مفاهيم القرآن ـ جلد التاسع ::: 181 ـ 190
(181)
وأمّا شأن نزولها فقد نقل عن الكلبي أنّها امرأة حمقاء من قريش كانت تغزل مع جواريها إلى انتصاف النهار ، ثمّ تأمرهنَّ أن ينقضن ما غزلن ولا يزال ذلك دأبها ، واسمها « ريطة » بنت عمرو بن كعب بن سعد بن تميم بن مرة ، وكانت تسمّى فرقاء مكة. (1)
    إنّ لزوم العمل بالميثاق من الاَُمور الفطرية التي جُبل عليها الاِنسان ، ولذلك نرى أنّ الوالد إذا وعد ولده شيئاً ، ولم يف به فسوف يعترض عليه الولد ، وهذا كاشف انّ لزوم العمل بالمواثيق والعهود أمر فطر عليه الاِنسان.
    ولذلك صار العمل بالميثاق من المحاسن الاَخلاقية التي اتّفق عليها كافة العقلاء.
    وقد تضافرت الآيات على لزوم العمل به خصوصاً إذا كان العهد لله ، قال سبحانه : ( وَأَوفُوا بِالعَهْدِ إِنَّ العَهْدَكانَ مَسْوَولاً ) (2)
    وقال تعالى : ( وَالّذِينَ هُمْ لاََماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُون ). (3)
    وفي آية ثالثة : ( وَأَوفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ ). (4)
    وفيما نحن فيه يأمر بشىء وينهى عن آخر.
    أ : فيقول ( أَوفُوا بِعَهْدِ اللهِ إِذا عاهَدْتُمْ ) فيأمر بالوفاء بعهد الله ، أي العهود التي يقطعها الناس مع الله تعالى. ومثله العهد الذي يعهده مع النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأئمة المسلمين ، فكلّ ذلك عهود إلهية وبيعة في طريق طاعة الله سبحانه.
    1 ـ الميزان : 12/335.
    2 ـ الاِسراء : 34.
    3 ـ الموَمنون : 8.
    4 ـ البقرة : 40.


(182)
ب : ( وَلا تَنْقُضُوا الاََ يْمان بَعْد تَوكيدها ) فالاَيمان جمع يمين.
    فيقع الكلام في الفرق بين الجملتين ، والظاهر اختصاص الاَُولى بالعهود التي يبرمها مع الله تعالى ، كما إذا قال : عاهدت الله لاَفعلنّه ، أو عاهدت الله أن لا أفعله.
    وأمّا الثانية فالظاهر انّ المراد هو ما يستعمله الاِنسان من يمين عند تعامله مع عباد الله.
    وبملاحظة الجملتين يعلم أنّه سبحانه يوَكد على العمل بكلّ عهد يبرم تحت اسم الله ، سواء أكان لله سبحانه أو لخلقه.
    ثمّ إنّه قيّد الاَيمان بقوله : بعد توكيدها ، وذلك لاَنّ الاَيمان على قسمين : قسم يطلق عليه لقب اليمين ، بلا عزم في القلب وتأكيد له ، كقول الاِنسان حسب العادة والله وبالله.
    والقسم الآخر هو اليمين الموَكد ، وهو عبارة عن تغليظه بالعزم والعقد على اليمين ، يقول سبحانه : ( لاَ يُوََاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُوََاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الاََ يْمان ). (1)
    ثمّ إنّه سبحانه يعلّل تحريم نقض العهد ، بقوله : ( وَقَد جَعَلتم الله علَيكم كفيلاً انّ الله يعلم ما تَفْعلون ) أي جعلتم الله كفيلاً بالوفاء فمن حلف بالله فكأنّه أكفل الله بالوفاء.
    فالحالف إذا قال : والله لاَفعلنّ كذا ، أو لاَتركنّ كذا ، فقد علّق ما حلف عليه نوعاًمن التعليق على الله سبحانه ، وجعله كفيلاً عنه في الوفاء لما عقد عليه
    1 ـ المائدة : 89.

(183)
اليمين ، فإن نكث ولم يفِ كان لكفيله أن يوَدبه ، ففي نكث اليمين ، إهانة وإزراء بساحة العزة.
    ثمّ إنّه سبحانه يرسم عمل ناقض العهد بامرأة تنقض غزلها من بعد قوة أنكاثاً ، قال : ( وَلاتَكُونُوا كَالّتى نَقَضَت غزلها مِنْ بعْدل قُوّة أنكاثاً ) مشيراً إلى المرأة التي مضى ذكرها و بيان عملها حيث كانت تغزل ما عندها من الصوف والشعر ، ثمّ تنقض ما غزلته ، وقد عرفت في قوله ب ـ « الحمقاء » فكذلك حال من أبرم عهداً مع الله وباسمه ثمّ يقدم على نقضه ، فعمله هذا كعملها بل أسوأ منها حيث يدل على سقوط شخصيته وانحطاط منزلته.
    ثمّ إنّه سبحانه يبين ما هو الحافز لنقض اليمين ، ويقول إنّ الناقض يتخذ اليمين واجهة لدخله وحيلته أوّلاً ، ويبغي من وراء نقض عهده ويمينه أن يكون أكثر نفعاً ممّا عهد له ولصالحه ثانياً ، يقول سبحانه : ( تَتَّخذون أيمانكم دخلاً بينكم أن تكون أُمّة هي أربى من أُمّة ) فقوله « أربى » من الربا بمعنى الزيادة ، فالناقض يتخذ أيمانه للدخل والغش ، ينتفع عن طريق نقض العهد وعدم العمل بما تعهد ، ولكن الناقض غافل عن ابتلائه سبحانه ، كما يقول سبحانه : ( إنّما يبلوكم الله به وليبيّننَّ لكم يوم القيامة ما كنتم فيه تختلفون ).
    أي انّ ذلك امتحان إلهي يمتحنكم به ، وأقسم ليبيّنن لكم يوم القيامة ما كنتم فيه تختلفون فتعلمون عند ذلك حقيقة ما أنتم عليه اليوم من التكالب على الدنيا وسلوك سبيل الباطل لاِماطة الحق ، ودحضه ويتبين لكم يومئذ من هو الضال و من هوا لمهتدي. (1)
    1 ـ الميزان : 12/336.

(184)
النحل
30
التمثيل الثلاثون
    ( وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأنْعُمِ اللهِ فأَذَاقَهَا اللهُ لِبَاسَ الجُوعِ والْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُون * وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظالِمُون ). (1)
    تفسير الآيات
    « رغد » عيش رغد ورغيد : طيّب واسع ، قال تعالى : ( وكلا منها رغداً ).
    يصف سبحانه قرية عامرة بصفات ثلاث :
    أ : آمنة : أي ذات أمن يأمن فيها أهلها لا يغار عليهم ، ولا يُشنُّ عليهم بقتل النفوس وسبي الذراري ونهب الاَموال ، وكانت آمنة من الحوادث الطبيعية كالزلازل والسيول.
    ب : مطمئنة : أي قارّة ساكنة بأهلها لا يحتاجون إلى الانتقال عنها بخوف أو ضيق ، فانّ ظاهرة الاغتراب إنّما هي نتيجة عدم الاستقرار ، فترك الاَوطان وقطع الفيافي وركوب البحار وتحمّل المشاق رهن عدم الثقة بالعيش الرغيد فيه ، فالاطمئنان رهن الاَمن.
    1 ـ النحل : 112 ـ 113.

(185)
ج : ( يأتيها رزقها رغداً من كلّ مكان ) ، الضمير في يأتيها يرجع إلى القرية ، والمراد منها حاضرة ما حولها من القرى ، والدليل على ذلك ، قوله سبحانه حاكياً عن ولد يعقوب : ( وَاسئلِ القَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ التِي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنّا لَصادِقُون ). (1) والمراد من القرية هي مصر الحاضرة الكبيرة يومذاك.
    وعلى ذلك فتلك القرية الواردة في الآية بما انّها كانت حاضرة لما حولها من الاَصقاع فينقل ما يزرع ويحصد إليها بغية بيعه أو تصديره.
    هذه الصفات الثلاث تعكس النعم المادية الوافرة التي حظيت بها تلك القرية.
    ثمّ إنّه سبحانه يشير إلى نعمة أُخرى حظيت بها وهي نعمة معنوية ، أعنيبعث الرسول إليها ، كماأشار إليه في الآية الثانية ، بقوله : ( وَلَقد جاءهُمْ رسول منهم ).
    وهوَلاء أمام هذه النعم الظاهرة والباطنة بدل أن يشكروا الله عليها كفروا بها.
    أمّا النعمة المعنوية ، أعني : الرسول فكذّبو هـ كما هو صريح الآية الثانية ـ وأمّا النعمة المادية فالآية ساكتة عنها غير انّ الروايات تكشف لنا كيفية كفران تلك النعم.
    روى العياشي ، عن حفص بن سالم ، عن الاِمام الصادق ( عليه السلام ) ، أنّه قال : « إنّ قوماً في بني إسرائيل توَتى لهم من طعامهم حتى جعلوا منه تماثيل بمدن كانت في بلادهم يستنجون بها ، فلم يزل الله بهم حتى اضطروا إلى التماثيل يبيعونها
    1 ـ يوسف : 82.

(186)
ويأكلونها ، وهو قول الله : ( ضرب الله مثلاً قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغداً من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون » ). (1)
    وفي رواية أُخرى عن زيد الشحّام ، عن الصادق ( عليه السلام ) قال : كان أبي يكره أن يمسح يده في المنديل وفيه شيء من الطعام تعظيماً له إلاّ أن يمصّها ، أو يكون إلى جانبه صبيّ فيمصّها ، قال : فانّي أجد اليسير يقع من الخوان فأتفقده فيضحك الخادم ، ثم قال : إنّ أهل قرية ممّن كان قبلكم كان الله قد وسع عليهم حتى طغوا ، فقال بعضهم لبعض : لو عمدنا إلى شيء من هذا النقي فجعلناه نستنجي به كان ألين علينا من الحجارة.
    قال ( عليه السلام ) : فلمّا فعلوا ذلك بعث الله على أرضهم دواباً أصغر من الجراد ، فلم تدع لهم شيئاً خلقه الله إلاّ أكلته من شجر أو غيره ، فبلغ بهم الجهد إلى أن أقبلوا على الذي كانوا يستنجون به ، فأكلوه وهي القرية التي قال الله تعالى : ( ضرب الله مثلاً قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغداً من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون ). (2)
    وبذلك يعلم أنّ ما يقوم به الجيل الحاضر من رمي كثير من فتات الطعام في سلة المهملات أمر محظور وكفران بنعمة الله. حتى أنّ كثيراً من الدول وصلت بها حالة البطر بمكان انّها ترمي ما زاد من محاصيلها الزراعية في البحار حفظاً لقيمتها السوقية ، فكلّ ذلك كفران لنعم الله.
    ثمّ إنّه سبحانه جزاهم في مقابل كفرهم بالنعم المادية والروحية ، وأشار
    1 ـ تفسير نور الثقلين : 3/91 ، حديث 247.
    2 ـ تفسير نور الثقلين : 3/92 ، حديث 248.


(187)
إليها بآيتين :
    الاَُولى : ( فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون ).
    الثانية : ( فَأخذهم العذاب وهم ظالمون ).
    فلنرجع إلى الآية الاَُولى ، فقد جزاهم بالجوع والخوف نتيجة بطرهم.
    وهناك سوَال مطروح منذ القدم وهو أنّه سبحانه جمع في الآية الاَُولى بين الذوق واللباس ، فقال : ( فَأَذاقَهَا الله لِباسَ الجُوعِ ) مع أنّ مقتضى استعمال الذوق هو لفظ طعم ، بأن يقول : « فأذاقها الله طعم الجوع ».
    ومقتضى اللفظ الثاني أعني : اللباس ، أن يقول : « فكساهم الله لباس الجوع » فلماذا عدل عن تلك الجملتين إلى جملة ثالثة لا صل ـ ة لها ـ حسب الظاهر ـ بين اللفظين؟
    والجواب : انّ للاِتيان بكلّ من اللفظين وجهاً واضحاً.
    أمّا استخدام اللباس فلبيان شمول الجوع والخوف لكافة جوانب حياتهم ، فكأنّ الجوع والخوف أحاط بهم من كلّ الاَطراف كإحاطة اللباس بالملبوس ، ولذلك قال : ( لباس الجوع والخوف ) ولم يقل « الجوع والخوف » لفوت ذلك المعنى عند التجريد عن لفظ اللباس.
    وأمّا استخدام الذوق فلبيان شدة الجوع ، لاَنّ الاِنسان يذوق الطعام ، وأمّا ذوق الجوع فانّما يطلق إذا بلغ به الجوع والعطش و الخوف مبلغاً يشعر به من صميم ذاته ، فقال : ( فَأَذاقَهُمُ الله لِباس الجوع والخَوف ).
    هذا ما يرجع إلى تفسير الآية ، و أمّا ما هو المرادمن تلك القرية بأوصافها الثلاثة ، فقد عرفت من الروايات خصوصياتها.


(188)
نعم ربما يقال بأنّ المراد أهل مكة ، لاَنّهم كانوا في أمن وطمأنينة ورفاه ، ثمّ أنعم الله عليهم بنعمة عظيمة وهي محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فكفروا به وبالغوا في إيذائه ، فلا جرم أن سلط عليهم البلاء.
    قال المفسرون : عذّبهم الله بالجوع سبع سنين حتى أكلوا الجيف والعظام.
    وأمّا الخوف ، فهو انّ النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كان يبعث إليهم السرايا فيغيرون عليهم.
    ويوَيد ذلك الاحتمال ما جاء من وصف أرض مكة في قوله : ( أَوَ لَمْ نُمَكّن لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلّ شَىْءٍ ). (1)
    ومع ذلك كلّه فتطبيق الآية على أهل مكة لا يخلو من بُعد.
    أمّا أوّلاً : فلاَنَّ الآية استخدمت الاَفعال الماضية مما يشير إلى وقوعها في الاَزمنة الغابرة.
    وثانياً : لم يثبت ابتلاء أهل مكة بالقحط والجوع على النحو الوارد في الآية الكريمة ، وان كان يذكره بعض المفسرين.
    وثالثاً : انّ الآية بصدد تحذير المشركين من أهل مكة من مغبّة تماديهم في كفرهم ، والسورة مكية إلاّ آيات قليلة ، ونزولها فيها يقتضي أن يكون للمثل واقعية خارجية وراء تلك الظروف ، لتكون أحوال تلك الاَُمم عبرة للمشركين من أهل مكة و ما والاها.
    1 ـ القصص : 57.

(189)
الاِسراء
31
التمثيل الواحد والثلاثون
    ( وَلا تَجْعَل يَدَكَ مَغْلُولَة إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْط فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً * إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً ). (1)
    تفسير الآيات
    "الغلُّ" : ما يقيَّد به ، فيجعل الاَعضاء وسطه ، وجمعه أغلال ، ومعنى قوله : ( مغلولة إلى عنقك ) أي مقيَّدة به.
    « الحسرة » : الغم على ما فاته والندم عليه ، وعلى ذلك يكون محسوراً ، عطف تفسير لقوله « ملوماً » ، ولكن الحسرة في اللغة كشف الملبس عما عليه ، وعلى هذا يكون بمعنى العريان.
    أمّا الآية فهي تتضمن تمثيلاً لمنع الشحيح وإعطاء المسرف ، والاَمر بالاقتصاد الذي هو بين الاِسراف والتقتير ، فشبّه منع الشحيح بمن تكون يده مغلولة إلى عنقه لا يقدر على الاِعطاء والبذل ، فيكون تشبيه لغاية المبالغة في النهي عن الشح والاِمساك ، كما شبّه إعطاء المسرف بجميع ما عنده بمن بسط يده حتى لا يستقر فيها شيء ، وهذا كناية عن الاِسراف ، فيبقى الثالث وهو
    1 ـ الاِسراء : 29 ـ 30.

(190)
المفهوم من الآية وإن لم يكن منطوقاً ، وهو الاقتصاد في البذل والعطاء ، فقد تضمّنته آية أُخرى في سورة الفرقان ، وهي : ( وَالّذينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا ولَمْ يَقْتُروا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً ). (1)
    وقد ورد في سبب نزول الآية ما يوضح مفادها.
    روى الطبرى أنّ امرأة بعثت ابنها إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وقالت : قل له : إنّ أُمّي تستكسيك درعاً ، فإن قال : حتى يأتينا شيء. ، فقل له : انّها تستكسيك قميصك.
    فأتاه ، فقال ما قالت له ، فنزع قميصه فدفعه إليه ، فنزلت الآية.
    ويقال انّه ( عليه السلام ) بقي في البيت إذ لم يجد شيئاً يلبسه ولم يمكنه الخروج إلى الصلاة فلامه الكفّار ، وقالوا : إنّ محمداً اشتغل بالنوم و اللهو عن الصلاة ( إِنَّ ربّك يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ) أي يوسع مرة ويضيق مرة ، بحسب المصلحة مع سعة خزائنه. (2)
    روى الكليني عن عبدالملك بن عمرو الاَحول ، قال : تلا أبو عبد الله هذه الآية : ( وَالّذينَ إِذا أَنْفَقُوا لَم يسرفُوا وَلم يقتروا وَكان بين ذلكَ قواماً ).
    قال : فأخذ قبضة من حصى وقبضها بيده ، فقال : هذا الاِقتار الذي ذكره الله في كتابه ، ثمّ قبض قبضة أُخرى ، فأرخى كفه كلها ، ثمّ قال : هذا الاِسراف ، ثمّ قبض قبضة أُخرى فأرخى بعضها ، وقال : هذا القوام. (3)
    1 ـ الفرقان : 67.
    2 ـ مجمع البيان : 3/412.
    3 ـ البرهان في تفسير القرآن : 3/173.
مفاهيم القرآن ـ جلد التاسع ::: فهرس