مظلوميّة الزهراء ( عليها السلام ) ::: 1 ـ 15

مركز الأبحاث العقائدية ـ سلسلة الندوات العقائدية ( 21 ) و ( 22 )
مظلوميّة الزهراء ( عليها السلام )
تأليف
السيّد علي الحسيني الميلاني
سلسلة الكتب العقائدية ( 83 )
إعداد
مركز الأبحاث العقائدية


(5)
بسم الله الرحمن الرحيم
    مقدّمة المركز
    لا يخفى أنّنا لازلنا بحاجة إلى تكريس الجهود ومضاعفتها نحو الفهم الصحيح والافهام المناسب لعقائدنا الحقّة ومفاهيمنا الرفيعة ، ممّا يستدعي الالتزام الجادّ بالبرامج والمناهج العلمية التي توجد حالة من المفاعلة الدائمة بين الاُمّة وقيمها الحقّة ، بشكل يتناسب مع لغة العصر والتطوّر التقني الحديث.
    وانطلاقاً من ذلك ، فقد بادر مركز الابحاث العقائدية التابع لمكتب سماحة آية الله العظمى السيد السيستاني ـ مدّ ظلّه ـ إلى اتّخاذ منهج ينتظم على عدّة محاور بهدف طرح الفكر الاسلامي الشيعي على أوسع نطاق ممكن.
    ومن هذه المحاور : عقد الندوات العقائديّة المختصّة ، باستضافة نخبة من أساتذة الحوزة العلمية ومفكّريها المرموقين ، التي تقوم نوعاً على الموضوعات الهامّة ، حيث يجري تناولها بالعرض والنقد


(6)
والتحليل وطرح الرأي الشيعي المختار فيها ، ثم يخضع ذلك الموضوع ـ بطبيعة الحال ـ للحوار المفتوح والمناقشات الحرّة لغرض الحصول على أفضل النتائج.
    ولاجل تعميم الفائدة فقد أخذت هذه الندوات طريقها إلى شبكة الانترنت العالمية صوتاً وكتابةً.
    كما يجري تكثيرها عبر التسجيل الصوتي والمرئي وتوزيعها على المراكز والمؤسسات العلمية والشخصيات الثقافية في شتى أرجاء العالم.
    وأخيراً ، فإنّ الخطوة الثالثة تكمن في طبعها ونشرها على شكل كراريس تحت عنوان « سلسلة الندوات العقائدية » بعد إجراء مجموعة من الخطوات التحقيقية والفنيّة اللازمة عليها.
    وهذا الكرّاس الماثل بين يدي القارئ الكريم واحدٌ من السلسلة المشار إليها.
    سائلينه سبحانه وتعالى أن يناله بأحسن قبوله.
مركز الابحاث العقائدية
فارس الحسّون


(7)
بسم الله الرحمن الرحيم
    تمهيد
    الحمد لله ربّ العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين من الاولين والاخرين.
    موضوع البحث ـ كما طلبتم ـ مظلوميّة الزهراء ( عليها السلام ) ، ولماذا لم تقولوا مناقب الزهراء ؟ أو لم تقولوا حياة الزهراء ؟ وإنما عنونتم مظلوميّة الزهراء.
    قد يقال ـ كما قيل ـ قضايا الزهراء سلام الله عليها قضايا تاريخية ، ولا ينبغي أن تثار ، والقضيّة التاريخية قد تكون صادقة وقد تكون كاذبة.
    سنحاول أن نبحث عن هذه القضية بلا أيّ تعصب وتشنج ، وإنْ كان الصبر على ما وقع ، وقراءة ما وقع ، والحديث عمّا وقع ،


(8)
وتحمل ذلك كلّه أمراً صعباً ، سترون أنّي لا أذكر شيئاً لا من مصادر القوم فحسب ، بل من أعظم مصادرهم ، وأشهر كتبهم ، وأصح كتبهم ، وأسبق كتبهم وأقدمها ، سأحاول ذلك قدر الامكان.
    ولو كانت قضيةً تاريخيةً فحسب ، فحروب رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وغزواته كلّها قضايا تاريخية ، ومواقف أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في تلك الغزوات والحروب قضايا تاريخية ، ومبيت أمير المؤمنين في ليلة الهجرة على فراش رسول الله قضية تاريخية ، وزواج علي من فاطمة الزهراء ـ بعد أن ردّ رسول الله غيره ـ قضية تاريخية ، وحروبه أيضاً قضايا تاريخية ، وقضية كربلاء وشهادة الحسين ( عليه السلام ) وأصحابه وأولاده قضية تاريخية ، فلماذا نبحث عنها ؟
    وحتى عند أهل السنة أيضاً : كون أبي بكر مع رسول الله في الغار قضية تاريخية ، صلاته التي يزعمونها في مكان رسول الله في مرضه قضية تاريخية ، وهكذا بقية الاُمور التي يستدلّون بها في كتبهم بزعمهم على فضائل أئمّتهم ومناقب أُمرائهم وخلفائهم.
    الحقيقة أنّ قضية الزهراء سلام الله عليها أساس مذهبنا ، وجميع القضايا التي لحقت تلك القضية وتأخّرت عنها كلّها مترتبة على تلك القضية ، ومذهب الطائفة الامامية الاثني عشرية بلا قضية الزهراء سلام الله عليها وبلا تلك الاثار المترتبة على تلك القضية ـ


(9)
هذا المذهب ـ يذهب ولا يبقى ، ولا يكون فرقٌ بينه وبين المذهب المقابل.
    سنبحث عن قضية الزهراء سلام الله عليها في ضمن مطالب ، وهذه المطالب مترتبة ، أي كل مطلب منها يترتب على المطلب الذي قبله ، حتى نصل إلى المطلب الاخير ، ونستنتج من جميع هذه المطالب ، ثم نذكر أهمّ مسائل القضيّة ، وسترون أنها قضية علميّة عقائدية مذهبية ، لها كلّ التأثير في مصير هذا المذهب ، ولها كلّ التأثير في سلوك أبناء هذا المذهب ، وإليكم المطالب بالتفصيل :


(10)

(11)
    الاحاديث في هذا الباب كثيرة ، حتى أن عدّةً من علماء الفريقين دوّنوها في كتب مفردة ، وقد انتخبت من تلك الاحاديث هذه الاحاديث التي سأقرؤها ، وسترون أن مصادرها من أقدم المصادر وأهمّها :
    الحديث الاول :
    « فاطمة سيّدة نساء أهل الجنّة » ، أو « سيّدة نساء هذه الاُمّة » ، أو « سيّدة نساء المؤمنين » ، أو « سيّدة نساء العالمين ».
    هذا الحديث بألفاظه المختلفة موجود في : صحيح البخاري


(12)
في كتاب بدء الخلق ، وفي مسند أحمد ، وفي الخصائص للنسائي ، وفي مسند أبي داود الطيالسي ، وفي صحيح مسلم في باب فضائل الزهراء ، وفي المستدرك وصحيح الترمذي ، وفي صحيح ابن ماجة ، وغيرها من الكتب (1).
    ففاطمة سيّدة نساء العالمين من الاوّلين والاخرين.
    الحديث الثاني :
    في أن فاطمة سلام الله عليها بضعة من النبي :
    « فاطمة بضعة منّي من أغضبها أغضبني ».
    هذا الحديث بهذا اللفظ في : صحيح البخاري ، وعدّة من المصادر (2).
    « فاطمة بضعة منّي يريبني ما أرابها ويؤذيني ما آذاها ».
    بهذا اللفظ في : صحيح البخاري ، ومسند أحمد ، وصحيح أبي داود ، وصحيح مسلم ، وغيرها من المصادر (3).
1 ـ الخصائص للنسائي : 34 ، الطبقات 2 / 40 ، مسند أحمد 6 / 282 حلية الاولياء 2/39 ، المستدرك 3 / 151.
2 ـ صحيح البخاري ، كتاب بدء الخلق ، باب مناقب قرابة الرسول ومنقبة فاطمة ( عليها السلام ).
3 ـ مسند أحمد 4 / 328.


(13)
    « إنّما فاطمة بضعة منّي يؤذيني ما آذاها ».
    بهذا اللفظ في : صحيح مسلم (1).
    « إنّما فاطمة بضعة منّي يؤذيني ما آذاها وينصبني ما أنصبها ».
    بهذا اللفظ في : مسند أحمد وفي المستدرك وقال : صحيح على شرط الشيخين ، وفي صحيح الترمذي (2).
    « فاطمة بضعة منّي يقبضني ما يقبضها ويبسطني ما يبسطها ».
    بهذا اللفظ في : المسند ، وفي المستدرك وقال : صحيح الاسناد ، وفي مصادر أُخرى (3).
    الحديث الثالث :
    « إن الله يغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها ».
    هذا الحديث تجدونه في : المستدرك ، وفي الاصابة ، ويرويه صاحب كنز العمال عن أبي يعلى والطبراني وأبي نعيم ، ورواه غيرهم (4).
1 ـ صحيح مسلم ، باب مناقب فاطمة ( عليها السلام ).
2 ـ مسند أحمد 4 / 5 ، المستدرك 3 / 159.
3 ـ المستدرك 3 / 158 ، مسند أحمد 4 / 323.
4 ـ المستدرك على الصحيحين 3 / 153 ، كنز العمال 13 / 674 ، 12 / 111.


(14)
    الحديث الرابع :
    في أنّ النبي أسرّ إليها أنّها أوّل أهل بيته لحوقاً به.
    هذا كان عند وفاته ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فإنّه دعاها فسارّها فبكت ، ثمّ دعاها فسارّها فضحكت [ في بعض الالفاظ : فشقّ ذلك على عائشة أن يكون سارّها دونها ] فلمّا قبض رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) حلّفتها عائشة أنْ تخبرها ، فقالت : سارّني رسول الله أو سارّني النبي ، فأخبرني أنّه يقبض في وجعه هذا فبكيتُ ، ثمّ سارّني فأخبرني أنّي أوّل أهل بيته أتْبعه فضحكتُ.
    هذا الحديث في : الصحيحين ، وعند الترمذي والحاكم ، وغيرهما (1).
    الحديث الخامس :
    عن عائشة قالت : ما رأيت أحداً كان أصدق لهجة منها غير أبيها.
    هذا الحديث تجدونه في : المستدرك وقال : صحيح على
1 ـ صحيح البخاري كتاب بدء الخلق ، صحيح مسلم فضائل فاطمة ، صحيح الترمذي ، المستدرك 4 / 272.

(15)
شرط الشيخين ، وأقرّه الذهبي ، وفي الاستيعاب ، وفي حلية الاولياء (1).
    الحديث السادس :
    عن عائشة أيضاً : كانت إذا دخلت عليه ـ على رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ـ قام إليها فقبّلها ورحّب بها وأخذ بيدها فأجلسها في مجلسه.
    قال الحاكم : صحيح على شرط الشيخين ، وأقرّه الذهبي أيضاً (2).
    الحديث السابع :
    أخرج الطبراني أنّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال لعلي : « فاطمة أحبّ إليّ منك وأنت أعزّ عليّ منها ».
    قال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح (3).
    هذه هي الاحاديث التي انتخبتها ، لتكون مقدمةً لبحوثنا
1 ـ المستدرك على الصحيحين 3 / 160 ، حلية الاولياء 2 / 41 ، الاستيعاب 4 / 1896.
2 ـ المستدرك على الصحيحين 3 / 154.
3 ـ مجمع الزوائد 9 / 202.
مظلوميّة الزهراء ( عليها السلام ) ::: فهرس