مختصر البصائر ::: 271 ـ 285
(271)
أصابعك » (1).
    [ 268/14 ] وبهذا الإسناد ، عن يونس بن عبدالرحمن ، عن محمّد بن اسحاق بن عمّار (2) ، عمّن حدّثه من أصحابنا ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) ، قال : جاء رجـل فلمّـا نظر إليه أبو عبدالله ( عليه السلام ) ، قال : « أما والله لاُضلّنّه ، أما والله لاُوهمنّه » فجلس الرجل فسأله مسألة فأفتاه ، فلمّا خرج ، قال أبو عبدالله ( عليه السلام ) : « لقد أفتيته بالضلالة التي لا هداية فيها ».
    ثمّ إنّ الرجل جاء إلى أبي الحسن ( عليه السلام ) ، فلمّا نظر إليه أبو الحسن ( عليه السلام ) قال : « أما والله لاُضلّنّه بحقّ » فسأله الرجل عن تلك المسألة بعينها فأفتاه ، فقال الرجل : هيهات هيهات لقد سألت عنها أباك فأفتاني بغير هذا ، وما يجب عليّ أن أدع قوله أبداً ، فلمّا خرج قال أبو الحسن ( عليه السلام ) : « أما والله لقد أفتيته بالهداية التي لا ضلالة
1 ـ نقله الحرّ العاملي في الوسائل 1 : 445/4 ، عن بصائر الدرجات للأشعري وكذلك المجلسي في البحار 80 : 295/51 ، وقد ذكر الحرّ عدّة أحاديث في هذا الباب تدلّ على التقيّة.
2 ـ محمّد بن اسحاق بن عمار : هو ابن حيّان التغلبي الصيرفي ، ثقة ، روى عن أبي الحسن موسى ( عليه السلام ) ، عدّه الشيخ من أصحاب الإمامين الهمامين الكاظم والرضا ( عليهما السلام ).
اُنظر رجال النجاشي : 361/968 ، رجال الشيخ : 360/30 و 388/23.


(272)
فيها » (1).
    [ 269/15 ] وبهذا الإسناد ، عن يونس ، عن اسحاق بن عمّار (2) ، عن أبي بصير ، قال : قلت لأبي عبدالله ( عليه السلام ) : ما تقول في العزل (3) ؟ فقال : « كان عليّ ( عليه السلام ) لايعزل ، وأمّا أنا فأعزل » فقلت : هـذا خلاف ! فقال ( عليه السلام ) : « ما ضرّ داود ( عليه السلام ) أن خالفه سليمان ( عليه السلام ) والله عزّ وجلّ يقول ( ففهّمناها سليمان ) (4) » (5).
    [ 270/16 ] وبهذا الإسناد ، عن يونس ، عن بكّار بن أبي بكر (6) ، عن موسى بن أشيم ، قال : كنت عند أبي عبدالله ( عليه السلام ) إذ أتاه رجل فسأله عن رجل طلّق امرأته ثلاثاً في مقعد ، فقال أبوعبدالله ( عليه السلام ) : « قد بانت منه بثلاث » ، ثمّ أتاه آخر فسأله عن تلك المسألة بعينها ، فقال : « هي واحدة وهو أملك بها » ، ثمّ أتاه آخر فسأله عن تلك المسألة بعينها ، فقال : « ليس بطلاق » ، فاظلمّ عليّ البيت لما رأيت منه.
    فالتفت إليّ فقال : « يابن أشيم إن الله تبارك وتعالى فوّض الملك إلى
1 ـ لم أعثر له على مصدر.
2 ـ اسحاق بن عمّار : هو ابن حيّان ، مولى بني تغلب ابو يعقوب الصيرفي ، شيخ من أصحابنا ، ثقة ، روى عن أبي عبدالله وأبي الحسن ( عليهما السلام ) ، عدّه البرقي من أصحاب الإمام الصادق والكاظم ( عليهما السلام ) ، واقتصر الشيخ على الإمام الصادق ( عليه السلام ).
اُنظر رجال النجاشي : 71/169 ، رجال البرقي : 28 و 47 ، رجال الشيخ : 49/135.
3 ـ عزل : نحّى. لسان العرب 11 : 440 ـ عزل.
4 ـ الأنبياء 21 : 79.
5 ـ نقله الحرّ العاملي في الوسائل 20 : 150/ 6 ، عن بصائر الدرجات للاشعري.
6 ـ بكار بن أبي بكر : هو الحضرمي الكوفي ، من أصحاب الإمام الصادق ( عليه السلام ). رجال الطوسي : 158/49.


(273)
سليمان ( عليه السلام ) فقال ( هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب ) (1) وإنّ الله تبارك وتعالى فوّض إلى محمّد ( صلى الله عليه وآله ) أمر دينه فقال ( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ) (2) فما كان مفوّضاً لمحمّد ( صلى الله عليه وآله ) فقد فوّض إلينا » (3).
    [ 271/17 ] وبهذا الإسناد ، عن يونس ، عن اُديم بن الحر (4) ، قال : شهدت أبا عبدالله ( عليه السلام ) وقد سأله رجل عن آية من كتاب الله عزّ جلّ فأخبره بها ، ثمّ جاء رجل آخر فسأله عنها فأخبره بخلاف ما أجاب الأول ، ثم جاء رجل آخر فسأله عنها فأجابه بخلاف ما أجاب الأوّل والثاني ، فقيل له في ذلك ، فقال : « إنّ الله عزّ وجلّ فوّض إلى سليمان ( عليه السلام ) أمر ملكه ، فقال ( هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب ) (5) وإنّ الله عزّ وجلّ فوّض إلى محمّد ( صلى الله عليه وآله ) أمر دينه ، فقال ( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ) (6) وما فوّض إلى محمّد ( صلى الله عليه وآله ) فقد فوّض إلينا » (7).
1 ـ سورة ص 38 : 39.
2 ـ الحشر 59 : 7.
3 ـ نقله الحرّ العاملي في الوسائل 22 : 70/27 ، عن بصائر الدرجات للأشعري.
4 ـ اُديم بن الحر : هو الجعفي مولاهم ، كوفي ثقة ، له أصل ، روى عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) نيفاً وأربعين حديثاً ، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الصادق ( عليه السلام ) ، قائلاً : آدم بن الحر الخثعمي.
اُنظر رجال النجاشي : 106/267 ، رجال الشيخ : 143/20 ، رجال العلاّمة : 77/142.
5 ـ سورة ص 38 : 39.
6 ـ الحشر 59 : 7.
7 ـ أورد نحوه الصفّار في بصائر الدرجات : 386/11 ، والكليني في الكافي 1 : 265/2 ، والمفيد في الاختصاص : 331 ، ففي البصائر : عن اُديم بن الحسن ، وفي الكافي : عن موسى ابن اُشيم.


(274)
    [ 272/18 ] أحمد وعبدالله ابنا محمّد بن عيسى ومحمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي أيـوب ابراهيم بن عثمان الخزّاز (1) ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) في قول الله عزّ وجلّ ( إنّ الذين قالوا ربّنا الله ثمّ استقاموا تتنزّل عليهم الملائكة ألاّ تخافوا ولاتحزنوا ) (2) قال : « هم الأئمّة ( عليهم السلام ) ، ويجري فيمن استقام من شيعتنا وسلّم لأمرنا ، وكتم حديثنا عن عدوّنا ، تستقبله الملائكة بالبشرى من الله تعالى بالجنّة ، وقد والله مضى أقوام كانوا على مثل ما أنتم عليه من الدين (3) ، استقاموا وسلّموا لأمرنا ، وكتموا لحديثنا ، ولم يذيعوه عند عدوّنا ، ولم يشكّوا فيه كما شككتم ، فاستقبلتهم الملائكة بالبشرى من الله بالجنّة » (4).
    [ 273/19 ] وعنهم ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي أيوب الخزّاز ، عن أبي خالد يزيد الكناسي (5) ، قال : سألت أبا عبدالله ( عليه السلام ) عن قول الله عزّ وجلّ
1 ـ ابراهيم بن عثمان الخزّاز : وقيل ابراهيم بن عيسى الخزّاز ، روى عن أبي عبدالله وأبي الحسن ( عليهما السلام ) ، وذكر ذلك أبو العباس في كتابه ، ثقة كبير المنزلة ، له أصل ، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الصادق ( عليه السلام ) ، وكذلك البرقي قائلاً : أبو أيوب الخزّاز وهو ابراهيم بن عيسى كوفي ، ويقال : ابن عثمان.
انظر رجال النجاشي : 20/25 ، رجال البرقي : 27 ـ 28 ، رجال الطوسي : 154/240 ، فهرست الشيخ : 41/13.
2 ـ فصّلت 41 : 30.
3 ـ في المختصر المطبوع ص 96 : الّذين ..
4 ـ أورده الصفار في بصائر الدرجات : 524/22 ، ونقله المجلسي عن المختصر في البحار 25 : 365/5.
5 ـ ابو خالد يزيد الكناسي : عدّه البرقي والشيخ من أصحاب الإمامين الباقر والصادق ( عليهما السلام ). رجال البرقي : 12 و 32 ، رجال الشيخ : 140/7 و 336/5.


(275)
( فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا ) (1) فقال : « يا أبا خالد النور والله الأئمّة ( عليهم السلام ) ، يا أبا خالد لنور الإمام في قلوب المؤمنين أنور من الشمس المضيئة بالنهار ، وهم الذين ينوّرون [ قلوب ] (2) المؤمنين ، ويحجب الله نورهم عمّن يشاء فتظلمّ قلوبهم ويغشاها ، لذلك ران (3) الكفر.
    والله يا أبا خالد لايحبّنا عبد ويتولّى الإمام منّا إلاّ كان معنا يوم القيامة ، ونزل منازلنا ، ولا يحبّنا عبد ويتولاّنا حتّى يطهّر الله قلبه ، ولا يطهّر الله قلبه حتّى يسلّم لنا ويكون سلماً لنا ( فإذا كان سلماً ) (4) لنا سلّمه الله من شدائد الحساب ، وآمنه من فزع يوم القيامة الأكبر » (5).
    [ 274/20 ] أحمد بن محمّد بن عيسى ومحمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب وغيرهما ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن كرّام عبدالكريم بن عمرو (6) ، عن
1 ـ التغابن 64 : 8.
2 ـ ما بين المعقوفين أثبتناه من الكافي وتفسير القمي.
3 ـ ران : غلب. لسان العرب 13 : 192 ـ رين.
4 ـ في نسخة « س وض » : فإذا هو سلّم. بدل ما بين القوسين.
5 ـ أورده الكليني في الـكافي 1 : 194/1 ، والقمّي في تفسيره 2 : 371 ، عن ابي خـالد الكابلي باختلاف يسير ، وعنهما وعن بصائر الدرجات للأشعري في تفسيره البرهان 5 : 396/ 2.
6 ـ في نسخة « س وض » والمختصر المطبوع ص 96 : كرام ، عن عبدالكريم بن عمرو ، والصحيح ما أثبتناه ، حيث وجود ( عن ) بينهما زائدة لاشكّ فيها ، لأنّ كراماً هو لقب لعبد الكريم.
وعبد الكريم بن عمرو : هو ابن صالح الخثعمي ، مولاهم كوفي ، روى عن أبي عبدالله وأبي الحسن ( عليهما السلام ) ، ثمّ وقف على أبي الحسن ( عليه السلام ) ، كان ثقة ثقة عيناً ، يلقّب كراماً ، عدّه البرقي والشيخ من أصحاب الإمام الصادق والكاظم ( عليهما السلام ).
ونقل المامقاني عن الوحيد روايات صريحة في قول كرام بإمامة الإمام الرضا وإمامة الأئمّة الاثنى عشر ( عليهم السلام ) ، ويمكن الجمع بأنّه وقف على الإمام الكاظم ( عليه السلام ) حيناً ، ثمّ رأى علامة الإمامة في الإمام الرضا ( عليه السلام ) ، فقال بإمامته ورجع عن وقفه.
اُنظر رجال النجاشي : 245/645 ، رجال البرقي : 24 و48 ، رجال الشيخ : 234/181 و354 / 12 ، رجال الكشي : 555/1049 ، فهرست الشيخ : 178/480 ، مشيخة الفقيه : 86 ، تنقيح المقال 2 : 37 ـ باب الكاف ، معجم رجال الحديث 11 : 71 ـ 72.


(276)
أبي بصير قال : قلت لأبي عبدالله ( عليه السلام ) رجل بلغه عنكم أمر باطل فدان به فمات ، فقال : « يجعل الله له يا أبا بصير مخرجاً » ، قـلت : فإنّه مات على ذلك ، فقال : « لا يموت حتّى يجعل الله له مخرجاً » (1).
    وحدّثني جعفر بن أحمد بن سعيد الرازي ، عن بكر بن صالح الضبّي ، عن عبدالعظيم بن عبدالله الحسني ، عن علي بن أسباط ، عن يزيد بن عبدالله ، عن عبدالكريم بن عمرو الخثعمي ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) بمثل ذلك (2).
    [ 275/21 ] أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن علي بن فضّال ، عن حمّاد بن عيسى ، عن الحسين بن المختار القلانسي ، عن يعقوب السرّاج (3) ، قال :
1 ـ لم أعثر له على مصدر.
2 ـ لم أعثر له على مصدر.
3 ـ يعقوب السرّاج : كوفي ، ثقة ، عدّه البرقي من أصحاب الإمام الصادق ( عليه السلام ) ، وعدّه الشيخ المفيد من شيوخ أصحاب الإمام أبي عبدالله ( عليه السلام ) ، وخاصّته وبطانته وثقاته الفقهاء الصالحين.
انظر رجال النجاشي : 451/1217 ، رجال البرقي : 29 ، خلاصة الأقوال : 299/1113 ، ارشاد المفيد 2 : 216.


(277)
سألني أبو عبدالله ( عليه السلام ) عن رجل ، فقال : « إنّه لا يحتمل حديثنا ؟ » فقلت : نعم ، قال : « فلايغفل ، فإنّ الناس عندنا على درجات ، منهم على درجة ، ومنهم على درجتين ، ومنهم على ثلاث ، ومنهم على أربع ـ حتّى بلغ سبعاً ـ » (1).
    [ 276/22 ] وحدّثني أبو طلحة يحيى بن زكريا البصري الحذّاء ، قال : حدّثنا عدّة من أصحابنا ، عن موسى بن أشيم ، قال : دخلت على أبي عبدالله ( عليه السلام ) فسألته عن رجل طلّق امرأته ثلاثاً في مجلس ، فقال : « ليس بشيء ».
    فأنا جالس إذ دخل عليه رجل من أصحابنا ، فقال له : ما تقول في رجل طلّق امرأته ثلاثاً في مجلس ، فقال : « يردّ الثلاثة إلى الواحدة ، فقد وقعت واحدة ، ولا يردّ ما فوق الثلاث إلى الثلاث ، وإلى الواحدة » فداخلني من جوابه للرجل ما غمّني ، ولم أدر كيف ذلك.
    فنحن كذلك إذ جاء رجل آخر فدخل علينا ، فقال له : ما تقول في رجل طلّق امرأته ثلاثاً في مجلس ؟ فقال له : « إذا طلّق الرجل امرأته ثلاثاً بانت منه ، فلا تحلّ له حتّى تنكح زوجاً غيره » ، فاظلمّ عليّ البيت وتحـيّرت من جوابه في مجلس واحد بثلاثة أجوبة مختلفة في مسألة واحدة ، فنظر إليّ متغيّراً ، فقال : « مالك يابن أشيم أشككت ، ودّ والله الشيطان أنّك شككت.
    إذا طلّق الرجل امرأته على غير طهر ولغير عدّة ـ كما قال الله عزّ وجلّ ـ ثلاثاً أو واحدة فليس طلاقه بطلاق.
1 ـ لم أعثر له على مصدر.

(278)
    وإذا طلّق الرجل امرأته ثلاثاً وهي على طهر من غير جماع بشاهدين عدلين ، فقد وقعت واحدة وبطلت الثنتان ، ولا يردّ ما فوق الثلاث إلى الثلاث ، ولا إلى الواحدة.
    وإذا طلّق الرجل امرأته ثلاثاً على العدّة ـ كما أمر الله عزّ وجلّ ـ فقد بانت منه ، فلا تحلّ له حتّى تنكح زوجاً غيره ، فلا تشكّنّ يا ابن أشيم ، ففي كلّ والله من الحق » (1).
    [ 277/23 ] أحمد وعبدالله ابنا محمّد بن عيسى ومحمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن الحسن بن محبوب ، عن جميل بن صالح (2) ، عن أبي عبيدة الحذّاء ، قال : سمعت أبا جعفر ( عليه السلام ) يقول : « إنّ أحبّ أصحابي إليّ أفقههم ، وأورعهم ، وأكتمهم لحديثـنا ، وإنّ أسوأهم عندي حالاً وأمقتهم إليّ الذي إذا سمع الحديث ينسب إلينا ، ويروى عنّا فلم يحتمله قلبه ، واشمأزّ منه ـ جحده ـ وكفّر من دان به ، ولا يدري لعلّ الحديث من عندنا خرج ، وإلينا اُسند ، فيكون بذلك خارجاً من ديننا » (3).
1 ـ نقله الحرّ العاملي عن بصائر الدرجات للأشعري في الوسائل 22 : 70/28 ، وتقدّم نحوه تحت رقم 270.
2 ـ في نسخة « س وض » والبحار : جميل بن درّاج.
وجميل بن صالح : هو الأسدي ، ثقة ، وجه ، له أصل ، روى عن أبي عبدالله وأبي الحسن ( عليهما السلام ) ، عدّه البرقي والشيخ من أصحاب الإمام الصادق ( عليه السلام ).
اُنظر رجال النجاشي : 127/329 ، فهرست الشيخ : 94/155 ، رجال البرقي : 41 ، رجال الطوسي : 163/40.
3 ـ أورده الكليني في الكافي 2 : 223/7 ، باختلاف يسير ، ونقله المجلسي عن المختصر في البحار 25 : 365/6.


(279)
باب
في كتمان الحديث وإذاعته
    [ 278/1 ] حدّثنا أحمد وعبدالله ابنا محمّد بن عيسى ومحمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب والهيثم بن أبي مسروق النهدي ، عن الحسن بن محبوب السرّاد (1) ، عن علي بن رئاب ، عن أبي بصير ، قال : قال أبو عبدالله ( عليه السلام ) « أما والله لو وجدت منكم ثلاثة مؤمنين يكتمون حديثي ما استحللت أن أكتمهم شيئاً » (2).
    [ 279/2 ] أحمد بن محمّد بن عيسى ومحمّد بن خالد البرقي ، عن ربيع الورّاق ، عن بعض أصحابه ، عن حفص الأبيض (3) ، قال : دخلت على أبي عبدالله ( عليه السلام ) أيام قُتل المعلّى بن خُنيـس وصلب ، فقال : « يا حفص إنّي نهيت المعلّى عن أمر فأذاعه
1 ـ في نسخة « ض » : السوادي ، وفي المختصر المطبوع ص 98 : السواد ، وكلاهما اشتباه ، صحيحه ما في المتن.
اُنظر رجال البرقي : 48 و 53 ، فهرست الشيخ : 96/162 ، رجال العلاّمة : 97/222. وتقدّمت ترجمته تحت رقم 53.
2 ـ أورده الكليني في الكافي 2 : 242/3 ، باختلاف يسير ، وعنه في البحار 67 : 160/5.
3 ـ حفص الأبيض : هو التمّار الكوفي ، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الصادق ( عليه السلام ). رجال الشيخ : 176/186.


(280)
فقوبل بماترى ، قلت له : إنّ لنا حديثاً من حفظه حفظ الله عليه دينه ودنياه ، ومن أذاعه علينا سلبه الله دينه.
    يا معلّى : لا تكونوا أسرى في أيدي الناس بحديثنا ، إن شاؤوا منّوا (1) وإن شاؤوا قتلوكم.
    يا معلّى : إنّه من كتم الصعب من حديثنا جعله الله نوراً بين عينيه ، ورزقه العزّ في الناس.
    يا معلّى : من أذاع الصعب من حديثنا لم يمت حتّى يعضّه السلاح أو يموت بحبل ، إنّي رأيته يوماً حزيناً ، فقلت : مالك أذكرت أهلك وعيالك ؟ فقال : نعم ، فمسحت وجهه ، فقلت : أنّى تراك ؟ فقال : أراني في بيتي مع زوجتي وعيالي ، فتركته في تلك الحال مليّاً ، ثمّ مسـحت وجهه ، فقلت : أين تراك ؟ فقال : أراني معك في المدينة ، فقلت له : إحفظ ما رأيت ولا تذعه ، فقال لأهل المدينة : إنّ الأرض تطوى لي ، فأصابه ما قد رأيت » (2).
    [ 280/3 ] محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب وأحمد بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن سنان ، عن الحسين بن المختار القلانسي ، عن أبي اُسامة زيد الشحّام ، عن أبي الحسن الأول ( عليه السلام ) قال : قال : « اُمر الناس بخصلتين فضيّعوهما ، فصاروا منهما على غير شيء : الصبر والكتمان » (3).
1 ـ في نسخة « ض » : همّوا ، وفي نسخة « س » هبّوا. وفي بعض المصادر : امنوا.
2 ـ أورده الصفّار في بصائر الدرجات : 403/2 ، والطوسي في اختيار معرفة الرجال : 378/709 ، والمفيد في الاختصاص : 321 ، والطبري في دلائل الإمامة : 136 ، ونوادر المعجزات : 150/18 ، وكلّها باختلاف.
3 ـ أورده البرقي في المحاسن 1 : 397/291 ، والكليني في الكافي 2 : 222/2 ، عن الإمام الصادق ( عليه السلام ).


(281)
    [ 281/4 ] وعنهما ، عن محمّد بن سنان ، عن ذريح بن محمّد المحاربي ، عن أبي حمزة ثابت الثمالي ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : « قال لي أبي ـ ونعم الأب كان صلوات الله عليه يقول ـ : لو وجدت ثلاثة أستودعهم ، لأعطيتهم ما لا يحتاجون معه إلى النظر في حلال ولا حرام ، ولا في شي إلى أن يقوم قائمنا قائم آل محمّد ( عليهم السلام ) ، إنّ أمرنا صعب مستصعب لايحتمله إلاّ ملك مقرّب أو نبيّ مرسل أو عبد امتحن الله قلبه للإيمان » (1).
    [ 282/5 ] محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب و (2) علي بن محمّد بن عبدالله الحنّاط ، عن علي بن أبي حمزة (3) قال : أرسلني أبو الحسن موسى ( عليه السلام ) إلى رجل من بني حنيفة إلى مسجدهم الكبير ، فقال : « إنّك تجد في ميمنة المسجد رجلاً يعقّب حتّى تطلع الشمس ، يقال له : فلان بن فلان » ووصفه لي ، فأتيته وعرفته بالصفة ، فقلت له : أنت فلان بن فلان ؟ فقال : نعم ، فمن أنت ؟ فقلت : أنا رسول فلان بن فلان وهذا كتابه ، فزبرني زبرة فزعت منها ، ودخلني من ذلك الشك أن لا يكون صاحبي ، فلم أزل اُكلّمه واُليّنه ، وقلت له : ليس عليك منّي بأس ، وصاحبك أعلم منك حيث بعثني إليك ، فاطمأنّ قلبه وسكن ، فدفعت إليه كتابه فقرأه.
1 ـ بصائر الدرجات : 478/1 ، باختلاف وبسندين عن ذريح ، وحديث 3 عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : سمعته يقول : إنّ أبي نعم الأب رحمة الله عليه يقول ـ إلى قوله ( عليه السلام ) ـ إلى حلال ولا حرام وما يكون إلى يوم القيامة. وعن الموردين في البحار 2 : 212 / 1 و 213/3.
2 ـ في نسخة « ض » : عن ، بدل : و.
3 ـ في نسخة « س وض » : علي بن حمزة.


(282)
    ثمّ قال : ائتني يوم كذا حتّى اُعطيك جوابه ، فأتيته فأعطاني جوابه ، ثمّ لبثت شهراً فأتيته اُسلّم عليه ، فقيل : مات الرجل ، فاغتممت لذلك غمّاً شديداً لتخلّفي عنه ، ورجعت من قابل إلى مكّة ، فلقيت أبا الحسن ( عليه السلام ) ، فدفعت إليه جواب كتابه.
    فقال : « رحمه الله ، يا علي لم تشهد جنازته ؟ » قلت : لا ، قال : « قد كنت اُحبّ أن تشهد جنازة مثله ، ثمّ قال : فيكتب لك ثواب ذلك بما نويت.
    يا علي : ذلك رجل ممّن كان يكتم إيمانه ، ويكتم حديثنا وأمرنا ، وكان لنا شيعة ، وهو معنا في علّيّين ، وكان نُوَمَة (1) لا يعرفه الناس ، ويعرفه الله وهو معنا في درجتنا ، إنّ الله عزيز حكيم » (2).
    [ 283/6 ] أحمد بن محمّد بن عيسى ومحمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن محمّد بن سنان ، عن الحسين بن بحر ، ، عن رجل من أصحاب علي ( عليه السلام ) قال : قال ( عليه السلام ) : « اَمِت الحديث بالكتمان ، واجعل سرّ الإيمان بالقلب » (3).
    [ 284/7 ] أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن خالد البرقي ، عن محمّد بن مسلم ، عن عيثم بن أسلم ، عن معاوية بن عمّار الدهني (4) ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) ، قال :
1 ـ نُوَمَة : الخامل الذكر. لسان العرب 12 : 596 ـ نوم.
2 ـ أورده باختصار ابن شهر آشوب في المناقب 4 : 318 ، وعنه في البحار 48 : 76.
3 ـ لم أعثر له على مصدر.
4 ـ معاوية بن عمّار الدُهْنِيّ : هو ابن ابي معاوية خبّاب بن عبدالله البجلي أبو القاسم الكوفي بيّاع السابري ، مولاهم ، كوفي ـ ودُهْن من بجيلة ـ وكان وجهاً في أصحابنا ومقدّماً ، كبير الشأن عظيم المحل ، ثقة ، روى عن أبي عبدالله وأبي الحسن موسى ( عليهما السلام ) ، عدّه البرقي والشيخ من أصحاب الإمام الصادق ( عليه السلام ) ، ومات رحمه الله في سنة خمس وسبعين ومائة.
انظر رجال النجاشي : 411/1096 ، رجال البرقي : 33 ، رجال الشيخ : 310/481.


(283)
قال لي : « يا معاوية أتريدون أن تكذّبوا الله عزّ وجلّ في عرشه ، لا تحدّثوا الناس إلاّ بما يحتملون ، فإنّ الله تبارك وتعالى لم يزل يُعبد سرّاً ».
    قال معاوية بن عمّار : وقال لي أبو عبدالله ( عليه السلام ) : « من لقيت من شيعتنا فاقرأه مني السلام وقل لهم : إنّما مثلك في الناس مثل أصحاب الكهف ، أسرّوا الإيمان ، وأظهروا الشرك فاُوجروا مرّتين » (1).
    [ 285/8 ] أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن عبدالرحمن بن حمّاد الكوفي ، عن الحسين بن علوان وعمر بن مصعب ، قال : حديثاً كان لنا عند أبي عبدالله ( عليه السلام ) ذات ليلة ونحن جماعة ، فأقبلوا يقولون ويتمنّون : ليت هذا الأمر كان ورأيناه ، فلم يزالوا حتّى ذَهَبَ عامّة الليل ، ليس منهم من يسأل عن شيء ينتفع به في حلال ولا حرام ، فلمّا رآهم لايقحمون قال : « صه » (2) ، فسكتوا.
    فقال : « أيسرّكم أنّ هذا الأمر كان ؟ » قالوا : بلى والله ودَدنا أن قد رأيناه ، قال : « حتّى تجتنبوا الأحبّة من الأهلين والأولاد ، وتلبسوا السلاح ، وتركبوا الخيل ، ويغار على الحصون » قالوا : نعم ، قال : « قد سألناكم ما هو أهون من هذا فلم تفعلوا ، أمرناكم أن تكفّوا وتكتموا حديثنا ، وأخبرناكم أنّكم إذا فعلتم ذلك فقد رضينا فلم تفعلوا » (3).
    [ 286/9 ] أحمد بن محمّد بن عيسى ومحمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن
1 ـ لم اعثر له على مصدر.
2 ـ صه : كلمة بُنيت على السكون. وهو اسم سُمّي به الفعل ، ومعناه اسكت. الصحاح 6 : 2239 ـ صه. وفي المختصر المطبوع ص 100 : « ص » وهو سهو واضح.
3 ـ لم أعثر له على مصدر.


(284)
محمّد بن سنان ، عن عبدالأعلى مولى آل سام ، قال : قال أبو عبدالله ( عليه السلام ) : « إنّه ليس من احتمال أمرنا التصديق به والقبول له فقط ، إنّ من احتمال أمرنا ستره وصيانته عن غير أهله ، فأقرئوا موالينا السلام ، وقولوا لهم : رحم الله عبداً اجترّ (1) مودّة الناس إليّ وإلى نفسه ، فحدّثهم بما يعرفون ، وستر عنهم ما ينكرون ».
    ثمّ قال : « والله ما الناصب لنا حرباً بأشدّ مؤُونة علينا من الناطق علينا بما نكرهه ، فإذا رأيتم (2) من عبد إذاعة فامشوا إليه وردّوه عنها ، فإن هو قبل وإلاّ فتحمّلوا عليه بمن يثقل (3) عليه ويسمع منه ، فإنّ الرجل منكم يطلب الحاجة فيتلطّف فيها حتّى تقضى له ، فألطفوا في حاجتي كما تلطفون في حوائجكم ، فإن هو قبل منكم وإلاّ فادفنوا كلامه تحت أقدامكم ، ولاتقولوا : إنّه يقول ويقول ، فإنّ ذلك يحمل عليّ وعليكم.
    أما والله لو كنتم تقولون ما أقول لكم لأقررت أنّكم أصحابي ، هذا أبو حنيفة له أصحاب ، وهذا الحسن (4) له أصحاب ، وأنا امرؤ من قريش ، ولدني رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وعلمت كتاب الله وفيه تبيان كلّ شيء ، وفيه بَدءُ الخلق ، وأمر السماء ، وأمر الأرض ، وأمر الأوّلين ، وأمر الآخرين ، وما كان وما يكون ، كأنّي أنظر ذلك نصب عيني » (5).
1 ـ اجترّ : جرّ. الصحاح 2 : 612 ـ جرر.
2 ـ في الكافي : عرفتم.
3 ـ في نسخة « س » : يعقل ، وفي « ض » : ينقل.
4 ـ المراد منه هو الحسن البصري.
5 ـ أورده الكليني في الكافي 2 : 222/5 ، وعنه في البحار 75 : 74/22 ، باختلاف يسير.


(285)
    [ 287/10 ] وعنهما ، عن محمّد بن سنان ، عن عمّار بن مروان ، عن الحسين بن المختار ، عن أبي اُسامة زيد الشحام ، قال : قال العبد الصالح ( عليه السلام ) : « اُمر الناس بخصلتين فضيّعوهما ، فصاروا منهما على غير شيء : الصبر والكتمان » (1).
    [ 288/11 ] وعنهما ، عن غير واحد ممّن حدّثهما ، عن حمّاد بن عيسى وغيره من أصحابنا ، عن حريز بن عبدالله ، عن المعلّى بن خُنيس (2) ، قال : قال لي أبو عبدالله ( عليه السلام ) : « يا معلّى اكتم أمرنا ولا تذعه ، فإنّه من كتم أمرنا ولم يذعه أعزّه الله به في الدنيا ، وجعله نوراً بين عينيه في الآخرة يقوده إلى الجنّة.
    يا معلّى : من أذاع أمرنا ولم يكتمه أذلّه الله به في الدنيا ، ونزع النور من بين عينيه في الآخرة ، وجعله ظُلمة يقوده إلى النار.
    يا معلّى : إنّ التقيّة من ديني ودين آبائي ، ولا دين لمن لا تقيّة له.
    يا معلّى : إنّ الله عزّ وجلّ يُحبّ أن يُعبد في السرّ كما يُعبد في العلانية.
    يا معلّى : المذيع أمرنا كالجاحد له (3) » (4).
1 ـ تقدّم الحديث تحت رقم 280.
2 ـ المعلّى بن خُنيس : هو أبو عبدالله مولى الإمام الصادق جعفر بن محمّد ( عليه السلام ) ، ومن قبله كان مولى لبني أسد ، كوفيّ ، بزّاز ، عدّه البرقي والشيخ من أصحاب الإمام الصادق ( عليه السلام ) ، وقد وردت فيه روايات مادحة وذامّة فصحّح السيّد الخوئي ( رحمه الله ) المادحة وضعّف الذامّة منها. وعدّه الشيخ في كتاب الغيبة من السفراء الممدوحين ، وكان من قوّام أبي عبدالله ( عليه السلام ).
اُنظر رجال النجاشي : 417/1114 ، رجال البرقي : 25 ، رجال الطوسي : 310/397 ، الغيبة للطوسي : 347.
3 ـ في نسخة « ض » : به ، بدل : له.
4 ـ ذكره البرقي في المحاسن 1 : 397/292 ، والكليني في الكافي 2 : 223/8 ، والطبرسي في مشكاة الأنوار : 40.
مختصر البصائر ::: فهرس