مناظرات المستبصرين ::: 331 ـ 345
(331)
تناقض قولك !
    سؤال : قال تعالى في محكم كتابه : ( إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ ) (1) فالنبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) هنا ينهى صاحبه عن الحزن ، فالسؤال الذي أوجِّهه إليك أيُّها المحاور : هل أن حزن أبي بكر كان طاعة لله ولرسوله أم معصية ؟!
    هشام آل قطيط : طبعاً حزن سيِّدنا أبي بكر كان طاعة لله فكيف يكون معصية ؟ معاذ الله !
    السيِّد البدري : ما دام حزن الخليفة أبي بكر طاعة لله كما ذكرت فلماذا نهاه رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عن هذه الطاعة وقال له : لا تحزن ؟ و ( لا ) هنا للنهي ، والنهي يأتي عن المعصية وليس عن الطاعة ، فالآية لم تكن في فضل أبي بكر ومدحه ، بل تكون في ذمِّه وقدحه ! وصاحب السوء لا تشمله العناية والسكينة الإلهيَّة ؛ لأنهما تختصَّان بالنبيِّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) والمؤمنين ، وهم أولياء الله الذين لا يخشون أحداً إلاَّ الله سبحانه ، ومن أهم علامات الأولياء كما في قوله تعالى : ( أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ) (2).
    ولمَّا وصلنا إلى هذه النقطة كان الوقت ما يقرب من أذان صلاة المغرب ، وأجِّلت الجلسة بسبب تعب الطرفين ؛ لأن هناك تكملة لبحوث أخرى.

    اللقاء الخامس : مناقشة الأدلّة التي يستدلّ بها على خلافة أبي بكر
    هشام آل قطيط : بعد أن ذكرت وبيَّنت ـ سماحة السيِّد ! ـ موضوع آية :
1 ـ سورة التوبة ، الآية : 40.
2 ـ سورة يونس ، الآية : 62.


(332)
( مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ ) وآية الغار ، لديَّ أدلّة جديدة ، ونصوص صريحة ، أثبت من خلالها أحقّيّة سيِّدنا أبي بكر بالخلافة من بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وهي :
    أولا : مروا أبا بكر فليصلِّ بالمسلمين ( حديث رواه البخاري ) (1).
    ثانياً : لو كنت متّخذاً من أهل الأرض خليلا غير ربّي لا تخذت أبا بكر خليلا ، لا يبقين في المسجد خوخة إلاَّ سدَّت إلاَّ خوخة أبي بكر ( حديث رواه البخاري ) (2).
    ثالثاً : عن عائشة قالت : دخل عليَّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في اليوم الذي بدأ فيه فقال : ادعي لي أباك وأخاك حتى أكتب لأبي بكر كتاباً ، ثمَّ قال : يأبى الله والمسلمون إلاَّ أبا بكر (3).

    حوار في النصوص المدعاة على أحقّيّة الخليفة أبي بكر بالخلافة
    السيِّد البدري : أقول : لو سلَّمت لك جدلا أن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أمر أبا بكر أن يصلّي بالناس في مرضه الذي توفِّي فيه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، ولكن ماذا تقول لو قال قائل ممن لا يقول بقولك : ألم يقل جمهور الصحابة لرسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في مرضه : هجر رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) على ما أخرجه البخاري في صحيحه (4) عن ابن عباس أنه قال : يوم الخميس وما يوم الخميس ، ثمَّ بكى حتى خضب دمعه الحصباء ، قال : اشتدّ
1 ـ سوف يأتي قريباً مع مصادره.
2 ـ سوف يأتي قريباً أيضاً مع مصادره.
3 ـ راجع مسند أحمد بن حنبل : 6/144 ، السنن الكبرى ، البيهقي : 8/153.
4 ـ صحيح البخاري : 7/9 ، 5/137 ، 2/132 ، 4/65 ـ 66 ، صحيح مسلم : 2/16 ، 5/75 ، 11/94 ـ 95 ، بشرح النووي ، مسند أحمد بن حنبل : 1/955.


(333)
برسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وجعه يوم الخميس ، فقال : ائتوني بكتاب أكتب لكم كتاباً لن تضلّوا بعده أبداً ، فتنازعوا ، ولا ينبغي عند نبيٍّ تنازع ، فقالوا : هجر رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ! قال : دعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعوني إليه.
    هشام آل قطيط : عفواً سماحة السيِّد ! أراك خرجت عن موضوع الدليل والنصّ الذي طرحته.
    السيّد البدري : يا أستاذ ! تعلَّم الصبر والنفس الطويل في الحوار ، ولا تكن سريعاً ، مهلا ! سأورد لك بعض المخالفات لأنتقل إلى تحليل هذا النصّ الذي أنت تحتجُّ به وتعتبره دليلا مقنعاً.
    سؤال موجَّه لك : ألم يقل الخليفة عمر بن الخطاب للصحابة في مرض النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : إن النبي قد غلبه الوجع ، وعندكم القرآن ، حسبنا كتاب الله ؟ والرواية الأولى قال عن الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : إنه هجر ؛ أي بمعنى يهذي (1).
    هشام آل قطيط : سيِّدنا عمر بن الخطاب الفاروق يقول لسيِّدنا محمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : إنّه هجر ؟ من أين لك هذا الحديث ؟ ومن أين أتيت به أيها السيِّد ؟ كلام غريب ( معاذ الله من ذلك ).
    السيِّد البدري : لا تغضب يا أخي ، هدِّئ من روعك واصبر.
    هشام آل قطيط : كيف أهدأ وأنت تتهجَّم على سيِّدنا عمر وتتّهمه هذا الاتّهام ؟
    السيِّد البدري : ما رأيك في صحيح البخاري يا أستاذ ؟
    هشام آل قطيط : صحيح البخاري أصدق صحيح عندنا بعد القرآن.
1 ـ سرّ العالمين وكشف ما في الدارين ، أبو حامد الغزالي : 21.

(334)
    السيِّد البدري : راجع صحيح البخاري في أواخر ص 118 الجزء الثاني في باب ( هل يستشفع إلى أهل الذمّة ومعاملتهم ) وحتى أربط كل هذا الاستدلال لك يقول : عن ابن عباس قال : لمَّا حضر رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب ، قال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : هلمّ أكتب لكم كتاباً لا تضلُّوا بعده ، فقال عمر : إن النبيَّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قد غلب عليه الوجع ، وعندكم القرآن ، حسبنا كتاب الله ، فاختلف أهل البيت فاختصموا ، ، منهم من يقول : قرِّبوا يكتب لكم النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كتاباً لنا تضلوا بعده ، ومنهم من يقول ما قال عمر ، فلمَّا أكثروا اللغو واللغط والاختلاف عند النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : قوموا. قال عبيدالله : فكان ابن عباس يقول : الرزيّة كل الرزيَّة ما حال بين رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم (1) ، وهذا مشهور برزيَّة يوم الخميس.

    الوجه الصحيح في حديث صلاة الخليفة أبي بكر
    السيِّد البدري : أقول : إن الصحيح المتواتر بين الفريقين : السنّي والشيعيّ معاً أن النبيَّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أخَّر الخليفة أبا بكر من تلك الصلاة ، وصرفه عن إمامة المسلمين ؛ لأنه خرج بعد سماعه بتقدُّم أبي بكر يتهادى بين علي والعبّاس ، مع ما فيه من ضعف الجسم بالمرض ، الأمر الذي لا يتحرَّك معه العاقل إلاَّ في حال الاضطرار ، لتدارك ما يخاف بفوته حدوث أعظم فتنة ، فعزل النبيُّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أبا بكر عمّا كان تولاَّه من تلك الصلاة كما نطقت به صحاحكم ، ويدلُّك على أن تقدُّمه للصلاة لم يكن بأمر من النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في شيء ، وإنما كان الأمر صادراً من ابنته
1 ـ صحيح البخاري ، الجزء الثاني ، باب ( يستشفع إلى أهل الذمّة ومعاملتهم ) ص 118.

(335)
السيّدة عائشة ، ولم تكن تلك الصلاة إلاَّ صلاة الصبح لا غيرها.
    ويرشدك ويدلُّك على ذلك ـ يا أخي ـ ما أخرجه الحافظ الكبير الإمام مسلم في صحيحه (1).
    وأنقل لك هذه الرواية عن عائشة : قالت : لمَّا ثقل رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) جاء بلال يؤذنه بالصلاة ، فقال : مروا أبا بكر فليصلِّ بالناس ، قالت : فقلت : يا رسول الله ! إن أبا بكر رجل أسيف ، وإنه متى يقم مقامك لم يسمع الناس فلو أمرت عمر ، فقال : مروا أبا بكر فليصلِّ بالناس ، قالت : فقلت لحفصة : قولي له : إن أبا بكر رجل أسيف ، وإنه متى يقم مقامك لا يسمع الناس فلو أمرت عمر ، فقالت له ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : إنكن لأنتن صويحبات يوسف ، مروا أبا بكر فليصلِّ بالناس ! قالت : فأمروا أبا بكر يصلّي بالناس.
    ثمَّ ـ أخي الكريم ـ لماذا تحاول ربط مسألة الصلاة بمسألة الخلافة ؟ لو فرضنا جدلا صحّة حديث عائشة أم المؤمنين ، وغضضنا النظر عن تلك الوجوه التي ناقشتها الآن ، ومع كل ذلك فإن الأمر بالصلاة خلفه لا يوجب للخليفة أبي بكر الإمامة العامة على المسلمين ؛ لعدة أسباب ، منها :
    أولا : لقد اتّفق أئمّة السنة والحفّاظ عندكم على أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) صلَّى خلف عبد الرحمن بن عوف ، على ما نقله لنا ابن كثير في تأريخه (2) وهذا شيء لا يختلف فيه أحد ، فلم يوجب فضلا لعبد الرحمن بن عوف على النبيِّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، ولا يقتضي ذلك أن يكون إماماً واجب الطاعة عليه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وعلى غيره من أصحابه ،
1 ـ صحيح مسلم ، 2/22 ـ 23 باب ( استخلاف الإمام إذا عرض له عذر ) كتاب الصلاة ، صحيح البخاري : 1/165 ، مسند أحمد بن حنبل : 6/96 ، سنن الترمذي : 5/275 ح 3754.
2 ـ البداية والنهاية ، ابن كثير : 5/22.


(336)
فكما أن صلاة النبيِّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) خلف عبد الرحمن بن عوف لم توجب له الإمامة على رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ولا على غيره من الناس ، فكذلك لم توجب صلاة أبي بكر بالمسلمين إمامته عليهم.
    ثانياً : لا خلاف بين الفريقين : السنّي والشيعيّ في أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قد استعمل عمرو بن العاص على الخليفتين أبي بكر وعمر وجماعة المهاجرين والأنصار ، وكان يؤمُّهم في الصلاة مدّة إمارته عليهم في واقعة ذات السلاسل ، على ما نقله لنا ابن كثير في تاريخه (1) ، فلم توجب صلاته فيهم (2) إمامته عليهم ، ولا فضلا عليهم ، لا في الظاهر ، ولا عند الله تعالى على حال من الأحوال ، فكذلك الحال في صلاة أبي بكر فيهم ، لا توجب إمامته عليهم ، ولا فضلا عليهم.
    ثالثاً : وهذا البخاري أصدق صحيح عندكم يحدِّثنا في صحيحه (3) عن ابن عمر قال : لمَّا قدم المهاجرون الأوّلون العصبة ( موضع بقبا ) قبل مقدم رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كان يؤمُّهم سالم مولى أبي حذيفة ، وكان أكثرهم قرآناً.
    فكما أن إمامة سالم مولى أبي حذيفة للمهاجرين الأوّلين لم توجب له فضلا ، ولا الإمامة العامّة عليهم ، ولم تقض له بخلافة الرسالة المحمديَّة ، فكذلك إمامة أبي بكر للصلاة بالمسلمين لم توجب له فضلا ، ولا الإمامة العامّة عليهم ، ولم تقض له بخلافة الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ).
1 ـ البداية والنهاية ، ابن كثير : 4/273.
2 ـ راجع في إمامة عمرو بن العاص في الخليفتين أبي بكر وعمر هذه المصادر : السيرة الحلبيّة ، الشافعي : 3/19 ، تاريخ الخميس : 2/82 ، والدحلاني في ص 11 من سيرته بهامش الجزء الثاني من السيرة الحلبية.
3 ـ صحيح البخاري : 1/89 ، باب ( إمامة العبد من أبواب صلاة الجماعة من كتاب الأذان ).


(337)
    رابعاً : عتاب بن أسيد أحقُّ بالخلافة من الخليفة أبي بكر ، لماذا ؟ لأنه الذي قدَّمه الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يصلّي بالناس حين فتح رسول الله مكة ، والرسول مقيم في مكة ، وأبو بكر معه يصلّي خلف عتاب بن أسيد ، فقدَّمه رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يصلّي بالناس في المسجد الحرام من غير علّة ، ولا ضرورة دعته إلى ذلك.
    وهذا بإجماع الأمّة ، فكان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يصلّي بالناس الظهر والعصر ، وعتاب بن أسيد يصلّي بالناس الثلاث صلوات بإجماع الأمّة ، وبإجماع الأمّة أن المسجد الحرام أفضل من مسجد المدينة ، ومكة أفضل من المدينة ، ويلزم في النظر أن من قدَّمه رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في المواطن الأفضل من غير علّة أفضل ممن قدَّمه في مسجد هو دونه في الفضل مع ضرورة العلة ، فتأمَّل يا أخي.
    تجويزكم للصلاة خلف البرّ والفاجر
    السيِّد البدري : ثمَّ إنكم متّفقون على أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أرشدكم إلى الصلاة خلف كل برٍّ وفاجر (1) ، فإذا كانت الصلاة تجوز عندكم خلف كل فاسق وفاجر ، والاقتداء بكل ظالم وعاص ، بإجماع علماء السنة نصّاً وفتوى وعملا ، وكانت صلاة الخليفة أبي بكر بالمسلمين دليلا على خلافة النبيِّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وإمامة الأمّة ، كان ذلك دليلا أيضاً على إمامة هؤلاء جميعاً ، ولكان كلُّهم خلفاء النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من بعده ، وكأن قوله تعالى : ( وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ ) (2) باطلا لا معنى له (3).
1 ـ سنن البيهقي : 4/19 ، الفتح الكبير : 2/190.
2 ـ سورة هود ، الآية : 113.
3 ـ قال الشيخ المظفر عليه الرحمة في دعوى تقديم أبي بكر في الصلاة : فليس فيها أيَّة إشارة إلى تعيينه للخلافة ، فضلا عن النصّ ؛ لأن الإمامة في الصلاة ليست بالأمر الخطير الشأن الذي لا يكون إلاَّ لمن له الإمامة ، ولا سيّما على مذهب أهل السنّة ، وكان ائتمام المسلمين بعضهم ببعض مما اعتادوا عليه ، وشاع يومئذ بينهم بترغيب النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فيه .. ولا أعتقد بصحّة ما يروى أن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) هو الذي قدَّمه للصلاة ، وأنه صلَّى أياماً ؛ لأن أبا بكر كان من جيش أسامة من غير شك ، وقد نهى النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عن التخلُّف عنه ، وشدَّد في الإسراع بإنفاذه ، فكيف يجتمع هذا مع تقديم النبيِّ له للصلاة مدّة مرضه ؟
نعم ، الثابت أنه صلَّى صلاة واحدة .. يوم الإثنين ، يوم وفاة النبيِّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وقبل أن يتمَّها خرج صاحب الرسالة يتهادى بين رجلين ، ورجلاه تخطّان الأرض من الوجع ، فصلَّى بالناس صلاتهم ، وتأخَّر أبو بكر ، فإن عائشة هي التي روت أمر النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بتقديمه لا غيرها ، وأنها راجعته في ذلك حتى قال لها غاضباً : إنكن لأنتن صواحب يوسف ، وهي نفسها تروي خروجه في نفس تلك الصلاة ، وكان خروجه بهذه الحال إلى الصلاة يوم وفاته وهو يوم الإثنين ، ولو أن النبيَّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كان قدَّمه للصلاة إشارة إلى خلافته ، فلماذا خرج بهذه الحال المؤلمة ، وصلَّى بالناس صلاة المضطرين جالساً ؟ ولا معنى لما يقال : إنّه صلَّى أبو بكر بصلاة النبيِّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وصلَّى الناس بصلاة أبي بكر ، فمن هو الإمام إذن ؟ إن كان أبا بكر فلم يكن قد صلَّى بصلاة النبيِّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وإن كان النبي فلم تكن الناس قد صلَّت بصلاة أبي بكر .. السقيفة ، الشيخ محمّد رضا المظفر : 54.


(338)
    حوار في حديث خوخة أبي بكر
    هشام آل قطيط : بعدما ذكرت الأدلّة الكثيرة حول صلاة الخليفة أبي بكر وإبطالها ، فما رأي سماحتكم بقوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : لو كنت متّخذاً من أهل الأرض خليلا غير ربّي لاتخّذت أبا بكر خليلا ، لا يبقين في المسجد خوخة إلاَّ سدَّت إلاَّ خوخة أبي بكر (1) ؟ أليس هذا الحديث دليلا قاطعاً على خلافة سيدنا أبي بكر (2).
    السيِّد البدري : إن هذا الحديث رواية آحاد ، هذا أوَّلا.
1 ـ صحيح البخاري : 4/254 ، فضائل الصحابة ، أحمد بن حنبل : 3 ، مسند أحمد بن حنبل : 1/434 ، سنن الترمذي : 5/270 ح 3740 ، صحيح مسلم : 7/109 ، السنن الكبرى ، البيهقي : 6/246.
2 ـ قال ابن أبي الحديد في شرح النهج : 11/49 : إن البكرية وضعت لأبي بكر أحاديث في مقابلة هذه الأحاديث نحو ( لو كنت متخذاً خليلا ... ) فإنهم وضعوه في مقابلة حديث الإخاء ، ونحو سد الأبواب ، فإنه كان لعلي ( عليه السلام ) فقلبته البكرية إلى أبي بكر.


(339)
    وثانياً : إن هذا الحديث معارض بحديث أقوى منه سنداً ، وتنقله أحاديثكم ، وهو قوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : لا تقل : لو أني فعلت كذا كان كذا ، ولكن قل : قدَّر الله وما شاء فعل ، فإن كلمة ( لو ) تفتح عمل الشيطان ( حديث شريف ) (1) ، فكيف برسول الأمّة وإمامها ينهانا عن القول بكلمة ( لو ) ويقول لنا إنها تفتح عمل الشيطان ، وهو يبدأ بها ؟! هل يعقل هذا الأمر بأن هذا الحديث يصدر من النبيِّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ؟ فتأمَّل.
    ثالثاً : إن هذا الحديث موضوع لدينا ، ووضع مقابل حديث المؤاخاة المشهور والمتواتر ، وهو قول النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لعلي ( عليه السلام ) : أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلاَّ أنه لا نبيَّ بعدي (2).
    رابعاً : الشطر الثاني من الحديث ( لا يبقين في المسجد خوخة إلاَّ سدَّت إلاَّ خوخة أبي بكر ) وضع مقابل الحديث المشهور والمتواتر ( سدُّوا هذه الأبواب إلاَّ باب علي ) (3) فوضع أصحاب الأقلام المأجورة كلمة ( خوخة ) بدل ( باب ) للتغيير والتحريف.
    هشام آل قطيط : عفواً سماحة السيِّد ! الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ترك خوخة مفتوحة
1 ـ سنن ابن ماجة : 5/31 ح 79 ، صحيح مسلم : 8/56 ، السنن الكبرى ، البيهقي : 10/89 ، السنن الكبرى ، النسائي : 6/159 ح 10475.
2 ـ تقدَّمت تخريجاته.
3 ـ فضائل الصحابة ، أحمد بن حنبل : 13 ـ 14 ، صحيح مسلم : 7/120 ـ 121 ، سنن الترمذي : 5/302 ح 3808 و304 ح 3813 ، المستدرك ، الحاكم : 2/337 ـ 338 ، وقال : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ، و3/108 ـ 109 ، وقال : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذه السياقة ، وص 133 أيضاً ، السنن الكبرى ، البيهقي : 9/40 ، المصنّف ، عبد الرزاق : 5/405 ـ 406 ح 9745 ، وغير ذلك من المصادر الكثيرة ، كما أن هذا الحديث يعدُّ من المتواترات.


(340)
لسيِّدنا أبي بكر ، ومعنى كلمة الخوخة أي ( الباب الصغير ).
    السيِّد البدري : لو أن الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أراد إكرامه لفتح له باباً كبير ، لماذا باب صغير ؟ وحتى أثبت لك بالأدلّة والبراهين القاطعة بأن هذا الحديث وضع مقابل حديث ( سدُّوا كل الأبواب إلاَّ باب علي ) فتفضَّل يا أخي :
    أوّلا : أمر رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بسدِّ أبواب الصحابة من المسجد تنزيهاً له عن الجنب والجنابة ، ولكنَّه أبقى باب علي ( عليه السلام ) ، وأباح له عن الله تعالى أن يجنب في المسجد ، كما كان هذا مباحاً لهارون ، فدلَّنا على ذلك عموم المشابهة كما كان هذا مباحا لهارون ( عليه السلام ).
    الحديث : قال ابن عباس حبر الأمّة : وسدَّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أبواب المسجد غير باب عليٍّ ، فكان يدخل المسجد جنباً ، وهو طريقه ليس له طريق غيره (1).
    الحديث : كان لنفر من أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أبواب شارعة في المسجد ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : سدُّوا هذه الأبواب إلاَّ باب عليٍّ ، فتكلَّم الناس في ذلك ، فقام رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثمَّ قال : أمَّا بعد ، فإني أمرت بسدِّ هذه الأبواب إلاَّ باب علي ، فقال فيه قائلكم ، وإنّي والله ما سددت شيئاً ولا فتحته ، ولكني أمرت بشيء فاتبعته (2).
    وأخرج الطبراني في الكبير ، عن ابن عباس أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قام يومئذ
1 ـ المستدرك ، الحاكم : 3/134 ، وقال : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه بهذه السياقة ، السنن الكبرى ، النسائي : 5/112 ـ 113 ح 8409 ، المعجم الكبير ، الطبراني : 12/78 ، تأريخ دمشق ، ابن عساكر : 42/99 ـ 102 ، ذخائر العقبى ، أحمد بن عبد الله الطبري : 87 ـ 88.
2 ـ السنن الكبرى ، النسائي : 5/118 ح 8423 ، فتح الباري ، ابن حجر : 7/12 ـ 13 ، فيض القدير ، المناوي : 1/120.


(341)
فقال : ما أنا أخرجتكم من قبل نفسي ، ولا أنا تركته ، ولكن الله أخرجكم وتركه ، إنما أنا عبد مأمور ، ما أمرت به فعلت ، إن أتَّبِعُ إلاَّ ما يوحى إليَّ (1).
    يا عليُّ ! لا يحلُّ لأحد أن يجنب في المسجد غيري وغيرك (2).
    وعن سعد بن أبي وقاص ، والبرّاء بن عازب ، وابن عباس ، وابن عمر وحذيفة بن أسيد الغفاري ، قالوا كلُّهم : خرج رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إلى المسجد فقال : إن الله تعالى أوحى إلى نبيِّه موسى أن ابن لي مسجداً طاهراً لا يسكنه إلاَّ أنت وهارون ، وإن الله أوحى إليَّ أن ابنِ مسجداً طاهراً لا يسكنه إلاَّ أنا وأخي علي (3)

    حديث المنزلة ومنازل هارون من موسى ( عليه السلام )
    السيِّد البدري : وحتى أثبت لك بأن حديث الخلّة وضع مقابل حديث المنزلة ، حتى تكون على بصيرة من أمرك أيُّها الأستاذ الباحث عن الحقيقة ، فالواجب الشرعي يفرض عليَّ أن أبيِّن لك الحقائق لتنقذ نفسك من الصراع الذي تعيشه ، والتناقض والحيرة ، فهذا الإمام البخاري يحدِّثنا في صحيحه (4) في مناقب علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، وذاك الإمام مسلم في صحيحه يحدِّثنا عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنه قال لعلي ( عليه السلام ) : أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلاَّ أنّه لا نبيَّ
1 ـ المعجم الكبير ، الطبراني : 12/114 ، مجمع الزوائد ، الهيثمي : 9/115 ، كنز العمال ، المتقي الهندي : 11/600 ح 32887.
2 ـ سنن الترمذي : 5/303 ح 3811 ، السنن الكبرى ، البيهقي : 7/66 ، فتح الملك العلي ، المغربي : 46 ، تأريخ دمشق ، ابن عساكر : 42/140 ، تهذيب الكمال ، المزي : 26/252 ، سير أعلام النبلاء ، الذهبي : 13/272 ، ذخائر العقبى ، أحمد بن عبد الله الطبري : 77.
3 ـ المناقب ، ابن المغازلي : 252 ح 301 ، ينابيع المودة ، القندوزي الحنفي : 1/258 ح 6.
4 ـ صحيح البخاري : 4/208 و5/129 ، التأريخ الكبير ، البخاري : 1/115 ، رقم : 333.


(342)
بعدي (1).
    وفي القرآن العربي المبين يقول الله تعالى في سورة طه : آية 25 وما بعدها ، حكاية عن كليمه موسى ( عليه السلام ) : ( رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي * وَاجْعَل لِّي وَزِيراً مِّنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي ) إلى قوله تعالى : ( قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى ) وأنت تعلم ـ يا أخي المحاور ـ أن منازل هارون ( عليه السلام ) من موسى ( عليه السلام ) كثيرة ومتعدِّدة ، وسأورد لك بعض المقارنات بين هارون ومنزلته من موسى لتعلم أن علياً هو الخليفة الحق بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ).
    الأوَّل : إن هارون ( عليه السلام ) كان وزيراً لموسى ( عليه السلام ) ، فكذلك علي ( عليه السلام ) وزير رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ).
    الثاني : إن هارون ( عليه السلام ) كان شريكاً لموسى ( عليه السلام ) في أمره ، فكذلك علي ( عليه السلام ) شريك رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في أمره على الخلافة والإمامة ، إلاّ النبوَّة ، والمستثناة من عموم المنازل في الحديث الشريف.
    الثالث : إن هارون ( عليه السلام ) كان ثاني موسى ( عليه السلام ) في قومه ، فكذلك علي ( عليه السلام ) ثاني رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في أمته.
    الرابع : إن هارون ( عليه السلام ) كان أخاً لموسى ( عليه السلام ) ، فكذلك علي ( عليه السلام ) كان أخاً لرسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، بدليل حديث المؤاخاة المتواتر نقله في كتب السنة والشيعة ، وعدم استثناء النبيِّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من حديثه إلاَّ النبوة ، وقد أخرج ذلك أحد علمائكم ـ أحمد بن حنبل في مسنده ـ عن عمرو بن ميمون ، عن ابن عباس في حديث :
1 ـ صحيح مسلم : 7/120 ـ 121.

(343)
بضع عشرة فضيلة كانت لعلي ( عليه السلام ) لم تكن لغيره من الصحابة (1).
    الخامس : إن هارون ( عليه السلام ) كان أفضل قوم موسى ( عليه السلام ) عند الله تعالى وعند نبيِّه موسى ( عليه السلام ) ، فكذلك علي ( عليه السلام ) أفضل أمّة النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عند الله تعالى وعند رسوله محمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ).
    السادس : إن هارون ( عليه السلام ) كان هو القائم مقام موسى ( عليه السلام ) في غيبته مطلقاً ، فكذلك علي ( عليه السلام ) هو الذىِّ يقوم مقام النبيِّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في غيبته مطلقاً ، وقد جاء التنصيص عليه جليّاً واضحاً ، لا يرتاب فيه اثنان من أهل الإيمان ، بقوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : لا ينبغي أن أذهب إلاَّ وأنت خليفتي (2).
    السابع : إن هارون ( عليه السلام ) كان أعلم قوم موسى ( عليه السلام ) فكذلك علي ( عليه السلام ) أعلم أمة
1 ـ مسند أحمد بن حنبل : 1/331 ، السنن الكبرى ، النسائي : 5/113 ، خصائص أميرالمؤمنين ( عليه السلام ) ، النسائي : 62 ، وقال محقِّق الكتاب في الهامش : في نسخة : فضائل ليست لأحد غيره ، تاريخ مدينة دمشق ، ابن عساكر : 42/99 ، البداية والنهاية ، ابن كثير : 7/374 ، ذخائر العقبى ، أحمد بن عبدالله الطبري : 87.
وروى الموفق الخوارزمي بالإسناد عن عبد الله بن أحمد بن حنبل ، عن أبيه بإسناده عن ابن عباس : وقعوا في رجل له بضع عشرة فضائل ليست لأحد غيره ( المناقب ، الموفق الخوارزمي : 125 ح 140 ، المستدرك ، الحاكم النيسابوري : 3/132 ).
وفي رواية النعمان المغربي : عن عمرو بن ميمون ، عبدالله بن عبّاس : وقعوا في رجل قال فيه رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عشر خلال ، كل خلّة منها خير من الدنيا وما فيها ، وقعوا في علي أميرالمؤمنين.
( شرح الأخبار ، القاضي النعمان المغربي : 2/209 ح 541 ).
2 ـ مسند أحمد بن حنبل : 1/331 ، كتاب السنّة ، عمرو بن أبي عاصم : 551 ، خصائص أميرالمؤمنين ( عليه السلام ) ، النسائي : 64 ، المعجم الكبير ، الطبراني : 12/78 ، المناقب ، الموفق الخوارزمي : 127 ، تاريخ مدينة دمشق ، ابن عساكر : 42/102 ، الإصابة ، ابن حجر : 4/467 ، البداية والنهاية ، ابن كثير : 7/374 ، ذخائر العقبى ، أحمد بن عبدالله الطبري : 87 ، كنز العمال ، المتقى الهندي : 11/606 ح 32931 ، مجمع الزوائد ، الهيثمي : 9/120 ، ينابيع المودة ، القندوزي : 1/112.


(344)
رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وقد صرَّح النبيُّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بذلك فقال : أعلم أمّتي من بعدي علي بن أبي طالب (1).
    الثامن : إن هارون ( عليه السلام ) كان واجب الطاعة على يوشع بن نون وصيِّ موسى ( عليه السلام ) وغيره من أمّته ، فكذلك علي ( عليه السلام ) واجب الطاعة على الخلفاء : أبي بكر وعمر وعثمان ، وغيرهم من أمّة النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ).
    التاسع : إن هارون ( عليه السلام ) كان أحبَّ الناس إلى الله تعالى وإلى كليمه موسى ( عليه السلام ) ، فكذلك عليٌّ أحبُّ الناس إلى الله تعالى وإلى رسوله محمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ).
    العاشر : إن الله تعالى قد شدَّ أزر نبيِّه موسى ( عليه السلام ) بأخيه هارون ( عليه السلام ) ، فكذلك شدَّ أزر نبيِّه محمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بأخيه علي ( عليه السلام ).
    الحادي عشر : إن هارون ( عليه السلام ) كان معصوماً من الخطأ والنسيان ، والزلل والعصيان ، فكذلك علي ( عليه السلام ) يكون معصوماً من الخطأ والنسيان ، والزلل والعصيان.

    أدلة أخرى في إمامة علي ( عليه السلام )
    هشام آل قطيط : سماحة السيِّد ! هل لديك أدلّة أخرى في عليٍّ كرَّم الله وجهه ، وفي إثبات أحقّيّته بالخلافه ؟ زدني من فضلك.
1 ـ روى الموفق الخوارزمي بالإسناد عن سلمان ، عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنه قال : أعلم أمتي من بعدي علي بن أبي طالب ( عليه السلام ).
راجع : المناقب ، الموفق الخوارزمي : 82 ، فتح الملك العلي ، أحمد بن الصديق المغربي : 70 عن مسند الفردوس ، ينابيع المودة ، القندوزي : 2/70 ح 6 و239 ح 669 ، كنز العمال ، المتقي الهندي : 11/614 ح 32977.


(345)
    السيِّد البدري : وما أزيدك ؟ ما هذا الذي ذكرته إلاَّ غيض من فيض من فضائل علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، إذا قلت لك إن عليّاً جامع لفضائل الأنبياء هل تقنع ؟
    هشام آل قطيط : إذا كان هناك أدلّة وبراهين تقنعني لماذا لا أقنع ؟ الإمام علي ( عليه السلام ) جامع فضائل الأنبياء.
    السيِّد البدري : وقد شهد بذلك سيِّد الرسل ، وخاتم النبيين محمّد ، الصادق الأمين ( عليه السلام ) ، كما جاء في مناقب الخوارزمي : ص 49 ـ 245 والرياض النضرة : 2 ـ 217 ، وذخائر العقبى : 93 ، وغيرها أنه قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) مع بعض الاختلافات اللفظيّة : ( من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه ، وإلى نوح في فهمه ، وإلى يحيى بن زكريا في زهده ، وإلى موسى بن عمران في بطشه فلينظر إلى علي بن أبي طالب ).
    ونقل لنا ابن الصبّاغ المالكي في كتابه ( الفصول المهمة ) : من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه ، وإلى نوح في عزمه ، وإلى إبراهيم في حلمه ، وإلى موسى في هيبته ، وإلى عيسى في زهده فلينظر إلى علي بن أبي طالب.
    وفي الرياض النضرة : 2 ـ 202 قال : أخرج الملا عمر بن خضر في سيرته : قيل : يا رسول الله ! وكيف يستطيع علي ( عليه السلام ) أن يحمل لواء الحمد ؟ فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : وكيف لا يستطيع ذلك وقد أعطي خصالا شتّى ؛ صبراً كصبري ، وحسناً كحسن يوسف ، وقوّة كقوّة جبريل ( عليه السلام ) ؟!
    وروى السيِّد مير علي الهمداني في كتابه ( مودّة القربى ) المودة الثامنة ، قال : عن جابر قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : من أراد أن ينظر إلى إسرافيل في هيبته ، وإلى ميكائيل في رتبته ، وإلى جبرائيل في جلالته ، وإلى آدم في علمه ،
مناظرات المستبصرين ::: فهرس