مفاهيم القرآن ـ جلد التاسع ::: 61 ـ 70
(61)
هذا ما نقله السيوطى في "الاِتقان "عن كتاب "الآداب" لجعفر بن شمس الخلافة ، ولكن المذكور في كتاب "الآداب" ما يناهز 69 آية ، وقد صارت هذه الآيات في عصره أمثالاً سائرة. (1)
    ثمّ إنّ شهاب الدين محمد بن أحمد أبا الفتح الابشيهي المحلي ( 790 ـ 850 هـ ) في كتابه "المستطرف في كل فن مستظرف" ذكر من حِكم القرآن التي تجري مجرى الاَمثال أكثر مما نقله السيوطي في إتقانه عن كتاب الآداب.
    قال صاحب المستطرف : إنَّ الاَمثال من أشرف ما وصل به اللبيب خطابه ، وحلّى بجواهره كتابه ، وقد نطق كتاب الله تعالى وهو أشرف الكتب المنزلة بكثير منها ، ولم يخلُ كلام سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله عنها ، وهو أفصح العرب لساناً وأكملهم بياناً ، فكم في إيراده وإصداره من مثل يعجز عن مباراته في البلاغة كلّ بطل ، . ... فمن أمثال كتاب الله ، قوله تعالى : ( لَنْ تَنالُوا البِرّ حَتّى تُنْفِقُوا مِمّا تُحِبُّون ) ، ( الآن حَصْحَصَ الحَق ) ، و ( قُضِي الاََمْرُ الذي فيهِ تَسْتَفْتِيان ) إلى آخر ما ذكره. (2)
    ثمّ إنّ بعض من ألّف في أمثال القرآن ، استدرك عليهما الحِكم التي صارت مثلاً بين الناس والتي يربو عددها على 245 آية. (3)
    كما أنّ الدكتور محمدحسين الصغير ذكر في خاتمة كتابه من هذه المقولة فبلغ 495 آية. (4)
    ولكن الذي فاتهم هو التركيز على أنَّ هذه الآيات لم تكن أمثالاً يوم
    1 ـ الاِتقان : 2/1046 النوع السادس والستون.
    2 ـ المستطرف في كلّ فن مستظرف : 1/27.
    3 ـ مثال القرآن ، علي أصغر حكمت.
    4 ـ الصورة الفنّية في المثل القرآني : 387 ـ 402.


(62)
نزولها ، بل كانت حِكماً وإنّما جاءت مثلاً حسب مرّ الزمان.
    وأخيراً نزيد أنّ هناك آيات أُخرى غير ما تقدَّم أكثر تداولاً على الاَلسن في أكثر البلاد الاِسلامية نشير إلى قسم منها ، وربما يوجد بعض منها فيما ذكره موَلف الآداب ، وهذه الآيات هي :
    1. ( كُلُوا وَ اشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا ). (1)
    2. ( هذا فراقٌ بَيْنِى وَبَيْنِك ). (2)
    3. ( نُورٌ عَلى نُور ). (3)
    4. ( وَ ما عَلى الرَّسُولِ إِلاّ البَلاغ ). (4)
    5. ( يُخْرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيّتِ وَيُخْرِجُ المَيّتَ مِنَ الحَيّ ). (5)
    6. ( هَلْ يَسْتَوي الّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالّذِينَ لا يَعْلَمُون ). (6)
    7. ( يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيدِيهِمْ ). (7)
    8. ( هَلْ جَزاء الاِِحْسانِ إِلاّ الاِِحسانُ ). (8)
    9. ( لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُون ). (9)
    10. ( لَكُمْ دِينُ ـ كُمْ وََلِي دِين ). (10)
    هذه آيات عشر صارت مثلاً سائراً بين أكثر المسلمين.
    1 ـ الاَعراف : 31.
    2 ـ الكهف : 78.
    3 ـ النور : 35.
    4 ـ النور : 54.
    5 ـ الروم : 19.
    6 ـ الزمر : 9.
    7 ـ الفتح : 10.
    8 ـ الرحمن : 60.
    9 ـ الصف : 2.
    10 ـ الكافرون : 6.


(63)
    ثم إنّ المحقّق بهاء الدين العاملي ( 953 ـ 1030 هـ ) عقد فصلاً تحت عنوان « فيما ورد من كتاب الله تعالى مناسباً لكلام العرب » ويريد بذلك انّ هناك معادلات في كلام العرب لما جاء في القرآن من الحكم ، وذكر الآيات والاَمثال التالية :
    أ : العرب تقول في وضوح الاَمر : « قد وضح الصبح لذي عينين ».
    وقال الله تعالى : ( الآن حَصْحَصَ الحَقّ ). (1)
    ب : وتقول العرب في فوات الاَمر : « سبق السيف العذل ».
    قال الله تعالى : ( قُضِيَ الاََمْرُ الّذِي فِيهِ تَسْتَفْتيان ). (2)
    ج : وتقول في تلافي الاِساءة « عاد غيث على ما أفسد ».
    قال الله تعالى : ( مكانَ السَّيئةِ الحَسنة ). (3)
    د : وتقول في الاِساءة لمن لا يقبل الاِحسان : « اعط أخاك ثمرة فإن أبى فجمرة ».
    وقال تعالى : ( وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِين ). (4)
    هـ : وتقول في فائدة المجازاة : « القتل أنفى للقتل ».
    وقال تعالى : ( وَلَكُمْ فِي القِصاصِ حَياةٌ يا أُولى الاََلْباب ). (5)
    1 ـ يوسف : 51.
    2 ـ يوسف : 41.
    3 ـ الاَعراف : 95.
    4 ـ الزخرف : 36.
    5 ـ البقرة : 179.


(64)
    و : وتقول في اختصاص الصلح : « لكّل مقام مقال ».
    وقال تعالى : ( لِكُلّ نَبأٍ مُسْتَقر ) (1) (2)
    ثمّ إنّ بهاء الدين العاملى عاد إلى الموضوع في كتابه « المخلاة » ونقل شيئاً من أمثال العرب التي استفادها العرب من القرآن الكريم ، فأوضح أنّ القرآن هو المنبع المهم لهذه الاَمثال ، قال :
    أ : قولهم : ما تزرع تحصد : ( مَنْ يَعْمَل سُوءاً يُجْزَ بِهِ ). (3)
    ب : قولهم : للحيطان آذان : ( وَفيكُمْ سَمّاعُونَ لَهُمْ ). (4)
    ج : قولهم : احذر شرَّ من أحسنت إليه : ( وَما نَقَمُوا إِلاّ أنْ أغناهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ ). (5)
    د : وقولهم : لا تلد الحيّة إلاّ حيّة : ( وَلا يَلِدُوا إِلاّ فاجِراً كفّاراً ) (6) (7)
    وما ذكره شيخنا العاملى هو الذي سبق ذكره في كلام الآخرين تحت عنوان « الاَمثال الكامنة ».
    ولعلّ ما ذكره ابن شمس الخلافة والسيوطى والبهائى ليس إلاّ جزءاً يسيراً من الحكم التي سارت بين الناس ، أو صارت نموذجاً لصبّ بقية الاَمثال في قالبها ، وهذا من القرآن ليس ببعيد.
    كيف وقد وصفه النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : « لا تُحصى عجائبه ولا تبلى غرائبه ». (8)
    1 ـ الاَنعام : 67.
    2 ـ أسرار البلاغة : 616 ـ 617.
    3 ـ النساء : 123.
    4 ـ التوبة : 47.
    5 ـ التوبة : 74.
    6 ـ نوح : 27.
    7 ـ المخلاة : 307.
    8 ـ الكافي : 2/599 ، كتاب فضل القرآن ، الحديث 2.


(65)
الرابع عشر : الاَمثال النبوية
    إذا كان المثل إبراز المعنى المقصود في معرض الاَمر المشهود ، وتحلية المعقول بحلية المحسوس ، واستنزال الحقائق المستعصية ، فهو من أدوات التبليغ والتعليم ، ولذلك ذاع التمثيل في القرآن الكريم والكلمات النبوية ، وكلمات أئمّة أهل البيت ( عليهما السلام ) ، إلى عبارات البلغاء وإشارات الحكماء.
    وقد قام غير واحد من المحدثين بجمع الاَمثال النبوية.
    وقد ذكر المحقّق المعاصر الشيخ محمد الغروي ـ حفظه الل هـ في مقدمة كتابه « الاَمثال النبوية » حوالي عشرة كتب حول الاَمثال النبويّة ، وهو بكتابه هذا أوصل العدد إلى أحد عشر كتاباً ، وقد نقل عن عبد المجيد محمود موَلف كتاب « أمثال الحديث » العبارة التالية : أمّا أمثال الحديث فلم تحظ بالعناية التي نالتها أمثال القرآن أو الاَمثال العربية العامة ، ولم أر أحداً من أصحاب الكتب الستة أفردها بالتأليف أو أفرد لها باباً في كتابه ، سوى الاِمام الترمذي الذي خصص لاَمثال الحديث مكاناً في جامعه تحت عنوان : « أبواب الاَمثال عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لكنّه لم يذكر تحت هذا العنوان غير أربعة عشر حديثاً ، ولهذا يقول ابن العربي : ولم أر أحداً من أهل الحديث صنف فأفرد لها باباً غير أبي عيسى ـ يعني الترمذي ـ ولله درّه لقد فتح باباً أو بنى قصراً أو داراً ، ولكن اختط خطاً صغيراً ، فنحن نقتنع به ونشكره عليه. (1)
    ثمّ إنّ شيخنا الغروي قام بجمع شوارد الاَمثال النبوية في جزءين كبيرين مع تفسيرها ، مرتباً إياها وفق حروف التهجّي ، وأسمى كتابه « الاَمثال النبويّة » ،
    1 ـ أمثال الحديث : 88 ، ولكلامه صلة.

(66)
وطبع في بيروت.
    وها نحن نذكر نماذج من الاَمثال النبوية التي جمعها السيوطي في « الجامع الصغير » لتكون زينة للكتاب.
    1. « مثل الاِيمان مثل القميص تقمَّصه مرّة ، وتنزعه أُخرى ».
    2. « مثل البخيل والمتصدّق كمثل رجلين عليهما جبّتان من حديد من ثديهما إلى تراقيهما ، فأمّا المنفق فلا ينفق إلاّ سبغت على جلده ، حتى تخفي بنانه ، وتعفو أثره ، وأمّا البخيل فلا يريد أن ينفق شيئاً إلاّ لزقت كل حلقة مكانها ، فهو يوسّعها فلا تتسع ».
    3. « مثل البيت الذي يذكر الله فيه والبيت الذي لا يذكر الله فيه ، مثل الحيّ والميّت ».
    4. « مثل الجليس الصالح والجليس السوء ، كمثل صاحب المسك وكير الحدّاد ، لا يعدمك من صاحب المسك ، إمّا أن تشتريه أو تجد ريحه ، وكير الحداد يحرق بيتك أو ثوبك ، أو تجد منه ريحاً خبيثة ».
    5.« مثل الجليس الصالح مثل العطّار ، إن لم يعطك من عطره أصابك من ريحه ».
    6. « مثل الرّافلة في الزينة في غير أهلها ، كمثل ظلمة يوم القيامة لا نور لها ».
    7. « مثل الصلوات الخمس كمثل نهر جارٍ عذب على باب أحدكم ، يغتسل فيه كلّ يوم خمس مرّات ، فما يبقي ذلك من الدَّنس ».
    8. « مثل العالم الذي يعلّم الناس الخير وينسى نفسه ، كمثل السراج يضيء للناس ويحرق نفسه ».


(67)
    9. « مثل القلب مثل الريشة تقلّبها الرياح بفلاة ».
    10. « مثل الذي يعتق عند الموت ، كمثل الذي يهدي إذا شبع ».
    11. « مثل الذي يتعلّم العلم ، ثمّ لا يحدّث به ، كمثل الذي يكنز الكنز فلا ينفق منه ».
    12. « مثل الذي يتعلّم العلم في صغره كالنقش على الحجر ، ومثل الذي يتعلّم العلم في كبره ، كالذي يكتب على الماء ».
    13. « مثل الذي يجلس يسمع الحكمة ولا يحدّث عن صاحبه إلاّ بشرّ ما يسمع ، كمثل رجل أتى راعياً ، فقال : يا راعي اجزرني شاة من غنمك ، قال : اذهب فخذ بأُذنِ خيرها شاةً ، فذهب فأخذ بأُذنِ كلب الغنم ».
    14. « مثل الذي يتكلّم يوم الجمعة والاِمام يخطب ، مثل الحمار يحمل أسفاراً ، والذي يقول له : « انصت » لا جمعة له ».
    15. « مثل الذي يعلّم الناس الخير وينسى نفسه ، مثل الفتيلة ، تضيء للناس وتحرق نفسها ».
    16. « مثل الذي يعين قومه على غير الحقّ ، مثل بعير تردّى وهو يجرّ بذنبه ».
    17. « مثل الذين يغزون من أُمّتى ويأخذون الجعل يتقوّون به على عدوهم ، مثل أُمّ موسى ، ترضع ولدها وتأخذ أجرها ».
    18. « مثل الموَمن كمثل العطار ، إن جالسته نفعك ، وإن ماشيته نفعك ، وإن شاركته نفعك ».
    19. « مثل الموَمن مثل النخلة ما أخذت منها من شيء نفعك ».
    20. « مثل الموَمن إذا لقي الموَمن فسلّم عليه ، كمثل البنيان يشدّ بعضه


(68)
بعضاً ».
    21. « مثل الموَمن مثل النحلة ، لا تأكل إلاّ طيباً ، ولا تضع إلاّ طيباً ».
    22. « مثل الموَمن مثل السنبلة ، تميل أحياناً ، وتقوم أحياناً ».
    23. « مثل الموَمن مثل السنبلة ، تستقيم مرّة ، وتخرّ مرّة ، ومثل الكافر مثل الاَرزّة ، لا تزال مستقيمة حتى تخرّ ولا تشعر ».
    24. « مثل الموَمن مثل الخامة ، تحمرُّ مرّة ، وتصفرُّ أُخرى ، و الكافر كالاَرزّة ».
    25. « مثل الموَمن كمثل خامة الزرع من حيث أتتها الريح كفتها ، فإذا سكنت اعتدلت ، وكذلك الموَمن ، يكفّأ بالبلاء ، ومثل الفاجر كالاَرزّة صمّاء معتدلة ، حتى يقصمها الله تعالى إذا شاء ».
    26. « مثل الموَمن الذي يقرأ القرآن كمثل الاَُترجُّة ريحها طيّب وطعمها طيّب.ومثل الموَمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة لا ريح لها ، وطعمها حلوٌ. ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة ، ريحها طيب ، وطعمها مرّ ، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة ليس لها ريح وطعمها مر ».
    27. « مثل الموَمن مثل النحلة إن أكلت أكلت طيّباً ، وإن وضعت وضعت طيّباً ، وإن وقعت على عود نخر لم تكسره ، ومثل الموَمن مثل سبيكة الذهب إن نفخت عليها احمرّت ، وإن وزنت لم تنقص ».
    28. « مثل الموَمن كالبيت الخرب في الظاهر ، فإذا دخلته وجدته مونفاً ، ومثل الفاجر كمثل القبر المشرف المجصّص ، يعجب من رآه وجوفه ممتلىَُ نتناً.
    29.مثل الموَمنين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسَّهر والحمّى ».


(69)
    30. مثل المجاهد في سبيل الله ، كمثل الصائم القائم الدائم الذي لا يفتر من صيام ولا صدقة ، حتى يرجع ، وتوكّل الله تعالى للمجاهد في سبيله إن توفّاه أن يدخله الجنّة أو يرجعه سالماً مع أجرٍ أو غنيمة ».
    31. « مثل المرأة الصالحة في النساء ، كمثل الغراب الاَعصم الذي إحدى رجليه بيضاء ».
    32. « مثل المنافق كمثل الشاة العائرة بين الغنمين ، تعير إلى هذه مرّة ، وإلى هذه مرّة ، لا تدري أيّهما تتبع ».
    33. « مثل ابن آدم وإلى جنبه تسعة وتسعون منيّة ، إن أخطأته المنايا وقع في الهرم حتى يموت ».
    34. « مثل أصحابي مثل الملح في الطعام ، لا يصلح الطعام إلاّ بالملح ».
    35. « مثل أُمّتي مثل المطر ، لا يُدرى أوّله خير ، أم آخره ».
    36. « مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح ، من ركبها نجا و من تخلّف عنها غرق ».
    37. « مثل بلال كمثل نحلة ، غدت تأكل من الحلو والمرّ ثم يمسي حلواً كلّه ».
    38. « مثل بلعم بن باعوراء في بني إسرائيل ، كمثل أُمية بن أبي الصلت في هذه الاَُمّة ».
    39. « مثل منىً كالرحم في ضيقه ، فإذا حملت وسعها الله ».
    40. مثل هذه الدنيا مثل ثوب شُقَّ من أوّله إلى آخره ، فبقي متعلّقاً بخيط في آخره ، فيوشك ذلك الخيط أن ينقطع ».


(70)
    41. « مثلي ومثل الساعة كفرسي رهان ، مثلي ومثل الساعة كمثل رجل بعثه قوم طليعة ، فلمّ ـ ا خشي أن يسبق ألاح بثويبه : أُتيتم أُتيتُم ، أنا ذاك ، أنا ذاك ».
    42. « مثلي و مثلكم كمثل رجل أوقد ناراً ، فجعل الفراش والجنادب يقعن فيها وهو يذُبّ ـ هنّ عنها ، وأنا آخذ بحجزكم عن النار ، وأنتم تفلتون من يدي ». (1)

الخامس عشر : الاَمثال العلوية
    كان أمير الموَمنين ( عليه السلام ) مشرّع الفصاحة وموردها ، ومنشأ البلاغة ومولّدها ، ومنه 7ظهر مكنونها ، وعنه أخذت قوانينها ، وعلى أمثلته حذا كلّ قائل خطيب ، وبكلامه استعان كل واعظ بليغ ، وعلى كلامه مسحة من العلم الاِلهي ، وفيه عبقة من الكلام النبوي.
    فقد قام غير واحد من روّاد الفصاحة والبلاغة بجمع شوارد كلامه ، وكلمه القصار والطوال ، فنافت على اثنتي عشرة ألف كلمة ، وفيما جمعه عبد الواحد الآمدي ( المتوفّى حدود 550 هـ ) في كتابه « غرر الحكم ودرر الكلم » غنىً وكفاية لطلاّب الحق ولذلك نطوي عنها كشحا.
    وأمّا التمثيل في كلمات سائر الاَئمة الاثني عشر فحدّث عنه ولا حرج ، وقد شمّر المحقّق الغرويّ عن ساعد الجدّ فألّف موسوعات في هذا المضمار ، شكر الله مساعيه الجميلة.
    1 ـ الجامع الصغير : 2/527 ـ 534.
مفاهيم القرآن ـ جلد التاسع ::: فهرس