مفاهيم القرآن ـ جلد التاسع ::: 81 ـ 90
(81)
الكتاب المكنون إلاّ المطهرون ، وربما يوَيد هذا الوجه بأنّ الآية سيقت تنزيهاً للقرآن من أن ينزل به الشياطين ، وانّ محله لا يصل إليه ، فلا يمسه إلاّ المطهرون ، فيستحيل على أخابث خلق اللّه وأنجسهم أن يصلوا إليه أو يمسّوه ، قال تعالى : ( وَما تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّياطين * وَما يَنْبَغي لَهُمْ وَما يَسْتَطيعُون ). (1)
     د : ( تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمين ) وهذا هو الذي يركز عليه القرآن في مواقف مختلفة ، وانّه كتاب اللّه وليس من صنع البشر.
     وأمّا الصلة بين القسم والمقسم به : فهو واضح ، فلأنّ النجوم بمواقعها أي طلوعها وغروبها يهتدي بها البشر في ظلمات البر والبحر ، والقرآن الكريم كذلك يهتدي به الاِنسان في ظلمات الجهل والغي ، فالنجوم مصابيح حسّية في عالم المادة كما أنّ آيات القرآن مصابيح معنوية في عالم المجردات.
     إكمال
     إنّه سبحانه قال : ( فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُوم ) فالمراد منه القسم بلا شك ، بشهادة انّه قال بعده : ( وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظيم ) فلو كان معنى الآية هو نفي القسم فلا يناسب ما بعده حيث يصفه بأنّه حلف عظيم ، وقد اختلف المفسرون في هذه الآيات ونظائرها ، إلى أقوال :
     1. « لا » زائدة ، مثلها قوله سبحانه : ( لئلاّ يَعْلَم ).
     2. أصلها لأقسم بلام التأكيد ، فلمّا أشبعت فتحتها صارت « لا » كما في الوقف.
     3. لا نافية بمعنى نفي المعنى الموجود في ذهن المخاطب ، ثمّ الابتداء
1 ـ الشعراء : 210 ـ 211.

(82)
بالقسم ، كما نقول : لا واللّه لا صحة لقول الكفار ، أقسم عليه.
     ثمّ إنّه سبحانه يصف هذا القسم بكونه عظيماً ، كما في قوله ( و انّه لقسم لو تعلمون عظيم ) ، فقوله : ( عظيم ) وصف ( القسم ) أُخر لحفظ فواصل الآيات.
     وهذا القسم هو القسم الوحيد الذي وصفه سبحانه بأنّه عظيم ، فالحديث هنا هو حديث على الأبعاد ، أبعاد النجوم عنّا ، و عن بعضها البعض ، في مجرّتنا ، وفي كل المجرّات ، ولأنّها كلّها تتحرك ، فانّ الحديث عن مواقعها يصير أيضاً حديثاً على مداراتها ، وحركاتها الأُخرى العديدة ، وسرعاتها ، وعلى علاقاتها بالنجوم الأُخرى ، وعلى القوى العظيمة والحسابات المعقدة ، التي وضعت كلّ نجم في موقعه الخاص به وحفظته ، في علاقات متوازنة ، دقيقة ، محكمة ، فهي لا يعتريها الاضطراب ، ولا تتغير سننها وقوانينها ، وهي لا تسير خبط عشواء أو في مسارات متقاطعة أو متعارضة بل هي تسير كلّها بتساوق وتناغم وانسجام وانتظام تامّين دائمين ، آيات على قدرة القادر سبحانه. (1)
     يقول الفلكيون : إنّ من هذه النجوم والكواكب التي تزيد على عدة بلايين نجم ، ما يمكن روَيته بالعين المجردة ، وما لا يرى إلاّ بالمجاهر والأجهزة ، وما يمكن أن تحس به الأجهزة دون أن تراه ، هذه كلّها تسبح في الفلك الغامض ، ولا يوجد أيّاحتمال أن يقترب مجال مغناطيسي لنجم من مجال نجم آخر ، أو يصطدم كوكب بآخر إلاّ كما يحتمل تصادم مركب في البحر الأبيض المتوسط بآخر في المحيط الهادي يسيران في اتجاه واحد وبسرعة واحدة ، وهو احتمال بعيد وبعيداً جداً ، إن لم يكن مستحيلاً. (2)
1 ـ أسرار الكون في القرآن : 192.
2 ـ اللّه والعلم الحديث : 24.


(83)
    الفصل الثامن
القسم بالسماء ذات الحبك
     حلف سبحانه في سورة الذاريات بأُمور خمسة ، وجعل للأربعة الأُوَل جواباً خاصّاً ، كما جعل للخامس من الأقسام جواباً آخر ، وبما انّ المقسم عليه متعدّد فصّلنا القسم الخامس عن الأقسام الأربعة ، وعقدنا له فصلاً في ضمن فصول القسم المفرد ، قال سبحانه :
     ( وَالذّارياتِ ذَرْواً * فَالحامِلاتِ وِقْراً * فَالجارِياتِ يُسْراً * فالمُقَسِّماتِ أَمراً * إِنّما تُوعَدُونَ لَصادِق * وإنّ الدِّينَ لَواقِع ). (1)
     ترى أنّه ذكر للأقسام الأربعة جواباً خاصاً ، أعني قوله : ( إِنّما تُوعدون لَصادق * وانّ الدين لواقع ).
     ثمّ شرع بحلف آخر ، وقال : ( وَالسَّماءِ ذات الحُبُكِ * إِنَّكُم لَفِي قَولٍ مُختَلِف ). (2)
     فهناك قسم خامس وهو ( والسماء ذات الحُبك ) وله جواب خاص لا يمت بجواب الأقسام الأربعة وهو قوله : ( إِنَّكُمْ لَفي قول مختلف ).
1 ـ الذاريات : 1 ـ 6.
2 ـ الذاريات : 7 ـ 8.


(84)
    تفسير الآيات
     الحبك جمع الحباك ، كالكتب جمع كتاب ، تستعمل تارة في الطرائق ، كالطرائق التي ترى في السماء ، وأُخرى في الشعر المجعد ، وثالثة في حسن أثر الصنعة في الشيء واستوائه.
     قال الراغب : ( والسَّماء ذات الحبك ) أي ذات الطرائق ، فمن الناس من تصور منها الطرائق المحسوسة بالنجوم والمجرة.
     ولعلّ المراد منه هو المعنى الأوّل أي السماء ذات الطرائق المختلفة ، ويوَيده جواب القسم ، وهو اختلاف الناس وتشتت طرائقهم ، كما في قوله : ( إنّكم لفي قول مختلف ) ، و ربما يحتمل أنّ المراد هو المعنى الثالث أي أقسم بالسماء ذات الحسن والزينة ، نظير قوله تعالى : ( إِنّا زَيَّنا السَّماءَ الدُّنيا بزِينةٍ الكَواكِب ) (1)
     ولكنه لا يناسبه الجواب ، إذ لا يصحّ أن يحلف حالف بالأمواج الجميلة التي ترتسم بالسحب أو بالمجرّات العظيمة التي تبدو كأنّها تجاعيد الشعر على صفحة السماء ، ثمّ يقول : ( إِنّكم لفي قول مختلف ) ، أي إنّكم متناقضون في الكلام.
     وعلى كلّ حال فالمقسم عليه هو التركيز على أنّهم متناقضون في الكلام ، فتارة ينسبون عقائدهم إلى آبائهم وأسلافهم فينكرون المعاد ، وأُخرى يستبعدون إحياء الموتى بعد صيرورتها عظاماً رميمة ، وثالثة يرفضون القرآن والدعوة النبوية ويصفونه بأنّه قول شاعر ، أو ساحر ، أو مجنون ، أو مما علّمه بشر ، أو هي من أساطير الأوّلين.
     وهذا الاختلاف دليل على بطلان ادّعائكم إذ لا تعتمدون على دليل خاص ،
1 ـ الصافات : 6.

(85)
فانّ تناقض المدعي في كلامه أقوى دليل على بطلانه ونفاقه.
     ثمّ إنّه سبحانه يقول : إنّ الاِعراض عن الاِيمان بالمعاد ليس أمراً مختصاً بشخص أو بطائفة ، بل هو شيمة كل مخالف للحق ، يقول : ( يُوَْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِك ) (1).
     والافك : الصرف ، والضمير في « عنه » يرجع إلى الكتاب من حيث اشتماله على وعد البأس والجزاء أي يصرف عن القرآن من صرف وخالف الحق.
     وأمّا الصلة بين المقسم به والمقسم عليه : فقد ظهر مما ذكرنا ، لما عرفت من أنّ معنى الحبك هو الطرائق المختلفة المتنوعة ، فناسب أن يحلف به سبحانه على اختلافهم وتشتت آرائهم في إنكارهم نبوّة النبي ورسالته والكتاب الذي أنزل معه والمعاد الذي يدعو إليه.
1 ـ الذاريات : 9.

(86)
    القسم الثاني : القسم المتعدّد
     وفيه فصول :
    الفصل الأوّل
القسم في سورة الصافات
     حلف سبحانه بالملائكة في السور الأربع التالية :
     1. الصافات ، 2. الذاريات ، 3. المرسلات ، 4. النازعات.
     وليس المقسم به هو لفظ الملك أو الملائكة ، وإنّما هو الصفات البارزة للملائكة وأفعالها ، وإليك الآيات :
     1. ( وَالصّافاتِ صَفّاً * فَالزّاجراتِ زَجْراً * فَالتّالياتِ ذِكراً * إِنَّ إِلهَكُمْ لَواحد ). (1)
     2. ( والذّارِياتِ ذَرْواً * فَالحامِلاتِ وِقْراً * فَالجارِياتِ يُسراً * فَالمُقَسِّماتِ أَمْراً * إِنَّما تُوعَدُونَ لَصادق * وَانَّ الدِّين لواقع ). (2)
     3. ( وَالْمُرسَلات عُرفاً * فَالعاصِفاتِ عَصْفاً * وَالنّاشراتِ نَشْراً * فالفارِقات فَرقاً * فالمُلقِياتِ ذِكراً * عُذراً أَو نُذراً * إنّما تُوعَدُونَ لَواقِع ). (3)
1 ـ الصافات : 1 ـ 4
2 ـ الذاريات : 1 ـ 6.
3 ـ المرسلات : 1 ـ 7.


(87)
4. ( وَالنّازِعاتِ غَرْقاً * وَالنّاشِطاتِ نَشْطاً * وَالسّابِحاتِ سَبْحاً * فَالسّابِقاتِ سَبْقاً * فَالمُدَبِّراتِ أَمْراً * يَوْمَ تَرجُف الراجِفَة * تَتْبَعُها الرّادِفَة ). (1)
     وها نحن نبحث عن أقسام سورة الصافات والذاريات في فصلين متتالين ونحيل بحث أقسام سورة المرسلات والنازعات إلى محلها حسب ترتيب السور.
     وقبل الخوض في تفسير الآيات نقدم شيئاً من التوحيد في التدبير :
     إنّ من مراتب التوحيد في الربوبية والتدبير ، بمعنى أنّه ليس للعالم مدبّر سواه ، يقول سبحانه : ( إِنَّ رَبّكُمُ اللّهُ الّذِي خَلَق السَّمواتِ وَالأَرضَ في سِتَّةِ أَيّامٍ ثُمَّ استَوى عَلى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الأَمْرَ ما مِنْ شَفِيعٍ إِلاّمِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلا تَذَكَّرون ). (2)
     فصدر الآية يركّز على حصر الخالق في اللّه ، كما يركز على أنّه هو المدبّر ، وانّه لو كان هناك سبب في العالم « شفيع » فإنّما هو يوَثر بإذنه سبحانه ، فاللّه هو الخالق وهوالمدبّر ، قال سبحانه : ( اللّهُ الّذي رَفَعَ السَّمواتِ بِغَيْر عَمَدٍ تَرَوْنَها ثُمَّ اسْتَوى عَلى العَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالقَمَرَ كُلٌّ يَجرِي لأَجَلٍ مُسمّى يُدبِّرُ الأَمْرَ يُفصِّلُ الآيات لَعَلَّكُمْ بِلِقاء ِرَبِّكُمْ تُوقِنُون ). (3)
     ويظهر من الآيات الكريمة أنّ العرب في العصر الجاهلي كانوا موحّدين في الخالقية ولكن مشركين في الربوبية والتدبير ، وكانوا ينسبون التدبير إلى الآلهة المكذوبة ، ولذلك قرر سبحانه في الآيتين كلتا المرتبتين من التوحيد ، وانّه خالق ، وانّه مدبر ، غير أنّ معنى التدبير في التوحيد ليس عزل العلل والأسباب المادية
1 ـ النازعات : 1 ـ 7.
2 ـ يونس : 3.
3 ـ الرعد : 2.


(88)
والمجردة في تحقّق العالم وتدبيره ، بل المراد انّ للكون مدبراً قائماً بالذات متصرفاً كذلك لا يشاركه في التدبير شيء ، ولو كان هناك مدبر وحافظ فإنّما هو يدبر بأمره وإذنه ، فعندما يُحصر القرآن الكريم التدبير في اللّه يريد التدبير على وجه الاستقلال ، أي من يدبّر بنفسه غير معتمد على شيء ، وأمّا المثبت لتدبير غيره ، فالمراد منه أنّه يدبّر بأمره وإذنه وحوله وقوته على النحو التبعي ، فكلّ مدبِّر في الكون فهو مَظْهر أمره ومُنفِّذ إرادته ، وقد أوضحنا ذلك في الجزء الأوّل من مفاهيم القرآن.
     ويظهر من غير واحد من الآيات أنّ الملائكة من جنوده سبحانه وانّها وسائط بين الخالق والعالم ، وانّهم يقومون ببعض الأعمال في الكون بأمر من اللّه سبحانه ، وستتضح لك أعمالهم في إدارة الكون في تفسير هذه الآية.
     إنّ للعلاّمة الطباطبائي كلاماً في كون الملائكة وسائط بينه سبحانه و بين الأشياء ، حيث يقول : الملائكة وسائط بينه تعالى و بين الأشياء بدءاً وعوداً ، على ما يعطيه القرآن الكريم ، بمعنى انّهم أسباب للحوادث فوق المادية في العالم المشهود قبل حلول الموت والانتقال إلى نشأة الآخرة وبعده.
     أمّا في العود ، أعني : حال ظهور آيات الموت ، وقبض الروح ، وإجراء السوَال ، وثواب القبر وعذابه ، وإماتة الكل بنفخ الصور وإحيائهم بذلك ، والحشر وإعطاء الكتاب ، ووضع الموازين ، والحساب ، والسوق إلى الجنةوالنار ، فوساطتهم فيها غني عن البيان ، والآيات الدالة على ذلك كثيرة لا حاجة إلى إيرادها ، والأخبار المأثورة فيها عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأئمّة أهل البيت ( عليهم السلام ) فوق حد الاِحصاء.
     وكذا وساطتهم في مرحلة التشريع من النزول بالوحي ودفع الشياطين عن


(89)
المداخلة فيه وتسديد النبي وتأييد الموَمنين وتطهيرهم بالاستغفار.
     وأمّا وساطتهم في تدبير الأُمور في هذه النشأة فيدل عليها ما في مفتتح هذه السورة من إطلاق قوله : ( والنازِعاتِ غَرقاً * وَالناشِطاتِ نَشطاً * وَالسّابِحاتِ سَبحاً * فَالسابِقاتِ سَبْقاً * فَالمُدبِّراتِ أَمْراً ). (1)

    الصافات والقسم بالملائكة
     لقد حلف سبحانه بوصف من أوصاف الملائكة ، وقال :
     أ : ( وَالصّافاتِ صَفّاً ).
     ب : ( فَالزّاجِراتِ زَجْراً ).
     ج : ( فالتّاليات ذِكراً * إِنَّ إلهَكُم لواحِد ). (2)
     وكل هذه الثلاثة مقسم به ، والمقسم عليه هو قوله : ( إِنَّ إلهكم لواحد ) وإليك تفسير المقسم به فيها.
     فالصافات : جمع صافّة : وهي من الصف بمعنى جعل الشيء على خط مستو ، يقول سبحانه : ( إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ في سَبِيلِهِ صَفّا ) (3) والزاجرات من الزجر ، بمعنى الصرف عن الشيء بالتخفيف والنهي ، والتاليات من التلاوة ، وهي جمع تال أو تالية ، غير أنّ المهم بيان ما هو المقصود من هذه العناوين ، ولعل الرجوع إلى القرآن الكريم يزيح الغموض عن كثير منها.
     يقول سبحانه : حاكياً عن الملائكة : ( وَما مِنّا إِلاّ لَهُ مَقامٌ مَعْلُوم * وَإِنّا لَنَحْنُ
1 ـ الميزان : 20/182 ـ 183.
2 ـ الصافات : 1 ـ 4.
3 ـ الصف : 4.


(90)
الصّافُّون * وَإِنّا لَنَحْنُ المُسَبِّحُون ) (1) فينطبق على الملائكة أنّهم الصافّون حول العرش ينتظرون الأمر والنهي من قبل اللّه تعالى.
     نعم وصف سبحانه الطير بالصافات ، وقال : ( وَالطَّيرَ صافّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسبِيحَهُ ). (2)
     وقال : ( أَوَ لَمْ يَرَوا إِلَى الطَّيْرِ صافّاتٍ وَيَقْبضْنَ ) (3) كما أمر سبحانه على أن ينحر البدن وهي صواف ، قال سبحانه : ( وَالبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللّهِ لَكُمْ فِيها خَيرٌ فاذْكُرُوا اسمَ اللّهِ عَلَيْها صَوَافّ ). (4)
     والمعنى : ان تعقل إحدى يديها وتقوم على ثلاث فتنحر كذلك فيسوي بين أظلفتها لئلاّ يتقدم بعضها على بعض.
     وعلى كلّ تقدير فمن المحتمل أن يكون المحلوف به هو الملائكة صافات ، ويمكن أن يكون المحلوف به كلّ ما أطلق عليه القرآن ذلك الاسم ، وإن كان الوجه الأوّل هو الأقرب.
     وأمّا الثانية : أي الزاجرات : فليس في القرآن ما يدل على المقصود به ، فلا محيص من القول بأنّ المراد الجماعة الذين يزجرون عن معاصي اللّه ، ويحتمل أن ينطبق على الملائكة حيث يزجرون العباد عن المعاصي بالاِلهام إلى قلوب الناس ، قال سبحانه : ( وَما أُنْزِلَ عَلى الْمَلَكَيْنِ بِبابِلَ هارُوتَ وَمارُوتَ وَما يُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ حَتّى يَقُولا إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ ) (5) كما أنّ الشياطين يوحون إلى أوليائهم
1 ـ الصافات : 164 ـ 166.
2 ـ النور : 41.
3 ـ الملك : 19.
4 ـ الحج : 36.
5 ـ البقرة : 102.
مفاهيم القرآن ـ جلد التاسع ::: فهرس