أن هذا الشك باق حتى في حال الالتفات إليه ، فحديث رفع الجزء المشكوك لا قصور في جريانه بالنسبة إلى المأتي به الفاقد لها ، لبقاء الشك في جزئيته حتى في حال تذكره ، فكأن المقرر اشتبه عليه المقام بمسألة رفع جزئية المنسي بعنوان النسيان مع العلم بجزئيته واقعا ، فان في هذه الصورة كان لتخصيص حديث الرفع بحال النسيان وجه ، وأين هذا من مسألتنا ؟ وليس هذا الذهول إلا من شدة الغرور ، فتدبر.

(221)
كذلك ولو في جزء من الوقت ، ولا يعتبر التمكن من ذلك في جميع آنات الوقت ، كما هو الحال في غير الناسي من سائر ذوي الأعذار ، فإنه لا يجوز الاعتداد بالمأتي به في حال العذر مع عدم استيعاب العذر لتمام الوقت.
    والحاصل : أن رفع الجزئية بأدلة البراءة في حال النسيان لا يلازم رفعها في ظرف التذكر (1) لأن الشك في الأول يرجع إلى ثبوت الجزئية في حال النسيان ، وفي الثاني يرجع إلى سقوط التكليف بالجزء في حال الذكر ، والأول مجرى البراءة ، والثاني مجرى الاشتغال.
    هذا إذا لم يكن المكلف ذاكرا في أول الوقت ثم عرض له النسيان في الأثناء ، وإلا فيجري استصحاب التكليف الثابت عليه في أول الوقت ، للشك في سقوطه بسبب النسيان الطاري الزائل في الوقت.
    فتحصل من جميع ما ذكرنا : أن التكليف بالفاقد للجزء المنسي وإن كان في عالم الثبوت بمكان من الامكان ، إلا أنه في عالم الاثبات لم يقم عليه دليل اجتهادي ولا أصل عملي مع عدم استيعاب النسيان لتمام الوقت ، بل مقتضى إطلاق الأدلة خلاف ذلك (2).

    وهم ودفع :
    أما الوهم : فهو أنه قد يقال : إن مقتضى إطلاق أدلة الاجزاء والشرائط وإن كان ثبوت الجزئية في حال النسيان ، إلا أن مقتضى حديث الرفع الحاكم على الأدلة الأولية هو عدم الجزئية في حال النسيان واختصاصها بحال
1 ـ أقول : وذلك هو الفارق بين ما نحن فيه وبين رفع المنسي مع الجزم بالجزئية الواقعية ، وقد خلط المقرر أحدهما بالآخر.
2 ـ أقول : تمام الكلام في صورة عدم إطلاق الدليل ، وذلك أيضا من تبعات الغفلة السابقة ، فتدبر.


(222)
الذكر.
    وأما الدفع : فقد تقدم في مبحث البراءة عند التعرض لمفاد الحديث المبارك شطر من الكلام في عدم صحة التمسك بالحديث لرفع الجزئية في حال النسيان ، وإجماله : هو أنه يعتبر في جواز التمسك بحديث الرفع أمور :
    الأول : أن يكون المرفوع شاغلا لصفحة الوجود ، بحيث يكون له نحو تقرر في الوعاء المناسب له : من وعاء التكوين أو وعاء التشريع (1) فإنه بذلك يمتاز الرفع عن الدفع ، حيث إن الدفع إنما يمنع عن تقرر الشيء خارجا وتأثير المقتضي في الوجود ، فهو يساوق المانع ، وأما الرفع فهو يمنع عن بقاء الوجود ويقتضي إعدام الشيء الموجود عن وعائه. نعم : قد يستعمل الرفع في مكان الدفع وبالعكس ، إلا أن ذلك بضرب من العناية والتجوز ، والذي تقتضيه الحقيقة : هو استعمال الدفع في مقام المنع عن تأثير المقتضي في الوجود ، واستعمال الرفع في مقام المنع عن بقاء الشيء الموجود.
    الامر الثاني : أن يكون المرفوع مما تناله يد الرفع التشريعي ، إما بنفسه إذا كان المرفوع من الأحكام الشرعية ، وإما بأثره إذا كان من الموضوعات الخارجية التي رتب عليها آثار شرعية ، كحياة زيد وموت عمرو.
    الامر الثالث : أن يكون في رفعه منة وتوسعة على المكلفين ، فان الحديث المبارك ورد مورد الامتنان ، فلابد من اقتضاء الرفع التوسعة والتسهيل ، لا الكلفة والتضييق.
    إذا عرفت ذلك : فاعلم أن الظاهر الأولي من قوله ـ صلى الله عليه وآله
1 ـ أقول : بعد الجزم بشمول الخبر الشريف للعناوين المتصلة بالبلوغ يقطع بعدم كون المراد من « الرفع » معناه الحقيقي ، فلابد وأن يحمل على الأعم من الدفع ، ولو بعناية اعتبار الوجود للشئ بلحاظ وجود مقتضيه ، نظير شرط السقوط في متن العقد ، فإنه أيضا بهذه العناية ، وحينئذ لا يبقى مجال لهذه المقدمة أصلا. وإلى ما ذكرنا أيضا أشار شيخنا العلامة في رسائله ، فراجع.

(223)
وسلم ـ « رفع النسيان » وإن كان هو رفع نفس صفة النسيان وهي الحالة المنقدحة في النفس ، إلا أنه لا يمكن الاخذ بظاهره ، فإنه ـ مضافا إلى أن النسيان مما لا تناله يد الرفع التشريعي لأنه من الأمور التكوينية الخارجية وليس هناك أثر اخذ النسيان موضوعا له شرعا لكي يكون رفعه بلحاظ رفع أثره ـ يلزم من ذلك ترتيب آثار الصدور العمدي على الفعل الصادر عن نسيان ، فان معنى رفع النسيان هو كون ما صدر عن المكلف نسيانا كأن لم يصدر عنه عن نسيان ويفرض النسيان كالعدم ، وهذا يقتضي ترتيب آثار الفعل الصادر عن عمد على الفعل الصادر عن نسيان ، فيجب إقامة الحد على من شرب الخمر نسيانا ، وهو كما ترى ينافي الامتنان والتوسعة.
    فلا محيص من رفع اليد عما يقتضيه الظاهر الأولي ، بتأويل المصدر بمعنى المفعول وجعل النسيان بمعنى المنسي (1) فيكون المرفوع نفس الفعل الصادر عن
1 ـ أقول : ينبغي أن يجعل من مقدمات المقصد اختصاص حديث الرفع برفع شيء ـ شخصيا أم أثرا قابل للوجود لولاه ، ولازمه عدم شمول الحديث التكاليف المتعلقة بالمنسي تكليفا أو وضعا منتزعا عن التكليف ، لاستحالة وجود مثل هذا التكليف بمحض تحقق النسيان حذرا عن التكليف بما لا يطاق ، من دون فرق بين التكاليف الانحلالية وغيرها ، ومن هذه الجهة لا محيص من كون المرفوع في أمثال هذه الفقرات إيجاب التحفظ وإيجاب الاحتياط ، ومن البديهي أن إيجاب التحفظ في الجزء المنسي لا يقتضي الاجزاء.
    ولو اغمض عن هذه الجهة وقلنا بشمول الحديث للتكاليف الانحلالية ـ كما زعم ـ فلا قصور في دعوى شمول الحديث رفع الفعل المنسي بلحاظ أثره من الجزئية المنتزعة عن تعلق الطلب به بعد فرض وجود المقتضي للوجود فيه الكافي لصدق الرفع في مورده ، كيف ! ولولا كفاية هذا المقدار في صدق الرفع يلزم عدم شموله للأحكام الانحلالية أيضا ، لان الفعل المنسي إذا فرض عدم سبقه بالوجود فرفع هذا عين إعدامه ، وفي هذا الاعتبار لا يرى وجودا ، ولازمه صدق رفع المعدوم ، وبعبارة أخرى : قلب أول وجود المنسي بالعدم لا يصدق عليه الرفع ، لان الرفع عبارة عن إعدام الموجود ، وحيث يستحيل جمعهما في زمان واحد فلا محيص من أن ظرف الاعدام الذي هو ظرف الرفع غير ظرف الوجود ، وإذا تعلق الرفع بأول وجود شيء فهذا الوجود بمنزلة المعدوم ، فيصير المقام من باب إعدام المعدوم ، لا الموجود.


(224)
المكلف نسيانا ، بأن يفرض عدم وقوع الفعل منه وخلو صفحة الوجود عنه ، فالمرفوع في حق من شرب الخمر نسيانا هو نفس الشرب ، لا وصف صدوره عن نسيان ، ورفع الشرب إنما يكون بلحاظ رفع الآثار المترتبة شرعا على شرب الخمر : من الحرمة وإقامة الحد ، ورفع الشرب بهذا الوجه يكون موافقا للامتنان ويوجب التوسعة والتسهيل.
    وعلى هذا يختص الحديث الشريف بالأحكام الانحلالية العدمية التي لها تعلق بالموضوعات الخارجية ، كحرمة شرب الخمر وإكرام الفاسق وغيبة المؤمن ، فإنه في مثل ذلك يصح رفع أثر الاكرام والشرب والغيبة الصادرة عن نسيان.
    وأما التكاليف الوجودية التي يكون المطلوب فيها صرف الوجود ـ كوجوب إكرام العالم وإقامة الصلاة ـ فلا يمكن أن يعمها حديث الرفع ، لان رفع الاكرام والصلاة الصادرين عن نسيان يساوق إعدامهما في عالم التشريع وفرض عدم صدورهما عن المكلف ، وذلك يقتضي إيجابهما ثانيا ، وهو ينافي الامتنان ، فلابد من خروج الاحكام الوجودية عن مدلول الحديث.
    وبذلك يظهر : فساد توهم دلالة قوله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ « رفع النسيان » على سقوط جزئية الجزء المنسي ووقوع الطلب فيما عداه ، فإنه يرد عليه :
ولذا نقول : إنه كما يستحيل صدق رفع أول وجود الشيء حقيقة ، فكذلك تنزيلا ، لان الرفع التنزيلي تقوم مقام الرفع الحقيقي ، فلا جرم لا يصح الرفع التنزيلي إلا بالنسبة إلى بقاء الوجود لا حدوثه ، والعجب من المقرر ! كيف خلط في احتياج الرفع إلى الوجود بين الوجود الواقع في مواطن الرفع وبين الوجود السابق عن موطنه وتخيل أن في الوجود المصحح لصدق يكفي الوجود الواقع في مواطن الرفع الذي بعناية عين العدم ، ليس كذلك ، بل الوجود المحتاج إليه في صدقه هو الوجود السابق عن موطن الرفع ، وحينئذ لا فرق بين التكاليف الوجودية والعدمية.

(225)
    أولا : أن المنسي ليس هو جزئية الجزء وإلا رجع إلى نسيان الحكم وهو من أقسام الجهل به ، فيندرج في قوله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ « رفع ما لايعلمون » لا في قوله : « رفع النسيان » بل المنسي هو نفس الجزء أي الاتيان به قولا أو فعلا ومعنى نسيان الجزء هو خلو صفحة الوجود عنه وعدم تحققه في الخارج ، ولا يعقل تعلق الرفع بالمعدوم ، لما عرفت : من أن المرفوع لابد وأن يكون شاغلا لصفحة الوجود ليكون رفعه باعدامه وإخلاء الصفحة عند (1) فنسيان الجزء مما لا يتعلق به الرفع فلا يعمه قوله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ « رفع النسيان ».
    وثانيا : أن محل البحث ليس هو النسيان المستوعب لتمام الوقت في الموقتات ، أو لتمام العمر في غيرها (2) بل هو النسيان في بعض الوقت ، وسقوط الجزئية في
1 ـ أقول : قد تقدم دفع هذه الشبهة آنفا.
2 ـ أقول : بعد فرض شمول حديث الرفع للجزء المنسي وصلاحيته لرفعه ـ كما فرض ـ يصير نتيجته أن المأتي به فاقدا عن الجزء المزبور تمام الصلاة ، ولازمه امتثال الطبيعة به ، فلا يبقى مجال لبقاء الوجوب على الطبيعة كي يجب الاتيان به وقت ذكره ، وكم فرق ! بين نسيان الكل في بعض الوقت وبين نسيان الجزء مع إتيانه بالبقية.
    وتوهم : أن رفع الجزء المنسي لا يقتضي الامر بالبقية ، كيف ! وفيه ضيق على الأمة ، كما هو الشأن في الجزء المضطر إليه
    مدفوع : بأن بقية الاجزاء بعدما كان ملزما باتيانها ولو تخييرا بحكم العقل ، فلا يحتاج الناسي في الاتيان بالبقية إلى إلزام شرعي ، وحينئذ في رفع الجزئية الموجبة لرفع وجوب الإعادة كمال المنة في حقه ، وبذلك يمتاز عن المضطر إليه في ترك الجزء.
    فان قلت : سلمنا أن البقية غير محتاج إلى الامر الشرعي ، ولكن نفي وجوب الإعادة فرع كون المأتي به فردا واقعيا ، لا اعتقاديا.
    قلت : يكفي في رفع فعلية الجزئية كون المأتي به تماما ، إذ يعلم منه اتكال الشارع في ذلك إلى حكم عقله بتخصيص رفعه بخصوص الجزء المنسي ، إذ ذلك كاشف عن قناعة الشارع من الصلاة بالمقدار المأتي به. نعم : الأول أن يقال ـ كما قلنا ـ إن المرفوع في هذه الفقرة وجوب التحفظ لا الوجوب أو
فوائد الاصول ـ الجزء الرابع ::: فهرس