مفاهيم القرآن ـ جلد الخامس ::: 421 ـ 430
(421)
1
إطاعة السلطان بين الوجوب والحرمة
    إطاعة الحاكم العادل من صميم الدين ، قال سبحانه : ( أَطِيعُوا اللهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ ) (1) ، وليس المراد منه إطاعة مطلق ولاة الأمر ، بل المراد خصوص العدول منهم ، بقرينة النهي عن إطاعة المسرفين والغافلين عن ذكر الله سبحانه ، والمكذبين والآثمين وغيرهم ، قال سبحانه : ( وَ لاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَ اتَّبَعَ هَوَاهُ وَ كَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ) (2) ، وقال سبحانه : ( يَا أَيُّهَا النَّبي اتَّقِ اللهَ وَ لاَ تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَ الْمُنَافِقِينَ ) (3) ، وقال سبحانه : ( فَلاَ تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ ) (4) ، وقال تعالى : ( وَ لاَ تُطِعْ كُلَّ حَلاَّف مَهِين ) (5) ، وقال سبحانه : ( فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَ لاَ تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً ) (6) ، وقال تعالى : ( وَ لاَ تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ ) (7) ، إلى غير ذلك من الآيات الناهية عن طاعة الطغاة العصاة. فبقرينة هذه الآيات الناهية يصح أن يقال : إنّ المراد من الأمر بإطاعة أُولي الأمر ، هو إطاعة العدول منهم.
    1 ـ النساء : 59.
    2 ـ الكهف : 28.
    3 ـ الأحزاب : 1.
    4 ـ القلم : 8.
    5 ـ القلم : 10.
    6 ـ الإنسان : 24.
    7 ـ الشعراء : 151.


(422)
    وقد تضافرت الروايات على وجوب إطاعة السلطان العادل المعربة عن عدم وجوب إطاعة السلطان الجائر أو حرمتها ، قال رسول الله ( عليه السلام ) : « السلطان العادل المتواضع ظل الله ورمحه في الأرض ويرفع له عمل سبعين صدّيقاً ». (1)
    وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : « ما من أحد أفضل منزلة من إمام إن قال صدق ، وإن حكم عدل ، وإن استرحم رحم ». (2)
    وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : « أحب الناس إلى الله يوم القيامة وأدناهم مجلساً ، إمام عادل ، وأبغض الناس إلى الله وأبعدهم منه إمام جائر ». (3)
    وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : « السلطان ظل الله في الأرض يأوي إليه الضعيف ، وبه ينصر المظلوم ، ومن أكرم سلطان الله في الدنيا أكرمه الله يوم القيامة ». (4)
    وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : « ثلاثة من كن فيه من الأئمّة صلح أن يكون إماماً اضطلع بأمانته : إذا عدل في حكمه ، ولم يحتجب دون رعيته ، وأقام كتاب الله تعالى في القريب والبعيد ». (5) إلى غير ذلك من الروايات الّتي يقف عليها المتتبع في الجوامع الحديثية.
    هذا من طريق أهل السنّة ، وأمّا من طريق الشيعة فحدث عنه ولا حرج.
    روى عمر بن حنظلة عن الصادق ( عليه السلام ) في لزوم طاعة الحاكم العادل : « من روى حديثنا ، ونظر في حلالنا وحرامنا ، وعرف أحكامنا فليرضوا به حكماً فإنّي جعلته عليكم حاكماً ، فإذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه ، فإنّما استخف بحكم الله وعلينا رد ، والراد علينا كالراد على الله ، وهو على حدّ الشرك بالله ». (6)
    
    1 ـ كنزل العمال : 6 / 6 ، الحديث 14589.
    2 ـ كنزل العمال : 6 / 6 ، الحديث 14593.
    3 ـ كنزل العمال : 6 / 6 ، الحديث 14604.
    4 ـ كنزل العمال : 6 / 6 ، الحديث 14572.
    5 ـ كنز العمال : ج 5 ، الحديث 14315.
    6 ـ الوسائل : 18 ، الباب 11 ، من أبواب صفات القاضي ، الحديث 1.


(423)
    ونكتفي بقول الإمام الحسين بن علي ( عليهما السلام ) في كتابه إلى أهل الكوفة حيث قال ( عليه السلام ) : « فلعمري ما الإمام إلاّ الحاكم بالكتاب ، القائم بالقسط ، الدائن بدين الحق ، الحابس نفسه على ذات الله ». (1)
    إذاً فوجوب إطاعة السلطان العادل ممّا لا شك فيه ، ولا يحتاج إلى إسهاب الكلام فيه.

إطاعة السلطان الجائر
    اتفقت كلمة الحنابلة ومن لفَّ لفّهم على وجوب إطاعة السلطان الجائر ، وإليك نصوصهم :
    قال أحمد بن حنبل في إحدى رسائله : السمع والطاعة للأئمّة ، وأمير المؤمنين ، البر والفاجر ، ومن ولي الخلافة فأجمع الناس ورضوا به ومن غلبهم بالسيف ، وسمّي أمير المؤمنين ، والغزو ماض مع الأُمراء إلى يوم القيامة ، البر والفاجر ، وإقامة الحدود إلى الأئمّة ، وليس لأحد أن يطعن عليهم وينازعهم ، ودفع الصدقات إليهم جائز من دفعها إليهم أجزأت عنهم ، براً كان أو فاجراً ، وصلاة الجمعة خلفه وخلف كل من ولي ، جائزة إقامتها ، ومن أعادها فهو مبتدع تارك للآثار مخالف للسنّة. (2)
    ومن خرج على إمام من أئمّة المسلمين وقد كان الناس قد اجتمعوا عليه وأقرّوا له بالخلافة بأيِّ وجه من الوجوه ، كان بالرضاء أو بالغلبة ، فقد شق الخارج عصا المسلمين وخالف الآثار عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فإن مات الخارج عليه ، مات ميتة
    1 ـ بحار الأنوار : 15 / 116 ; تاريخ الطبري : 4 / 262 ، أحداث سنة 60 هـ.
    2 ـ تاريخ المذاهب الإسلامية : 2 / 322.


(424)
جاهلية.
    هذا الرأي المنقول عن إمام الحنابلة لا يمكن إنكار صحة نسبته إليه ، ولأجل ذلك قال الأُستاذ أبو زهرة : ولأحمد رأي يتلاقى فيه مع سائرالفقهاء وهو جواز إمامة من تغلّب ورضيه الناس وأقام الحكم الصالح بينهم ، بل انّه يرى أكثر من ذلك إنّ من تغلّب وإن كان فاجراً تجب إطاعته حتى لا تكون الفتن. (1)
    والعبارة الّتي نقلناها عن إمام الحنابلة تعرب عن وجوب إطاعة الجائرولو أمر بمعصية الخالق ، وهوأمر عجيب منه جداً ، مع أنّ أكثر الأشاعرة الذين يحرّمون الخروج عليه ، لا يوجبون طاعته كماسترى عندما نوافيك بنصوصهم ، ولغرابة رأي ابن حنبل هذا ، ذيّله أبو زهرة بقوله : ولكنه ينظر في هذه القضية إلى مصلحة المسلمين وأنّه لا بدَّ من نظام مستقر ثابت وإنّ الخروج على هذا النظام يحل قوّة الأُمّة ، ويفك عراها ، ولأنّه رأى من أخبار الخوارج وفتنتهم ما جعله يقرر أنّ النظام الثابت أولى ، وأنّ الخروج عليه يرتكب فيه من المظالم أضعاف ما يرتكبه الحاكم الظالم.
    ثم إنّه ينظر في القضية نظرة اتّباع ، فإنَّ التابعين عاشوا في العصر الأموي إلى أكثر من ثلثي زمانه قد رأوا مظالم كثيرة ، ومع ذلك نهو عن الخروج ولم يسيروا مع الخارجين ، وكانوا ينصحون الخلفاء والولاة إن وجدوا آذاناً تسمع ، وقلوباً تفقه ، وفي كل حال لا يخرجون ولا يؤيدون الخارج. (2)
    وهذا التوجيه من الأُستاذ غريب جداً :
    أمّا أوّلاً : فلأنّ الخروج على النظام الظالم إذا كان موجباً لحلِّ قوّة الأُمّة وفك
    1 ـ المصدر السابق : 321.
    2 ـ تاريخ المذاهب الإسلامية : 2 / 322.


(425)
عراها ، يكون الصبر عليه تشويقاً لتماديه في الظلم ، وإكثار الضغط على الأُمّة ، وبالنتيجة : تحويل الدين وتحريفه عمّا هو عليه من الحق ... فأيُّ فائدة تكمن في حفظ قوّة أُمّة ، انحرفت عن صراطها وتبدّلت سننها وتغيرت أُصولها ، فإنّ الظالم لا يرى لظلمه حداً ولتعدّيه ضوابط ، فلو رأى أنّ الإسلام بواقعه يضاد آراءه الشخصية وميوله الخبيثة ، عمد إلى تغييره وتحويره ، فليس يقتصر ظلم الظالم على التعدّي على النفوس والأموال ، بل الراكب على أعناق الناس ، يغيّر كل شيء كيفيما يريد ، وحيثما يرى أنّه لصالح شخصه ، والتاريخ شاهدنا الأصدق على ذلك.
    وثانياً : فإنَّ الأُستاذ أبا زهرة نسب إلى التابعين الذين عاشوا في العصر الأموي إلى أكثر من ثلثي زمانه بأنّهم رأوا مظالم كثيرة ومع ذلك نهوا عن الخروج ولم يسيروا مع الخارجين ... ، ولكنّه كيف غفل عن قضية الحرّة الدامية حيث كان الخارجون فيها على الحكومة الغاشمة هم الصحابة والتابعون ...
    وهذا المسعودي صاحب « مروج الذهب » ينقل إلينا لمحة عمّاجرى هناك ويقول :
    ولما انتهى الجيش من المدينة إلى الموضع المعروف بالحرّة وعليه « مُسرف » خرج إلى حربه أهلها ، عليهم عبد الله بن مطيع العدوي وعبد الله بن حنظلة الغسيل الأنصاري ، وكانت وقعة عظيمة قتل فيها خلق كثير من الناس من بني هاشم وسائر قريش والأنصار وغيرهم من سائر الناس; فمن قتل من آل أبي طالب اثنان : عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ، وجعفر بن محمد بن علي بن أبي طالب ; ومن بني هاشم من غير آل أبي طالب ، الفضل بن العباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب ، وحمزة بن عبد الله بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب ،


(426)
والعباس بن عتبة بن أبي لهب بن عبد المطلب ، وبضع وتسعون رجلاً من سائر قريش ومثلهم من الأنصار ، وأربعة آلاف من سائر الناس ممّن أدركه الإحصاء ، دون من لم يعرف. (1)
    كيف نسي أبو زهرة ـ أو لعلّه تناسى ـ قضية دير الجماجم حيث قام ابن الأشعث التابعي في وجه الحجاج السفّاك بالموضع المعروف بدير الجماجم فكان بينهم نيّف وثمانون وقعة تفانى فيها خلق ، وذلك في سنة اثنتين وثمانين. (2)
    وعلى كل تقدير فقد اقتفى أثر أحمد بن حنبل جماعة من متكلّمي الأشاعرة وادّعوا بأنّ هذه عقيدة إسلامية كان الصحابة والتابعون يدينون بها ، وانّه يجب الصبر على الطغاة الظلمة إذا تصدّروا منصّة الحكم ، نعم غاية ما يقولون : إنّه لا يجب إطاعتهم إذا أمروا بالحرام والفساد ، جاعلين قولهم هذا منعطفهم الوحيد عن قول ابن حنبل وبقية أهل الحديث ، وإليك نبذة من أقوال القوم :
    1. قال الإمام الشيخ أبو جعفر الطحاوي الحنفي ( المتوفّى عام 321 هـ ) في رسالته المسمّاة بـ « بيان السنّة والجماعة » المشهورة بـ « العقيدة الطحاوية ».
    ونرى الصلاة خلف كلِّ بَرٍّ وفاجر من أهل القبلة ، ولا نرى السيف على أحد من أُمّة محمّد إلاّ على من وجب عليه السيف ( أي سفك الدم بالنص القاطع كالقاتل والزاني المحصن والمرتد ) ولا نرى الخروج على أئمتنا ولا ولاة أمرنا وإن جاروا ، ولا ندعوا على أحد منهم ولا ننزع يداً من طاعتهم ، ونرى طاعتهم من
    1 ـ مروج الذهب : 3 / 69 ـ 70 ، طبع بيروت.
    2 ـ المصدر السابق : 3 / 132.


(427)
طاعات الله عزّ وجلّ فريضة علينا ما لم يأمروا بمعصية. (1)
    2. قال الإمام الأشعري من جملة ماعليه أهل الحديث والسنّة : ويرون العيد والجمعة والجماعة خلف كل إمام بر وفاجر ... إلى أن قال : ويرون الدعاء لأئمّة المسلمين بالصلاح ، وأن لا يخرجوا عليهم بالسيف ، وأن لا يقاتلوا في الفتن. (2)
    3. وقال الإمام أبو اليسر محمد بن عبد الكريم البزدوي : الإمام إذا جار أو فسق لا ينعزل عند أصحاب أبي حنيفة بأجمعهم ، وهو المذهب المرضي ... ثم قال : وجه قول عامّة أهل السنّة والجماعة إجماع الأُمّة ، فإنّهم رأوا الفساق أئمة ، فإنّ أكثر الصحابة كانوا يرون بني أُمية وهم بنو مروان أئمّة حتّى كانوا يصلّون الجمعة والجماعة خلفهم ، ويرون قضاياهم نافذة ، وكذا الصحابة والتابعون ، وكذامن بعدهم يرون خلافة بني عباس وأكثرهم كانوا فسّاقاً ، ولأنَّ القول بانعزال الأئمّة بالفسق ، إيقاع الفساد في العالم ، وإثبات المنازعات وقتل الأنفس ، فإنّه إذا انعزل يجب على الناس تقليد غيره ، وفيه فساد كثير ، ثم قال : إذا فسق الإمام يجب الدعاء له بالتوبة ، ولايجوز الخروج عليه ، وهذا مروي عن أبي حنيفة ، لأنّ في الخروج إثارة الفتن والفساد في العالم. (3)
    4. وقال الإمام أبو بكر محمد بن الطيب الباقلاني ( المتوفّى عام 403 هـ ) في « التمهيد ».
    إن قال قائل : ما الّذي يوجب خلع الإمام عندكم؟ قيل له : يوجب ذلك أُمور : منها كفر بعد إيمان ، ومنها تركه الصلاة والدعاء إلى ذلك ، ومنها عند كثير
    1 ـ شرح العقيدة الطحاوية : 110 و 111 ، طبع دمشق.
    2 ـ مقالات الإسلاميين : 323.
    3 ـ أُصول الدين للإمام البزدوي : 190 ـ 192 ، ط القاهرة.


(428)
من الناس فسقه وظلمه بغصب الأموال وضرب الأبشار ، وتناول النفوس المحرمة ، وتضييع الحقوق ، وتعطيل الحدود ، وقال الجمهور من أهل الاثبات وأصحاب الحديث : لا ينخلع بهذه الأُمور ولا يجب الخروج عليه ، بل يجب وعظه وتخويفه وترك طاعته في شيء ممّا يدعو إليه من معاصي الله ، إذ احتجوا في ذلك بأخبار كثيرة متضافرة عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وعن الصحابة في وجوب طاعة الأئمّة وإن جاروا واستأثروا بالأموال وانّه قال ( عليه السلام ) :
    « واسمعوا وأطيعوا ولو لعبد أجدع ، ولو لعبد حبشي ، وصلّوا وراء كلِّ برٍّ وفاجر ».
    وروي أنّه قال : « وان أكلوا مالك وضربوا ظهرك وأطيعوهم ما أقاموا الصلاة » (1).
    5. وقال الشيخ نجم الدين أبو حفص عمر بن محمد النسفي ( المتوفّى عام 537 هـ ) في « العقائد النسفية » :
    ولا ينعزل الإمام بالفسق والجور ... ويجوز الصلاة خلف كلِّ بَرٍّ وفاجر. وعلله الشارح التفتازاني بقوله : لأنّه قد ظهر الفسق واشتهر الجور من الأئمّة والأُمراء بعد الخلفاء الراشدين ، والسلف كانوا ينقادون لهم ويقيمون الجُمع والأعياد بإذنهم ولا يرون الخروج عليهم. (2)
    وقد أُيّدت تلك العقائد بروايات ربّما يتصوّر القارئ أنّ لها مسحة من الحق أو لَمْسة من الصدق ، لكن الحق أنّ أكثرها مفتعلة على لسان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قد
    1 ـ التمهيد : 186 ، ط القاهرة.
    2 ـ شرح العقائد النسفية : 185 ـ 186.


(429)
أفرغها في قالب الحديث جَمعٌ من وعّاظ السلاطين ومرتزقتهم تحفظاً على عروشهم وحفظاً لمناصبهم ، وإليك بعض تلك الروايات الّتي رواها مسلم في صحيحه :
    1. روى مسلم ، عن حذيفة بن اليمان ، قلت يا رسول الله ... إلى أن قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : « يكون بعدي أئمّة لا يهتدون بهداي ولا يتسنّون بسنّتي ، وسيقوم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان انس » قال : قلت كيف أصنع يا رسول الله إن أدركت ذلك؟ قال : « تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع ».
    2. وروى عن أبي هريرة عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنّه قال : « من خرج من الطاعة وفارق الجماعة مات ميتة الجاهلية ... إلى أن قال : ومن خرج على أُمّتي يضرب بَرّها وفاجرها ، ولا يتحاشى من مؤمنها ، ولا يفي لذي عهد عهده فليس مني ولست منه ».
    3. وروى عن ابن عباس أنّه قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : « من رأى من أميره شيئاً يكرهه فليصبر ، فإنّه من فارق الجماعة شبراً فمات فميتته جاهلية ».
    4. روى عنه أيضاً ، عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : « من رأى من أميره شيئاً فليصبر ، فإنّه ليس أحد من الناس خرج من السلطان شبراً فمات عليه إلاّ مات ميتة جاهلية ».
    5. روي عن عبد الله بن عمر أنّه جاء إلى عبد الله بن مطيع ـ حين كان من أمر الحرّة ما كان زمن يزيد بن معاوية ـ فقال : اخرجوا لأبي عبد الرحمن وسادة فقال : إنّي ما أتيتك لأجلس ، أتيتك لأحدّثك حديثاً ، سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول :


(430)
« من خلع يداًمن طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له ، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية ».
    وقد فسر قول رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ابن عمر بلزوم بيعة يزيد وإطاعته حتّى في مسألة الحرة.
    6. روي عن أُمّ سلمة أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : « ستكون أُمراء فتعرفون وتنكرون فمن عرف برئ ، ومن أنكر سلم ، ولكن من رضي وتابع » قالوا : يا رسول الله! ألا نقاتلهم؟ قال : « لا ما صلّوا ».
    7. وروي عن عوف بن مالك في حديث : قيل يا رسول الله أفلا ننابذهم بالسيف؟ فقال : « لا ما أقاموا فيكم الصلاة ، وإذا رأيتم من ولاتكم شيئاً تكرهونه فاكرهوا عمله ، ولا تنزعوا يداً من طاعته ». (1)
    وقد أورد ابن الأثير الجزري قسماً من هذه الأحاديث في جامع الأُصول. (2)
    8. روى البيهقي في سننه عن أبي هريرة قال ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : « سيكون بعدي خلفاء يعملون بما يعلمون ، ويفعلون بما يؤمرون ، وسيكون بعدهم خلفاء يعملون بما لا يعلمون ، ويفعلون ما لا يؤمرون ، فمن أنكر عليهم برئ ، ومن أمسك يده سلم ، ولكن من رضي وتابع ». (3)
    9. وروى ابن عبد ربّه ، عن عبد الله بن عمر : إذا كان الإمام عادلاً فله الأجر وعليك الشكر ، وإذا كان الإمام جائراً فعليه الوزر وعليك الصبر. (4)
    1 ـ صحيح مسلم باب الأمر بلزوم الجماعة : 6 ، وباب حكم من فرق أمر المسلمين : 20 ـ 24.
    2 ـ لاحظ جامع الأُصول : 4 ، الكتاب الرابع في الخلافة والامارة ، الفصل الخامس : 451 ... الخ.
    3 ـ السنن الكبرى : 8 / 158.
    4 ـ العقد الفريد : 1 / 8.
مفاهيم القرآن ـ جلد الخامس ::: فهرس