مبادئ الوصول إلى علم الاصول ::: 46 ـ 60
(46)
    ثانيا : القرآنية ، كما في لفظة اللسان واللغات.
    ثالثا : الاصطلاحية ، كما في لفظة التوقيفية والمحكم والمتشابه وغيرها.
    رابعا : العقائدية ، كما في لفظة الاعتزال والحنفية والاشاعرة.
    خامسا : المكانية ، كما في لفظة الصفا والمروة.

    فنعمل على توضيح العبارات المغلقة في المتون ، مع مراعاة الدقة والوضوح والاستيعاب والاختصار عند التعليقة الواحدة ، وأن تكون أية واحدة منها مأخوذة من مصادرها المعنية الموثوقة المعترف بها.
    فمثلا !! التعليقة النحوية نرجع بها إلى كتب النحو ، والبلاغية إلى كتب البلاغة ، والاصولية إلى كتب الاصول ، وهكذا ...

    وذلك بالعمل على تخريج ما موجود : من آيات قرآنية ، وأحاديث نبوية أو صحابية ، ونصوص توراتية ، من مظانها من المصادر المعتمدة في هذا المجال ، مع ذكر اسمائها وأجزائها وأرقام صفحاتها ، بالاضافة إلى ما موجود من إختلافات في ألفاظها وجملها.

    بأن تكون مطابقة وواضحة ، وأحيانا متعددة ، لمعظم ما يرد في الكتاب من قواعد أصولية.
    كي تكون الفائدة أتم ، وسهلة التناول لدى الغالبية من المعنيين بالدراسات الاصولية ، وكل في حدود استعداداته الذهنية.


(47)
    وذلك باعطاء صورة مختصرة عن حياة كل منهم ، من حيث أزمانهم ونوع المدارس الفقهية أو الكلامية التي ينتسبون إليها ، مع ذكر أهم أعمالهم والنتاج الثقافي لديهم ، خاصة ما يتعلق منه بعلم الاصول ، الذي نحن بصدد التعليق عليه.

    وذلك بالعودة إلى تلك التي حدثت في صدر الاسلام منها خاصة ، والتي استدل المؤلف وغيره ، عن طريقها ، على نوعية الاحكام الفقهية.
    ثم كيفية الاستفادة منها بعد ذلك ، في إنتزاع الافكار الاصولية ، أو التأكيد على آرائه ، ومدى شرعيتها في بحوث وفصول مبادئه الوصولية.

    الخطوة الثالثة : في الاخراج
    وهي تتلخص في نقاط ثلاث :

    وهو يعني : ملازمة النص الكتابي ، لتوزيعه بحسب عناوينه ومعنوناته أولا ، ثم إلى فقراته وجمله ثانيا ، مع مراعاة فنية الترقيم والتنقيط خلاله ثالثا.
    علما بأن ما يصحب مثل هذا السير من تصرفات ، كالزيادة المحصورة بين قوسين مركنين ، هي تصرفات مشروعة تقتضيها فنية التوزيع ، لكن لمن هو مختص بمثل إجراء هذا النوع من التحقيقات.


(48)
ـ 2 ـ
    أما العناوين : فقد وزعت إلى :
    أولا : الرئيسة منها ، وهي الفصول بالنسبة إلى هذا الكتاب.
    ثانيا : الثانوية ، وهي البحوث المتفرعة عن فصولها.
    ثالثا : الثالثية ، وهي المدلولات للبحوث وخلاصاتها ، مع مراعاة انتزاع ما لم يوجد منها في بحوثها ، وحصر الواحد منها بين نجمتين ، للاشارة إلى كون ما في الاصل عدم وجودها.
ـ 3 ـ
    وأما موضوعاتها : فقد وزع كل واحد منها ، إلى مجموعة الفقرات التي يتركب عندها ، على إعتبار أن كل واحدة منها تحمل فكرة معينة خاصة بها ، تتحدد هي الاخرى بالجملة أو مجموعة المجل ، التي تنتظم في عقدها.
ـ 4 ـ
    وأما التنقيط : فهو يعني بإختصار ، استعمال الادوات الخاصة به ، على حسب ما يناسبه من مواضع ، من فوارز ونقط وعلامات استفهام وتعجب وأقواس وأرقام وغيرها.

    إن توفير الفراغات في الكتاب ـ أي كتاب ـ ، ضرورة يمليها نفس تبويب موضوعاته ، باعتبار عناوينها من جهة ، وتوزيع الفقرات بحسب مضامينها من جهة ثانية ، ومبررات الشد الفكري المرجو نتيجة ذلك من جهة ثالثة.


(49)
    لكنها في الوقت نفسه ، لابد أن تكون في حدود المألوف الذي يلم الكتاب ، لا الكثيرة التي تبعث على تفككه ، ولا الهزيلة التي توجب تشوشه.
    الامر الذي يتسني معه ، أن يحضى القارئ بفرص من الراحة ، ولحظات من التأمل ، وتطلعات من الشوق ، تمكنه من المتابعة ، فنتمكن بالتالي من إطلاعه على المطلوب من المهام ، على أحسن صورة وعلى خير ما يرام.
    وعلى ما مر !! إلتزمنا في فراغاتنا أزاء أقسام الكتاب الثلاثة بما يلي :
    الاول : الخاص بأوليات الكتاب !! فقد أقمنا الصفحة الاولى على مجرد ذكر اسم الكتاب الاصل ، متبوعة بثانية تحمل رقم الطبعة واسم المطبعة ومكانها وزمانها ، فثالثة مختصة بفهرست اجمالي عن الكتاب ككل ، مشفوعة بصفحة فراغ تام ، فخامسة متصدية لفهرسة أوليات الكتاب اجمالا ، تعقبها صفحة تحمل اسم قائل الكلمة حول الكتاب ، فسابعة وما بعدها ، هي كلمة المرتضى عنها ، فتاسعة لتعريف مقدم بين يدي الكتاب ، فاهداء مباشر لها ، فحادية عشرة موقوفة لشكر الرجال الذين كانوا معنا على الطريق ، فتالية تأتي بعدها معنية ببيان خلاصة عن الابطال الذين واحدهم المترجم له ، ثم أخيرا تتوالى فقرات الترجمة على وجه التفصيل ، يشد بعضها البعض ، مع تمييز لاحداها عن الاخرى ، بالفراغات الجانبية والبينية ، فالبيضات الاولية والنهائية ، التي يستلزمها توزيع تلك الفقرات.
    الثاني : الخاص بأصل الكتاب !! حيث أفردنا صفحة مستقلة تحمل اسم الكتاب ومؤلفه ، متبوعة كذلك بفراغ تام ، ثم ثالثة حاوية للبسملة فرابعة قائمة بالحمدلة ، ثم بعد ذلك إيقاف صفحة واحدة لكل فصل من فصول الكتاب ، مركنة برقمه وموضوعه ، وأخيرا تتوالى بحوث الفصول وفقراتها ، مميزة إحداها عن الاخرى ، بالفراغات الجانبية والبينية


(50)
فالبياضات الاولية والنهاية ، التي يستلزمها توزيع تلك الفقرات ضمن بحوثها.
    الثالث : الخاص بمجموعة الفهارس !! كذلك أوقفنا صفحة على ذكر الفهرست الاجمالي لها ، تليها صفحة بفراغ تام ، ثم تتتابع فهارس الكتاب على وجه التفصيل ، سالكين معها نفس الخط الذي سلكناه في توزيع فراغات الاوليات من جهة ، والفصول من جهة ثانية.

    وطريقتنا هنا تتلخص بالنقاط التالية :
    أولا : أن تكون العناوين الاساسية والثانوية ، مخطوطة بخط جميل يتناسب في تنويعه ويتعدد ، تعدد تشكيلاتها الحروفية ، وقد راعينا في كتابات أهمها ، أن تكون لمعلم الجيل ، الاستاذ الخطاط الشهير هاشم محمد البغدادي.
    ثانيا : أن تكون الحروف الطباعية ، من النوع المسبوك سبكا جيدا وبأحجام عديدة ، تتنوع بحسب موقعها من الكتاب ، فالمتن الاصل بحرف ذي حجم 20 عادي ، والهامش بحرف ذي حجم 18 عادي ، ومدلولات البحوث بحرف ذي حجم 12 أسود.
    ثالثا : أن يكون الورق المستعمل في طباعة الكتاب ، من النوع الجيد ، كالمعروف بزنة 80 أو 70 غراما ، ومن القطع المصطلح عليه طباعيا ب‍ « الوزيري » بقياس 17 سم r 23 سم تقريبا.
    رابعا : أن يجلد الكتاب ، بعد انهائه طباعيا ، تجليدا نظيفا ، يمتاز غلافه بالمتانة والتذهيب واللون المناسب.


(51)
    الخطوة الرابعة : في الفهرسة
    لم يعد هناك أدنى شك ، خصوصا يومنا هذا ، أن الفهرسة تعتبر في حياة الباحثين ، شيئا ضروريا ، ذلك لانها تمثل الدليل الذي يستر شدون به إلى ضالتهم المنشودة ، في استكناه ما موجود من أرصدة علمية لموضوعهم المبحوث عنه ، من مصادره الموسوعية ، وعلى الاخص القديم منها ، وبحسب مواضعها من أرقام صفحاتها. فيمكنهم بالتالي الاحاطة بما يرومون دراسته ، بأدق المعلومات ، وأجمع مواردها ، وأخصر طريق ، وأدنى جهد.
    هذا فضلا عن أنها كشاف حي ، للتعرف على تأريخ الافكار ، وحدود المنجز وما لم ينجز منها.
    ونحن بموجب تلك الضرورة ، إلتزمنا بوضع مجموعة من الفهارس في نهاية الكتاب ، تمثل عرضا موجزا بمعظم الجوانب المهمة من جوانب صفحاته ، على أننا لاحظنا في ترتيب معظمها أن تكون على الطريقة الابتثية.
    هذا هو !! قارئي العزيز ، جهدنا الذي حق لنا أن نقضي فراغنا فيه.
    وها هو إليك ـ تنقل فيه ـ كما يلي :


(52)

(53)


(54)

(55)
بسم الله الرحمن الرحيم


(56)
    الحمد لله المتفرد بالازلية والدوام ، المتوحد بالجلال والاكرام ، المتفضل بسوابغ الانعام ، المتقدس عن مشابهة الاعراض والاجسام.
    وصلى الله على سيد الانام ، محمد المصطفى وعترته الاماجد الكرام.
    أما بعد.
    فهذا : كتاب مبادئ الوصول إلى علم الاصول ، قد اشتمل من علم اصول الفقه على ما لابد منه ، واحتوى على ما لا نستغني عنه.
    نرجو بوضعه : التقرب إلى الله تعالى ، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
ورتبته
على
فصول :


(57)
    الفصل الاول
في : اللغات
وفيه : مباحث


(58)
في : أحكام كلية
    ذهب جماعة (1) : إلى أن اللغات توقيفية (2) :
    لقوله تعالى : « وعلم آدم الاسماء كلها » [ 2 / 32 ] ، وقوله تعالى : « واختلاف ألسنتكم » [ 30 / 23 ] ، والمراد به اللغات (3).
    وقال أبو هاشم (4) : إنها إصطلاحية (5) ، لقوله تعالى :
1 ـ منهم : أبو الحسن الاشعري ، وابن فورك.
« المزهر : 1 / 16 بتصرف ».
2 ـ بمعنى أن الله عزوجل : وقف آدم (ع) على ما شاء أن يعلمه إياه ، مما إحتاج إلى علمه في زمانه ، وانتشر من ذلك ما شاء الله ، ثم علم بعد آدم من الانبياء ـ صلوات الله عليهم ـ نبيا نبيا ، ما شاء أن يعلمه ، حتى انتهى الامر إلى نبينا محمد صلى الله عليه وآله ، فآتاه الله من ذلك ، ما لم يؤته أحدا قبله ، تماما على ما أحسنه من اللغة المتقدمة ، ثم قر الامر قراره فلا نعلم لغة من بعده حدثت.
« المزهر : 1 / 9 »
3 ـ كما في : المزهر 1 / 16 ، وتفسير الطبري : 21 / 32 ، وتفسير التبيان : 8 / 239.
4 ـ هو : عبد السلام بن عبد الوهاب الجبائي ( 247 ـ 321 ه‍ ) أحد أعلام معتزلة البصرة ، تبعته فرقة سميت فرقة البهشمية ، نسبة إلى كنيته أبي هاشم. أعلام الزركلي : 4 / 130 ـ 131 ، والملل والنحل : 1 / 103 ـ 112 ، والمعتزلة : 1 / 153 ـ 156.
5 ـ وذلك : بأن يجتمع حكيمان أو ثلاثة فصاعدا ، فيحتاجوا


(59)
« وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه » [ 14 / 5 ].
    ولا يجب أن يكون لكل معنى لفظ (1) ، وإلا لزم عدم تناهي الالفاظ ، بل الواجب وضع اللفظ لما تكثر الحاجة إلى التعبير عنه.
    والعلم باللغة : واجب ، لوجوب معرفة الشرع المتوقف عليها.
    والكلام عند المعتزلة (2) : هو المنتظم من الحروف المسموعة المتميزة ، المتواضع عليها. إذا صدرت عن قادر واحد.
إلى الابانة عن الاشياء المعلومات ، فيضعوا لكل واحد منها سمة ولفظا ، إذا ذكر عرف به ما مسماه. ليمتاز عن غيره ، وليغني بذكره عن إحضاره إلى مرآة العين ، فيكون ذلك أقرب وأخف واسهل ، من تكلف احضاره لبلوغ الغرض في إبانة حاله. « المزهر : 1 / 12 »
1 ـ لعدم تناهي المعاني. « غاية البادي في شرح المبادي : ص 8 »
2 ـ الاعتزال : مذهب كلامي في اصول الدين ، مؤسسه واصل ابن عطاء ، في مطلع القرن الثاني الهجري ، ومن جملة مبادئه : أن الله تعالى قديم ، وأن الحكيم لا يفعل إلا الصلاح والخير ، وأن العبد قادر ، خالق لافعاله.
    وهو ذو مدارس متعددة ، لكل منها عناصر خاصة بها ، وإن كانت جميعها تلتقي في عناصر مشتركة بينها.
    هذا !! ومن جملة مدارسه : الهذيلية أصحاب أبي الهذيل محمد بن الهذيل ، والجبائية جماعة أبي علي محمد بن عبد الوهاب وابنه أبي هاشم عبد السلام.
    الملل والنحل : 1 / 57 ـ 112 ، والمعتزلة : 1 / 1 ـ 267 ، وأمالي المرتضى : 1 / 163 ـ 169.


(60)
    ويطلق على الجملة المفيدة (1).

في : تقسيم الالفاظ
    وهو من وجوه :
    أحدها : أن اللفظ إن دل على الزمان المعين بصيغته (2) فهو الفعل ، وإلا فهو الاسم إن استقل بالدلالة ، وإلا فهو الحرف ،
    الثاني : اللفظ إما مفرد وإما مركب ، فالاول ما لا يدل جزوه على جزو معناه حين هو جزؤه كزيد (3)
1 ـ اعلم : أن الكلام عند الاصوليين ، أعم من الكلام عند النحويين فإنهم أخذوه بحيث يشمل الكلمة والجملة المفيدة ، فمفهوم الكلام عندهم هو القدر المشترك بينهما ، أي بين تعريف المعتزلة وتعريف النحويين.
« غاية البادي : ص 9 ، جمعا بين المتن والهامش »
2 ـ إنما قال بصيغته : لان الكلمة إذا دلت على زمان معين لا بصيغتها لا تكون فعلا بل إسما ، كالمتقدم والمتأخر والماضي والمستقبل ، ما أشبه ذلك من الاسماء التي تدل بموادها على أزمنة بأعيانها.
« غاية البادي : ص 11 ».
3 ـ وعبد الله وعبد الحسين ، وهذان الاخيران ، إذا كانا اسمين لشخصين ، فأنت لا تقصد بجزء اللفظ « عبد » و « الله » و « الحسين » معنى أصلا ، حينما تجعل مجموع الجزئين دالا على ذات الشخص.
وما مثل هذا الجزء إلا كحرف « م‍ » من محمد وحرف « ق‍ » من قرأ ، وحرف « ي‍ » من زيد.
مبادئ الوصول إلى علم الاصول ::: فهرس