رياض المسائل ـ الجزء الثاني ::: 301 ـ 315
(301)
الصلاة فيها » (1).
    ونحوه الخبر المروي في التهذيب والاستبصار بسند محتمل الصحة في الأخير (2).
    هذا مضافاً إلى إطلاق النصوص بالمنع عن الصلاة في نحو الوبر والشعر (3).
    وتوهم اختصاصه بالملابس بملاحظة لفظة « في » المقتضية لذلك.
    مدفوع بعدم جريانه في الموثق كالصحيح المتقدم (4) ؛ لدخولها عليهما وعلى البول والروث أيضاً ، وليست بالنسبة إليهما للظرفية قطعاً ، بل لمطلق الملابسة. ومثله حجّة ، سيّما بعد اعتضاده بالشهرة بين الطائفة عموماً في أصل المسألة ، وخصوصا في نحو التكّة ، على الظاهر ، المصرّح به في كلام جماعة ومنهم صاحبا المدارك والذخيرة (5) ، بل صرّح الأخير بالشهرة على الإطلاق حتى في نحو الشعرات المُلقاة ، كخالي العلامة المجلسي فيما حكي عنه (6). مع مخالفته العامّة ، كما صرّح به جماعة (7) ، واعتضاده بالصحيحين وما قبلهما من الرواية.
    خلافاً للمبسوط وابن حمزة ، فيجوز مع الكراهة (8) ، وحجّتهما غير واضحة عدا ما في المختلف من وجه اعتباري ضعيف (9) ، ومكاتبة اُخرى‏
1 ـ الكافي 3 : 399/9 ، التهذيب 2 : 206/806 ، الوسائل 4 : 356 أبواب لباس المصلّي ب 7 ح 3.
2 ـ التهذيب 2 : 206/805 ، الاستبصار 1 : 383/1452 ، الوسائل 4 : 356 أبواب لباس المصلّي ب 7 ح 5.
3 ـ الوسائل 4 : 345 أبواب لباس المصلّي ب 2.
4 ـ في ص : 294.
5 ـ المدارك 3 : 167 ، الذخيرة : 234.
6 ـ بحار الأنوار 80 : 221.
7 ـ منهم صاحبا الذخيرة : 234 ، والحدائق 7 : 79.
8 ـ المبسوط 1 : 84 ، ابن حمزة في الوسيلة : 88.
9 ـ وهو : انه قد ثبت للتكة والقلنسوة حكم مغاير الحكم الثوب من جواز الصلاة فيهما وان كانا


(302)
صحيحة : هل يصلّى في قلنسوة عليها وبر ما لا يؤكل لحمه ، أو تكة حرير محض ، أو تكة من وبر الأرانب ؟ فكتب : لا تحلّ الصلاة في الحرير المحض ، وإن كان الوبر ذكيّاً حلّت الصلاة فيه » (1).
    وفيها ـ بعد الإغماض من كونها مكاتبة تضعف عن مقاومة الرواية مشافهة وإن قصرت عن الصحة ، لانجبارها كما عرفت بالشهرة المرجّحة لها على الصحيح ، بل الصحاح ، مع اعتضادها بالمكاتبات الثلاث التي جملة منها كما عرفت صحيحة لا يعارضها هذه المكاتبة للشهرة ـ : أنها قاصرة الدلالة بما ذكره الماتن في المعتبر ـ وحكاه عنه في الذكرى ساكتاً عليه ـ : من أن غايتها أنها تضمنت قلنسوة عليها وبر ، فلا يلزم جوازها من الوبر (2).
    وما يقال : من أنها مصرّحة بجواز الصلاة في الوبر المسؤول عنه ، ومن جملة ما وقع السؤال عنه التكّة المعمولة من وبر الأرانب ، فكيف يدّعى أنها تضمنت ما على القلنسوة من الوبر لا غير ؟ (3).
    يمكن الجواب عنه : بأن ما ذكره حسن لو عطف قوله : « أو تكة » على قوله : « قلنسوة » مع أنه يحتمل العطف على قوله : « وبر » بعد قوله : « عليها » ولا ترجيح للأول (4) ، بل قرب المرجع يرجّح الثاني وإن بَعُد عن الاعتبار ، لكن غايته التوقف في الترجيح (5).
    ولو سلّم ترجيح الأوّل لكان المتعين حملها على التقية ؛ لكون الجواز مذهب العامة كما صرّح به جماعة (6) ، ويشير إليه كونها مكاتبة.
    مع أنّها متضمنة لاشتراط كون الوبر مذكّى في حلّ الصلاة فيه ، وهو
نجسين او حرير محض ، فكذا يجوز لو كانا من وبر الارانب وغيرها. المختلف : 80.
1 ـ التهذيب 2 : 207/810 ، الاستبصار 1 : 383/1453 ، الوسائل 4 : 377 أبواب لباس المصلّي ب 14 ح 4.
2 ـ المعتبر 2 : 83 ، الذكرى : 144.
3 ـ قال به الشهيد الثاني في روض الجنان : 214.
4 ـ في « ح » زيادة : على الثاني.
5 ـ في « ح » زيادة : فتأمل.
6 ـ راجع ص 296 الهامش (7).


(303)
خلاف الإجماع نصّاً وفتوىً بأيّ معنى اعتبر التذكية فيها : بمعنى الطهارة أو قبول الحيوان ذي الوبر التذكية ؛ إذ الطهارة غير مشترطة في نحو التكة التي هي مورد السؤال مما لا يتم فيه الصلاة اتفاقاً. وكذا قبول الحيوان التذكية ؛ لعدم اشتراطها في الوبر من طاهر العين منه الذي هو مورد البحث في المسألة إجماعاً.
    قيل : ولعل المراد من التذكية فيها كونه مما يؤكل لحمه ، ويشير إلى ذلك بعض الأخبار : في الصلاة في الفراء ، فقال : « لا تصلّ فيها إلّا ما كان ذكيّاً » قال ، قلت : أليس الذكي ما ذكّي بالحديد؟ فقال : « بلى إذا كان مما يؤكل لحمه » (1).
    ولا بأس به ـ وإن بَعد ـ جمعاً. ولكن الأولى حملها على التقية ، لما مرّ ؛ مضافاً إلى مناسبة اشتراط التذكية فيها لما يحكى عن الشافعي وأحمد : من اشتراطهما كون الشعر ونحوه مأخوذاً من الحي ، أو بعد التذكية ، وأنه إذا أخذ من الميت فهو نجس لا تصح الصلاة فيه (2).
    ومما ذكر ظهر ضعف الاستناد إلى هذه الرواية للحكم بجواز الصلاة في الشعرات الملقاة خاصة دون التكة ؛ نظرا إلى صحتها وضعف الرواية السابقة المصرحة بالمنع فيها بالخصوص.
    لأن الضعف كما عرفت بما مرّ مجبور ، والصحيحة قد عرفت وجوه القدح فيها ، سيّما التقية.
    وأضعف منه الاستناد لذلك بأن فيه الجمع بين الأخبار المانعة بحملها
1 ـ الكافي 3 : 397/3 ، التهذيب 2 : 203/797 ، الوسائل 4 : 345 أبواب لباس المصلّي ب 2 ح 2.
2 ـ نقله عن الشافعي في صحيح مسلم بشروح النووي ( ارشاد الساري 2 ) : 432 ، وحكاه عن احمد في المغني والشرح الكبير 1 : 105.


(304)
على الثوب المعمول من ذلك ، والمجوّزة بحملها على الشعرات الملقاة على الثوب (1).
    لعدم الشاهد عليه أوّلاً ، وفقد التكافؤ ثانياً ، مع تصريح المكاتبة الصحيحة أخيراً ـ بزعمه ـ بجواز الصلاة في التكة والمكاتبة الاُولى بالمنع من الشعرات الملقاة ، وقريب منها الموثقة كالصحيحة المتقدمة (2) كما عرفته ، فكيف يتم له الجمع بما ذكره ؟
    وقريب منه في الضعف ما ذكره الشيخ : من الجمع بينهما بحمل المجوّزة على ما يعمل منها ما لا يتم الصلاة فيه وحده كالتكة ونحوها ، والمانعة على غيره (3).
    إذ فيه إطراح للمكاتبتين المصرّحتين بالمنع عن التكة والقلنسوة (4).
    وأضعف من الجميع الاستناد للجواز في الشعر الملقى بالمعتبرة الدالة على جواز الصلاة في شعر الإنسان وأظفاره كما في الصحيحين (5) ، وبزاقه كما في المروي عن قرب الإسناد (6).
    فإنّ الظاهر خروج ذلك ـ كفضلات ما لا يؤكل لحمه غير ذي النفس مما لا يمكن التحرز عنه كالقمل والبرغوث والبق ونحوه ـ عن محل النزاع ، كما صرّح به جماعة من الأصحاب (7) ؛ لاختصاص أدلّة المنع نصاً وفتوىً بحكم التبادر وغيره‏
1 ـ اُنظر روض الجنان : 214.
2 ـ في ص : 293.
3 ـ كما في التهذيب 2 : 207.
4 ـ المتقدمين في ص : 294.
5 ـ الفقيه 1 : 172/812 ، التهذيب 2 : 367/1526 ، الوسائل 4 : 382 أبواب لباس المصلّي ب 18 ح 1 ، 2.
6 ـ قرب الإسناد : 86/282 ، الوسائل 3 : 427 أبواب النجاسات ب 17 ح 6.
7 ـ منهم الفاضل الهندي في كشف اللثام 1 : 184 ، وصاحب الحدائق 7 : 84 ؛ وانظر روض


(305)
بغير ذلك جدّاً ، مع لزوم العسر الحرج والضيق في التجنب عن نحو ذلك قطعاً ، ومخالفته لإجماع المسلمين ، بل الضرورة أيضاً.
    ويعضد المختار ما سيأتي من الأخبار المانعة عن الصلاة في الخزّ المغشوش بوبر الأرانب (1) ، فتأمّل ، والمانعة عن الصلاة في الثياب الملاصقة لوبر الأرانب والثعالب (2) ، بناءً على أنّ الظاهر أنّ وجه المنع فيها إنما هو احتمال تساقط الشعرات منهما عليها ، ولا يتمّ إلّا بتقدير المنع عن الصلاة معها مطلقاً.
     ( ويجوز استعماله ) أي كلّ من جلد ما لا يؤكل لحمه وصوفه وشعره ووبره ( لا في الصلاة ) مطلقاً ولو اُخذ من ميتة إلّا إذا كانت نجسة العين أو كان المأخوذ منها جلداً.
     ( ولو كان ) كل من المذكورات ( مما يؤكل لحمه ) شرعاً ( جاز ) استعماله ( في الصلاة وغيرها ) مطلقاً فيما عدا الجلد ، ويشترط التذكية فيه وإلّا فهو ميتة. بلا خلاف في الجواز في شي‏ء من ذلك أجده ، بل عليه في المتخذ من مأكول اللحم إجماع الإمامية في عبائر جماعة (3).
    والنصوص به مع ذلك بعد الأصل مستفيضة ، منها الصحيح : « عن لباس الفراء والفنك والسمور والثعالب وجميع الجلود ، قال : لا بأس » (4).
    وفي الصحيح : عن لبس فراء السمور والسنجاب والحواصل وما أشبهها ، والمناطيق والكيمخت والمحشوّ بالقزّ والخفاف من أصناف الجلود ،
الجنان : 214.
1 ـ اُنظر ص : 1232.
2 ـ في ص : 342.
3 ـ منهم الصدوق في أماليه : 510 ، 513 ؛ اُنظر المعتبر 2 : 83 ، والمنتهى 1 : 230 ، وجامع المقاصد 2 : 77.
4 ـ التهذيب 2 : 211/826 ، الاستبصار 1 : 385/1560 ، الوسائل 4 : 352 أبواب لباس المصلّي ب 5 ح 1.


(306)
فقال : « لا بأس بهذا كله إلّا بالثعالب » (1).
    ويستفاد منه البأس في الثعالب ولعلّه للكراهة ، وإلّا فقد صرّحت الصحيحة السابقة بالجواز ، ونحوها غيرها : قلت لأبي جعفر عليه السلام : الثعالب يصلى فيها ؟ قال : لا ، ولكن تلبس بعد الصلاة » (2) إلى غير ذلك من النصوص الآتية.
    وفي الصحيح : « لا بأس بالصلاة فيما كان من صوف الميتة ، لأن الصوف ليس فيه روح » (3).
    وفيه : « اللبن والِلبَأ (4) والبيضة والشعر والصوف والقرن والناب والحافر وكل شي‏ء ينفصل من الشاة والدابة فهو ذكي ، وإن أخذته منه بعد أن يموت فاغسله وصلّ فيه » (5).
    وفي الموثق كالصحيح السابق : « فإن كان مما يؤكل لحمه فالصلاة في وبره وبوله وشعره وروثه وألبانه وكل شي‏ء منه جائز إذا علمت أنه ذكي قد ذكّاه الذبح (6).
    وفي الخبر : عن لباس الفراء والصلاة فيها ، فقال : لا تصلّ فيها إلّا ما كان ذكيّاً » إلى آخر ما مرّ قريباً (7).
1 ـ التهذيب 2 : 369/1533 ، الوسائل 4 : 352 أبواب لباس المصلّي ب 5 ح 2.
2 ـ الكافي 3 : 400/14 ، التهذيب 2 : 210/822 ، الاستبصار 1 : 384/1457 ، الوسائل 4 : 356 أبواب لباس المصلّي ب 7 ح 4.
3 ـ التهذيب 2 : 368/1530 ، الوسائل 4 : 457 أبواب لباس المصلّي ب 56 ح 1.
4 ـ اللبأ على فِعَل بكسر الفاء وفتح العين : اول اللبن في النتاج. الصحاح 1 : 70.
5 ـ الكافي 6 : 258/4 ، التهذيب 9 : 75/321 ، الوسائل 24 : 180 أبواب الاطعمة المحرمة ب 33 ح 3.
6 ـ تقدم مصدره في ص : 294.
7 ـ في ص : 298.


(307)
    و في آخر : إنّ بلادنا بلاد باردة فما تقول في لبس هذا الوبر ؟ فقال : « البس منها ما أكل وضمن » (1).
    وعن تحف العقول في حديث : « وكل شي‏ء يؤكل لحمه فلا بأس بلبس جلده الذكيّ منه وصوفه وشعره ووبره ، وإن كان الصوف والشعر والوبر والريش من الميتة وغير الميتة ذكيّاً فلا بأس بلبس ذلك والصلاة فيه » (2) إلى غير ذلك من النصوص.
    وإطلاقها بل صريح بعضها كما ترى يقتضي جواز استعمال نحو الصوف والشعر مطلقا ( وإن اُخذ من ميتة جزّاً ) وقرضا ( أو قلعاً ) ونتفاً.
    ولا خلاف فيه في الأوّل ، وهو في الثاني مشهور بين الأصحاب ، على الظاهر ، المصرّح به في كلام بعض (3) ؛ للإطلاق. وهو وإن عمّ صورتي كون القلع ( مع غسل موضع الاتصال ) (4) وعدمه ، إلّا أنه يجب تقييده بالصحيح المتقدم المتضمن لقوله : « وإن أخذته منه بعد أن يموت فاغسله » .
    وظاهر أنّ المأمور بغسله هو موضع الاتّصال خاصة ، أو المجموع بعد امتزاج بعضها مع بعض ـ كما هو الغالب ـ فيلزم غسله أجمع من باب المقدمة.
    وعُلّل ـ زيادة عليه ـ بأنّ باطن الجلد لا يخلو عن رطوبة ، مع أنّ بعضهم نجّس الملاقي للميتة مطلقاً (5).
    خلافاً للمحكي عن ابن حمزة (6) ، والصيد والذبائح من النهاية
1 ـ الكافي 6 : 450/3 ، الوسائل 4 : 346 أبواب لباس المصلّي ب 2 ح 3.
2 ـ تحف العقول : 252 ، الوسائل 4 : 347 أبواب لباس المصلّي ب 2 ح 8.
3 ـ الحدائق 5 : 82.
4 ـ في المختصر المطبوع زيادة : نتفاً.
5 ـ اُنظر نهاية الإحكام 1 : 292 ، وروض الجنان: 168 ، والمعالم : 276. وقد تقدم البحث فيه في ص 143 ـ 144.
6 ـ الوسيلة : 88.


(308)
والمهذّب (1) ، وكتاب المأكول والمشروب من الإصباح (2) ، فقالوا : لا يحل الصوف والشعر والوبر من الميتة إذا كان مقلوعاً.
    وحمل في السرائر والمعتبر والمنتهى (3) على أن لا يُزال ما يستصحبه ولا يغسل موضع الاتصال.
    قيل : وقد يقال : إنّ ما في باطن الجلد لم يتكوّن صوفاً أو شعراً أو وبراً (4). وضعفه ظاهر.
    وعن الوسيلة اشتراط أن لا ينتف من حي أيضاً (5).
    وهو مبنيّ على استصحابها شيئاً من الأجزاء ، والأجزاء المبانة من الحي كالمبانة من الميت ، ولذا اشترط في المنتهى ونهاية الإحكام في المنتوف منه‏
1 ـ النهاية : 585 ، المهذَّب 2 : 441.
2 ـ الإصباح في فقه الامامية ، لأبي الحسن محمد بن الحسين بن الحسن البيهقي النيسابوري ، المشتهر بقطب الدين الكيدري ( بالدال المهملة ، وكيدر قرية من قري بيهق ) او الكيذري ( بالذال المعجمة ، كما ضبطه السيد علي خان في طراز اللغة ) أو الكندري ( بالنون ، كما ضبطه الفاضل الهندي في كشف اللثام ). وكان فقيهاً متبحراً فاضلاً ادبياً من اكمل علماء زمانه في اكثر الفنون ، واقواله في الفقه مشهورة ، منقولة في المختلف وغاية المراد والمسالك وكشف اللثام وغيرها ، وله كتب منها : حدائق الحقائق ، في شرح نهج البلاغة ، فرغ منه في شعبان سنة 576 ، وكفاية البرايا في معرفة الأنبياء والاولياء ومباهج المنهج في مناهج الحجج ، ولُبّ الألباب في الكلام ، والدرر في دقائق النحو ، وكتاب انوار العقول ، ولا يبعد كونه بعينه هو الديوان المنسوب الى أمير المومنين عليه السلام. اُنظر طراز اللغة ( كذر ) ، أمل الآمل 2 : 220 ، اعيان الشيعة 8 : 451 ، روضات الجنات 6 : 295 ـ 300 ، فوائد الرضوية : 493 ، رجال السيد بحر العلوم 3 : 240 ـ 248 ، الكني والألقاب 3 : 60 ، الذريعة 2 : 118. وغير بعيد اتحاده مع قطب الدين محمد بن الحسين بن أبي الحسين القزويني ، الذي ذكره منتجب الدين في فهرسته : 187/489.
3 ـ السرائر 3 : 111 ، المعتبر 2 : 84 ، المنتهى 1 : 231.
4 ـ كما في كشف اللثام 1 : 182.
5 ـ الوسيلة : 87.


(309)
أيضاً الإزالة والغسل ، وذكر أنه لا بد فيه من استصحاب شي‏ء من مادته (1).
    قلت : نعم ، ولكن في كون مادته جزاءً له نظر ، بل الظاهر كونه فضلة ، إلّا أن يحسّ بانفصال شي‏ء من الجلد أو اللحم معه. كيف ولو صحّ ذلك لم يصح الوضوء غالباً ، خصوصاً في الأهوية اليابسة ؛ لأنها لا تخلو عن انفصال شي‏ء من الحواجب واللحى.
     ( ويجوز ) الصلاة ( في ) وبر ( الخزّ الخالص ) من الامتزاج بوبر الأرانب والثعالب وغيرهما مما لا تصح الصلاة فيه ، لا مطلق الخلوص. فلو كان ممتزجاً بالحرير مثلاً بحيث لا يكون الخزّ مستهلكاً به لم يضرّ ، وبه وقع التصريح في بعض الأخبار (2)
    والأصل فيه ـ بعد الإجماع ، على الظاهر ، المصرّح به في كثير من العبائر (3) حدّ الاستفاضة بل فصاعداً ـ المعتبرة المستفيضة ، وفيها الصحاح والموثق وغيرها (4)
    و كذلك جلده عند الأكثر ، على الظاهر ، المصرّح به في كلام بعض (5) ، للصحيح : عن جلود الخزّ ، فقال : « هو ذا نحن نلبس » فقلت : ذاك الوبر ،
1 ـ المنتهى 1 : 231 ، نهاية الإحكام 1 : 374.
2 ـ التهذيب 2 : 367/1524 ، الاستبصار 1 : 286/1468 ، الوسائل 4 : 374 أبواب لباس المصلّي ب 13 ح 5.
3 ـ كالغنية ( الجوامع الفقهية ) : 555 ، والسرائر 1 : 261 ـ 262 ، والمعتبر 2 : 84 ، والمنتهى 1 : 231 ، والتذكرة 1 : 95 ، نهاية الإحكام 1 : 374. والذكرى : 144 ، وشرح القواعد للمحقق الثاني ( جامع المقاصد 2 : 78 ) ، وروض الجنان للشهيد الثاني : 206 ، وشرح الشرائع للصيمري ، ونفي عنه الخلاف في التنقيح 1 : 178 ، وغيرة منه رحمه الله.
4 ـ اُنظر الوسائل 4 : أبواب لباس المصلّي ب 8 ، 9.
5 ـ لم نعثر على من نسب الجواز الى الاكثر ، نعم نقل في مفاتيح الكرامة 2 : 133 عن كشف الالتباس للصيمري انه المشهور.


(310)
فقال : « إذا حلّ وبره حلّ جلده » (1).
    والموثق : عن الصلاة في الخزّ ، فقال : « صلّ فيه » (2).
    وفيهما نظر ؛ لعدم تصريح في الأوّل بجواز الصلاة ، فيحتمل حلّ اللبس كما يشعر به سياقه.
    نعم قوله : « إذا حلّ وبره » إلى آخره ، ربما أشعر بتلازمهما في الحلّ مطلقا حتى في الصلاة. لكنّه ليس بصريح ، بل ولا ظاهر ، لقوّة احتمال اختصاص التلازم في حلّ اللبس ـ المستفاد من السياق ـ خاصة ، فيشكل الخروج بمجرّده عن عموم ما دلّ على المنع عن الصلاة في جلد كل ما لا يؤكل لحمه.
    وبنحوه يجاب عن الموثق ، وإن صرّح فيه بجواز الصلاة ، لإطلاقه أو عمومه من وجه آخر ، وهو عدم التصريح فيه بالمراد من الخزّ المطلق فيه أ هو الجلد ، أو الوبر ، أو هما معا ؟ فيحتمل إرادة الوبر منه خاصة ، كما هو المتبادر منه حيثما يطلق ، سيّما في الأخبار ، كما لا يخفى على الناظر فيها بعين الإنصاف.
    وأضعف منهما الاستدلال له بالصحيح : عن جلود الخز ، فقال : « ليس بها بأس » (3)
    لعدم التصريح فيه بالصلاة ، مع عدم تضمنه ما في الصحيح الأوّل مما يشعر بالتلازم بين حكم الجلد والوبر على الإطلاق.
1 ـ الكافي 6 : 452/7 ، التهذيب 2 : 372/1547 ، الوسائل 4 : 366 أبواب لباس المصلّي ب 10 ح 14.
2 ـ التهذيب 2 : 212/829 ، الوسائل 4 : 360 أبواب لباس المصلّي ب 8 ح 5.
3 ـ الكافي 6 : 451/3 ، علل الشرائع : 357/1 الوسائل 4 : 362 أبواب لباس المصلّي ب 10 ح 1.


(311)
    و من هنا ظهر عدم نص في الجلد يطمئن إليه في تخصيص عموم المنع.
    ولعله لذا أفتى الفاضل في التحرير والمنتهى (1) بالمنع ، قائلاً إنّ الرخصة وردت في وبر الخز لا في جلده ، فيبقى على المنع المستفاد من العموم ، وهو خيرة الحلي نافيا الخلاف عنه كما حكي (2).
    ولا ريب أنه الأحوط للعبادة ؛ تحصيلاً للبراءة اليقينية. وإن كان الجواز لا يخلو عن قرب ؛ لقوة الإشعار السابق المعتضد بعموم الموثق المتقدم.
    مضافاً إلى ظاهر الخبر المنجبر ضعفه بعمل الأكثر : ما تقول في الصلاة في الخز ؟ فقال : « لا بأس بالصلاة فيه » إلى أن قال عليه السلام : « فإنّ اللّه تعالى أحلّه وجعل ذكاته موته كما أحلّ الحيتان وجعل ذكاتها موتها » (3).
    والتقريب وروده في الصلاة مع التصريح فيه بالذكاة ، وهي إنما تعتبر في نحو الجلد لا الوبر مما لا تحلّه الحياة.
    لكنه ينافيه الخبر المروي في الاحتجاج عن مولانا صاحب الزمان عليه السلام أنه سئل : روي لنا عن صاحب العسكر عليه السلام أنه سئل عن الصلاة في الخز الذي يغشّ بوبر الأرانب ، فوقّع عليه السلام : « يجوز » وروي عنه أيضا : « لا يجوز » فأيّ الخبرين نعمل به ؟ فأجاب عليه السلام : « إنما حرم في هذه الأوبار والجلود ، فأما الأوبار وحدها فكل حلال » (4).
    وكيف كان ، فالاحتياط لا يترك ، بل عن أمالي الصدوق أن الأولى ترك الصلاة في الخز من أصله » .
1 ـ التحرير 1 : 30 ، المنتهى 1 : 231.
2 ـ السرائر 1 : 262.
3 ـ الكافي 3 : 399/11 ، التهذيب 2 : 211/828 ، الوسائل 4 : 359 أبواب لباس المصلّي ب 8 ح 4.
4 ـ الاحتجاج : 492 ، الوسائل 4 : 366 أبواب لباس المصلّي ب 10 ح 15.
5 ـ أمالي الصدوق : 513.


(312)
قيل : ولم يذكر جواز الصلاة فيه الحلبي ولا الصدوق في الهداية بل اقتصر فيها على رواية ، ولا الشيخ في عمل يوم وليلة بل اقتصر فيه على حرمة الصلاة فيما لا يؤكل لحمه من الأرنب والثعلب وأشباههما ، وكذا العلامة في التبصرة (1).
     ( ولا ) يجوز الصلاة في ( المغشوش ) منه ( بوبر الأرانب والثعالب ) على الأظهر الأشهر ، بل لا خلاف فيه يظهر إلّا من الصدوق في الفقيه ، حيث قال ـ بعد نقل رواية الجواز (2) ـ : هذه رخصة ، الآخذ بها مأجور والرادّ لها مأثوم ، والأصل ما ذكره أبي ـ رحمه اللّه ـ في رسالته إليّ : وصلّ في الخزّ ما لم يكن مغشوشاً بوبر الأرانب (3).
    وهو شاذ كروايته ، مع ضعف سندها ، وبشذوذها صرّح الشيخ في التهذيبين ، حاملاً لها على التقية (4) ، مؤذنا بدعوى إجماعنا عليه ، كما صرّح به في الخلاف في المغشوش بوبر الأرانب (5) ، وكذا ابن زهرة فيه وفي المغشوش بوبر الثعالب (6) ، كما حكي عنهما (7) ، وبه صرّح فيهما أيضاً في المنتهى ، حاكياً نقله عن كثير من أصحابنا (8) ، كالماتن في المعتبر (9)
1 ـ قال به الفاضل الهندي في كشف اللثام 1 : 181.
2 ـ الفقيه 1 : 170/805 ، التهذيب 2 : 212/834 ، الاستبصار 1 : 387/1471 ، الوسائل 4 : 362 أبواب لباس المصلّي ب 9 ح 2.
3 ـ الفقيه 1 : 171.
4 ـ التهذيب 2 : 213 ، الاستبصار 1 : 387.
5 ـ الخلاف 1 : 512.
6 ـ الغنية ( الجوامع الفقهية ) : 555.
7 ـ حكاه عنهما غي كشف اللثام 1 : 181.
8 ـ المنتهى 1 : 231.
9 ـ المعتبر 2 : 84.


(313)
    و هو الحجة على المنع ، مضافاً إلى النصوص ، منها الخبران : « الصلاة في الخزّ الخالص ليس به بأس ، وأما الذي يخلط فيه ( وبر ) الأرانب أو غيرها هذا فلا تصلّ فيه » (1).
    ومنها الرضوي : « وصلّ في الخزّ إذا لم يكن مغشوشاً بوبر الأرانب » (2).
    وقصور السند أو ضعفه مجبور بالعمل ، والمخالفة لما عليه العامة العمياء ، مضافاً إلى عموم أدلّة المنع عمّا لا يؤكل لحمه ، خرج منه الخزّ الخالص بالنص والإجماع المختصين به بحكم التبادر وغيره ، فيبقى الباقي تحت العموم مندرجاً.
    ويستفاد منه ـ مضافاً إلى قوله : « مما يشبه هذا » في الخبرين ـ المنع عن الخزّ المغشوش بوبر ما لا يؤكل لحمه وشعره وصوفه مطلقا ، كما استقربه في التحرير (3) ، واحتاط به في المنتهى (4) ، ويظهر أيضاً من جماعة من أصحابنا (5).
    ( وفي ) جواز الصلاة في ( فرو السنجاب قولان ، أظهرهما الجواز ) وفاقاً للمقنع والشيخ في المبسوط وموضع من النهاية والخلاف (6) ، نافياً عنه في الأوّل الخلاف ، مؤذناً بدعوى الإجماع عليه ، كالصدوق في الأمالي ، حيث جعله من دين الإمامية الذي يجب الإقرار به (7) ، ونسبه في المنتهى إلى أكثر
1 ـ الكافي 3 : 403/26 ، التهذيب 2 : 212/830 و831 ، الاستبصار 1 : 387/1469 و1470 ، الوسائل 4 : 361 أبواب لباس المصلّي ب 9 ح 1 وما بين المعقوفين من المصادر.
2 ـ فقه الرضا ( عليه السلام ) : 157 ، المستدرك 3 : 202 أبواب لباس المصلّي ب 8 ح 1.
3 ـ التحرير 1 : 30.
4 ـ المنتهى 1 : 231.
5 ـ اُنظر جامع المقاصد 2 : 78 ، وروض الجنان : 206 ، والحدائق 7 : 60.
6 ـ المقنع : 24 ، المبسوط 1 : 82 ، النهاية : 97 ، الخلاف 1 : 511.
7 ـ أمالي الصدوق : 513 ، 510.


(314)
الأصحاب (1) ، وفي شرح القواعد للمحقق الثاني إلى جمع من كبرائهم (2) ، وفي الذخيرة وغيرها إلى المشهور بين المتأخرين (3).
    وهو كذلك ، بل لعلّه عليه عامّتهم عدا الفاضل في التحرير والقواعد وفخر الدين في شرحه والصيمري (4) ، وظاهرهم التردد ، لاقتصارهم على نقل القولين من غير ترجيح.
    ولعله في محله. وإن كان القول بالجواز ليس بذلك البعيد ؛ للإجماع المحكي المعتضد بالشهرة العظيمة الظاهرة والمحكية في كلام جماعة ، مضافاً إلى النصوص المستفيضة :
    ففي الصحيح : « صلّ في الفنك والسنجاب ، وأما السمور فلا تصلّ فيه » قلت : والثعالب يصلى فيها ؟ قال : « لا » (5) الحديث.
    وفيه : عن الفراء (6) والسمور والسنجاب والثعالب وأشباهه ، قال : « لا بأس بالصلاة فيه » (7).
    وفي الخبر : « صلّ في السنجاب والحواصل الخوارزمية ، ولا تصلّ في الثعالب ولا السمور » (8).
1 ـ المنتهى 1 : 228.
2 ـ جامع المقاصد 2 : 79.
3 ـ الذخيرة : 226 ؛ وانظر الحدائق 7 : 68.
4 ـ التحرير 1 : 30 ، قواعد الأحكام 1 : 27 ، ايضاح الفوائد 1 : 83.
5 ـ التهذيب 2 : 210/822 ، الاستبصار 1 : 384/1457 ، الوسائل 4 : 349 أبواب لباس المصلّي ب 3 ح 5.
6 ـ الفَرا : الحمار الوحشي ، والجمع : الفِراء مثل الجبل والجبال. حياة الحيوان 2 : 148.
7 ـ التهذيب 2 : 210/825 ، الاستبصار 1 : 384/1459 ، الوسائل 4 : 350 أبواب لباس المصلّي ب 4 ح 2.
8 ـ التهذيب 2 : 210/823 ، الاستبصار 1 : 384/1458 ، الوسائل 4 : 348 أبواب لباس المصلّي ب 3 ح 4.


(315)
    و في آخر : اُصلّي في الفنك والسنجاب ؟ قال : « نعم » قلت : تصلّى في الثعالب إذا كانت ذكية ؟ قال : « لا تصلّ فيها » (1).
    وفي آخرين : عن الصلاة في السمور والسنجاب والثعالب ، فقال : « لا خير في ذا كلّه ما خلا السنجاب ، فإنه دابّة لا تأكل اللحم » (2) كما في أحدهما ، ونحوه الثاني (3).
    وضعف الأسانيد والتضمن لما لا يقولون به غير ضائر ؛ لانجبار الأوّل بالشهرة والإجماع المحكي ، وعدم الخروج عن الحجية بالثاني ، كما قرر في محله ، وإن أوجب الوهن في مقام التعارض ، لانجباره بالكثرة والشهرة ، وبالصراحة بالإضافة إلى المعارض ، إذ ليس إلّا العمومات المانعة حتى الموثق كالصحيح (4) الذي هو الأصل والعمدة من أدلّة المنع.
    ودعوى صراحته في المنع عن السنجاب ، لابتناء الجواب العام فيه عليه ، لسبق السؤال عنه الذي يصيّره كالنص في المسؤول عنه.
    غير مفهومة ، وإن صر وبها جماعة (5) ؛ لإمكان تخصيص السنجاب في الجواب بأن يقال : كل شي‏ء حرام أكله فالصلاة في وبره مثلاً حرام إلّا وبر السنجاب الذي سألت عنه ، وحيث جاز التخصيص متصلاً جاز منفصلاً ، لعدم الفرق بينهما جدّاً.
1 ـ التهذيب 2 : 207/811 ، الاستبصار 1 : 382/1450 ، الوسائل 4 : 349 أبواب لباس المصلّي ب 3 ح 7.
2 ـ الكافي 3 : 401/16 ، التهذيب 2 : 210/821 ، الاستبصار 1 : 384/1456 ، الوسائل 4 : 348 أبواب لباس المصلّي ب 3 ح 2.
3 ـ الكافي 3 : 397/3 ، التهذيب 2 : 203/797 ، الوسائل 4 : 348 أبواب لباس المصلّي ب 3 ح 3.
4 ـ تقدم في ص 294.
5 ـ اُنظر روض الجنان : 214 ، والذخيرة : 226.
رياض المسائل ـ الجزء الثاني ::: فهرس