نهاية الافكار القسم الثاني من الجزء الرابع ::: 16 ـ 30
(16)
( الامر الثاني )
    يعتبر في الاستصحاب ان يكون ما أحرز ثبوته مشكوك البقاء والارتفاع والا فلو أحرز بقائه أو ارتفاعه فلا استصحاب ووجهه ظاهر ( وهذا ) في الاحراز الوجداني واضح ( وانما الكلام ) في الاحراز التعبدي الحاصل مما أقامه الشارع مقام الاحراز الوجداني ، كالطرق والامارات المعتبرة ( ومنشأ ) الاشكال بقاء الشك الوجداني في البقاء والارتفاع على حاله وعدم زواله بقيام الطرق والامارات على البقاء أو الارتفاع ( ولكن ) مع ذلك لا اشكال بينهم في الاخذ بالطرق والامارات وعدم الاعتناء معها بالاستصحاب ( وان كان ) قد يظهر من بعضهم في بعض المسائل الفقهية اعمال المعارضة بينهما أو الاشكال في تقديم الامارة عليه ( ويمكن ) أن يكون ذلك منهم للبناء على كون الاستصحاب من الأمارات الظنية كما يشهد به استدلالهم للاستصحاب بكونه مفيدا للظن بالبقاء وحكم العقل بالأخذ بالراجح ( وإلا ) فبناء على اخذه من الاخبار وكونه من الأصول العملية كما عليه المحققون فلا اشكال في تقديم الامارة ولو على البقاء وعدم جريان الاستصحاب معها ( نعم ) انما الخلاف بينهم في وجه تقديم الامارة من كونه بمناط الورود أو الحكومة أو التخصيص.
    ( ولتحقيق ) الكلام في المقام لا بأس بالإشارة الاجمالية إلى معنى الورود والحكومة وبيان الفارق بينهما وبين التخصص والتخصيص ( فنقول ) : اما الورود فهو عبارة عن كون أحد الدليلين بجريانه رافعا لموضوع دليل المورود وجدانا وحقيقة بحيث لولا جريانه لكان المورود جاريا ، كما في الطرق والامارات المعتبرة بالنسبة إلى الأصول العقلية ، كالبرائة والاحتياط والتخيير ( حيث ) ان الامارة بقيامها في مورد على الوجوب أو الحرمة مثلا تكون بيانا على الواقع ، فيرتفع


(17)
اللابيان الذي هو موضوع البراءة العقلية ، كما أنه يتحقق المؤمن عند قيامها على الإباحة فيرتفع احتمال الضرر والعقوبة الذي هو موضوع حكم العقل بالاحتياط ، ويرتفع به أيضا التحير الذي هو موضوع حكمه بالتخيير ( نظير التخصص ) غير أن الميز بينهما هو ان في التخصص يكون خروج المورد عن تحت دليل الآخر ذاتيا ، كما في خروج زيد الجاهل عن عموم أكرم العلماء ، بخلافه في الورود ، فان خروج المورد عن تحت دليل المورود عرضي ناشئ عن تصرف من الشارع بالتعبد بدليل الوارد ، بحيث لولا عناية التعبد بدليله لكان دليل المورود جاريا وشاملا للمورد ( ولذلك ) نفرق في الأصول العقلية تخصصا وورودا بين الأدلة القطعية والتعبدية بخروج المورد عن مجرى الأصول في الأول من باب التخصص وفي الثاني من باب الورود ( وأما الحكومة ) فهي عبارة عن كون أحد الدليلين متعرضا لحال مفاد دليل آخر ، اما بعناية التصرف في عقد وضعه توسعة أو تضييقا بادخال ما يكون خارجا عنه أو اخراج ما يكون داخلا فيه ، كقوله زيد عالم أو ليس بعالم عقيب قوله أكرم العالم ( وأما ) في عقد حمله بكونه ناظرا ولو بدوا إلى تعيين مفاده ، كقوله لا ضرر ولا ضرار ولاحرج في الدين بعد تشريع الاحكام ، أو قبله ( وبذلك ) يفترق الحاكم عن المخصص ، فان الحكومة بحسب النتيجة وان كانت تشارك التخصيص من حيث كون خروج المورد عن تحت دليل الآخر حكميا لا حقيقيا ، ( الا ان الفرق ) بينهما هو ان في التخصيص يكون خروج المورد عن تحت العام بلا تصرف من المخصص في عقد وضع العام أو عقد حمله كما في قوله لا تكرم زيدا بعد قوله أكرم العلماء ، وفى الحكومة يكون ذلك بعناية تصرف من الحاكم في عقد وضع المحكوم ادخالا أو اخراجا ، أو في عقد حمله ( وربما ) يكون بينهما الفرق من جهات أخرى يأتي تفصيله في مبحث التعادل والتراجيح.
    ( وبعد ما عرفت ذلك ) نقول ان التنزيل المستفاد من أدلة الامارات ، اما ان يكون ناظرا إلى حيث تتميم الكشف واثبات العلم بالواقع ، واما أن يكون ناظرا إلى المؤدى باثبات كونه هو الواقع ، بلا تكفله لحيث تتميم كشف الامارة


(18)
( فعلى الأول ) كما هو التحقيق يكون تقديم الامارة على الأصول التي منها الاستصحاب بمناط الحكومة لا غيرها ( إذ هي ) بدليل تتميم كشفها تكون رافعة للشك الذي أخذ موضوعا في الأصول ، ومثبتة للمعرفة المأخوذة غاية في مثل دليل الحلية ودليل حرمة النقض ، وبهذا الاعتبار تكون ناظرة إلى نفى الحكم المترتب على عدم انكشاف الواقع واستتاره ( ومعه ) لا يكون رفع اليد عن اليقين السابق في الاستصحاب من نقض اليقين بالشك ، بل كان من نقض اليقين باليقين ( من غير فرق ) في ذلك بين ان نقول برجوع التنزيل في مفاد لا تنقض إلى المتيقن ولو بتوسط اليقين ، أو إلى نفس اليقين ، فإنه على كل تقدير يكون تقديم الامارة عليه بمناط الحكومة لا بمناط الورود ( إذ لا وجه ) حينئذ لدعوى ورودها عليه بعد بقاء الشك الوجداني على حاله الا بأحد الأمور ( اما دعوى ) كون المراد من اليقين الناقض مطلق اليقين الصالح للناقضية عملا كي يشمل اليقين الوجداني والتعبدي ( أو دعوى ) ان المراد منه خصوص اليقين الوجداني ولكن متعلقه أعم من الحكم الواقعي والظاهري ( واما دعوى ) كون المراد منه مطلق الحجة سواء كانت عقلية كالعلم أو شرعية كالأمارات ، وهكذا في العلم المأخوذ غاية في سائر الأصول ( فإنه ) على كل واحد من هذه الوجوه تكون الامارة واردة على الأصول لكونها موجبة لخروج المورد حقيقة عن موضوع دليل الأصول ( ولكن ) الجميع كما ترى تخالف جدا ظواهر أدلة الأصول ( لوضوح ) ظهورها في أن الغاية فيها هي خصوص اليقين الوجداني المتعلق بخصوص الحكم الواقعي ، كظهورها في اختصاص الشك المأخوذ في موضوعها بالشك بالحكم الواقعي ، لا الشك بمطلق الحكم ( ومع هذا ) الظهور ، لا مجال لتوهم ورود الامارة عليها ، بل لا محيص من أن يكون تقديمها عليها بمناط الحكومة بالحكومة الظاهرية ، لا الواقعية إذ عليه يكون كل من المعرفة والمتعلق في الأصول على ظاهره في الاختصاص بالمعرفة الوجدانية المتعلقة بخصوص الحكم الواقعي ( واما على الثاني ) الراجع إلى كون التنزيل فيها راجعا إلى المؤدي بالبناء على كونه هو الواقع بلا نظر إلى تتميم كشفها واثبات الاحراز


(19)
التعبدي للواقع ( فلا مجال ) لتقريب حكومة الامارات على الأصول ( لوضوح ) عدم اقتضاء الامارة حينئذ لا ثبات الاحراز التعبدي للواقع ونفى الحكم المترتب على عدم انكشاف الواقع ( فان ) غاية ما يقتضيه دليل الامارة حينئذ انما هو مجرد تنزيل المؤدي منزلة الواقع والامر بالمعاملة معه معاملة الواقع ، ومثله غير مثبت للعلم بالواقع ولو تعبدا كي به يتحقق مناظ حكومتها على أدلة الأصول ( وبذلك ) نقول ان افاده المحقق الخراساني قده من منع الحكومة على هذا المسلك الذي هو مختاره في غاية المتانة ، وان كان ما افاده حينئذ من تقريب الورود في غير محله كما بيناه ( وحينئذ ) فبعد انهدام أساس حكومة الامارات وورودها على أدلة الأصول ، يتحقق التنافي لا محالة على هذا المسلك بين مفاد الامارات وبين مفاد الأصول ( حيث إنه ) مع بقاء الشك الوجداني بالواقع على حاله وعدم ارتفاعه بقيام الامارة لا وجدانا ولا تعبدا وتنزيلا ، يجري فيه الاستصحاب لا محالة ، ومعه لا بد وأن يكون تقديم الامارة عليه بمناط التخصيص ، لا بمناط الحكومة أو الورود ( بل لازم ) هذا المسلك أيضا عدم قيام الامارة مع مقام القطع المأخوذ جزء الموضوع أو تمامه على وجه الطريقية ( لان ) ذلك من لوازم رجوع التنزيل فيها إلى تتميم الكشف واثبات الاحراز التعبدي للواقع ( ولكن ) الذي يسهل الخطب هو فساد أصل هذا المسلك ( فان التحقيق ) كما حققناه في محله وهو المسلك الأول ، وعليه يكون تقديمها على الأصول التي منها الاستصحاب بمناط الحكومة ، كما أنه عليه يصح قيامها مقام القطع الطريقي والموضوعي جزءا أو تماما ( ثم إن ) ما ذكرناه من حكومة الامارات على الأصول انما هو بالنسبة إلى الأصول الشرعية ، والا فبالنسبة إلى الأصول العقلية ، كالبرائة والاحتياط والتخيير فتقديمها عليها لا يكون الا بمناط الورود كما أشرنا إليه ووجهه واضح.


(20)
( الامر الثالث )
    قد ظهر من مطاوي ما ذكرنا الفرق بين الامارة والأصل ، وان الميزان في كون الشيء أصلا انما هو بعدم كون دليل اعتباره ناظرا إلى تتميم كشفه وان كان فيه جهة كشف عن الواقع ، كما أن الميزان في كون الشيء امارة انما هو بكونه كاشفا عن الواقع ولو بمرتبة ما مع كون دليل اعتباره ناطرا إلى تتميم كشفه ( فكل ) ما اعتبره الشارع بلحاظ كشفه عن الواقع يكون امارة ( وكل ) ما لم يعتبره الشارع من هذه الجهة ، اما بان لا يكون له كشف عن الواقع أصلا ، أو كان له ذلك ولكن لم يكن اعتباره من هذه الجهة يكون أصلا ، وان كان في نفسه مقدما على بعض الأصول كالاستصحاب مثلا ( وعلى ذلك ) قد يتردد بعض الأمور ، بين كونه أصلا ، أو امارة ، بلحاظ خفاء وجه اعتباره في أنه من حيث كشفه ، أو من حيث نفسه تعبدا ، كما في اليد ، وأصالة الصحة ، وقاعدتي الفراغ والتجاوز ونحوها ( ومن هنا ) وقع فيها البحث والخلاف في أنها من الامارات أو من الأصول والقواعد التعبدية ( وكذا ) في وجه تقديمها على الاستصحاب في أنه بمناط الحكومة أو التخصيص ، كوقوع الخلاف بينهم في وجه تقديم الاستصحاب على سائر الأصول ، وفي حكم معارضته مع القرعة ونحوها ( وتنقيح الكلام ) في هذه الجهات يحتاج إلى التكلم في مقامات ( الأول ) في نسبة الاستصحاب مع ما يشك كونه من الامارات أو الأصول ، كاليد وأصالة الصحة ونحوها ( الثاني ) في معارضة الاستصحاب مع القرعة ونحوها ( الثالث ) في عدم معارضة سائر الأصول مع الاستصحاب ( الرابع ) في حكم تعارض الاستصحابين.
    ( اما المقام الأول ) فيقع الكلام فيه في مسائل ( المسألة الأولى ) في اليد فنقول لا اشكال في اعتبارها في الجملة ، وتقدمها على الاستصحاب والحكم لصاحبها


(21)
بالملكية ( كما لا اشكال ) أيضا في عدم كونها من الأمور التي ثبت اعتبارها بتأسيس من الشرع ، بل هي مما استقرت عليه طريقة العرف والعقلاء ، كما يرشدك إلى ذلك التعليل الوارد في ذيل رواية حفص بن غياث بقوله (ع) ولو لم يجز هذا ما قام للمسلمين سوق ( وانما الكلام ) في أنها من الامارات أو من الأصول العملية ( فان ) مجرد بناء العرف والعقلاء على الاخذ بها وترتيب آثار ملكية ما في اليد لصاحبها لا يقتضى اماريتها ( لان ) العقلاء كما أن لهم أمورا يرجعون إليها لكونها كاشفة عن الواقع ، كذلك لهم أمور يرجعون إليها عند استتار الواقع باعتبار كونها وظيفة عملية في ظرف الجهل بالواقع ( فيمكن ) ان يكون اعتبارهم اليد في الحكم بالملكية لصاحبها من جهة كونها من الأصول المتوقف عليها نظام معاملاتهم ، لا من جهة كونها من الامارات الكاشفة عن الواقع ( كما أن ) مجرد تقدم الاقرار والبينة عليها لا يقتضي أصليتها ، لأنه كثيرا يتقدم الامارات بعضها على بعض من جهة اقوائية كشفه ، فيمكن ان تكون اليد من الامارات الكاشفة عن الواقع ، ومع ذلك يقدم الاقرار والبينة عليها ( وبما ذكرنا ) ظهر انه لا مجال للتشبث بالأخبار الواردة في الباب لاثبات أمارتيها ( لأنها ) انما كانت ورادة في مقام تقرير سيرة العقلاء وبنهائهم على ترتيب اثر الملكية على ما في اليد لصاحبها ، وهذا المقدار كما يناسب امارية اليد يناسب أصليتها أيضا ( ولكن ) الانصاف هو كونها من الامارات الكاشفة نوعا عن الواقع ( لان ) الظاهر من بناء العرف والعقلاء على الاخذ باليد انما هو لكشفها الناشئ عن غلبة ما في اليد لصاحبها بنحو موجب لركون النفس إليها ، لان الغالب في مواردها كون ذي اليد مالكا لما في يده ، ( لا ان ) ذلك منهم لمحض تعبدهم بها لاستقامة نظام معاملاتهم ، فان ذلك وان كان ممكنا في نفسه كما أشرنا إليه الا انه بعيد جدا ( وحينئذ ) فلا ينبغي الاشكال في كونها من الامارات العرفية العقلائية ، وفى تقدمها على الاستصحاب بمناط الحكومة ( نعم ) يبقى الكلام في أن اعتبار اليد في باب الأملاك ، هل هو بنحو الاطلاق ولو مع كونها معلوم العنوان من بدو حدوثها ككونها عادية أو أمانية أو عدم كون المال


(22)
بطبعه مما يقبل للنقل والانتقال كالوقف مثلا ( أو ان ) اعتبارها مخصوص بما كان اليد من الأول مجهول العنوان بحيث يحتمل انتقال المال إلى ذي اليد من بدو حدوثها ( وعلى الأول ) فهل يجري الاستصحاب في عنوان اليد وعنوان المال ويقدم على اليد أم لا.
    ( وتحقيق ) المرام في المقام يستدعى بيان اقسام اليد والشقوق المتصورة فيها ( فنقول ) ان اليد على الشيء تارة يعلم عنوانها عند حدوثها من كونها عادية أو أمانية بإجارة ونحوها الا انه يحتمل انقلابها بقاء إلى يد مالكية بشراء ونحوه ( وأخرى ) لا يعلم عنوانها من بدو حدوثها بل يحتمل ملكية ما في اليد لصاحبها حين وضع اليد عليها ( وعلى الثاني ) فتارة تكون اليد على ما كان ملكا للغير واحتمل انتقاله إليه بناقل شرعي من بيع ونحوه ( وأخرى ) تكون اليد على ما كان وقفا قبل وضع اليد عليه واحتمل انتقاله إليه بأحد مجوزات بيع الوقف ( وثالثة ) لا يعلم ذلك بل يحتمل ملكية ما في اليد بالحيازة ( وعلى الأول ) فتارة يكون في قباله من يدعى ملكية المال من أجنبي ، أو من ذي اليد السابق ( وأخرى ) لا يكون في قبالة من يدعى الملكية ( وعلى الأول ) فتارة يقيم المدعى البينة على دعواه ( وأخرى ) لا يقيم البينة على دعواه ( وعلى الأخير ) فتارة يعترف ذو اليد بملكية ما في اليد للمدعى ، وأخرى لا يعترف بذلك ( فهذه ) صور متصورة فيها وينبغي افراد كل واحدة منها بالبحث.
    ( فنقول ) اما الصورة الأولى وهي ما إذا علم عنوان اليد وانها حدثت على وجه الغصب أو الأمانة أو الإجارة ، ثم احتمل انتقاله إليه بناقل شرعي ( فالظاهر ) عدم شمول دليل اعتبار اليد لمثلها ، لقوة دعوى اختصاص أدلة اليد بغير هذا الفرض ، بل يكفي في عدم حجيتها الشك في شمول دليل الاعتبار لمثلها ( لان ) عمدة الدليل على الحجية انما هي السيرة وبناء العقلاء وهي لكونها لبية لا اطلاق لها والقدر المتيقن منها ما عدا هذا الفرض ( واما الاخبار ) الواردة في الباب ، فقد عرفت ورودها في مقام تقرير سيرة العقلاء من الاخذ باليد وترتيب اثر الملكية


(23)
لصاحبها ، لا في مقام التأسيس ، كي يمكن الاخذ باطلاقها لحجية مثل هذا اليد ( نعم ) لو أغمضنا عن ذلك وقلنا بأماريتها واعتبارها مطلقا ( لا مجال ) لتقديم استصحاب ملكية المال للمالك أو استصحاب حال اليد عليها ( بدعوى ) ان استصحاب حال اليد يمنع عن امارية اليد للمكية لان اليد انما تكون امارة على الملك وتثبت الملكية الفعلية إذا لم تكن معنونة بعنوان الغصب أو الأمانة أو الإجارة ، والاستصحاب يثبت بمدلوله المطابقي تعنونها بالغصبية أو الأمانية ، فلا يبقى معه مجال الكشف بها عن الملكية ( إذ فيه ) انه بعد فرض امارية اليد واحتمال انقلابها بقاء إلى يد مالكية لا مجال لجريان الاستصحاب المزبور فضلا عن تقدمه عليها ، ( لان ) لازم امارية هذا اليد وشمول دليل الاعتبار لها ، هو كونها بدليل اعتبارها رافعة للجهل عن ملكية ما في اليد لصاحبها ، ولازم تطبيق يد المالكية عليها هو عدم كونها غصبية ولا أمانية في الظاهر ، فيرتفع به موضوع الأصل من جهة حكومتها عليه ( كما هو الشأن ) في مطلق معارضة غير الامارات معها ( نعم ) انما يكون لمثل هذا الكلام مجال ، إذا كان الجهل بالعنوان في دليل الاعتبار مأخوذا في موضوع اليد ، لا مأخوذا فيها على نحو الموردية ( إذ بعد ) عدم اقتضاء اليد لرفع مثل هذا الجهل المأخوذ في موضوعها تكون الاستصحاب المزبور باثباته لعنوان اليد حاكما عليها ( ولكن ) ليس الامر كذلك بل الجهل فيها مأخوذ على نحو الموردية ، فيرتفع بدليل اعتبارها تعبدا ، وبذلك يرتفع موضوع الاستصحاب المزبور ( مع أن ) لازم ذلك هو كون اليد من الأصول ، لا من الامارات وهو مع أنه خلاف التحقيق ، خلاف مختار القائل المزبور أيضا ( وحينئذ ) فالالتزام بكون اليد من الامارات الملازم لاخذ الجهل بالعنوان فيها على نحو الموردية ، مع دعوى جريان الاستصحاب في عنوان اليد وحكومته على اليد لا يخلو عن تهافت واضح ( وحينئذ ) فالعمدة في المنع عن حجية مثل هذه اليد ما ذكرناه من عدم مشموليتها من الأول لدليل الاعتبار ، لا انها تكون بنفسها مشمولة لدليل الاعتبار وان استصحاب عنوان اليد مانع عن حجيتها ( فعلى كل تقدير ) يكون الاستصحاب


(24)
المزبور أجنبيا عن مرحلة المانعية عن امارية اليد المزبورة وحجيتها ( لأنها ) اما ان لا يشملها دليل الاعتبار من الأول ، واما ان يشملها ( فعلى الثاني ) لا يصلح الاستصحاب المزبور للمنع عن امارية اليد المزبورة وحجيتها ( وعلى الأول ) هي بنفسها غير مشمولة لدليل الاعتبار ولو لم يكن هناك استصحاب ( فالتمسك ) بالاستصحاب المزبور في هذه المرحلة أجنبي غير مفيد ( نعم ) في فرض عدم شمول دليل الاعتبار لليد المزبورة ، يثمر هذا الاستصحاب في مرحلة ضمان صاحب اليد ( حيث ) انه بعد عدم اقتضاء أصالة بقاء ملكية الغير للمال لاثبات الغصبية أو الأمانية لليد الا على المثبت ، يؤخذ باستصحاب عنوان غصبية اليد أو أمانيتها للحكم بالضمان وعدمه ( ولكن ) هذه الجهة غير مرتبطة بمقام مانعية الأصل عن امارية اليد كما هو ظاهر.
    ( ومن هذا البيان ) يظهر الحال فيما بنوا عليه من قبول السجلات وانتزاع المال من ذي اليد المدعى للملكية إذا كان في يد الطرف ورقة الاستيجار المعتبرة المثبتة لكون اليد على المال يدا جارية ( حيث إن ) بنائهم على قبول السجلات وانتزاع المال من صاحب اليد ليس من جهة تقديم الاستصحاب المزبور على اليد ، بل انما هو من جهة عدم مشمولية اليد المعلوم حدوثها على مال الغير بعنوان الغصب أو الأمانة من الأول لدليل الاعتبار ( إذ حينئذ ) يكفي في انتزاع المال عن يده مجرد استصحاب بقاء ملكية الغير للمال ، بلا احتياج إلى استصحاب عنوان اليد الا في مقام الحكم بالضمان وعدمه.
    ( واما الصورة الثانية ) وهي ما إذا كان اليد على ما لا يكون قابلا للنقل والانتقال الا بأحد المجوزات كالوقف ( فتارة ) يعلم كيفية حدوثها على المال وانها حدثت على ما كان وقفا بعنوان الغصب أو الإجارة واحتمل بعد ذلك طرو بعض مسوغات انتقاله إلى ذي اليد ( وأخرى ) لا يعلم ذلك بل يحتمل اقترانها حين حدوثها على المال ببعض المجوزات الموجبة لانتقالها إليه ، وبالجملة يحتمل حدوثها بعد بطلان الوقف وكونها يدا مالكية من بدو حدوثها ( فعلى الأول ) فالحكم


(25)
فيه كما تقدم حرفا بحرف ( واما على الثاني ) فالذي يظهر من السيد الطباطبائي اليزدي قده في كتاب قضائه هو الحكم بأمارية مثل هذا اليد للملكية وعدم انتزاع المال من صاحبها وتسليمها إلى أرباب الوقف ، ولعله اخذه من أستاذه العلامة السيد محمد باقر الأصبهاني قده ، حيث اشتهر منه هذا الحكم في أصبهان.
    ( وقد أورد ) عليه بعض الاعلام على ما في التقرير بان اليد انما تكون حجة وامارة على الملك إذا كان المال بطبعه قابلا للنقل والانتقال إلى ذي اليد ( والوقف ) لا يكون كذلك ( فان ) قابليته لذلك انما هو بعروض أحد مسوغات البيع ، فلا بد أولا من احراز هذه الجهة ، كي في المرتبة التالية ينتهي الامر إلى امارية اليد للملكية ( ولا يكاد ) يحرز القابلية المزبورة بأمارية اليد ، لان غاية ما تقتضيه اليد انما هو ملكية المال لذي اليد وانتقاله إليه بأحد أسباب النقل ، واما اقتضائها لقابلية المال للنقل والانتقال فلا ( لان ) مثل هذه الجهة انما تكون من قبيل الموضوع بالنسبة إلى الجهة التي تقتضيه اليد من الملكية ، بلحاظ ان امارية اليد للملكية انما هي في موضوع قابل للنقل والانتقال ( فكان ) مثل هذه الجهة من القابلية مأخوذة في موضوع اليد ، لا انها من قبيل اللوازم والملزومات كي يقال ان الامارة على اللازم امارة على الملزوم وبالعكس ( وحينئذ ) فمع الشك في قابلية المال للنقل والانتقال للشك في طرو مجوزات النقل عليه ، وعدم امكان احراز هذه القبلية بنفس اليد ، تجري أصالة عدم طرو مسوغات النقل عليه وبذاك تسقط اليد عن الحجية ، فيحكم بعدم الملكية لاقتضاء الاستصحاب المزبور ارتفاع موضوع اليد ( أقول ) ولا يخفى ان إناطة اليد في اعتبارها وأماريتها ، اما ان تكون بالقابلية الواقعية ، واما ان تكون بعدم العلم بعدم القابلية ، وكفاية الشك فيها في اعتبارها وأماريتها ( وذلك ) أيضا تارة بإناطة عقلية ، وأخرى شرعية ( فعلى الأول ) لا شبهة في أنه بمجرد الشك في القابلية تسقط اليد عن الحجية ( لاقتضاء ) الشك في الشرط الذي هو القابلية ، الشك في المشروط ( ومعه ) لا يحتاج إلى الاستصحاب المزبور وتحكيمه على اليد ، لوضوح انه مع الشك في القابلية المزبورة تسقط اليد بنفسها


(26)
عن الحجية والأمارية ولو لم يكن هناك استصحاب ، لا انها كانت حجة وبالاستصحاب تسقط عن الحجية ( فتحكيم الاستصحاب ) حينئذ على اليد واسقاطها به عن الحجية مما لا وجه له ( واما على الثاني ) وهو إناطة الحجية بالشك وعدم العلم بعدم القابلية ( فان كانت ) الإناطة عقلية فلا مانع عن الاخذ باليد والحكم بالملكية مع الشك المزبور ( واستصحاب ) عدم القابلية وعدم طرو مجوزات النقل والانتقال ، غير مثمر في المقام بعد عدم اقتضائه لنفي الشك في القابلية ، وعدم كونه ناظرا إلى الآثار العقلية من نفي ما هو شرط حجية اليد واما رايتها على ملكية ما في اليد ( بل اليد المزبورة ) حينئذ بمقتضى دليل اعتبارها ترفع الشك المأخوذ في موضوع الاستصحاب فتكون حاكمة عليه ( وان كانت ) الإناطة شرعية ( فان قلنا ) في مفاد لا تنقض بان التنزيل فيه راجع إلى المتيقن بلحاظ اليقين مرآة أو طريقا إلى المتيقن ، فلا ثمرة أيضا للاستصحاب في اسقاط اليد عن الحجية ، بلحاظ عدم اقتضائه لرفع الشك عن القابلية المزبورة ( لوضوح ) ان مثل هذه الجهة مخصوص بالامارات دون الأصول ، فيجري حينئذ دليل اليد ويقتضي الحكم بملكية ما في اليد لصاحبها ( نعم ) غاية ما يقتضيه الاستصحاب المزبور حينئذ وقوع المعارضة بينه وبين اليد ( فإنه ) بعد عدم اقتضاء اليد حسب إناطة حجيتها شرعا بالشك في القابلية ، لرفع هذا الشك الذي أنيط به حجيتها ، يجري الاستصحاب ، فيتحقق بينهما المعارضة ( وان قلنا ) برجوع التنزيل فيه إلى نفس اليقين والامر بالمعاملة مع اليقين السابق معاملة الباقي ، يكون الاستصحاب حاكما على اليد ( من جهة ) كونه بالعناية مثبتا للعلم بعدم قابلية المال للنقل والانتقال فيرتفع به ما هو شرط حجية اليد وأماريتها.
    ( فتلخص ) ان الاستصحاب اما ان لا يحتاج إليه أصلا ، كما في فرض إناطة اليد في حجيتها بالقابلية الواقعية ، فان مجرد الشك في القابلية كاف في سقوط اليد عن الحجية بلا احتياج إلى الاستصحاب ( واما ) ان لا يجري لحكومة اليد عليه


(27)
كما في فرض إناطة الحجية فيها عقلا بالشك في القابلية ، فإنه من جهة موردية الشك للامارة تجري اليد وبجريانها يرتفع الشك الذي هو مأخوذ في الاستصحاب ( واما ) ان يجرى ويعارض اليد ، كما في فرض إناطة اليد في حجتها شرعا بالشك في القابلية وعدم العلم بها بعد البناء على رجوع التنزيل في مفاد لا تنقض إلى المتيقن ( نعم ) ، على المختار من رجوع التنزيل فيه إلى نفس اليقين يجري الاستصحاب في هذا الفرض فيوجب سقوط اليد عن الحجية بمناط الحكومة وذلك بناء على امكان امارية الشيء بالنسبة إلى الملزوم دون اللازم أو بالعكس ، وإلا فعلى فرض عدم التفكيك بينهما في امارية الشيء لا محيص من المعارضة بين اليد والأصل المزبور ( لان ) كل واحد يرفع موضوع الآخر ( وبعد ) انتهاء الامر إلى ذلك ، أمكن دعوى تعين الأخير ( لأنه ) القدر المتيقن من دليل حجية اليد ، كما هو الشأن في كل مورد دار الامر في الشيء بين المطلق والمقيد مع لبية دليله ، حيث إن المتيقن منه هو المعنى المضيق دون الموسع ( وعليها فيندفع احتمال عدم إناطة حجية اليد بشيء أصلا ، أو اناطتها بالشك في القابلية بإناطة عقلية المستلزمة لجريان دليل اليد ولو مع قيام الاستصحاب على الخلاف ( واما ) احتمال كون المنوط به هو القابلية الواقعية المستتبعة لسقوط اليد بنفسها عن الحجية بصرف الشك في القابلية فبعيد جدا ، لاقتضائه الغاء اليد في كثير من الموارد التي يرجع الشك فيها إلى الشك في قابلية المحل للملكية وللنقل والانتقال ( وهو ) كما ترى ينافي التعليل المذكور في الرواية ، بأنه لو لم يجز هذا لم يبق للمسلمين سوق الظاهر في التوسعة والتسهيل في ذلك حفظا لنظام المعاملات وعدم اختلال السوق وتعطيله فتدبر.
    ( واما الصورة الثالثة ) وهي ما تكون اليد على ما يقبل النقل والانتقال بطبعه واحتمل انتقال المال إلى صاحب اليد من بد وحدوثها ( فهي ) على اقسام ( منها ) ما إذا لم يكن في مقابل ذي اليد من يدعى ملكية المال ، ولم يكن اعتراف من ذي اليد أيضا على خلاف ما تقتضيه اليد ، ولا قيام البينة على ملكية ، ما في اليد للغير ( ولا اشكال ) في الاخذ باليد في هذا القسم ووجوب ترتيب آثار الملكية لذي اليد


(28)
من غير فرق في ذلك بين ان تكون مسبوقة بيد أخرى محترمة أو لا ( فإنه ) على كل تقدير يعامل مع ذي اليد الفعلي معاملة المالك لما في يده ، ولا يعتني باستصحاب بقاء المال على ملك المالك الأول ، لحكومة اليد على الاستصحاب المزبور ( وكذا الحال ) فيما إذا أقر ذو اليد أو قامت البينة على الملكية السابقة لشخص آخر ( فإنه ) مع عدم من يدعى الملكية لا اثر لاقراره ولا لقيام البينة المزبورة ، إذ لا يزيد ذلك عن العلم بملكية المال سابقا لغير ذي اليد ، فلا ينتزع المال من يده. ( ومنها ) ما إذا كان في مقابل ذي اليد من يدعى ملكية المال ( فان ) لم تثبت ملكية المال للمدعي ، ببينة ونحوها فلا اشكال في استقرار المال في يده أيضا وعدم انتزاعه منه وتسليمه إلى المدعي ( وان ثبت ) كون المال ملكا للمدعي ( فان كان ) الثابت هو الملكية الفعلية ببينة ، أو اقرار من ذي اليد ، أو بعلم الحاكم ، فلا اشكال في أنه ينتزع منه المال ويسلم إلى المدعي ، على اشكال في الأخير ينشأ من جواز حكم الحاكم بعلمه ( واما ان كان ) الثابت هو الملكية السابقة قبل استيلاء ذي اليد على المال ، ( فتارة ) يكون ثبوت ذلك بعلم الحاكم ( وأخرى ) يكون بالبينة ، ( وثالثة ) باقرار من ذي اليد بالملكية السابقة للمدعي.
    ( فعلى الأول ) لا اشكال في عدم انتزاع المال عن ذي اليد ، لأنه لا اثر لعلم الحاكم بان المال سابقا كان ملكا للمدعي قبل استيلاء ذي اليد عليه بعد احتمال انتقاله إليه بناقل شرعي ( واستصحاب ) بقاء المال على ملك المدعي ، قد عرفت كونه محكوما باليد التي هي امارة على الملكية الفعلية لذي اليد.
    ( وعلى الثاني ) فالمحكي عن بعض انه ينتزع المال عن ذي اليد بقيام البينة على الملكية السابقة للمدعي الا أن يقيم ذو اليد البينة على انتقال المال إليه ( وحكى ) عن آخر انتزاعه عن يده إذا ضم الشاهدان إلى شهادتهما بالملكية السابقة عدم العلم بالانتقال إلى ذي اليد ( ولكن الأقوى ) عدم انتزاع المال عن ذي اليد مطلقا ( لوضوح ) ان البينة على الملكية السابقة لا تزيد حكمها عن علم الحاكم بذلك مع احتمال انتقال المال إلى


(29)
ذي اليد بناقل شرعي ( إذا قصى ) ما يلزم في المقام هو التشبث باستصحاب بقاء الملكية السابقة للمدعي ، ( وهو أيضا ) محكوم باليد التي هي امارة على الملكية الفعلية لذي اليد ( وبذلك ) ظهر انه لا أثر لضم الشاهد عدم العلم بالمزيل بشهادته في انتزاع المال عن ذي اليد في مقابل اليد الفعلية ( نعم ) انما ينتزع المال عن يده إذا شهدا بالملكية الفعلية للمدعى ولو بمقتضى استصحابهما الملكية السابقة عملا بالبينة وعدم تعطيلها في الدعاوي ( وتوهم ) عدم جواز ذلك لكونه من التدليس في الشهادة واعمالا منهما للاستصحاب في مورد لا يجوز أعماله ، لكونه محكوما باليد التي تكون حجة على الملكية الفعلية حتى بالنسبة إلى الشاهدين ( مدفوع ) بأنه كذلك لولا علم الشاهدين بعنوان اليد من الأول الموجب لعدم حجية اليد عندهما ( والا ) مع علمهما بعنوان اليد من الأول لا محذور في الشهادة بالملكية الفعلية استنادا إلى استصحاب عنوان اليد وبقاء الملكية السابقة ( خصوصا ) مع ندرة علم البينة في الأملاك بالملكية الفعلية الجزمية لذي اليد السابق ( فان الغالب ) فيها عدم علم الشاهدين بذلك ولو بضم علمهما بعنوان اليد من الأول واحتمال انتقال المال إلى ذي اليد الفعلي بناقل شرعي ( إذ حينئذ ) بمقتضى عدم تعطيل بينة المدعى في الأملاك في الموارد الغالبة ، لا بد من الالتزام بانتزاع المال عن ذي اليد اللاحقة بمقتضى البينة على الملكية الفعلية لذي اليد السابقة.
    ( واما على الثالث ) وهو ما إذا أقر ذو اليد بالملكية السابقة للمدعي ( فتارة ) لا ينضم إلى اقراره دعوى انتقال المال إليه ( وأخرى ) ينضم إلى اقراره ذلك ( فعلى الأول ) قد يقال انه باقراره ينتزع عنه المال ويسلم إلى المدعى ( لان ) اقراره مكذب لدعواه الملكية الفعلية ( فإنه ) لا يمكن خروج المال عن ملك من كان مالكا له ودخوله إلى ملك ذي اليد بلا سبب ، فدعواه الملكية الفعلية تكون مناقضة لاقراره ، ومقتضى الاخذ باقراره بطلان يده وعدم سماع دعواه الا بالبينة ( وفيه ) ان مجرد اقراره بالملكية السابقة للمدعى لا يقتضي تكذيب نفسه في دعواه الملكية الفعلية وبطلان يده في الكاشفية عن الملكية الفعلية ( إذ لا تنافي ) بين


(30)
اقراره بالملكية السابقة للمدعى ، وبين امارية يده على الملكية الفعلية بعد احتمال انتقال المال إليه حين وضع اليد عليه بناقل شرعي ، كي يستبعد بأنه لا يمكن خروج المال عن ملك من كان مالكا له بلا سبب ( ومجرد ) عدم ضم دعوى الانتقال إلى اقراره لا يقتضي تكذيب دعواه في الملكية الفعلية ( وانما ) المكذب لها هو دعوى عدم الانتقال إليه ، لا عدم دعوى الانتقال ( وحينئذ ) فبعد احتمال انتقال المال إليه واقعا ، وعدم التنافي بين اقراره وبين ما تقتضيه اليد من الملكية الفعلية ( لا وجه ) لانتزاع المال عن يده وتسليمه إلى المدعى.
    ( وعلى الثاني ) وهو ضم دعوى انتقال المال إليه من المدعى ، فالمشهور انه ينقلب ذو اليد في دعواه إلى كونه مدعيا والمدعى منكرا ، وهل تخرج اليد بذلك عن الا مارية على الملكية الفعلية فينتزع ، المال من يده ويسلم إلى المدعى أو لا ( فيه وجهان ) المشهور الأول ، والمحكي عن جماعة منهم المحقق الخراساني ( قده ) ، الثاني ، حيث أفاد بان مجرد عدم امارية اليد بالنسبة إلى مصب الدعوى الثانية وهو الانتقال إليه بشراء ونحوه لا يوجب خروجها عن الا مارية رأسا حتى بالنسبة إلى أصل الملكية الفعلية بل يبقى ذو اليد على حجته في استمساك المال في يده ، لان غاية ما تقتضيه أصالة عدم الانتقال هو جعل مدعيه مدعيا لكونه على خلاف الأصل الجاري في المسألة ، واما اقتضائها لاسقاط حكم اليد من الا مارية لأصل الملكية الفعلية ، فينتزع عنه المال ، فلا ( بل هي محكومة ) من هذه الجهة باليد لبقائها على اماريتها بالنسبة إلى صرف الملكية وان لم تثبت الانتقال ( وحينئذ ) فانتزاع المال من ذي اليد يحتاج إلى دليل آخر يقتضى لغوية اليد وسقوطها عن الا مارية باقترانها بدعوى الانتقال ( ولكن ) فيه ان تسليم الانقلاب في المقام كما هو المشهور لا يكون الا لحجية أصالة عدم الانتقال ( إذ لولا حجية ) الأصل المزبور لما كان مجال لجعل مخالفه مدعيا ( ومن المعلوم ) ان لازم البناء على حجية الأصل المزبور في مقابل اليد المزبورة هو سقوط اليد عن الا مارية بالنسبة إلى الملكية الصرفة ( لان ) معنى حجية الأصل في المقام هو ترتيب اثر بقاء المال على ملك المدعى وعدم انتقاله منه إلى ذي اليد ، والا فلا معني لحجيته واقتضائه
نهاية الافكار القسم الثاني من الجزء الرابع ::: فهرس