منهج المقال الجزء الاول ::: 136 ـ 150
(136)
خدمته ، بل كان كذلك بعده ( عليه السلام ) كما سيجيء في حنّان بن سدير ، ومجرّد عدم ملاقاته على بُعد ، فلا بدّ من ملاحظة الطبقة وغيرها ممّا يعين ، بل لعلّ الاحتمال الثاني أقرب ؛ فالمراد في عليّ بن الحسان هذا الاحتمال على أيّ تقدير ، فتأمّل.

    ومنها : قولهم : ليس بذاك
    وقد أخذه خالي ( رحمه الله ) ذمّاً ، ولا يخلو من تأمّل ، لاحتمال أن يُراد أنّه ليس بحيث يوثق به وثوقاً تامّاً وان كان فيه نوع وثوق ، من قبيل قولهم : ليس بذاك الثقة ، ولعلّ هذا هو الظاهر ، فيشعر على نوع مدح ، فتأمّل (1).
1 ـ قال الغروي في الفصول : 304 : ومنها ـ أي من ألفاظ الجرح ـ قولهم : ليس بذاك ، وعدّه بعضهم ذمّاً وبعضهم مدحاً ، والأوّل مبني على أنّ المراد ليس بثقة ، والثاني يبتني على أن المراد ليس بحيث يوثق به وثوقاً تامّاً ، والكل محتمل ، ولعلّ الثاني أقرب.
    وقال السيّد الأعرجي في العدّة : 31 : وكذلك قولهم : ليس بذاك ، فإنّه ربما عدّ قدحاً ، وأنت تعلم أنّه أكثر ما يستعمل في نفي المرتبة العليا كما يقال : ليس بذلك الثقة ، وليس بذلك الوجه ، وليس بذلك البعيد ، فكان فيه نوع من المدح.
    وقد ناقش المولى الكني في توضيح المقال : 44 بعد إيراده لكلام الوحيد بقوله : قلت : هذا منه ( قدس سره ) كما سبق ، فأي منافاة لاحتمال خلاف الظاهر في الظهور ثمّ ترجّي ظهور الخلاف ، فان كان مجرّد الترجّي فلا كلام ، وإلاّ فالظاهر خلافه ، لظهور النفي المزبور في نفي المعتبر من الوثوق والاعتماد ، نعم لو قيّده بالثقة بقوله : ليس بذاك الثقة ، كان كما ذكره ، وهو واضح.
    وقد عدّ الداماد في رواشحه : 60 ليس بذلك من ألفاظ الجرح والذم.
    وقال المامقاني في المقباس 2 : 302 : وإنّ الأظهر كون ليس بذلك ظاهراً في الذم غير دالّ على الجرح ، ومجرد الاحتمال الذي ذكره لا ينافي ظهور اللفظ في الذم.


(137)
    ومنها : قولهم : مضطرب الحديث ، ومختلط الحديث ، وليس بنقيّ الحديث (1) ، ويعرف حديثه وينكر (2) ، وغُمز عليه في حديثه أو في بعض حديثه وليس حديثه بذاك النقي (3).
    وهذه وأمثالها ليست بظاهرة في القدح في العدالة لما مرّ في قولهم : « ضعيف » ، وسيجيء في أحمد بن محمد بن خالد وأحمد بن عمر (4)
1 ـ قال السيّد الأعرجي في العدة : 31 عند تعداده لهذه : فربما عدّ هذا ونحوه في القدح ، والحق أنّه كما قال الاستاذ : ليس بظاهر فيه ، إذ لا منافاة بينه وبين العدالة.
    وقال الغروي في الفصول : 304 : ومنها قولهم : مضطرب الحديث ، ومختلط الحديث ، وليس بنقي الحديث. وفيه دلالة على الطعن فيه أو في رواياته ، وربما أمكن أن يجامع ذلك مع التوثيق.
    وقال السيّد الصدر في نهاية الدراية : 437 : قولهم : ليس بنقي الحديث ، المراد الغضّ عن حديثه.
    وقال الشيخ البهائي في وجيزته : 5 : وأما نحو يعرف حديثه وينكر ليس بنقي الحديث وأمثال ذلك ، ففي كونه جرحاً تأمّل.
2 ـ قال السيّد الصدر في نهاية الدراية : 437 : وأمّا نحو يعرف حديثه وينكر ، يعني : يؤخذ به تارة ويرد اُخرى ، أو إنّ بعض الناس يأخذونه وبعضهم يردّه ، إمّا لضعفه أو لضعف حديثه ، لا ظهور له بالقدح كما لا يخفى ، وربما قالوا في الراوي نفسه : يعرف وينكر ، كما قالوا في صالح بن أبي حمّاد : كان أمره ملتبساً يعرف وينكر.
    وقال الغروي في الفصول : 304 : ومنها قولهم : يعرف حديثه تارة وينكر اخرى ، فإن اُريد أنّ حديثه يقبل عند إسناده إلى ثقة وينكر عند اسناده إلى غير ثقة دلّ على مدحه ، بل وثاقته ، وكان الطعن فيمن يروي عنه. وإنْ اُريد أنّ حديثه يعرف عند اعتضاده بأمارات الوثوق وينكر عند تجرّده عنها ، دلّ على الطعن فيه. والثاني أقرب بدليل تخصيصه بالبعض.
3 ـ قال السيّد الصدر في نهاية الدراية : 170 : قولهم : ليس بنقي الحديث ، المراد الغضّ عن حديثه ، وأمثال ذلك كثير في كلماتهم ، مثل قولهم : ليس بذلك ولم يكن بذلك وحديثه ليس بذلك النقي وليس بكلّ التثبت في الحديث ، والمراد إما الغض [ عنه ] أو عن حديثه ، وفي كونه جرحاً تأمّل ، بل منع كما لا يخفى.
4 ـ في « ب » و « ك » و « ن » : عمرو.


(138)
وغيرهما ، فليست من أسباب الجرح وضعف الحديث على رويّة المتأخّرين ، نعم هي من (1) أسباب المرجوحيّة ، معتبرة في مقامها كما أشرنا في الفائدة الاُولى.
    ثمّ لا يخفى أنّ بينها (2) تفاوتاً في المرجوحية ، فالأوّل أشدّ بالقياس إلى الثاني ، وهكذا. وعلى هذا القياس غيرها من أسباب الذم ، وكذا أسباب الرجحان ، فتأمّل.

    ومنها : قولهم : القُطْعي
    وسيجيء معناه مع ما فيه في الحسين بن محمّد بن الفرزدق (3).

    ومنها : أبو العبّاس الذي يذكره النجاشي بالإطلاق
    قيل : هو مشترك بين ابن نوح (4) وابن عقدة (5). وليس كذلك ، بل هو ابن نوح كما ستعرف في إبراهيم بن عمر اليماني (6).
1 ـ من ، لم ترد في « أ » و « ب » و « ك » و « ن ».
2 ـ في « ق » و « ك » و « ن » : بينهما.
3 ـ عن إيضاح الاشتباه : 160/218.
4 ـ هو أحمد بن محمّد بن نوح المكنّى بأبي العبّاس.
5 ـ هو أحمد بن محمّد بن سعيد السبيعي الهمداني المعروف بابن عقدة.
6 ـ اختلفت كلمات الرجاليين في تعيين أبي العباس ، فمنهم من جعله ابن عقدة ، ومنهم من عيّنه ابن نوح ، والأكثر على أنّه مشترك .. فقال الكاظمي في تكملة الرجال 1 : 350 في ترجمة حفص بن البختري : فنقل النجاشي عن أبي العباس. وهو ابن عقدة توثيقه.
    وجاء في الهامش منه أيضاً : ويحتمل أن يكون ابن نوح على ضعف وإن كان ينقل عن كليهما ، لأنّ الظاهر أنّه عند الاطلاق يراد بأبي العباس : ابن عقدة ، وإذا أراد به ابن نوح قيّده كما يظهر من تتبّعه ، والشيخ محمّد في الشرح ردّده بينهما ، =


(139)
    ومنها : قول العلاّمة في الخلاصة : عندي فيه توقّف
    وسنذكر ما فيه في بكر بن محمد الأزدي.

    ومنها : قولهم : من أصحابنا
    وربما يظهر من عباراتهم عدم اختصاصه بالفرقة الناجية كما سيجيء في عبدالله بن جبلة ومعاوية بن حكيم. وقال الشيخ في أوّل الفهرست : كثير من مصنّفي أصحابنا وأصحاب الأصول ينتحلون المذاهب الفاسدة (1).

    ومنها : قولهم : مولى
    وبحسب اللّغة له معان معروفة (2) ، وأما في المقام فسيجيء في إبراهيم بن أبي محمود عن الشهيد الثاني أنّه يُطلق على غير العربي الخالص (3) وعلى المعتق وعلى الحليف ، والأكثر في هذا الباب إرادة المعنى الأوّل (4) ، انتهى.
والأظهر ذلك ، وسيجيء في ترجمة حفص بن سوقة ما يؤيّده ، ووافقنا على هذا المجلسي فيما سيجيء إنّ شاء الله في ترجمة الحكم بن حكيم.
    وقال الشيخ البهائي في مشرق الشمسين : 313 : لا يقال : إنّ النجاشي نقل توثيق حكم بن حكيم عن أبي العباس ، وهو مشترك بين ابن نوح الإمامي وابن عقدة الزيدي ، فكيف عددت حديث حكيم من الصحيح والمعدل له مشترك ؟!
    قلنا : الاشتراك هنا غير مضر ، وابن عقدة وإن كان زيدياً إلاّ أنّه ثقة مأمون ، وتعديل غير الامامي إذا كان ثقة لمن هو إمامي حقيق بالاعتبار والاعتماد ، فان الفضل ما شهدت به الأعداء.
    نعم جرح غير الإمامي للإمامي لا عبرة به وإن كان الجارح ثقة.
1 ـ الفهرست : 32 المقدمة.
2 ـ اُنظر القاموس 4 : 401 ، الصحاح 6 : 2529 ، لسان العرب 15 : 408.
3 ـ في « ن » : على غير المعنى العرفي الخاص.
4 ـ تعليقة الشهيد الثاني على الخلاصة : 6.


(140)
    والظاهر أنّه كذلك ، إلاّ أنّه يمكن أن يكون المراد منه التنزيل أيضاً كما قال جدّي ( رحمه الله ) في مولى الجعفي (1) ، فعلى هذا لا يحمل على معنى إلاّ بالقرينة ، ومع انتفائها فالراجح لعلّه الأوّل لما ذكر.
1 ـ لم نعثر على ذلك.

(141)
    في سائر أمارات الوثاقة والمدح والقوّة :
    منها : كون الرجل من مشايخ الإجازة
    والمتعارف عدّه من أسباب الحسن (1) ، وربما يظهر من جدّي ( رحمه الله ) دلالته على الوثاقة (2) ، وكذا من المصنّف في ترجمة الحسن بن عليّ بن زياد.
    وقال المحقّق البحراني ( رحمه الله ) : مشايخ الإجازة في أعلى درجات الوثاقة والجلالة (3).
    وما ذكروه لا يخلو عن قرب ، إلاّ أنّ قوله (4) : « في أعلى درجاتها » غير
1 ـ في « ب » بدل الحسن : المدح.
2 ـ لم يتبيّن لنا من روضة المتّقين توثيقاً صريحاً من المجلسي لمشايخ الإجازة ، نعم المذكور فيها عدم ضرر جهالة مشايخ الإجازة ، والظاهر أنّه يعتبر ذكرهم مجرّداً لأجل التيمّن والتبرّك وكي يخرج الحديث عن الإرسال ، فقال ( قدس سره ) في الجزء 14 : 43 : عليّ بن الحسين السعدآبادي لم يذكر فيه مدح ولا ذم وكان من مشايخ الإجازة فلا يضرّ جهالته.
    وفي : 328 من الجزء نفسه ذكر ما يتعلّق بخروج الخبر بهم عن الإرسال ، فلاحظ.
    نعم ذكر عند ترجمته للسعد آبادي : 395 ما لفظه : وجعل بعض الاصحاب حديثه حسناً ، ولا بأس به لأنّه من مشايخ الإجازة البحت ، بل لا يستبعد جعله صحيحاً ، سيما على قانون الشيخ من أنّ الأصل العدالة ... إلى آخر كلامه.
3 ـ معراج أهل الكمال : 64.
4 ـ كذا في « ق » ، وفي « م » : كونهم ، وفي سائر النسخ : قولهم.


(142)
ظاهر.
    وقال المحقّق الشيخ محمّد : عادة المصنّفين عدم توثيق الشيوخ (1).
    وسيجيء في ترجمة محمّد بن إسماعيل النيشابوري عن الشهيد الثاني أنّ مشايخ الإجازة لا يحتاجون إلى التنصيص على تزكيتهم (2).
    وعن المعراج أنّ التعديل بهذه الجهة طريقة كثير من المتأخرين (3) ... إلى غير ذلك ، فلاحظ.
    هذا ، وإذا كان المستجيز ممّن يَطعن على الرجال في روايتهم عن المجاهيل والضعفاء وغير الموثقين فدلالة استجازته على الوثاقة في غاية الظهور ، سيما إذا كان المجيز من المشاهير. وربما يفرّق بينهم وبين غير المشاهير بكون الأوّل من الثقات ، ولعلّه ليس بشيء ، ومرّ في الفائدة الأولى ماله دخل في المقام.

    ومنها : كونه وكيلاً للأئمة ( عليهم السلام )
    وسنذكر حاله في ترجمة إبراهيم بن سلام (4).

    ومنها : أن يكون ممّن يُترك رواية الثقة أو الجليل أو تُأَوّل محتجّاً بروايته ومرجّحاً لها عليها
    وكذا لو خُصّص الكتاب أو المجمع عليه بها كما اتّفق كثيراً ، وكذا الحال فيما ماثل التخصيص أو الكتاب والإجماع (5) من الأدلّة.
1 ـ استقصاء الاعتبار 1 : 65.
2 ـ اُنظر الرعاية : 192.
3 ـ اُنظر معراج أهل الكمال : 126.
4 ـ سيأتي برقم ( 26 ) من التعليقة.
5 ـ في « ب » و « ك » : أو الاجماع.


(143)
    ومنها : أن يؤتى بروايته بأزاء روايتهما أو غيرها (1) من الأدلّة فتوجّه وتجمع بينهما أو تطرح من غير جهته (2)
    وهذه كالسابقة كثيرة ، والسابقة أقوى منها ، فتأمّل.

    ومنها : كونه كثير الرواية
    وهو موجب للعمل بروايته مع عدم الطعن عند الشهيد ( رحمه الله ) (3) كما سنشير إليه في ترجمة الحكم بن مسكين ، وسنذكر في ترجمة عليّ بن الحسين السعدآبادي عن جدّي أنّ الظاهر أنّه لكثرة الرواية عدّ جماعة حديثه من الحسان (4) ، وقريب من ذلك في الحسن بن زياد الصيقل (5).
    وعن خالي في ترجمة إبراهيم بن هاشم أنّه من شواهد الوثاقة (6). وعن العلاّمة فيها أنّه من أسباب قبول الرواية (7).
    ويظهر من كثير من التراجم كونه من أسباب المدح والقوّة ، مثل عباس بن عامر ، وعباس بن هشام ، وفارس بن سليمان ، وأحمد بن محمد بن عمّار ، وأحمد بن إدريس ، والعلاء بن رزين ، وجبرئيل بن أحمد ، والحسن بن خرزاذ ، والحسن بن متيل ، والحسين بن عبيدالله ، وأحمد بن عبد الواحد ، وأحمد بن محمّد بن سليمان (8) ، وأحمد بن
1 ـ في « ب » و « ك » : أو غيرهما.
2 ـ في « أ » و « ح » و « ك » : جهة.
3 ـ كما عن روضة المتقين 14 : 63 ، حيث فيها : ... وقال الشهيد ( رحمه الله ) : لما كان كثير الرواية ولم يرد فيه طعن فأنا أعمل على روايته.
4 ـ روضة المتقين 14 : 43.
5 ـ روضة المتقين 14 : 92. وفي « ق » : الحسين بن زياد الصيقل.
6 ـ كتاب الأربعين للمجلسي : 507 في شرح الحديث الخامس والثلاثين.
7 ـ الخلاصة : 49/9.
8 ـ في « ق » و « ن » : وأحمد بن سليمان.


(144)
محمّد بن عليّ بن عمر ، وغيرها.
    وكذا في الفائدة التاسعة المذكورة في آخر الكتاب.
    وأولى منه كونه كثير السماع ، كما يظهر من التراجم ويذكر في أحمد بن عبد الواحد (1).

    ومنها : كونه ممّن يروي عنه أو عن (2) كتابه جماعة من الأصحـاب
    ولا يخفى كونه من أمارات الاعتماد ، ويظهر ممّا سيذكر في عبدالله بن سنان ومحمّد بن سنان (3) وغيرهما مثل الفضل بن شاذان وغيره ، بل بملاحظة اشتراطهم العدالة في الراوي على ما مرّ يقوى كونه من أمارات العدالة ، سيما وأن يكون الراوي عنه ـ كلاًّ أو بعضاً ـ ممّن يطعن على الرجال في روايتهم عن المجاهيل والضعفاء ، بل الظاهر من ترجمة عبدالله عن النجاشي أنّه كذلك (4) ، فتأمّل.
1 ـ ذكر هناك ما لفظه : وكذا في كونه شيخ الاجازة ، وكذا كونه كثير الرواية ، وأولى منه كونه كثير السماع المشير إلى كونه من مشايخ الاجازة الظاهر في أخذها عن كثير من المشايخ.
    وبالجملة : الظاهر جلالته ـ بل وثاقته ـ لما ذكر وأشرنا.
2 ـ عن ، لم ترد في « أ » و « ح » و « ك » و « م ».
3 ـ ذكر المصنف في ترجمته ما نصّه : وممّا يشير إلى الاعتماد عليه وقوته كونه كثير الرواية ومقبولها وسديدها وسليمها ورواية كثير من الأصحاب عنه ، سيما مثل الحسين بن سعيد والحسن بن محبوب ومحمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب وأحمد بن محمّد بن عيسى وغيرهم من الأعاظم ، مع أنهم قد أكثروا من الرواية عنه ، مع أنّ أحمد قد أخرج من قم أحمد البرقي باعتبار رواية المراسيل والرواية عن الضعفاء.
4 ـ رجال النجاشي : 214/558 ، حيث قال : روى هذه الكتب عنه جماعات من أصحابنا لعظمه في الطائفة وثقته وجلالته.


(145)
    وما في بعض التراجم مثل صالح بن الحكم من تضعيفه (1) مع ذكره ذلك لا يضر (2) ، إذ لعلّه ظهر ضعفه عليه من الخارج وإن كان الجماعة معتمدين عليه ، والتخلّف في الأمارات الظنيّة غير عزيز ولا مضرّ كما مرّ في الفائدة الاُولى ، فتأمّل.

    ومنها : روايته عن جماعة من الأصحاب
    وربما يومئ ترجمة إسماعيل بن مهران وجعفر بن عبدالله رأس المذري إلى كونه من المؤيّدات.

    ومنها : رواية الجليل عنه
    وهو أمارة الجلالة والقوّة ، وسيذكر عن الصدوق (3) في ترجمة أحمد بن محمّد بن عيسى ، وسيجيء التحقيق في محمّد بن إسماعيل البندقي (4) ، ونشير إليه في ترجمة سهل بن زياد وإبراهيم بن هاشم وغيرهما.
    وإذا كان الجليل ممّن يطعن على الرجال في الرواية عن المجاهيل ونظائرها فربما تشير روايته عنه إلى الوثاقة.

    ومنها : رواية الأجلاّء عنه
    وفيه مضافاً إلى ما سبق أنّه من أمارات الوثاقة أيضاً كما لا يخفى على
1 ـ كما عن النجاشي : 200/533.
2 ـ في « ق » : مع ذكره ذلك غير عزيز ولا يضره.
3 ـ كمال الدين 1 : 3.
4 ـ قال في ترجمته : وربما يعدّ حديثه من الحسان لعدم التوثيق ، وإكثار الكليني من الرواية عنه ، وكون رواياته متلقات بالقبول ، ... بل ربما يظهر كونه من مشايخ الكليني والكشّي وتلميذ ابن شاذان كما أشير إليه ، حتى أنّ جماعة عدّوا حديثه من الصحاح.


(146)
المطّلع بروّيتهم ، وأشرنا إلى وجهه أيضاً ، سيما وأن يكونوا (1) ـ كلاًّ أو بعضاً ـ ممّن يطعن بالرواية عن المجاهيل (2) وأمثالها كما ذكر. وإذا كان رواية جماعة من الأصحاب تشير إلى الوثاقة ـ كما مرّ ـ فرواية أجلاّئهم بطريق اولى ، فتدبّر.

    ومنها : رواية صفوان بن يحيى وابن أبي عمير عنه
    فإنّها أمارة الوثاقة ، لقول الشيخ في العدّة : إنّهما لا يرويان إلاّ عن ثقة (3). وسيجيء عن المصنّف في ترجمة إبراهيم بن عمر أنّه يؤيّد التوثيق رواية ابن أبي عمير عنه ولو بواسطة حماد ، وفي ترجمة ابن أبي الأغر النخاس (4) : أنّ رواية ابن أبي عمير وصفوان عنه ينبّهان على نوع اعتبار واعتداد.
    وعن المحقّق الشيخ محمد : قيل في مدحهما ما يشعر بالقبول في الجملة (5).
    والفاضل الخراساني في ذخيرته جرى مسلكه على القبول من هذه العلّة (6).
    ونظير صفوان وابن أبي عمير أحمد بن محمّد بن أبي نصر لما
1 ـ في « ك » : يكون.
2 ـ في « ق » زيادة : والضعفاء.
3 ـ عدّة الاُصول 1 : 154.
4 ـ اضطربت هنا نسخ الكتاب ، ففي بعضها ورد : ابن أبي الأعز النخاس ، وفي بعضها الاخر : أبي الأغر النخاس ، وفي ثالثة : أبي الأعر النحاس.
    ويأتي عن المنهج في باب الكنى : أبو الأغر النخاس ، والظاهر من النسخ أنّه الأعز : بالعين المهملة والزاي ، وربما قرىء واحتمل بالغين المعجمة والراء.
5 ـ استقصاء الاعتبار 3 : 211.
6 ـ ذخيرة المعاد في شرح الارشاد : 41 حجري.


(147)
ستعرف في ترجمته (1) ، وقريب منهم رواية علي بن الحسن الطاطري لما سيظهر في ترجمته أيضاً (2) ، ومسلك الفاضل جرى على هذا أيضاً (3).

    ومنها : رواية محمّد بن إسماعيل بن ميمون أو جعفر بن بشير عنه أو روايته عنهما
    فإنّ كلاًّ منهما أمارة التوثيق لما ذكر في ترجمتهما (4).

    ومنها : كونه ممّن يروي عن الثقات
    فإنّه مدح وأمارة للإعتماد كما هو ظاهر ، ويظهر من ترجمتهما وغيرها.

    ومنها : رواية عليّ بن الحسن بن فضّال ومَن ماثله عن شخص
    فإنّها من المرجّحات ، لما ذكر في ترجمتهم (5).

    ومنها : أخذُه معرّفاً للثقة أو الجليل
    مثل أن يقال في مقام تعريفهما : إنّه أخو فلان أو أبوه أو غير ذلك ، فإنّه من المقوّيات وفاقاً للمحقّق الشهير بالداماد على ما هو بخيالي (6).
1 ـ عن عدّة الاُصول 1 : 154 وذكرى الشيعة 1 : 49.
2 ـ عن عدّة الاُصول 1 : 150.
3 ـ عن عدّة الاُصول 1 : 150.
4 ـ ذكر النجاشي في ترجمة كل منهما أنهما رويا عن الثقات ورووا عنهما ، اُنظر رجال النجاشي : 345/933 و119/304.
5 ـ عن رجال النجاشي : 257/676 ، حيث ذكر في ترجمته أنّه قلّما روى عن الضعفاء.
6 ـ ذكر السيّد الداماد في تعليقته على رجال الكشّي 2 : 684/721 في ترجمة يونس بن يعقوب عند قوله : ووجّه أبو الحسن عليّ بن موسى ( عليهما السلام ) إلى زميله محمّد بن الحباب ـ وكان رجلاً من أهل الكوفة ـ : صلِّ عليه أنت. قال :
    وما رواه أبو عمرو الكشي ـ أنّ أبا الحسن الرضا عليّ بن موسى ( عليهما السلام ) وجّه إلى زميله محمّد بن الحباب فأمره بالصلاة على يونس بن يعقوب ـ يتضمّن مدحه والتنويه بجلالته ، سواء كان ضمير « زميله » عائداً إلى أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) أو إلى يونس بن يعقوب ، فلا تكن من الغافلين.


(148)
    ومنها : كونه ممّن يكثر الرواية عنه ويفتى (1) بها
    فإنّه أمارة الاعتماد عليه كما هو ظاهر ، وسنذكر عن المحقّق ( رحمه الله ) في ترجمة السكوني اعترافه به (2). واذا كان مجرّد كثرة الرواية (3) يوجب العمل بروايته بل ومن شواهد الوثاقة كما مرّ فما نحن فيه بطريق أولى ، وكذا رواية جماعة من الأصحاب عنه تكون من أماراتها على ما ذكر فهنا بطريق أولى.

    ومنها : رواية الثقة عن شخص مشترك الاسم وإكثاره منها مع عدم إتيانه بما يميّزه عن الثقة
    فإنّه أمارة الاعتماد عليه من عدم اعتنائه ، سيما إذا كان الراوي ممّن يطعن على الرجال بروايتهم عن المجاهيل ، أو كون الرواية عنه كذلك من غير واحد من المشايخ ، فتدبّر.

    ومنها : اعتماد شيخ على شخص
    وهو أمارة الإعتماد عليه كما هو ظاهر ويظهر من النجاشي والخلاصة
1 ـ في بعض النسخ : ويفتي.
2 ـ قال الوحيد في ترجمة إسماعيل بن أبي زياد السكوني : والمحقّق ذكر في المسائل العزيّة حديثاً عن السكوني في أنّ الماء يطهّر ، وذكر أنّهم قدحوا فيه بأنّه عامّي ، وأجاب بأنّه وإن كان كذلك فهو من ثقات الرواة ، ونقل عن الشيخ في مواضع من كتبه أنّ الإمامية مجتمعة على العمل بروايته ورواية عمّار ومَن ماثلهما من الثقات ، ولم يقدح بالمذهب في الرواية مع اشتهاره ، وكتب جماعتنا مملوءة من الفتاوى المستندة إلى نقله ، فلتكن هذه كذلك ... إلى آخر كلامه ( قدس سره ).
3 ـ في « ب » و « ح » و « ق » و « ن » زيادة : عنه.


(149)
في عليّ بن محمّد بن قتيبة (1) ، فإذا كان جمع منهم اعتمدوا عليه فهو في مرتبة معتدّ بها من الإعتماد ، وربما يشير إلى الوثاقة ، سيما إذا كثر منهم الإعتماد ، وخصوصاً بعد ملاحظة ما نقل من اشتراطهم العدالة ، وخصوصاً إذا كانوا (2) ممّن يطعن في الرواية عن المجاهيل ونظائرها.

    ومنها : اعتماد القمّيّين عليه أو روايتهم عنه
    فإنّه أمارة الإعتماد ـ بل الوثاقة أيضاً ـ كما سيجيء في إبراهيم بن هاشم (3) ، سيما أحمد بن محمّد بن عيسى منهم ، لما سيجيء في (4) ترجمته (5). ويقرب من ذلك اعتماد الغضائري (6) عليه وروايته عنه.

    ومنها : أن يكون رواياته كلّها أو جلّها مقبولة أو سديدة (7)
    ومنها : وقوعه في سند حديث وقع اتّفاق الكلّ أو الجلّ على صحّته
    فإنّه اُخذ دليلاً على الوثاقة كما سيجيء في محمّد بن إسماعيل
1 ـ رجال النجاشي : 259/678 والخلاصة : 177/16 ، ذكرا في ترجمته : اعتماد أبي عمر الكشي عليه في كتاب الرجال.
2 ـ في « ك » : كان.
3 ـ لأنّه أوّل من نشر حديث الكوفيين بقم ، ولم يطعن عليه أحد منهم مع ما علم من طريقتهم وتشدّدهم.
4 ـ كذا في « أ » ، وفي سائر النسخ بعد « في » زيادة : إبراهيم بن إسحاق وابن الوليد لما سيجيء في .. إلى آخره.
    وفي منتهى المقال : 1/91 نقلاً عن التعليقة : ... سيما أحمد بن محمّد بن عيسى وابن الوليد منهم ويقرب ...
5 ـ لأنّه أخرج من قم جماعة لروايتهم عن الضعفاء واعتمادهم المراسيل ، كأحمد بن محمّد بن خالد البرقي.
6 ـ هو أبو الحسين أحمد بن الحسين بن عبيد الله الغضائري مؤلّف كتاب الرجال المقصور على ذكر الضعفاء ، يأتي في المنهج في باب المصدّر بـ ( ابن ).
7 ـ قال الكاظمي في عدته : 26 ما معناه : وممّا يثبت به التعديل أن يكون أكثر ما يرويه متلقّى بالقبول أو سديداً.


(150)
البندقي (1) وأحمد بن عبد الواحد (2) ، فتأمّل.

    ومنها : وقوعه في سند حديث صدر الطعن فيه من غير جهته
    فربما يظهر من بعض وثاقته ، ومن بعض مدحه وقوّته ، ومن بعض (3) عدم مقدوحيّته ، فتأمّل.

    ومنها : إكثار الكافي وكذا الفقيه من الرواية عنه
    فإنّه أيضاً (4) اُخذ دليلاً على الوثاقة ، وسيجيء في محمّد بن إسماعيل البندقي (5) ، فتأمّل.
1 ـ ذكر الوحيد في ترجمته ما لفظه : وأمّا حاله فالمشهور صحّة حديثه كما اختاره الداماد ( رحمه الله ) [ الرواشح : 74 ] وفي المنتقى [ 1 : 45 ] ، وعليه جماعة من الأصحاب أوّلهم العلاّمة ، وادّعى الشهيد الثاني ( رحمه الله ) إطباق أصحابنا على الحكم بصحّة حديثه ، انتهى.
    وقال الشيخ البهائي في مشرق الشمسين : 276 : وقد حكم متأخروا علمائنا قدّس الله أرواحهم بتصحيح ما يرويه الكليني عن محمّد بن إسماعيل الذي فيه النزاع ، وهذا قرينة قويّة على أنّه ليس أحداً من أولئك الذين لم يوثّقهم أحد من علماء الرجال.
2 ـ المعروف بابن عُبْدون كما في رجال النجاشي : 87/211.
    نقل الوحيد في تعليقته عن البلغة ما نصّه : المعروف بين أصحابنا عَدُّ حديثه في الصحيح ، ولعلّه كاف في التوثيق. وعن الوجيزة : ممدوح ويُعدّ حديثه صحيحاً.
    اُنظر بلغة المحدثين : 328 ، والوجيزة : 150/101.
3 ـ في « أ » و « ب » و « ح » و « ن » : « بعضه » في الموارد الثلاث.
4 ـ أيضاً ، لم ترد في « ك ».
5 ـ قال الوحيد في ترجمته ما نصّه : وربما يعدّ حديثه من الحسان لعدم التوثيق ، وإكثار الكليني من الرواية عنه ، وكون رواياته متلقات بالقبول ... إلى غير ذلك ممّا مرّ في الفوائد وهو فيه ، بل ربما يظهر كونه من مشايخ الكليني والكشّي وتلميذ ابن شاذان كما أُشير إليه ، حتّى أنّ جماعة عدّوا حديثه من الصحاح ، ومن هذا ظهر ضعف عدّه من المجهول.
منهج المقال الجزء الاول ::: فهرس