مفاهيم القرآن ـ جلد العاشر ::: 151 ـ 160
(151)
    31. أخرج الترمذي : عن أُم سلمة رضي اللّه عنها : قالت إنّ هذه الآية نزلت في بيتي « إنّما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيراً » قالت : وأنا جالسة عند الباب فقلت : يا رسول اللّه ألست من أهل البيت ؟ فقال : « إنّك إلى خير ، أنت من أزواج رسول اللّه ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ) » ، قالت : وفي البيت رسول اللّه ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ) وعلي وفاطمة وحسن وحسين ، فجلّلهم بكسائه وقال : « اللّهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً » .
    وفي رواية انّ النبي ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ) جلل على الحسن والحسين وعلي وفاطمة ثم قال : « اللّهم هؤلاء أهل بيتي وحامَّتي اذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً » . قالت أُم سلمة : وأنا معهم يا رسول اللّه ؟ قال : « إنّك إلى خير » .
    32. أخرج الترمذي : عن عمر بن أبي سلمة قال : نزلت هذه الآية على النبي ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ) : « إنّما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيراً » في بيت أُم سلمة ، فدعا النبي ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ) فاطمة وحسناً وحسيناً ، فجلّلهم بكساء ، وعليٌّ خلف ظهره ، ثم قال : « اللّهم هؤلاء أهل بيتي فاذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً » . قالت أُم سلمة : وأنا معهم يا نبي اللّه ؟ قال : « أنت على مكانك وأنت على خير » .
    33. أخرج الترمذي : عن أنس بن مالك : انّ رسول اللّه ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ) كان يمرُّ بباب فاطمة إذا خرج إلى الصلاة حين نزلت هذه الآية قريباً من ستة أشهر يقول : الصلاة أهل البيت « إنّما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيراً » .
    34. أخرج مسلم : عن عائشة قالت : خرج النبي ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ) وعليه مِرط مُرَحَّل أسود ، فجاءه الحسن فأدخله ، ثم جاءه الحسين فأدخله ، ثم جاءت فاطمة


(152)
فأدخلها ، ثم جاء علي فأدخله ، ثم قال : « إنّما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس » الآية.
    35. أخرج مسلم : عن زيد بن أرقم : قال يزيد بن حيان : انطلقت أنا وحصين بن سبرة وعمر بن مسلم إلى زيد بن أرقم ، فلما جلسنا إليه قال له حصين : لقد لقيت يا زيد خيراً كثيراً ، رأيت رسول اللّه ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ) وسمعت حديثه ، وغزوت معه ، وصلّيت خلفه ، لقد لقيت يا زيد خيراً كثيراً ، حدثنا يا زيد ما سمعت من رسول اللّه ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ) ، قال : يا ابن أخي ، واللّه لقد كبرت سني ، وقدم عهدي ، ونسيت بعض الذي كنت أعي من رسول اللّه ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ) ، فما حدثتكم فاقبلوا ومالا فلا تكلّفونيه ، ثم قال : قام رسول اللّه ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ) يوماً فينا خطيباً بماء يدعى : خماً ، بين مكة والمدينة ، فحمد اللّه وأثنى عليه ، ووعظ وذكر ، ثم قال : « أمّا بعد : ألا أيّها الناس ، إنّما أنا بشر ، يوشك أن يأتيني رسول ربّي فأُجيب ، وأنا تارك فيكم ثقلين أوّلهما : كتاب اللّه فيه الهدى والنور ، فخذوا بكتاب اللّه ، واستمسكوا به ، فحث على كتاب اللّه ورغّب فيه ، ثم قال : وأهل بيتي ، أذكركم اللّه في أهل بيتي ، أذكركم اللّه في أهل بيتي ، أذكركم اللّه في أهل بيتي ، فقال له حصين : ومن أهل بيته يا زيد ؟ أليس نساؤه من أهل بيته ؟ قال : نساؤه من أهل بيته ، ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده قال : ومن هم ؟ قال : آل علي ، وآل عقيل ، وآل جعفر ، وآل عباس ، قال : كل هؤلاء حرم الصدقة ؟ قال : نعم ، زاد في رواية « كتاب اللّه فيه الهدى والنور من استمسك به وأخذ به كان على الهدى ومن أخطأه ضل » .
    وفي أُخرى نحوه : غير أنّه قال : « وإنّي تارك فيكم ثقلين أحدهما : كتاب اللّه وهو حبل اللّه فمن اتبعه كان على الهدى ومن تركه كان على ضلالة ، وفيها


(153)
فقلنا : من أهل بيته ؟ نساؤه قال : لا وأيم اللّه انّ المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر ، ثم يطلقها فترجع إلى أبيها وقومها ، أهل بيته : أصله وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده. (1)
    هذا ما رواه أصحاب الصحاح حول نزول الآية في حق العترة الطاهرة وتركنا ما رواه الإمام أحمد في مسنده روماً للاختصار ، وفي هذا غنى وكفاية لمن رام الحق واتبعه وعرف الباطل فاجتنبه ، ومن أراد التوسع فعليه الرجوع إلى المصادر التالية :
    1. العمدة للمحدث الحافظ يحيى بن سعيد المتوفّى عام 600 هـ الطبعة الحديثة. (2)
    2. بحار الأنوار : 206 ـ 35. ـ 226.
    3. غاية المرام : 287 و294 ، فقد أورد فيه واحداً وأربعين حديثاً من كتب أهل السنّة ، وأربعاً وثلاثين من كتب الشيعة.
    4. تفسير البرهان : 309/3 ـ 325 ، فقد أورد فيه خمساً وستين حديثاً.
    5. نور الثقلين : 270/4 ـ 277 ، أورد فيه خمسة وعشرين حديثاً.
    6. إحقاق الحق : 502/2 ـ 544 ، فقد نقل نزول الآية في حق العترة الطاهرة عن كتب أهل السنة حديثاً وتفسيراً ، ثم استدرك ما فاته في الجزء التاسع والرابع عشر.
1 ـ راجع للوقوف على هذه المأثورات جامع الأُصول لابن الأثير : 10/ 100 ـ 103 ، وصحيح مسلم : 122/7 ـ 123.
2 ـ حُقّق تحقيقاً أنيقاً ونشر من قبل مؤسسة الإمام الصادق ( عليه السّلام ) في عام 1412 هـ.


(154)
    7. آية التطهير في حديث الفريقين فقد استقصى في جزء خاص الأحاديث الواردة حول الموضوع من طريق الفريقين شكر اللّه مساعي الجميع.
    وبعد هذا ، حان حين البحث عن دلائل القول الآخر : وهو نزول الآية في نسائه.

    نزولها في نسائه عليه الصلاة والسلام
    قد تعرفت على دلائل القول وقرائنه ومؤيداته وأحاديثه المتواترة التي أطبق على نقلها تسع وأربعون (1) صحابياً وصحابية من أُمهات المؤمنين ، وقد تلقته الأُمّة بالقبول في القرون الماضية ، وأمّا القول الثاني أعني نزولها في نسائه وزوجاته ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ) فقد نسب إلى أشخاص نقل عنهم ، منهم :
    1. ابن عباس.
    2. عكرمة.
    3. عروة بن الزبير.
    4. مقاتل بن سليمان.
    أمّا الأوّل : فقد نقل عنه تارة ، عن طريق سعيد بن جبير ، وأُخرى عن طريق عكرمة ، قال السيوطي في الدر المنثور : وأخرج ابن أبي حاتم ، وابن عساكر من طريق عكرمة عن ابن عباس عن قوله : « إنّما يريد اللّه ... » قال : نزلت في نساء النبي ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ).
    وقال أيضاً : أخرج ابن مردويه عن طريق سعيد بن جبير ، عن ابن عباس
1 ـ سيوافيك مصدره.

(155)
قال : نزلت في نساء النبي ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ).
    وأمّا الثاني : أعني عكرمة ، فقد نقله عنه الطبري ، عن طريق « علقمة » وانّ عكرمة كان ينادي في السوق : « إنّما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس ... » نزلت في نساء النبي ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ).
    ونقل في الدر المنثور : أخرج ابن جرير وابن مردويه ، عن عكرمة في قوله : « إنّما يريد اللّه ليذهب عنكم ... » إنّه قال ليس بالذي تذهبون إليه إنّما هو نساء النبي ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ).
    وأمّا الثالث : أعني : عروة بن الزبير ، فقال السيوطي : وأخرج ابن سعد عن عروة بن الزبير انّه قال : « إنّما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس أهل البيت » قال : أزواج النبي نزلت في بيت عائشة.
    وأمّا الرابع : فقد نقل عنه في أسباب النزول. (1)
    تحليل هذه النقول
    أمّا نقله عن ابن عباس فليس بثابت ، بل نقل عنه خلاف ذلك ، فقد نقل السيوطي في « الدر المنثور » قال : وأخرج ابن مردويه ، عن ابن عباس قال : شهدنا رسول اللّه ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ) تسعة أشهر يأتي كل يوم باب علي بن أبي طالب عند وقت كل صلاة فيقول : « السلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته أهل البيت « إنّما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيراً » » .
    وليس ابن مردويه فريداً في هذا النقل ، فقد نقله عنه الحاكم الحسكاني في
1 ـ تفسير الطبري : 7/22 و 8 ؛ والدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي : 198/5 ؛ وأسباب النزول للواحدي : 204.

(156)
شواهد التنزيل (1) بسند ينتهي إلى أبي صالح ، عن ابن عباس : « إنّما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيراً » نزلت في رسول اللّه وعلي وفاطمة والحسن والحسين. والرجس : الشك.
    كما نقله الحافظ الحسين بن الحكم الحبري في « تنزيل الآيات » عن أبي صالح بمثل ما سبق. (2)
    وممن رواه عن ابن عباس صاحب أرجح المطالب ص 54 طبع لاهور ، والعلاّمة إسماعيل النقشبندي « في مناقب العترة » .
    أضف إلى ذلك أنّ من البعيد أن يخفى على ابن عباس حبر الأُمّة ما اطّلع عليه عيون الصحابة وأُمّهات المؤمنين ، وقد أنهى بعض الفضلاء السادة (3) عدد رواة الحديث من الصحابة إلى تسعة وأربعين صحابياً. وجمعها من مصادر الفريقين في الفضائل والمناقب.
    وأمّا عكرمة
    فقد ثبت تقوّله بذلك كما عرفت ، لكنّ في نفس كلامه دليلاً واضحاً على أنّ الرأي العام يوم ذاك في شأن نزول الأُمّة هو نزولها في حق فاطمة ، وانّما تفرّد هو بذلك ، ولأجله رفع عقيرته في السوق بقوله : ليس بالذي تذهبون إليه وإنّما هو نساء النبي. أضف إلى ذلك : انّ تخصيص هذه الآية بالنداء في السوق وانّها نزلت في نساء النبي يعرب عن موقفه الخاص بالنسبة إلى من اشتهر نزول الآية في حقهم ،
1 ـ شواهد التنزيل : 2/30.
2 ـ تنزيل الآيات : 24 « مخطوط » منه نسخة في جامعة طهران. لاحظ إحقاق الحق : 53/14.
3 ـ آية التطهير في حديث الفريقين.


(157)
وإلا فالمتعارف بين الناس هو الجهر بالحقيقة بشكل معقول لا بهذه الصورة المعربة عن الانحراف عنهم.
    هذا كله حول ما نقل عنه ، وأمّا تحليل شخصيته وموقفه من الأمانة والوثاقة ، وانحرافه عن علي وانحيازه إلى الخوارج وطمعه الشديد بما في أيدي الأُمراء فحدث عنه ولا حرج ، ولأجل إيقاف القارئ على قليل مما ذكره أئمّة الجرح والتعديل في حقه نأتي ببعض ما ذكره الإمام شمس الدين الذهبي نقّاد الفن في كتابيه : « تذكرة الحفاظ » ، و « سير أعلام النبلاء » ، ومن أراد التفصيل فليرجع إلى كتب الجرح والتعديل.
    نقل الإمام شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي المتوفّى 748 هـ في « سير أعلام النبلاء » هذه الكلمات في حق عكرمة :
    1. قال أيوب : « قال عكرمة : إنّي لأخرج إلى السوق فأسمع الرجل يتكلّم بالكلمة فينفتح لي خمسون باباً من العلم ... » ما معنى هذه الكلمة ؟ وهل يقولها إنسان يملك شيئاً من العقل والوقار ؟!
    2. قال ابن لهيعة : وكان يحدّث برأي نجدة الحروري (1) وأتاه ، فأقام عنده ستة أشهر ، ثم أتى ابن عباس فسلّم ، فقال ابن عباس : قد جاء الخبيث.
    3. قال سعيد بن أبي مريم ، عن أبي لهيعة ، عن أبي الأسود قال : كنت أوّل من سبّب لعكرمة الخروج إلى المغرب وذلك أنّي قدمت من مصر إلى المدينة فلقيني عكرمة وسألني عن أهل المغرب ، فأخبرته بغفلتهم ، قال : فخرج إليهم وكان أوّل ما أحدث فيهم رأي الصفريّة. (2)
1 ـ هو نجدة بن عامر الحروري الحنفي من بني حنيفة رأس الفرقة النجدية ، انفرد عن سائر الخوارج بآرائه.
2 ـ هم فرقة من الخوارج أتباع زياد بن الأصفر.


(158)
    4. قال يحيى بن بكير : قدم عكرمة مصر ونزل هذه الدار وخرج إلى المغرب ، فالخوارج الذين بالمغرب عنه أخذوا.
    5. قال علي بن المديني : كان عكرمة يرى رأي نجدة الحروري.
    6. وقال أحمد بن زهير : سمعت يحيى بن معين يقول : إنّما لم يذكر مالك عكرمة ـ يعني في الموطأ ـ قال : لأنّ عكرمة كان ينتحل رأي الصفريّة.
    7. وروى عمر بن قيس المكي ، عن عطاء قال : كان عكرمة أباضياً. (1)
    8. وعن أبي مريم قال : كان عكرمة بيهسياً. (2)
    9. وقال إبراهيم الجوزجاني : سألت أحمد بن حنبل عن عكرمة ، أكان يرى رأي الأباضية ؟ فقال : يقال : انّه كان صفرياً ، قلت : أتى البربر ؟ قال : نعم ، وأتى خراسان يطوف على الأُمراء يأخذ منهم.
    10. وقال علي بن المديني : حكى عن يعقوب الحضرمي عن جده قال : وقف عكرمة على باب المسجد فقال : ما فيه إلا كافر. قال : وكان يرى رأي الاباضية. (3)
    وقال في « ميزان الاعتدال » (4) : وقد وثقه جماعة ، واعتمده البخاري ، وأمّا مسلم فتجنّبه ، وروى له قليلاً مقروناً بغيره ، وأعرض عنه مالك ، وتحايده إلا في حديث أو حديثين.
    عفان ، حدثنا وهيب قال : شهدت يحيى بن سعيد الأنصاري ، وأيوب ، فذكرا عكرمة فقال يحيى : كذاب ، وقال أيوب : لم يكن بكذاب.
1 ـ هم أتباع عبد اللّه بن أباض ، رأس الأباضية.
2 ـ فرقة من الصفرية أصحاب أبي بيهس هيصم بن جابر الضبغي رأس الفرقة البيهسية من الخوارج.
3 ـ لاحظ سير أعلام النبلاء للذهبي : 18/5 ـ 22.
4 ـ ميزان الاعتدال : 93/3 ـ 97.


(159)
    عن عبد اللّه بن الحارث : دخلت على علي بن عبد اللّه بن عباس فإذا عكرمة في وثاق عند باب الحش فقلت : ألا تتقي اللّه ؟ قال : إنّ هذا الخبيث يكذب على أبي.
    سئل محمد بن سيرين عن عكرمة ؟ فقال : ما يسؤني أن يكون من أهل الجنة ولكنّه كذّاب.
    هشام بن عبد اللّه المخزومي : سمعت ابن أبي ذئب يقول : رأيت عكرمة وكان غير ثقة.
    وعن بريد بن هارون قال : قدم عكرمة البصرة ، فأتاه أيوب ويونس وسليمان التيمي ، فسمع صوت غناء فقال : اسكتوا ، ثم قال : قاتله اللّه لقد أجاد.
    وعن خالد بن أبي عمران قال : كنّا بالمغرب وعندنا عكرمة في وقت الموسم فقال : وددت أن بيدي حربة فاعترض بها من شهد الموسم يميناً وشمالاً.
    وعن يعقوب الحضرمي عن جده قال : وقف عكرمة على باب المسجد فقال : ما فيه إلا كافر. قال : ويرى رأي الأباضية ، انّ عكرمة لم يدع موضعاً إلا خرج إليه : خراسان والشام واليمن ومصر وافريقية ، كان يأتي الأُمراء فيطلب جوائزهم.
    وقال عبد العزيز الدراوردي : مات عكرمة وكثير عزة في يوم واحد فما شهدهما إلا سودان المدينة.
    وعن ابن المسيب أنّه قال لمولاه « برد » : لا تكذب عليّ كما كذب عكرمة على ابن عباس.
    أفبعد هذه الكلمات المتضافرة الحاكية عن انحراف الرجل عن جادة الحق ،


(160)
وتكفيره عامّة المسلمين ، وتمنّيه أن يقتل كل من شهد الموسم ، يصح الاعتماد عليه في تفسير الذكر الحكيم ؟ والأسف أنّ المفسرين نقلوا أقواله وأرسلوها ولم يلتفتوا إلى أنّ الرجل كذّاب على مولاه وعلى المسلمين ، فواجب على عشاق الكتاب العزيز وطلاب التفسير ، تهذيب الكتب عن أقوال وآراء ذلك الدجال ومن يحذو حذوه.
    عروة بن الزبير
    وأمّا عروة بن الزبير فيكفي في عدم حجية قوله ، عداؤه لعلي وانحرافه عنه ، ففي هذا الصدد يقول ابن أبي الحديد : روى جرير بن عبد الحميد ، عن محمد بن شيبة قال : شهدت مسجد المدينة ، فإذا الزهري وعروة بن الزبير جالسان يذكران عليّاً ( عليه السّلام ) فنالا منه ، فبلغ ذلك علي بن الحسين عليه السَّلام ، فجاء حتى وقف عليهما ، فقال : أما أنت يا عروة فإنّ أبي حاكم أباك إلى اللّه فحكم لأبي على أبيك ، وأمّا أنت يا زهري فلو كنت بمكة لأريتك كير أبيك.
    وقد روي من طرق كثيرة : أنّ عروة بن الزبير كان يقول : لم يكن أحد من أصحاب رسول اللّه ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ) يزهو إلا علي بن أبي طالب ، وأُسامة بن زيد.
    وروى عاصم بن أبي عامر البجلي ، عن يحيى بن عروة قال : كان أبي إذا ذكر عليّاً نال منه ، وقال لي مرّة : يا بني واللّه ما أحجم الناس عنه إلا طلباً للدنيا ، لقد بعث إليه أُسامة بن زيد أن أبعث إلي بعطائي فواللّه انّك لتعلم انّك لو كنت في فم أسد لدخلت معك. فكتب إليه : إنّ هذا المال لمن جاهد عليه ، ولكن لي مالاً بالمدينة ، فأصب منه ما شئت.
مفاهيم القرآن ـ جلد العاشر ::: فهرس