حياة الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام الجزء الأول ::: 61 ـ 75
(61)
    14 ـ بعض الأئمة :
    وأدلى بعض الأئمة بحديث عن الإمام الرضا ( عليه السلام ) جاء فيه :
    مناقب علي بن موسى الرضا ( عليه السلام ) من أجل المناقب ، وامداد فضائله ، وفواضله متوالية كتوالي الكتائب ، وموالاته محمودة البوادر والعواقب ، وعجائب أوصافه من غرايب العجائب وسؤدده ونبله قد حلا من الشرف في الذروة والمغارب.
    اما شرف آبائه فأشهر من المصباح المنير ، وأضوأ من عارض الشمس المستدير وأما أخلاقه وسماته وصفاته ، ودلائله وعلاماته فناهيك من فخار وحسبك من علو مقدار ، جاز على طريقة ورثها عن الآباء ، وورثها عنه البنون فهم جميعا في كرم الأرومة.
    وطيب الجرثومة ، كأسنان المشط متعادلون ، فشرفا لهذا البيت ، العالي الرتبة ، السامي المحلة ، لقد طال السماء علي نبلا ، وسما على الفراقد منزلة ومحلا ، واستوفى صفات الكمال فما يستثنى في شئ منه .. (1).
    وهذا الكلام مرتب ، قد غلب فيه السجع ، وهو يدل على ولاء قائله لائمة أهل البيت ( عليهم السلام ) ، منحه الله شفاعتهم.
    15 ـ هاشم معروف :
    قال العلامة المغفور له السيد هاشم معروف الحسني :
    وامتاز الإمام الرضا ( عليه السلام ) بخلق رائع ساعده على أن يجتذب بحبه العامة والخاصة ، واستمده من روح الرسالة التي كان من حفظتها ، والامناء عليها ، والوارثين لها ... (2).
    وحكى هذا الكلام ظاهرة من ظواهر الإمام ( عليه السلام ) وهي سمو الأخلاق فقد كانت أخلاقه الرفيعة امتداد ذاتيا لأخلاق جده الرسول الأعظم ( صلى الله عليه وآله ) الذي ساد على جميع النبيين.
    16 ـ الذهبي :
    قال الذهبي : هو الإمام أبو الحسن بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي
1 ـ الفصول المهمة ( ص 245 ).
2 ـ سيرة الأئمة الاثني عشر 2 / 359.


(62)
العلوي ... وكان سيد بني هاشم في زمانه ، وأحلمهم ، وأنبلهم ، وكان المأمون يعظمه ، ويخضع له ويتغالى فيه ، حتى أنه جعله ولي عهده ... (1).
    والذهبي الذي عرف بالبغض والعداء لأهل البيت ( عليهم السلام ) لم يسعه إلا الاعتراف بالواقع والاقرار بفضل الإمام الرضا ( عليه السلام ).
    17 ـ محمود بن وهيب :
    قال محمود بن وهيب البغدادي : وكراماته ـ أي الرضا ـ كثيرة رضي الله عنه ، إذ هو فريد زمانه ... (2).
    لقد كان الإمام الرضا فريد زمانه في علمه وتقواه وورعه وحلمه ، وسخائه ، ولا يشبهه أحد في فضائله ومواهبه.
    18 ـ عارف تأمر :
    قال عارف تأمر : يعتبر ـ أي الإمام الرضا ـ من الأئمة الذين لعبوا دورا كبيرا على مسرح الاحداث الاسلامية في عصره .. (3).
    لقد استطاع الامام في الفترة القصيرة التي تقلد فيها ولاية العهد أن يبرز القيم الأصيلة في السياسة الاسلامية ، فقد أمر المأمون ، بإقامة العدل وتحقيق المساواة بين المسلمين ، ونهاه عن التبذير بأموال الدولة إلى غير ذلك من الأمور التي سنذكرها في بحوث هذا الكتاب التي تدعم ما ذكره السيد عارف تأمر من أن الامام شأنه شأن آبائه الذين لعبوا دورا كبيرا على مسرح الاحداث الاسلامية.
    19 ـ محمد بن شاكر الكتبي :
    قال محمد بن شاكر الكتبي : وهو ـ أي الإمام الرضا ( عليه السلام ) ـ أحد الأئمة الاثني عشر ، كان سيد بني هاشم في زمانه ...
    20 ـ عبد المتعال :
    قال عبد المتعال الصعيدي : كان ـ أي الإمام الرضا ـ على جانب عظيم من العلم والورع.
    وقد قيل لأبي نواس :
    علام تركت مدح علي بن موسى والخصال التي تجمعن فيه ؟
    فقال : لا أستطيع مدح امام كان جبريل خادما لأبيه.
    والله ما تركت ذلك
1 ـ تاريخ الاسلام 8 / ورقة 34 ، وصور في مكتبة الإمام الحكيم تسلسل 323.
2 ـ جواهر الكلام ( ص 143 ).
3 ـ عيون التواريخ 3 / ورقة 226 مصور في مكتبة السيد الحكيم.


(63)
ـ اي المدح ـ إلا اعظاما له ، وليس يقدر مثلي أن يقول في مثله (1).
    لقد كان الامام مجموعة من الفضائل التي لا تحد ، فالعلم والورع من بعض صفاته التي تميز بها على غيره.
    21 ـ يوسف النبهاني :
    قال يوسف النبهاني : علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق ( عليهم السلام ) أحد أكابر الأئمة ، ومصابيح الأمة من أهل بيت النبوة ، ومعادن العلم والعرفان والكرم والفتوة كان عظيم القدر ، مشهور الذكر ، وله كرامات كثيرة ، منها أنه أخبر أنه يأكل عنبا ورمانا فيموت فكان كذلك ... (2).
    ان الإمام ( عليه السلام ) فرع زاك من الأسرة النبوية التي أعز الله بها العرب والمسلمين وبالإضافة لنسبه الوضاح فقد كان من دعائم الفضل ، ومن أعمدة الشرف ، وله الكرمات المشهورة كما يقول النبهاني.
    22 ـ عبد القادر أحمد :
    قال عبد القادر أحمد اليوسف : تأريخ الامام حافل بجلائل الأعمال ، فمن علم لا يدرك مداه ، وعصمة متوارثة ، وقدسية لا تضارعها قدسية في عصره ومن بعده ، إلا من انحدر من صلبه من الأئمة المعصومين ، فهو علم هدى زمانه ، ومثل أعلى في التقوى ، والورع والحلم ، والأخلاق ، وما عساني أن أذكر في حياة وصي من أوصياء الله ، وما عسى قلمي أن يكتب في تعريفه ، أو لم يكن ذكر اسمه هو التعريف الكامل ، فذكره قبس من نور الله يهدي المستجير به نحو السبيل الأقوم المؤدي للصالح العام.
    ان حياة الامام مكرسة لاعلاء شأن المسلمين ، فما من عمل صدر منه إلا كان منطلقا من عقيدة الايمان ، مستهدفا صلاح الناس ، ومنتهيا لما فيه رضى رب العالمين (3).
    لقد حفل تاريخ الامام بجميع الفضائل التي يعتز بها الانسان ، والتي كان من
1 ـ المجددون في الاسلام ( ص 87 ).
2 ـ جامع كرامات الأولياء 2 / 156.
3 ـ الإمام علي الرضا ولي عهد المأمون ( ص 1 ).


(64)
أبرزها العلم ، والتقوى ، والورع والحلم وسمو الأخلاق والآداب كما يقول عبد القادر فالامام هو المثل الاعلى لجميع القيم الانسانية ، ولا يضارعه في صفاته وخصائصه إلا السادة من آبائه وأبنائه.
    23 ـ يوسف بن اوغلى :
    قال يوسف بن اوغلى سبط ابن الجوزي : كان علي بن موسى ـ كما سمي ـ رضا جوادا عدلا ، عابدا ، معرضا عن الدنيا ، ولولا خوفه من المأمون لما أجاب إلى ولاية العهد (1).
    وتوفرت في شخصية الامام أبي محمد الرضا ( عليه السلام ) جميع الصفات الكريمة من الجود والعدالة ، والعبادة والاعراض عن الدنيا مما جعلته في قمة الشرف والمجد في دنيا الاسلام.
    24 ـ الزركلي :
    قال خير الدين الزركلي : علي بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق أبو الحسن ، الملقب بالرضي ، ثامن الأئمة الاثني عشر عند الإمامية ومن أجلاء السادة عند أهل البيت وفضلائهم .. (2).
    25 ـ محمد جواد فضل الله :
    قال العلامة محمد جواد فضل الله : الإمام الرضا قاعدة من قواعد الفكر الاسلامي ، وأحد منطلقاتها الغنية بالمعرفة ، انتهت إليه بعد أبيه الإمام موسى بن جعفر ( عليه السلام ) أسرار الرسالة ، ومفاتيح ؟ كنوزها فكان منهله منها ، وعطاؤه من فيضها.
    وهو أحد الأئمة الاثني عشر من أهل البيت الذين أغنوا الفكر الاسلامي بشتى صنوف المعرفة مما أملوه على تلامذتهم أو أجابوا به من سألهم ، أو ما نقله لنا التاريخ من محاوراتهم العلمية والعقائدية مع أصحاب المذاهب الأخرى .. (3).
    الإمام الرضا كنز من كنوز الاسلام ، وثمرة مشرقة من ثمرات الرسول الأعظم
1 ـ مرآة الزمان 6 / ورقة 41 من مصورات مكتبة الامام أمير المؤمنين تسلسل 2864.
2 ـ الاعلام 5 / 178.
3 ـ حياة الإمام الرضا.


(65)
( صلى الله عليه وآله ) ، وفيض من فيوضاته التي استوعبت جميع لغات الأرض ، قد اغنى الله به الفكر وأوضح به القصد ، وجعله علما في بلاده يهدي الحائر ، ويسترد به الضال.
    26 ـ أحمد الخزرجي :
    قال أحمد الخزرجي : علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب ، الهاشمي ، أبو الحسن الرضا ، روى عن أبيه وعنه عبد السلام بن صالح وجماعة عدة نسخ ، وكان سيد بني هاشم ، وكان المأمون يعظمه ، ويبجله ، وعهد له بالخلافة وأخذ له العهد ، مات مسموما بطوس (1) ..
    وحكى الخزرجي في هذا الكلام أن جماعة من تلاميذ الإمام ( عليه السلام ) رووا عنه عدة نسخ ، ومن المؤكد أنها تتعلق بأحكام الشريعة وآداب الاسلام ، وسننه ، كما حكى أنه مات مسموما ، وهو ما نذهب إليه أن المأمون سقاه السم ليتخلص منه ، بعدما رأى اجماع المسلمين على تعظيمه وتبجيله وسوف نعرض لهذا في البحوث الآتية :
    27 ـ بعض أحبته :
    قال بعض أحبته والمعجبين به : علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق ( عليهم السلام ) فاق أهل البيت شأنه ، وارتفع فيهم مكانه ، وظهر برهانه حتى أحله الخليفة المأمون محل مهجته ، وأشركه في خلافته ، وفوض إليه امر مملكته ، وعقد على رؤوس الاشهاد عقد نكاح ابنته ، فكانت مناقبه عليه ، وصفاته سنية ، ونفسه الشريفة هاشمية ، وأرومته الكريمة نبوية ، كراماته أكثر من أن تحصر ، وأشهر من أن تذكر .. (2).
    28 ـ الشبراوي :
    قال الشبراوي : كان رضي الله عنه كريما جليلا ، مهابا موقرا وكان أبوه موسى الكاظم ( عليه السلام ) يحبه حبا شديدا ، ووهب له ضيعة البسرية التي اشتراها بثلاثين ؟  ألف دينار (3).
1 ـ خلاصة تهذيب الكمال ( ص 678 ).
2 ـ الاتحاف بحب الاشراف ( ص 88 ).
3 ـ الاتحاف بحب الاشراف ( ص 88 ).


(66)
    كان الإمام موسى ( عليه السلام ) يخلص لولده الامام كأعظم ما يكون الاخلاص ، فقدمه على بقية أبنائه ، وجعله القائم من بعده ، وأوصى له بهذه القطعة من الأرض ـ كما يقول الشبراوي ـ ولم يكن الامام مدفوعا بدافع الحب المنبعث عن العواطف والأهواء وانما كان من أجل أن ولده قاعدة من قواعد الاسلام ، وانه أحد أوصياء الرسول الأعظم الذين نص عليهم حسبما تواترت الاخبار بذلك.
    29 ـ أبو النواس :
    وكان ممن مدح الإمام ( عليه السلام ) أبو نواس الشاعر المشهور وقد قال الشعر فيه مرتين وأجاد فيهما ، وهما :
    1 ـ إن الشعراء المعاصرين للامام قالوا فيه الشعر ومدحوه سوى أبي نواس فعوتب على ذلك (1) فقال هذه الأبيات الرائعة :
قيل لي أنت أوحد الناس طرا لك من جوهر الكلام نظام فلماذا تركت مدح ابن موسى قلت : لا اهتدي لمدح إمام في فنون من المقال النبيه يثمر الدر في يدي مجتنيه والخصال التي تجمعن فيه كان جبريل خادما لأبيه
    وهذه الأبيات الشائعة الذكر قد حفظها الناس جيلا بعد جيل واعتبروها من روائع الشعر العربي ، لأنها عبرت عن أحاسيسهم تجاه أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) ، وما يحملون لهم من اكبار وتعظيم ، ومن الطريف أن الذهبي الذي عرف بالحقد على أهل البيت قد علق على البيت الأخير من هذه الأبيات بقوله :
    قلت : هذا لا يجوز اطلاقه من أن جبريل خادم لأبيه والنص معدوم فيه ... وقد كذبت الرافضة على علي الرضا .. (2).
    ان لأهل البيت ( عليهم السلام ) منزلة كريمة عند الله تعالى فقد ناهضوا الضالين من حكام أمية وبني العباس ، وجاهدوا في الله كأعظم ما يكون الجهاد حتى
1 ـ ذكر ابن طولون في كتابه ( الأئمة الاثني عشر ) ص 98 ـ 99 ان أبا نواس عوتب على ترك مدح الامام ، فقال له بعض أصحابه : ما رأيت أوقح منك ، ما تركت خمرا ولا طودا ولا مغني إلا قلت : فيه شيئا ، وهذا علي بن موسى الرضا في عصرك لم تقل فيه شيئا ، فقال : والله ما تركت ذلك إلا اعظاما له ، وليس يقدر مثلي أن يقول في مثله ، ثم أنشد بعد ساعة هذه الأبيات.
2 ـ تأريخ الاسلام 8 / ورقة 35.


(67)
تقطعت أوصالهم وسبيت نساؤهم ، وعانوا من الاضطهاد والتنكيل ما لا يوصف ، لمرارته وقسوته كل ذلك في سبيل اعلاء كلمة دين الله ونشر العدل بين الناس ، ولكن الذهبي وأمثاله من المنحرفين عن الحق لا يعقلون ذلك.
    2 ـ خرج الإمام الرضا ( عليه السلام ) يوما على بغلة فارهة ، فدنا منه أبو نواس ، وسلم عليه وقال له : يا بن رسول الله قلت : فيك أبياتا أحب أن تسمعها مني ؟. وبادر الامام قائلا :
    قل :
    فانبرى أبو نواس قائلا :
مطهرون نقيات ثيابهم من لم يكن علويا حين ننسبه أولئك القوم أهل البيت عندهم تجري الصلاة عليهم كلما ذكروا فما له في قديم الدهر مفتخر علم الكتاب وما جاءت به السور (1)
    وهذه الأبيات من أصدق الشعر وأروعها قد اقتبس الشطر الأول من القرآن الكريم ، قال تعالى :
    ( انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ).
    لقد طهرهم الله من الزيغ ، وأذهب عنهم الرجس ، وجعلهم قدوة لعباده يهتدي بهم الحائر.
    وأعجب الامام بهذه الأبيات فقال لأبي نواس : قد جئتنا بأبيات ما سبقك إليها أحد ..
    ثم التفت إلى غلامه فقال له : ما معك من فاضل نفقتنا ؟
    فقال : ثلاث مائة دينار.
    قال : ارفعها له ثم لما ذهب إلى بيته ، قال لغلامه : لعله استقلها ، سق إليه البغلة (2) (3).
    30 ـ دعبل الخزاعي :
    وأكثر دعبل في مدح الإمام الرضا ( عليه السلام ) ، وفي رثائه ، ومما قاله فيه :
1 ـ خلاصة الذهب المسبوك ( ص 200 ).
2 ـ الاتحاف بحب الاشراف ( ص 60 ) نزهة المجلس 2 / 105.
3 ـ كشف الغمة 3 / 107.


(68)
لقد رحل ابن موسى بالمعالي وتابعه الهدى والدين طرا وسار بيسره العلم الشريف كما يتتبع الألف الأليف (1)
    ومعنى هذا الشعر ان الإمام الرضا ( عليه السلام ) قد حوى جميع صنوف الشرف والمعالي ، كما تابعه العلم والهدى والدين ، وقد تميز بهذه الصفات الكريمة التي كانت من ذاتياته.
    31 ـ الصاحب بن عباد :
    أما الصاحب بن عباد الوزير ، فقد هام بحب الإمام الرضا ( عليه السلام ) وقد اهدى تحياته العطرة إلى الامام بهذه الأبيات.
يا سايرا زائرا إلى طوس أبلغ سلامي الرضا وحط على والله والله حلفة صدرت اني لو كنت مالكا اربي لمشهد بالزكاء ملتحف مشهد طهر وارض تقديس أكرم رمس لخير مرموس من مخلص في الولاء مغموس كان بطوس الغناء تعريسي وبالسني والثناء مأنوس
    إلى أن يقول :
يا بن النبي الذي به قمع الله وابن الوصي الذي تقدم في وحائز الفخر غير منتقص ظهور الجبابر الشوس (2) الفضل على البزل القناعيس (3) ولابس المجد غير تلبيس (4)
    ويقول في مقطوعة أخرى :
يا زائرا قد نهضا ومن قد مضى كأنه أبلغ سلامي زاكيا سبط النبي المصطفى مبتدرا قد ركضا البرق إذا ما أومضا بطوس مولاي الرضا وابن الوصي المرتضى

1 ـ ديوان دعبل ( ص 108 ).
2 ـ الشوس : جمع أشوس ، وهو الرافع رأسه تكبرا.
3 ـ البزل جمع بازل وهو البعير الذي انشق وهو في التاسعة ، والقناعيس جمع قنعاس وهو الإبل العظيم ويوصف به الرجل الشديد.
4 ـ عيون أخبار الرضا 1 / 4.


(69)
من حاز عزا أقعسا (1) وقل له : من مخلص وشاد مجدا ابيضا يرى الولا مفترضا (2)
    32 ـ ابن الحجاج :
    وأثر ابن الحجاج الشعر الكثير في مدح الإمام الرضا ( عليه السلام ) كان منه هذان البيتان :
يا ابن من تؤثر المكارم عنه من سمى الرضا علي بن موسى ومعالي الآداب تمتار منه رضي الله عن أبيه وعنه (3)
    33 ـ عبد الله بن المبارك :
    قال عبد الله بن المبارك في مدح الامام هذا البيت :
هذا علي والهدى يقوده من خير فتيان قريش عوده (4)
    34 ـ الصولي :
    قال الصولي في مدح الامام :
إلا إن خير الناس نفسا ووالدا أتتنا به للحلم والعلم ثامنا ورهطا وأجدادا علي المعظم إماما يؤدي حجة الله تكتم (5)
    35 ـ ابن حماد :
    قال الشاعر ابن حماد في مدح الإمام الرضا ( عليه السلام ) :
ساقها شوقي إلى طوس مشهد فيه الرضا ذاك بحر العلم ذاك نور الله لا يطفى ومن تحويه طوس العالم والحبر النفيس والحكمة ان قاس مقيس له قط طميس (6)
    36 ـ الأربلي :
    قال علي بن عيسى الأربلي في قصيدة يمدح بها الامام ويتشوق لزيارة مرقده :
1 ـ الأقعس : الشئ الثابت.
2 ـ عيون أخبار الرضا 1 / 6.
3 ـ المناقب 4 / 343.
4 ـ المناقب 4 / 362.
5 ـ عيون أخبار الرضا 1 / 15.
6 ـ المناقب 4 / 350.


(70)
أيها الراكب المجد قف العيس لا تخف من كلالها ودع التأديب وألثم الأرض ان رأيت ثرى وأبلغنه تحية وسلاما قل سلام الاله في كل وقت منزل لم يزل به ذاكر لله دار عز ما انفك قاصدها بيت مجد ما زال وقفا عليه ما عسى أن يقال في مدح قوم ما عسى أن أقول في مدح قوم هم هداة الورى وهم أكرم ان عرت أزمة تندوا غيوثا شرفوا الخيل والمنابر لما معشر حبهم يجلي هموما كرموا مولدا وطابوا أصولا ليس يشقى بهم جليس ومن كان قمت في نصرهم بمدحي لما ملأوا بالولاء قلبي رجاء فتراني لهم مطيعا حنينا يا علي الرضا أبثك ودا مذهبي فيك مذهبي وبقلبي لا أرى داءه بغيرك يشفى أتمنى لو زرت مشهدك وإذا عز أن أزورك يقظان إذا ما حللت في أرض طوسا دون الوقوف والتعريسا مشهد خير الورى علي بن موسى كشذى المسك من علي بن عيسى يتلقى ذاك المحل النفيسا يتلوا التسبيح والتقديسا يزجى إليها آماله والعيسا الحمد والمدح والثناء حبيسا أسس الله مجدهم تأسيسا قدس الله ذكرهم تقديسا الناس أصولا شريفة ونفوسا أو دجت شبهة تبدوا شموسا افترعوها والناقة العنتريسا (1) ومزاياهم تجلي طروسا وزكوا محتدا وطالوا غروسا ابن شوري إذا أرادوا جليسا فاتني أن أجر فيه خميسا وبمدحي لهم ملأت الطروسا وعلى غيرهم أبيا شموسا غادر القلب بالغرام وطيسا لك حب أبقى جوى ورسيسا لا ولا جرحه بغيرك يوسى العالي وقبلت ربعك المأنوسا فزرني في النوم وأشف السيسا

1 ـ العنتريس : الناقة الغليظة الوثيقة.

(71)
    في ظلال أبيه عاش الإمام الرضا ( عليه السلام ) تسعا وعشرين سنة وأشهرا في كنف أبيه الإمام موسى الكاظم ( عليه السلام ) ، وقد شاهد ضروبا قاسية من المحن والخطوب التي حلت بأبيه الذي كان مثار قلق وخوف للحكم العباسي لأنه كان محط أنظار المسلمين ، وموضع آمالهم في إنقاذهم من الطغمة العباسية الحاكمة التي تمادت في ظلم الناس وارغامهم على ما يكرهون.
    وبالإضافة إلى ذلك فقد دان شطر كبير من المسلمين بامامة الإمام الكاظم ، وانه الخليفة الشرعي للرسول ( صلى الله عليه وآله ) وأحق بمركزه ومقامه من هارون وغيره من ملوك بني العباس الذين عاصرهم الإمام ( عليه السلام ) ، وقد اقض ذلك مضاجع العباسيين وورمت أنوفهم ، فاتخذوا جميع الوسائل لاضطهاد الامام والتنكيل به.
    وعلى أي حال فانا نعرض ـ بصورة مجملة ـ إلى شخصية الإمام ( عليه السلام ) ، وما يتصل بذلك من بعض الشؤون التي ترتبط بحياة الإمام الرضا ( عليه السلام ).

    اما معالم شخصية الإمام الكاظم ( عليه السلام ) فهي ملء فم الدنيا شرفا وفضلا ، فقد توفرت في شخصيته الكريمة جميع عناصر الفضيلة ومقومات الحكمة والآداب ، والتي منها :

    1 ـ مواهبه العلمية : والشئ الذي لا شك فيه أن الإمام موسى ( عليه السلام ) كان أعلم أهل عصره ، وأدراهم بجميع العلوم ، أما علم الفقه والحديث فكان من أساطينه ، وقد احتف به العلماء والرواة وهم يسجلون ما يفتي به ، وما يقوله من روائع الحكم


(72)
والآداب وقد شهد الإمام الصادق ( عليه السلام ) عملاق هذه الأمة ورائد نهضتها الفكرية ، بوفرة علم ولده ، فقد قال العيسى :
    إن ابني هذا ـ وأشار إلى الإمام موسى ـ لو سألته عما بين دفتي المصحف لأجابك فيه بعلم .. (1).
    وقال في فضله : وعنده علم الحكمة والفهم والسخاء ، والمعرفة بما يحتاج إليه الناس فيما اختلفوا فيه من أمر دينهم ...
    وقد روى العلماء عنه جميع أنواع العلوم مما ملأوا به الكتب ، وقد عرف بين الرواة بالعالم ، وقال الشيخ المفيد :
    وقد روى الناس عن أبي الحسن فأكثروا ، وكان أفقه أهل زمانه (2).
    لقد قام الإمام موسى ( عليه السلام ) بتطوير الحياة العلمية ، ونموها ، وكان من ألمع أئمة المسلمين في نشره للثقافة الاسلامية.

    2 ـ عبادته وتقواه : واجمع الرواة على أن الإمام الكاظم ( عليه السلام ) كان من أعظم الناس طاعة لله ، ومن أكثرهم عبادة له ، وكانت له ثفنات كثفنات البعير من كثرة السجود لله ، كما كانت لجده الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) حتى لقب بذي الثفنات ، وكان من مظاهر عبادته انه إذا وقف مصليا بين يدي الخالق العظيم ارسل ما في عينيه من دموع وخفق قلبه ، وكذلك إذا ناجى ربه أو دعاه (3).
    ويقول الرواة : إنه كان يصلي نوافل الليل ويصلها بصلاة الصبح ، ثم يعقب حتى تطلع الشمس ، ويخر لله ساجدا ، فلا يرفع رأسه من الدعاء والتمجيد لله حتى يقرب زوال الشمس (4).
    وكان من مظاهر طاعته انه دخل مسجد جده رسول الله (ص) في أول الليل فسجد سجدة واحدة ، وهو يقول بنيرات تقطر خوفا من الله :
1 ـ حياة الإمام موسى بن جعفر 1 / 138.
2 ـ الارشاد ( ص 272 ).
3 ـ حياة الإمام موسى بن جعفر 1 / 139.
4 ـ كشف الغمة.


(73)
عظم الذنب عندي فليحسن العفو من عندك ، يا أهل التقوى ، ويا أهل المغفرة ..
    وجعل يردد هذا الدعاء بإنابة واخلاص وبكاء حتى أصبح الصبح (1).
    وحينما أودعه الطاغية الظالم هارون الرشيد العباسي في ظلمات السجون تفرغ للعبادة ، وشكر الله على ذلك قائلا :
    اللهم إني طالما كنت أسألك أن تفرغني لعبادتك ، وقد استجبت لي فلك الحمد على ذلك (2).
    وكان الطاغية هارون يشرف من أعلى قصره على السجن فيبصر ثوبا مطروحا في مكان خاص لم يتغير عن موضعه ، وعجب من ذلك ، وراح يقول للربيع :
    ما ذاك الثوب الذي أراه كل يوم في ذلك الموضع ؟
    فأجابه الربيع قائلا : يا أمير المؤمنين ، ما ذاك بثوب ، وإنما هو موسى بن جعفر ، له في كل يوم سجدة بعد طلوع الشمس إلى وقت الزوال ..
    وبهر الطاغية ، وقال : أما ان هذا من رهبان بني هاشم.
    وسارع الربيع طالبا منه أن يطلق سراح الامام ولا يضيق عليه في سجنه قائلا : يا أمير المؤمنين ، مالك قد ضيقت عليه في الحبس ؟
    وسارع هارون قائلا : هيهات : لا بد من ذلك ... (3).
    وقد عرضنا بصورة شاملة إلى عبادته ، وطاعته لله ، وما صدر عنه من صنوف العبادة التي تدل على أنه كان إمام المتقين وسيد العابدين والموحدين في عصره.

    3 ـ زهده : وزهد الإمام الكاظم ( عليه السلام ) في الدنيا ، وأعرض عن مباهجها ، وزينتها
1 ـ وفيات الأعيان 4 / 293 كنز اللغة ( ص 766 ).
2 ـ وفيات الأعيان 4 / 293.
3 ـ حياة الإمام موسى بن جعفر 1 / 142.


(74)
وآثر طاعة الله تعالى على كل شئ ، وكان بيته خاليا من جميع أمتعة الحياة.
    وقد تحدث عنه إبراهيم بن عبد الحميد فقال : دخلت عليه في بيته الذي كان يصلي فيه ، فإذا ليس فيه شئ سوى خصفة ، وسيف معلق ، ومصحف (1).
    وكان كثيرا ما يتلو على أصحابه سيرة الصحابي الثائر العظيم أبي ذر الغفاري الذي طلق الدنيا ، ولم يحفل بأي شئ من زينتها قائلا :
    رحم الله أبا ذر ، فلقد كان يقول : جزى الله الدنيا عني مذمة بعد رغيفين من الشعير : أتغذى بأحدهما ، وأتعشى بالآخر ، وبعد شملتي الصوف ائتزر بأحدهما وأتردى بالأخرى (2).
    لقد وضع الإمام موسى ( عليه السلام ) نصب عينيه سيرة العظماء الخالدين من صحابة جده سيد المرسلين يشيد بسيرتهم ، ويتلو مآثرهم على أصحابه وتلاميذه لتكون لهم قدوة حسنة في حياتهم.

    4 ـ حلمه : أما الحلم فهو من أبرز صفات سيدنا الكاظم ( عليه السلام ) ، فقد كان مضرب المثل في حلمه وكظمه للغيظ ، ويقول الرواة : انه كان يعفو عمن أساء إليه ، ويصفح عمن اعتدى عليه ، وذكر الرواة بوادر كثيرة من حلمه كان منها :
    1 ـ ان شخصين من أحفاد عمر بن الخطاب كان يسئ للإمام موسى ويسب جده الامام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، فأراد بعض شيعة الامام اغتياله فنهاهم عن ذلك ، ورأى أن يعالجه بغير ذلك فسأل عن مكانه.
    فقيل له : إن له ضيعة في بعض نواحي يثرب وهو يزرع فيها فركب الامام بغلته ، ومضى متنكرا إليه.
    فأقبل نحوه فصاح به العمري لا تطأ زرعنا فلم يحفل به الامام إذ لم يجد طريقا يسلكه غير ذلك ، ولما انتهى إليه قابله الامام ببسمات فياضة بالبشر قائلا له :
    كم غرمت في زرعك هذا ! ..
    مائة دينار ...
    كم ترجو ان تصيب منه ؟
    أنا لا أعلم الغيب ...
1 ـ البحار 11 / 265.
2 ـ أصول الكافي 2 / 134.


(75)
    انما قلت : لك كم ترجو أن يجيئك منه !
    أرجو أن يجيئني منه مائتا دينار.
    فأعطاه سليل النبوة ثلاث مائة دينار ، وقال : هذه لك وزرعك على حاله.
    فانقلب العمري رأسا على عقب وخجل على ما فرط في حق الامام ، وانصرف الامام عنه وقصد الجامع النبوي ، فوجد العمري قد سبقه فلما رأى الامام قام إليه ، وهو يهتف بين الناس :
    الله اعلم حيث يجعل رسالته فيمن يشاء ..
    وبادر أصحابه منكرين عليه هذا التغيير فأخذ يخاصمهم ويذكر مناقب الامام ومآثره.
    والتفت الامام إلى أصحابه قائلا : أيما كان خيرا ؟ ما أردتم أو ما أردت أن أصلح أمره بهذا المقدار (1).
    لقد عامل الامام مبغضيه ومناوئيه بالاحسان واللطف فاقتلع من نفوسهم النزعات الشريرة ، وغسل أدمغتهم التي كانت مترعة بالجهل والنقص ، وقد وضع امامه قوله تعالى : ( ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولى حميم ) ..
    2 ـ ومن آيات حلمه أنه اجتاز على جماعة من أعدائه كان فيهم ابن هياج فأمر بعض أتباعه ان يتعلق بلجام بغلة الامام ويدعي أنها له ، ففعل ذلك ، وعرف الامام غايته فنزل عن البغلة وأعطاها له (2).
    وقد اعطى الامام بذلك مثلا أعلى للحلم وسعة النفس ، وكان ( عليه السلام ) يوصي أبناءه بالتحلي بهذه الصفة الكريمة فقد قال لهم :
    يا بنى أوصيكم بوصية من حفظها انتفع بها ، إذا أتاكم آت ، فأسمع أحدكم في الاذن اليمنى مكروها ، ثم تحول إلى اليسرى فاعتذر لكم ، وقال : إني لم أقل شيئا فاقبلوا عذره (3).
    وبهذه الوصية نقف على مدى حلمه وسعة أخلاقه ، وعدم مقابلة المسئ بالمثل وهذه الظاهرة من أهم الوسائل الداعية إلى التآلف وجمع الكلمة بين الناس
1 ـ تأريخ بغداد 13 / 28 ـ 29.
2 ـ البحار 11 / 277.
3 ـ الفصول المهمة ( ص 22 ).
حياة الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام الجزء الأول ::: فهرس