نهاية الافكار ـ الجزء الرابع : رسالة نخبة الافكار في حرمان الزوجة من الاراضي والعقار ::: 46 ـ 52
(46)
المزبورة بين البابين ، من أن تخيير المالك في باب المزارعة بين الابقاء بالاجرة والازالة مع الأرش انما هو لاجل ان الزرع مشترك بينهما ولايجبر المالك على ابقاء حصته من الزرع لأن له قلعه قصيلا ، كما كان للمستأجر ذلك ، غير ان قلعه لحصته لما كان مستلزما لضرر الزارع في حصته وجب عليه تداركه بالأرش ( منظور فيه ) فان المالك وان لم يجبر على ابقاء حصته من الزرع فكان له القلع قصيلا « ولكن » مجرد ذلك لايقتضي تخييره بين الابقاء والقلع بالنسبة الى حصة الزارع ، لامكان تقسيم الزرع بينهما بنحو لايلزم من قلع حصة نفسه قصيلا اضرارا بالزارع في حصته ( وحينئذ ) فلو بيننا على جريان قاعدة نفي الضرر في امثال المقام وتحكيمها على قاعدة السلطنة على الاموال كما التزم به في باب الاجارة فلا محيص من القول به في باب المزارعة ايضا ( والا ) يلزم القول بجواز القلع في الاجارة ايضا ، فعلى كل تقدير لا وجه للتفرقة بين البابين ( بل المتعين ) بمقتضى ما ذكرناه هو القول بعدم وجوب التبقية على المالك مطلقا ما لم يثبت استحقاقه للبقاء بدليل خارج ، من غير فرق بين ان يكون ملكية الزرع او الغرس بالنحو المزبور بالاجارة أو المزارعة او الشراء او الانتقال بالارث او غيرها ( نعم ) في خصوص ما نحن فيه وهو الانتقال بالارث الى الزوجة يمكن دعوى استحقاقه للبقاء ، كما استظهرناه من اخبار الباب.

    لا خلاف ظاهراً بين الاصحاب في استحقاق الزوجة في الجملة من الخيار بأنواعه لكونه من الحقوق الموروثة فترث منه الزوجة كما ترث من غيره من الحقوق والأموال ( وانما الكلام ) في الخيار المتعلق بما تحرم منه الزوجة كالاراضي والعقار في انها هل تحرم من هذا الخيار مطلقا أو لاتحرم منه كذلك ( حيث ) ان فيه وجوه بل اقوال ، ثالثها التفصيل بين كون ما تحرم منه الزوجة منتقلا الى الميت أو عنه ،


(47)
فترث في الاول دون الثاني ( ولكن التحقيق ) عدم الحرمان مطلقا ، لعموم ادلة الارث والنبوي : ما ترك الميت من حق فهو لوارثه ( وانتفاء ) ما يقتضى حرمانها منه ( عدا ) ما افيد من اعتبار التسلط على العوضين من حيث الرد والاسترداد في حقيقة الخيار « لأنه » علاقة لصاحبه فيما انتقل عنه توجب السلطنة على استرداده في ظرف تسلطه على التصرف فيما انتقل اليه بازائه ليكون له رد ما في يده لتملك ما انتقل عنه « وهذا » المعنى لايتصور في حق الزوجة المحرومة بالنسبة الى الاراضي والعقار « اما » في صورة كون الارض منتقلة الى الميت ، فلكونها ملكا فعليا لسائر الورثة دونها ولا معنى لتسلطها على مال الغير ( وأما ) في صورة كونها منتقلة عنه ، فهي وان كانت مسلطة على ما يخصها من الثمن ، ولكن مجرد ذلك لايوجب سلطنتها على استرداد ما انتقل عن الميت ، اذ لا ينتقل اليها بازاء ما ينتقل عنها من الثمن شيء من الثمن « لأنه » يعتبر في الخيار تملك الرد والاسترداد الى نفسه ( وفيه ) ما لا يخفى ، اذ يمنع كون الخيار من تبعات السلطنة على العوضين ، بل هو حق متعلق بالعقد ، لا بما انتقل عنه او اليه ، فليس حقيقة الخيار الا مجرد السلطنة على حل العقد الذي لازمه القهري رجوع العوضين كل منها بعد الفسخ الى ملك مالكه السابق ، وفي هذا المقدار لايعتبر الملكية ، بل ولا كون صاحبه مسلطا على العوضين او احدهما حتى تحرم عنه الزوجة ، بشهادة ثبوته للوكيل في اجراء الصيغة ، وللاجنبي المجعول له الخيار ، مع وضوح عدم كونها مسلطين على العوضين ، بل على المجرد حل العقد ( ولا دليل ) على اعتبار أزيد من ذلك في حقيقة الخيار حتى في المالكين ، و كون المالك مورداً للرد عن نفسه والاسترداد الى نفسه غير مرتبط بحقيقة الخيار التي هي ملك فسخ العقد واقراره كعدم ارتباط تسلطهما الخارجي على العوضين من حيث الرد والاسترداد في حقيقته ، فان لملك فسخ العقد واقراره مقام وللسلطنة على المنتقل اليه او عنه مقام اخر.


(48)
    ( وحينئذ ) نقول ان اريد من السلطنة على العوضين من حيث الرد والاسترداد السلطنة عليهما اعتباراً من حيث كونه من لوازم حل العقد وفسخه ، فهو مسلم ( ولكن ) المدعى ، ثبوت ذلك للزوجة ايضا بأدلة الارث حتى في الخيار المتعلق ببيع الارض والعقار ، حيث لايمنع عن ارثها من الخيار حرمانها منها ( لان ) ثبوت الخيار لها انما كان بدليل الارث ، لا بمناط التبعية لارثها من المال حتى يقتضي حرمانها من الارض حرمانها من الخيار المتعلق بها ( ومن هنا ) تقول بثبوت الخيار للوارث في صورة كون الدين مستوعباً للتركة حتى على القول بعدم انتقال التركة الى الوارث مع استيعاب الدين لها ( وكذا ) في غير الولد الاكبر بالنسبة الى الحبوة ( وان اريد ) اعتبار ازيد من هذا المقدار في حقيقة الخيار من التسلط على استرداد ما انتقل عنه الى نفسه والتسلط على المنتقل اليه ، فهو مما يطالب بالدليل حتى في المالكين فان مجرد كونها موردين لهذين لايقتضى اعتبارهما في حقيقة الخيار.
    ( وحينئذ ) فاذا لا يعتبر في الخيار الثابت للمالك الا مجرد السلطنة على حل العقد وجعله كان لم يكن بلا اعتبار امر زائد ، فلا يعتبر في ارثه ايضاَ ذلك ( لان ) معنى ارث الخيار انما هو تملك الوارث ما كان للميت ، ولازمه هو ارث الزوجة من الخيار الثابت للميت ولو كان متعلقاً بما تحرم منه الزوجة ( من غير ) فرق بين أن يكون ماتحرم منه الزوجة منتقلا الى الميت او عنه ( اذ لا يعتبر ) في الخيار الذي هو حل العقد التبعية لملك المال او السلطنة عليه و لا استرداد الفاسخ الى نفسه والرد عن نفسه بشهادة ما عرفت من ثبوته للوكيل والاجنبي المجعول له الخيار ( و ان ابيت ) الا من اعتبار الرد والاسترداد اما الى نفسه او الى من هو منسوب من قبله وان خيار الوكيل والاجنبي انما هو باعتبار كونها منصوبين من المالك كما افاده الشيخ قده ( نقول ) ان الزوجة باعتبار وارثيتها تكون خليفة عن الميت فيما كان له وباعمالها الخيار تسترد احد العوضين الى الميت وترد الآخر وان


(49)
كانت هي محرومة من أصل المال « وتنقيح » الكلام بأزيد من ذلك موكول الى محل آخر « ولقد » ذكرنا شطراً وافياً من الكلام فيما يتعلق بالمقام في باب البيع في مبحث احكام الخيار « والمقصود » في المقام مجرد الاشارة الى ثبوت الخيار لها فيما يتعلق بالاراضي والعقار وانه ليس ارثها من الخيار من توابع ارثها لاصل المال ، ولا كان معني الخيار حق الرد والاسترداد الى نفسه وعنه وانما هو مجرد حق حل العقد وجعله كأن لم يكن الذي لازمه رجوع العوضين كل منهما الى مالكه السابق.

    اذا كان للميت ارض مشتراة بخيار له أو لصاحبه ، ففي استحقاق الزوجة حصتها من الثمن بعد الفسخ او حرمانها منه خلاف بين الاعلام « ولا يخفى » ان الخلاف في هذه المسئلة غير مبتنى على الخلاف في المسئلة السابقة ، لامكان القول بارثها من الثمن في هذه المسئلة مع البناء على حرمانها من الخيار في المسئلة السابقة ، كامكان القول بالعكس فبين المسئلتين تكون النسبة العموم من وجه ولا تلازم بينها.
    ( ثم ان المختار ) في المسئلة هو استحقاقها مما قابلها من الثمن بعد فسخ المعاملة ، لاقتضاء الفسخ ولو من الحين تبديل عنوان التركة من الخصوصية الموجبة لحرمان الزوجة منها الى عنوان آخر غير موجب لذلك « ولازمه » ارثها في مقدار حصتها مما قابل العين من الثمن بعد الفسخ « لايقال » ان الامر كذلك اذا كان قضية الفسخ كونه حلا للعقد من الاول ( والا ) فبناءاً على كونه حلا للعقد من الحين كما هو التحقيق فلازمه رجوع العوضين كل منها بالفسخ الى المالك الفعلي للآخر دون غيره « فاذا » كان المفروض ملكية الارض المشتراة لسائر الورثة دون الزوجة و دون الميت لفرض انتقالها بالموت الى الوارث ، فلا بد من رجوع ما قابلها من الثمن الى الوارث الذي خرج الارض بالفسخ من ملكه ، فلا وجه لرجوعه الى الميت ، ولا لصيرورته بحكم


(50)
ماله كي يتجدد الارث فترث منه الزوجة ( وبهذه ) الجهة منع ايضا من ارثها من الخيار المتعلق بمعاملة الاراضي والعقار ( فانه يقال ) أن مجرد كون الفسخ للعقد من الحين لا من الاول غير مجد في منع الزوجة من ارث الثمن ، الا بضميمة مقدمة خارجية ممنوعة ( وهي ) دعوى كون مفاد العقد عبارة عن مجرد احداث العلقة البدلية بين المالين في عالم الاعتبار من دون ملاحظة اضافتهما الى طرفي العقد اعني المالكين من حيث الدفع والجذب « اذ حينئذ » يمكن منع استحقاق الزوجة نصيبها من الثمن « لان » حل العقد في كل زمان يقتضي قلب العلقة البدلية بين المالين في ذلك الزمان ( ففي ) زمان ملكية الارض للميت تكون قضيته الفسخ رجوع الثمن الى ملكه بمقتضى الملكية السابقة ( وفي زمان ) ملكيتها للوارث يكون الفسخ موجباً لرجوع الثمن الى خصوص الوارث المالك للارض ولازمه حرمان الزوجة من الثمن المسترد بالفسخ ( كما ان ) لازمه ، في فرض عكس المسئلة و هو كون الارض منتقلة عن الميت ، الالتزام باستحقاق الزوجة نصيبها من الارض المستردة بالفسخ ، لعدم كون استحقاقها منها حينئذ بعنوان الارث من الميت حتى يمنع عنه ، و انما هو بعنوان الفسخ الموجب لرجوع العوضين كل منهما الى المالك الفعلي للآخر.
    ( ولكن ) الشأن في تمامية هذا المبني ( بل نقول ) ان مفاد العقد الذي اقتضى الفسخ حله عبارة عن العلقة البدلية بين المالين على نحو لو حظ ايضا اضافتهما الى المالكين ولو باعتبار اشراب حيث الدفع الى الغير والجذب منه في الالتزام العقدي من المتعاقدين في مقام المعاوضة والمبادلة « ولازمه » اقتضاء الفسخ قلب عنوان دافعية البايع للمثمن من الحين الى جاذبيته له ، وبالعكس في طرف المشتري « الملازم » في الفرض لاعتبار خروج الارض من ملك الميت ودخول الثمن في ملكه ولو حكماً المساوق لقلب عنوان التركة من الحين بعنوان آخر ينتقل مثله اليها ولازمه هو الالتزام بارث الزوجة من الثمن ( كما ان )


(51)
لازمه في عكس المسئلة هو الالتزام بحرمان الزوجة ، لصيرورة الأرض المستردة بالقنح بحكم مال الميت الذي لاينتقل مثله الى الزوجة.
    ( وان شئت ) قلت ان مقتضى كون الفسخ حلا للعقد ولو من الحين وجعله كأن لم يصدر من المتعاقدين هو رجوع كل من العوضين الى من له العقد بمقتضى الملكية السابقة ولا يكون من له العقد الا البايع الميت دون الوارث ، ولازمه استحقاق الزوجة من الثمن المقابل للعين ، لتبدل عنوان التركة من الحين الى عنوان اخر لاتحرم الزوجة من مثله.
    ( وأما ) توهم عدم قابلية الميت لان ينتقل اليه المال حقيقة ولا حكما بصيرورة الثمن بحكم ماله ( فمدفوع ) بانه لو سلم عدم قابلية الميت للانتقال الجديد ، فلا مانع من صيرورته بحكم ماله ( فان ) الملك الحكمي مما لامحذور فيه ، كما في نماء ثلثه وأرش جنايته.
    ( ودعوى ) ان من له العقد بعد الموت انما يكون هو الوارث ( فانه ) باعتبار كونه خليفة عن الميت الموجب لاعتبار كون العقد على مال الميت واقعاً على ماله المستتبع لرجوع الثمن بالفسخ اليه لا الى الميت حتى يرثه الوارث منه ( مدفوعة ) بأن كون الوارث خليفة عن الميت ونازلا منزلته في كون العقد الواقع على المال واقعاً على ماله انما يقتضي رجوع المال اليه في فرض عدم امكان رجوعه الى الميت ومن له العقد التحقيقي ( والا ) فعلى فرض امكان رجوعه الى الميت ولو حكماً فلا مجال لرجوعه الى من هو نازل منزلته في كونه ممن له العقد ( وحينئذ ) فاذا كان قضية الفسخ عود المال الى من له العقد التحقيقي ، يلزمه ارث الزوجة من الثمن المستردة بالفسخ ، كما ان في عكس المسئلة يلزمه حرمانها من الأرض المستردة ، من غير فرق في ذلك كله بين أن يكون الخيار للميت أو لطرفه.


(52)
    « ولكن » يظهر من بعض من عاصرناه التفصيل في المسئلة بين أن يكون الخيار للمشتري الميت أو للبايع فقال بارث الزوجة من الثمن في الأول دون الثاني « ببيان » أن الزوجة و ان لم ترث من العقار شيئاً ، الا أتها بارثها للخيار ملكت أن تملك بالفسخ ، فاذا فسخت ملكت بقدر نصيبها لارثها للعلقة « ولكنه » كما ترى فان الفسخ لو اقتضى رجوع ما قابل العين الى ملك الميت ولو حكمها ، فلا فرق فيه بين كون الفسخ بخيار للمشتري الميت او للبائع ، فان الزوجة في الصورتين تستحق من الثمن بقدر نصيبها ، بلحاظ تبدل عنوان التركة من الحين بعنوان آخر ينتقل مثله اليها « وان اقتضى » رجوعه الى المالك الفعلي للأرض حين الفسخ الذي هو الوارث يلزمه حرمان الزوجة من الثمن في الصورتين « ومجرد » ارثها للخيار لا يؤثر في ارثها من المال ، ولذلك اشرنا في اول المسئلة بانه لا تلازم بين ارثها للخيار وبين ارثها من المال ، لان النسبة بين المسئلتين تكون بنحو العموم من وجه « هذا » آخر ما أوردناه في هذه المسئلة والحمدالله أولاً وآخراً « وقد حصل » الفراغ من تسويدها على يد العبد الجاني على نفسه الراجي رحمة ربه محمد تقي النجفي البروجردي ابن عبدالكريم عفى الله عن
جرائمهما بالنبي محمد صلي الله وعليه واله الطاهرين في شهر ذي القعدة الحرام
سنة الالف و ثلاث مائة واحدى وستين من الهجرة النبوية عليه وعلى
وصيه وابن عمه وعلى الائمة المعصومين من ذريته آلاف
الثناء والتحيه
نهاية الافكار ـ الجزء الرابع : رسالة نخبة الافكار في حرمان الزوجة من الاراضي والعقار ::: فهرس