نهاية الافكار القسم الثاني من الجزء الرابع ::: 76 ـ 90
(76)
السابق بصحته أو فساده لرفع هذا الشك ، ولا لترتيب اثر الصحة أو الفساد عليه فعلا ، بل لا بد من الرجوع إلى ما تقتضيه الأصول الجارية في المسألة ( وعلى ذلك ) نقول انه قبل الدخول في العمل وان كان يجري في حقه استصحاب الحدث ( ولكن ) الأثر المترتب عليه انما هو عدم جواز الدخول في الصلاة وبطلانها سابقا لو فرض دخوله فيها ( واما ) وجوب الإعادة والقضاء في ظرف بعد الفراغ ، فلا يترتب على الاستصحاب المزبور ( لأنه ) من آثار الاستصحاب الجاري بعد الفراغ ، لا من آثار الاستصحاب الجاري قبل الصلاة ( فإذا كان ) هذا الاستصحاب محكوما بالقاعدة ، فمن حين الفراغ لا بد بمقتضى القاعدة من الحكم بالصحة حتى في الوجه الثاني ، لا البطلان ( لأنه ) لا اثر للاستصحاب السابق بعد كون العمل محكوما بالصحة من حين الفراغ بمقتضى القاعدة ( ولا فرق ) في ذلك بين القول باعتبار الشك الفعلي في الاستصحاب ، والقول بكفاية الشك التقديري أيضا ( فإنه ) على القولين لا قصور في جريان القاعدة في الوجه الثاني أيضا ( فالتفصيل ) بين الوجهين في جريان القاعدة حينئذ مما لا وجه له ( وبمثل ) هذا البيان أيضا نفينا الثمرة بين القولين هناك في نحو الفرع المزبور ( حيث ) قلنا بجريان القاعدة فيه حتى على القول بكفاية الشك التقديري في الاستصحاب ، نظرا إلى عدم اجداء الاستصحاب الجاري في ظرف الغفلة حال الشروع في العمل ، لترتيب وجوب الإعادة والقضاء بعد الفراغ من العمل ، لكونه من آثار الاستصحاب الجاري بعد الفراغ الذي هو محكوم بقاعدة الفراغ ( ولقد ) تقدم منا تفصيل الكلام في تلك المسألة فراجع ( وحينئذ ) فالعمدة في المنع عن جريان القاعدة ، ما ذكرناه من خروج المورد عن مجرى القاعدة ، باعتبار اختصاص موضوعها بالشك غير المسبوق بشك آخر قبل الدخول في العمل ( إذ حينئذ ) يكون عدم جريان القاعدة مع السبق بالشك والالتفات قبل العمل لأجل انه لا موضوع لها ( لا انه ) لأجل الاستصحاب السابق الجاري في ظرف العمل ( ولازمه ) عدم التفكيك بين الوجهين ، لاشتراكهما في السبق بالشك والالتفات قبل العمل ، كما هو ظاهر واضح.


(77)
    ( الوجه الخامس ) ان يشك بعد الفراغ من العمل في الصحة والفساد ، مع احتمال كونه شاكا في ظرف العمل في وجدانه لشرائط الصحة ، أو قاطعا بالعدم ( ويمكن ان يقال فيه بالصحة ، لعموم قوله (ع) « كلما مضى من صلاتك وطهورك فامضه كما هو » وللتعليل بالأذكرية ، فان مقتضاه هو نفي الغفلة ونفي الترك العمدي أيضا ( ولكن ) يشكل ذلك على ما اخترناه من تخصيص موضوع قاعدة التجاوز والفراغ بطبيعة الشك الحادث بعد تجاوز المحل وبعد العمل على الاطلاق التي من لوازمها العقلية عدم كونها مسبوقة بالشك والالتفات قبل التجاوز أو الفراغ ، حيث إنه مع الاحتمال المزبور يكون التمسك بالقاعدة من قبيل التمسك بالعام في الشبهة المصداقية لنفس العام ( وأصالة ) عدم حودث الشك والالتفات قبل العمل انما تجدي إذا كان الموضوع في القاعدة معنى تركيبيا ، وهو الشك الذي لم يكن مسبوقا بالشك والالتفات في ظرف العمل ، لاندراجه حينئذ في الموضوعات المركبة المحرزة بعضها بالوجدان وبعضها بالأصل ( وإلا ) فعلى فرض كون الموضوع أمرا بسيطا ملازما عقلا لعدم الشك والالتفات في ظرف العمل ، فلا تجدي الأصل المزبور لاثبات عنوان الموضوع ( والمسألة تحتاج إلى التأمل ).
    ( الامر الحادي عشر ) الظاهر أن المضي على المشكوك فيه في قاعدة التجاوز عزيمة لا رخصة ، فلا يجوز الاتيان بالمشكوك ولو برجاء الواقع ( لظهور ) الامر بالمضي في أخبار الباب ، وقوله (ع) بلى قد ركعت في وجوب البناء على وجود المشكوك فيه وتحققه في محله والغاء الشك فيه ( فإنه ) مع هذا الامر وهذا البناء لا يجوز العود إلى المشكوك فيه ولو رجاءا ، ( لأنه ) لا موضوع له مع حكم الشارع بوجوده ، فيكون الاتيان به حينئذ من الزيادة العمدية بالنسبة إلى نفس المشكوك فيه ، وبالنسبة إلى الغير الذي دخل فيه ، وهي موجبة لبطلان الصلاة ( مع أن الظاهر ) كون المسألة اتفاقية ، فلا يعتنى حينئذ بما يختلج بالبال من الاحتمالات ( هذا تمام الكلام ) في قاعدة التجاوز والفراغ.


(78)
( المسألة الثالثة )
    في أصالة الصحة في عمل الغير ( وتنقيح الكلام فيها ) انما هو بتوضيح أمور ( الامر الأول ) لا اشكال في اعتبارها في الجملة ( ويدل عليه ) بعد الاجماع المحقق فتوى وعملا ، والسيرة القطعية من المسلمين بل من كل ذي دين في جميع الأعصار على حمل الافعال الصادرة من الغير على الصحيح فيما يتعلق بعباداته ومعاملاته وترتيبهم اثر الصحة عليها ( مناط التعليل ) الوارد في اخبار اليد في رواية حفص بن غياث من لزوم العسر والحرج واختلال النظام بقوله (ع) ولولا ذلك ما قام للمسلمين سوق ( بل الاختلال ) اللازم من ترك العمل بهذه القاعدة أزيد من الاختلال الحاصل من ترك العمل باليد ، لأهمية موارد القاعدة من موارد اليد ، لجريانها في جميع أبواب الفقه من العبادات والمعاملات في العقود والايقاعات ، والى ذلك أيضا نظر من استدل على اعتبار هذا الأصل بحكم العقل ( بل لعل ) هذه الجهة هي المستند للمجمعين ، وللسيرة المستمرة من المسلمين ، وذوي الأديان وغيرهم في جميع الأعصار والأمصار حسب ارتكازهم وجبلتهم على حمل الفعل الصادر من الغير على الصحة وترتيب آثارها ( فان ) من البعيد جدا ان يكون ذلك منهم لمحض التعبد ( نعم لو أغمضنا ) عما ذكر ، لا يتم الاستدلال لها بالكتاب والسنة ، من نحو قوله سبحانه : وقولوا للناس حسنا بناء على تفسيره بما في الكافي من قوله (ع) : لا تقولوا إلا خيرا حتى تعلموا ما هو ( وقوله سبحانه ) اجتنبوا كثيرا من الظن ان بعض الظن اثم ( وقوله (ع) ) ضع امر أخيك على أحسنه ، ولا تظنن بكلمة خرجت من أخيك سوءا ، وأنت تجد لها في الخير سبيلا ( وقوله (ع) ) ان المؤمن لا يتهم أخاه وانه إذا اتهم أخاه انماث الايمان في قلبه كانمياث الملح في الماء : وان من اتهم أخاه فلا حرمة بينهما : وان من اتهم أخاه فهو ملعون ملعون ( وقوله (ع) ) لمحمد بن الفضل كذب سمعك وبصرك


(79)
عن أخيك المؤمن ، فان شهد عندك خمسون قسامه انه قال : وقال لم أقل فصدقه وكذبهم إلى غير ذلك من الاخبار المشتملة على هذه المضامين أو ما يقرب منها ( فان ) من الواضح عدم دلالة شيء من تلك الأدلة على ما نحن بصدده من الصحة بمعنى ترتيب آثار الصحيح على الافعال والأقوال الصادرة من الغير ( فإنها ) طرا ناظرة إلى مقام تعليم آداب المعاشرة مع الناس من عدم ترتيب آثار القبيح على الفعل أو القول الصادر من الأخ المؤمن عند الظن به ، بعد امكان الحمل على الوجه الحسن ، كما يدل عليه قوله (ع) وأنت تجد لها في الخير سبيلا ( لا في مقام ) ترتيب آثار الحسن عليه ، كوجوب رد السلام في الكلام الصادر من الغير المردد بين الشتم والسلام ، فمرجع الحمل على الوجه الحسن إلى حسن الظن بالأخ المؤمن فيما يصدر منه من الافعال والأقوال وعدم السرعة إلى ترتيب آثار القبيح عليه عند احتماله أو الظن به مهما أمكن ، لا لزوم ترتيب آثار الحسن عليه ، من الحكم بصحة المعاملة المرددة بين الربوية وغيرها ، كما هو مفروض البحث في المقام ( فلا ينافي ) الحمل على الوجه الحسن من حيث إنه حسن ، مع التوقف عن ترتيب آثار الحسن ( بل الظاهر ) من بعض هذه الأخبار هو ذلك ، كما في رواية إسماعيل المعروفة ( وكيف كان ) فعدم وفاء هذه الأخبار بما نحن بصدده من الصحة بمعنى ترتيب الأثر على ما يصدر من الغير من الافعال والأقوال أوضح من أن يحتاج إلى البيان ( فالعمدة ) حينئذ في مدرك القاعدة ما ذكرناه من الاجماع والسيرة ، ولزوم الاختلال الذي علل به في اخبار اليد.
    ( الامر الثاني ) هل المدار في الصحة على الصحة الواقعية ، أو الصحة باعتقاد الفاعل ، أو الصحة باعتقاد الحامل ( فيه وجوه ) والمشهور الأول : وهو الأظهر ، لما ذكرنا من الاجماع والسيرة ولزوم الاختلال ، فلا عبرة حينئذ بالصحة عند الفاعل باعتقاده اجتهادا ، أو تقليدا ( فان ) اعتقاده ، كاعتقاد الحامل طريق إلى الواقع الذي عليه مدار الصحة في مقام ترتيب الأثر ، لا ان له موضوعية في ذلك ( نعم ) لو كان مدرك القاعدة ظهور حال المسلم في عباداته ومعاملاته على الاتيان بها على وجه يراه صحيحا ، أمكن دعوى تخصيص الصحة بالصحيح عند الفاعل


(80)
( ولكنه ) مضافا إلى اختصاصه بصورة علمه بالصحيح والفاسد ، خلاف التحقيق ( فان الصحيح ) من مدارك هذا الأصل انما هو الاجماع والسيرة ، وبرهان اختلال النظام ( وعليه ) فمدار الحمل على الصحة الواقعية لا غيرها ، كما عليه المشهور ( ولازمة ) العموم لصورة علم الفاعل بالصحيح من الفعل وفاسده ، وجهله به ( كعمومه ) لصورة علم الحامل بمخالفة اعتقاده لمعتقد الفاعل في صحيح الفعل وفاسده بنحو العموم المطلق بل التباين أيضا على وجه ، فضلا عن صورة جهله بالحال ( فان ) المدار في الحمل على الصحة على مجرد احتمال مطابقة العمل الصادر من الغير عبادة أو معاملة الواقع ( فمهما ) شك في صحة العمل وفساده تجرى فيه أصالة الصحة ويترتب عليه اثره ، من غير فرق فيه بين الصور المزبورة ( وهذا ) ولمضح بعد ملاحظة اختلاف الفتاوي والابتلاء باعمال عوام الناس من أهل الأسواق وأهل الصحارى والبراري من الرجال والنساء مع عدم معرفتهم بالأحكام في العبادات والمعاملات ( نعم الاشكال ) انما هو في صورة علم الحامل بمخالفة معتقده اجتهادا أو تقليدا لمعتقد الفاعل كذلك على نحو التباين ، كما لو كان معتقد الفاعل وجوب الجهر بالبسملة في الصلوات الاخفاتية ووجوب الجهر بالقراءة في يوم الجمعة ، وكان معتقد الحامل وجوب الاخفات فيهما ( إذ ليس ) لنا دليل لفظي يكون هو المدرك للقاعدة حتى نتمسك باطلاقه ( بل عمدة ) المدرك لها هو الاجماع والسيرة ، وبرهان الاختلال في النظام ( والأولان ) لا اطلاق لهما يعم هذا الفرض ، والاختلال أيضا غير لازم في عدم العمل بالقاعدة في هذا الفرض لقلة مورده في الفقه ( فالمسألة ) محل اشكال من اطلاق الأصحاب ، ومن عدم مساعدة الأدلة.
    ( الامر الثالث ) ان هذا الأصل كما يجرى ويثبت صحة الفعل إذا كان الشك فيه بعد الفراغ منه ، كذلك يجري ويثبت صحته إذا كان الشك في أثنائه وان لم يصدق عليه المضي ، فمن اشتغل في غسل الميت أو الصلاة عليه وشك في أن ما يوقعه الغير صحيح أو فاسد تجرى فيه أصالة الصحة ويترتب عليه الآثار المقصودة.
    ( الامر الرابع ) لا تجرى هذا الأصل إلا بعد احراز صدور العمل المشكوك


(81)
صحته وفساده بالعنوان الذي تعلق به الامر أو ترتب عليه الأثر ( فإذا كان ) موضوع الأثر من العناوين القصدية ، كالوضوء ، والصلاة ، والبيع لا بد في جريان هذا الأصل من احراز عنوان العمل ( اما ) بالعلم الوجداني ، أو بما يقوم مقامه من الامارات المعتبرة ، أو الأصول العقلائية ، وإلا فلا يكفي في جريان هذا الأصل مجرد احراز صدور ذات العمل مع الشك في عنوانه الذي تعلق به الامر أو ترتب عليه الأثر ( فلو شوهد ) من يأتي بصورة عمل من وضوء ، أو صلاة ، أو زكاة ، أو بيع ونحو ذلك ، وشك في أنه قصد بما يأتي به من العمل تحقق العبادة أو المعاملة ، أم لا ، لم يحمل على ذلك ولا تجري فيه قاعدة الصحة ( إلا ) إذا كان هناك ظهور حال في كون الفاعل بصدد الانقياد والإطاعة ، وفي مقام التوصل بالانشاء الصادر منه إلى حقيقة البيع أو الإجارة ونحوهما ( نعم ) في العناوين غير القصدية كغسل اليد والثوب يكفي في الحمل على الصحة مجرد احراز ذات العمل ( فإذا ) شوهد من يجري الماء على يده أو ثوبه بحيث تحقق عنوان الغسل العرفي وشك في صحته وفساده من جهة الشك في بعض ما اعتبر الشارع فيه في حصول الطهارة ، تجرى فيه أصالة الصحة ويترتب عليه آثار الطهارة الواقعية ، وان لم يحرز كون الفاعل باجراء الماء على المحل في مقام التطهير الشرعي وإزالة الدنس ( نعم ) لو كان مدرك القاعدة ظهور حال المسلم في عدم اقدامه على الفاسد ، لكان للاشكال في جريان أصالة الصحة عند عدم احراز كون الفاعل بصدد التطهير وإزالة الدنس مجال ( ولكن ) ليس لأمر كذلك ، بل المدرك لها انما هو الاجماع والسيرة وبرهان الاختلال الذي علل به في بعض اخبار اليد ( ولا ريب ) في أن مقتضاها التعميم فتأمل.
    ( الامر الخامس ) لا اشكال في جريان أصالة الصحة في أبواب العقود وتقدمها على أصالة الفساد ، كجريانها في غيرها من العبادات والمعاملات ( بل قيل ) ان جريانها في أبواب العقود بالخصوص معقد الاجماع ( وانما الكلام ) في أن المراد من الصحة فيها استجماع العقد للشرائط المعتبرة فيه بما هو عقد ، كالعربية والماضوية والتنجيز وأشباهها ، فتختص أصالة الصحة في جريانها فيها بما إذا كان الشك في الصحة


(82)
والفساد مسببا عن الشك في أحد الشرائط المذكورة ( أو ان المراد ) ما يعمها والشرائط المعتبرة في المتعاقدين والعوضين ( وبعبارة ) أخرى كل شرط شرعي أو عرفي اعتبر في ترتب الأثر وتحقق النقل والانتقال الفعلي سواء كان الشرط راجعا إلى العقد بما هو عقد ، أو إلى المتعاقدين ، أو العوضين ، أو إلى نفس المسبب في قابليته للتحقق ( وحيث ) ان أصالة الصحة في العقود بنفسها من المسائل التي تعم بها البلوى خصوصا في باب الترافع والتخاصم في تشخيص المدعى والمنكر ( فالحري ) هو بسط المقال فيها لمعرفة ما هو الموصوف بالصحة والفساد ، وما يكون مجرى لأصالة الصحة ( وتوضيح ) الكلام يتم برسم أمرين ( الامر الأول ) لا شبهة في أن الشرائط المعتبرة في صحة العقد وتماميته في المؤثرية الفعلية لترتب الأثر لا تكون على نمط واحد ( بل هي ) بين ما يرجع اعتباره إلى دخله في نفس السبب الذي هو العقد من حيث تماميته في السببية والمؤثرية ، كالموالاة بين الايجاب والقبول والترتيب والتنجيز والعربية والماضوية وأشباهها ، وبين ما يرجع اعتباره إلى دخله في قابلية المسبب للتحقق عند تحقق سببه باجزائه وشرائطه ( وهذه ) الطائفة بين ما يكون محله المتعاقدين كالبلوغ والرشد والعقل ونحوها ، وبين ما يكون محله العوضين كالمعلومية والمالية ونحوهما ، وبين ما يكون محله نفس المسبب ، كعدم الربوية والغررية في البيع ( فان ) هذه الأمور وان كانت معتبرة في فعلية الأثر وترتبه على السبب ( ولكنها ) أجنبية عن مقام الدخل في السبب بما هو سبب وتماميته في السببية والمؤثرية ( لوضوح ) ان العقد بدونها على تماميته في الاقتضاء والسببية ( وان عدم ) اتصافه بالمؤثرية الفعلية بدون الأمور المذكورة انما هو لقصور المحل عن قابلية التأثر من قبله ( الا انه ) لقصور في العقد في اقتضائه وسببيته ( كيف ) ولا يزيد ذلك عن العلل والأسباب التكوينية كالنار مثلا ، ( فكما ) ان عدم ترتب الاحراق الفعلي على النار عند وجود الرطوبة المانعة في المحل أو انتفاء المحاذاة الخاصة لا يوجب قصورا في النار من حيث تماميتها في السببية والمؤثرية ، كذلك في المقام ( فان ) حال العلل والأسباب في الأمور الاعتبارية ، حال العلل والأسباب التكوينية في الأمور الخارجية ( الامر الثاني )


(83)
لا ريب في أن الصحة في كل شيء بحسيه ( لأنها ) بمعنى التمامية ، وتمامية كل شيء انما هو بلحاظ وفائه بالأثر المرغوب منه في قبال فاسده الذي هو عدم تماميته في الوفاء بما هو الأثر المرغوب منه ( فصحة الايجاب ) مثلا عبارة عن كونه مؤثرا ضمنيا بحيث لو تعقبه قبول صحيح لحصل اثر العقد ، في مقابل فاسده الذي لا يكون كذلك ، كالايجاب بالفارسي بناء على القول باعتبار العربية فيه ، ( فلو تجرد ) الايجاب عن القبول لم يوجب ذلك فساد الايجاب ( لان ) القبول معتبر في القعد لا في الايجاب ، فالايجاب يدونه على صحته وتماميته في المؤثرية الضمنية ( كما أن ) صحة العقد عبارة عن تماميته في نفسه في المؤثرية بحيث لو ورد على محل قابل لترتب عليه الأثر واتصف بالمؤثرية الفعلية ، في مقابل فاسده الذي لا يكون كذلك ( وبعبارة ) أخرى ان الصحة في العقد عبارة عن مفاد قضية تعليقية ( وهي ) كونه بحيث لو ورد على محل قابل لا تصف بالمؤثرية الفعلية ، نظير العلل والأسباب التكوينية بالقياس إلى معلولاتها ( لا ان ) معنى الصحة فيه هو المؤثرية الفعلية في حصول الأثر على الاطلاق ، كما يتوهم ( فلو تجرد ) العقد عن الأثر ، لأجل انتفاء ما يكون شرطا لقابلية المسبب للتأثر من قبله ، فلا يوجب ذلك فسادا في العقد ، بل العقد بدونه على تماميته في السببية والمؤثرية.
    ( وحيث ) اتضح ذلك : نقول ان مرجع الشك في الصحة والفساد بعد أن كان إلى تمامية الشيء بلحاظ الأثر المرغوب منه ( فلا بد ) في جريان أصالة الصحة والفساد في العقود والايقاعات من معرفة ما يكون معروضا للشك في الصحة والفساد من السبب أو المسبب ، وذلك لا يكون إلا بملاحظة منشأ الشك في الصحة في كونه هو الشك في فقد الشرائط الراجعة إلى السبب ، أو الشرائط الراجعة إلى المسبب ( مع ملاحظة ) ان الشرط المشكوك فيه من الشرائط العرفية للسبب أو المسبب ، أو من الشرائط الشرعية لهما ( فان كان ) الشك في الصحة والفساد مسببا عن الشك في فقد بعض الشرائط العرفية للسبب أو المسبب : كالشك في التوالي المعتبر عرفا بين الايجاب والقبول : ومطلق المالية في العوضين ( فلا مجرى ) لأصالة الصحة ، لا في السبب ، ولا في المسبب ، لرجوع الشك المزبور إلى الشك في مجرى أصالة الصحة ( ولقد )


(84)
تقدم في الامر السابق انه لا بد في جريان هذا الأصل من احراز عنوان موضوعه عرفا ( وإلا ) فمع الشك فيه لا تجرى أصالة الصحة ( وأما إذا كان ) الشك في الصحة والفساد مسببا عن الشك في فقد بعض الشرائط الشرعية ( فان كان ) الشرط المشكوك فيه من الشرائط الراجعة إلى العقد كالتنجيز ، والعربية والماضوية بناءا على اعتبارهما فيه والترتيب بين الايجاب والقبول : تجرى أصالة الصحة في العقد ( لأنه ) عقد عرفي قد شك في صحته وفساده شرعا ( وان كان ) من الشرائط الراجعة إلى المسبب ، وهو البيع مثلا ، كالشك في كون المبيع أو الثمن خمرا ، أو خنزيرا ، أو الشك في بلوغ البائع أو المشترى ، أو الشك في كون المعاملة ربوية أو غررية ونحوها ( فلا تجرى ) الأصل في العقد بما هو عقد ( لما عرفت ) من أن الصحة فيه عبارة عن تمامية العقد في نفسه في السببية والمؤثرية ، وهذا مما يقطع به ولو مع القطع بعدم ترتب المسبب عليه فضلا عن الشك فيه ( وعلى فرض ) جريانه فيه لا يجدى لاثبات صحة المعاملة ، ولا لاثبات قابلية المسبب للتحقق ورفع الشك من جهته ( ولو قلنا ) بان أصالة الصحة من الأصول المحرزة ( لان ) غاية اقتضائها انما هو اثبات تمامية العقد في نفسه في السببية لترتب النقل والانتقال ( وأما ) اثبات قابلية المحل للتحقق من قبله فلا.
    ( نعم ) لا بأس حينئذ باجراء أصالة الصحة في عنوان المسبب وهو البيع مثلا وترتيب آثار الصحة عليه بعد احراز عنوانه عرفا ( لأنه ) بيع عرفي قد أحرز عنوانه وشك في صحته وفساده شرعا من جهة الشك في صدوره من البالغ ، أو الشك في المالية الشرعية في الثمن أو المثمن ، فتجري فيه أصالة الصحة ( ومن هنا ) قلنا أيضا انه لا يجدى التمسك بالأدلة المتكفلة للأسباب ، كعموم الوفاء بالعقد عند الشك في صحة المعاملة من جهة الشك في شرطية شيء للمسبب لأجل الشبهة الحكمية ، بلحاظ عدم تكفل هذه الأدلة لاثبات قابلية المحل ورفع الشك من جهته ( وانه ) لا بد في اثبات الصحة من التمسك بالعمومات المتكفلة للمسببات ، من نحو قوله سبحانه : أحل الله البيع ، وتجارة عن تراض ونحو ذلك ( وان كان ) الشرط المشكوك فيه من الشرائط الشرعية الراجعة إلى السبب والمسبب ، بان كان الشك في الصحة والفساد


(85)
ناشئا من الجهتين : تارة من الشك في فقد بعض الشرائط المعتبرة في السبب : وأخرى من الشك في فقد بعض الشرائط المعتبرة في المسبب ( فلا بد ) في الحكم بالصحة وترتيب الأثر من اجراء أصالة الصحة ، تارة في السبب ، وأخرى في المسبب بعد احراز عنوان العقد والبيع العرفي ( ولا يكفي ) في الحكم بالصحة وترتيب الأثر مجرد اجرائها في العقد ، لما عرفت من أن أصالة الصحة في العقد لا تقتضي أزيد من تمامية العقد في المؤثرية ، فليس شأنه اثبات قابلية المحل للتأثر ( واما ) المنع عن جريان أصالة الصحة في المسبب ، بأنه لا دليل على أصالة الصحة في العقود إلا الاجماع وليس لمعقد الاجماع اطلاق يعم جميع موارد الشك في الصحة ، بل القدر المتيقن منه هو ما إذا كان الشك في الصحة والفساد مسببا عن الشك في تأثير العقد للنقل والانتقال من جهة احتمال فقد بعض ما يعتبر فيه : بعد الفراغ على أهلية المتعاملين وقابلية المعقود عليه شرعا للنقل والانتقال ( فمدفوع ) بمنع انحصار الدليل بالاجماع المدعى في المسألة ( بل العمدة ) في الدليل على المسألة ، هو برهان اختلال النظام الذي جعل مناطا لاعتبار اليد في رواية الحفص ولازمه التعميم لجميع موارد الشك في الصحة سببا كان أو مسببا ( من غير ) فرق بين أنحاء القيود الشرعية للسبب أو المسبب.
    ( وتوهم ) ان أهلية العاقد لايجاد المعاملة وقابلية المعقود عليه للنقل والانتقال مأخوذ في عقد وضع أصالة الصحة ، فلا بد من احرازهما ، وإلا فمع الشك فيهما لا تجرى أصالة الصحة لرجوع الشك فيهما إلى الشك في عقد وضع هذا الأصل ، فكان المرجع حينئذ هو سائر الأصول العملية حسب ما يقتضيه المقام ( مدفوع ) بأنه ان كان المقصود بذلك كونهما من القيود العرفية للعقد بما هو عقد بحيث لا يصدق العقد عرفا على العقد الصادر من غير البالغ ، ولا على العقد الواقع على ما لا يقبل الانتقال ، كما هو الظاهر من كلام المحقق الثاني قده في مسألة اختلاف الضامن والمضمون له من قوله بعد ترجيح قول الضامن ( فان قلت ) ان للمضمون له أصالة الصحة في العقود ، وظاهر حال البالغ انه لا يتصرف باطلا ( قلنا ) ان الأصل في العقود الصحة بعد استكمال أركانها ليتحقق وجود العقد ، واما قبله فلا وجود له ... الخ ما نقله الشيخ


(86)
عنه ( ففساده ) أوضح من أن يخفى ، لوضوح تحقق العقد العرفي مع القطع بعدم صدوره من البالغ وعدم وقوعه على ما يقبل الانتقال شرعا فضلا عن الشك فيهما ( ودعوى ) الفرق في صدق العقد عرفا بين العقد الصادر من البالغ ، والعقد الصادر من غيره ولو كان مراهقا ، كما ترى ليست إلا المكابرة مع الوجدان ( وان كان ) المقصود ان أهلية العاقد وقابلية المعقود عليه للنقل والانتقال من القيود الشرعية لصحة العقد بما هو عقد من حيث تماميته في السببية والمؤثرية ( ففيه ) مضافا إلى فساده في نفسه ( انه ) يبقى سؤال الفرق ، بين الشك في صحة العقد وفساده من جهة الشك في أهلية العاقد لايجاد المعاملة أو قابلية المعقود عليه للنقل والانتقال ، وبين الشك في الصحة والفساد من جهة سائر القيود الشرعية المعتبرة في العقد كالماضوية والترتيب بين الايجاب والقبول بناء على اعتبارهما فيه ، والتنجيز وعدم الاقتران بالشرط الفاسد ( فكما ) انه تجرى أصالة الصحة في الثاني عند احراز موضوعها عرفا ( كذلك ) تجري في الأول ( إذ لا فرق ) بينهما بعد كون الجميع من القيود الشرعية للعقد ( مع أن ) هذه الدعوى ، دعوى بلا بينة ، ولا برهان حتى بالنسبة إلى البلوغ ( لان ) عمدة ما دل على اعتباره في مقابل مطلقات الأدلة ، انما هو حديث رفع القلم ، ( وما ورد ) بأنه لا يجوز امر الصبي ( وغاية ) ما يستفاد منهما انما هو اثبات قصور الصبي عن السلطنة في استقلاله على التصرفات المالية فيما يرجع إلى ما له أو نفسه ( لا اثبات ) كونه مسلوب العبارة بحيث يكون العقد الصادر منه لايجاد المعاملة بمنزلة العدم حتى في مقام ايجاد المعاملة عن الغير ( وان كان ) المقصود كونهما من الشرائط الشرعية في تأثير العقد وقابلية المسبب للتأثر ( وان ) المنع عن جريان أصالة الصحة في العقد ، لمكان عدم اقتضاء الأصل الجاري في السبب لاثبات قابلية المسبب ورفع الشك من جهته ( لان ) غاية ما تقتضيه أصالة الصحة في العقد انما هو مجرد تماميته في نفسه من حيث السببية والمؤثرية لا اثبات قابلية المحل للتأثر ( فهو وان كان ) متينا جدا كما ذكرناه ( ولكن ) ذلك مع كونه خلاف الظاهر من كلامه في كون الامرين مأخوذا في عقد وضع أصالة الصحة ، لا يقتضى المنع عن جريانها بقول مطلق حتى في طرف


(87)
المسبب عند احراز مجريها عرفا ( إذ لا فرق ) حينئذ بين الشك في الصحة من جهة الشك في أهلية العاقد وقابلية المعقود عليه ، وبين الشك فيها من جهة الشك في مالية العوضين شرعا ، أو الشك في ربوية المعاملة أو غرريتها ( اللهم ) الا ان يكون المقصود دخل أهلية العاقد وقابلية المعقود عليه للنقل والانتقال عرفا في قابلية المسبب للترتب على السبب ( ولكن ) دون اثباته خرط القتاد ( إذ الظاهر ) انه لا قصور في صدق عنوان البيع والإجارة والضمان ونحوها عرفا بدون الأمور المذكورة.
    ( فالتحقيق ) حينئذ بالنظر إلي الأدلة السابقة من السيرة ولزوم الاختلال هو التعميم في جميع ما يتصور له الصحة والفساد ، بعد احراز مجريها عرفا ( ولازمه ) التفصيل في جريان هذا الأصل بحسب الموارد باجرائه ، تارة في خصوص السبب إذا كان الشك في الصحة مسببا عن الشك في بعض ما اعتبر فيه شرعا ، وأخرى في المسبب دون السبب إذا كان الشك في الصحة مسببا عن الشك فيما اعتبر فيه شرعا في قابليته للترتب على السبب ، وثالثة في كل من السبب والمسبب ، إذا كان الشك في الصحة وترتب الأثر ناشئا من الجهتين ( من غير فرق ) بين ان يكون الشرط المشكوك فيه مما محله العقد أو المتعاقدين أو العوضين ، أو نفس المسبب فان جميع هذه القيود راجعة ، اما إلى السبب أو المسبب لاستحالة تمامية السبب وقابلية المسبب مع عدم الأثر ، فلا بد في جريان هذا الأصل من ملاحظة مجريه بعد أحرار عنوانه عرفا في كونه هو السبب أو المسبب أو كليهما.
    ( ثم انه ) يظهر من الشيخ ( قده ) وبعض آخر الاشكال في جريان أصالة الصحة في بعض الفروع ( منها ) الشك في صحة بيع الصرف من جهة الشك في تحقق القبض في المجلس بعد العلم بتحقق الايجاب والقبول ، وكذا الشك في صحة البيع من جهة الشك في إجازة المالك لبيع الفضول ( ومنها ) الشك في صحة بيع الوقف ولو من المتولي من جهة الشك في وجود المصحح له ، لمكان ان بيع الوقف لو خلى وطبعه مبنى على الفساد ( ومنها ) الشك في صحة بيع الراهن من جهة الشك في اذن المرتهن أو اجازته ( ومنشأ ) الاشكال انما هو لدعوى ان المتيقن من مجرى هذا


(88)
الأصل في عناوين المسببات هو صورة تردده حين وجود العقد بين الصحة الفعلية والبطلان ، لا الصحة التأهلية ( كما في صورة ) الشك في صحة البيع وفساده من جهة بلوغ العاقد أو مالية العوض أو المعوض ، أو من جهة ربوية المعاملة وغرريتها ( فان ) مجرى الأصل في جميع هذه الصور مردد من حين وجود العقد بين الصحة الفعلية والبطلان محضا ( وهذا ) المعنى لا يتصور في الأمثلة المزبورة ( فإنه ) على المشهور من كون القبض في الهبة والصرف والسلم ، وإجازة المالك لبيع الفضول شرطا ناقلا من الحين لا كاشفا ، لا يحتمل فيه الصحة والفساد من حين حدوث العقد ، وانما المحتمل فيه عند وجود العقد هي الصحة الفعلية أو التأهلية ، ، فلا تجرى أصالة الصحة بالنسبة إلى عنوان الهبة والصرف والسلم ( كما لا تجرى ) بالنسبة إلى العقد أيضا مع الشك في القبض أو الإجازة في بيع الفضول ( لان ) صحة العقد ليست إلا عبارة عن تمامية العقد بما هو عقد من حيث اقتضائه للتأثير ، وهذا المعنى مما يقطع به ولو مع اليقين بعدم حصول القبض في المجلس في بيع الصرف وعدم الإجازة من المرتهن لبيع الرهن ، ولا إجازة من المالك في بيع الفضول ( وان شئت ) قلت إن الصحة في العقد ليست إلا تأهلية معناها كون العقد بحيث لو تعقبه ما يتوقف عليه الصحة الفعلية من القبض أو اذن من المرتهن في المجلس أو من المالك في عقد الفضول ، لكان مؤثرا فعليا في النقل والانتقال ، لا ان الصحة فيه بمعنى المؤثرية الفعلية ، كي يقال ان القبض وكذا الإجازة بعد ما لا يكون من اجزاء السبب ، بل من شرائط نفوذه وتأثيره ، فالصحة الفعلية فيه تكون مشكوكة بلحاظ الشك في تحقق ما هو شرط نفوذه وتأثيره ( ولا مانع ) من اجراء أصالة الصحة الفعلية فيه للحكم بترتب النقل والانتقال في بيع الصرف والسلم ، إلا بقصر مجرى الأصل على صحة العقد عند حدوثه. ، لا مطلقا ولو بقاء ( فإنه ) بلحاظ حدوثه مع الشك في القبض لا تكون الصحة فيه الا التأهلية التي هي أيضا غير مشكوكة ( نعم ) لو كان القبض في الهبة والصرف والسلم من قبيل الشرائط المتأخرة كاشفا عن تحقق الملكية والنقل والانتقال من حين العقد بالكشف الحقيقي ، كما قيل به في إجازة المالك في عقد الفضول ، لكان للتمسك بأصالة الصحة في عنوان


(89)
المسبب من الهبة وبيع الصرف والسلم وفي بيع الراهن بعد احراز عنوانه العرفي مجال ( ولكنه ) خلاف التحقيق ( فان ) التحقيق هو كون القبض من الشرائط المقارنة الناقلة من حين وجوده ( ومعه ) لا تجرى في أصالة الصحة مع الشك في تحقق القبض ( بل الامر ) في إجازة المالك لعقد الفضول حتى على مذاق المشهور من الكشف الحقيقي أشكل ( لان الأثر ) انما هو للبيع المنتسب إلى المالك الذي هو الموصوف بالصحة الفعلية ، ولا انتساب إلا بالإجازة ، فمع الشك في الإجازة يشك في الانتساب المزبور ، فلم يحرز عنوان موضوع الأصل ، وعلى فرض احرازه لا يعقل الشك في العقد المنتسب إلى المالك من جهة الشك في الإجازة ( نعم ) لو قلنا انه يكفي في صحة عقد الفضول مجرد رضى المالك في نفس الامر ، وان الاحتياج إلى الإجازة في الحكم بالصحة وترتب النقل والانتقال انما هو لكشفه عن رضى المالك ، لا انه لخصوصية فيها تقتضي إضافة العقد الصادر من الفضول إلى المالك ( لأمكن ) التمسك بأصالة الصحة عند الشك في الإجازة على التفصيل المتقدم في القبض بين الكشف الحقيقي والنقل ( ولكن ) المبني ضعيف جدا ( وبمثل هذا ) البيان انقدح الحال في بيع الوقف عند الشك في عروض ما يسوغ معه بيعه ( فان ) بيع الوقف لو خلى وطبعه لما كان مبنيا على الفساد ، لاباء طبع الوقف بعنوانه الأولى عن قابلية النقل والانتقال يحتاج صحة بيعه إلى طرو ما يسوغ معه بيعه ، ومع الشك في ذلك لا مجرى لأصالة الصحة فيه ، وذلك لا من جهة ان أصالة الصحة فيه لا يثبت عروض مسوغات بيعه ، بل من جهة عدم احراز ما هو موضوع الصحة ( الا ان يقال ) انه ليس في الأدلة إلا ان بيع الوقف حال صدوره مع عدم المسوغ فاسد لا يصلحه لحوق الشيء ، ومع المسوغ صحيح ، نظير البيع الصادر من البالغ وغير البالغ ، بلا اخذ هذا العنوان في موضوع الصحة ( ولازمه ) الحمل على الصحة خصوصا إذا كان البيع صادرا من المتولي ، كما هو الشأن في كل عمل صادر من الغير بعنوانه الاجمالي القابل للاتصاف بالصحة الفعلية والفساد ، والمسألة غير نقية عن الاشكال ، فتحتاج إلى مزيد تأمل فيها ( ثم إن ذلك ) كله بالنظر إلى ترتيب الشاك في الصحة للأثر ، مع قطع النظر


(90)
عن تخاصم المتعاملين في بعض ما يتفرع عليه صحة المعاملة ( وإلا ) وجب العمل فيه بالقواعد المقررة لفصل الخصومة بالنسبة إلى مورد المخاصمة ، ويختلف الحكم في ذلك باختلاف كيفية تحرير الدعوى.
    ( تفريع ) إذا علم بوقوع الرهن على مال الغير وصدور واذن أيضا من المالك في رهن ماله مع رجوعه عن اذنه ، وشك في تقدم الرجوع على الرهن وتأخره عنه ( أو علم ) وقوع البيع من الراهن وصدور اذن ورجوع من المرتهن ، وشك في تقدم الرجوع على البيع وتأخره عنه ( ففي جريان ) أصالة الصحة في الرهن في الفرع الأول ، وفي البيع في الفرع الثاني ، الاشكال المتقدم من دوران الامر في كل من الرهن والبيع عند وجود العقد بين الصحة الفعلية والتأهلية ، لا بين الصحة الفعلية والفساد ( بل يزداد ) الأول اشكالا بما ذكرناه في بيع الفضول عند الشك في الصحة فعلا من جهة الشك في إجازة المالك ، من حيث عدم احراز عنوان الموضوع ، وعدم اثبات أصل الصحة لحيث انتساب البيع إلى المالك ( واما ) أصالة بقاء الاذن أو عدم الرجوع عنه إلى حين وجود العقد ( فقد ) يقال بجريانها في الفرعين واقتضائها صحة كل من الرهن والبيع ( ولكنه ) مشكل في الفرع الأول ( لان ) مقتضى التجارة عن تراض هو ان يكون الرهن حين وجوده ناشئا عن اذن مالك العين المرهونة ، بل ذلك يكون من مقتضيات طبع الوثيقة عرفا ( فكان ) لحيث النشو المزبور دخل في موضوع الأثر ( وأصالة ) بقاء اذن المالك ، أو عدم رجوعه عن اذنه غير مثبت لمثل هذه الإضافة النشوية ( لان ) نشو الرهن عن كونه من رضى المالك واذنه من اللوازم العقلية لبقاء الاذن إلى حين وجود العقد ( نعم ) يتم ذلك في الفرع الثاني ( فان ) الاحتياج إلى اذن المرتهن أو اجازته ، ليس لأجل انتساب الرهن إلى المرتهن ، كما في إجازة المجيز المالك لعقد الفضول ( وانما ) هو لأجل ابطال حقه المتعلق بالعين المرهونة المانع عن نفوذ بيع الراهن المالك ( فأصالة ) عدم الرجوع عن الإذن السابق إلى حين وجود العقد تكون مجدية في ترتيب آثار الصحة على البيع الصادر من الراهن.
نهاية الافكار القسم الثاني من الجزء الرابع ::: فهرس