فوائد الاصول ـ الجزء الرابع ::: 376 ـ 390
(376)
النقض على اليقين بعناية المتيقن ، لان المتيقن لا يقتضي الجري العملي حتى يكون رفع اليد عنه نقضا لليقين بالشك ، والشك في اقتضاء المتيقن للبقاء يوجب الشك في صدق النقض عليه ، فلا يندرج في عموم قوله ـ عليه السلام ـ « لا تنقض اليقين بالشك ».
    وبتقريب آخر : يتوقف صدق نض اليقين بالشك على أن يكون زمان الشك مما فد تعلق اليقين به في زمان حدوثه ، بمعنى : أن الزمان اللاحق الذي يشك في بقاء المتيقن فيه كان متعلق اليقين عند حدوثه ، وهذا إنما يكون إذا كان المتيقن مرسلا بحسب الزمان لكي لا يكون اليقين بوجوده من أول الامر محدودا بزمان خاص ومقيدا بوقت مخصوص ، وإلا ففيما بعد ذلك الحد والوقت يكون المتيقن مشكوك الوجود من أول الامر ، فلا يكون رفع اليد عن آثار وجود المتيقن من نقض اليقين بالشك ، لان اليقين ما كان يقتضي ترتيب أثار وجود المتيقن بعد ذلك الحد ، فكيف يكون رفع اليد عن الآثار من نقض اليقين بالشك ؟ ألا ترى : أنه لو علم أن المتيقن لا يبقى أزيد من ثلاثة أيام ففي اليوم الرابع لا يقال : انتقض اليقين بالوجود بيقين آخر بالعدم ، فان اليوم الرابع ما كان متعلق اليقين بالوجود من أول الامر حتى يقال : انتقض اليقين بيقين آخر ، وهذا بخلاف ما إذا حدث في اليوم الثالث أمر زماني ـ من مرض وقتل ونحو ذلك ـ أوجب رفع المتيقن ، فإنه يصح أن يقال : إنه انتقض اليقين بالوجود بيقين العدم.
    وبالجملة : لا إشكال في أن العناية المصححة لإضافة النقض إلى اليقين إنما هي لكون اليقين يقتضي الجري والحركة نحو المتيقن ، وهذا إنما يكون إذا كان المتيقن مما يقتضي الجري والحركة على ما يستتبعه من الآثار الشرعية والعقلية ، فلابد وأن يكون للمتيقن اقتضاء البقاء في الزمان الذي يشك في وجوده ليقتضي ذلك ، ولابد من إحراز اقتضائه للبقاء ، فالشك في وجود المتيقن لأجل الشك في


(377)
المقتضي لا يندرج في قوله ـ عليه السلام ـ « لا تنقض اليقين بالشك ».
    فان قلت : نعم وإن كانت إضافة النقض إلى اليقين تقتضي اختصاص حجية الاستصحاب بما إذا علم اقتضاء المتيقن للبقاء فلا يشمل الشك في المقتضي ، إلا أن عموم لفظ اليقين لما إذا كان لمتعلقه اقتضاء البقاء أو لم يكن يقتضي عدم اختصاص الاستصحاب بما إذا كان الشك في الرافع بل يعم الشك في المقتضي أيضا ، فلا موجب لتقديم ظهور النقض في خصوص الشك في الرافع على ظهور اليقين في العموم.
    قلت : إضافة النقض إلى اليقين تقتضي اختصاص اليقين بما إذا كان لمتعلقه اقتضاء البقاء ، فلا يبقى لليقين إطلاق لما إذا لم يكن لمتعلقه اقتضاء البقاء ليعارض ظهور النقض في ذلك ، وعلى فرض التسليم : فلا أقل من تعارض الظهورين ، فيبقى الاستصحاب عند الشك في المقتضي بلا دليل ، فتأمل (1).
    وأما الشك في الرافع فهو بجميع أقسامه يندرج في الاخبار ويكون رفع اليد عن وجود المتيقن فيه من نقض اليقين بالشك ، من غير فرق في ذلك بين الشك في وجود الرافع والشك في رافعية الموجود لأجل الشبهة الحكمية أو المفهومية أو الموضوعية.
1 ـ لا يخفى أن روايات الباب منها : ما ذكر فيها إضافة النقض إلى اليقين كروايات زرارة. ومنها : لم يذكر فيها لفظ النقض كقوله ـ عليه السلام ـ في رواية محمد بن مسلم « من كان على يقين فشك فليمض على يقينه » بناء على ما تقدم : من أنه ينبغي عدها من أخبار الاستصحاب ولا ظهور فيها لقاعدة اليقين. فقد يختلج في البال أنه يصح التمسك بهذه الرواية على حجية الاستصحاب عند الشك في المقتضي. إلا أن يقال : إن ظهور الرواية في سبق زمان اليقين يقتضي اختصاصها بالشك في الرافع ، فإنه في الشك في المقتضي غالبا يكون زمان الشك متحدا مع زمان اليقين ، لان زمان الشك في الشك في المقتضي لم يتعلق به اليقين في آن حدوثه. أو يقال : إن المضي على اليقين إنما هو فيما إذا كان لليقين اقتضاء المضي واقتضاء اليقين لذلك إنما يكون باعتبار اقتضاء المتيقن للمضي على طبقه ، فلا يشمل الشك في المقتضي ، فتأمل ( منه ).

(378)
    فما ينسب إلى المحقق السبزواري ـ رحمه الله ـ من عدم اعتبار الاستصحاب عند الشك في رافعية الموجود بتوهم أن اليقين بوجود ما يشك في رافعيته يكون من نقض اليقين باليقين لا من نقض اليقين بالشك ، ضعيف غايته ، فان نقض اليقين باليقين إنما يكون إذا كان اليقين الثاني تعلق بضد ما تعلق به الأول أو بنقيضه ، كما إذا حصل اليقين بالطهارة بعد اليقين بالنجاسة ، وأما اليقين بوجود ما يشك في رافعيته فليس هذا من نقض اليقين باليقين ، بل هو من نقض اليقين بالشك ، لأن الشك في رافعية الموجود يوجب الشك في ارتفاع المتيقن به ، فيكون كالشك في وجود الرافع ، وذلك واضح.
    فالتفصيل بين الشك في وجود الرافع والشك في رافعية الموجود مما لا وجه له ، كما لا وجه للتفصيل بين ما إذا كان المستصحب من الأحكام التكليفية أو من الأحكام الوضعية ففي الأول لا يجري الاستصحاب وفي الثاني يجري ، كما هو المحكي عن الفاضل التوني ـ رحمه الله ـ.

    تذييل :
    لم يمر علينا في كتابنا هذا مقام يناسب بيان الأحكام الوضعية وتفصيل أقسامها ، وأردنا أن لا يخلو الكتاب عن ذلك ، فأحببنا التعرض لها في هذ المقام بمناسبة المحكي عن الفاضل التوني ـ رحمه الله ـ من التفصيل في حجية الاستصحاب بين الأحكام التكليفية والوضعية.
    فنقول : ( وعلى الله الاتكال ) إن استقصاء الكلام في ذلك يستدعي تقديم أمور :
ـ الأول ـ
    تقسيم الاحكام إلى التكليفية والوضعية إنما يستقيم بعد البناء على أن


(379)
للشارع جعل وإنشاء يتعلق بأفعال العباد يتضمن البعث والتحريك والإرادة والكراهة (1) وأما لو قلنا : بأنه ليس الحكم الشرعي إلا عبارة عن العلم باشتمال الافعال على المصالح والمفاسد من دون أن يكون في البين جعل يقتضي الإرادة والكراهة لا في المبدأ الاعلى ولا في المبادي العالية ـ كما حكي عن بعض احتماله بل الالتزام به ـ فلا يبقى موقع لتقسيم الاحكام إلى التكليفية والوضعية ، كما لا يخفى.
    ولكن احتمال أن لا يكون في البين إلا العلم بالصلاح والفساد من دون أن يستتبع العلم بذلك الجعل والتشريع في غاية الوهن والسقوط ، لأنه يلزم على هذا
1 ـ أقول : حقيقة الإرادة إذا كانت عبارة عن الشوق الأكيد فهو من الكيفيات القائمة بالنفس ولم يكن من الايجاديات بالاختيار بلا واسطة فلا يكون هذه المرتبة نظير المصلحة والعلم بها من الانشائيات أيضا ، كما أن مدار حكم العقل بوجوب الامتثال أيضا ليس إلا العلم بهذه المرتبة من اشتياق المولى ولو لم يحمل نفسه إلى العمل من جهة علمه بعدم امتثاله ، وحينئذ لا يبقى في البين إلا إبراز إرادته لمحض إتمام الحجة على عبده ، وفي هذا الابراز لا يلزم أن ينشأ بكلامه مفهوم الطلب أو الإرادة ـ كما هو الشأن في كلية الانشاء الذي هو مقابل الاخبار من شؤون المفاهيم ـ بل يكفي لتحريك العقل نحو الامتثال إبراز شوقه بإخباره به بقوله : أريد أو أشتاق. نعم : من نفس الابراز ينتزع العقل بعناية عنوان البعث والتحريك وبعناية أخرى عنوان الالزام واللزوم والايجاب والوجوب ، فهذه العناوين ايجادية بايجاد الابراز ، وليس دخلها في حكم العقل دخلا موضوعيا بل طريقيا صرفا. وحينئذ إن أريد من جعلية التكليف جهة الاعلام باشتياقه ، فليس ذلك من الاعتبارات الجعلية ، بل من التكوينيات الخارجية كاحداث سائر الكيفيات الأخرى. وإن أريد به جهة الاعتبارات الأخرى الطارية على الاعلام فهي أجنبية عن جعل الجاعل.
    وبعبارة أخرى نقول : إن الجعل في الأحكام الوضعية في الحقيقة راجع إلى إحداث أمر اعتباري في عالم الاعتبار بنفس الجعل ، وفي الأحكام التكليفية راجع إلى تكوين الوصول الخارجي الذي هو أجنبي عن الاعتباريات ، وإنما هو موضوع اعتباريات أخرى قهرية مترتبة على هذا الاعلام والايصال من دون أن يكون قوامها بجعل جاعل ، وحينئذ تقسيم الاحكام الجعلية إلى التكليفية والوضعية ليس بمساق واحد ، كما لا يخفى.


(380)
أن تكون الأوامر والنواهي الواردة في الكتاب والسنة كلها أخبارا عن الصلاح والفساد من دون أن يكون فيها شائبة الانشاء ، وهذا مما لا يرضى به المنصف ، وكيف يرضى أن يكون قوله تعالى : « يا أيها الذين آمنوا أقيموا الصلاة » الخ إخبارا عن اشتمال الصلاة والزكاة على المصلحة ؟.
    هذا مع أنه لم يظهر لنا وجه الالتزام بذلك ، فإنه إن كان الوجه هو عدم إمكان قيام الإرادة والكراهة في المبدأ الاعلى وإلا يلزم أن يكون محلا للحوادث ـ تعالى عن ذلك ـ فهذا مع فساده في نفسه لا يلزم منه عدم الجعل والتشريع وإنكار أصل الإرادة والكراهة ، فإنه لا أقل من قيام الإرادة والكراهة في النفس النبوية ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ بعدما يوحى أو يلهم إليه اشتمال الفعل على المصلحة والمفسدة ، فتنقدح في نفس الشريفة إرادة الفعل أو كراهته فيأمر به أو ينهى عنه ، وقد التزم به المحقق الخراساني ـ قدس سره ـ فأنكر قيام الإرادة والكراهة في المبدأ الاعلى وقال : إن الإرادة والكراهة إنما تكون في بعض المبادئ العالية ، والالتزام بذلك وإن كان أهون من إنكار الإرادة والكراهة مطلقا والقول بعدم الجعل والتشريع أصلا ، إلا أنه لا داعي إلى الالتزام به أيضا.
    وعلى كل حال : تقسيم الاحكام إلى الوضعية والتكليفية يتوقف على القول بثبوت الجعل الشرعي ، ليكون من مقولة التكليف تارة ، ومن مقولة الوضع أخرى ، فتأمل جيدا.

    قد وقع الخلط في جملة من الكلمات بين الأمور الاعتبارية والأمور الانتزاعية ، حتى أن الشيخ ـ قدس سره ـ قد عبر عن الأمور الاعتبارية بالانتزاعية وجعل الانتزاعيات مرادفة للاعتباريات.


(381)
    ولكن التحقيق : أن الأمور الاعتبارية مباينة للأمور الانتزاعية ، فان وعاء الاعتبار يباين وعاء الانتزاع.
    وتوضيح ذلك : هو أن الشيء تارة : يكون تقرره ووجوده في وعاء العين بحيث يكون بنفسه من الثابتات في الأعيان الخارجية سواء كان من المجردات أو من الماديات.
    وأخرى : يكون تقرره ووجوده في وعاء الاعتبار ، فيكون تقرره وثباته بيد من ينفذ اعتباره ، فهو متأصل في عالم الاعتبار ، كما أن الأول كان متأصلا في عالم الأعيان ، غايته أن تأصل الأول ووجوده إنما يكون بتعلق الإرادة التكوينية الإلهية به ، وتأصل الثاني إنما يكون باعتباره ، فهو يوجد بنفس اعتبار من بيده الاعتبار ، كاعتبار السلطان سكة الدراهم والدنانير ، فان السكة المضروبة على الدراهم والدنانير لا مالية لها في حد ذاتها وإنما تكون ماليتها بنفس اعتبار السلطان لها ، ولمكان نفوذ اعتباره يثبت للسكة مالية.
    وثالثة : لا يكون للشئ نحو تقرر ووجود لا في وعاء العين ولا في وعاء الاعتبار ، بل يكون وجوده بانتزاعه عن منشأ الانتزاع ، فهو بنفسه لا تقرر له ، وإنما التقرر لمنشأ الانتزاع ، سواء كان منشأ الانتزاع من الأمور التي لها تقرر في وعاء العين أو كان لها تقرر في وعاء الاعتبار ، فان يصح الانتزاع عن كل من الموجود في عالم الأعيان والموجود في عالم الاعتبار. فالأول : كانتزاع العلية والمعلولية من العلة والمعلول الخارجي التكويني ، والثاني : كانتزاع السببية من العقد الذي صار سببا للملكية والزوجية في عالم الاعتبار ، إذ ليس العقد سببا للملكية تكوينا ، فان الملكية لا وجود لها إلا في وعاء الاعتبار ، فسببها أيضا يكون من الأمور الاعتبارية لا محالة.
    وحاصل الكلام : أن الأمور الانتزاعية إنما تكون من خارج المحمول ليس لها ما بحذاء في الخارج ، سواء كان انتزاعها من مقام الذات كالعلية والامكان


(382)
والوجوب والامتناع المنتزعة من ذات العلة والممكن والواجب والممتنع بالذات ، أو كان انتزاعها من قيام أحد المقولات التسع بمحله كالفوقية والتحتية والقبلية والبعدية الزمانية والمكانية ، فان الفوقية ليست من مقتضيات ذات الفوق ، بل لأجل قيام خصوصية في الفوق أوجب انتزاع الفوقية منه ، وكذا التحتية والقبلية والبعدية ونحوها.
    وهذا بخلاف الأمور الاعتبارية ، فان لها في نفس الامر نحو تقرر وثبات ويكون لها وجود في الخارج (1) غايته أن تقررها النفس الأمري يتحقق بعين
1 ـ أقول : إن الوجودات الاعتبارية بعدما كانت قوامها بالاعتبار فينبغي شرح حقيقة الاعتبار ، فنقول : إنه لا يكون إلا ما يكون قوام وجوده باللحاظ بحيث لو لم يكن في البين لحاظ لا يكون في البين اعتبار أصلا ، ثم بعد لحاظ شيء مطلقا أو منوطا بوجود شيء ما لم يقصد ثبوته مطلقا أو منوطا بشيء بانشاء مفهومه المسمى بجعله لا يكاد يتحقق وجوده في عالمه ، فإذا تحقق مثل هذا الجعل يعتبر العقل وجوده ، ولكن ليس هذا الوجود موطنه إلا الذهن ، لان متعلق اللحاظ والجعل ليس إلا ما يرى في ذهنه ، غاية الامر لا بوصف ذهنيته ، بل في لحاظه يرى خارجيا ، ولكن مجرد ملاحظته كذلك لا يخرجه عن الذهنية إلى الخارجية ، وحينئذ جميع الأمور الاعتبارية لا يكون الخارج موطن نفسها ، بل إنما موطن مصحح اعتباره من الانشاء اللفظي أو القولي ، ولذا نقول : لا واقعية للاعتباريات إلا بواقع مصحح اختراعه : من الانشاء المتقوم باللحاظ ، كيف ! وربما يكون الامر الاعتباري مثل الملكية قائمة بنفس الكلي بوصف كليته التي لا موطن له إلا الذهن ، كما أنه لو فرض في مورد قيامه بأمر خارجي يحصل به إحداث خصوصية خارجية غير متقوم باللحاظ في هذا الشئ. وعليه فما أفيد : من أن الأمور الاعتبارية بنفسها لها وجود خارجي لا نفهم معناه ، كيف ! ولا يكون المجود الخارجي إلا ما هو موجود في خارج الذهن واللحاظ بحيث لو لم يكن في العالم لاحظ كان الخارج ظرفا لنفسه ، مع أنه ليس كذلك جزما ، كيف ! ولو لم يكن لاحظ أين وجود كلي بوصف كليته معروض ملكية شخص ؟ وحينئذ فما أفاد من الفرق بين الأمور الاعتبارية والانتزاعية من هذه الجهة لا معنى له ، وإنما الفرق بينهما من جهة أن الاعتباريات تابع جعل وإنشاء وأن الجعل مصحح اعتبارها ، وفي الأمور الانتزاعية ليس مصحح الانتزاع جعله ، بل هو قهري حاصل في موطنه ، وربما يكون الامر الاعتباري منشأ انتزاع مفهومه ، كمفهوم الملكية بالنسبة إلى حقيقته ، ففي مثله يكون منشأ الانتزاع والمنتزع كلاهما في موطن الذهن ، غاية الامر يفترقان بخصوصية المنشأ والمصحح والتعقل الأولي والثانوي ، كما لا يخفى.

(383)
اعتبارها ، ففرق بين الملكية والفوقية فإنه ليس للفوقية وجود إلا بوجود منشأ انتزاعها ، وأما الملكية فلها وجود اعتباري ، بل يمكن أن يقال : إن الملكية الاعتبارية إنما تكون من سنخ الملكية الحقيقية التي هي إحدى المقولات التسع المعبر عنها بالجدة ، فان حقيقة الملكية هي الواجدية والسلطنة والإحاطة على الشيء ، وهي ذات مراتب أقواها وأتمها ملكية السماوات والأرضين وما فوقهما وما بينهما وما تحتهما لله ( تعالى ) فان إحاطة الباري ( تعالى ) وواجديته للسماوات والأرضين أقوى مراتب الواجدية وأعلى درجات الإحاطة وأي واجدية تكون أقوى من واجدية العلة لمعلولها الذي وجوده يكون من مراتب وجودها !؟ نظير واجدية النفس للصور المخلوقة لها.
    وبالجملة : لا إشكال في أن واجدية الله ( تعالى ) لما سواه أقوى مراتب الواجدية ، ثم دون ذلك واجدية اولي الامر الذين هم أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، فان واجديتهم ـ صلوات الله عليهم ـ إنما تكون من مراتب واجدية الباري ـ عز اسمه ـ ثم دون ذلك واجدية الشخص لما يملكه من أمواله ، فان الشخص واجد لما يملك ومحيط عليه وإن لم يكن تحت يده وكان بعيدا عنه ، ثم دون ذلك الواجدية الحاصلة من إحاطة شيء بشيء ، كالقميص المحيط للبدن عند التقمص والعمامة المحيطة بالرأس عند التعمم.
    فظهر : أنه لا وجه لجعل الجدة خصوص المرتبة الأخيرة من الواجدية التي هي أضعف المراتب ، وهي الحاصلة من إحاطة شيء بشيء كالتعمم والتقمص ، بل ينبغي تعميم مقولة الجدة لجميع مراتب الواجدية ، غايته أنه تارة :
ثم من التأمل فيما ذكرنا أيضا ظهر لك : أن الملكية ليس من مقولة الجدة الموجبة لاحداث هيئة فيما يحيط بشيء خارجا ولا من الإضافات المقولية الموجبة لاحداث هيئة أخرى لما يناسب به خارجا ، كيف ! ونرى بالوجدان عدم تغير خصوصية خارجية في عين بحدوث ملكية ، بل تمامها نحو خصوصية ذهنية شبيهة بالخارجيات وإن لم يلتفت إلى ذهنيتها ، كما لا يخفى.

(384)
تكون حقيقة وهي التي تكون من المقولات التسع بمراتبها الثلاث. وأخرى : تكون اعتبارية وهي الملكية التي يعتبرها العرف والعقلاء عند حصول أحد أسبابها. وإن أبيت إلا عن كون الجدة التي هي من المقولات التسع عبارة عن خصوص المرتبة الأخيرة من الواجدية جريا على الاصطلاح ، فلا يضر ذلك بالمقصود في المقام : من أنه ليست الملكية من الأمور الانتزاعية ، وكذا غيرها من سائر الاعتبارات كالحرية والرقية والزوجية ونحو ذلك. وليس المقصود في المقام استقصاء الأمور الاعتبارية ، بل المقصود أن الأمور الاعتبارية متأصلة بالجعل وأن وعاء الاعتبار غير وعاء الانتزاع ، فاستعمال أحدهما في مكان الآخر ليس على ما ينبغي ، وسيأتي أن المجعولات الشرعية كلها تكون من الأمور الاعتبارية ، سواء في ذلك الأحكام التكليفية والوضعية.

    المراد من الأحكام التكليفية هي المجعولات الشرعية التي تتعلق بأفعال البعاد أولا وبالذات بلا واسطة ، وهي تنحصر بالخمسة ، أربعة منها تقتضي البعث والزجر ، وهي الوجوب والحرمة والاستحباب والكراهة ، وواحدة منها تقتضي التخيير وهي الإباحة.
    وأما الأحكام الوضعية : فهي المجعولات الشرعية التي لا تتضمن البعث والزجر ولا تتعلق بالافعال ابتداء أولا وبالذات ، وإن كان لها نحو تعلق بها ولو باعتبار ما يستتبعها من الأحكام التكليفية ، سواء تعلق الجعل الشرعي بها ابتداء تأسيسا أو امضاء ، أو تعلق الجعل الشرعي بمنشأ انتزاعها ، على ما سيأتي توضيحه.
    وقد اختلفت كلمات الأصحاب في تعدادها ، فقيل : إنها ثلاثة ، وهي السببية والشرطية والمانعية. وقيل : إنها خمسة ، بزيادة العلة والعلامة. وقيل :


(385)
تسعة ، بإضافة الصحة والفساد والرخصة والعزيمة. وقيل : إنها غير محصورة ، بل كل ما لايكون من الحكم التكليفي فهو من الحكم الوضعي ، سواء كان له دخل في التكليف أو في متعلقه أو في موضوعه ، حتى عد من الأحكام الوضعية مثل القضاوة والولاية. بل قيل : إن الماهيات المخترعة الشرعية كلها من الأحكام الوضعية ، كالصوم والصلاة والحج ونحو ذلك.
    وقد شنع على القائل بذلك بأن الصوم والصلاة والحج ليست من مقولة الحكم ، فكيف تكون من الأحكام الوضعية ؟. ولكن يمكن توجيهه بأن عد الماهيات المخترعة الشرعية من الأحكام الوضعية إنما هو باعتبار كونها مركبة من الاجزاء والشرائط والموانع ، وحيث كانت الجزئية والشرطية والمانعية من الأحكام الوضعية فيصح عد جملة المركب من الأحكام الوضعية ، وليس مراد القائل بأن الماهيات المخترعة من الأحكام الوضعية كون الصلاة مثلا بما هي هي حكما وضعيا ، فان ذلك واضح الفساد لا يرضى المنصف أن ينسبه إلى من كان من أهل العلم.
    نعم : عد الولاية والقضاوة من الأحكام الوضعية لا يخلو عن تعسف (1) خصوصا الولاية والقضاوة الخاصة التي كان يتفضل بهما الامام ـ عليه السلام ـ لبعض الصحابة ، كولاية مالك الأشتر ، فان الولاية والقضاوة الخاصة حكمها حكم النيابة والوكالة لا ينبغي عدها من الأحكام الوضعية ، وإلا فبناء على هذا التعميم كان ينبغي عد الإمامة والنبوة أيضا من الأحكام الوضعية ، وهو كما ترى.
1 ـ أقول : بعدما كانت النيابة والولاية الجعلية والوكالة من الأمور الاعتبارية الجعلية ، لا يرى فرقا فيها مع الملكية الشخصية مثلا في كونها من الأحكام الوضعية دونها ، اللهم إلا أن يعتبر في الحكمية جهة الكلية الثابتة لموضوعات كلية ، وفيه أيضا نظر. وعلى أي حال : لا يقاس الولاية الجعلية بالنبوة والإمامة الثابتة للأشخاص لما فيهم من كمال النفس الآبي عن كونها جعلية ، كما لا يخفى.

(386)
    فالتحقيق : أن الأحكام الوضعية ليست بتلك المثابة من الاقتصار ، بحيث تختص بالثلاثة أو الخمسة أو التسعة المتقدمة ، ولا هي بهذه المثابة من التعميم بحيث تشمل الماهيات المخترعة والولاية والقضاوة ، بل ينبغي أن يقال : إن المجعولات الشرعية التي هي من القضايا الكلية الحقيقية على أنحاء ثلاثة : منها ما يكون من الحكم التكليفي ، ومنها ما يكون من الحكم الوضعي ، ومنها ما يكون من الماهيات المخترعة ، فتأمل جيدا.

    المجعولات الشرعية : إما أن تكون تأسيسية وهي التي لا تكون لها عين ولا أثر عند العرف والعقلاء ، كالأحكام الخمسة التكليفية ، وإما أن تكون إمضائية وهي الأمور الاعتبارية العرفية التي يعتبرها العرف والعقلاء ، كالملكية والزوجية والرقية والحرية ونحو ذلك من منشآت العقود والايقاعات ، فان هذه الأمور الاعتبارية كلها ثابتة عند عامة الناس قبل الشرع والشريعة ، وعليها يدور نظامهم ومعاشهم ، والشارع قد أمضاها بمثل قوله ـ تعالى ـ « أحل الله البيع » و « أوفوا بالعقود » و « الصلح جايز بين المسلمين » ونحو ذلك من الأدلة الواردة في الكتاب والسنة ، وليست الملكية المنشأة بالبيع والزوجية المنشأة بالنكاح والتسالم المنشأ بالصلح من المخترعات الشرعية ، بل هي من الأمور الاعتبارية العرفية التي أمضاها الشارع بزيادة بعض القيود والخصوصيات ، وليست من الأمور الانتزاعية.
    وقد خالف الشيخ ـ قدس سره ـ في ذلك والتزم بأن هذه الأمور كلها منتزعة عن التكاليف التي في موردها ، فالملكية تنتزع من حرمة تصرف الغير في المال ، والزوجية تنتزع من جواز وطي الزوج وحرمة نكاح الغير لها ، والرقية تنتزع من وجوب إطاعة الرق للمولى ، وهكذا سائر الأمور العرفية الاعتبارية التي لها آثار


(387)
خاصة. وقد أتعب نفسه الزكية في كثير من الموارد في تعيين ما هو المنشأ لانتزاع بعض الوضعيات ، كالطهارة والنجاسة ولزوم العقد والحجية ونحو ذلك ، لأنه ليس في هذه الموارد حكم تكليفي قابل لان يكون منشأ لانتزاعها ، إذ ما من حكم تكليفي إلا ويشترك فيه مورد آخر : فأي حكم تكليفي يمكن انتزاع لزوم العقد منه ؟ فان حرمة التصرف فيما انتقل عنه يشترك فيها الغصب أيضا ، فلا يمكن أن تكون حرمة التصرف فيما انتقل عنه منشأ لانتزاع لزوم العقد ، إلا بأن يقيد عدم جواز التصرف بما بعد الفسخ.
    وبالجملة : ليس من الأحكام الوضعية ما يختص بحكم تكليفي لا يشاركه غيره فيه ، فكيف يكون منشأ لانتزاعه بخصوصه ؟ ودعوى أن الحكم الوضعي ينتزع من جملة من الأحكام التكليفية التي بجملتها تختص به كما ترى ! مع أن هذا أيضا في بعض المقامات لا يمكن ، فان الحجية والطريقية من الأحكام الوضعية التي ليس في موردها حكم تكليفي قابل لانتزاع الحجية منه (1) كما أوضحنا ذلك بما لا مزيد عليه في حجية الظن ، ولذلك التزم في بعض الوضعيات بأنها من الأمور الواقعية التي كشف عنها الشارع ، كالطهارة والنجاسة.
    وليت شعري ! أنه ما الداعي إلى تبعيد هذه المسافة وإتعاب النفس بتلك المثابة ؟ وما المانع من أن تكون هذه الأمور متأصلة بالجعل في وعاء الاعتبار ويكون وجودها التكويني بعين وجودها الاعتباري ؟ والذي يدل على ذلك هو أن مثل هذه الاعتباريات متداولة عند من لم يلتزم بشرع وشريعة كالدهري والطبيعي مع أنه ليس عنده إلزام وتكليف يصح انتزاع هذه الأمور منه.
1 ـ أقول : ما أفيد كذلك في الحجية بمعنى الوسطية للاثبات ، وإلا فبمعنى المنجزية والمعذرية فلا محيص من انتزاعها من التكليف ، كما حققناه في جعل الطرق بعد توضيح فساد مجرد جعل الوسطية تنزيلا للمنجزية ، وتوضيحه موكول إلى محله.

(388)
    فالتحقيق : أن الاعتباريات العرفية ليست من المنتزعات ، بل هي متأصلة بالجعل قد أمضاها الشارع ، والتكليف إنما ينتزع منها ، وقد استقصينا الكلام في ذلك في باب الامارات.

    قد تقدم منا مرارا : أن المجعولات الشرعية ليست من القضايا الشخصية الخارجية ، بل هي من القضايا الكلية الحقيقية التي يفرض فيها وجود الموضوعات في ترتب المحمولات عليها (1) وهذا من غير فرق بين الأحكام التكليفية التأسيسية وبين الأحكام الوضعية الامضائية ، غايته أن موضوعات التكاليف إنما تكون من المخترعات الشرعية كنفس التكاليف ، فان العاقل البالغ المستطيع لا يكاد يكون موضوعا لوجوب الحج ما لم يجعله الشارع موضوعا ليترتب عليه وجوب الحج.
    وأما موضوعات الأحكام الوضعية : فقد تكون تأسيسية ، وقد تكون إمضائية كنفس الحكم الوضعي.
    فالأول : كأخذ السيادة والفقر موضوعا لتملك السادات والفقراء الخمس والزكاة ، فإنه لو لم يعتبر الشارع ذلك لا تكاد تكون السيادة والفقر موضوعا للتملك.
    والثاني : كالعقد والسبق والرماية وحيازة المباحات ونحو ذلك من الموضوعات والأسباب العرفية للملكية ونحوها من الاعتباريات ، فان السبب الشرعي للملكية في هذه الأمور هو السبب العرفي ، غايته أن الشارع تصرف فيه بزيادة قيد أو نقصانه ، وليست ماهية السبب من المخترعات الشرعية. وعلى
1 ـ أقول : قد مر منا مرارا أيضا أن إدخال القضايا الطلبية والتكليفية في القضايا الحقيقية لا يخلو عن تعسف ، وربما نشير إليه بعد ذلك أيضا ( إن شاء الله تعالى ).

(389)
جميع التقادير : المجعول الشرعي تأسيسا أو إمضاء إنما هو معنى كلي مترتب على موضوعه ، نحو ترتب المعلول على علته والعرض على معروضه ،
    ثم لا يخفى عليك : أن مرجع الموضوع والسبب والشرط في باب التكاليف وفي باب الوضعيات إلى معنى واحد ، وهو الامر الذي رتب الحكم الشرعي عليه ، فقد يعبر عنه بالموضوع وأخرى يعبر عنه بالسبب ، كما أنه قد يعبر عنه بالشرط ، فيصح أن يقال : إن العقد الكذائي موضوع للملكية أو سبب أو شرط لها ، وكذا يصح أن يقال : إن الدلوك مثلا موضوع لوجوب الصلاة أو شرط لها أو سبب ، فان مرجع الجميع إلى أن الشارع رتب الملكية ووجوب الصلاة على العقد ودلوك الشمس.
    نعم : جرى الاصطلاح على التعبير عن الامر الذي رتب الحكم الوضعي عليه بالسبب فيقال : إن العقد سبب للملكية والزوجية ، والتعبير عن الامر الذي رتب الحكم التكليفي عليه بالموضوع أو الشرط فيقال : إن العاقل البالغ المستطيع موضوع لوجوب الحج أو إن الدلوك شرط لوجوب الصلاة ، وهذا مجرد اصطلاح ، وإلا فبحسب النتيجة كل من الموضوع والشرط والسبب يرجع إلى الآخر ، وذلك واضح.

    قد تقدم منا أيضا في مبحث الأوامر : أن شرائط الجعل غير شرائط المجعول (1) فان شرائط المجعول ـ على ما عرفت ـ عبارة عن موضوعات التكاليف
1 ـ أقول : ما أفيد في الفرق إنما يتم في الأحكام الوضعية التي قوام حقيقتها بالجعل وأن الجعل واسطة في ثبوتها ، وأما الأحكام التكليفية التي روحها إرادة المولى المبرزة بانشاء أو إخبار فهي آبية عن مرحلة الجعلية الاعتبارية ، لما تقدم سابقا بأن لب الإرادة وإبرازها ليس من الجعليات ، بل أحدهما من مقولة الكيف والآخر من مقولة الفعل ، وهما خارجان عن عالم الاعتبارات الجعلية ، ولم يبق في البين إلا مقام البعث والتحريك والالزام ،

(390)
والوضعيات ، كالعاقل البالغ المستطيع الذي اخذ موضوعا لوجوب الحج وكالعقد المركب من الايجاب والقبول الذي جعل موضوعا للملكية والزوجية.
    وأما شرائط الجعل : فهي عبارة عن الدواعي والملاكات النفس الأمرية
وهذه اعتبارات منتزعة عن مقام إبراز الإرادة الخارجية غير مربوط بعالم الجعل.
    نعم : لا بأس بدعوى الجعل بمعنى التكوين والايجاد ، ولو بلحاظ إيجاد المنشأ القهري لا القصدي للاعتبارات المزبورة ، وهذا المقدار غير مرتبط بعالم الجعلية التي عبارة عن ايقاع نفس المعنى بقصد ثبوتها بانشائها اللفظي أو الفعلي ، كما هو الشأن في الأحكام الوضعية ، وحينئذ فكل ما هو يدعوه على إرادته مطلقا أو منوطا هو الداعي على إبراز إرادته ، من دون فرق فيها بين دواعي الجعل والمجعول ، كما لا يخفى ، فتأمل في أطراف ما ذكرناه ترى أيضا بطلان إناطة لب الإرادة وإبرازها على وجود موضوع خطابه خارجا ، بل في ظرف لحاظ الموضوع خارجيا يكون إرادته فعليا ، ففرض وجود الموضوع في التكليفيات لا يوجب فرض وجود الإرادة ولا فرض إبرازه.
    نعم : مرتبة محركيته وفاعليته خارجا ينوط بوجود الموضوع خارجا ، وهذه المرتبة مرتبة تأثير الخطاب بوجوده لا مرتبة نفس الخطاب بمضمونه ، ولذا نقول : بأنه ينوط بالعلم بالخطاب أيضا مع حفظ مضمون الخطاب في ظرف الجهل جزما ، وحينئذ كيف يمكن دعوى فرضية مضمون الخطاب الحاكي عن لب الإرادة بفرضية موضوعه ، كما هو الشأن في القضايا الحقيقية ، فتدبر.
    ثم إن مرتبة المحركية لما كان ناشئا عن مقام انطباق المراد مع المأتي به خارجا ، فهذا الانطباق تابع كيفية دخل فرض وجوده في إرادته تبعا لدخله في الاحتياج إلى مرامه ، فتارة : يكون الشيء بوجوده السابق أو المقارن دخيلا في الاحتياج إليه ، وأخرى : بوجوده لاحقا وفي موطنه كان دخيلا في الاحتياج إلى الشيء فعلا ، نظير دخل مجيء الضيف في يوم الجمعة في الاحتياج إلى شراء اللحم في يوم الخميس ، وفي هذه الصورة ربما يختلف مقام محركية الخطاب من حيث إناطته بوجود الشيء فعلا أم متأخرا.
    وتوهم : أن كل ما هو دخيل في الحكم فلابد من الاخذ في موضوعه وحينئذ يستحيل مجيء الحكم بلا موضوع وكلما يرى من هذا القبيل لابد من إرجاعه إلى التعقب ، مدفوع بأنه على فرض التسليم لهذه الكلية نقول : بعدما كان الموضوع للإرادة الفعلية هو فرض وجوده ولو في موطنه فهذا المعنى لا قصور فيه بالنسبة إلى الوجودات المتأخرة ، وإنما الكلام في مقام محركيته ، ففي هذا المقام بعدما كانت المحركية من لوازم تطبيقه من البديهي أن تطبيق كل موضوع يكفيه أخذه ولو لاحقا ، كما هو ظاهر ، فتدبر في المقام ، فإنه من مزال الاقدام من حيث رميهم الشرائط المتأخرة إلى بداهة البطلان ، مع أنهم لا يأتون فيه إلا رعدا وبرقا !!.
فوائد الاصول ـ الجزء الرابع ::: فهرس