مبادئ الوصول إلى علم الاصول ::: 76 ـ 90
(76)
    والتخصيص : أولى من الاشتراك ، لانه خير من المجاز (1).
    والمجاز : أولى من النقل ، لافتقار النقل إلى الاتفاق عليه بين أهل اللغة (2).
    والاضمار : أولى منه ، لما تقدم (3).
    والتخصيص : أولى من النقل ، لانه (4) خير من المجاز (5).
    والمجاز : أولى من الاضمار لكثرته (6).
« واسأل القرية ... » ، فإنه لو لا أن يعلم كل واحد ، أن المضمر هو « أهل القرية » ، لم يجز الاضمار. كما لم يجز في قولك : « ضربت زيدا » وأنت تريد « غلام زيد ». « غاية البادي : ص 42 بتصرف »
1 ـ لان التخصيص خير من المجاز كما سيأتي ، والمجاز خير من الاشتراك كما تقدم.
فالخير ، من الخير من الشيء ، خير من ذلك الشيء لا محالة.
« غاية البادي : ص 42 »
2 ـ وذلك متعذر أو متعسر ، والمجاز يحتاج إلى قرينة وذلك متيسر.
« غاية البادي : ص 42 »
3 ـ إذا وقع التعارض بين النقل والاضمار ، فالاضمار أولى لعين ما تقدم ، من أن المجاز خير من النقل.
« غاية البادي : ص 42 ـ 43 »
4 ـ مرجع الضمير : التخصيص            « كما في هامش المصورة : ص 6 »
5 ـ على ما يأتي ، والمجاز خير من النقل على ما تقدم.
« غاية البادي : ص 42 ـ 43 »
6 ـ والكثرة امارة الرجحان            « المصدر السابق نفسه »


(77)
    والتخصيص : أولى من المجاز لاستعمال اللفظ مع التخصيص في بعض موارده (1) ، ومن الاضمار لانه أدون من المجاز (2).

في : تفسير حروف يحتاج إليها (3)
    الواو : للجمع مطلقا (4).
1 ـ لان اللفظ العام إذا تجرد عن قرينة التخصيص ، يحمل على ما وضع له ، فيحصل مراد المتكلم وزيادة ، بخلاف المجاز فإنه إذا تجرد عن القرينة ، يحمل على الحقيقة ، فيحصل غير مراده.
« غاية البادي : ص 43 »
2 ـ لان التخصيص خير من المجاز ، والمجاز إما خير من الاضمار أو مساويه ، وعلى التقديرين يلزم أن يكون التخصيص خيرا من الاضمار.
« غاية البادي : ص 43 ـ 44 »
3 ـ لانها حين تدخل على الجمل ، تغير معانيها ، وتحدث فيها فوائد لم تكن فيها قبل ذلك.
« عدة الأصول : 1 / 13 بتصرف »
4 ـ أي : أن الواو العاطفة معناها مطلق الجمع.
فتعطف الشيء على مصاحبه ، نحو « فأنجيناه وأصحاب السفينة » وعلى سابقه نحو « ولقد أرسلنا نوحا وابراهيم » ، وعلى لاحقه نحو « كذلك يوحى إليك وإلى الذين من قبلك ».
فعلى هذا !! إذا قيل : قام زيد وعمرو ، احتمل ثلاثة معان.
وقول بعضهم : إن معناها الجمع المطلق غير سديد ، لتقييد الجمع


(78)
    لعدم التناقض (1) !! في مثل : رأيت زيدا وعمرا قبله ، وللتكرار (2) لو قيل : بعده.
    ولسؤال الصحابة (3) ؟! عن البداءة بالصفا والمروة (4).
بقيد الاطلاق ، وإنما هي للجمع لا بقيد.
« مغني اللبيب : 2 / 354 بتصرف واختصار »
1 ـ اعلم !! أن الواو العاطفة للجمع المطلق ولم تفد الترتيب. قال أبو علي الفارسي : أجمع نحاة الكوفة والبصرة عليه ، وكفى إجماعهم دليلا على المدعى.
ولكن !! لو أردنا الاستظهار بالدليل نقول : إنها لو كانت للترتيب للزم التكرار في قول القايل : رأيت زيدا وعمرا بعده ، والتناقض في قوله قبله ، في حين أن صدق الملازمة وبطلان التالي معلومان.
« غاية البادي : ص 44 بتصرف »
2 ـ أي : لعدم التكرار.
« هامش المصورة : ص 6 »
3 ـ لما أرادوا السعي بين الصفا والمروة ، قالوا : بم نبدأ يا رسول الله ؟! قال : « إبدأوا بما بدأ الله به ».
فلو كانت الواو مفيدة للترتيب ، لما اشتبه على أهل اللسان ، ولما احتاجوا إلى السؤال ، لانه حينئذ معلوم من قوله تعالى : « إن الصفا والمروة من شعاير الله ».
« غاية البادي : ص 44 بتصرف »
4 ـ وهما جبلان ، بين بطحاء مكة والمسجد.
أما الصفا : فمكان مرتفع من جبل أبى قبيس ، ومن وقف على


(79)
    ولان أهل اللغة قالوا : إنها كواو الجمع (1).
    وقيل : للترتيب (2) ، للحاجة إلى التعبير عنه (3) ، وهو معارض بمطلق الجمع (4) ، مع أولوية ما قلناه.
الصفا ، كان بحذاء الحجر الاسود.
« معجم البلدان للحموي : 3 / 411 باختصار »
1 ـ إن أهل اللغة أجمعوا على : أن الواو العاطفة في المختلفات ، بمنزلة واو الجمع في المتفقات.
ومعنى ذلك : أن العرب ، إذا أرادوا جمع الاسماء في حكم ، فإن كانت متفقة ، كمسلم ومسلم ومسلم مثلا ، أتوا بواو الجمع ، فقالوا : جاء المسلمون.
وإن كانت مختلفة : كزيد وعمرو وبكر ، أتوا بالواو العاطقة ، فقالوا : جاء زيد وعمرو وبكر.
فكما أن واو الجمع لم تفد الترتيب ، فكذا واو العطف.
« غاية البادي : ص 45 »
2 ـ والقائل به : قطرب ، والربعي ، والفراء ، وثعلب ، وأبو عمرو الزاهد ، وهشام ، والشافعي. « مغني اللبيب : 2 / 354 بتصرف »
3 ـ مرجع الضمير : الترتيب الذي تفيده واو العطف.
4 ـ أي : أن الجمع المطلق أيضا معنى معقول ، فيحتاج إلى التعبير عنه ، وليس شيء يصلح لذلك إلا الواو. « غاية البادي ص 46 »


(80)
    والفاء : للتعقيب ، على حسب ما يمكن (1).
    وفي : للظرفية (2) ، تحقيقا أو تقديرا (3).
    ومن : لابتداء الغاية (4) ، وللتبعيض (5) ، والتبين (6) ،
1 ـ ترد الفاء على ثلاثة أوجه : العاطفة منها تفيد ثلاثة أمور ، أحدها التعقيب.
    وهو في كل شيء بحسبه ، ومنه ـ على قول قوي ـ قوله تعالى « ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة ، فخلقنا المضعة عظاما ، فكسونا العظام لحما ».
« مغني اللبيب : 1 / 161 ـ 162 بتصرف »
2 ـ وهي : إما مكانية أو زمانية ، وقد اجتمعتا في قوله تعالى « ألم غلبت الروم في أدنى الارض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين ».
« مغني البيب : 1 / 168 »
3 ـ التحقيق : كما مر أعلاه.
والتقدير : أي المجاز ، نحو قوله تعالى : « ولكم في القصاص حياة ».
« مغني اللبيب : 1 / 168 بتصرف »
4 ـ تقع لهذا المعنى في غير الزمان ، نحو « من المسجد الحرام » ، « إنه من سليمان » ، وفي الزمان أيضا ، بدليل « من أول يوم ». وفي الحديث « فمطرنا من الجمعة إلى الجمعة ».
« مغني البيب : 1 / 318 ـ 319 »
5 ـ نحو : « منهم من كلم الله » ، وعلامتها إمكان سد « بعض » مسدها.
« مغني اللبيب : 1 / 319 »
6 ـ أي : بيان الجنس ، نحو قوله تعالى « فاجتنبوا الرجس من الاوثان »


(81)
وصلة (1).
    والباء : قيل للتبعيض (2) ، فيما يتعدى بنفسه (3).
معناه : اجتنبوا الرجس هو الاوثان.
« جمعا بين المغني : 1 / 319 ، والعدة : 1 / 14 بتصرف واختصار »
1 ـ أي : الزيادة ، كقولك : ما جاءني من أحد.
    وشرط زيادتها : تنكير مجرورها ، وكونه فاعلا أو مفعولا به أو مبتدأ ، وتقدم نفي أو نهي أو استفهام بهل.
    نحو : « وما تسقط من ورقة إلا يعلمها » ، « ما ترى في خلق الرحمان من تفاوت » ، « فارجع البصر هل ترى من فطور ؟ ».
« جمعا بين غاية البادي : ص 47 ـ 48 ، والمغني : 1 / 323 »
2 ـ أثبت ذلك : الاصمعي والفارسي والقتبي وابن مالك ، قيل : والكوفيين ...
« المغني : 1 / 105 »
3 ـ أي : مع الفعل الذي يتعدى بنفسه ، كما في قوله تعالى « وامسحوا برؤوسكم » ، أي بعض رؤوسكم ، كما في المغني : 1 / 105.
والذي يؤكد كون الفعل « مسح » مما يتعدى بنفسه ، هو ما نص عليه الراغب الاصفهاني ـ بالمثال ـ في مفرداته : ص 467.
كما والذي يؤيد كون الباء تبعيضية ، الرواية المنقولة عن زرارة عن الصادق « ع » : « لما قال له : من أين علمت أن المسح ببعض الرأس ؟ قال « ع » : لمكان الباء » ، وهي مذكورة بالتفصيل في الوسائل : 1 / 291.


(82)
    وإنما : للحصر بالنقل (1).
1 ـ نقل عن أهل اللغة أن إنما موضوعة للحصر ، أي لاثبات المذكور ونفي ما عداه ، وهذا مما يؤكده قول الفرزدق :
أنا الذائد الحامي الذمار وإنما يدافع عن أحسابهم أنا أو مثلي
وذلك !! أولا : إذ لو لم تكن للحصر ، لوجب إجراء الكلام على ظاهره ، وهو غلط ، إذ لا يقال : يدافع أنا ، بل يقال : أدافع. وأما إذا كان للحصر ، فيستقيم الكلام ، لان التقدير حينئذ ، ما يدافع إلا أنا ، وبطلان اللازم ظاهر لكونه من فحول الفصحاء.
ثانيا : إن مقصود الشاعر من هذا البيت الافتخار والافتخار لا يحصل إلا على تقدير ، أن تحصل المدافعة منه ومن مثله لا من غيرهما ، وهو معنى الحصر
« غاية البادي : ص 48 ـ 49 بتصرف واختصار »

(83)
    الفصل الثاني
في : الاحكام
وفيه : مباحث


(84)
في : الفعل
    الفعل : إما أن يكون على صفة ، لاجلها يستحق فاعله الذم ، وهو القبيح .. أو !! لا : وهو الحسن.
    والقبيح : حرام ، ويقال : محضور (1).
    والحسن : إما أن يذم تاركه شرعا ، وهو الواجب ، ويسمى أيضا الفرض .. أو لا يذم.
    فإن كان فعله راجحا في الشرع : فهو المستحب ، والمندوب والنفل ، والتطوع ، والسنة.
    وإن كان مرجوحا : فهو مكروه.
    وإن تساويا : فمباح ، وحلال ، وطلق.
    فالاحكام : هذه الخمسة لا غير (2).
1 ـ هكذا في المصورة : ص 7 ، والظاهر أنه اشتباه ، والصحيح : محظور ، بالظاء اخت الطاء.
2 ـ أقول : هذه هي الاحكام الشرعية ، وهي خمسة ، بدليل الحصر العقلي ، الذي ذكره المصنف. « غاية البادي : ص 49 »


(85)
في : الحكم
    الحكم : قد يكون صحيحا ، وهو في العبادات : ما وافق الشريعة وفي المعاملات : ما يترتب عليه أثره.
    وقد يكون فاسدا : وهو ما يقابلها.
    ويطلق عليه الباطل (1).
1 ـ أقول : أما في العبادات ، فأريد بالصحيح ما وافق الشرع ، وبالفاسد خلافه ، هذا عند المتكلمين.
وأما الفقهاء : فإنهم يريدون بالصحيح ما أسقط القضاء وبالفاسد ما لم يسقطه.
    وفائدة الخلاف : تظهر في صورة صلاة ضان الطهارة ، فإنها صحيحة عند المتكلمين ، وفاسدة عند الفقهاء ، لانها لم تسقط القضاء.
وفي المعاملات : أريد بالصحيح ما يترتب عليه أثره ، وبالفاسد خلافه.
ولا فرق بين الفاسد والباطل ، خلافا للحنفية ، فإنهم جعلوا الفاسد واسطة بين الصحيح والباطل ، وقالوا : إنه الذي يكون منعقدا بأصله لكن لا يكون مشروعا بسبب وصفه ، كعقد الربا مثلا ، فإنه مشروع من حيث أنه بيع ، وممنوع من حيث أنه مشتمل على الزيادة.
« غاية البادي. ص 51 ـ 52 »

(86)
في : العبادات
    الاجزاء في العبادات : ما أسقط الامر.
    والاداء : ما فعل في وقته (1).
    والاعادة : ما فعل ثانيا ، لوقوع خلل في الاول.
    والقضاء : هو فعل الفائت في غير وقته المحدود.

في : الحسن والقبح
    الحكم بالحسن والقبح : قد يكون ضروريا ، كحسن الصدق النافع ، وقبح الكذب الضار. ونظريا : كحسن الصدق الضار ، وقبح الكذب النافع ، وسمعيا ، : كحسن صوم رمضان ، وقبح صوم العيد.
    لانا نعلم بالضرورة : حسن الصدق وقبح الكذب ، مع تساويهما في المنافع.
    وللفرق بين الصادق والكاذب في مدعي النبوه.
    وللوثوق بوعده تعالى ووعيده.
1 ـ سواء كان مضيقا أو موسعا. « غاية البادي : ص 52 »

(87)
    ومن جعل ذلك شرعيا ، أبطل هذه الاحكام ، ولزم بطلان الشريعة.

في : شكر المنعم
    شكر المنعم واجب عقلا (1) ، والضرورة قاضية به.

في : الاشياء
    الاشياء قبل ورود الشرع على الاباحة ، لانها نافعة خالية عن أمارة المفسدة ، ولا ضرر على المالك في تناولها (2) فكانت مباحة.
1 ـ لامن العقاب ، أو زوال النعمة بتركه وهو الفائدة ، أو استحقاق المدح ، أو الزيادة ، أو هو لنفسه.
« زبدة الاصول : ص 42 ـ 43 »
2 ـ فلان المالك هو الله تعالى ، وهو لا يتضرر بشئ.
« غاية البادي : ص 58 »

(88)

(89)
    الفصل الثالث
في : الاوامر والنواهي
وفيه : مباحث

(90)
في : الامر
    الامر : هو اللفظ الدال على طلب الفعل ، على جهة الاستعلاء (1).
    وهو : حقيقة في القول ، مجاز في الفعل ، وإلا لزم الاشتراك.
    والطلب : هو إرادة المأمور به.
    والامر : إسم للصيغة الدالة على الترجيح ، لا لنفس الترجيح لانهم قالوا : الامر من الضرب إضرب.
    ودلالة الصيغة على الطلب ، لا يتوقف على الارادة ، لانها
1 ـ قوله : « اللفظ » ، بمنزلة الجنس البعيد للامر ، لكونه شاملا لجميع الالفاظ حتى المهملات.
وقوله : « الدال على طلب الفعل » ، كالفصل ، لانه يخرج عن التعريف جميع المهملات ، وجميع ما دل على غير الطلب من الاخبارات والانشاءات والكلمات.
وقوله : « على جهة الاستعلاء » ، كفصل ثان. لانه يخرج اللفظ الدال على الطلب ، على سبيل التضرع ، كقولنا : « اللهم إغفر لنا » أو لا على سبيل التضرع ، كقول القائل لنظيره : إعطني الشيء الفلاني ، فان الاول دعاء والثاني إلتماس. « غاية البادي : ص 59 بتصرف »
مبادئ الوصول إلى علم الاصول ::: فهرس