نهاية الافكار ـ الجزء الرابع : رسالة نخبة الافكار في حرمان الزوجة من الاراضي والعقار ::: 31 ـ 45
(31)
في ماله حتى مع الامتناع عن أداء حقها ، غاية الامر يجبره الحاكم على الأداء مع الامتناع كسائر الممتنعين من اداء الحق ، ويجوز لها التقاص من ماله مع عدم امكان الاجبار ( اللهم ) الا أن يدعى أن حق الزوجة وان كان متعلقاً بالقيمة في ذمة الوارث الا ان له نحو تعلق ايضا بالعين على نحو يمنع عن تصرف الوارث فيها باتلاف او نقل لها بماليتها قبل اداء حقها اليها نظير تعلق حق الرهانة بالعين المرهونة ( ولاجل ) ذلك يكون الوارث قبل دفع القيمة اليها كالمحجور عليه في التصرفات المتلفة للعين والنافلة لها ( ولكنه ) يحتاج الى دليل عليه بالخصوص ( والا ) فلا يكون حقها في ذمته الا كسائر ديونه في عدم اقتضائه المنع عن تصرفه في الاعيان المملوكة له بالارث ( ولذلك ) التزم في الجواهر تبعا للمحكي عن ثاني الشهيدين في رسالته بانه يجوز للوارث التصرف في العين باتلاقها او نقلها حتى مع امتناعه عن دفع القيمة اليها لبقاء حقها في ذمته حقها في ذمته الى ان يتمكن الحاكم من اجباره على اعدائها او البيع عليه قهرا كغيره من اداء الحق ، او تتمكن الزوجة من تخليص حقها ولو مقاصة منها او من غيرها من اعيان ماله ( هذا ) على مبنى تعلق حقها بالقيمة في ذمة الوارث بالموت ( واما على مبنى ) تعلق إرثها بدواً بالعين وان كان للوارث تحويله عنها بدفع القيمة اليها ، فلا يجوز للوارث قبل دفع القيمة اليها التصرف فيها لكونه من التصرف في مال الغير بدون رضاه فيكون باطلا غير نافذ ( وكذا الحال ) على مبنى تعلق حقها بمالية العين اما مطلقا او منوطا بعدم رضاء الوارث على اعطاء حصتها من العين والا فيكون حقها متعلقاً بنفس العين كما هو احد المحتملات في المسئلة وضح به المحقق القمي (قده ) ( فان ) إرثها حينئذ و كلن متعلقاً بمالية العين لابخصوصية العين الا ان قضية كونها بماليتها متعلقة لحقها تمنع عن ذلك ، فيتوقف جواز تصرفه فيها باتلاف او نقل لها بماليتها على تدارك ما للزوجة من مالية العين ( والا ) فبدونه يكون حقها ثابتاً في المالية القائمة بالعين ، فيمنع عن التصرف فيها باتلاف او نقل


(32)
كما في الصورة الاولى ( لأن ) نسبة تعلق حقها بمالية العين كنسبة تعلقه بنفس العين في المنع عن تصرف الوارث فيها قبل تدارك حقها بدفع القيمة اليها ( نعم ) بينهما فرق من جهة اخرى وهي اقتضاء تعلق حقها بنفس العين عموم المنع عن مطلق التصرف فيها قبل دفع البدل اليها حتى التصرفات اليسيره غير الملتفة للعين او الناقلة لها ( بخلاف ) هذا المبني ( فإن ) لازمه تخصيص المنع بالتصرفات الناقلة والمتلفة للعين او المنقصة لماليتها ولايعم مطلق التصرفات حتى السيرة غير المنقصة لماليتها ( لعدم ) اقتضاء هذا المقدار من الحق الثابت في مالية العين منع مالكها عن مطلق التصرف فيها ، كي يتوقف جوازه على تدارك مالها من المالية القائمة بها.
    ( وكيف كان ) فلو باع الوارث العين قبل دفع القيمة اليها او تقويمها على نفسه بمحضر الحاكم يقع البيع فضولياً بالنسبة الى ما يخص الزوجة من حصتها ربعاً او ثمناً ( فإن ) اجازت نفذ البيع في التمام وترجع الزوجة الى الوارث في مقدار حصتها من المسمى بناء على تعلق ارثها بعين البناء والاشجار ، ومن القيمة الواقعية بناء على تعلق ارثها بمالية العين ، ولها الرجوع الى المشترى ايضا واخذ حصتها منه ، فترجع المشتري بما دفع اليها الى الوارث البايع ( وان لم تجز ) بطل البيع في مقدار نصيبها مطلقا على مبنى تعلق حقها بالعين ولو مع رد القيمة اليها بعد البيع الا على القول بصحة البيع فيمن باع شيئا ثم ملك ( ومع عدم ) دفع القيمة اليها على المبنى الآخر فتأمل فان الظاهر بنائهم على صحة البيع ونفوذه في التمام اذا دفع اليها حقها من القيمة بعد البيع حتى ممن التزام بعدم الصحة فيهن باع شيئا ثم ملك ( فإن ) ذلك يكشف عن كون البطلان مراعى بعدم اعطاء القيمة اليها.
    ( ومنها ) ما تقدم من وجوب دفع القيمة على الوارث مع تلف العين أو غصب غاصب اياها بعد الموت على مبنى تعلق حق الزوجة بقيمة العين في ذمة الوارث لورود


(33)
التلف والغصب على ملكه واستقرار القيمة لها بالموت فى ذمته فيجيب عليه الخروج عن العهدة كسائر ديونه ( واما على مبنى ) تعلق حقها بدواً بالعين فلايجيب عليه دفع القيمة اليها مع تلف العين أو مغصوبيتها ( لأن ) التلف او الغصب كما انه وارد على مال الوارث ، كذلك وارد على متعلق حق الزوجة ( وكذلك ) الامر بناءاً على ما هو المشهور من تعلق حقها بقيمة العين لا بشخصها « فان » العين حينئذ وان كانت ملسكاً للوارث الا انه من جهة ماليتها القائمة بها كانت متعلقة لحق الزوجة « فاذا » تلفت باقة سماوية من سيل ونحوه لا بتفريت من الوارث او انه غصبها غاصب كان التلف او الغصب وارداً على متعلق حقها ايضا ، ومعه لا وجه لضمان الوارث لها بالقيمة « بخلاف » المبني المتقدم « فانه » عليه يكون محل القيمة ذمة الوارث دون العين ، فلا يتصور في مثله ورود التلف على متعلق حق الزوجة « لايقال » ان محل القيمة على هذا المبني وإن كان ذمة الوارث ، إلا ان استقرار القيمة في ذمته منوط ببقاء العين وتمكنه من التصرف فيها ، وبدونه لا استقرار للقيمة في ذمته حتى يجب عليه الخروج عن العهدة بدفع القيمة اليها « فلا ثمرة » حينئذ من هذه الجهة بين تلك المسالك « فانه يقال » أنه يكفي في اخذ الثمرة المزبورة كونها مقتضى القاعدة المستفادة من الأدلة بعد إطلاق النصوص وانتفاء مايقتضي الاناطة المزبورة في استقرار القيمة في ذمته « ومجرد » قيام الاجماع في مفروض الكلام على عدم وجوب دفع القيمة على الوارث لايقتضي الكشف عن التقييد والاناطة المزبوره ، لولا دعوى كشفه عن بطلان المبني « نعم » لو ثبت منهم الاجماع على عدم وجوب شيء على الوارث في مفروض الكلام حتى على المبنى المزبور ، لكان لاستفادة الاناطة المزبورة مجال « ولكن » الشأن في هذا الاجماع فان دون اثباته خرط القتاد ( وحينئذ ) فيمكن قوياً ان يكون اتفاقهم على عدم شيء على الوارث من جهة رفضهم هذا المبنى وبنائهم في المسئلة على ما تقتضيه ظواهر الادلة


(34)
من تعلق حق الزوجة بمالية العين لا بقيمتها في ذمة الوارث « ولذا » جعلنا هذا المعنى من المحاذير والتوالي الفاسدة للمني المزبور.
    ( ومنها ) إختصاص المنافع التماآت المتصلة والمنفصله المتجددة بين الموت وزمان دفع القيمة بالوارث بناءاً على مبنى تعلق حق الزوجة بالقيمة في ذمة الوارث ( وكذلك ) على مبنى تعلقه بمالية العين « لأن » المنافع والتماآت من توابع ملك العين لا ملك المالية ( واما بناءاً ) على مبنى تعلق حقها بالعين وان للوارث دفع القيمة بدلا عنها ، فتشترك الزوجة مع الوارث فيها بحصتها ربعاً أو ثمناً كما صرح به المحقق القمي وقواه في موضع من أجوبة مسائله لكونها نماءاً لما ملكتها بالارث فلا وجه لتخصيص الوارث بها دون الزوجة ( نعم ) في موضع اخر منها التزم باختصاصها بالوارث دون الزوجة معللا بان الزوجة لاتملك من العين حتى تستحق المنافع المتجددة بين الموت وزمان دفع القيمة ، وانما هي ملك لغيرها من الورثة ( ولعل ) ذلك منه ( قده ) رجوع عما اختاره اولا ( والا ) فهو مناف لما اسسه من المبني الذي قرره مرارا في كلامه.
    ( ومنها ) ما تقدمت الاشارة اليه سابقاً من اجبار الوارث على التقويم واعطاء القيمة اذا لم ترضى الزوجة الا بها بناءا على مبنى تعلق بمالية او بقيمتها في ذمة الوارث ( واما بناءا ) على مبنى تعلقها بالعين او بماليتها بمناط الارفاق بالوارث و عدم الاضرار به المنتفى مع رضائه باعطاء العين فلا يجب عليه دفع القيمة ولا يجبر على التقويم ، بل لو أراد الوارث اعطاء نصيب الزوجة من العين تجبر الزوجة على القبول ، كما انه لو اراد دفع القيمة اليها تجبر ايضا على القبول وليس لها الامتناع من قبولها ( وقد يتوهم ) أن الامر كذلك حتى على مبنى تعلق حقها بمالية العين بخيال ان دفع حصتها من العين دفع لعين حقها من المالية القائمة بالعين مع زيادة خصوصية


(35)
العين فلا وجه لامتناعها من قبولها ومطالبتها بالقيمة « ولكنه » توهم فاسد « فان العين » بعد ان كانت ملكا للوارث كان لها الامتناع من قبولها لقاعدة السلطة المقتضية لعدم دخول شيء في ملك شخص الا باذنه ورضاه ، ومجرد رضاء الوارث باعطاء العين اليها لايوجب دخولها في ملكها قهراً ولا يقتضي ايضا اجبارها على القبول كما هو ظاهر.

    اذا اجتمعت ذات الولد وغيرها وقلنا باختصاص الحرمان من مطلق الارض عينا وقيمة ، ومن البناء والاشجار عيناً لا قيمة بالثانية ، فهل ترث الاولى كمال الثمن من رقبة الأرض من غير مشاركة احد من الورثة معها وكماله من أعيان البناء والآلات والاشجار ، وعليها للاخرى نصف الثمن قيمة البناء والاشجار او انها لاترث إلا نصف الثمن من رقبة الارض والبناء والاشجار ونصفه الآخر لسائر الورثة وعليهم دفع قيمة نصف الثمن من الأشجار والبناء الى غير ذات الولد ( فيه وجهان ) بل قولان ثانيها مختار المحقق القمي « قده » وبعض اخر ، نعم ما هو الموجود في موضع من اجوبة مسائله تخصيص نصف الثمن من البناء والاشجار بغير ذات الولد دون الورثة ولعل ذلك على اصله من ارث الزوجة من عين البناء والاشجار ( ولكن الاقوى ) وفاقا للمشهور الاول ( فان الزوجة ) بوجودها ترث ثمن التركة بالفريضة واحدة تكون ام متعددة غير انه مع التعدد يقسم الثمن بينهن حسب تعدد الزوجات ( فاذا حكم ) الشارع بحرمان غير ذات الولد من العرصات مطلقا ومن أعيان البناء والآلات والأشجار تصير المحرومة من هذه الجهة بحكم المعدومة ( ولازمه ) اختصاص ذات الولد بتمام الثمن من العرصات من غير مشاركة أحد من الورثة معها فيها ، وتمام الثمن من البناء والالات والاشجار كما في فرض انحصارها وعليها للاخرى نصف ثمن قيمة البناء والاشجار ،


(36)
« فلا وجه » حينئذ لدعوى رجوع نصف الثمن منها الى الورثة ( فان ) ذلك يحتاج الى دليل بالخصوص يقتضي حجبها من نصف الثمن عند اجتماعها مع غير ذات الولد ، و هو مفقود في المقام ( ولا فرق ) في الولد على التفصيل المزبور بين الذكر والانثى ، ولا بين الولد وولد الولد ، بل ولا بين الحمل وغيره ولكن مع مراعات الولادة حياً ، لا بين الخنثى وغيرها ولا بين كون الولد من نكاح دائم او متعة ، كما لو اولدها وهي متعة ثم تزوجها بعقد دائم ومات عنها ، ولا بين كون الولد من نكاح صحيح او شبهة منها بل ومن أحدهما ايضا على اشكال فيه خصوصاً اذا كانت الشبهة من طرفها كل ذلك لاطلاق المقطوعة المتقدمة المؤيدة بالعمومات ( نعم ) لايلحق بذلك ولد الزنا منها لانتفائه شرعا و كون المنصرف من المقطوعة ذات الولد الشرعي.

    اذا كان على الميت دين و نحوه يوزع على مجموع التركة مما ترث منه الزوجة وما تحرم منه فلا يدفع جميعه من غير الأرض ليلزم الضرر على الزوجة ، ولا من خصوص الأرض ليلزم الضرر على الورثة دونها ( فان ) ذلك هو مقتضى تعلقه بمجموع التركة من الأراضي وغيرها ، مضافاً الى كونه مقتضى قاعدة العدل والانصاف الذي هو عدم توجيه الضرر على بعض الورثة دون بعضها ( وكذلك الامر ) في كفن الميت ووصاياه فيخرجان من مجموع التركة على معنى توزيعهما على ما تحرم منه الزوجة وما ترث منه فتنقص من نصيبها ما يقابله من الدين والكفن والوصية كما هو الشأن في الحيوة ايضا حيث يوزع الدين والكفن على مجموع التركة فينقص منها شيء بازاء ما يقابله لما هو الظاهر من الآية من ان الميراث لايثبت الا بعد اداء الدين والحيوة من جملة الميراث.


(37)
    حق الزوجة حق مالي يجوز الصلح عليه لأجنبي أو لبعض الورثة وبالصلح ينتقل حقها الى المصالح له فيحب على الورثة دفع القيمة الى من انتقل اليه الحق أجنبياً كان او بعض الورثة ، من غير فرق في ذلك بين المسالك المتقدمة كما هو واضح ( نعم ) بناء على ما احتمله بعض في دفع القيمة من كونه مجرد حكم تكليفي محض بلا شائبة وضع كما اشرنا اليه سابقا يكون الصلح باطلا سواء كان الصلح لاجنبي او لبعض الورثة « ولكن » الاشكال في المبنى ، فانه مخالف لما هو المصرح به في الاخبار الباب من ارثها من القيمة مع انه لم اجد القول به صريحا لأحد من الاصحاب ( وما في البلغة ) من نسبته الى بعض معاصريه لعله كان منه لمحض ابداء الاحتمال كما هو ديدن المحققين ( وعلى فرض ) القول به فلا ريب في ضعفه.

    لا فرق فيما تحرم منه الزوجة عيناً لاقيمة بين ان تكون الأرض التي فيها البناء والأشجار ملكاً للزوج الميت ، وبين ان تكون ملكاً للزوجة قد ملكتها بأحد الاسباب المملكة من بيع او ارث و نحوهما ( فان ) حكم البناء والأشجار حكمها فيما لو لم تملك شيئا من العراص فتحرم منها عينا لا قيمة من جهة الارث منها كما هو ظاهر.

    إذا كان في الارض التي تحرم الزوجة منها مطلقاً زرع ، فلا اشكال في أنها ترث نصيبها ثمناً او ربعاً من عين الزرع وان لم يبلغ او ان حصاده ، بل ولو كان بذرا لعموم الادلة وانتفاء ما يوجب حرمانها ، عدا توهم قياسه بالبناء والأشجار ، بلحاظ ثباته في الارض ( ولقد عرفت ) فساده من انه ليس المدار فيما تحرم منه الزوجة عيناً لاقيمة على عنوان الثبات في الارض او عنوان غير المنقول كما يوهمه بعض تعابيرهم حتى يتعدى


(38)
من البناء والأشجار الى كل ما له ثبات في الارض ، وانما المدار فيه على العناوين المأخوذة في الأدلة من نحو عنوان البناء وما يكون جزءاً منه كالطوب والخشب ، بل لولا صحيح الاحول ، لكنا نقول بارثها من عين الاشجار بمقتضى عمومات الارث ( وحينئذ ) فبعد إقتضاء الأدلة توريثها من عين الزرع مجال لتوهم حرمانها منه عيناً بمحض ثباته في الأرض كما لايخفى ( نعم ) انما الكلام في انه هل للزوجة ابقاء الزرع في الارض الى ان يحصد بدون الاجرة او معها بحيث لم يكن للوارث الامتناع من بقائه في الارض حتى مع بذل الاجرة ( او انه ) ليس لها ذلك ، وأن لمالك الارض الذي هو الوارث امرها بقلعه وإزالته مع الأرش او بدونه ( فيه وجوه ) أوجهها بظاهر المستفاد من اخبار الباب ، الاول لعين ما ذكرناه في الاشجار والبناء من ظهور الادلة في استحقاق الزوجة ابقائها في الأرض بلا أجرة من غير ان يكون للوارث الامتناع من ذلك ولا المطالبة بالاجرة على التقية ، بلحاظ انتقال الارض اليه من مورثه مشغولة بالزرع والغرس.
    ( نعم ) لو نوقش في استفادة ذلك من اخبار الباب كان المتجه بمقتضى قاعدة تسلط الناس على اموالهم و عدم حل مال المسلم الا بطيب نفسه عدم حق لها على تبقية الزرع في الارض الى وقت حصاده حتى مع الاجرة فضلا عن كونها بلا اجرة فللوارث امرها بقلعه وازالته ، ( فان ) هذه المسألة من صغريات مسئلة من ملك غرسا او زرعا في ارض لم يملك ابقائه فيها مع كون الوضع فيها بحق لعارية او مزارعة او اجارة و نحو ذلك ، كما اذا اعار ارضا او استأجرها في مدة لغرس لو زرع فمضت المدة والزرع باق ، ولولا بتفريط من المستأجر ، بل لاتفاق كثرة الامطار و تغيير الاهويه و نحوهما ( فانه ) و ان اختلف فيها كلماتهم على اقوال ( ولكن ) التحقيق فيها وفاقا للمعظم انه ليس لمالك الزرع ابقائه بعد المدة و لو بالاجرة ، بل للمالك الارض الامر


(39)
بقلعه وازالته بلا أرش لقاعده تسلط الناس على اموالهم وعدم حل التصرف في مال امرء مسلم الا بطيب نفسه ( وعدم ) اقتضاء مجرد كون الوضع بحق في مدة الاجارة لاستحقاق بقائه بعد مضى المدة كي يجب على المالك ابقائه في ارضه ( والاستدلال ) على ذلك بمفهوم قول الصادق عليه السلام في رواية عبدالعزيز بن محمد الدراوردي او اندراوردي .. ليس لعرق ظالم حق ، اما بتنوين العرق او باضافته ، بدعوى دلالته بالمفهوم على ان لعرق المحق و غير ظالم حق ، كما ترى فان الكلام ليس في مدة الاجازة وانما الكلام فيما بعد انقضاء المدة وزوال هو الموجب لصحة التصرف ، ولا شبهة في دخول ذلك في منطوق الرواية ، لعدم حق للزارع على ابقاء زرعه في ملك الغير بعد انقضاء المدة ( وما افادة ) فخر المحققين ( قده ) من انه اجمع الاصوليون على دلالة الوصف على المفهوم في هذا الحديث وان اختلفوا في دلالة مفهوم الوصف في غيره من غرائب الكلام ، فان شأن الاصولي انما هو بيان القواعد الكلية المنطبقة على مواردها كقولهم بحجيته مفهوم الشرط ومفهوم الوصف مطلقا او بشرط خاص فلا معنى لدعوى اجماعهم على دلالة الوصف على المفهوم في مورد خاص في المسئلة الفقهية الا باعتبار كون المورد من افراد ما بنوا على دلالة الوصف على المفهوم والا فلا وجه لتخصيص دلالة المفهوم بمورد هذا الحديث الا من جهة فهمهم من الحديث ثبوت الحكم تعبدا ، ومثله غير مرتبط بدعوى الاجماع على حجية المفهوم في المورد الخاص كما لا يخفى ( مع ان ) مجرد فهمهم المفهوم من الحديث غير صالح لان يكون دليلا في المسئلة ، لعدم كشف مثله عن رأي المعصوم كما هو الظاهر.
    ( واما التشبث ) بقاعدة نفي الضرر لاستحقاق مالك الزرع ابقائه الى وقت حصاده ولو بالاجرة من غير ان يكون لمالك الارض ازالته ( بتقريب ) ان في قلعه قصيلا ضرر على مالكه خصوصا في المقام الذي لا يكون ذلك بتسبيب من الزوجة


(40)
و هو أي الضرر منفي في الشريعة لعموم قوله (ص) لا ضرر ولا ضرار في الإسلام كما في بعض أخبارها بزيادة لفظ الاسلام ، فيتعين تبقيته على مالك الارض ، غاية الأمر بالاجرة لامجانا لينافي قاعدة احترام الاموال في حقه ( ففيه ) ما لايخفى ( اذ بعد ) الاغماض عن كونه معارضا مع تضرر المالك في بقاء الزرع في ملكه وعدم تسلطه على تفريغ ماله من مال الغير وتخلصه منه « نقول » انه لامجال لتطبيق عموم نفي الضرر في امثال المقام من موارد تزاحم الحقوق « فان » لازم سوق العموم المزبور مساق الامتنان على الامة اختصاص مورده بما اذا لايلزم من نفي الضرر فيه في حق شخص خلاف الامتنان في حق شخص آخر ( ولازمه ) عدم صلاحيته لرفع الاحكام الارفاقية التي منها قاعدة سلطنة الناس على اموالهم ( فلا يمكن حينئذ تطبيق ) عموم نفي الضرر على مورد البحث لرفع سلطنة مالك الارض على ملكه في تفريغ ماله من زرع الغير وتخليصه منه لكونه خلاف الامتنان في حقه ( ومعه ) يكون للمالك بمقتضى قاعدة سلطنة الناس على اموالهم الامتناع من بقاء الزرع في ملكه و لو بالاجرة فكان له الامر يقلعه بل له ازالته وتفريغ ماله منه.
    ( وتوهم تعارض ) السلطنتين والضررين في المقام فيؤخذ باقلهما دفعها لكثرة الضرر الوارد في البين ( مدفوع ) بان قاعدة السلطنة على الاموال لا تقتضي الا سلطنة كل من المالكين على ما له في تفريغ ما له في تفريغ من مال الغير وتخلصه منه ( وأما السلطنة ) عليه بنحو يقتضى التصرف في مال الغير بحبسه في ماله او باشغاله ، فهي خارجة عن مقتضى هذه القاعدة ( اذ هي ) من جهة كونها من الاحكام الارفاقية قاصرة عن الشمول لمطلق انحاء تصرفات المالك في ملكه حتى المستتبع منها للتصرف في مال الغير باتلاف او حبس ونحوهما ( اذ عمومها ) من هذه الجهة ينافي الارفاق في حق الغير ، فتكون منافيه لارفاقية نفسها ( فالمالك ) انما يكون سلطانا على التصرف


(41)
في ماله اذا لم يكن مستلزماً للتصرف في مال الغير والا فلا يكون له السلطنة على مثله ، ومن هنا ليس لمالك المعول مطلق السلطنة على التصرف فيه حتى بما ينطق عليه عنوان الضرب على جدار الغير وبتحريبه ، بل كان لمالك الجدار السلطنة على منعه من التصرف المزبور ( وحينئذ ) نقول ان لكل من مالك الارض والزرع وان كان السلطنة على ماله بانحاء التصرفات فيه ( ولكن ) ليس لمالك الزرع وان كان السلطنة عليه بنحو يقتضي ابقائه في ملك الغير من غير اذنه وطيب نفسه كي يزاحم سلطنة ما لك الارض على تفريغ ارضه من زرعه وتخليصها منه ( كما انه ) ليس لمالك الارض ايضا مطلق السلطنة على ماله بنحو يمنع مالك الزرع عن قلع زرعه وازالته ، كي يراحم سلطنة مالك الزرع على زرعه ، لعدم سلطنته على ابقاء مال الغير في ملكه ( فاذا ) لم يكن لمالك الزرع السلطنة على اشغال ملك الغير بابقاء زرعه فيه ولا لمالك الارض السلطنة عليه بنحو يقتضى ابقاء زرع الغير في ارضه من غير اذنه وطيب نفسه ( فلا يبقى ) الا سلطنة كل منها على تفريغ ماله وتخليصه من مال الغير ( وفي هذا ) المقدار ليس للاخر منعه من ذلك « فكان » لمالك الزرع السلطنة على قلع زرعه ان يكون لمالك الارض منعه من ذلك ، كما انه لمالك الارض السلطنة على تفريغ ارضه من زرع الغير بازالته اوامر بقلعه من غير ان يكون لمالك الارض السلطنة على ابقائه في ارضه ( ومعه ) اين تقع المزاحمة بين السلطنتين كي يقال بانه مع تزاحمها وتعارض الضررين يؤخذ باقل الضررين يؤخذ باقل الضررين ( هذا ) مع ان الاخذ باقل الضررين انما يصح ويصار اليه اذا دار الامر بين احد الضررين الوارد على احد الشخصين حكم احد الضررين الوارد على شخص واحد في لزوم تقديم اقلهما ( مدفوع ) بانه لا دليل عليه بل مقتضى القاعده خلافه ( كاندفاع ) توهم لزوم التبقية بالاجرة على مالك الارض


(42)
إن أراد صاحب الزرع الابقاء ، بتخيل أن شمول لا ضرر للضرر المجبور بالاجرة في جانب مالك الأرض وتوجهه نحو الزارع أضعف ظهوراً من شموله لضررا لقلع المجبور بالأرش المتوجه نحو مالك الأرض ، فيقدم دليل نفي الضرر في جانب مالك الزرع عليه في جانب المالك ولا يتمسك بعموم دليل السلطنة بالنسبة الى مالك الارض لكونه محكوماً بدليل نفي الضرر ( وجه الاندفاع ) يظهر مما قدمناه من ان عموم نفي الضرر باعتبار كونه مسوقا في مقام الامتنان غير صالح لنفي الاحكام الامتنانية من نحو سلطنة المالك ذي الحق على ملكه وحقه « مضافاً » الى منع أضعفية شموله لضرر مالك المجبور بالاجرة من شموله لضرر مالك الزرع المجبور بالأرش وتدارك نقصان ماليته ( فالتحقيق ) هو ان لمالك الارض عدم التبقية ولو بالاجرة وجواز تفريغ ملكه من مال الغير زرعاً او غرساً بازالته بلا أرش ، من غير فرق بين ان يكون الوضع بحق او بغير حق كالغصب ونحوه ( اللهم ) إلا ان يدعى الفرق بينهما من حيث عدم ضمان الأرش في فرض كون الوضع من غصب لان الغاصب يؤخذ بأشق الاحوال فلا احترام لماله ( بخلاف ) فرض كون الوضع عن حق ( فان ) قاعدة احترام الاموال تقتضي وجوب الأرش على مالك الارض عوض نقصان مالية زرع الغير وغرسه اذا كان هو المقدم والمتولى للقلع ( لعدم ) اقتضاء تسلطه على تفريغ ارضه من زرع الغير او غرسه لسلب احترام مال الغير بحيث لايجبر نقصان ماليته بالأرش ، كاقتضائها وجوب اجرة طم حفر الارض على مالك الزرع والغرس لو كان هو المقدم والمتولى لازالته الزرع والغرس ، لضمانه النقص الوارد على مالك الأرض بقلع ماله ( نعم ) لو كان الاقدام من الطرفين فلا جيران عليهما لمكان اقدامها.
    ( ثم انه ) لافرق فيما ذكرنا من تسلط مالك الأرض على الازالة وتفريغ ملكه من مال الغير بين مثل الزرع الذي له أمد قريب محدود يتربص وبين مثل


(43)
البناء والاشجار الذي ليس له أمد محدود متربص ( فانه ) على كل تقدير لايجب على مالك الأرض التبقية ولو بالأجرة ، بل له الازالة لتخليص ماله من مال الغير من غير أن يكون لمالك الزرع او الغرس الابقاء ( فما يظهر ) من بعضهم من التفصيل بين الزرع ونحوه ، وبين مثل البناء والشجر بوجوب التبقية على مالك الارض بالاجرة في الاول ( وعدم ) وجوبه في الثاني وجواز قلعه مع الأرش او بدونه ( منظور فيه ) اذ لا اصل لهذا التفصيل عدا توهم قاعدة نفي الضرر التي عرفت قصورها عن الجريان في امثال المقام والتحكيم على قاعدة السلطنة على الاموال التي هي من الاحكام الارفاقية لذوى الاموال والحقوق على اموالهم وحقوقهم.
    ( نعم ) ربما يتمسك لوجوب التبقية في نحو الزرع بالنصوص الواردة في بيع الزرع الظاهرة في ان لصاحب الزرع التبقية الى ان يسنبل ( كقوله ) عليه السلام في خبر حريز لا بأس ان تشتري الزرع والقصيل ثم تتركه ان شئت حتى يسنبل ثم تحصده ( وإن ) شئت ان تعلف دابتك قصيلا فلا بأس قبل ان يسنبل فاما اذا سنبل فلا تعلفه رأسا فانه فساد ( وقوله ) عليه السلام فيما رواه ثقة الاسلام والشيخ قدس سرهما في الصحيح او الحسن عن الحلبي لا بأس أن تشترى زرعاً اخضر ثم تتركه حتى تحصده ان شئت او تعلفه قبل ان يسنبل وهو حشيشاً ( وقوله ع ) فيما رواه الشيخ في التهذيب عن سليمان بن خالد لا باس ان تشتري زرعا اخضر فان شئت تركته حتى تحصد وان شئت بعته حشيشا ( لكنها ) كما ترى لا اطلاق لها بنحو يشمل صورة اطلاق العقد من حيث اشتراط التبقية او القطع قصيلا لتكون صالحة لتخصيص عموم مادل على سلطنة المالك على ملكه ( بل المنساق ) منها انما هو صورة اشتراط التبقية على البايع ان اراد ابقاء الزرع الى ان يسنبل ويحصد او اقتضاء العادة على تبقية الزرع بنحو موجب لانصراف العقد اليه الذي هو بمنزلة اشتراطها ( ولذا ) ترى بناه


(44)
غير واحد في فرض اطلاق العقد وانتفاء العادة المقتضية للتبقية الى ان يحصد على كون البايع بالخياران شاء قطعه وإن شاء تركه لقاعدة السلطنة المقتضية لتسلط مالك الارض على تفريغ ارضه من مال الغير ( وعلى فرض ) اطلاق تلك النصوص من حيث اشتراط التبقية على البايع في بيع الزرع وعدم اشتراطها في فرض عدم اقتضاء العادة ايضاً التبقية في شراء الزرع حال كونه احضر ( فلابد ) من تقييدها في موردها بما رواه المشايخ الثلاثة في الصحيح او الموثق عن سماعة .. قال سئلته عن شراء القصيل يشتريه الرجل فلا يقصله ويبدو له في تركه حتى يخرج سنبله شعيراً او حنطة العلج وقد اشتراه من اصله على ان ما يلقاه من خراج فهو على العلج : فقال (ع) ان كان إشترط عليه إلا بقاء حين اشتراه ان شاء قطعه قصيلا وإن شاء تركه كما هو حتى يكون سنبلا والا فلاينبغي له ان يتركه حتى يكون سنبلا ، فان فعل فعليه طسقه ونفقته وله ما خرج منه ( فان ) ظاهره عدم جواز الابقاء بدون الاشتراط على البايع لكونه من التصرف في ملك الغير بغير الوجه المشروع فيقيد به اطلاق النصوص المتقدمة لو فرض اطلاقها من هذه الجهة كما هو مستند الاصحاب فيما قدمنا نقله عنهم من انه متى بيع لأجل القصل من غير اشتراط الابقاء ان شاء لايجوز التبقية بل يجب ازالته ( وما في الجواهر ) والرياض من حمل لاينبغي على الكراهة ( منظور فيه ) لظهور الرواية في كون المراد به الحرمة وكون الحكم على طبق القاعدة المقتضية لمنع التعدي والتصرف في ملك الغير من غير طيب نفسه « نعم » لا باس يحمل ذيله على الندب وهو كون الطسق عليه اذ لا معنى لوجوب كونه عليه مع فرائض اشتراط كونه على العلج « ومع الاغماض » عن ذلك كله يجب الاقتصار في مخالفة القاعدة على خصوص موردها والمصير في غير موردها الى العمومات المقتضية لسلطنة مالك الارض على تخليص ملكه من مال الغير ( ولازمه ) كما قدمناه عدم الفرق بين مثل الزرع الذي له أمد


(45)
متربص ، وبين غيره كالبناء والأشجار ( إلا ) ان يدعي قيام الاجماع على الفرق بينهما في التفصيل المزبور كما قيل ( ولكن ) دون اثباته خرط القتاد.
    ( لا فرق ) فيما ذكرنا من عدم وجوب التبقية على مالك الارض بين ان يكون ملكية الزرع ونحوه بالإجارة او المزارعة او غيرهما ( ولكن ) يظهر من جماعة منهم العلامة ( قده ) التفصيل بين كون ملكية الزرع بالاجارة او بالمزارعة بوجوب التبقية على مالك الارض بالاجرة في الاول و عدم وجوبها في الثاني وكونه مخيرا بين التبقية بالأجرة وبين الازالة مع الأرش : قال في القواعد ما لفظه فان إستأجر كأن يزرع مايبقى بعدها فكالغاصب ، وان كان لعروض برد وشبهه فعلى الموجر التبقية وله المسمى عن المدة واجرة المثل عن الزائد ( وقال ) في باب المزارعة ، فلو ذكر مدة يظن فيها الادراك فلم يحصل فالاقرب ان للمالك الازالة مع الارش او التبقية بالاجرة ، سواء كان بسبب الزارع كالتفريط بالتأخير او من قبل الله سبحانه كتأخير الأهوية وتأخر المياه إنتهى ونحوه عبارة البلغة.
    ( أقول ) ولم يعلم وجه للتفصيل المزبور بين البابين ( فان ) قاعدة نفي الضرر ان كانت جارية في امثال المقام وصالحة للحكومة على قاعدة سلطنة الناس على اموالهم فلا فرق بين البابين ( وان لم تكن ) صالحة للجريان كما في باب المزارعة حيث حكم فيه تخيير المالك بين التبقية بالاجرة والازالة مع الأرش ، فلتكن كذلك في باب الاجارة ايضا ( لأن ) المناط في امثال هذه الموارد امر واحد وهو عدم اقتضاء مجرد ملكية الحال والمظروف لشخص الاستحقاق ابقائه في محل يملكه غيره الا بدليل خارج ولم يقم دليل على استحقاق بقائه الزرع في باب الاجارة دونه في باب المزارعة ( فالتفصيل ) بين البابين مما لم نقف له على مستند ( واما افيد ) في البلغة في وجه التفرقة
نهاية الافكار ـ الجزء الرابع : رسالة نخبة الافكار في حرمان الزوجة من الاراضي والعقار ::: فهرس