بسم الله الرحمن الرحيم
نص الفتوى

التي أصدرها السيد صاحب الفضيلة الاستاذ الاكبر الشيخ محمود شلتوت شيخ الجامع الازهر . في شأن جواز التعبد بمذهب الشيعة الامامية .
قيل لفضيلته :
ان بعض الناس يرى انه يجب على المسلم لكي تقع عباداته ومعاملاته على وجه صحيح أن يقلد أحد المذاهب الاربعة المعروفة وليس من بينها مذهب الشيعة الامامية ولا الشيعة الزيدية ، فهل توافقون فضيلتكم على هذا الرأي على اطلاقه فتمنعون تقليد مذهب الشيعة الامامية الاثنا عشرية مثلا :
فأجاب فضيلته :
1 ـ ان الاسلام لا يوجب على أحد من أتباعه اتباع مذهب معين بل نقول ان لكل مسلم الحق في أن يقلد بادئ ذي بدء أي مذهب من المذاهب المنقولة نقلا صحيحا والمدونة أحكامها في كتبها الخاصة ولمن قلد مذهبا من هذه المذاهب أن ينتقل إلى غيره ـ أي مذهب كان ـ ولا حرج عليه في شيء من ذلك .
2 ـ ان مذهب الجعفرية المعروف بمذهب الشيعة الامامية الاثنا عشرية مذهب يجوز التعبد به شرعا كسائر مذاهب أهل السنة .
فينبغي للمسلمين أن يعرفوا ذلك ، وأن يتخلصوا من العصبية بغير الحق لمذاهب معينة ، فما كان دين الله وما كانت شريعته بتابعة لمذهب أو مقصورة على مذهب ، فالكل مجتهدون مقبولون عند الله تعالى يجوز لمن ليس أهلا للنظر والاجتهاد تقليدهم والعمل بما يقررونه في فقههم ، ولا فرق في ذلك بين العبادات والمعاملات .
السيد صاحب السماحة العلامة الجليل الاستاذ محمد تقي القمي :
السكرتير العام لجماعة التقريب بين المذاهب الاسلامية :
سلام عليكم ورحمته أما بعد فيسرني أن أبعث إلى سماحتكم بصورة موقع عليها بإمضائي من الفتوى التي أصدرتها في شأن جواز التعبد بمذهب الشيعة الامامية راجيا أن تحفظوها في سجلات دار التقريب بين المذاهب الاسلامية التي أسهمنا معكم في تأسيسها ووفقنا الله لتحقيق رسالتها والسلام عليكم ورحمة الله .
شيخ الجامع الازهر


( 302 )

( 303 )

المبحث الثاني
في الامامة العامة وهي الخلافة عن رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم

المراجعة 20 9 ذي الحجة سنة 1329


1ـ إشارة إلى النصوص مجملة
2 ـ نص الدار يوم الانذار
3 ـ مخرجو هذا النص من اهل السنة
1 ـ إن من أحاط علما بسيرة النبي صلى الله عليه وآله ، في تأسيس دولة الاسلام ، وتشريح احكامها ، وتمهيد قواعدها ، وسن قوانينها ، وتنظيم شؤونها عن الله عزوجل ، يجد عليا وزير رسول الله في أمره ، وظهيره على عدوه ، وعيبة علمه ، ووارث حكمه ، وولي عهده ، وصاحب الامر من بعده ، ومن وقف على أقوال النبي وأفعاله ، في حله وترحاله ، صلى الله عليه وآله ، يجد نصوصه في ذلك متواترة متوالية ، من مبدأ أمره إلى منتهى عمره .
2 ـ وحسبك منها ما كان في مبدأ الدعوة الاسلامية قبل ظهور


( 304)

الإسلام بمكة ، حين أنزل الله تعالى عليه ( وأنذر عشيرتك الاقربين ) فدعاهم إلى دار عمه ـ ابي طالب ـ وهم يومؤذ أربعون رجلا يزيدون رجلا أو ينقصونه ، وفيهم أعمامه ابوطالب وحمزة والعباس وابولهب ، والحديث في ذلك من صحاح السنن المأثورة ، وفي آخر ما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « يا بني عبدالمطلب إني والله ما أعلم شابا من العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم به ، جئتكم بخير الدنيا والاخرة ، وقد أمرني الله ان أدعوكم اليه ، فأيكم يؤازرني على أمري هذا على ان يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم ؟ فأحجم القوم عنها غير علي ـ وكان أصغرهم ـ إذ قام فقال : انا يا نبي الله أكون وزيرك عليه ، فأخذ رسول الله برقبته وقال : ان هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم ، فاسمعوا له وأطيعوا ، فقام القوم يضحكون ويقولون لابي طالب : قد أمرك ان تسمع لابنك وتطيع . اهـ . ( 459 ) » .
( 459 )حديث الدار يوم الانذار :
عن علي بن أبي طالب قال لما نزلت هذه الآية ( وأنذر عشيرتك الاقربين ) ... وفي آخر الحديث قال الرسول ( ص ) :
وهذا الحديث من صحاح السنن المأثورة أخرجه بهذه الالفاظ وقريب منها كثير من الحفاظ والعلماء.
فراجع : تاريخ الطبري ج 2 ص 319 ـ 321 ط دار المعارف بمصر ، الكامل في التاريخ لابن الاثير الشافعي ج 2 ص 62 و 63 ط دار صادر في بيروت ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 13 ص 210 و 244 وصححه ط مصر بتحقيق محمد أبوالفضل ، السيرة الحلبية للحلبي الشافعي ج 1 ص 311 ط البهية بمصر ، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج 5 ص 41 و 42 ط الميمنية بمصر ،
=

( 305 )

3 ـ أخرجه بهذه الالفاظ كثير من حفظة الآثار النبوية ، كابن اسحاق ، وابن جرير وابن أبي حاتم ، وابن مردويه وابي نعيم ، والبيهقي
=
شواهد التنزيل للحسكاني ج 1 ص 371 ح 514 و 580 ط بيروت ، كنز العمال ج 15 ص 115 ح 334 ط 2 بحيدر آباد ، ترجمة الامام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي ج 1 ص 85 ح 139 و 140 و 141 ط1 بيروت وص 99 ح137 و138 و139 ط2 ببيروت ، التفسير المنير لمعالم التنزيل للجاوي ج 2 ص 118 ط 3 مصطفى الحلبي ، تفسير الخازن لعلاء الدين الشافعي ج 3 ص 371 و 390 ط مصر .

جنايات على الإسلام

1 ـ حياة محمد لمحمد حسين هيكل ص 104 الطبعة الاولى سنة 1354 هـ . وفي الطبعة الثانية وما بعدها من طبعات الكتاب حذف من الحديث قوله ( ص ) : « وأن يكون أخي ، ووصيي وخليفتي فيكم ؟ ! ! » وأكبر شاهد مراجعة الطبعة الاولى والطبعات الاخرى ومراجعة الجريدة .
2 ـ تفسير الطبري ج 19 ص 121 ط 2 مصطفى الحلبي ، ولكن المؤلف أو الطابع حرف آخر الحديث فحذف قوله ( ص ) « ان هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم » وذكر بدله « ان هذا أخي وكذا وكذا ! ! » مع أنه ذكر الحديث بتمامه في تاريخه ج 2 ص 319 ط دار المعارف بمصر فراجع .
وقريب من هذا اللفظ يوجد في :
خصائص أميرالمؤمنين للنسائي الشافعي ص 86 ط الحيدرية وص 30 ط بيروت ، كفاية الطالب للكنجي الشافعي ص 205 ط الحيدرية وص 89 ط الغري ، كنز العمال ج 15 ص 100 ط 2 ، تاريخ الطبري ج 2 ص 321 ط دار المعارف بمصر ، نظم درر السمطين للزرندي الحنفي ص 83 ط القضاء ، مجمع الزوائد ج 8 ص 302 وج 9 ص 113 ط القدسي ، فرائد السمطين ج 1 ص 86 ويأتي الحديث بلفظ آخر تحت رقم ( 711 ) فراجع .

( 306 )

في سننه وفي دلائله ، والثعلبي ، والطبري في تفسير سورة الشعراء من تفسيريهما الكبيرين ، وأخرجه الطبري ايضا في الجزء الثاني من كتابه : تاريخ الامم والملوك (1) ، وأرسله ابن الاثير إرسال المسلمات في الجزء الثاني من كامله (2) عند ذكره أمر الله نبيه بإظهار دعوته ، وابوالفداء في الجزء الاول من تاريخه (3) عند ذكره أول من أسلم من الناس ، ونقله الإمام أبوجعفر الاسكافي المعتزلي في كتابه : نقض العثمانية ، مصرحا بصحته (4) ، وأورده الحلبي في باب استخفائه صلى الله عليه وآله وسلم ، وأصحابه في دار الارقم (5) ، من سيرته المعروفة ، وأخرجه بهذا المعنى مع تقارب الالفاظ غير واحد من اثبات السنة وجهابذة الحديث ، كالطحاوي ، والضياء المقدسي في المختارة ، وسعيد بن منصور في السنن ، وحسبك ما أخرجه احمد بن حنبل من
____________
(1) ص 217 بطرق مختلفة . ( منه قدس )
(2) ص 22 . ( منه قدس )
(3) ص 116 . ( منه قدس )
(4) كما في ص 263 من المجلد 3 من شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ، طبع مصر . أما كتاب نقض العثمانية ، فانه مما لا نظير له ، فحقيق بكل بحاث عن الحقائق أن يراجعه ، وهو موجود في ص 257 وما بعدها إلى ص 281 من المجلد 3 من شرح النهج ، في شرح آخر الخطبة القاصعة . ( منه قدس )
(5) راجع الصفحة الرابعة من ذلك الباب أو ص 381 من الجزء الاول من السيرة الحلبية ، ولا قسط لمجازفة ابن تيمية وتحكماته التي أوحتها إليه عصبيته المشهورة ، وهذا الحديث أورده الكاتب الاجتماعي المصري محمد حسين هيكل ، فراجع العمود الثاني من الصفحة الخامسة من ملحق عدد 2751 من جريدته ( السياسة ) الصادر في 12 ذي القعدة سنة 1350 ، تجده مفصلا ، وإذا راجعت العمود الرابع من صفحة 6 من ملحق عدد 2785 من السياسة ، تجده
=

( 307 )

حديث علي في ص 111 وفي ص 159 من الجزء الاول من مسنده ( 460 ) ، فراجع ، وأخرج في أول ص 331 من الجزء الاول من مسنده أيضا حديثا جليلا عن ابن عباس يتضمن هذا النص في عشر خصائص مما امتاز به علي على من سواه ( 461 ) ، وذلك الحديث الجليل أخرجه النسائي أيضا عن ابن عباس في ص 6 من خصائصه العلوية ، والحاكم في ص 132 من الجزء الثالث من صحيحه المستدرك ، وأخرجه الذهبي في تلخيصه معترفا بصحته ، ودونك الجزء السادس من كتاب كنز العمال فإن فيه التفصيل (1) وعليك بمنتخب
____________
=
ينقل هذا الحديث عن كل من مسلم في صحيحه وأحمد في مسنده وعبدالله بن أحمد في زيادات المسند ، وابن حجر الهيثمي في جمع الفوائد ، وابن قتيبة في عيون الاخبار ، وأحمد بن عبدربه في العقد الفريد ، وعمرو بن بحر الجاحظ في رسالته عن بني هاشم ، والامام أبي اسحاق الثعلبي في تفسيره ، قلت : ونقل هذا الحديث جرجس الانكليزي في كتابه الموسوم مقالة في الاسلام ، وقد ترجمه إلى العربة ذلك الملحد البروتستانتي الذي سمى نفسه بهاشم العربي . والحديث تجده في صفحة 79 من ترجمة المقالة في الطبعة السادسة ، ولشهرة هذا الحديث ذكره عدة من الافرنج في كتبهم الافرنسية والانكليزية والالمانية . واختصره توماس كارليل في كتابه الابطال . ( منه قدس )
(1) راجع من الحديث 6008 في ص 392 تجده منقولا عن ابن جرير . والحديث 6045 في ص 396 تجده منقولا عن أحمد في مسنده ، والضياء المقدسي في المختارة ، والطحاوي ، وابن جرير وصححه ، والحديث 6056 في ص 397
=

( 460 ) مسند أحمد بن حنبل ج 2 ص 165 ح 883 بسند حسن وج 2 ص 352 ح 1371 بسند صحيح ط دار المعارف بمصر .
( 461 ) عشر فضائل امتاز بها الامام علي ( ع ) :
راجع : مسند أحمد ج 5 ص 25 ح 3062 بسند صحيح ط دار المعارف
=

( 308 )

الكنز وهو مطبوع في هامش مسند الامام احمد ، فراجع منه ما هو في هامش ص 41 إلى ص 43 من الجزء الخامس تجد التفصيل ؛ وحسبنا هذا ونعم الدليل ، والسلام .
ش

المراجعة 21 10 ذي الحجة سنة 1329


التشكيك في سند هذا النص
إن خصمكم لا يعتبر سند هذا الحديث ، وله في رده لهجة شديدة ، وحسبكم أن الشيخين لم يخرجاه ، وكذلك غير الشيخين من اصحاب الصحاح ؛ وما أظن هذا الحديث واردا عن طريق الثقات من اهل السنة ، ولا أراكم تعتبرونه صحيحا من طريقهم ، والسلام .
س

____________
=
تجده منقولا عن ابن اسحاق ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، وأبي نعيم ، والبيهقي في شعب الايمان وفي الدلائل ، والحديث 6102 ص 401 تجده منقولا عن ابن مردويه ، والحديث 6155 في ص 408 وتجده منقولا عن أحمد في مسنده ، وابن جرير ، والضياء في المختارة ، ومن تتبع كنز العمال وجد هذا الحديث في أماكن أخر شتى ، وإذا راجعت ص 255 من المجلد الثالث من شرح النهج للامام المعتزل الحديدي ، أو أواخر شرح الخطبة القاصعة منه ، تجد هذا الحديث بطوله . ( منه قدس )

=
بمصر ، خصائص أمير المؤمنين للنسائي الشافعي ص 61 ـ 64 ط الحيدرية وص 15 ط بيروت ، وص 8 ط التقدم بمصر وص 70 بتحقيق المحمودي .
راجع بقية المصادر تحت رقم ( 468 ) .

( 309 )

المراجعة 22 12 ذي الحجة سنة 1329


1 ـ تصحيح هذا النص
2 ـ لماذا أعرضوا عنه ؟
3 ـ من عرفهم لا يستغرب ذلك .

1 ـ لولا اعتباري صحته من طريق اهل السنة ما أوردته هنا ، على ان ابن جرير ، والامام أبا جعفر الاسكافي ، أرسلا صحته ارسال المسلمات (1) ، وقد صححه غير واحد من أعلام المحققين ، وحسبك في تصحيحه ثبوته من طريق الثقات الاثبات ، الذين احتج بهم اصحاب الصحاح بكل ارتياح ، ودونك ص 111 من الجزء الاول من مسند احمد ، تجده يخرج هذا الحديث عن اسود (2) بن عامر ، عن شريك (3) ،
____________
(1) راجع الحديث 6045 من أحاديث الكنز في ص 395 من جزئه السادس ، تجد هناك تصحيح ابن جرير لهذا الحديث أيضا . أما أبوجعفر الاسكافي ، فقد حكم بصحته جزما في كتابه نقض العثمانية ، فراجع ما هو موجود في ص 263 من المجلد 3 من شرح نهج البلاغة الحديدي ، طبع مصر . ( منه قدس )
(2) احتج به البخاري ومسلم في صحيحيهما ، وقد سمع شعبة عندهما ، وسمع عبدالعزيز بن أبي سلمة عند البخاري ، وسمع عند مسلم زهير بن معاوية ، وحماد بن سلمة ، روى عنه في صحيح البخاري محمد بن حاتم بن بزيع ، وروى عنه في صحيح مسلم هارون بن عبدالله ، والناقد ، وابن أبي شيبة ، ومهير . ( منه قدس )
(3) احتج به مسلم في صحيحه ، كما أوضحناه عند ذكره في المراجعة 16 . ( منه قدس )

( 310 )

عن الاعمش (1)( 462 ) ، عن المنهال (2) ، عن عباد (3) بن عبدالله الاسدي ( 463 ) ، عن علي مرفوعا وكل واحد من سلسلة هذا السند حجة عند الخصم ، وكلهم من رجال الصحاح بلا كلام ، وقد ذكرهم القيسراني في كتابه ـ الجمع بين رجال الصحيحين ـ فلا مندوحة عن القول بصحة الحديث ، على أن لهم فيه طرقا كثيرة يؤيد بعضها بعضا .
2 ـ وإنما لم يخرجه الشيخان وأمثالهما ، لانهم رأوه يصادم رأيه في الخلافة ، وهذا هو السبب في إعراضهم عن كثير من النصوص الصحيحة ، خافوا أن تكون سلاحا للشيعة ، فكتموها وهم يعلمون ، وان كثيرا من شيوخ أهل السنة ـ عفا الله عنهم ـ كانوا على هذه الوتيرة ، يكتمون كل ما كان من هذا القبيل ، ولهم في كتمانه مذهب معروف ، نقله عنهم الحافظ بن حجر في فتح الباري ، وعقد البخاري لهذا المعنى بابا في أواخر كتاب العلم من الجزء الاول من صحيحه فقال (4) : « باب من خص
____________
(1) احتج به البخاري ومسلم في صحيحهما ، كما بيناه عند ذكره في المراجعة 16 . ( منه قدس )
(2) احتج به البخاري ، كما أوضحناه عند ذكره في المراجعة 16 . ( منه قدس )
(3) هو عباد بن عبدالله بن الزبير بن العوام القرشي الاسدي ، احتج به البخاري ومسلم في صحيحيهما ، سمع اسماء وعائشة ، بنتي أبي بكر . وروى عنه في الصحيحين ابن أبي مليكة ، ومحمد بن جعفر بن الزبير ، وهشام بن عرة . ( منه قدس )
(4) في ص 25 . ( منه قدس )

( 462 و 463 ) روي عنهما في : صحيح البخاري ، صحيح مسلم .
( 311 )

بالعلم قوما دون قوم » ( 464 ) .
3 ـ ومن عرف سريرة البخاري تجاه أمير المؤمنين وسائر أهل البيت ، وعلم أن يراعته ترتاع من روائع نصوصهم ؛ وأن مداده ينضب عن بيان خصائصهم ، لا يستغرب إعراضه عن هذا الحديث وأمثاله ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، والسلام .
ش

المراجعة 23 14 ذي الحجة سنة 1329


1 ـ ايمانه بثبوت الحديث
2 ـ لا وجه للاحتجاج به مع عدم تواتره
3 ـ دلالته على الخلافة الخاصة .
4 ـ نسخه
1 ـ راجعت الحديث في ص 111 من الجزء الاول من مسند أحمد ، ونقبت عن رجال سنده ، فاذا هم ثقات أثبات حجج ، ثم بحثت عن سائر طرقه فإذا هي متضافرة متناصرة ، يؤيد بعضها بعضا ، وبذلك آمنت بثبوته .
2 ـ غير أنهم لا يحتجون ـ في إثبات الامامة ـ بالحديث إلا إذا كان متواترا ، لان الامامة عندكم من أصول الدين ، وهذا الحديث لا يمكن القول ببلوغه حد التواتر فلا وجه للاحتجاج به .
( 464 ) صحيح البخاري ك العلم ب من خص بالعلم ج 1 ص 41 ط دار الفكر .
( 312 )

3 ـ وقد يقال بأن الحديث إنما يدل على أن عليا خليفته صلى الله عليه وآله وسلم ، في أهل بيته خاصة ، فأين النص على الخلافة العامة ؟ (465 ) .
4 ـ وربما قيل بنسخ الحديث ، إذ أعرض النبي عن مفاده ، ولذا لم يكن وازعا للصحابة عن بيعة الخلفاء الثلاثة الراشدين ، رضي الله تعالى عنهم أجمعين .
س

( 465 ) النص على الخلافة العامة لعلي ( ع ) :
راجع : ترجمة الامام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر ج 1 ص 77 ح 124 و 126 و 249 و 139 و 140 ط 1 بيروت ، كفاية الطالب للكنجي الشافعي ص 187 ط الحيدرية وص 79 ط الغري ، المناقب للخوارزمي الحنفي ص 89 و 90 ط الحيدرية ، مناقب علي بن أبي طالب لابن المغازلي الشافعي ص 200 ح 238 و 313 ط 1 بطهران ، ذخائر العقبى ص 71 ط القدسي، شواهد التنزيل للحسكاني الحنفي ج 1 ص 206 ح 269 وص 157 ح 211 ط بيروت ، فرائد السمطين ج 1 ص 54 و 267 و 273 و 315 و 316 و 318 و 329 وج 2 ص 34 ح 371 وص 134 ح 431 وص 243 ح 517 الغدير للاميني ج 5 ص 365 ط بيروت .

( 313 )

المراجعة 24 15 ذي الحجة سنة 1329


1 ـ الوجه في احتجاجنا بهذا الحديث
2 ـ الخلافة الخاصة منفية بالاجماع
3 ـ النسخ هنا محال
1 ـ إن اهل السنة يحتجون في إثبات الامامة بكل حديث صحيح ، سواء كان متواترا او غير متواتر ( 466 ) ، فنحن نحتج عليهم بهذا لصحته من طريقهم ، إلزاما لهم بما ألزموا به أنفسهم، واما استدلالنا به على الامامة فيما بيننا ، فانما هو لتواتره من طريقنا كما لا يخفى ( 467 ) .
2 ـ ودعوى أنه إنما يدل على أن عليا خليفة رسول الله في أهل بيته خاصة ، مرودة بأن كل من قال بأن عليا خليفة رسول الله في أهل بيته ، قائل بخلافته العامة ، وكل من نفى خلافته العامة ، نفى خلافته الخاصة ، ولا قائل بالفصل ، فما هذه الفلسفة المخالفة لاجماع المسلمين ؟ .
( 466 ) الصواعق المحرقة ص 18 ط المحمدية .
( 467 ) حديث الدار من طريق الشيعة :
وهذا الحديث من المسلم صدوره من طرقهم فراجع : بحار الانوار للجملسي ج 18 ص 163 و 178 و 181 و 191 و 212 ط طهران الجديد ، البرهان في تفسير القرآن ج 3 ص 189 ـ 191 ، تفسير القمي ج 2 ص 124 ، إثبات الهداة للحر العاملي ج 3 ص 451 ، علل الشرايع للصدوق ص 170 ط الحيدرية . وغيرها من الكتب .

( 314 )

3 ـ وما نسيت فلا أنسى القول بنسخه ، وهو محال عقلا وشرعا ، لانه من النسخ قبل حضور زمن الابتلاء كما لا يخفى ، على أنه لا ناسخ هنا إلا ما زعمه من إعراض النبي عن مفاد الحديث ، وفيه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، لم يعرض عن ذلك ، بل كانت النصوص بعده متوالية متواترة ، يؤيد بعضها بعضا ، ولو فرض أن لا نص بعده أصلا ، فمن أين علم اعراض النبي عن مفاده ؛ وعدوله عن مؤداه ؟ ( إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الانفس ولقد جاء‌هم من ربهم الهدى ) ، والسلام .

ش
المراجعة 25 16 ذي الحجة سنة 1329


1 ـ إيمانه بهذا النص
2 ـ طلبه المزيد
1 ـ آمنت بمن نور بك الظلم ، وأوضح بك البهم ، وجعلك آية من آياته ، ومظهرا من مظاهر بيناته .
2 ـ فزدني منها لله أبوك زدني ، والسلام .

س
المراجعة 26 17 ذي الحجة سنة 1329


1 ـ نص صريح ببضع عشرة فضائل لعلي ليست لاحد غيره .
2 ـ توجيه الاستدلال به
1 ـ حسبك من النصوص بعد حديث الدار ، ما قد أخرجه الامام


( 315 )

أحمد في الجزء الاول من مسنده (1) ، والامام النسائي في خصائصه العلوية (2) ، والحاكم في الجزء 3 من صحيحه المستدرك (3) ، والذهبي في تلخيصه معترفا بصحته ، وغيرهم من أصحاب السنن بالطرق المجمع على صحتها ، عن عمرو بن ميمون ، قال : إني لجالس عند ابن عباس إذ أتاه تسعة رهط ، فقالوا : يا ابن عباس إما أن تقوم معنا ، وإما أن تخلو بنا من بين هؤلاء ، فقال ابن عباس : بل أنا أقوم معكم ، قال : وهو يومئذ صحيح قبل أن يعمى ، قال : فابتدؤوا ، فتحدثوا ، فلا ندري ما قالوا ، قال : فجاء ينفض ثوبه ويقول : أف وتف ، وقعوا في رجل له بضع عشرة فضائل ليست لاحد غيره ، وقعوا في رجل قال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم : لابعثن رجلا لا يخزيه الله أبدا ، يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ، فاستشرف لها من استشرف ، فقال : أين علي ؟ فجاء وهو أرمد لا يكاد أن يبصر ، فنفث في عينيه ثم هز الراية ثلاثا ، فأعطاها إياه ، فجاء علي بصفية بنت حيي ، قال ابن عباس : ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فلانا بسورة التوبة ، فبعث عليا خلفه ، فأخذها منه ، وقال : لا يذهب بها إلا رجل هو مني وأنا منه ، قال ابن عباس : وقال النبي صلى الله عليه ( وآله ) وسلم ، لبني عمه : أيكم يواليني في الدنيا والآخرة ؟ قال وعلي جالس معه فأبوا ، فقال علي : أنا أواليك في الدنيا والآخرة ، قال : أنت وليي في الدنيا والآخرة ، قال فتركه ؛ ثم قال : أيكم يواليني في الدنيا والآخرة ؟ فأبوا ، وقال علي : أنا أواليك في الدنيا
____________
(1) في آخر صفحة 330 . ( منه قدس )
(2) ص 6 . ( منه قدس )
(3) ص 123 . ( منه قدس )

( 316 )

والآخرة ، فقال لعلي ، أنت وليي في الدنيا والآخرة ، قال ابن عباس : وكان علي أول من آمن من الناس بعد خديجة ، قال : وأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثوبه ، فوضعه على علي وفاطمة وحسن وحسين ، وقال : ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) ، قال ، وشرى علي نفسه فلبس ثوب النبي ، ثم نام مكانه وكا المشركون يرمونه ، إلى أن قال : وخرج رسول الله في غزوة تبوك وخرج الناس معه ، فقال له علي : أخرج معك ؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم : لا . فبكى علي ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ، إلا أنه ليس بعدي نبي ، إنه لا ينبغي أن أذهب إلا وأنت خليفتي ، وقال له رسول الله : أنت ولي كل مؤمن بعدي ومؤمنة ، قال ابن عباس : وسد رسول الله أبواب المسجد غير باب علي ، فكان يدخل المسجد جنبا وهو طريقه ليس له طريق غيره ، قال : وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : من كنت مولاه ، فان مولاه علي ... الحديث ، قال الحاكم بعد إخراجه : هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه بهذه السياقة ، قلت : وأخرجه الذهبي في تلخيصه ، ثم قال : صحيح ( 468 ) .
( 468 ) عشر فضائل لعلي ليست لاحد غيره :
راجع : مستدرك الصحيحين للحاكم ج 3 ص 132 وصححه ، تلخيص المستدرك للذهبي وصححه مطبوع بذيل المستدرك ، مسند أحمد بن حنبل ج 5 ص 25 ح 3062 بسند صحيح ط دار المعارف بمصر ، خصائص أمير المؤمنين للنسائي الشافعي ص 61 ـ 64 ط الحيدرية وص 15 ط بيروت وص 8 ط التقدم بمصر وص 70 بتحقيق المحمودي ، ذخائر العقبى ص 87 ، كفاية الطالب
=

( 317 )

2 ـ ولا يخفى ما فيه من الادلة القاطعة ، والبراهين الساطعة ، على أن عليا ولي عهده ، وخليفته من بعده ، ألا ترى كيف جعله صلى الله عليه وآله وسلم ، وليه في الدنيا والآخرة ؟ آثره بذلك على سائر أرحامه ، وكيف أنزله منه منزلة هارون من موسى ، ولم يستثن من جميع المنازل إلا النبوة ، واستثناؤها دليل على العموم .
وأنت تعلم أن أظهر المنازل التي كانت لهارون من موسى وزارته له وشد أزره به ، واشتراكه معه في أمره ، وخلافته عنه ، وفرض طاعته على جميع أمته بدليل قوله ( واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي أشدد به أزري وأشركه في أمري ) ( 469 ) وقوله : ( اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين ) وقوله عز وعلا : ( قد أوتيت سؤلك يا
=
للكنجي الشافعي ص 240 ط الحيدرية وص 115 ط الغري ، المناقب للخوارزمي الحنفي ص 72 ، الاصابة لابن حجر العسقلاني ج 2 ص 509 ، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص 34 ط اسلامبول وص 38 ط الحيدرية وج 1 ص 33 ط العرفان ، ترجمة الامام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي ج 1 ص 183 ح 249 و 250 و 251 ، الرياض النضرة لمحب الدين الطبري الشافعي ج 2 ص 269 و 270 ط 2 ، أنساب الاشراف للبلاذري ج 2 ص 106 ح 43 ، فضائل الخمسة ج 1 ص 230 ، الغدير للاميني ج 1 ص 51 وج 3 ص 197 ، فرائد السمطين ج 1 ص 328 ح 255 .
( 469 ) سورة طه : 29 ؛ وزارة علي من رسول الله ( ص ) كوزارة هارون من موسى :
راجع : شواهد التنزيل للحسكاني الحنفي ج 1 ص 368 ح 510 و 511 و 512 و 513 ، مناقب علي بن أبي طالب لابن المغازلي الشافعي ص 328 ح 375 ط الاسلامية بطهران ، ترجمة الامام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي ج 1 ص 107 ح 147 .

( 318 )

موسى ) فعلي بحكم هذا النص خليفة رسول الله في قومه ، ووزيره في أهله ، وشريكه في أمره ـ على سبيل الخلافة عنه لا على سبيل النبوة ـ وأفضل أمته ، وأولاهم به حيا وميتا ، وله عليهم من فرض الطاعة زمن النبي ـ بوزارته له ـ مثل الذي كان لهارون على أمة موسى زمن موسى ، ومن سمع حديث المنزلة فانما يتبادر منه إلى ذهنه هذه المنازل كلها ، ولا يرتاب في إرادتها منه ، وقد أوضح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، الامر فجعله جليا بقوله : إنه لا ينبغي أن أذهب إلا وأنت خليفتي ، وهذا نص صريح في كونه خليفته ، بل نص جلي في أنه لو ذهب ولم يستخلفه كان قد فعل ما لا ينبغي أن يفعل ، وهذا ليس إلا لانه كان مأمورا من الله عزوجل باستخلافه ، كما ثبت في تفسير قوله تعالى : ( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وان لم تفعل فما بلغت رسالته ) ( 470 ) ومن تدبر قوله تعالى في هذه الآية : ( فما بلغت رسالته ) ثم امعن النظر في قول النبي صلى الله عليه وآله : انه لا ينبغي أن أذهب إلا وأنت خليفتي ، وجدهما يرميان إلى غرض واحد كما لا يخفى ، ولا تنس قوله ، صلى الله عليه وآله وسلم ، في هذا الحديث : أنت ولي كل مؤمن بعدي ، فانه نص في أنه ولي الامر وواليه والقائم مقامه فيه ، كما قال الكميت رحمه الله تعالى :

ونعم ولي الامر بعد وليه * ومنتجع التقوى ونعم المؤدب ( 471 )
والسلام
ش

( 470 ) نزلت هذه الآية في 18 من ذي الحجة في غدير خم بجعل الامام علي خليفة من بعد الرسول ( ص ) وسوف تأتي مع مصادرها تحت رقم ( 626 ) فراجع .
( 471 ) الهاشميات للكميت بن زيد الاسدي بشرح الرافعي ص 49 ط 2 شركة التمدن بمصر .

( 319 )

المراجعة 27 18 ذي الحجة سنة 1329


التشكيك في سند حديث المنزلة
حديث المنزلة صحيح مستفيض ، لكن المدقق الآمدي ـ وهو فحل الفحول في علم الاصول ـ شك في أسانيده ، وارتاب في طرقه ، وربما تشبث برأيه خصومكم ؛ فبماذا تستظهرون عليهم ؟ والسلام .
س

المراجعة 28 19 ذي الحجة سنة 1329


1 ـ حديث المنزلة من أثبت الآثار
2 ـ القرائن الحاكمة بذلك
3 ـ مخرجوه من أهل السنة
4 ـ السبب في تشكيك الآمدي
1 ـ ظلم الآمدي ـ بهذا التشكيك ـ نفسه ، فإن حديث المنزلة من أصح السنن وأثبت الآثار .
2 ـ لم يختلج في صحة سنده ريب ، ولا سنح في خواطر أحد أن يناقش في ثبوته ببنت شفة ، حتى ان الذهبي ـ على تعنته ـ صرح في تلخيص المستدرك بصحته (1) ، وابن حجر الهيثمي ـ على محاربته
____________
(1) سمعت في المراجعة 26 تصريحه بصحته . ( منه قدس )
( 320 )

بصواعقه ـ ذكر الحديث في الشبهة 12 من الصواعق ، فنقل القول بصحته عن أئمة الحديث الذين لا معول فيه إلا عليهم ، فراجع (1) ( 472 ) . ولولا أن الحديث بمثابة من الثبوت ، ما أخرجه البخاري في كتابه ، فإن الرجل يغتصب نفسه عند خصائص علي وفضائل أهل البيت اغتصابا .
ومعاوية كان إمام الفئة الباغية ، ناصب أمير المؤمنين وحاربه ، ولعنه على منابر المسلمين ، وأمرهم بلعنه ، لكنه ـ بالرغم عن وقاحته في عدوانه ـ لم يجحد حديث المنزلة ، ولا كابر فيه سعد بن أبي وقاص حين قال له ـ فيما أخرجه مسلم (2) ـ : « ما منعك أن تسب أبا تراب ؟ فقال : أما ما ذكرت ثلاثا قالهن له رسول الله ، فلن أسبه ، لان تكون لي واحدة منها أحب إلي من حمر النعم ، سمعت رسول الله يقول له وقد خلفه في بعض مغازيه : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبوة بعدي ... الحديث (3) ( 473 ) . فأبلس معاوية ، وكف عن تكليف سعد .
____________
(1) ص 29 من الصواعق . ( منه قدس )
(2) في باب فضائل علي أول ص 324 من الجزء الثاني من صحيحه . ( منه قدس )
(3) وأخرجه الحاكم أيضا في أول ص 109 من الجزء الثالث من المستدرك ، وصححه على شرط الشيخين . وأورده الذهبي في تلخيصه معترفا بصحته على شرط مسلم . ( منه قدس )

( 472 ) الصواعق المحرقة ص 47 ط المحمدية بمصر .
( 473 ) حديث المنزلة برواية سعد :
راجع : ترجمة الامام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي ج 1 ص 206 ح 271 و 272 ، صحيح مسلم ك الفضائل ب من فضائل علي بن
=

( 321 )

أزيدك على هذا كله أن معاوية نفسه حدث بحديث المنزلة ، قال ابن حجر في صواعقه (1) : أخرج أحمد أن رجلا سأل معاوية عن مسألة ، فقال : سل عنها عليا فهو أعلم ، قال : جوابك فيها أحب إلي من جواب علي ، قال : بئس ما قلت ! لقد كرهت رجلا كان رسول الله يغره بالعلم غرا ، ولقد قال له : أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ، وكان عمر إذا أشكل عليه شيء أخذ منه ...إلى آخر كلامه (2) ( 474 ) وبالجملة فان حديث المنزلة مما لا ريب في ثبوته باجماع المسلمين على اختلافهم في المذاهب والمشارب .
____________
(1) أثناء المقاصد الخامس من المقاشد التي أوردها في الآية الرابعة عشر من الباب 11 ص 107 من الصواعق . ( منه قدس )
(2) حيث قال وأخرجه آخرون ( قال ) ولكن زاد بعضهم ، قم لا اقام الله رجليك ، ومحا اسمه من الديوان إلى آخر ما نقله في ص 107 من صواعقه مما يدل على ان جماعة من الحدثين غير احمد أخرجوا حديث المنزلة بالاسناد إلى معاوية . ( منه قدس )

=
أبي طالب ج 2 ص 360 ، خصائص أمير المؤمنين للنسائي الشافعي ص 48 و 81 ط الحيدرية وص106 ج45 و46 و47 و48 و61 ط بيروت بحقيق المحمودي ، نظم درر السمطين للزرندي الحنفي ص 107 ، كفاية الطالب للكنجي الشافعي ص 84 ـ 86 ط الحيدرية وص 28 ط الغري ، المناقب للخوارزمي الحنفي ص 59 ، صحيح الترمذي ج 5 ص 301 ح 3808 ، أسد الغابة ج 4 ص 25 ـ 26 ، الاصابة لابن حجر ج 2 ص 509 ، جامع الاصول لابن الاثير ج 9 ص 469 ، الرياض النضرة ج 2 ص 247 ، فرائد السمطين ج 1 ص 378 ح 307 ، الغدير ج 10 ص 257 .
( 474 ) حديث المنزلة برواية معاوية :

( 322 )

3 ـ وقد أخرجه صاحب الجمع بين الصحاح الستة (1) .وصاحب الجمع بين الصحيحين (2) ، وهو موجود في غزوة تبوك من صحيح البخاري(3) . وفي باب فضائل علي من صحيح مسلم(4) . وفي باب فضائل أصحاب النبي من سنن ابن ماجة (5). وفي مناقب علي من مستدرك الحاكم(6) . وأخرجه الامام أحمد بن حنبل في مسنده من حديث سعد بطرق إليه كثيرة(7) . ورواه في المسند أيضا من حديث كل من :
____________
(1) في مناقب علي . ( منه قدس )
(2) في فضائل علي وفي غزوة تبوك . ( منه قدس )
(3) في ص 58 من جزئه الثالث . ( منه قدس )
(4) ص 323 من جزئه الثاني . ( منه قدس )
(5) في ص 28 من جزئه الاول ، حيث يذكر فضل علي . ( منه قدس )
(6) في أول ص 109 من جزئه 3 وفي اماكن أخر ، يعرفها المتتبعون . ( منه قدس )
(7) راجع ص 173 وص 175 وص 177 وص 179 وص 182 وص 185 ، تصفح هذه الصحائف كلها من الجزء الاول من المسند . ( منه قدس )

راجع شواهد التنزيل للحسكاني الحنفي ج 2 ص 21 ، مناقب علي بن أبي طالب لابن المغازلي الشافعي ص 34 ح 52 ط 1 بطهران ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 18 ص 24 ط مصر بتحقيق محمد أبوالفضل ، الصواعق المحرقة لابن حجر ص 177 ط المحمدية ، فرائد السمطين ج 1 ص 371 ح 302 ، ترجمة الامام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر ج 1 ص 339 ح 410 و 411 ط 1 وص 369 ح 410 و 411 ط 2 بيروت .
( 323 )

ابن عباس (1) . وأسماء بنت عميس (2) . وأبي سعيد الخدري (3) . ومعاوية بن أبي سفيان (4) وجماعة آخرين من الصحابة . وأخرجه الطبراني من حديث كل من : اسماء بنت عميس ، وام سلمة ، وحبيش بن جنادة ، وابن عمر ، وابن عباس ، وجابر بن سمرة ، وزيد بن أرقم ، والبراء بن عازب ، وعلي بن أبي طالب (5) . وغيرهم . وأخرجه البزار في مسنده (6) ، والترمذي في صحيحه (7) ، من حديث أبي سعيد الخدري . وأورده ابن عبدالبر في أحوال علي من الاستيعاب ، ثم قال ما هذا نصه : وهو من أثبت الآثار وأصحها ، رواه عن النبي سعد بن أبي وقاص ، ( قال ) وطرق حديث سعد فيه كثيرة جدا ، ذكرها ابن أبي خيثمة وغيره ، ( قال ) ورواه ابن عباس ، وأبوسعيد الخدري ، وام سلمة ، واسماء بنت
____________
(1) راجع ص 331 من الجزء الاول من المسند . ( منه قدس )
(2) في ص 369 وفي ص 438 من الجزء السادس من المسند . ( منه قدس )
(3) في ص 32 من الجزء الثالث من المسند . ( منه قدس )
(4) كما ذكرناه في صدر هذه المراجعة نقلا عن المقصد الخامس من مقاصد الآية 14 من آيات الباب 11 من الصواعق المحرقة ص 107 . ( منه قدس )
(5) كما نص عليه ابن حجر في الحديث الاول من الاربعين التي أوردها في الفصل الثاني من الباب 9 ص 72 من صواعقه .وذكر السيوطي في أحوال علي من تاريخ الخلفاء : أن الطبراني أخرج هذا الحديث عن هؤلاء كلهم ، وزاد اسماء بنت قيس . ( منه قدس )
(6) كما نص عليه السيوطي في أحوال علي من تاريخ الخلفاء ص 65 . ( منه قدس )
(7) كما يدل عليه الحديث 2504 من أحاديث الكنز في ص 152 من جزئه السادس . ( منه قدس )

( 324 )

عميس ، وجابر بن عبدالله ، وجماعة يطول ذكرهم ، هذا كلام ابن عبدالبر . وكل من تعرض لغزوة تبوك من المحدثين وأهل السير والاخبار ، نقلوا هذا الحديث ، ونقله كل من ترجم عليا من أهل المعاجم في الرجال من المتقدمين والمتأخرين على اختلاف مشاربهم ومذاهبهم ، ورواه كل من كتب في مناقب أهل البيت ، وفضائل الصحابة من الائمة ، كأحمد بن حنبل ، وغيره ممن كان قبله أو جاء بعده ، وهو من الاحاديث المسلمة في كل خلف من هذه الامة ( 475 ) .
حديث المنزلة :

( 475 ) قول الرسول ( ص ) لعلي ( ع ) : « أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي » وغيره من الالفاظ . وهذا الحديث من الاحاديث المتواترة فقد رواه جماعة كثيرة من الصحابة منهم :
سعد بن أبي وقاص ، معاوية ، حبشي بن جنادة ، جابر ، أبوسعيد الخدري ، سعد بن مالك ، أسماء بنت عميس ، هبد الله بن عمر ، ابن أبي ليلى ، مالك بن الحويرث ، علي بن أبي طالب ، عمر بن الخطاب ، عبد الله بن عباس ، أم سلمة ، عبدالله بن مسعود ، أنس بن مالك ، زيد بن أرقم ، أبوأيوب ، أبو بردة ، جابر بن سمرة ، البراء ، أبوهريرة ، زيد بن أبي أوفى ، نبيط بن شريط ، فاطمة بنت حمزة .
وهذا الحديث يوجد في : صحيح البخاري ك المغزي ب غزوة تبوك ج 5 ص 129 ط دار الفكر وج 3 ص 63 ط الخيرية وج 6 ص 3 ط مطابع الشعب وج 3 ص 86 ط دار احياء الكتب وج 3 ص 58 ط المعاهد وج 3 ص 61 ط الشرفية وج 6 ص 3 ط محمد علي صبيح وج 6 ص 3 ط الفجالة وج 3 ص 54 ط الميمنية وج 5 ص 37 ط بمبي ، صحيح مسلم ك الفضائل ب من فضائل علي بن أبي طالب ج 2 ص 360 ط عيسى الحلبي وج 7 ص 120 ط محمد علي صبيح ، صحيح الترمذي ج 5 ص 301 ح 3808 وصححه وح 3813 وصححه
=

( 325 )


=
وح 3814 وحسنه ط دار الفكر ، مسند أحمد بن حنبل ج 3 ص 50 ح 1490 بسند صحيح وص 56 ح 1505 بسند صحيح وص 57 ح 1509 بسند صحيح وص 66 ح 1532 بسند صحيح وص 74 ح 1547 بسند صحيح وص 88 ح 1583 بسند صحيح وص 94 ح 1600 بسند حسن وص 97 ح 1608 بسند صحيح وج 5 ص 25 ح 3062 بسند صحيح ط دار المعارف بمصر ، سنن ابن ماجة ج 1 ص 42 ح 115 و 121 ط دار احياء الكتب ، صحيح البخاري ك بدء الخلق ب مناقب علي بن أبي طالب ج 4 ص 208 ط دار الفكر وج 5 ص 19 ط الاميرية وج 4 ص 71 ط بمبي ، المستدرك للحاكم ج 3 ص 109 وج 2 ص 337 وصححه ، تاريخ الطبري ج 3 ص 104 ، ترجمة الامام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي ج 1 ص حديث : 30 و 125 و 148 و 149 و 150 و 251 و 271 و 272 و 273 و 274 و 276 و 277 و 278 و 279 و 280 و 281 و 329 و 330 و 336 و 337 و 338 و 339 و 340 و 341 و 342 و 343 و 344 و 345 و 346 و 347 و 348 و 349 و 350 و 351 و 352 و 353 و 354 و 355 و 356 و 357 و 358 و 359 و 360 و 361 و 362 و 363 و 364 و 365 و 366 و 367 و 368 و 369 و 370 و 371 و 372 و 373 و 374 و 375 و 376 و 377 و 378 و 379 و 380 و 381 و 382 و 383 و 384 و 385 و 386 و 387 و 388 و 389 و 390 و 391 و 392 و 393 و 394 و 396 و 397 و 398 و 399 و 400 و 401 و 402 و 403 و 404 و 405 و 406 و 407 و 408 و 409 و 410 و 411 و 412 و 413 و 414 و 415 و 416 و 417 و 418 و 419 و 420 و 421 و 422 و 423 و 424 و 425 و 426 و 427 و 428 و 429 و 430 و 431 و 432 433 و 434 و 435 و 436 و 437 و 438 و 439 و 440 و 441 و 442 و 443 و 444 و 445 و 446 و 447 و 448 و 449 و 450 و 451 و 452 و 453 و 454 و 455 و 456 ط بيروت ، أنساب الاشراف للبلاذري ج 2 ص 106 ح 43 وص 92 ح 8 و 15 و 16 و 17 و 18 ، الاصابة لابن حجر ج 2 ص 507 و 509 ، الاستيعاب بهامش الاصابة
=

( 326 )


=
ج 3 ص 34 و 35 ، خصائص أمير المؤمنين للنسائي الشافعي ص 76 و 77 و 78 و 79 و 80 و 81 و 82 و 83 و 84 و 85 ط الحيدرية ، مناقب علي بن أبي طالب لابن المغازلي الشافعي ص 27 ح 40 و 41 و 42 و 43 و 44 و 45 و 46 و 47 و 48 و 49 و 50 و 51 و 52 و 53 و 54 و 55 و 56 و 303 ط 1 بطهران ، حلية الاولياء ج 7 ص 194 وصححه وص 195 و 196 و 197 وصححه ، المناقب للخوارزمي الحنفي ص 60 و 74 و 83 و 84 و 86 و 130 و 76 و 19 و 24 و 214 ، ذخائر العقبى ص 63 و 64 و 69 و 87 ، تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 168 ، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص 35 و 44 و 49 و 50 و 51 و 56 و 57 و 63 و 80 و 86 و 88 و 114 و 130 و 176 و 182 و 185 و 204 و 220 و 234 و 254 و 408 و 496 ط اسلامبول ، أُسد الغابة ج 2 ص 8 وج 4 ص 26 و 27 ، نظم درر السمطين للزرندي الحنفي ص 95 و 107 ، كفاية الطالب للكنجي الشافعي ص 281 و 282 و 283 و 284 و 285 و 287 ط الحيدرية وص 148 و 149 و 150 و 151 و 153 ط الغري ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 2 ص 495 و 575 وج 3 ص 255 وج 4 ص 220 ط 1 بمصر وج 9 ص 305 وج 10 ص 222 وج 13 ص 211 وج 18 ص 24 ط مصر بتحقيق محمد أبوالفضل ، تذكرة الخواص للسبط بن الجوزي الحنفي ص 18 و 19 و 20 و 23 ، الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي ص 21 و 22 و 110 ، شواهد التنزيل للحسكاني الحنفي ج 1 ص 150 ح 204 و 205 ، مقتل الحسين للخوارزمي الحنفي ج 1 ص 48 و 49 ، اسعاف الراغبين بهامش نور الابصار ص 148 و 149 ط السعيدية وص 134 و 136 ط العثمانية ، المعجم الصغير للطبراني ج 2 ص 22 و 54 ، مجمع الزوائد ج 9 ص 109 و 110 و 111 و 119 ، الرياض النضرة ج 2 ص 214 و 215 و 216 و 248 ط 2 ، كنز العمال ج 15 ص 139 ح 403 و 404 و 410 و 411 و 432 و 487 ط 2 ، مرآة الجنان لليافعي ج 1 ص 109 وصححه ط بيروت ، العقد الفريد لابن عبد ربه ج 4 ص 311 وج 5 ص 100 ط لجنة التأليف بمصر وج 2 ص 279 وج 3 ص 48 ط العثمانية ، مصابيح السنة للبغوي
=

( 327 )

فلا عبرة بتشكي الآمدي في سنده فإنه ليس من علم الحديث في شيء ، وحكمه في معرفة الاسانيد والطرق حكم العوام لا يفقهون حديثا ، وتبحره في علم الاصول هو الذي أوقعه في هذه الورطة ، حيث رآه بمقتضى الاصول نصا صريحا لا يمكن التخلص منه إلا بالتشكيك في سنده ، ظنا منه أن هذا من الممكن . وهيهات هيهات ذلك ، والسلام .

ش
المراجعة 29 20 ذي الحجة سنة 1329


1 ـ التصديق بما قلناه في سند الحديث
2 ـ التشكيك في عمومه
3 ـ الشك في حجيته
1 ـ كل ما ذكرتموه في ثبوت الحديث ـ حديث المنزلة ـ حق لا ريب فيه مطلقا ، والآمدي عثر فيه عثرة دلت على بعده عن علم الحديث وأهله ، وقد أزعجناك بذكر رأيه فأحوجناك إلى توضيح الواضحات ، وتلك خطيئة نستغفرك منها وأنت أهل لذلك .
=
ج 2 ص 275 وصححه ط محمد علي صبيح ، الفتح الكبير للنبهاني ج 1 ص 277 وج 3 ص 398 ، جامع الاصول لابن الاثير ج 9 ص 468 و 469 ، مشكاة المصابيح ج 3 ص 242 ، الجامع الصغير للسيوطي ج 2 ص 56 ، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج 5 ص 31 و 53 و 55 ، احقاق الحق ج 5 ص 133 ـ 234 ط 1 بطهران ، فرائد السمطين ج 1 ص 122 و 123 و 124 و 126 و 127 و 317 و 329 وغيرها من عشرات الكتب .

( 328 )

2 ـ وقد بلغني أن غير الآمدي من خصومكم ، يزعم أن لا عموم في حديث المنزلة وانه خاص بمورده ، واستدل بسياق الحديث ، وسببه لانه إنما قاله لعلي حين استخلفه على المدينة في غزوة تبوك ، فقال له الامام رضي الله عنه : أتخلفني في النساء والصبيان ؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ، إلا انه لا نبي بعدي ، وكأنه صلى الله عليه وآله ، أراد كونه منه بمنزلة هارون من موسى حيث استخلفه في قومه عند توجهه إلى الطور ، فيكون المقصود أنت مني أيام غزوة تبوك ، بمنزلة هارون من موسى أيام غيبته في مناجاة ربه .
3 ـ وربما قالوا : ان الحديث غير حجة وان كان عاما لكونه مخصوصا ، والعام المخصوص غير حجة في الباقي ، والسلام

س
المراجعة 30 22 ذي الحجة سنة 1329


1 ـ أهل الضاد يحكمون بعموم الحديث
2 ـ تزييف القول باختصاصه
3 ـ ابطال القول بعدم حجيته
1 ـ نحن نوكل الجواب عن قولهم بعدم عموم الحديث إلى أهل اللسان والعرف العربيين ، وأنت حجة العرب لا تدافع ، ولا تنازع ، فهل ترى أمتك ـ أهل الضاد ـ يرتابون في عموم المنزلة من هذا الحديث .كلا
( 329 )

وحاشا مثلك أن يرتاب في عموم اسم الجنس المضاف وشموله لجميع مصاديقه ، فلو قلت : منحتكم انصافي مثلا ، أيكون انصافك هذا خاصا ببعض الامور دون بعض ، أم عاما شاملا لجميع مصاديقه ؟ معاذ الله أن تراه غير عام ، أو يتبادر منه إلا الاستغراق ، ولو قال خليفة المسلمين لاحد أوليائه : جعلت لك ولايتي على الناس ، أو منزلتي منهم ، أو منصبي فيهم، أو ملكي ؛ فهل يتبادر إلى الذهن غير العموم ؟ وهل يكون مدعي التخصيص ببعض الشؤون دون بعض ، إلا مخالفا مجازفا ؟ ولو قال لاحد وزرائه : لك في أيامي منزلة عمر في أيام أبي بكر إلا انك لست بصحابي ، أكان هذا بنظر العرف خاصا ببعض المنازل أم عاما ؟ ما أراك والله تراه إلا عاما ، ولا أرتاب في أنك قائل بعموم المنزلة في قوله صلى الله عليه وآله وسلم : « أنت مني بمنزلة هارون من موسى » ، قياسا على نظائره في العرف واللغة ، ولا سيما بعد استثناء النبوة فانه يجعله نصا في العموم ، والعرب ببابك ، فسلها عن ذلك .
2 ـ أما قول الخصم بأن الحديث خاص بمورده فمردود من وجهين .
الوجه الاول : ان الحديث في نفسه عام كما علمت ، فمورده ـ لو سلمنا كونه خاصا ـ لا يخرجه عن العموم ، لان المورد لا يخصص الوارد كما هو مقرر في محله ؛ ألا ترى لو رأيت الجنب يمس آية الكرسي مثلا ، فقلت له : لا يمسن آيات القرآن محدث ؛ أيكون هذا خاصا بمورده ، أم عاما شاملا لجميع آيات القرآن ولكل محدث ؟ ما أظن أحدا يفهم كونه خاصا بمس الجنب بخصوصه لآية الكرسي بالخصوص ، ولو رأى الطبيب مريضا يأكل التمر ، فنهاه عن أكل الحلو ، أيكون في نظر العرف خاصا بمورده ، أم عاما


( 330 )

شاملا لكل مصاديق الحلو ؟ ما أرى والله القائل بكونه خاصا بمورده إلا في منتزح عن الاصول ، بعيدا عن قواعد اللغة ، نائيا عن الفهم العرفي ، أجنبيا عن عالمنا كله ، وكذا القائل بتخصيص العموم في حديث المنزلة بمورده من غزوة تبوك لا فرق بينهما أصلا .
الوجه الثاني : ان الحديث لم تنحصر موارده باستخلاف علي على المدينة في غزوة تبوك ليتشبث الخصم بتخصيصه به ، وصحاحنا المتواترة عن أئمة العترة الطاهرة تثبت وروده في موارد اخر ( 476 ) فليراجعها
( 476 ) حديث المنزلة في غير غزوة تبوك من طريق الشيعة :
1 ـ يوم تسمية الحسن باسمه : كما في علل الشرايع للصدوق ص 137 و 138 .
2 ـ حديث ( لحمه من لحمي ) : يشتمل على حديث المنزلة كما في : بحار الانوار للمجلسي ج 37 ص 254 و 257 ط الجديد ، أمالي الطوسي ج 1 ص 49 ، إثبات الهداة للحر العاملي ج 3 باب ـ 10 ـ ح 376 ط طهران .
3 ـ في حجة الوداع : كما في بحار الانوار ج 37 ص 256 ط الجديد .
4 ـ في منى : كما في بحار الانوار ج 37 ص 260 ط الجديد .
5 ـ في يوم غدير خم : كما في بحار الانوار ج 37 ص 206 ط الجديد ، تفسير العياشي ج 1 ص 332 ح 153 ط قم .
6 ـ في يوم المؤاخاة : كما في بحار الانوار ج 38 ص 334 ح 7 و 11 و 18 ط الجديد ، إثبات الهداة للحر العاملي ج 3 باب ـ 10 ـ ح 619 و 761 .
7 ـ يوم المباهلة : كما في بحار الانوار ج 38 ص 43 ح 18 ط الجديد .
8 ـ عند الرجوع بغنائم خيبر : اثبات الهداة ج 3 باب ـ 10 ـ ح 243 ط طهران ، أمالي الصدوق ص 85 .
9 ـ يوم كان يمشي مع النبي : اثبات الهداة ج 3 باب ـ 10 ـ ح 108 .

( 331 )

الباحثون ، وسنن أهل السنة تشهد بذلك ( 477 ) كما يعلمه المتتبعون ، فقول المعترض بأن سياق الحديث دال على تخصيصه بغزوة تبوك مما لا وجه له اذن ، كما لا يخفى .
3 ـ اما قولهم بأن العام المخصوص ليس بحجة في الباقي ، فغلط واضح ، وخطأ فاضح ، وهل يقول به في مثل حديثنا إلا من يعتنف الامور ، فيكون منها على غماء ، كراكب عشواء ، في ليلة ظلماء ، نعوذ بالله من الجهل ، والحمد لله على العافية ، ان تخصيص العام لا يخرجه عن الحجية في الباقي إذا لم يكن المخصص مجملا ، ولا سيما إذا كان متصلا كما في حديثنا ، فإن المولى إذا قال لعبده : أكرم اليوم كل من زارني إلا زيدا ، ثم ترك العبد إكرام غير زيد ممن زار مولاه يعد في العرف عاصيا ، ويلومه العقلاء ، ويحكمون عليه باستحقاق الذم ، والعقوبة على قدر ما تستوجبه هذه المعصية عقلا أو شرعا ، ولا يصغي أحد من أهل العرف إلى عذره لو اعتذر بتخصيص هذا العام ، بل يكون عذره أقبح عندهم من ذنبه ، وهذا ليس إلا لظهور العام ـ بعد تخصيصه ـ في الباقي ، كما لا يخفى ، وأنت تعلم ان سيرة المسلمين وغيرهم مستمرة على الاحتجاج بالعمومات المخصصة بلا نكير ، وقد مضى الخلف على ذلك والسلف من الصحابة والتابعين لهم بإحسان ، وتابعي التابعين وتابعيهم إلى الآن ، ولا سيما أئمة أهل البيت وسائر أئمة المسلمين ، وهذا مما لا ريب فيه ، وحسبك به دليلا على حجية العام المخصوص ، ولولا أنه حجة لانسد على الائمة الاربعة وغيرهم من المجتهدين باب العلم بالاحكام الشرعية الفرعية عن أدلتها التفصيلية ، فإن رحى العلم
( 477 ) كما سوف يأتي في المراجعة التالية .
( 332 )
بذلك تدور على العمل بالعمومات ، وما من عام إلا وقد خص ، فإذا سقطت العمومات ارتج باب العلم ، نعوذ بالله ، والسلام .

ش
المراجعة 31 22 ذي الحجة سنة 1329


التماس موارد هذا الحديث
لم تأت بما يثبت ورود الحديث في غير تبوك ، وما أشوقني إلى الورود على سائر موارده العذبة ، فهل لك أن توردني مناهله ، والسلام .

س
المراجعة 32 24 ذي الحجة سنة 1329


1 ـ من موارده زيارة أم سليم
2 ـ قضية بنت حمزة
3 ـ اتكاؤه على علي
4 ـ المؤاخاة الاولى
5 ـ المؤاخاة الثانية
6 ـ سد الابواب
7 ـ النبي يصور عليا وهارون كالفرقدين
1 ـ من موارده يوم حدث صلى الله عليه وآله وسلم ام سليم (1) ،
____________
(1) هي بنت ملحان بن خالد الانصارية ، وأخت حرام بن ملحان ، استشهد أبوها وأخوها بين يدي النبي صلى الله عليه وآله ، وكانت على
=

( 333 )

، وكانت من أهل السوابق والحجى ، ولها المكانة من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، بسابقتها واخلاصها ونصحها ، وحسن بلائها ، وكان
____________
=
جانب من الفضل والعقل ، روت عن النبي احاديث ، وروى عنها ابنها انس ، وابن عباس ، وزيد بن ثابت ، وأبوسلمة بن عبدالرحمن ، وآخرون ؛ تعد في أهل السوابق ، وهي من الدعاة إلى الاسلام ، كانت في الجاهلية تحت مالك ابن النضر ، فأولدها أنس بن مالك ، فلما جاء الله بالاسلام كانت في السابقين اليه ، ودعت مالكا زوجها إلى الله ورسوله ، فأبى أن يسلم ، فهجرته ، فخرج مغاضبا إلى الشام ، فهلك كافرا ، وقد نصحت لابنها انس إذ أمرته وهو ابن عشر سنين أن يخدم النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فقبله النبي إكراما لها ، وخطبها أشراف العرب ، فكانت تقول : لا أتزوج حتى يبلغ أنس ويجلس مجلس الرجال ، فكان انس يقول : « جزى الله امي خيرا أحسنت ولايتي » ، وقد اسلم على يدها ابوطلحة الانصاري إذ خطبها وهو كافر ، فأبت ان تتزوجه او يسلم ، فأسلم بدعوتها وكان صداقها منه إسلامه ، أولدها أبوطلحة ولدا فمرض ومات ، فقالت : لا يذكرن احد موته لابيه قبلي ، فلما جاء وسأل عن ولده قالت : هو اسكن ما كان ، فظن انه نائم ، فقدمت له الطعام فتعشى ، ثم تزينت له وتطيبت فنام معها وأصاب منها ، فلما اصبح قالت له : احتسب ـ ولدك فذكر ابوطلحة قصتها لرسول الله فقال : بارك الله لكما في ليلتكما ، قالت : ودعا لي صلى الله عليه وآله ، حتى ما اريد زيادة ؛ وعلقت في تلك الليلة بعبد الله بن ابي طلحة فبارك الله فيه ، وهو والد اسحاق بن عبدالله بن أبي طلحة الفقيه ، واخوته وكانوا عشرة كلهم من حملة العلم ، وكانت ام سليم تغزو مع النبي ، وكان معها يوم أحد خنجر لتبقر به بطن من دنا اليها من المشركين ، وكانت من أحسن النساء بلاء في الاسلام ، ولا أعرف امرأة سواها كان النبي يزورها في بيتها فتتحفه . وكانت مستبصرة بشأن عترته ، عارفة بحقهم عليهم السلام . ( منه قدس )

( 334 )

النبي يزورها ويحدثها في بيتها ، فقال لها في بعض الايام : يا ام سليم ان عليا لحمه من لحمي ، ودمه من دمي ، وهو مني بمنزلة هارون من موسى . اهـ (1) . وقد لا يخفى عليك ان هذا الحديث كان اقتضابا من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، غير مسبب عن شيء إلا البلاغ والنصح لله تعالى في بيان منزلة ولي عهده ، والقائم مقامه من بعده ، فلا يمكن أن يكون مخصصا بغزوة تبوك ( 478 ) .
2 ـ ومثله الحديث الوارد في قضية بنت حمزة حين اختصم فيها علي وجعفر وزيد ، فقال رسول الله ( ص ) : « يا علي أنت مني بمنزلة هارون ...الحديث (2) »( 479 ) .
____________
(1) هذا الحديث ـ أعني حديث ام سليم ـ هو الحديث 2554 من احاديث الكنز في ص 154 من جزئه السادس ، وهو موجود في منتخب الكنز أيضا فراجع السطر الاخير من هامش ص 31 من الجزء الخامس من مسند احمد ، تجده بلفظه . ( منه قدس )
(2) أخرجه الامام النسائي ص 19 من الخصائص العلوية . ( منه قدس )

( 478 ) حديث المنزلة في غير غزوة تبوك من طريق السنة :
1 ـ في حديث أم سلمة ( لحمه من لحمي ) :
راجع : ترجمة الامام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي ج 1 ص 78 ح 125 و 406 ، المناقب للخوارزمي الحنفي ص 86 ، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص 50 و 55 و 129 ط اسلامبول ، مجمع الزوائد ج 9 ص 111 ، كفاية الطالب للكنجي الشافعي ص 168 ط الحيدرية وص 70 ط الغري ، ميزان الاعتدال ج 2 ص 3 ، فرائد السمطين ج 1 ص 150 .
( 479 ) 2 ـ في قضية بنت حمزة :
=

( 335 )

3 ـ وكذا الحديث الوارد يوم كان أبوبكر وعمر وأبوعبيدة بن الجراح عند النبي ، وهو ( ص ) متكئ على علي ، فضرب بيده على منكبه ثم قال : « يا علي أنت أول المؤمنين إيمانا ، وأولهم إسلاما وأنت مني بمنزلة هارون من موسى ...» الحديث (1) ( 480 ) .
4 ـ والاحاديث الواردة يوم المؤاخاة الاولى ، وكانت في مكة قبل الهجرة حيث آخى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، بين المهاجرين خاصة .
5 ـ ويوم المؤاخاة الثانية ، وكانت في المدينة بعد الهجرة بخمسة
____________
(1) اخرجه الحسن بن بدر ، والحاكم في الكنى ، والشيرازي في الالقاب ، وابن النجار ، وهو الحديث 6029 والحديث 6032 من أحاديث الكنز ص 395 ، من جزئه السادس . ( منه قدس )
=
راجع : خصائص أمير المؤمنين للنسائي الشافعي ص 88 ط الحيدرية ، ترجمة الامام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي ج 1 ص 338 ح 409 .
( 480 ) 3 ـ في حديث اتكاء الرسول ( ص ) على علي ( ع ) :
راجع : كنز العمال ج 15 ص 108 ح 307 ط 2 .
4 ـ في يوم ضرب النبي ( ص ) على منكب علي ( ع ) :
راجع : ترجمة الامام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي ج 1 ص 321 ح 401 ، المناقب للخوارزمي الحنفي ص 19 ، الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي ص 110 ، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص 202 ط اسلامبول وص 239 ط الحيدرية ، كنز العمال ج 15 ص 109 ح 310 ط 2 ، الرياض النضرة ج 2 ص 207 و 215 ط 2

( 336 )

أشهر ، حيث آخى بين المهاجرين والانصار وفي كلتا المرتين يصطفي لنفسه منهم عليا ، فيتخذه من دونهم أخاه (1) ، تفضيلا له على من سواه ويقول له : « أنت مني بمنزلة هارون بن موسى ، إلا انه لا نبي بعدي » . والاخبار في ذلك متواترة من طريق العترة الطاهرة ( 481 ) ، وحسبك مما جاء من طريق غيرهم في المؤاخاة الاولى ، حديث زيد بن أبي أوفى ، وقد أخرجه الامام أحمد بن حنبل في كتاب مناقب علي ، وابن عساكر في تاريخه (2) ، والبغوي والطبراني في مجمعيهما ، والبارودي في المعرفة ، وابن عدي (3) ، وغيرهم ، والحديث طويل قد اشتمل على كيفية
____________
(1) قال ابن عبدالبر في ترجمة علي من الاستيعاب : آخى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، بين المهاجرين ، ثم آخى بين المهاجرين والانصار ، وقال في كل واحدة منهما لعلي : أنت أخي في الدنيا والاخرة ، ( قال ) : وآخى بينه وبين نفسه . اهـ . قلت : والتفصيل في كتب السير والاخبار ، فلاحظ تفصيل المؤاخاة الاولى في ص 26 من الجزء الثاني من السيرة الحلبية . وراجع المؤاخاة الثانية في ص 120 من الجزء الثاني من السيرة الحلبية أيضا تجد تفضيل علي في كلتا المرتين بمؤاخاة النبي له على من سواه وفي السيرة الدحلانية من تفصيل المؤاخاة الاولى ، والمؤاخاة الثانية ، ما في السيرة الحلبية ، وقد صرح بأن المؤاخاة الثانية كانت بعد الهجرة بخمسة أشهر . ( منه قدس )
(2) نقله عن كل من أحمد وابن عساكر جماعة من الثقات ، احدهم المتقي الهندي ، فراجع من كنزه الحديث 918 في اوائل صفحة 40 من جزئه الخامس . ونقله في ص 390 من جزئه السادس عن أحمد في كتابه ـ مناقب علي ـ وجعله الحديث 5972 ، فراجع . ( منه قدس )
(3) نقله عن كل من هؤلاء الائمة جماعة من الثقات الاثبات ، أحدهم
=

. ( 481 ) راجع : بحار الانوار ج 8 ص 330 باب 68 ط الجديد .
( 337 )

المؤاخاة ، وفي آخره ما هذا لفظه : فقال علي : « يا رسول الله لقد ذهب روحي ، وانقطع ظهري ، حين رأيتك فعلت بأصحابك ما فعلت غيري ، فإن كان هذا من سخط علي فلك العتبى والكرامة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : والذي بعثني بالحق ما أخرتك إلا لنفسي ، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى ، غير أنه لا نبي بعدي ، وأنت أخي ووارثي ، فقال : وما أرث منك ؟ قال : ما ورث الانبياء من قبلي كتاب ربهم وسنة نبيهم ، وأنت معي في قصري في الجنة مع فاطمة ابنتي ، وأنت أخي ورفيقي ، ثم قرأ صلى الله عليه وآله ( اخواناً على سرر متقابلين ) المتاحبين في الله ينظر بعضهم إلى بعض »( 482 ) ، وحسبك مما جاء في المؤاخاة الثانية ما أخرجه الطبراني في الكبير عن ابن عباس من حديث جاء فيه : ان رسول الله قال لعلي : « اغضبت علي حين آخيت بين المهاجرين والانصار ، ولم أؤاخ بينك وبين أحد منهم ، أما ترضى أن
____________
المتقي الهندي في اول ص 41 من الجزء الخامس من كنز العمال ، وهو الحديث 919 ، فراجع .
( 482 ) 5 ـ حديث المنزلة يوم المؤاخاة الاولى .
راجع : تذكرة الخواص للسبط بن الجوزي الحنفي ص 23 ، ترجمة الامام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي ج 1 ص 107 ح 148 و 150 ، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص 56 ، و 57 ط اسلامبول وص 63 و 64 ط الحيدرية ، كنز العمال ج 6 ص 290 ح 5972 ط 1 وج 15 ص 92 ح 260 ط 2 ، الغدير للاميني ج 3 ص 115 ، فرائد السمطين للحمويني ج 1 ص 115 و 121 .

( 338 )

تكون مني بمنزلة هارون بن موسى ، إلا انه ليس بعدي نبي ...الحديث (1) » ( 483 )
6 ـ ونحوه الاحاديث الوارة يوم سد الابواب غير باب علي ؛ وحسبك حديث جابر بن عبدالله (2) قال : قال رسول الله صلى الله عليه
____________
(1) نقله المتقي الهندي في كنز العمال وفي منتخبه ، فراجع من المنتخب ما هو في آخر هامش ص 31 من الجزء الخامس من مسند أحمد ، تجده باللفظ الذي أوردناه ، ولا يخفى ما في قوله : أغضبت علي من المؤانسة والملاطفة والحنو الابوي على الولد المدلل على أبيه ، الرؤوف العطوف ، فإن قلت : كيف ارتاب علي من تأخيره في المرة الثانية مع انه كان في المرة الاولى قد ارتاب من ذلك ، ثم ظهر له ان النبي صلى الله عليه وآله ، إنما اخره لنفسه ، وهلا قاس الثانية على الاولى ، قلنا : لا تقاس الثانية على الاولى ، لان الاولى كانت خاصة بالمهاجرين ، فالقياس لم يكن مانعا من مؤاخاة النبي لعلي ، بخلاف المؤاخاة الثانية ، فإنها كانت بين المهاجرين والانصار ، فالمهاجر في المرة الثانية إنما يكون أخوه أنصاريا ، والانصاري انما يكون أخوه مهاجرا ؛ وحيث ان النبي والوصي مهاجران ، كان القياس في هذه المرة أن لا يكونا اخوين ، فظن علي ان أخاه إنما يكون انصاريا قياسا على غيره ، وحيث لم يؤاخ رسول الله بينه وبين احد من الانصار وجد في نفسه ، لكن الله تعالى ورسوله أبيا إلا تفضيله ، فكان هو ورسول الله أخوين على خلاف القياس المطرد يومئذ بين جميع المهاجرين والانصار . ( منه قدس )
(2) كما في آخر الباب 17 من ينابيع المودة ، نقلا عن كتاب فضائل أهل البيت لاخطب خوارزم . ( منه قدس )

( 483 ) 6 ـ في يوم المؤاخاة الثانية :
راجع : المناقب للخوارزمي الحنفي ص 7 ، تذكرة الخواص للسبط ابن الجوزي الحنفي ص 20 ، الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي ص 21 .

( 339 )

وآله وسلم : يا علي ، إنه يحل لك في المسجد ما يحل لي ، وإنك مني بمنزلة هارون بن موسى ، إلا أنه لا نبي بعدي ، وعن حذيفة بن أسيد الغفاري (1) قال : قام النبي صلى الله عليه وآله وسلم ـ يوم سد الابواب ـ خطيبا ، فقال : ان رجالا يجدون في أنفسهم شيئا ان أسكنت عليا في المسجد وأخرجتهم ، والله ما أخرجتهم وأسكنته ، بل الله أخرجهم وأسكنه ، ان الله عزوجل ، أوحى إلى موسى وأخيه ان تبو‌آ لقومكما بمصر بيوتا ، واجعلوا بيوتكم قبلة ، وأقيموا الصلاة ، إلى أن قال : وان عليا مني بمنزلة هارون بن موسى ، وهو أخي ، ولا يجوز لاحد أن ينكح فيه النساء إلا هو ... الحديث ( 484 ) . وكم لهذه الموارد من نظائر لا
____________
(1) كما في الباب 17 من ينابيع المودة . ( منه قدس )
( 484 ) 7 ـ في حديث سد الابواب إلا باب علي :
راجع : مناقب علي بن أبي طالب لابن المغازلي الشافعي ص 255 ح 303 ، ترجمة الامام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي ج 1 ص 266 ح 329 و 330 ، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص 88 ط اسلامبول وص 100 ط الحيدرية وج 1 ص 86 ط العرفان .
8 ـ يوم تسمية الحسنين :
راجع ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص 220 ط اسلامبول وص 261 ط الحيدرية وج 2 ص 45 ط العرفان ، فرائد السمطين ج 2 ص 103 ـ 105 ح 412 .
9 ـ في يوم بدر : راجع المناقب للخوارزمي الحنفي ص 84 .
10 ـ يوم قدم بفتح خيبر :
راجع : المناقب للخوارزمي الحنفي 76 و 96 ، مقتل الحسين للخوارزمي نفسه ج 1 ص 45 ، كفاية الطالب للكنجي الشافعي ص 264 ط الحيدرية ،
=

( 340 )

تحصى في هذه العجالة ، لكن هذا القدر كاف لما أردناه من تزييف القول بأن حديث المنزلة مخصص بمورده من غزوة تبوك ، وأي وزن لهذا القول مع تعدد موارد الحديث .
7 ـ ومن ألم بالسيرة النبوية ، وجده صلى الله عليه وآله يصور عليا وهارون كالفرقدين على غرار واحد ، لا يمتاز أحدهما عن الآخر في شيء ، وهذا من القرائن الدالة على عموم المنزلة في الحديث ، على أن عموم المنزلة هو المتبادر من لفظه بقطع النظر عن القرائن كما بيناه ، والسلام .

ش
المراجعة 33 25 ذي الحجة سنة 1329


متى صور عليا وهارون كافرقدين ؟
لم يتبين لنا كنه قولكم بأنه صلى الله عليه وآله وسلم ، كان يصور عليا وهارون كالفرقدين على غرار واحد ، ومتى فعل ذلك ؟
س


=
مجمع الزوائد ج 9 ص 131 ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 2 ص 449 ط 1 أفست ، ينابيع المودة للقندوزي الحنفين ص 130 ط اسلامبول ، وص 154 ط الحيدرية .
11 ـ يوم كان الصحابة في المسجد نائمين :
راجع : كفاية الطالب للكنجي الشافعي ص 284 ط الحيدرية وص 150 ط الغري .