مظلوميّة الزهراء ( عليها السلام ) ::: 61 ـ 75
(61)
قد رتّبت القضايا والروايات والاخبار في المسألة ترتيباً ، حتّى لا يضيع عليكم الامر ولا يختلط ، وحتّى تكونوا على يقظة ممّا يفعلون في نقل مثل هذه القضايا والحوادث فإنّ القدر الذي ينقلونه أيضاً يتلاعبون به ، أمّا الذي لم ينقلوه ، أمّا الذي منعوا عنه ، أمّا الذي تركوه عمداً ، فذاك أمر آخر ، فالذي نقلوه كيف نقلوه ؟ وسأذكر لكم ما يتعلّق بهذه المسألة تحت عناوين :

    1 ـ التهديد بالاحراق :
    بعض الاخبار والروايات تقول بأنّ عمر بن الخطّاب قد هدّد بالاحراق ، فكان العنوان الاول التهديد ، وهذا ما تجدونه في كتاب المصنّف لابن أبي شيبة ، من مشايخ البخاري المتوفى سنة 235 هـ ، يروي هذه القضيّة بسنده عن زيد بن أسلم ، وزيد عن أبيه أسلم وهو مولى عمر ، يقول :
    حين بويع لابي بكر بعد رسول الله ، كان علي والزبير يدخلان على فاطمة بنت رسول الله ، فيشاورونها ويرتجعون في أمرهم ، فلمّا بلغ ذلك عمر بن الخطّاب ، خرج حتّى دخل على فاطمة فقال : يا بنت رسول الله ، والله ما أحد أحبّ إلينا من أبيك ، وما من أحد أحبّ إلينا بعد أبيك منك ، وأيم الله ما ذاك بمانعي إنْ اجتمع هؤلاء


(62)
النفر عندك أن أمرتهم أن يحرّق عليهم البيت (1).
    وفي تاريخ الطبري بسند آخر :
    أتى عمر بن الخطّاب منزل علي ، وفيه طلحة والزبير [ هذه نقاط مهمّة حسّاسة لا تفوتنّكم ، في البيت كان طلحة أيضاً ، الزبير كان من أقربائهم ، أمّا طلحة فهو تيميّ ] ورجال من المهاجرين فقال : والله لاُحرقنّ عليكم أو لتخرجنّ إلى البيعة ، فخرج عليه الزبير مصلتاً سيفه ، فعثر فسقط السيف من يده ، فوثبوا عليه فأخذوه (2).
    وأنا أكتفي بهذين المصدرين في عنوان التهديد.
    لكن بعض كبار الحفّاظ منهم لم تسمح له نفسه لانْ ينقل هذا الخبر بهذا المقدار بلا تحريف ، لاحظوا كتاب الاستيعاب لابن عبد البر ، فإنّه يروي هذا الخبر عن طريق أبي بكر البزّار بنفس السند الذي عند ابن أبي شيبة ، يرويه عن زيد بن أسلم عن أسلم وفيه :
    إنّ عمر قال لها : ما أحد أحبّ إلينا بعده منك ، ثمّ قال : ولقد بلغني أنّ هؤلاء النفر يدخلون عليك ، ولان يبلغني لافعلنّ
1 ـ المصنف لابن أبي شيبة 7/432.
2 ـ تاريخ الطبري 3 / 202.


(63)
ولافعلن (1).
    نفس الخبر ، بنفس السند ، عن نفس الراوي ، وهذا التصرف ! وأنتم تريدون أنْ ينقلوا لكم إنّه أحرق الدار بالفعل ؟ وأيُّ عاقل يتوقّع من هؤلاء أنْ ينقلوا القضيّة كما وقعت ؟ إنّ من يتوقّع منهم ذلك إمّا جاهل وإمّا يتجاهل ويضحك على نفسه !!

    2 ـ المجيء بقبس أو بفتيلة :
    وهناك عنوان آخر ، وهو « جاء بقبس » أو « جاء بفتيلة » هذا أيضاً أنقل لكم بعض مصادره :
    روى البلاذري المتوفى سنة 224 في أنساب الاشراف بسنده : إنّ أبا بكر أرسل إلى علي يريد البيعة ، فلم يبايع ، فجاء عمر ومعه فتيلة ، فتلقّته فاطمة على الباب ، فقالت فاطمة : يابن الخطّاب ، أتراك محرّقاً عَلَيّ بابي ؟! قال : نعم ، وذلك أقوى فيما جاء به أبوك (2).
    وفي العقد الفريد لابن عبد ربّه المتوفى سنة 328 : وأمّا علي والعباس والزبير ، فقعدوا في بيت فاطمة حتّى بعث إليهم أبو بكر
1 ـ الاستيعاب في معرفة الاصحاب 3 / 975.
2 ـ أنساب الاشراف 1/586.


(64)
[ ولم يكن عمر هو الذي بادر ، بَعَثَ أبو بكر عمر بن الخطّاب ] ليخرجوا من بيت فاطمة وقال له : إنْ أبوا فقاتلهم ، فأقبل بقبس من نار على أنْ يضرم عليهم الدار ، فلقيته فاطمة فقالت : يابن الخطّاب ، أجئت لتحرق دارنا ؟ قال : نعم ، أو تدخلوا ما دخلت فيه الاُمّة (1).
    أقول :
    وقارنوا بين النصوص بتأمّل لتروا الفوارق والتصرّفات.
    وروى أبو الفداء المؤرخ المتوفى سنة 732 هـ في المختصر في أخبار البشر الخبر إلى : وإنْ أبوا فقاتلهم ، ثمّ قال : فأقبل عمر بشيء من نار على أن يضرم الدار (2).

    3 ـ إحضار الحَطَب ليحرّق الدار
    وهذا هو العنوان الثالث ، ففي رواية بعض المؤرّخين : أحضر الحَطَب ليحرّق عليهم الدار ، وهذا في تاريخ المسعودي ( مروج الذهب ) وعنه ابن أبي الحديد في شرح النهج عن عروة بن الزبير ، إنّه كان يعذر أخاه عبدالله في حصر بني هاشم في الشِعب ، وجمعه
1 ـ العقد الفريد 5/13.
2 ـ المختصر في أخبار البشر 1 / 156.


(65)
الحطب ليحرّقهم ، قال عروة في مقام العذر والاعتذار لاخيه عبدالله ابن الزبير : بأنّ عمر أحضر الحطب ليحرّق الدار على من تخلّف عن البيعة لابي بكر (1).
    « أحضر الحطب » هذا ما يقوله عروة بن الزبير ، وأولئك يقولون « جاء بشيء من نار » فالحطب حاضر ، والنار أيضاً جاء بها ، أتريدون أنْ يصرّحوا بأنّه وضع النار على الحطب ، يعني إذا لم يصرّحوا بهذه الكلمة ولن يصرّحوا ! نبقى في شك أو نشكّك في هذا الخبر ، الخبر الذي قطع به أئمّتنا ، وأجمع عليه علماؤنا وطائفتنا ؟!!

    4 ـ المجيء للاحراق :
    وهذه عبارة أُخرى : إنّ عمر جاء إلى بيت علي ليحرّقه أو ليحْرقه.
    وبهذه العبارة تجدون الخبر في كتاب روضة المناظر في أخبار الاوائل والاواخر لابن الشحنة المؤرخ المتوفى سنة 882 هـ ، وكتابه مطبوع على هامش بعض طبعات الكامل لابن الاثير ـ وهو تاريخ معتبر ـ يقول : إنّ عمر جاء إلى بيت علي ليحرّقه على من
1 ـ مروج الذهب 3 / 86 ، شرح ابن أبي الحديد 20 / 147.

(66)
فيه ، فلقيته فاطمة فقال : أُدخلوا فيما دخلت فيه الاُمّة.
    هذا ، وفي كتاب لصاحب الغارات إبراهيم بن محمّد الثقفي ، في أخبار السقيفة ، يروي عن أحمد بن عمرو البجلي ، عن أحمد ابن حبيب العامري ، عن حمران بن أعين ، عن أبي عبدالله جعفر بن محمّد ( عليهما السلام ) قال : « والله ما بايع علي حتّى رأى الدخان قد دخل بيته ».
    كتاب السقيفة لهذا المحدّث الكبير لم يصلنا ، نقل هذا المقطع عن كتابه المذكور : الشريف المرتضى في كتاب الشافي في الامامة.
    وعندما نراجع ترجمة هذا الشخص ـ إبراهيم بن محمّد الثقفي المتوفى سنة 280 أو 283 هـ ـ نرى من مؤلّفاته كتاب السقيفة وكتاب المثالب ، ولم يصلنا هذان الكتابان ، وقد ترجم له علماء السنّة ولم يجرحوه بجرح أبداً ، غاية ما هناك قالوا : رافضي.
    نعم هو رافضي ، ألّف كتاب السقيفة وألّف كتاب المثالب ، ونقل مثل هذه الاخبار ، روى مسنداً عن الصادق أبي عبدالله جعفر بن محمّد : والله ما بايع علي حتّى رأى الدخان قد دخل بيته.
    وممّا يدلّ على صحّة روايات هذا الشخص ـ إبراهيم بن محمّد الثقفي ـ ما ذكره الحافظ ابن حجر العسقلاني قال : لمّا صنّف كتاب


(67)
المناقب والمثالب أشار عليه أهل الكوفة أن يخفيه ولا يظهره ، فقال : أيّ البلاد أبعد عن التشيّع ؟ فقالوا له : إصفهان ـ إصفهان ذاك الوقت ـ ، فحلف أنْ يخفيه ولا يحدّث به إلا في إصفهان ثقةً منه بصحة ما أخرجه فيه ، فتحوّل إلى إصفهان وحدّث به فيها (1).
    ذكره أبو نعيم الاصبهاني في أخبار اصبهان.
    في هذه الرواية : « والله ما بايع علي حتّى رأى الدخان قد دخل بيته » ، وأولئك كانوا يتجنبون التصريح بهذه الكلمة ، صرّحوا « بالحطب » صرّحوا « بالنار » صرّحوا « بالقبس » صرّحوا « بالفتيلة » صرّحوا بكذا وكذا ، إلا أنّهم يتجنّبون التصريح بكلمة إنّه وضع النار على الحطب ، وتريدون أنْ يصرّحوا بهذه الكلمة ؟ أما كانوا عقلاء ؟ أما كانوا يريدون أن يبقوا أحياء ؟ إنّ ظروفهم ما كانت تسمح لهم لانْ يرووا أكثر من هذا ، ومن جهة أُخرى ، كانوا يعلمون بأنّ القرّاء لكتبهم والذين تبلغهم رواياتهم سوف يفهمون من هذا الذي يقولون أكثر ممّا يقولون ، ويستشمّون من هذا الذي يذكرون الاُمور الاُخرى التي لا يذكرون ، أتريدون أنْ يقولوا بأنّ ذلك وقع بالفعل ويصرّحوا به تمام التصريح ، حتّى إذا لم تجدوا التصريح الصريح والتنصيص الكامل تشكّون أو تشكّكون ، هذا والله لعجيب !
1 ـ لسان الميزان 1 / 102.

(68)
    المسألة الثالثة
إسقاط جنينها ( عليها السلام )

    وروايات القوم في هذا الموضع مشوشة جدّاً ، يعرف ذلك كلّ من يراجع رواياتهم وأقوالهم وكلماتهم.
    لقد نصّت رواياتهم على أنّه كان لعلي ( عليه السلام ) من الذكور ثلاثة أولاد : حسن ، وحسين ، ومحسن أو محسِّن أو محسَّن ، وكان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قد سمّى هؤلاء بهذه الاسامي تشبيهاً بأسماء أولاد هارون : شَبَر شُبير ومشبّر ، وهذا موجود في : مسند أحمد (1) ، وموجود في المستدرك وقد صحّحه الحاكم (2) ، والذهبي أيضاً
1 ـ مسند أحمد 1 / 118.
2 ـ المستدرك على الصحيحين 3 / 165.


(69)
صحّحه (1) ، وموجود في مصادر أُخرى.
    فيبقى السؤال : هل كان لعلي ولد بهذا الاسم أو لا ؟ قالوا : كان له ولد بهذا الاسم ... فأين صار ؟ وما صار حاله ؟ يقولون بوجوده ثمّ يختلفون ، أتريدون أن يصرّحوا تصريحاً واضحاً لا لبس فيه ولا غبار عليه ؟! إنّه في القضايا الجزئيّة البسيطة يتلاعبون بالاخبار والاحاديث ، كما رأينا في هذه المباحث ، وسنرى في المباحث الاتية ، وفي مثل هذه القضيّة تتوقّعون أن يصرّحوا ؟ نعم ، عثرنا على أفراد معدودين منهم قالوا بالحقيقة وواجهوا ما واجهوا ، وتحمّلوا ما تحمّلوا.
    أحدهم : ابن أبي دارم المتوفى سنة 352 هـ.
    قال الذهبي بترجمته : الامام الحافظ الفاضل أبو بكر أحمد بن محمّد السري بن يحيى بن السري بن أبي دارم التميمي الكوفي الشيعي [ أصبح شيعياً !! ] محدِّث الكوفة ، حدّث عنه الحاكم ، وأبو بكر ابن مردويه ، ويحيى بن إبراهيم المزكِّي ، وأبو الحسن ابن الحمّامي ، والقاضي أبو بكر الجيلي ، وآخرون. كان موصوفاً بالحفظ والمعرفة ، إلا أنّه يترفّض [ لماذا يترفّض ؟ ] قد ألّف في الحطّ على بعض الصحابة » (2).
1 ـ المستدرك على الصحيحين. ذيله.
2 ـ سير أعلام النبلاء 15 / 576.


(70)
    لا يقول أكثر من هذا : ألّف في الحطّ على بعض الصحابة ، فهو إذنْ يترفّض.
    ولو راجعتم كتابه الاخر ميزان الاعتدال فهناك يذكر هذا الشخص ويترجم له ، وينقل عن الحافظ محمّد بن أحمد بن حمّاد الكوفي الحافظ أبي بشر الدولابي (1) فيقول : قال محمّد بن أحمد بن حمّاد الكوفي الحافظ ـ بعد أن أرّخ موته ـ كان مستقيم الامر عامّة دهره ، ثمّ في آخر أيّامه كان أكثر ما يقرأ عليه المثالب ، حضرته ورجل يقرأ عليه : إنّ عمر رفس فاطمة حتّى أسقطت بمحسن (2).
    كان مستقيم الامر عامّة دهره ، لكنّه في آخر أيّامه كان أكثر ما يقرأ عليه المثالب ، فهو ـ إذن ـ خارج عن الاستقامة !!
    أتذكّر أنّ أحد الصحابة وهو عمران بن حصين ـ هذا الرجل كان من كبار الصحابة ، يثنون عليه غاية الثناء ، ويكتبون بترجمته إنّ الملائكة كانت تحدّثه ، لعظمة قدره وجلالة شأنه (3) ـ هذا الشخص عندما دنا أجله ، أرسل إلى أحد أصحابه ، وحدّثه عن رسول الله بمتعة الحج ـ التي حرّمها عمر بن الخطّاب وأنكر عليه
1 ـ سير أعلام النبلاء 14/309.
2 ـ ميزان الاعتدال 1/139.
3 ـ الاصابة في معرفة الصحابة 3 / 26.


(71)
تحريمها ـ ثمّ شرط عليه أنّه إنْ عاش فلا ينقل ما حدّثه به ، وإنْ مات فليحدّث (1).
    نعم ، كان هذا الرجل مستقيم الامر عامّة دهره ، لا ينقل مثل هذه القضايا ، اقتضت ظروفه أن لا ينقل ، ولذا كان مستقيم الامر عامة دهره !! ثمّ في آخر أيّامه عندما دنا أجله وقرب موته ، حينئذ جعل يُقرأ له المثالب ومنها هذا : « دخلت عليه ورجل يقرأ » فلولا دخول هذا الشخص عليه لما بلغنا هذا الخبر أيضاً ، اتفق أنْ دخل عليه هذا الراوي ووجد رجلاً يقرأ له هذا الخبر ، وذلك في أواخر حياته ، حتّى إذا مات ، أو حتّى إذا أوذي أو ضرب فمات على أثر الضرب ، فقد عاش في هذه الدنيا وعمّر عمره.
    ورجل آخر هو : النظّام ، إبراهيم بن سيّار النظّام المعتزلي المتوفى سنة 231 هـ.
    هذا أيضاً ينصّ على وقوع هذه الجناية على الزهراء الطاهرة وجنينها ، وهذا الرجل كان رجلاً جليلاً ، وكان من المعتزلة
1 ـ نصّ الخبر : عن مطرف قال : بعث إليّ عمران بن حصين في مرضه الذي توفّي فيه ، فقال : إنّي محدّثك بأحاديث ، لعلّ الله أنْ ينفعك بها بعدي ، فإنْ عشت فاكتم عَلَيّ وإنْ متُّ فحدّث بها إنْ شئت ، إنّه قد سُلّم علي ، واعلم أنّ نبي الله ( صلى الله عليه وسلم ) قد جمع بين حج وعمرة ، ثمّ لم ينزل فيها كتاب الله ، ولم ينه عنها نبي الله ، فقال رجل برأيه فيها ما شاء. راجع باب جواز التمتّع من الصحيحين ، وهو في المسند 4/434.

(72)
الجريئين الذين لا يخافون ولا يهابون ، وله أقوال مختلفة في المسائل الكلامية ، تذكر في الكتب ، وربّما خالف فيها المشهور بين العلماء ، وكانت أقواله شاذّة ، إلا أنّه من كبار العلماء ، ذكروا عنه أنّه كان يقول : إنّ عمر ضرب بطن فاطمة يوم البيعة حتّى ألقت الجنين من بطنها ، وكان يصيح عمر : أحرقوا دارها بمن فيها ، وما كان بالدار غير علي وفاطمة والحسن والحسين.
    وممّن نقل عنه هذا : الشهرستاني في الملل والنحل ، والصّفدي في الوافي بالوفيات (1) ، ويوجد قوله هذا في غير هذين الكتابين.
    وممّن عثرنا عليه : ابن قتيبة صاحب كتاب المعارف ، لكن لو تراجعون كتاب المعارف الموجود الان لا تجدون هذه الكلمة ، الكتاب محرّف.
    ابن شهرآشوب المتوفى سنة 588 هـ ينقل عن كتاب المعارف قوله : إنّ محسناً فسد من زخم قنفذ العدوي (2).
    أمّا في كتاب المعارف الموجود الان بين أيدينا المحقق !! فلفظه : أمّا محسن بن علي فهلك وهو صغير (3).
    وتجدون في كتاب تذكرة الخواص للسبط ابن الجوزي يقول :
1 ـ الملل والنحل 1 / 59 ، الوافي بالوفيات 6 / 17.
2 ـ مناقب آل أبي طالب 3 / 358.
3 ـ المعارف : 211.


(73)
مات طفلاً (1).
    لكن البعض الاخر منهم ـ وهو الحافظ محمد بن معتمد خان البدخشاني وهذا من المتأخرين ، وله كتب منها نُزل الابرار فيما صحّ من مناقب أهل البيت الاطهار ، يقول بأنّه مات صغيراً (2).
    وعندما نراجع ابن أبي الحديد ، نراه ينقل عن شيخه ـ حيث حدّثه قضية هبّار بن الاسود ، وأنتم مسبوقون بهذا الخبر ، وأنّ هذا الرجل روّع زينب بنت رسول الله فألقت ما في بطنها ـ قال شيخه : لمّا ألقت زينب ما في بطنها أهدر رسول الله دم هبّار لانّه روّع زينب فألقت ما في بطنها ، فكان لابدّ أنّه لو حضر ترويع القوم فاطمة الزهراء وإسقاط ما في بطنها ، لحكم بإهدار دم من فعل ذلك.
    هذا يقوله شيخ ابن أبي الحديد.
    فيقول له ابن أبي الحديد : أروي عنك ما يرويه بعض الناس من أنّ فاطمة روّعت فألقت محسناً ؟ فقال : لا تروه عنّي ولا ترو عنّي بطلانه (3).
    نعم لا يروون ، وإذا رووا يحرّفون ، وإذا رأوا من يروي مثل هذه القضايا فبأنواع التهم يتّهمون.
1 ـ تذكرة خواص الامة : 54.
2 ـ نزل الابرار بما صحَّ من مناقب أهل البيت الاطهار : 74.
3 ـ شرح نهج البلاغة 14 / 192.


(74)
    المسألة الرابعة
كشف بيتها ( عليه السلام )

    وكشف القوم بيت فاطمة الزهراء ، وهجموا على دارها ، وهذا من الاُمور المسلّمة التي لا يشكّ ولا يشكّك فيها أحد حتّى ابن تيميّة ، ولو أنّ أحداً شكّ ، فيكون حاله أسوأ من حال ابن تيميّة ، فكيف لو كان يدّعي التشيّع أو يدّعي كونه من ذريّة رسول الله وفاطمة الزهراء ؟
    ورووا عن أبي بكر أنّه قال قبيل وفاته : إنّي لا آسى على شيء من الدنيا إلا على ثلاث فعلتهنّ ووددت أنّي تركتهنّ ، وثلاث تركتهنّ وددت أنّي فعلتهنّ ، وثلاث وددت أنّي سألت عنهنّ رسول الله.
    وهذا حديث مهم جدّاً ، والقدر الذي نحتاج إليه الان :
    أوّلاً : قوله : وددت أنّي لم أكشف بيت فاطمة عن شيء وإن


(75)
كانوا قد غلقوه على الحرب.
    ثانياً : قوله : وددت أني كنت سألت رسول الله لمن هذا الامر فلا ينازعه أحد.
    أترونه صادقاً في تمنّيه هذا ؟ ألم يكن ممّن بايع يوم الغدير وغير يوم الغدير من المواقف والمشاهد ؟
    وأمّا هذا الخبر ـ خبر تمنّيه هذه الاُمور ـ ففي : تاريخ الطبري ، وفي العقد الفريد لابن عبد ربّه ، وفي الاموال لابي عبيد القاسم بن سلاّم المحدّث الحافظ الكبير الامام ، وفي مروج الذهب للمسعودي ، وفي الامامة والسياسة لابن قتيبة (1).
    ولكن هنا أيضاً يوجد تحريف ، فراجعوا كتاب الاموال ، فقد جاء فيه بدل قوله : وددت أنّي لم أكشف بيت فاطمة ، هذه الجملة : وددت أنّي لم أكن فعلت كذا وكذا.
    يحذفون الكلام ويضعون بدله كلمة : كذا وكذا !!
    أتريدون أنْ ينقلوا الحقائق على ما هي عليه ؟ وممّن تريدون هذا ؟ وممّن تتوقّعون ؟.
    أمّا ابن تيميّة ، فلا ينكر أصل القضيّة ، ولا ينكر تمنّي أبي بكر ،
1 ـ كتاب الاموال : 131 ، الامامة والسياسة 1 / 18 ، تاريخ الطبري 3 / 430 ، العقد الفريد 2 / 254.
مظلوميّة الزهراء ( عليها السلام ) ::: فهرس