مبادئ الوصول إلى علم الاصول ::: 91 ـ 105
(91)
موضوعة له ، كغيرها من الالفاظ ، خلافا للجبائيين (1).

في : أن صيغة إفعل للوجوب
    ذهب الاكثر : إلى أن صيغة إفعل للوجوب (2).
    لقوله تعالى : « ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك ... ». [ 7 / 13 ] (3) ، ولولا أنه للوجوب لما ذمه.
1 ـ وهما البصريان : أبو علي محمد ، وابنه أبو هاشم عبد السلام.
وقد ذهبا : إلى أن دلالة الصيغة على الطلب ، تتوقف على الارادة « جمعا بين هوامش المسلماوي : ص 11 والملل والنحل : 1 / 103 بتصرف »
2 ـ وهو مذهب : أكثر الفقهاء والمتكلمين وأبو الحسين والشافعية.
ويتحقق الامر !! بكل تعبير يعطي معناه.
أمثال : فعل الامر نحو اقرأ صل .. والفعل المضارع المقترن بلام الامر نحو لتقرأ لتصم .. واسم فعل الامر ، نحو صه عليك مكانك .. والفعل المضارع المقصود به الانشاء ، نحو يقرأ يعيد صلاته ، إطلب منك أن تكتب .. والجملة الاسمية المقصود بها الانشاء ، نحو الصلاة مطلوبة منك زكاة الفطرة عليك .. والمصدر النائب عن فعل الامر ، نحو إعادة للفعل صياما. « جمعا بين غاية البادي : ص 66 ، ومبادئ أصول الفقه : ص 41 ـ 42 بتصرف »
3 ـ هكذا في القرآن العزيز.
وفي المصورة ص 10 ، « ما منعك أن تسجد » باحلال « أن » محل « ألا ».


(92)
    وكذا قوله تعالى : « وإذا قيل لهم إركعوا لا يركعون » [ 77 / 49 ] (1).
    ولقوله عليه السلام : « لولا أن أشق على امتي لامرتهم بالسواك » (2) ، مع ثبوت الندبية.
    ولان تارك المأمور به عاص (3) والعاصي يستحق العقاب لقوله تعالى : « ومن يعص الله ورسوله ... ». [ 72 / 24 ].
    وقال آخرون : إنه للقدر المشترك ، بين الوجوب والندب (4)
وهو اشتباه ، الظاهر أن سببه إما النسخ وإما ملاحظة المعنى المطلوب حيث المعنى هو « ما منعك أن تسجد » ، كما في مجمع البيان : 3 / 401.
1 ـ فإنه سبحانه ذمهم على مخالفتهم الامر ، ولو لا أنه للوجوب لم يتوجه الذم. « معالم الدين : ص 43 ».
2 ـ مسند أحمد بن حنبل : 1 / 80 ، ومصادر أخر مذكورة في مفتاح كنوز السنة : ص 247.
3 ـ لقوله تعالى : « لا يعصون الله ما أمرهم ».
« هامش المصورة : ص 10 »
4 ـ احتج القائلون : بأن صيغة إفعل ، في القدر المشترك ، وهو رجحان الفعل على الترك ، بأن الصيغة لما استعملت في الوجوب والندب لورودها في الندب تارة وفي الوجوب أخرى ، نحو « أقيموا الصلاة » و « كاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا ».
فلو كانت حقيقة في كل منهما لزم الاشتراك ، أو أحدهما فقط لزم المجاز وهما على خلاف الاصل ، فلا يكون حقيقة في كل منهما ولا في أحدهما فيكون حقيقة في القدر المشترك ، وهو المطلوب فبطل القول الاول الذاهب


(93)
    لانه قد استعمل فيهما (1) ، والمجاز والاشتراك على خلاف الاصل ، وهو جيد.
    إذا عرفت هذا !! فالامر الوارد بعد الحظر ، كالامر المبتدأ عند المحققين (2).
إلى الوجوب « هوامش المسلماوي : ص 13 ».
1 ـ فاما أن يكون حقيقة فيهما ، أو في أحدهما ، أو لا في هذا ولا في ذاك.
والاول : يستلزم الاشتراك ، والثاني : المجاز ، وهما منفيان بالاصل.
فبقي الثالث : وهو أن يكون حقيقة للقدر المشترك بينهما ، وهو مطلق الترجيح.
لان ذلك القدر معلوم ، وأما قيد جواز الترك وعدم جوازه ، فلا إشعار للصيغة بهما البتة.
« غاية البادي : ص 69 ـ 70 »
2 ـ والدليل عليه : أن المقتضي للوجوب ، السالم عن المعارض باق وكلما كان كذلك يكون الوجوب باقيا.
أما أن المقتضي باق فظاهر ، لان المقتضي هو الامر ، وهو باق.
وأما أنه سالم عن المعارض ، فلان المعارض ليس إلا كونه عقيب الحظر ، وذلك لا يمنع من الوجوب.
لانه كما جاز الانتقال من الحظر إلى الاباحة ، كذلك جاز الانتقال من الحظر إلى الوجوب ضرورة.
وذلك !! من قبيل القول للحائض والنفساء ، بعد أن تطهر ، صلي وصومي. وقول الرجل لابنه ، بعد أن أوجب عليه الحبس ، اخرج إلى المكتب.


(94)
في : أن الامر لا يقتضي التكرار
    الحق !! أن الامر المطلق ، لا يقتضي الوحدة ولا التكرار (1) خلافا لقوم فيهما (2).
    لان الصيغة وردت فيهما ، والمجاز والاشتراك على خلاف
فان هذه الاوامر واردة عقيب الحظر ، مع أنها مفيدة للوجوب.
« غاية البادي ص 70 ـ 71 بتصرف واختصار »
1 ـ لان المتبادر من الامر ، طلب إيجاد حقيقة الفعل ، والمرة والتكرار خارجان عن حقيقته ، كالزمان والمكان ونحوهما.
فكما أن قول القائل : « اضرب » ، غير متناول لمكان ولا زمان ولا آلة يقع بها الضرب ، كذلك غير متناول في كثرة ولا قلة.
« معالم الدين : ص 49 »
2 ـ إختلف الاصوليون في الامر العري عن القراين ، المفيدة للتكرار والوحدة.
فذهب أبو إسحاق وجماعة من الفقهاء والمتكلمين ، إلى أنه للتكرار مدة العمر مع الامكان.
وقال آخرون : أنه للمرة الواحدة ، ويحتمل التكرار ، ومنهم من نفى احتمال التكرار ، وهو إختيار أبي الحسين البصري وإمام الحرمين. ومنهم من توقف ، إما لكونه مشتركا أو لعدم الحكم.
« غاية البادي : ص 71 ـ 72 »

(95)
الاصل ، فوجب جعله حقيقة في القدر المشترك (1) ، وهو مطلق طلب الماهية (2).
    ولقبوله التقييد بكل واحد منهما (3).
1 ـ احتج المصنف على ما اختاره بوجوه : أحدها : أن الامر استعمل في كل واحد من القسمين ، الواحدة والتكرار شرعا وعرفا ، ومتى كان كذلك ، كان حقيقة في القدر المشترك بينهما ...
أما الشرع : فلان الحج والعمرة للوحدة ، والامر بالصلاة والزكاة للتكرار.
وأما عرفا : فلان السيد إذا أمر عبده بدخول السوق أو شري اللحم ، فكرر ذلك مرارا عدة ، لامه العقلاء وذمه على ذلك.
ولو أمر السيد عبده بحفظ الدابة مثلا ، فحفظها لحظة ثم ترك حفظها ، ذمه العقلاء ، لانه في الاول يفهم الوحدة ، وفي الثاني يفهم التكرار.
« هوامش المسلماوي : ص 13 »
2 ـ الماهية : حقيقة الشيء ، التي تقع جوابا ، عن السؤال عنه ، بما هو ؟ أو ما هي ؟ قيل : منسوب إلى ما ، والاصل المائية ، قلبت الهمزة هاء ، لئلا يشتبه بالمصدر ، المأخوذ من لفظ ماء ، والاظهر أنه نسبه إلى ما هو ؟ جعلت الكلمتان ككلمة واحدة منحوتة ، إذ تقع جوابا عن هذا السؤال.
« جمعا بين : مجلة النجف ، العدد 7 ، السنة 2 ، ص 12 ، محاظرات في الفلسفة للشيخ المظفر ، والتعريفات للجرجاني : ص 171 »
3 ـ إن الامر : يصح تقييده بالواحد تارة ، لانه يصح أن يقول السيد لعبده ، إفعل الفعل الفلاني مرة.


(96)
    ولانه لو دل على التكرار : فإما دائما فهو باطل بالاجماع ، أو بحسب وقت معين (1) ، وهو باطل لانتفاء دلالة اللفظ عليه أو غير معين وهو تكليف ما لا يطاق.

في : أن الامر لا يقتضي الفور ولا التراخي
    الحق !! أن الامر المطلق ، لا يقتضي الفور ولا التراخي (2)
وبالتكرار اخرى ، لانه يصح أن يقول له افعله دائما.
وليس في أحد هذين النوعين تكرار ولا نقص. فلو كان موضوعا لاحدهما ، لزم إما النقص أو التكرار. « هامش المسلماوي : ص 13 »
1 ـ لان التكرار يقتضي استيعاب الاوقات ، فانه لا أولوية لبعضها بالفعل دون باقيها ، لا من جهة اللفظ ولا من جهة المعنى ، فتخصيصه بوقت دون وقت ، يكون ترجيحا من غير مرجح ، وانه محال.
« هوامش المسلماوي : ص 13 »
2 ـ والدليل عليه : أن صيغة إفعل ، إنما تدل على النسبة الطلبية كما أن المادة لم توضع إلا لنفس الحدث ، غير الملحوظة معه شيء من خصوصياته الوجودية.
وعليه !! فلا دلالة لها ـ لا بهيئتها ولا بمادتها ـ على الفور أو التراخي بل لابد من دال آخر على شيء منهما ، فإن تجردت عن الدال الآخر ، فان ذلك يقتضي جواز الاتيان بالمأمور به ، على الفور أو التراخي.
« أصول الفقه للمظفر : 1 / 78 »

(97)
خلافا لقوم فيهما (1).
    لان الامر ورد بالمعنيين ، فيكون حقيقة في القدر المشترك (2) دفعا للمجاز والاشتراك.
    ولانه قابل للتقييد بهما. إحتجوا بقوله تعالى : « وما منعك ألا (3) تسجد إذ أمرتك » (4).
    ولان التأخير : إن كان دائما ، انتفى الوجوب.
    وإن كان إلى وقت معين وجب وجود ما يدل عليه في اللفظ.
1 ـ فقد ذهب كثير منهم : إلى أن الامر المطلق يقتضي الفور والتعجيل ، فلو أخر المكلف عصى ، وهو المحكي عن الشيخ وأبي الحسن الكرخي.
وذهب آخرون : إلى أنه على التراخي ، وهو المحكي عن أبي علي وأبي هاشم.
وذهب قوم منهم السيد المرتضى : إلى أنه مشترك بين الفور والتراخي فيتوقف في تعيين المراد منه ، على دلالة تدل على ذلك.
« جمعا بين العدة : 1 / 85 ـ 86 ، ومعالم الدين : ص 52 ـ 53 »
2 ـ بنفس التقرير الذي سبق ذكره ، في بحث المرة والتكرار تعليقة « 1 » من صفحة « 95 ».
3 ـ هكذا في القرآن الكريم ، وفي المصورة : ص 11 ، « أن لا تسجد » بفك الادغام ، وهو إشتباه ، الظاهر سببه النسخ.
4 ـ ولو لم يكن الامر للفور ، لم يتوجه عليه الذم ، ولكان له أن يقول : إنك لم تأمرني بالبدار ، وسوف أسجد « معالم الدين ص 53 ».


(98)
    وإن كان إلى غير معين ، لزم تكليف ما لا يطاق.
    والجواب عن الاول : أنه حكاية حال ، فلعل أمره كان مقرونا بما يدل على الفور ، ولان ابليس ترك السجود لا بعزم الفعل ، فاستحق الذم ، لا من حيث التأخير.
    وعن الثاني : أنه منقوض (1) ، بقوله : أوجبت عليك الفعل ، في أي وقت شئت.
    ثم التحقيق : أن التأخير ، يجوز إلى وقت معين ، وهو حصول ظن الموت بعد وقت الفعل بلا فصل.

في : أن الامر المشروط عدم عند عدم الشرط (2)
    لان قضية الشرط ذلك ، ولعدم الاستلزام وجودا.
1 ـ مما لو صرح بجواز التأخير ، إذ لا نزاع في إمكانه ، مع أن الدليل على عدم شرع التأخير جار فيه بعينه ، وهذا نقض إجمالي.
« معالم الدين : ص 53 جمعا بين المتن والهامش »
2 ـ أي : « أن يكون متوقفا وجوبه على ذلك الشيء. وهو ـ أي الشيء ـ مأخوذ في وجوب الواجب على نحو الشرطية ، لوجوب الحج بالقياس إلى الاستطاعة.
وهذا !! هو المسمى ( بالواجب المشروط ) ، لاشتراط وجوبه بحصول ذلك الشيء الخارج.


(99)
    فلو لا التلازم عدما ، لكان كل شيء شرطا لغيره (1) ، ولانه مفهوم منه.
    ولهذا سأل يعلى بن أمية (2) ، عن سبب القصر مع الامن (3)
    ولا يلزم تكرر الامر المعلق عليه ، ولا على الصفة
ولذا !! لا يجب الحج عند حصول الاستطاعة.
« أصول الفقه للمظفر : 1 / 87 »
1 ـ يعني : أنه لا يلزم من وجود الشرط وجود المشروط قطعا ، فان لم يلزم من عدم الشرط عدم المشروط ، كان كل شيء شرطا لكل شيء ، والتالي باطل فالمقدم مثله ، والشرطية ظاهرة.
« هوامش المسلماوي : ص 15 »
2 ـ ابن همام التميمي الحنظلي : أول من أرخ الكتب ، وهو صحابي كان حليفا لقريش ، وأسلم بعد الفتح ، وشهد الطائف وحنينا وتبوك مع النبي « ص » ، واستعمله أبو بكر على « حلوان » في الردة ، ثم استعمله عمر على « نجران » ، واستعمله عثمان على اليمن. ولما قتل عثمان ، انضم يعلى إلى الزبير وعايشة. ثم صار من أصحاب علي ، وقتل في « صفين ».
« الاعلام : 9 / 269 باختصار »
3 ـ روي أن يعلى ابن امية ، سأل عمر بن الخطاب ، قال : ما بالنا نقصر من الصلاة وقد أمنا ؟ فقال عمر : عجبت مما عجبت منه ، فسألت رسول الله ، فقال : تلك صدقة تصدق الله بها عليكم ، فاقبلوا صدقته. ولولا كون المشروط ـ وهو هنا قصر الصلاة ـ عدم عند عدم الشرط ـ وهو هنا الامن ـ لما أقره النبي « ع » على ذلك.
« جمعا بين هوامش المسلماوي : ص 15 ، وغاية البادي : ص 79 »

(100)
بتكريرهما (1).
    لعدم التكرر في قول السيد لعبده : إن دخلت السوق فاشتر اللحم (2) ، ولان مطلق التعليق اعم منه مع قيد التكرار ولا دلالة للعام على الخاص.

في : أن الامر المقيد بالصفة لا يعدم بعدمها (3)
    لانه : لو دل تقييد الحكم بالوصف على نفيه عما عداه ،
1 ـ يريد أن الامر إذا كان معلقا على الشرط ، كقوله « إذا زالت الشمس فصلوا » ، « وإن كان زانيا فارجمه » ، أو على صفة كقوله تعالى : « السارق والسارقه فاقطعوا أيديهما » لا يتكرر الشرط والصفة.
هذا !! وقد اختلف الناس في الامر المعلق على شرط أو صفة هل يتكرر بتكررهما أم لا ؟ فمنع منه السيد المرتضى وجماعة من الفقهاء
وقال آخرون : انه يتكرر بتكرر الشرط والصفة ، والحق الاول.
« جمعا بين هوامش المسلماوي : ص 15 ، وغاية البادي : ص 80 ـ 81 »
2 ـ للزوم الذم
« هوامش المسلماوي : ص 15 »
3 ـ اختلف الاصوليون في أن تقييد الحكم بالصفة ، كقوله « ص » : « في سائمة الغنم زكاة » ، هل يدل على عدم الحكم عند عدم الصفة أم لا ؟
فقال الشافعي واحمد والاشعري وامام الحرمين : يدل.
وقال أبو حنيفة والقاضي أبو بكر والمعتزلة والغزالي : لا يدل ، وهو اختيار المصنف.
« غاية البادي : ص 82 »

(101)
لدل التخصيص بالاسم ، على نفيه عما عداه ، والتالي باطل إتفاقا فكذا المقدم.
    بيان الشرطية : أن المقتضي للنفي هناك (1) إنما هو ثبوت غرض في التخصيص (2) ، وانتفاء الاغراض سوى النفي ، وهذا ثابت في الاسم (3).
    ولان التقييد (4) : قد وجد من دون التخصيص ، كما في
1 ـ أي في صورة الصفة
« هوامش المسلماوي : ص 16 »
2 ـ بالذكر ، ولا غرض سوى نفي الحكم عن غيره.
« هوامش المسلماوي : ص 16 »
3 ـ بيان الملازمة : إن وجه الدلالة عند الخصم ، هو أن التخصيص يستدعي أن يكون لغرض ، وليس ما يصلح أن يكون غرضا إلا نفي الحكم عما عدا الموصوف ، وهذا المعنى بعينه حاصل في تقييد الحكم بالاسم ، فوجب أيضا أن يدل على نفي الحكم عمن ليس له ذلك الاسم.
« غاية البادي : ص 83 »
4 ـ إن هذا التقييد تارة ورد مع عدم الحكم عن غير الموصوف وهو ظاهر ، وتارة ورد مع ثبوت الحكم لغير الموصوف.
كقوله تعالى : « ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق » ، فإن الله تعالى خصص الحكم الذي هو تحريم قتل الاولاد لصفة خشية الاملاق ، مع أن الحكم ثابت وإن لم تكن تلك الصفة.
وكقوله تعالى في قتل الصيد : « ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم » فان الجزاء خصصه تعالى بتعميد القتل مع ثبوته عند عدمه.
« غاية البادي : ص 83 »

(102)
قوله تعالى : « ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق » [ 17 / 32 ] ، « ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم » [ 5 / 96 ]

في : الواجب المخير (1)
    الامر بالاشياء على سبيل التخيير (2) ، يقتضي وصف كل واحد منها بالوجوب.
    وعلى معنى : أن المكلف لا يحل له الاخلال بالجميع ولا يجب عليه الاتيان بالجميع.
    وأيها فعل كان واجبا بالاصالة ، والتعيين موكول إلى اختياره.
    وإن فعل الجميع ، استحق الثواب على فعل امور ، كل واحد منها واجب مخير.
1 ـ الواجب التخييري : ما كان له عدل وبديل في عرضه ، ولم يتعلق به الطلب بخصوصه ، بل كان المطلوب هو أو غيره ، يتخير بينهما المكلف.
وهو : كالصوم الواجب في كفارة إفطار شهر رمضان عمدا ، فانه واجب ، ولكن يجوز تركه وتبديله ، بعتق رقبة أو إطعام ستين مسكينا
« أصول المظفر : 1 / 91 »
2 ـ وهو المحكي عن أبي علي وأبي هاشم ، وإليه ذهب أصحابنا.
« عمدة الاصول : 1 / 84 »

(103)
    وأما ما يقال (1) : من أن الواجب منها واحد ، غير معين عندنا ، وهو معين عند الله ، فهو باطل.
    لان التعيين : يقتضي إيجاب ذلك المعين ، وعدم جواز تركه. وقد وقع الاتفاق على التخيير ، ومعناه جواز ترك كل واحد بشرط الاتيان بالآخر. وذلك تناقض.

في : الواجب الموسع
    اعلم : أنه لا يجوز أن يكون وقت العبادة يقصر عن فعلها إلا أن يكون المقصود منه القضاء ، ويجوز أن يساويه اجماعا (2).
    والحق !! أنه يجوز أن يكون الوقت يفضل منه ، وهو الواجب الموسع (3) ، وهو ثابت لقوله تعالى : « أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل » [ 17 / 79 ].
1 ـ هذا المذهب ينقله كل واحد من الفريقين الاشاعرة والمعتزلة عن الآخر ويبطلونه والله أعلم بقائله
« غاية البادي ص 86 بتصرف »
2 ـ كالصوم ، كما في هامش المصورة : ص 13.
3 ـ لان فيه توسعة على المكلف ، في أول الوقت وفي أثنائه وآخره ، كالصلاة اليومية وصلاة الآيات.
فانه لا يجوز تركه في جميع الوقت ، ويكتفي بفعله مرة واحدة ، في ضمن الوقت المحدد له.
« اصول المظفر : 1 / 95 »

(104)
    وتخصيص آخر الوقت بالوجوب أو أوله ـ كما ذهب اليهما من لا تحقيق له (1) ـ ترجيح من غير مرجح.
    واعلم : أن هذا الواجب في الحقيقة ، يرجع إلى الواجب المخير ، فكأن الشارع قال له : افعل إما في أول الوقت أو وسطه أو آخره.
    وإذا لم يبق من الوقت إلا قدر فعله ، تعين عليه لا محالة ، وحرم تركه.
    واعلم : أن السيد المرتضى (2) ـ ره ـ : أوجب العزم (3)
1 ـ بل : والكل وقت للاول ، لا أوله وبعده قضاء ، كبعض الشافعية.
ولا آخره ، وقبله نفل ، كبعض الحنفية.
ولا هو مراعى ، كالكرخي.
« زبدة الاصول ص : 46 ـ 47 بتصرف »
2 ـ علي بن الحسين الموسوي : الملقب ذا المجدين علم الهدى ، ينتهي نسبه من جهة أبيه بالامام موسى بن جعفر « ع » ، ومن جهة امه بالامام زين العابدين. كان اوحد اهل زمانه فضلا وعلما وكلاما وحديثا وشعرا وخطابة وجاها وكرما. ولد في رجب سنة 355 ه‍. له مصنفات كثيرة منها الذريعة في الاصول. وكانت وفاته قدس الله روحه : لخمس بقين من شهر ربيع الاول ، سنة 436 ه‍.
« روضات الجنات 374 ـ 375 بتصرف واختصار »
3 ـ بمعنى أنه : « يجب عليه الفعل في أول الوقت ، فمتى لم يفعل وجب عليه العزم على فعله في آخره.
والقول بالعزم : من رأي « الشيخ والمرتضى رضي الله عنهما ، ووافقهما


(105)
لينفصل من المندوب (1).
    وعلى الوجه الذي لخصناه ـ من أنه راجع إلى الواجب المخير ـ ، إنفصل عن المندوب ، ولا حاجة إلى العزم.

في : الواجب على الكفاية
    إذا تعلق غرض الشارع : بتحصيل الفعل من الجماعة ، لا على سبيل الجمع ، كان واجبا على كل واحد ، ويسقط عنه بفعل غيره (2).
ابن زهرة وابن البراج » ، وهو « مذهب القاضي الباقلاني من العامة » ، خلافا « للمحقق والعلامة واتباعهما ».
« جمعا بين عدة الاصول : 1 / 88 ، وزبدة الاصول ـ هامشا ومتنا ـ : ص 47 ـ 48 »
1 ـ احتج المرتضى : بأنه لو لا العزم ، لم يبق فرق بينه وبين المندوب لاشتراكهما في الترك.
والجواب : كما ذكره المصنف نفسه. « هوامش المسلماوي : ص 9 بتصرف »
2 ـ يقول المظفر : « إن الواجب العيني : ما يتعلق بكل مكلف ولا يسقط بفعل الغير ».
ويقابله الواجب الكفائي ، وهو : المطلوب فيه وجوب الفعل من أي مكلف كان ، فهو يجب على جميع المكلفين ، ولكن يكتفى بفعل بعضهم ، فيسقط عن الآخرين ، ولا يستحق العقاب بتركه.
نعم ، إذا تركوه جميعا ، من دون أن يقوم به واحد ، فالجميع
مبادئ الوصول إلى علم الاصول ::: فهرس