منهج المقال الجزء الاول ::: 151 ـ 165
(151)
    ومنها : قولهم : معتمد الكتاب
    وربما جعل ذلك في (1) مقام التوثيق كما سنشير إليه في حفص بن غياث مع التأمّل فيه.

    ومنها : قولهم : بصير بالحديث والرواية (2)
    فإنّه من أسباب المدح ، ويظهر من التراجم مثل أحمد بن عليّ بن العبّاس (3) وأحمد بن محمّد بن الربيع (4) وغيرهما.

    ومنها : قولهم : صاحب فلان ، أي : واحد من الأئمة ( عليهم السلام )
    فإنّ فيه إشعاراً بمدح كما يعترف به المصنّف في ترجمة إدريس بن يزيد (5) وغيرها ، وأخَذه غيره أيضاً كذلك ، فإنّ الظاهر أنّ إظهارهم ذلك لإظهار كونه ممّن يعتنى به ويعتد بشأنه. وربما زعم بعض أنّه يزيد على التوثيق ، وفيه نظر ظاهر.

    ومنها : قولهم : مولى فلان ، أي : واحد منهم ( عليهم السلام )
    ولعلّ إظهار ذلك أيضاً للإعتناء بشأنهم ، وسيجيء في ترجمة معتب
1 ـ في ، أثبتناها عن « ق ».
2 ـ في « أ » و « ب » و « ح » و « م » : والرواة.
3 ـ قال عنه النجاشي : 86/209 : كان ثقة في حديثه ، متقناً لما يرويه فقيهاً بصيراً بالحديث والرواية.
4 ـ رجال النجاشي : 79/189 ، وفيه : كان عالماً بالرجال.
5 ـ كذا في النسخ ، والظاهر أنّه إدريس بن زيد كما يأتي عن المنهج برقم [ 400 ] ، قال : إدريس بن زيد وصفه الصدوق في الفقيه بصاحب الرضا ( عليه السلام ) ، وهو يدلّ على مدح ، إلاّ أنّه غير مذكور في كتب الرجال ، ووصف العلاّمة طريق الصدوق إليه بالحسن ، وربما يشعر بالمدح ، فتأمّل.
    وقال المجلسي الأوّل في روضة المتقين 14 : 48 في ترجمته : وَصْف الصدوق له بأنّه صاحب الرضا ( عليه السلام ) وحكمه أولاً بأنّ كتابه معتمد يجعل الخبر حسناً ، وطريقه إليه حسن كالصحيح.


(152)
ما يشير إلى ذمّ موالي (1) الصادق ( عليه السلام ) (2) ، إلاّ أنّ في ترجمة مسلم مولاه ( عليه السلام ) ورد مدحه (3).

    ومنها : قولهم : فقيه من فقهائنا
    وهو يفيد الجلالة بلا شبهة ويشير إلى الوثاقة.
    والبعض ـ بل لعل الأكثر ـ لا يعدّه من أماراتها ، إمّا لعدم الدلالة عنده أو لعدم نفع مثل تلك الدلالة ، وكلاهما ليس بشيء ، بل ربما يكون أنفع من بعض توثيقاتهم ، فتأمّل ولاحظ ما ذكرناه في الفائدتين وهذه الفائدة (4) ، وعبارة النجاشي في إسماعيل بن عبد الخالق (5) تشير إلى ما ذكرناه ، فلاحظ وتأمّل.
    وقريب ممّا ذُكر قولهم : فقيه. فتأمّل.

    ومنها : قولهم : فاضل ، ديِّن
    وسيجيء في الحسن بن عليّ بن فضّال حاله (6).

    ومنها : قولهم : أوجه من فلان ، أو أصدق ، أو أوثق ، ونظائرها. ويكون فلان ثقة (7)
1 ـ في « ك » و « ن » : مولى.
2 ـ عن رجال الكشّي : 250/465.
3 ـ عن رجال الكشّي : 338/624.
4 ـ وهذه الفائدة ، لم ترد في « ب ».
5 ـ رجال النجاشي : 27/50 ، قال عنه : وجه من وجوه أصحابنا وفقيه من فقهائنا ، وهو من بيت الشيعة ، عمومته شهاب وعبد الرحيم ووهب وأبوه عبد الخالق كلّهم ثقات.
6 ـ يأتي في ترجمته عن الكشّي : 515/993 والنجاشي : 34/72 قول الفضل بن شاذان لأبيه فيه : هذا ذاك العابد الفاضل؟ قال : هو ذاك.
7 ـ العبارة في منتهى المقال 1 : 106 نقلاً عن التعليقة كالآتي : ومنها قولهم : أوجه من فلان أو أصدق أو أوثق وما أشبه ذلك مع كون فلان وجهاً أو صدوقاً أو ثقة ، بل يشير الأخير إلى الوثاقة.


(153)
    وسيجيء الإشارة إلى حاله في الحسين بن أبي العلاء (1).

    ومنها : قولهم : شيخ الطائفة ، وأمثال ذلك
    وإشارتها إلى الوثاقة ظاهرة مضافاً إلى الجلالة ، بل أولى من الوكالة وشيخيّة الإجازة وغيرهما ممّا حكموا بشهادته على الوثاقة ، سيما بعد ملاحظة أنّ كثيراً من الطائفة ثقات فقهاء فحول أجلّة.
    وبالجملة : كيف يرضى منصف بأنّ يكون شيخ الطائفة في أمثال المقامات فاسقاً ؟! ومرّ في الفائدة الاُولى ماله دخل في المقام ، فلاحظ.

    ومنها : توثيق ابن فضّال وابن عقدة وَمَن ماثلهما
    ومرّ حاله في الفائدة الاولى (2).
    وأمّا توثيق ابن نمير وَمَن ماثله (3) فلا يبعد حصول قوّة (4) منه بعد
1 ـ عن رجال النجاشي : 52/117.
2 ـ وقد ناقش العلاّمة المامقاني في المقباس 2 : 266 في ذلك حيث قال : قلت : الموجود في ترجمته أنّه قلّ ما روى عن ضعيف ، وكان فطحياً ، ولم يرو عن أبيه شيئاً. ودلالته على ما رام إثباته كما ترى ، لأنّ قلّة روايته عن الضعيف تجتمع مع كون من نريد استعلام حاله ضعيفاً ، لأنهم لم يشهدوا بعدم روايته عن ضعيف بل بقلّة روايته عن ضعيف ، فلا تذهل. ثمّ قال :
    وتوهّم إمكان الاستدلال للمطلوب بما ورد من الأمر بالأخذ بما رووا بنو فضال وترك ما رأوا ، مدفوع بأنّ الأخذ بما يرويه عبارة عن تصديقه في روايته ، وأين ذلك وكيف هو من الدلالة على عدالة من رووا عنه شيئاً أو صدّقه ، فهم مصدّقون في الأخبار بأنّ فلاناً روى عن الصادق ( عليه السلام ) كذا ، وذلك لا يستلزم بوجهه صدق فلان أيضاً. هذا مضافاً إلى أنّه إن تمّ لاقتضى كون رواية كلّ من بني فضال كذلك لا خصوص عليه ، ولم يلتزم بذلك أحد كما لا يخفى.
3 ـ من فقهاء العامّة.
4 ـ في « ن » بدل قوة : وثاقة.


(154)
ملاحظة اعتداد المشايخ به واعتمادهم عليه كما سيجيء في إسماعيل بن عبد الرحمن وحمّاد بن شعيب وحميد بن حماد وجميل بن عبدالله وعليّ بن حسّان والحكم بن عبد الرحمن وغيرهم ، سيما إذا ظهر تشيّع مَن وثّقوه كما هو في كثير من التراجم ، وخصوصاً إذا اعترف الموثِّق بتشيّعه. وقس على توثيقهم مدحهم وتعظيمهم.

    ومنها : توثيق العلاّمة وابن طاووس ونظائرهما
    وتوقّف المحقّق الشيخ محمّد في توثيقات العلاّمة (1) ، وصاحب المعالم في توثيقاته وتوثيقات ابن طاووس (2) ، وكذا الشهيد (3) ، بل ولا يبعد أنّ غيرهم أيضاً توقّف ، بل وتوقف في نظائرها (4) أيضاً. ولعلّه ليس في موضعه ، لحصول الظنّ منها والإكتفاء به كما مرّ في الفائدة الأولى.
    واعترض جدّي عليهم بأنّ العادل أخبرنا بالعدالة أو شهد بها فلا بدّ من القبول (5) ، انتهى ، فتأمّل.
    نعم لو كان في مقام أمارة مشيرة إلى توهّم منهم فالتوقّف فيه كما هو الحال في غيرها (6) ، وقصرهم توثيقهم في توثيقات القدماء غير ظاهر ، بل ربما يكون الظاهر خلافه كما يظهر من غير واحد من التراجم ، مع أنّ ضرر
1 ـ اُنظر استقصاء الاعتبار 5 : 185.
2 ـ اُنظر معالم الدين : 213.
3 ـ في الرعاية : 180 ، حيث قال : وكثيراً ما يتفق لهم التعديل بما لايصلح تعديلاً كما يعرف من يطالع كتبهم ، سيما ( خلاصة الاقوال ).
4 ـ في « ق » : نظائرهما.
5 ـ روضة المتقين 14 : 17 بمعناه.
6 ـ في « ق » : غيرهم.


(155)
القصر أيضاً غير ظاهر ، فتدبّر (1).

    ومنها : توثيقات إرشاد المفيد ( رحمه الله )
    وعندي أنّ استفادة العدالة منها لا تخلو من تأمّل كما لا يخفى على المتأمّل في الإرشاد في مقامات التوثيق.
    نعم يستفاد منها القوّة والإعتماد وإن كان ما سنذكر في محمّد بن سنان عنه ربما يأبى عنهما (2) أيضاً ، لكن يمكن العلاج ، وسيجيء في ترجمته.
    هذا ، والمحقّق الشيخ محمّد أيضاً تأمّل فيها (3) ، لكن قال في وجهه : لتحقّقها بالنسبة إلى جماعة اختصّ بهم من دون كتب الرجال ، بل وقع التصريح بضعفهم من غيره على وجه يقرب الإتّفاق ، ولعلّ مراده من التوثيق أمر آخر ، انتهى. وفي العلّة نظر ، فتأمّل.
1 ـ قال العلاّمة المامقاني في المقباس 2 : 291 : ودعوى قصرهم توثيقهم في توثيقات القدماء مدفوعة بأنّه غير ظاهر ، بل ظاهر جملة من التراجم خلافه ، مع أنّ ضرر القصر غير ظاهر ، بل لا شبهة في إرادتهم بالثقة العدل.
    نعم لو قالوا في حقّ شخص : إنّه صحيح ، لم يفد في إثبات الاصطلاح المتأخر ، لأنّ الصحة عندهم أعمّ من الصحة عند المتأخرين ، نعم لو قامت أمارة على توهم منهم في موضع في أصل التوثيق لزم التوقف ، وأمّا حيث لم يظهر التوهّم فالأقوى الاعتبار.
2 ـ لأنّه عدّه في الارشاد 2 : 248 في مَن روى النصّ على الرضا ( عليه السلام ) بالإمامة من أبيه من خاصّته وثقاته وأهل الورع والعلم والفقه من شيعته.
    وقال في كتابه الرد على أهل العدد والرؤية : 20 : وهذا الحديث شاذ نادر غير معتمد عليه ، طريقه محمّد بن سنان وهو مطعون فيه لاتختلف العصابة في تهمته وضعفه ، وما كان هذا سبيله لم يعمل عليه في الدين.
3 ـ إستقصاء الإعتبار 2 : 366.


(156)
    ومنها : رواية الثّقة الجليل عن غير واحد أوعن رهط مطلقاً أو مقيّداً بقولهم : من أصحابنا
    وعندي أنّ هذه الرواية قويّة غاية القوّة ، بل وأقوى من كثير من الصّحاح ، وربما تعدّ من الصحاح بناءً على أنّه يبعد أن لا يكون فيهم ثقة ، وفيه تأمّل.
    وقال المحقّق الشيخ محمّد : إذا قال ابن أبي عمير : « عن غير واحد » عدّ روايته في الصحيح حتّى عند مَن لم يعمل بمراسيله (1).
    وقال في المدارك : لا يضر إرسالها ، لأنّ في قوله : ( غير واحد ) إشعاراً بثبوت مدلولها عنده (2).
    وفي تعليله تأمّل ، فتأمّل.

    ومنها : رواية الثّقة أو الجليل عن أشياخه
    فإنْ علم أنّ فيهم ثقة فالظاهر صحّة الرواية لأنّ هذه الاضافة تفيد العموم ، وإلاّ فإنْ علم أنّهم مشايخ الإجازة أو فيهم من جملتهم فالظاهر أيضاً صحّتها ـ وقد عرفت الوجه ـ وكذا الحال فيما إذا كانوا أو كان فيهم مَن هو مثل شيخ الإجازة ، وإلاّ فهي قويّة غاية القوّة مع احتمال الصحّة ، لبعد الخلو عن الثّقة.
    هذا ، ورواية حمدويه عن أشياخه (3) من قبيل الأوّل ; لأنّ من جملتهم العبيدي (4) وهو ثقة على ما نثبته في ترجمته ، وأيضاً يروي عن يعقوب بن
1 ـ إستقصاء الاعتبار 2 : 76.
2 ـ مدارك الاحكام 1 : 152 للفقيه المحقق السيّد محمّد بن عليّ الموسوي العاملي المتوفى 1009 هـ.
3 ـ وردت رواية حمدويه عن أشياخه في رجال الكشّي : 414/780 و783 ، 564/1065 ، 612/1141 ، وغير ذلك.
4 ـ هو محمّد بن عيسى بن عبيد بن يقطين ، روى عنه حمدويه كما في رجال


(157)
يزيد (1) الثقة وهو من جملة الشيوخ ، فتدبّر.

    ومنها : ذكر الجليل شخصاً مترضّياً أو مترحّماً عليه
    وغير خفيّ حسن ذلك الشخص ، بل جلالته ، واعترف به المصنّف ، بل وغيره أيضاً (2).

    ومنها : أنْ يروي عن رجل محمّد بن أحمد بن يحيى ولم يكن من جملة من استثنوه كما سيجيء في ترجمته
    فإنّه أمارة الاعتماد عليه ، بل ربما يكون أمارة لوثاقته ، على ما يشير إليه التأمّل فيما يذكر في تلك الترجمة ، وترجمة محمّد بن عيسى ، وما سننبّه عليه هناك ، وكذا ما ذكر في سعد بن عبدالله ، وما نبّهنا عليه في إبراهيم بن هاشم ، وإسماعيل بن مراد ، وغيرهما.
    وعلى كونه أمارة الاعتماد غير واحد من المحقّقين ، مثل الفاضل الخراساني (3) وغيره (4).
الكشّي : 432/811 و814 و816.
1 ـ اُنظر رجال الكشّي : 40/85 ، 135/215 ، 154/252. ويعقوب بن يزيد ، لم يرد في « أ » و « ح » و « ك ».
2 ـ قال الكاظمي في عدّته : 23 : ومنها ترضّي الأجلاّء عنه وترحّمهم عليه ، وهذا كما ترى الكليني والصّدوق والشّيخ يترحّمون على ناس ويترضّون عنهم فتعلم أنّهم عندهم بمكانة من الجلالة ، بدليل أنّهم ما زالوا يذكرون الثقات والأجلآء ساكتين ، وربما كان الترحّم والترضّي بخصوصية اُخرى كالمشيخة ونحوها. وكيف كان فما كان ليكون إلاّ عن ثقة يرجع إليه الأجلاء.
3 ـ ذخيرة المعاد : 442 ( حجري ) حيث قال : والراوي غير مذكور في كتب الرجال بمدح ولا قدح ، ولكن في عدم ذكره فيمن استثني من رجال محمّد بن أحمد بن يحيى إشعار بحسن حاله.
4 ـ في عدّة الكاظمي : 26 قال : ومنها كونه من رجال محمّد بن أحمد بن يحيى بن


(158)
    ومنها : أن يكون للصدوق طريق إلى رجل
    وعند خالي أنّه ممدوح لذلك (1). والظاهر أنّ مراده منه ما يقتضي الحُسن بالمعنى الأعم لا المعهود المصطلح عليه.

    ومنها : أن يقول الثقة : لا أحسبه إلاّ فلاناً ، أي : ثقة أو ممدوحاً
    وظاهرهم العمل به والبناء عليه. وفيه تأمّل ، لأنّ حجّية الظنّ من دليل ، وما يظنّ تحقّق مثله في المقام الإجماع (2) ، وتحقّقه في غاية البعد ، كذا قال المحقّق الشيخ محمّد (3). وفيه تأمّل ظاهر.

    ومنها : أنْ يقول الثقة : حدّثني الثقة
    وفي إفادته التوثيق المعتبر خلاف معروف ، وحصول الظنّ منه ظاهر ، واحتمال كونه في الواقع مقدوحاً لا يمنع الظن فضلاً عن احتمال كونه ممّن ورد فيه قدح (4) ، كما هو الحال في سائر التوثيقات ، فتأمّل.
    وربما يقال : الأصل تحصيل العلم ، ولمّا تعذّر يكتفى بالظنّ ( الأقرب وهو الحاصل بعد البحث. ويمكن أنْ يقال : مع تعذّر البحث يكتفى بالظن ) (5) كما هو الحال في التوثيقات وسائر الأدلّة والأمارات الإجتهادية ، وما دلّ على ذلك دلّ على هذا ، ومراتب الظن متفاوتة جدّاً ، وكون المعتبر
عمران الأشعري ولم يستثن عليه ، وذلك أنّ أقصى ما استثني عليه روايته عن أولئك الثمانية عشر أو العشرين ، فعلم أنّ مَن عداهم مرضيّ عنه ، فكان أقل مراتبه المدح ، بل ربما جعل طريقاً إلى التوثيق.
1 ـ الوجيزة : 409.
2 ـ في « ق » : إلا الاجماع.
3 ـ استقصاء الاعتبار 1 : 234.
4 ـ في « أ » : مدح.
5 ـ ما بين القوسين لم يرد في « ك ».


(159)
هو أقوى مراتبه لم يقل به أحد ، مع أنّه على هذا لا يكاد يوجد حديث صحيح ، بل ولا يوجد ، وتخصيص خصوص ما اعتبرت من الحدّ بأنّه إلى هذا الحدّ معتبر دون ما هو أدون أنّى لك باثباته ، مع أنّه ربما يكون الظنّ الحاصل في بعض التوثيقات بهذا الحدّ ، بل وأدون ، فتأمّل.

    ومنها : أنْ يكون الراوي ممّن ادّعي اتّفاق الشيعة على العمل بروايته
    مثل السّكوني (1) ، وحفص بن غياث ، وغياث بن كلّوب ، ونوح بن درّاج ، وَمَن ماثلهم من العامّة مثل طلحة بن زيد وغيره ، وكذا مثل عبدالله بن بكير ، وسماعة بن مهران ، وبني فضّال ، والطاطريين ، وعمّار الساباطي ، وعليّ بن أبي حمزة ، وعثمان بن عيسى من غير العامّة ; فإنّ جميع هؤلاء نقل الشيخ عمل الطائفة بما رَوَوه (2).
    وربما ادّعى بعض ثبوت الموثّقية من نقل الشيخ هذا ، ولذا حكموا بكون عليّ بن أبي حمزة موثّقاً ، وكذا السّكوني وَمَن ماثله ، وربما جُعل ذلك عن الشيخ شهادة منه.
    وقال المحقّق الشيخ محمد : الإجماع على العمل بروايتهم لا يقتضي التوثيق كما هو واضح.
    أقول : يبعد أن لا يكون ثقة على قياس ما ذكر في قولهم : أجمعت العصابة.
    وقال أيضاً : قال شيخنا أبو جعفر ( رحمه الله ) في مواضع من كتبه : إنّ الإماميّة مجمعة على العمل برواية السكوني وعمّار وَمَن ماثلهما من الثقات. ثمّ
1 ـ هو إسماعيل بن أبي زياد السكوني الشعيري.
2 ـ عدّة الاُصول 1 : 149.


(160)
قال : وأظنّ توثيق السّكوني اُخذ من قول الشيخ : وَمَن ماثلهما من الثقات. واحتمال أنْ يريد من « ماثلهما » من مخالفي المذهب الثقات لا اَنّ (1) السّكوني ثقة ممكن وإنْ بَعُد (2).
    إلاّ أنّ عدم توثيقه في الرجال يؤيّده ، ولا يخفى ما فيه ، على أنّه قال في العدّة : يجوز العمل برواية الواقفيّة والفطحيّة (3) إذا كانوا ثقات في النقل ـ وان كانوا مخطئين في الإعتقاد ـ إذا عُلم من اعتقادهم تمسّكهم بالدين وتحرّجهم عن الكذب ووضع الأحاديث ، وهذه كانت طريقة جماعة عاصروا الأئمّة ( عليهم السلام ) نحو عبدالله بن بكير وسماعة بن مهران ونحو بني فضال من المتأخّرين وبني سماعة وَمَن شاكلهم (4) ، انتهى.
    ومرّ في الفائدة الاُولى والثانية ما ينبغي أنْ يُلاحظ.
    على أنّا نقول : الظنّ الحاصل من عمل الطائفة أقوى من الموثّقية بمراتب شتّى ، ولا أقلّ من التساوي ، وكون العمل برواية الموثّق من جهة عدالته محل تأمّل كما مرّ الإشارة إليه ، وسيجيء في السكوني وغيره منهم ما يزيد على ذلك.

    ومنها : وقوع الرجل في السند الذي حكم العلاّمة ( رحمه الله ) بصحّة حديثه
    فإنّه حكم بعض بتوثيقه من هذه الجهة ، ومنهم المصنّف في ترجمة الحسن بن متيل (5) ، وإبراهيم بن مهزيار (6) ، وأحمد بن
1 ـ في « أ » و « م » و « ح » : لان.
2 ـ استقصاء الاعتبار 2 : 122.
3 ـ في « ق » زيادة : وغيرهم.
4 ـ عُدّة الاُصول 1 : 133.
5 ـ حيث قال في ترجمته : ويفهم من تصحيح العلاّمة طريق الصدوق إلى أبي جعفر بن ناجية توثيقه ، وهو الحق إن شاء الله تعالى.
6 ـ ذكر في ترجمته ما لفظه : والعلاّمة حكم بصحّة طريق الصدوق إلى بحر السقا


(161)
عبد الواحد (1) ، وغيرهم.
    وفيه : إنّ العلاّمة لم يقصر إطلاق الصحّة في الثقات (2) كما أشرنا إليه. إلاّ أنْ يقال : إطلاقه إيّاها على غيرها نادر. وهو لا يضرّ ، لعدم منع ذلك ظهوره فيما ذكرنا ، سيما بعد ملاحظة طريقته وجعله الصحّة اصطلاحاً فيها.
    لكن لا يخفى أنّ حكمه بصحّة حديثه دفعة أو دفعتين مثلاً غير ظاهر في توثيقه ، بل ظاهر في خلافه بملاحظة عدم توثيقه وعدم قصره. نعم لو كان ممّن أكثر تصحيح حديثه مثل أحمد بن محمّد بن يحيى وأحمد بن عبد الواحد ونظائرهما فلا يبعد ظهوره في التوثيق.
    واحتمال كون تصحيحه كذلك من اَنّهم مشايخ الاجازة فلا يضرّ مجهوليّتهم أو لظنّه بوثاقتهم فليس من باب الشهادة.
    فيه ما سنشير إليه ، والغفلة ينفيها الإكثار ، مع أنّه في نفسه لا يخلو عن البُعد.
    هذا ، واعلم أنّ المشهور يحكمون بصحّة حديث أحمد بن محمد المذكور ، وكذا أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد ، والحسين بن الحسن بن أبان إذا لم يكن في سنده من يُتأمّل في شأنه.
    فقيل في وجهه : إنّ العلاّمة حكم بالصحّة كما ذكر (3).
وفيه إبراهيم ، وهو يعطي التوثيق.
1 ـ ذكر هناك مانصّه : ويستفاد من كلام العلاّمة في بيان طرق الشيخ في كتابيه توثيقه في مواضع.
2 ـ في « ك » : على الثقات.
    وفي « ن » بعدها زيادة : بل طريقته طريقة القدماء.
3 ـ قال الشيخ البهائي في مشرق الشمسين : 276 : تبيين : قد يدخل في أسانيد بعض


(162)
    وفيه ما مرّ ، إلاّ أن يريدوا إكثاره الحكم بها.
    وفيه : إنّ إبراهيم بن هاشم وابن عبدون ونظائرهما وقع إكثاره الحكم بها فيهم أيضاً مع أنّهم يعدّون حديثهم من الحسان ـ نعم حكم جمع بصحّته (1) ـ إلاّ أنْ يقولوا : إنّ إكثاره فيهم ليس بمثابة إكثاره في تلك الجماعة. لكن لا بدّ من ملاحظة ذلك ، ومع ذلك كيف يفيد ذاك التوثيق دون هذا ؟! وكون ذاك أقوى لا يقتضي قصر الحكم فيه كما مرّ في الفائدة الأولى.
    واعتُرض أيضاً بأنّ التوثيق من باب الشهادة ، والتصحيح ربما كان مبنيّاً على الاجتهاد (2).
الأحاديث مَن ليس له ذكر في كتب الجرح والتعديل بمدح ولا قدح ، غير أنّ أعاظم علمائنا المتقدّمين قدّس الله أرواحهم قد اعتنوا بشأنه وأكثروا الرواية عنه ، وأعيان مشايخنا المتأخرين طاب ثراهم قد حكموا بصحّة روايات هو في سندها ، والظاهر أنّ هذا القدر كاف في حصول الظنّ بعدالته. ثمّ مثّل ( قدس سره ) بعدّة من الرواة ، منهم أحمد بن محمّد بن الحسن بن الوليد ، وأحمد بن محمّد بن يحيى العطار ، والحسين بن الحسن بن أبان ، وعليّ بن أبي جيد ، ثمّ قال :
    فهؤلاء وأمثالهم من مشايخ الأصحاب لنا ظنّ بحسن حالهم وعدالتهم ، وقد عددت حديثهم في الحبل المتين وفي هذا الكتاب في الصحيح جرياً على منوال مشايخنا المتأخرين ، ونرجو من الله سبحانه أن يكون اعتقادنا فيهم مطابقاً للواقع.
1 ـ قال المحقّق البحراني في المعراج : 88 في ترجمة إبراهيم بن هاشم : لأصحابنا اضطراب كثير حتّى من الواحد في الكتاب الواحد في حديث إبراهيم بن هاشم ، فتارة يصفونه بالحسن كما حقّقناه واعتمدنا عليه وهو الصواب ، وتارة يصفونه بالصحّة كما فعله شيخنا البهائي ( قدس سره ) في مبحث نوافل الظهرين من مفتاح الفلاح ، حيث وصف حديث محمّد بن عذافر بالصحّة مع أنّ إبراهيم المذكور في الطريق ، وكذا وقع لشيخنا الشهيد الثاني في عدّة مواضع ، منها في روض الجنان في مبحث توجيه الميت ، حيث وصف حديث سليمان بن خالد بسلامة السند.
2 ـ اُنظر روضة المتقين 14 : 334.


(163)
    وفيه ما لا يخفى على المطّلع بأحوال التوثيقات ، مضافاً إلى ما مرّ في تلك الفائدة من الإكتفاء بالظنّ والبناء عليه.
    وقال جماعة في وجه الحكم بالصحة : إنّهم مشايخ الإجازة ، وهم ثقات لا يحتاجون إلى التوثيق نصّاً (1).
    وفيه : إنّ هذه ليست من قواعد المشهور ، بل ظاهرهم خلافها ، مع أنّ مشايخ الإجازة كثيرون ، سيما مثل إبراهيم (2) وابن عبدون (3) ، فلا وجه للقصر.
    والإعتراض بأنّ كثيراً من مشايخ الإجازة كانوا فاسدي العقيدة مندفع بأنّ ذلك ينافي العدالة بالمعنى الأخصّ لا الأعمّ ، وخصوصيّة الأخصّ (4) تثبت بانضمام ظهور كونه إماميّاً من الخارج ، فتأمّل. على أنّه ربما يكون ظاهر شيخيّة الإجازة حسن القصيدة إلاّ أن يظهر الخلاف ، فتأمّل.
    وقال جماعة اُخرى في وجهه : إنّ مشايخ الإجازة لا يضر مجهوليّتهم ، لأنّ حديثهم مأخوذ من الاُصول المعلومة ، وذكرهم لمجرّد اتّصال السند أو للتبرّك (5).
1 ـ قال الداماد في رواشحه : 179 : ومما يجب أن يعلم ولا يجوز أن يسهل عنه أنّ مشيخة المشايخ الذين هم كالأساطين والأركان أمرهم أجلّ من الاحتياج إلى تزكية مزكٍّ وتوثيق موثّق ، ولقد كنّا أثبتنا ذلك فيما أسلفنا بما لا مزيد عليه.
2 ـ إبراهيم بن هاشم أبو إسحاق القمي والد علي بن إبراهيم الثقة الجليل صاحب كتاب التفسير.
3 ـ هو أحمد بن عبد الواحد بن أحمد البزاز أبو عبدالله شيخ النجاشي.
4 ـ في « ق » زيادة : في بعض المشايخ.
5 ـ كما عن المجلسي الأوّل في روضة المتقين 14 : 28 ، ترجمة محمّد بن عليّ =


(164)
    وفيه : إنّ ذلك غير ظاهر ، مضافاً إلى عدم انحصار ما ذكر في خصوص تلك الجماعة ، فكم معروف منهم بالجلالة والحسن لم يصحّحوا حديثهم فضلاً عن المجهول ، على أنّه لا وجه أيضاً لتضعيف أحاديث سهل بن زياد وأمثاله من الضعفاء ممّن هو حاله في الوساطة للكتب حال تلك الجماعة ، مشايخ الاجازة كانوا أم لا.
    وبالجملة : لا وجه للتخصيص بمشايخ الإجازة ، ولا من بينهم بتلك الجماعة.
    ودعوى أنّ غيرهم ربما يروي من غير تلك الاُصول والجماعة لا يروون عنه أصلاً ، وكان ذلك ظاهراً على العلاّمة ، بل ومن تأخّر عنه أيضاً ، إلى حدّ لم يتحقّق خلاف ولا تأمّل منهم ، وانْ كان في أمثال زماننا خفيّاً.
    لعلّه جزاف بل خروج عن الإنصاف ، على أنّ النقل عنها غير معلوم إغناؤه عن التعديل ، لعدم معلوميّة كلّ واحد من أحاديثها (1) بالخصوص ، وكذا بالكيفية المودَعة ، والقدماء كانوا لا يروونها إلاّ بالإجازة أو القراءة وأمثالهما ، ويلاحظون الواسطة غالباً حتّى في كتب الحسين بن سعيد الذي رواية تلك الجماعة جلّها عنه ، وسيجيء في ترجمة أخيه الحسن ما يدلّك عليه ، وكذا في كتب كثير ممّن ماثله من الأجلّة ، مع أنّ هذه الكتب أشهر وأظهر من غيرها ، وقد أثبتنا جميع ذلك في رسالتنا مشروحاً ، وسنشير في
الكوفي.
1 ـ في « أ » و « ب » و « ح » و « ق » و « ن » : أحاديثنا.


(165)
إبراهيم بن هاشم ومحمّد بن إسماعيل البندقي إجمالاً. وربما يقال في وجه الحكم بالصحّة : إنّ الاتّفاق على الحكم بها دليل على الوثاقة ، نشير إليه في ابن عبدون ومحمّد بن إسماعيل البندقي.
    وفيه : إنّ الظاهر أنّ منشأ الاتّفاق أحد الاُمور المذكورة ، والله يعلم (1).

    ومنها : أن ينقل حديث غير صحيح متضمّن لوثاقة الرجل أو جلالته أو مدحه
    فإنّ المظنون تحقّقها فيه وإن لم يصل الحديث إلى حدّ الصحّة حتّى يكون حجّة في نفسه عند المتأخرين ، والظنّ نافع في مقام الاعتداد والاكتفاء به ، وإذا تأيّد مثل هذا الحديث باعتداد المشايخ ونقلهم إيّاه في مقام بيان حال الرجل وعدم إظهار تأمّل فيه ـ الظاهر في اعتمادهم عليه ـ قوي الظنّ ، وربما يحكم بثبوتها بمثلها كما سيجيء في تراجم كثيرة.
    هذا ، وإذا تأيّد بمؤيّد معتدّ به يحكمون (2) البتّة.

    ومنها : أن يروي الراوي لنفسه ما يدلّ على أحد الاُمور المذكورة
    وهذا أضعف من السابق ، ويحصل الظنّ منه بملاحظة اعتداد المشايخ وغيره ، واعتبر مثل هذا في كثير من التراجم كما ستعرف.
1 ـ اُنظر فيما يتعلّق بالمقام منتقى الجمان في الأحاديث الصحاح والحسان 1 : 39 الفائدة التاسعة للشيخ حسن ابن زين الدين الشهيد الثاني المتوفّى 1011 هـ.
2 ـ في « ق » زيادة : به.
منهج المقال الجزء الاول ::: فهرس