فوائد الاصول ـ الجزء الرابع ::: 346 ـ 360
(346)
    نعم : حسن التعليل بالاستصحاب بناء على شرطية إحراز الطهارة يتوقف على أن يكون التعليل لبيان كبرى كلية وهي : عدم وجوب الإعادة على كل من كان محرزا للطهارة ، وهذا لا يختص بالمقام بل يطرد في جميع موارد منصوص العلة ، فان تعليل حرمة شرب الخمر بالاسكار لا يحسن إلا بعد أن تكون العلة وردت لإفادة كبرى كلية ، وهي : حرمة كل مسكر ، وذلك واضح.
    وأما على الوجه الثاني : وهو كون العلم بالنجاسة مانعا عن صحة الصلاة ، فيستقيم التعليل أيضا ، سواء كان اعتبار العلم لكونه منجزا أو لكونه طريقا ، وسواء كانت العلة المجموع المركب من المورد والاستصحاب وهو قوله ـ عليه السلام ـ « لأنك كنت على يقين من طهارتك فشككت ولا ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشك » أو كانت العلة خصوص الاستصحاب وإنما ذكر المورد توطئة لذكر العلة ، فان التعليل بذلك إنما يكون لإفادة أن النجاسة في مفروض السؤال ليس لها منجز ، لعدم العلم بها تفصيلا أو إجمالا ، والشك فيها ملغى بحكم الاستصحاب (1) فلا موجب لإعادة الصلاة ، لأنه لم يتحقق ما اخذ موضوعا لوجوب الإعادة ، فإنه لم يحصل ما يوجب تنجيز أحكام النجاسة ، والمفروض : أن الموضوع لوجوب الإعادة هي النجاسة المنجزة بوجه.
    فالتعرض لذكر المورد في الرواية إنما هو لبيان عدم حصول العلم بالنجاسة ليتحقق الطريق أو المنجز لها ، والتعرض لذكر الاستصحاب لبيان أن الشك في النجاسة ملغى بحكم الشارع.
1 ـ أقول : بناء على مانعية العلم بالنجاسة فكل واحد من وجهيه لا يبقى مجال لتعليل عدم الإعادة بالاستصحاب ، لأنه حينئذ مسبوق بعلة أخرى : من عدم العلم بالنجاسة أو منجزيته ، فالتعليل بالاستصحاب حينئذ مستدرك ، فلا يصح التعليل مع الغمض عما ذكرنا إلا بناء على شرطية العلم بالطهارة بأحد وجهيه ، مع أنه على هذا لا أثر للطهارة ، فأين صحة التعبد بوجودها ؟ كما هو ظاهر واضح.

(347)
    وحاصل الكلام : هو أنه يصح التعليل الوارد في الرواية ، سواء قلنا : بأن الشرط لعدم وجوب الإعادة هو عدم العلم بالنجاسة ، أو قلنا : بأن الشرط هو إحراز الطهارة ، فعلى كلا التقديرين : لا إشكال في التعليل ، لان منشأ الاشكال إنما كان هو التعليل بالاستصحاب لعدم وجوب الإعادة بعد انكشاف الخلاف وظهور وقوع الصلاة مع نجاسة الثوب ، فيتخيل أن ذلك يوجب أن يكون المورد من نقض اليقين باليقين لا من نقض اليقين بالشك.
    ولكن بعد البناء على أن المانع من صحة الصلاة هو العلم بالنجاسة إما من حيث كونه طريقا إليها وإما حيث كونه منجزا لأحكامها أو أن الشرط لصحة الصلاة هو إحراز الطهارة ، يندفع الاشكال ، ويكون التعليل بذلك في محله ، بل لا يصح التعليل بغير ذلك ، فان مرجع التعليل بالمجموع من المورد والاستصحاب مع كون العلم بالنجاسة مانعا إلى أن نجاسة الثوب لم يكن لها منجز ، فالصلاة تكون صحيحة واقعا ولا تجب الإعادة ، لان وجوب الإعادة ينافي عدم جواز نقض اليقين بالشك.
    وكذا لو كان الشرط هو الأعم من الطهارة الواقعية والطهارة المحرزة ، فان التعليل بذلك يرجع إلى كون المكلف في مفروض السؤال محرزا للطهارة بمقتضى الاستصحاب ، فلا تجب عليه الإعادة ، ويستفاد من التعليل كبرى كلية ، وهي : عدم وجوب الإعادة على كل من كان محرزا للطهارة.
    نعم : بناء على كون الشرط هو إحراز الطهارة ربما يقع التعارض بين ذلك وبين ما دل على كفاية عدم العلم بالنجاسة في عدم وجوب الإعادة ـ كما استفاضت به الروايات ـ فان لازم ذلك هو عدم الحاجة إلى إحراز الطهارة ، بل يكفي عدم العلم بالنجاسة ، سواء كان العلم بالنجاسة مانعا من حيث الطريقية أو من حيث المنجزية ، وعلى كل تقدير : لا يصح تعليل عدم وجوب الإعادة بكون المكلف محرزا للطهارة ، إلا أن يكون التعليل بذلك من جهة أنه من


(348)
مصاديق عدم العلم بالنجاسة.
    وبالجملة : لازم كفاية عدم العلم بالنجاسة هو صحة صلاة الغافل ، كما ورد في الخبر : من صحة صلاة من كان على ثوبه عذرة إنسان أو سنور أو كلب وهو لا يعلم (1) ولازم شرطية إحراز الطهارة هو عدم صحة صلاة الغافل ، إلا أن يقال : إن إحراز الطهارة شرط عند الالتفات إلى الطهارة والنجاسة ـ كما هو مفروض السؤال في الرواية ـ وأما مع عدم الالتفات فيكفي عدم العلم بالنجاسة ، وهذا إنما يستقيم بعد تعميم الطهارة إلى الطهارة الواقعية التي تؤدي إليها الاستصحاب والطهارة الظاهرية التي تؤدي إليها قاعدة الطهارة.
    هذا ، ولكن الانصاف : أنه لا حاجة إلى هذه التكلفات ، بل يبنى على كفاية عدم العلم بالنجاسة وكون العلم بها مانعا عن صحة الصلاة من حيث كونه منجزا لاحكام النجاسة ، ويصح التعليل الوارد في الرواية على هذا المبنى بلا تكلف ، وأخذ العلم من حيث التنجيز موضوعا لحكم مما لا محذور فيه ، بل يمكن أن تكون نفس الرواية دليلا على ذلك بعدما كان ظاهرها التعليل بالمجموع من المورد والاستصحاب ، فان التعليل بالمجموع لا يستقيم إلا على أخذ العلم موضوعا من حيث كونه منجزا لاحكام النجاسة.
    نعم : ربما ينافي ذلك ما ورد في بعض الروايات عن ميسر قال : « قلت لأبي عبد الله ـ عليه السلام ـ آمر الجارية فتغسل ثوبي من المني فلا تبالغ في غسله فأصلي فيه فإذا هو يابس ؟ قال ـ عليه السلام ـ أعد صلاتك ، أما إنك لو كنت غسلت أنت لم يكن عليك شيء » (2) وجه المنافاة : هو أنه لو كان الموضوع لوجوب الإعادة هو العلم بالنجاسة من حيث كونه منجزا لأحكامها لكان الحكم في مفروض السؤال هو الصحة وعدم وجوب الإعادة ، إذ لا تكون
1 ـ الوسائل الباب 40 من أبواب النجاسات الحديث 5.
2 ـ الوسائل الباب 18 من أبواب النجاسات الحديث 1.


(349)
النجاسة الموجودة في الثوب منجزة بعد غسل الجارية ، إما لأصالة الصحة في فعلها ، وإما لاعتبار قول ذي اليد ، والعلم السابق على غسل الجارية لا أثر له بعد قيام الحجة على طهارة الثوب ، مع أنه لو كان المقتضي لوجوب الإعادة هو العلم بالنجاسة السابق على الغسل لكان ينبغي إطلاق القول بوجوب الإعادة ولو كان المكلف بنفسه مباشرا للغسل ، ولم يكن وجه للتفصيل بين مباشرة الجارية للغسل وبين مباشرة نفسه.
    هذا ، ولكن لا يخفى عليك أن هذه الرواية تنافي أخذ العلم موضوعا لوجوب الإعادة مطلقا ولو كان العلم مأخوذا على وجه الطريقية ، لسقوط طريقية إخبار الجارية بالتطهير ، مع أن أخذ العلم موضوعا لا يخلو عن أخذ الوجهين ، إما لكونه منجزا ، وإما لكونه طريقا. بل هذه الرواية تنافي حتى لو قلنا بأن إحراز الطهارة شرط ، لاحراز الطهارة بإخبار الجارية ، فعلى جميع التقادير يحصل المنافاة.
    مع أنه يمكن أن يقال : إن العلم السابق على تطهير الجارية كان موجبا لتنجز أحكام النجاسة ، وغاية ما يقتضيه إخبار الجارية بالتطهير هو جواز الدخول في الصلاة لقيام الحجة على الخلاف ، فان إخبار الجارية لا يقتضي أزيد من المعذورية ، وأما وجوب الإعادة : فيكفي فيه العلم بالنجاسة وتنجز أحكامها قبل الصلاة ، فالموضوع لوجوب الإعادة قد تحقق ، وأصالة الصحة في تطهير الجارية لا توجب رفع الموضوع ، لعدم العلم بزوال النجاسة. وهذا بخلاف ما لو كان المكلف هو المباشر للتطهير ، فإنه بمباشرته يعلم بزوال النجاسة فيرتفع وجوب الإعادة ، فتأمل (1).
1 ـ وقد يختلج في البال : أن الوجه في حكم الامام ـ عليه السلام ـ بالإعادة عند إخبار الجارية بالتطهير وعدم الإعادة عند مباشرة المكلف للتطهير ، هو أن الجارية لم تبالغ في التطهير ـ كما هو المفروض في الرواية ـ والمكلف كان ملتفتا إلى عدم مبالغة الجارية في التطهير فلم يحصل للمكلف ما يجوز له الدخول في الصلاة ، ولا تجري أصالة الصحة في تطهير الجارية مع التفات المكلف إلى تقصيرها في

(350)
    هذا ، مع أن منافاة هذه الرواية لكون المأخوذ في موضوع وجوب الإعادة هو العلم من حيث التنجيز لا يضر بصحة التعليل ، غايته أن تكون هذه الرواية معارضة لما يستفاد من التعليل : من كون العلم بالنجاسة من حيث التنجيز اخذ موضوعا لوجوب الإعادة.
    وعلى كل حال : فلا إشكال في حسن التعليل وانطباقه على المورد بعدما كان العلم بالنجاسة من حيث التنجيز موضوعا لوجوب الإعادة.
    فقد ظهر مما ذكرنا : أن حسن التعليل في الرواية لا يتوقف على اقتضاء الامر الظاهري للاجزاء ليكون ما تضمنته الرواية من التعليل دليلا على اقتضاء الامر الظاهري للاجزاء ـ كما قيل به ـ لكي يتوجه عليه إشكال الشيخ ـ قدس سره ـ وغيره : من أن الظاهر من الرواية هو أن تكون العلة لعدم وجوب الإعادة كون الإعادة من نقض اليقين بالشك ، ولو كان التعليل بلحاظ اقتضاء الامر الظاهري للاجزاء لكان الأنسب بل المتعين هو التعليل بذلك لا بعدم نقض اليقين بالشك.
    وإن كان الانصاف : أن هذا الاشكال لا يتوجه لا على ذلك ، فإنه بعد البناء على أن العلة هي قوله ـ عليه السلام ـ « ولا ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشك » لا المجموع المركب من ذلك ومن المورد ـ كما استظهرناه ـ لابد في حسن التعليل وانطباقه على مفروض السؤال من ضم كبرى أخرى إليه ، وإلا فالتعليل بنفسه لا ينطبق على المورد ، لان الإعادة بعد انكشاف الخلاف ليست من نقض اليقين بالك ، فلابد وأن يكون التعليل بذلك لبيان خصوصية
الغسل ، فلم يحصل ما يوجب رفع أثر العلم بنجاسة الثوب. وهذا بخلاف ما إذا كان المكلف هو المباشر للتطهير ، فإنه بمباشرته لا يرفع اليد عن التطهير إلا بعد أن يحصل له العلم بزوال النجاسة فيرتفع أثر العلم بالنجاسة. والانصاف : أن الرواية لو لم تكن ظاهرة في هذا المعنى فلا أقل من احتمال ذلك ، فلا تصلح الرواية للمعارضة ، فتأمل ( منه ).

(351)
أخرى ـ ولو بدلالة الاقتضاء ـ لتكون العلة بضم تلك الخصوصية منطبقة على المورد ، وتلك الخصوصية التي تستفاد من التعليل يمكن أن تكون هي شرطية إحراز الطهارة ويترتب عليها عدم الإعادة ـ كما تقدم تحريره ـ ويمكن أيضا أن تكون تلك الخصوصية هي اقتضاء الامر الظاهري للاجزاء ويترتب عليه أيضا عدم وجوب الإعادة.
    والحاصل : أن صحة التعليل في مفروض السؤال يتوقف لا محالة على ضم كبرى أخرى إليه تكون العلة في الحقيقة هي تلك الكبرى ، على وجه يندرج المورد فيها ويكون من صغرياتها ، فالتعليل بالاستصحاب بعد انكشاف الخلاف لا يخلو : إما لأجل كون الشرط هو إحراز الطهارة ، وإما لأجل اقتضاء الامر الظاهري للاجزاء ، فيكون التعليل بالاستصحاب تعليلا بما هو المحقق للعلة ، وهي إحراز الطهارة أو اقتضاء الامر الظاهري للاجزاء ، فالتعليل بالاستصحاب لا يضر بدلالة الرواية على اقتضاء الامر الظاهري للاجزاء ، بل لو انحصر حسن التعليل الوارد في الرواية على ضم خصوصية اقتضاء الامر الظاهري للاجزاء لكان لا محيص عن الالتزام به ، إلا أنه قد عرفت : أن حسن التعليل وانطباقه على المورد لا ينحصر وجهه في ذلك ، بل له وجه آخر ، وهو كون الشرط إحراز الطهارة ، فلا موجب لتعين ضم خصوص اقتضاء الامر الظاهري للاجزاء حتى تكون الرواية دليلا على ذلك.
    ودعوى : أن الاجزاء وعدم الإعادة إنما هو من اللوازم الشرعية للطهارة السابقة المستصحبة حال الصلاة فلا يتوقف حسن التعليل على ضم كبرى اقتضاء الامر الظاهري للاجزاء بل لازم الطهارة المستصحبة هو جواز الدخول في الصلاة وعدم الإعادة بعدها ، ضعيفة ، فان الاجزاء ليس من المجعولات الشرعية ، بل هو من اللوازم العقلية لفعل متعلق الامر على أقسامه : من الامر الواقعي الأولي ، والواقعي الاضطراري ، والامر الظاهري ، غايته أن الاجزاء في


(352)
القسمين الأولين من اللوازم العقلية لنفس المجعول ، بداهة أنه من لوازم الاتيان بالمأمور به الواقعي الاختياري أو الاضطراري هو سقوط الامر قهرا ، وأما الاجزاء في الاتيان بالمأمور به بالامر الظاهري فإنما هو من لوازم نفس الجعل الظاهري عقلا ، فان دلالة الاقتضاء تقتضي اكتفاء الشارع بالصلاة مع استصحاب الطهارة ما لم ينكشف الخلاف ، وإلا كان جعل الاستصحاب لغوا ، فالعقل يستقل بأن من لوازم جعل الشارع حجية الاستصحاب هو القناعة بالطهارة المستصحبة ، ولكن حكم العقل بالاجزاء في ذلك يدور مدار بقاء الجعل الشرعي ، فما دام الاستصحاب جاريا يكون الحكم العقلي بالاجزاء محفوظا ، فإذا انكشف الخلاف وتبين مخالفة الاستصحاب للواقع ـ كما هو مورد الرواية ـ فلا يمكن بقاء حكم العقل بالاجزاء ، لما عرفت : من أن الحكم العقلي بالاجزاء تابع لبقاء الجعل الشرعي ، فالطهارة المستصحبة بنفسها لا تقتضي الاجزاء بعد انكشاف الخلاف حتى يقال : إن عدم وجوب الإعادة في مورد الرواية مما يقتضيه استصحاب الطهارة ولا يحتاج إلى ضم كبرى اقتضاء الامر الظاهري للاجزاء ، بل تطبيق التعليل على المورد لا يمكن إلا بعد أن يستفاد من التعليل ـ بدلالة الاقتضاء ـ كبرى أخرى : إما كون الشرط إحراز الطهارة ، وإما اقتضاء الامر الظاهري للاجزاء ، فبناء على كون العلة في الرواية نفس قوله ـ عليه السلام ـ « وليس ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشك » لابد من ضم أحد الأمرين ليستقيم التعليل ، ولا معين لأحدهما بالخصوص ، فالرواية تكون من هذه الجهة مجملة.
    هذا ، ولكن قد عرفت : أن هذه الأبحاث كلها إتعاب للنفس بلا ملزم ، فان التعليل يستقيم وينطبق على المورد بأخذ العلم بالنجاسة من حيث التنجيز موضوعا لوجوب الإعادة ، بل يتعين هذا الوجه ، لان الظاهر من الرواية هو كون العلة المجموع المركب من المورد والاستصحاب ، كما لا يخفى ، فتأمل جيدا.


(353)
    ثم إن الرواية قد تضمنت لحكم جملة من صور وقوع الصلاة مع النجاسة :
    أحدها : ما إذا علم المكلف بالنجاسة وموضعها تفضيلا ، فنسي وصلى.
    ثانيها : ما إذا علم بالنجاسة وشك في موضعها. وفي هاتين الصورتين تجب إعادة الصلاة.
    ثالثها : ما إذا لم يعلم بالنجاسة بل ظن بها. وفي هذه الصورة لا تجب الإعادة.
    رابعها : ما إذا رأى المكلف النجاسة في أثناء الصلاة ، فتارة : يكون المكلف عالما بالنجاسة قبل الصلاة وشك في موضعها ثم رآها في الأثناء وأخرى : لم يعلم بها قبل الصلاة بل علم بها في الأثناء. وعلى الثاني : فتارة : يحتمل حدوث النجاسة في الأثناء حين العلم بها ، وأخرى : لا يحتمل ذلك بل يعلم حين العلم بها أنها كانت قبل الصلاة. فعلى الأول : يجب نقض الصلاة وإعادتها. وعلى الثاني : لا يجب عليه نقض الصلاة ، بل يزيل النجاسة في الأثناء ويبني على الصلاة بلا استيناف. وعلى الثالث : يجب نقض الصلاة أيضا واستينافها بعد إزالة النجاسة. وهذا الفرض وإن لم يكن مذكورا في الرواية صريحا ، إلا أنه يستفاد منها ذلك ، لان ما حكم فيها بعدم نقض الصلاة هو ما إذا احتمل حدوث النجاسة في الأثناء ، كما يدل عليه قوله ـ عليه السلام ـ « لأنك لا تدري لعله شيء أوقع عليك الخ » فيستفاد منه أنه لو لم يحتمل وقوعها في الأثناء يجب قطع الصلاة واستينافها بعد إزالة النجاسة.
    وبمضمون هذه الرواية قد أفتى الأصحاب ، وفي الباب أخبار أخر معارضة لها في بعض الصور ، وللجمع بينها محل آخر.
    تذييل :
    قد اختلفت كلمات الأصحاب في وجه الجمع بين ما دل على عدم


(354)
وجوب إعادة الصلاة عند انكشاف وقوعها في نجاسة الثوب أو البدن وبين ما دل على اشتراط الصلاة بطهارة الثوب والبدن الظاهر في الطهارة الواقعية ، والمسألة وإن كانت فقهية ، إلا أنه حيث تعرض لها شيخنا الأستاذ ـ مد ظله ـ في هذا المقام ، فلابد من أن نقتفي إثره ، لان كتابنا مبني على ذلك. وينبغي أن يكون البحث في هذا المقام كليا ، لأنه لا خصوصية لباب الطهارة والنجاسة في ذلك ، بل يطرد الاشكال في كل مورد قام الدليل على عدم وجود الإعادة عند تخلف بعض أجزاء المأمور به أو شرائطه ، كالصلاة فيما لا يؤكل ، حيث قام الدليل على عدم وجوب الإعادة عند الجهل بكون اللباس متخذا من غير المأكول ، وللقول في الجمع بين الأدلة في هذه الموارد مشارب.
    الأول : هو أن يكون العلم بموضوع الشرط له دخل في الاشتراط واقعا ، فالشرطية الواقعية تدور مدار العلم بالموضوع ، فلو لم يعلم بنجاسة الثوب أو البدن أو لم يعلم بكون اللباس من غير المأكول ، لا تكون النجاسة وغير المأكول مانعا عن صحة الصلاة واقعا ولا الطهارة والمأكولية شرطا للصحة.
    الثاني : هو أن يكون الشرط في مثل هذه الموارد هو الوجود العلمي أو الأعم منه ومن الوجود الواقعي ، فلا فرق بين الطهارة الواقعية والطهارة المحرزة ولو بالاستصحاب أو قاعدة الطهارة ، وكذا لا فرق بين كون اللباس متخذا من المأكول واقعا وبين إحراز كونه من المأكول ولو بأصل عملي ، والفرق بين هذا الوجه وسابقه هو أنه على هذا الوجه لابد من إحراز الطهارة بوجه ولا يكفي الشك فيها من دون أن يكون له مزيل ، بخلاف الوجه الأول فإنه يكفي فيه عدم العلم بالنجاسة ولا يحتاج إلى إحراز الطهارة. وربما تظهر الثمرة بين الوجهين فيما إذا صلى المكلف في بعض أطراف العلم الاجمالي غفلة ، فبناء على كفاية عدم العلم بالنجاسة ينبغي أن يقال بصحة الصلاة ، لأنه حين الصلاة لم يعلم بنجاسة ذلك البعض والعلم السابق لم يتعلق به بخصوصه فلم يحصل المانع ،


(355)
وبناء على لزوم إحراز الطهارة بوجه لابد من القول ببطلان الصلاة ، لعدم إحراز الطهارة حين الصلاة ، فتأمل.
    الثالث : أو أن يكون الاجزاء وعدم وجوب الإعادة في هذه الموارد لأجل القناعة عن المأمور به بما يقع امتثالا له (1) فيكون الفعل المأتي به بعنوان امتثال الواقع بدلا عن الواقع المأمور به ومما يقوم به الغرض من الامر الواقعي في هذا الحال. وهذا الوجه أمتن الوجوه وأسلمها عن الاشكال ، فان الوجهين الأولين مما لا يمكن الالتزام بهما ولا ينطبقان على فتاوى الأصحاب.
    أما الوجه الأول : فالظاهر تسالم الفقهاء على أنه لابد من إحراز الطهارة بوجه ، ولا يجوز الدخول في الصلاة مع الشك في الطهارة من دون أن يكون له مزيل ، ولذا تمسك بعض من قال بالصحة في المثال السابق ـ وهو الصلاة في بعض أطراف العلم الاجمالي غفلة ـ بقاعدة الفراغ.
    وأما الوجه الثاني : فلمنافاته لظواهر الأدلة ، فان الأخبار الواردة في المقام منها : ما ظاهرها اعتبار الطهارة الواقعية ، ومنها : ما ظاهرها اعتبار عدم العلم بالنجاسة ، كالرواية المتقدمة ، فالقول بأن الشرط إحراز الطهارة خال عن الدليل.
1 ـ أقول : بعد فرض دخل الامر الظاهري في المصلحة المزبورة ، فما أفيد من الاحتمال الثالث إنما يتم على أحد الوجهين : إما الالتزام بكون المأتي مفوتا للواقع بمناط المضادة ، أو الالتزام بامكان قيام غرض واحد سنخا بشيئين متبائنين ، والتالي لا مجال عقلا ، والأول ينافي جهة البدلية الظاهرة في كونه وافيا بالغرض الواقعي سنخا ، وحينئذ فلا محيص من الالتزام بكون المأتي به وافيا بما يفي به الطهارة الواقعية ولازمه كون الوافي به الجامع بينهما لا خصوص كل واحد ، فمرجعه إلى شرطية الأعم من الطهارة الواقعية والاحرازية ، وهو عين الوجه الثاني ، ولا يبقى لوجه آخر مجال ، كما لا يخفى. ومجرد طولية فردي الجامع لا ينافي مع كون الجامع وافيا بغرضه ، غاية الامر الجامع المزبور في كل مرتبة يكون منحصرا لفرد ، ومجرد ذلك أيضا لا يقتضي أن يكون الطلب المتعلق تاما نفسيا ، إذ الناقص بالذات بواسطة انحصاره لا يصير تاما. نعم : لا يصح توجيه الامر التخييري نحوه ، لأنه من تبعات عرضية الفردين ، كما لا يخفى ، فتدبر.

(356)
    وهذا بخلاف الوجه الثالث ، فان فيه جمعا بين الأدلة وينطبق على ظواهرها بلا تكلف ، فان لازم هذا الوجه هو أن يكون الشرط بحسب الجعل الأولي نفس الطهارة الواقعية ـ كما هو ظاهر أدلة الشرائط ـ وأنه لابد من إحراز الطهارة بوجه حال الاشتغال بالعمل عند الالتفات إليها ، فإنه مع عدم إحراز الطهارة لا يمكن الاتيان بالعمل امتثالا للامر الواقعي ، فيوافق ما عليه فتوى الأصحاب : من اعتبار إحراز الطهارة بوجه ، ولا يكفي الشك فيها من دون أن يكون له مزيل شرعي ، وينطبق أيضا على ظاهر الاخبار : من عدم وجوب الإعادة عند عدم العلم بالنجاسة ، فان عدم العلم بالنجاسة لا يخلو : إما لكون المكلف غافلا عن نجاسة ثوبه أو بدنه وإما لكونه شاكا في ذلك ، وعلى كلا التقديرين : يمكن للمكلف الاتيان بالعمل امتثالا للامر الواقعي ، أما في صورة الغفلة فواضح ، وأما في صورة الشك فلجريان استصحاب الطهارة وقاعدتها ، فيكون المكلف محرزا للطهارة. ولا ينافي ذلك وجوب الإعادة عند نسيان النجاسة بعد العلم بها ، فان القناعة عن الواقع بما يقع امتثالا له يختص بحكم الشارع بما إذا لم يسبق العلم بالنجاسة.
    وبالجملة : الانصاف أن في الوجه الثالث جمعا بين جميع الأدلة وفتاوى الأصحاب ، فهو الذي ينبغي البناء عليه. وحاصله : هو أن الاجزاء في موارد تخلف بعض الاجزاء والشروط إنما هو لأجل قناعة الشارع بما يقع امتثالا عن الواقع ، لكون العمل في هذا الحال مشتملا على الغرض من الامر.
    وبذلك يندفع ما ربما يتوهم : من أن العمل المأتي به في حال الجهل إن كان واجدا للمصلحة فلابد وأن يتعلق به الطلب والامر في عرض الواقع ويكون المكلف به في الواقع أحد الأمرين ولو في صورة الجهل ولا وجه لان يكون المكلف به الواقعي هو خصوص الواجد للشرط بعدما كان الفاقد له مشتملا على المصلحة ، غايته أنه يكون من قبيل التخيير بين الأقل والأكثر كالتخيير بين


(357)
القصر والاتمام في المواطن الأربعة. وإن لم يكن المأتي به واجدا للمصلحة فلا وجه لقناعة الشارع به.
    توضيح الدفع : هو أن المأتي به في حال الجهل لابد وأن يكون واجدا للمصلحة ، لكشف دليل الاجزاء عن ذلك ، ولكن مصلحته إنما تكون في طول مصلحة الواقع ، لان المصلحة إنما تقوم به بشرط أن يكون الاتيان به على وجه الامتثال للواقع ، فلا يمكن الامر به تخييرا.
    والحاصل : أن المأمور به الواقعي لا يمكن أن يكون واجدا للمصلحة في حال الاتيان بالعمل المجزي عنه ، فان قيام المصلحة به في هذا الحال يستلزم إطلاق الامر به ، ومعه لا يمكن أن يكون غيره مجزيا عنه ، فلابد وأن تكون المصلحة القائمة بالمأمور به الواقعي مقصورة بغير هذا الحال ، ويلزمه أن يكون الامر به مقيدا بغير هذا الحال ، لكن لا بالتقييد اللحاظي بل بنتيجة التقييد ، فان القيود اللاحقة للامر في مرحلة الامتثال لا يمكن فيها التقييد اللحاظي ، كقصد التقرب وكالعلم والجهل بالحكم لا الموضوع ، فان تقييد الامر بالعلم والجهل بالموضوع بمكان من الامكان ، فلا مانع من أخذ العلم بالنجاسة أو غير المأكول قيدا في الامر بالصلاة ، إلا أن ذلك يرجع إلى الوجه الأول ، وقد عرفت ضعفه.
    وأما على الوجه الثالث : وهو القناعة بما يقع امتثالا عن الواقع ، فلا يمكن فيه التقييد اللحاظي ، فان رتبة هذا القيد متأخرة عن وجود الامر ، فهو من الانقسامات اللاحقة للامر بعد وجوده ، وفي هذا الطائفة من القيود لابد من نتيجة التقييد ، ونعني بنتيجة التقييد اختصاص الملاك والمصلحة الواقعية بتقدير دون تقدير ـ كما في المقام ـ حيث إن مصلحة الامر الواقعي مقصورة بغير صوره الاتيان بالعمل المجزي عن الواقع.
    فتحصل من جميع ما ذكرنا : أن الموارد التي قام الدليل فيها على الاجزاء وسقوط الإعادة والقضاء ـ كموارد تبدل الاجتهاد أو التقليد حيث ادعي الاجماع


(358)
على الاجزاء في خصوص العبادات ، وكموارد الصلاة مع نجاسة البدن أو الثوب جهلا ، وكالصلاة في غير المأكول كذلك ـ كلها تكون من باب القناعة عن الواقع بما وقع امتثالا له ، وليس في شيء منها ما يكون مأمورا به في عرض الواقع ، فتأمل في أطراف ما ذكرناه جيدا.
    ومنها :
    صحيحة ثالثة لزرارة أيضا ، وهي قوله ـ عليه السلام ـ « إذا لم يدر في ثلاث هو أو في أربع وقد أحرز الثلاث قام فأضاف إليها أخرى ولا شيء عليه ، ولا ينقض اليقين بالشك ، ولا يدخل الشك في اليقين ، ولا يخلط أحدهما بالآخر ، ولكنه ينقص الشك باليقين ويتم على اليقين فيبني عليه ، ولا يعتد بالشك في حال من الحالات » (1) ومحل الاستدلال قوله ـ عليه السلام ـ « ولا ينقض اليقين بالشك » الظاهر في حجية الاستصحاب.
    وقد أورد على الاستدلال بها بما حاصله : أن المراد من الركعة في قوله ـ عليه السلام ـ « قام فأضاف إليها أخرى » إما الركعة الموصولة بالركعات الثلاث السابقة ، وإما الركعة المفصولة عنها بتكبير وسلام.
    فعلى الأول : ينطبق قوله ـ عليه السلام ـ « ولا ينقض اليقين بالشك » على الاستصحاب ، فيكون المعنى : أن اليقين بعدم فعل الركعة الرابعة لا ينقض بالشك في فعلها ، بل يبني على عدمها ويأتي بها متصلة بالركعات السابقة. ولكن هذا المعنى ينافي ما عليه إجماع الإمامية : من عدم جواز الاتيان بركعة الاحتياط متصلة ببقية الركعات. فلابد وأن يكون المراد من « الركعة » الركعة المنفصلة بتكبير وسلام ، فيكون المراد من « اليقين » في قوله ـ عليه السلام ـ
1 ـ الوسائل : الباب 10 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 3.

(359)
« ولا ينقض اليقين بالشك » هو اليقين بتحصيل البراءة من البناء على الأكثر والآتيان بركعة الاحتياط مفصولة ، وقد جرى اصطلاح الأئمة ـ صلوات الله عليهم أجمعين ـ على تسمية الوظيفة المقررة في الشك في عدد الركعات من البناء على الأكثر والآتيان بالركعة المشكوكة مفصولة بالبناء على اليقين ، فإنه قد ورد التعبير بذلك في عدة من الاخبار ، كقوله ـ عليه السلام ـ « إذا شككت فابن على اليقين » (1) فان المراد من البناء على اليقين هو البناء على الأكثر والآتيان بركعات الاحتياط مفصولة ، وعلى هذا لا تنطبق الرواية على الاستصحاب ولا يصح الاستدلال بها (2) بل لو سلم ظهور الرواية في كون المراد
1 ـ الوسائل الباب 8 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 2.
2 ـ أقول : لا يخفى أن تطبيق الاستصحاب في الرواية على الركعة إنما يتم على مذهب العامة من جعلهم الاستصحاب من قبيل القياس والاستحسانات من الأمارات الظنية المثبت للوازمه ، وإلا فبناء على جعلها من الأصول التعبدية وأخذها من الاخبار الغير الصالحة لاثبات غير اللوازم الشرعية ، ففي تطبيق الاستصحاب على الركعة المشكوكة مجال إشكال ، نظرا إلى أن الركعة الرابعة إذا كان مرددا بين الركعتين فالعلم بعدمها لا يحصل إلا قبل الشروع بما في يده ، وهو الركعة المرددة بين كونه ثانية أو ثالثة ، ففي هذا الظرف يقطع إجمالا بعدم وجود الركعة الرابعة ، فإذا شرع في أحد طرفي المعلوم بالاجمال وهو الذي بيده فعلا المردد بين الثالثة والرابعة ، فيشك في تحقق الرابعة المعلومة إجمالا المردد بين كونه ما في يده الفعلي أو كونه عبارة عن غيره الذي عبارة عما أفاده بالقيام إليه ، كما هو الشأن في كل ما هو معلوم إجمالا ، وجودا أم عدما. وحينئذ نقول : إن المستصحب الذي تعلق به اليقين والشك هو عنوان الرابعة المرددة بين الشخصين ، فهذا المردد بما هو معلوم إجمالا لا أثر له ، وماله الأثر ليس إلا شخص المعين الواقعي الدائر أمره بين ما هو معلوم البقاء أو معلوم الارتفاع. وحينئذ فما هو متعلق اليقين والشك هو الرابعة المرددة بين الشخصين ، وهو بهذا العنوان لا أثر له ، إذ الأثر للشخص ، لا للجامع العرضي الذي عبارة عن مسمى الرابعة أو شخصه أو مصداقه وأمثالها ، وإنما الأثر لواقع ما هو رابعة من أحد الشخصين المعلوم ارتفاعه أو بقائه.
    وبهذا البيان نلتزم بعدم جريان الاستصحاب في الفرد المردد نفيا وإثباتا ، مضافا إلى عدم صلاحية الأصل في المقام ـ الذي هو مفاد كان التامة ـ لاثبات رابعية الموجود ، كي يترتب عليه جواز التشهد والسلام فيه الذي هو من آثار رابعية الموجود ، فكان المقام نظير استصحاب وجود الكر الغير المثبت


(360)
من « الركعة » هي الركعة المتصلة ـ على طبق مفاد الاستصحاب ـ فلا يمكن الاخذ بظاهرها ، لان ذلك يخالف ما عليه المذهب ، فلابد إما من حمل « الركعة » على الركعة المفصولة وإما من الحمل على التقية ، والثاني مخالف للأصل ، فيتعين الأول.
    إلا أن يقال : إن التقية إنما هي في تطبيق الاستصحاب على المورد ، فيحمل قوله ـ عليه السلام ـ « ولا ينقض اليقين بالشك » على بيان الحكم الواقعي : من وجوب الاخذ بالمتيقن والعمل بالاستصحاب ، ولكن تطبيق العمل بالاستصحاب على المورد كان للتقية ، فالتقية إنما تكون في التطبيق لا في نفس الحكم الاستصحابي. ولكن هذا أيضا خلاف الظاهر ، فيتعين حمل « اليقين » في الرواية على اليقين بالبراءة والآتيان بالوظيفة المقررة في الشريعة للشك في عدد الركعات.
لكرية الموجود.
    ومن هذا البيان ظهر : عدم تمامية تطبيق الاستصحاب على ذات الركعة الرابعة ولو بنينا على تقيد الاستصحاب باثباته منفصلا ، إذ ذات الركعة الرابعة بما هي رابعة متعلق اليقين والشك ، لا بما هو شيء في حيال ذاته ولو لم يكن رابعة ، والمفروض أنه بهذا العنوان طرف الترديد ، فيدخل في استصحاب الفرد المردد بين كونه معلوم البقاء أو الارتفاع ، بلا وجود جامع بينهما يكون هو موضوع الأثر كي يرجع إلى استصحاب الكلي. فتلخص مما ذكرنا أن تطبيق الاستصحاب على الركعة المشكوكة دونه خرط القتاد ! فما أفيد في المقام بطوله لا محصل له.
    والأولى أن يقال : إن مورد الاستصحاب في المقام هو الاشتغال بالصلاة على فرض الاكتفاء بالأقل وأن بقية الفقرات أيضا تأكيد لذلك وأن الغرض من هذا البيانات ردع السائل عما هو المغروس في ذهنه : من البناء على الأقل وإتيان الركعة متصلا ، خصوصا بعد قول الإمام عليه السلام « قام فأضاف إليها أخرى » الظاهر بنفسه إلى الركعة متصلا ، وأن هم الامام ـ عليه السلام ـ تنبيه على عدم مفرغية هذه الركعة المتصلة كعدم مفرغية الاكتفاء بما في يده ، لاحتمال التنقيص فيه والزيادة في الأول : وعمدة غرضه من هذه التنبيه أيضا التشكيك على السائل ، كي لا يأخذ بظاهر الفتوى وينتظر بيان الواقع لمجلس آخر حذرا عن المخالفين في المجلس ، والله العالم.
فوائد الاصول ـ الجزء الرابع ::: فهرس