رياض المسائل ـ الجزء الثالث ::: 256 ـ 270
(256)
الشهيد ـ رحمه اللّه ـ ولا بأس باتّباعهما ، لأنهما جليلان لا يقولان إلّا عن تثبّت (1).
1 ـ الذكرى : 208.

(257)
    ( ومندوبات الصلاة ) أُمور ( خمسة : )
    ( الأول : التوجه ) إليها ( بسبع تكبيرات منها ) التكبير ( الواجب ) فالمندوب ستة في الحقيقة ، بإجماع الإمامية ، على الظاهر ، المصرّح به في الانتصار والخلاف (1). والصحاح به مع ذلك مستفيضة.
    ويستحب ( بينها ثلاثة أدعية ) مأثورة في الصحيح (2) ، وكيفيتها كما فيه : أن يكبّر ثلاثاً ثمَّ يدعو فيقول : اللهمّ أنت الملك الحق لا إله إلّا أنت ، سبحانك ، إنّي ظلمت نفسي فاغفر لي ذنبي ، إنه لا يغفر الذنوب إلّا أنت ، ( و ) يكبّر ( اثنتين ثمَّ يدعو ) فيقول : لبيك وسعديك ، والخير في يديك ، والشرّ ليس إليك ، والمهديّ من هديت ، لا ملجأ منك إلّا إليك ، سبحانك وحنانيك ، تباركت وتعاليت ، سبحانك ربّ البيت ( ثمَ ) يكبّر ( اثنتين ) تمام السبع ( ويتوجه ) بعد ذلك فيقول : وجّهت وجهي للّذي فطر السموات والأرض ، عالم الغيب والشهادة ، حنيفاً مسلماً وما أنا من المشركين ، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي للّه رب العالمين لا شريك له وبذلك أُمرت وأنا من المسلمين.
    ودونها في الفضل الخمس ، ثمَّ الثلاث ، كما في الصحيحين (3) ، وغيرهما (4).
    ويجزي التكبيرات ولاءً كما في الموثق فعلاً (5).
1 ـ الانتصار : 40 ، الخلاف 1 : 107.
2 ـ الكافي 3 : 310 / 7 ، التهذيب 2 : 64 / 244 ، الوسائل 6 : 24 أبواب تكبيرة الإحرام ب 8 ح 1.
3 ـ الأول : الخصال : 347 / 19 ، الوسائل 6 : 23 أبواب تكبيرة الإحرام ب 7 ح 9.
    الثاني : التهذيب 2 : 66 / 242 ، الوسائل 6 : 10 أبواب تكبيرة الإحرام ب 1 ح 4.
4 ـ التهذيب 2 : 66 / 239 ، الوسائل 6 : 21 أبواب تكبيرة الإحرام ب 7 ح 3.
5 ـ التهذيب 2 : 287 / 1152 ، الخصال : 347 / 17 ، الوسائل 6 : 21 أبواب تكبيرة الإحرام ب 7 ح 2.


(258)
    ويتخيّر في جعل أيّها شاء تكبيرة الإحرام بلا خلاف ، لكن في أفضلية جعلها الْاُولى أو الأخيرة وجهان ، بل قولان ، تقدم ذكرهما مع دليل أصل التخيير في بحث التكبير (1).
    وهل يشمل ذلك الحكم جميع الصلوات ، أم يختص بالفرائض منها ، أم بها وبأوّل صلاة الليل والمفردة من الوتر وأوّل نافلة الزوال وأول نافلة المغرب وأوّل ركعتي الإحرام ، أم بهذه الست والوتيرة ؟ أقوال.
    أظهرها الأوّل ، وفاقاً للأكثر ، بل قيل : الأشهر (2) ؛ لإطلاق النصوص ، بل عموم جملة منها الناشئ من ترك الاستفصال ، المؤيد بالشهرة وقاعدة التسامح في أدلّة السنن ، وأنه ذكر اللّه تعالى.
    مضافاً إلى فحوى رواية ابن طاوس : « افتتح في ثلاثة مواطن بالتوجه والتكبير : في أوّل الزوال ، وصلاة الليل ، والمفردة من الوتر ، وقد يجزيك فيما سوى ذلك من التطوع أن تكبّر تكبيرة لكلّ ركعتين » (3).
    وفي لفظة الإجزاء دلالة على ما ذكرناه. ولا ينافيه الصدر ؛ لحمله على التأكّد ، وعليه أيضاً يحمل الرضوي : « افتتح بالصلاة وتوجّه بعد التكبيرة ، فإنه من السنة الموجبة في ستّ صلوات وهي : أول ركعة من صلاة الليل ، والمفردة من الوتر ، وأول ركعة من نوافل المغرب ، وأوّل ركعة من ركعتي الزوال ، وأول ركعة من ركعتي الإحرام ، وأوّل ركعة من ركعتي الفريضة (4) (5).
    ولعله مستند القول الثالث. لكن ليس بصريح فيه ؛ لاحتماله إرادة
1 ـ راجع ص : 122.
2 ـ قال في الكفاية : 20 ، والحدائق 8 : 52 إنه المشهور.
3 ـ فلاح السائل : 130 ، المستدرك 4 : 139 أبواب تكبيرة الإحرام ب 5 ح 1.
4 ـ في المصدر : « ركعات الفرائض ».
5 ـ فقه الرضا ( عليه السلام ) : 138.


(259)
التأكّد في هذه المواضع كما يقتضيه سياقه ، لا نفي الاستحباب في غيرها.
    ثمَّ ظاهر إطلاق النصوص والفتاوى عدم اختصاص الاستحباب بالمنفرد ، وعمومه للجامع ، وهو أيضاً صريح الصحيح : « وإذا كنت إماما فإنه يجزيك أن تكبّر واحدة تجهر فيها وتسرّ ستاً » (1).
    خلافاًًًً للمحكي عن الإسكافي ، فقال بالاختصاص (2). وهو ـ مع عدم وضوح مأخذه ومخالفته لما مرّ ـ شاذّ. وحكى الشهيدان عنه أنه زاد بعد التوجه استحباب تكبيرات سبع زيادة على التكبيرات الافتتاحية وسبحانه اللّه سبعا ، والحمد للّه سبعاً ، ولا إله إلّا اللّه سبعاً ، ونسبه إلى الأئمة عليهم السلام (3). و يناسبه الصحيح المروي في العلل : « تكبّر سبعاً ، وتحمد سبعاً ، وتسبّح سبعاً ، وتحمد وتثني عليه ثمَّ تقرأ » (4).
    لكن في تطبيقه على قوله إشكال ، لخلوّه عن التهليل ، مع عدم دلالة على كون التكبيرات السبع غير السبع الافتتاحية ، كما هو ظاهره.
    ( الثاني : القنوت في كل ) ركعة ثانية من كل صلاة فريضة أو نافلة إجماعاً ، كما في الانتصار والخلاف والمنتهى ونهج الحق للعلامة وعن المعتبر (5) ؛ للصحاح المستفيضة وغيرها من المعتبرة (6).
    وأما الأخبار المنافية لذلك (7) مطلقاً أو في الجملة ، فمحمولة على‏
1 ـ الخصال : 347 / 18 ، الوسائل 6 : 33 أبواب تكبيرة الإحرام ب 12 ح 1.
2 ـ حكاه عنه في الذكرى : 180.
3 ـ حكاه عنه الشهيد الأول في الذكرى : 179 ، والشهيد الثاني في شرح النفلية على نقل صاحب الحدائق 5 : 55.
4 ـ علل الشرائع : 332 / 2 ، الوسائل 6 : 32 أبواب تكبيرة الإحرام ب 11 ح 1.
5 ـ الانتصار : 46 ، الخلاف 1 : 133 ، المنتهى 1 : 298 ، نهج الحق : 437 ، المعتبر 2 : 238.
6 ـ الوسائل 6 : 266 أبواب القنوت ب 3.
7 ـ الوسائل 6 : 269 أبواب القنوت ب 4.


(260)
التقية ، أو على أن المراد بها بيان عدم الوجوب ، كما هو الأظهر الأشهر ، بل عليه عامّة من تأخّر ، بل ومن تقدّم أيضاً عدا الصدوق في الفقيه ، فقال : إنه سنّة واجبة من تركه في كل صلاة فلا صلاة له (1) ، وفي المقنع والهداية : من ترك قنوته متعمّداً فلا صلاة له (2). وهو شاذّ ، وإن وافقه العماني في نقل مشهور (3) ، وفي آخر : إنه خصّ الوجوب بالصلاة الجهرية (4).
    وحجتهما غير واضحة عدا الآية الكريمة ( وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ ) (5) وهي محتملة لمعان متعددة ، وحملها على المتنازع فيه فرع القول بثبوت الحقيقة الشرعية مطلقاً حتى في لفظ القنوت في الآية ، مع أن الأخبار الواردة في تفسيرها بخلافه مصرِّحة ، ففي المروي في تفسير العياشي في تفسير ( قانِتِينَ ) أي « مطيعين راغبين » (6). وفي آخر مروي فيه أيضاً : « مقبلين على الصلاة محافظين لأوقاتها » (7). ونحوه روى علي بن إبراهيم في التفسير (8).
    نعم في مجمع البيان عن مولانا الصادق عليه السلام في تفسيرها : أي « داعين في الصلاة حال القيام » (9).
    وهو وإن ناسب المعنى الشرعي إلّا أنه غير صريح فيه ، بل ولا ظاهر ؛ فإن الدعاء فيها حال القيام لا يستلزمه ، لأعمّيته منه ، مع تضمن الحمد الدعاء ،
1 ـ الفقيه 1 : 207.
2 ـ المقنع والهداية : 35.
3 ـ حكي عنه في المعتبر 2 : 243 ، والمختلف : 96.
4 ـ استظهره من كلامه الشهيد في الذكرى : 183.
5 ـ البقرة : 238.
6 ـ تفسير العياشي 1 : 127 / 416.
7 ـ تفسير العياشي 1 : 127 / 418 بتفاوت يسير.
8 ـ تفسير القمي 1 : 79.
9 ـ مجمع البيان 1 : 343.


(261)
فيحتمل كونه المراد من الدعاء في الخبر ، أو الأعم منه ومن غيره.
    ثمَّ لو سلّم الدلالة فمبناها الأمر الظاهر في الوجوب المحتمل هو كالموثق : « ليس له أن يدعه متعمداً » (1) للحمل على الاستحباب ، فيتعين ، للإجماعات المتقدمة حتى الذي في المنتهى ، فإنه قال : اتّفق علماؤنا على استحباب القنوت في كل ثانية من كل فريضة ونافلة (2). ولا ينافيه نسبة الخلاف بعد ذلك إلى الصدوق ؛ لمعلومية نسبه ، وعدم القدح في انعقاد الإجماع بخروجه ، فتأمّل.
    هذا مضافاً إلى المعتبرة المستفيضة ، ففي الصحيح : « إن شئت فاقنت وإن شئت فلا تقنت ، وإذا كانت التقية فلا تقنت » (3) ونحوه آخر لكن في قنوت الفجر (4).
    وفي الموثق الوارد في صلاة الجمعة : « أما الإمام فعليه القنوت في الركعة الْاُولى ـ إلى أن قال ـ : ومن شاء قنت في الركعة الثانية قبل أن يركع ، وإن شاء لم يقنت ، وذلك إذا صلّى وحده » (5).
    وبالجملة بهذه الأدلة ـ المعتضدة بعضها ببعض ، والأصل ، والشهرة العظيمة القريبة من الإجماع ، بل لعلها إجماع في الحقيقة ـ يتوجه صرف الأمر في الآية ونحوه عن ظاهره إلى الاستحباب. وكذا ما ( بحكمه ) (6) من قوله عليه‏
1 ـ التهذيب 3 : 315 / 1285 ، الوسائل 6 : 286 أبواب القنوت ب 15 ح 3.
2 ـ المنتهى 1 : 298.
3 ـ التهذيب 2 : 91 / 340 ، الاستبصار 1 : 340 / 1281 ، الوسائل 6 : 269 أبواب القنوت ب 4 ح 1.
4 ـ التهذيب 2 : 161 / 634 ، الوسائل 6 : 296 أبواب القنوت ب 4 ذيل حديث 1.
5 ـ التهذيب 3 : 245 / 665 ، الوسائل 6 : 272 أبواب القنوت ب 5 ح 8.
6 ـ في « م » : يحكونه.


(262)
السلام الوارد في الخبر ، بل الصحيح : « من ترك القنوت رغبة عنه فلا صلاة له » (1) يحتمل الصرف إليه أيضاً ، بأن يراد من المنفي الكمال لا الصحة ، أو يقيّد نفي الصحة بمن كان تركه القنوت رغبة عنه ، وهم العامة. ولعل هذا أقرب ، كما يدلّ عليه التقييد بقوله : « رغبة عنه » وفيه حينئذ دلالة على الاستحباب وجواز الترك من غير رغبة ، ويشهد له حصر صدره محلّ القنوت في الجمعة والعشاء والعتمة والوتر والغداة ، لمخالفته الإجماع ، إذ لا قائل به حتى الصدوق والعماني.
    ويحتمل أن يكون مراد الصدوق من المتعمّد في الكتابين متعمّد الترك للرغبة عنه ، لا مطلق متعمّد الترك ، وربما أشعر به تقييد البطلان بالتعمّد ، فتدبّر ، وحينئذ فمخالفته فيهما غير معلومة وكذا في الفقيه (2) ، بل سياق كلامه فيه ظاهر في الاستحباب.
    فانحصر المخالف في العماني. ولا ريب في شذوذه وضعفه ، سيّما على النقل الثاني (3) ، وإن دلّ عليه المروي بطرق متعددة فيها الصحيح والموثق :
عن القنوت في الصلوات الخمس ، فقال : « اقنت فيهنّ جميعاً » قال : وسألت أبا عبد اللّه عليه السلام بعد ذلك ، فقال لي : « أما ما جهرت فيه فلا تشك » (4).
    لوروده مورد التقية ، كما يظهر من الموثق : عن القنوت ، فقال : « فيما يجهر فيه بالقراءة » قال : فقلت : إني سألت أباك عن ذلك فقال لي : في‏
1 ـ الكافي 3 : 339 / 6 ، التهذيب 2 : 90 / 335 ، الاستبصار 1 : 339 / 1276 ، الوسائل 6 : 263 أبواب القنوت ب 1 ح 11 وص 265 ب 2 ح 2.
2 ـ الفقيه 1 : 207.
3 ـ راجع ص : 260.
4 ـ الكافي 3 : 339 / 1 ، التهذيب 2 : 89 / 331 ، الاستبصار 1 : 338 / 1272 ، الوسائل 6 : 262 أبواب القنوت ب 1 ح 7.


(263)
الخمس كلّها ، فقال : « رحم اللّه تعالى أبي ، إن أصحاب أبي أتوه فسألوه فأخبرهم بالحق ، ثمَّ أتوني شكّاكاً فأفتيتهم بالتقية » (1).
    و محله بعد القراءة ( قبل الركوع ) إجماعاً ، كما في الخلاف والمنتهى ونهج الحق (2) وغيرها (3) ؛ وللصحاح المستفيضة وغيرها من المعتبرة ، ففي الصحيح : « القنوت في كل صلاة في الركعة الثانية قبل الركوع » (4).
    وأما الخبر الدال على التخيير بينه وبين بعد الركوع (5) ـ فمع ضعف سنده وعدم مكافأته لمعارضة من وجوه عديدة ـ شاذّ ضعيف ، لا يمكن القول به ولا الميل إليه ، وإن حكي عن الماتن في المعتبر (6) ، واستحسنه بعض من تأخّر عنه (7).
    و قوله ( إلّا في الجمعة ) استثناء من الحكم بالقبلية لا الندبية ، بدلالة قوله ( فإنه ) أي القنوت في صلاة الجمعة مستحب في ركعتيها معاً ( في الْاُولى قبل الركوع ، وفي الثانية بعده ) على الأشهر الأقوى ، وفي الخلاف الإجماع عليه (8).
1 ـ الكافي 3 : 339 / 3 ، التهذيب 2 : 91 / 341 ، الاستبصار 1 : 340 / 1282 ، الوسائل 6 : 263 أبواب القنوت ب 1 ح 10.
2 ـ الخلاف 1 : 328 ، المنتهى 1 : 299 ، نهج الحق : 437.
3 ـ كالتذكرة 1 : 128 ، والذكرى : 183 ، والمفاتيح 1 : 148.
4 ـ الكافي 3 : 340 / 7 ، التهذيب 2 : 89 / 330 ، الاستبصار 1 : 338 / 1271 ، الوسائل 6 : 266 أبواب القنوت ب 3 ح 1.
5 ـ التهذيب 2 : 92 / 343 ، الاستبصار 1 : 341 / 1283 ، الوسائل 6 : 267 أبواب القنوت ب 3 ح 4.
6 ـ المعتبر 2 : 242.
7 ـ الشهيد الثاني في الروضة البهية 1 : 284.
8 ـ الخلاف 1 : 631.


(264)
    وهو الحجة ؛ مضافاً إلى المعتبرة المستفيضة (1) وفيها الصحيح والموثقان وغيرها.
    خلافاًًًً للصدوق في الفقيه حاكياً له عن مشايخه ، وللحلّي (2) ، فساويا بينها وبين غيرها في وحدته ومحله ؛ لعموم الصحاح المتقدمة. وهو مخصّص بهذه المستفيضة ، المعتضدة مع كثرتها بالإجماع المنقول ، والشهرة العظيمة ، والصحاح الآتية الدالة على ثبوته في الركعة الْاُولى ، ومخالفته العامة العمياء ، كما يستفاد من الصحيح : عن القنوت يوم الجمعة ، فقال له : « في الركعة الثانية » فقال له : قد حدّثنا بعض أصحابنا أنك قلت في الْاُولى ، فقال : « في الأخيرة » وكان عنده أُناس كثير فلما رأى غفلة منهم قال : « يا أبا محمد ، في الاولى والأخيرة » قلت : جعلت فداك ، قبل الركوع أو بعده ؟ قال : « كل القنوت قبل الركوع إلّا في الجمعة ، فإن الركعة الْاُولى القنوت فيها قبل الركوع والأخيرة بعد الركوع » (3).
    وللمفيد وجماعة (4) ، فكالصدوق في الوحدة ، وجعلوا الركعة الْاُولى محله ، لظواهر الصحاح المستفيضة ، منها : « إذا كان إماما قنت في الركعة الاولى ، وإن كان يصلّي أربعا ففي الركعة الثانية قبل الركوع » (5).
    وفيه : أنها ليست صريحة في النفي عن الثانية ، بل ولا ظاهرة ، لقوة احتمال ورودها لبيان القنوت المخصوص بالجمعة ، فلا ينافي استحبابه فيها في‏
1 ـ الوسائل 6 : 270 أبواب القنوت ب 5.
2 ـ الفقيه 1 : 267 ، الحلّي في السرائر 1 : 229.
3 ـ التهذيب 3 : 17 / 62 ، الاستبصار 1 : 418 / 1606 ، الوسائل 6 : 273 أبواب القنوت ب 5 ح 12.
4 ـ المفيد في المقنعة : 164 ؛ وانظر المختلف : 106 ، والمدارك 3 : 447.
5 ـ الكافي 3 : 427 / 2 ، التهذيب 2 : 16 / 59 ، الوسائل 6 : 270 أبواب القنوت ب 5 ح 1.


(265)
الركعة الثانية.
    ولو سلّم الظهور وجب إرجاعه إلى المشهور بما ذكرناه من الاحتمال ؛ جمعاً بين النصوص ، وحذراً من إطراح المعتبرة المستفيضة الصريحة المعتضدة مع ذلك بالشهرة والإجماع المنقول.
    ثمَّ على المختار من تعدّد القنوت : هل هو ثابت على الإطلاق؟ كما هو ظاهر الأكثر ، ومنهم الخلاف مدّعياً عليه الوفاق (1) ، ويعضده إطلاق جملة من المستفيضة ، ومنها الصحيحة المتقدمة.
    أم يختصّ ذلك بالإمام ؟ كما عن النهاية والمراسم والمعتبر والتذكرة والهداية والمبسوط والكافي والمهذّب والوسيلة والإصباح والجامع (2) ، وإن لم ينفهما ما خلا الأربعة الْأُول عن غيره ، قيل : والمنفي نصّ المعتبر والتذكرة ، وظاهر الأولين (3).
    وجهان ، للأول : ما مرّ.
    وللثاني : ظواهر جملة من المعتبرة ، ومنها الصحيحة المتقدمة سنداً للمفيد ، وفي أُخرى : « إنّ على الإمام في الجمعة قنوتين » (4).
    وفي الموثق عن القنوت في الجمعة ، قال : « أما الإمام فعليه القنوت في الركعة الْاُولى بعد ما يفرغ من القراءة قبل أن يركع ، وفي الثانية بعد ما يرفع رأسه عن الركوع » (5).
1 ـ الخلاف 1 : 631.
2 ـ النهاية : 106 ، المراسم : 77 ، المعتبر 2 : 244 ، التذكرة 1 : 128 ، الهداية : 34 ، المبسوط 1 : 151 ، الكافي : 151 ، المهذّب 1 : 103 ، الوسيلة : 104 ، الجامع للشرائع : 97.
3 ـ كشف اللثام 1 : 235.
4 ـ الفقيه 1 : 266 / 1217 ، الوسائل 6 : 271 أبواب القنوت ب 5 ح 4.
5 ـ التهذيب 2 : 245 / 665 ، الوسائل 6 : 272 أبواب القنوت ب 5 ح 8.


(266)
    وإرجاعها إلى الأول ممكن ، بل قريب بعد ملاحظة الصحيحة الْاُولى ، الشاهد سياقها بأن المراد من الإمام فيها من يقابل المنفرد ومن يصلّي أربعا لا المأموم أيضاً ، مضافاً إلى بعد أن يقنت الإمام ويسكت من خلفه.
    ( ولو نسي القنوت ) قبل الركوع ( قضاه بعد الركوع ) بلا خلاف أجده ، وبه صرّح في المنتهى والمدارك والذخيرة (1) ؛ للمعتبرة وفيها الصحيح والموثق (2).
    وأما الصحيح : عن الرجل ينسى القنوت حتى يركع ، أيقنت ؟ قال : « لا » (3) ونحوه المرسل ، أو الصحيح الوارد في الوتر (4).
    فمحمول على نفي اللزوم ، أو التقية ، قال في الفقيه بعد نقل الأخير :
    إنما منع عليه السلام من ذلك في الوتر والغداة لأنهم يقنتون فيهما بعد الركوع ، وإنما أُطلق ذلك في سائر الصلوات لأن جمهور العامة لا يرون القنوت فيها (5).
    وظاهر العبارة كغيرها فعله بنية القضاء ولعلّه لفوات المحل. خلافاًًًً للمنتهى فتردّد فيه (6). ولعلّه لذلك ولخلوّ المعتبرة عن التعرّض لها. و
    فيه نظر ، ولعلّه لذا جعل الأول بعد التردّد أظهر.
    وتظهر الثمرة على القول بوجوب التعرض للأداء والقضاء في النية ، وإلّا كما هو الأقوى فلا ثمرة ، ولعلّه السرّ في عدم التعرض لهما في شي‏ء من المعتبرة.
1 ـ المنتهى 1 : 300 ، المدارك 3 : 488 ، الذخيرة : 295.
2 ـ الوسائل 6 : 287 أبواب القنوت ب 18.
3 ـ التهذيب 2 : 161/ 633 ، الاستبصار 1 : 345 / 1300 ، الوسائل 6 : 288 أبواب القنوت ب 18 ح 4.
4 ـ الفقيه 1 : 312 / 1421 ، الوسائل 6 : 288 أبواب القنوت ب 18 ح 5.
5 ـ الفقيه 1 : 313.
6 ـ المنتهى 1 : 300.


(267)
    وذكر الشيخان في المقنعة والنهاية (1) ـ ونسبه في روض الجنان إلى الشيخ والأصحاب كافة (2) ـ : أنه لو لم يذكر القنوت حتى ركع في الثالثة قضاه بعد الفراغ ، قيل (3) : للصحيح : في الرجل إذا سها في القنوت : « قنت بعد ما ينصرف وهو جالس » (4).
    قال شيخنا في روض الجنان : ولا دلالة فيه على كون الذكر بعد ركوع الثالثة ، فلو قيل بشموله ما بعد الدخول في سجود الثانية أمكن (5). انتهى.
    وهو حسن ، سيّما مع التصريح به في الرضوي : « فإن ذكرته بعد ما سجدت فاقنت بعد التسليم » (6).
    ولو لم يذكره حتى انصرف من محلّه قضاه في الطريق مستقبل القبلة ، وفاقا للمحقق الثاني والشهيد الثاني (7) ، للنص ، وفيه : « إني لأكره للرجل أن يرغب عن سنّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله أو يدعها » (8).
    وفي التحرير : ولو نسيه حتى ركع في الثالثة ففي قضائه بعد الصلاة قولان (9).
    وظاهره وجود قول بالمنع ، وهو للشيخ في المبسوط ، على ما حكاه عنه‏
1 ـ المقنعة : 139 ، النهاية : 90.
2 ـ روض الجنان : 283.
3 ـ المعتبر 2 : 245.
4 ـ التهذيب 2 : 160/ 631 ، الاستبصار 1 : 345 / 1298 ، الوسائل 6 : 287 أبواب القنوت ب 16 ح 2.
5 ـ روض الجنان : 283.
6 ـ فقه الرضا ( عليه السلام ) : 118 ، 119 ، المستدرك 4 : 412 أبواب القنوت ب 12 ح 1.
7 ـ المحقق الثاني في جامع المقاصد 2 : 333 ، الشهيد الثاني في روض الجنان : 283.
8 ـ الكافي 3 : 340 / 10 ، التهذيب 2 : 315 / 1283 ، الوسائل 6 : 286 أبواب القنوت ب 16 ح 1.
9 ـ التحرير 1 : 42


(268)
في المنتهى واختاره (1). ولعلّ مستنده الخبر : عن رجل نسي القنوت في المكتوبة ، قال : « لا إعادة عليه » (2). والمُعاد فيه مجمل يحتمل كونه الصلاة كما يحتمل القنوت ، مع احتمال تعلّق النفي فيه باللزوم دون الشرعية والثبوت ، ومع ذلك فإطلاق الإعادة على إعادة القنوت لعدم الإتيان به بعيد ، ولعلّه لذا لم يستدل به في المنتهى بعد أن نقل المنع عن المبسوط واختاره ، بل استدل عليه بنحو الصحيح : عن الرجل ينسى القنوت حتى يركع ، قال : « يقنت بعد الركوع ، فإن لم يذكر فلا شي‏ء عليه » (3) ثمَّ استدل على الثبوت بما قدّمناه من نحو الصحيح.
    أقول : وفي الاستناد للمنع بما مرّ نظر ؛ إذ ظاهره نفي لزوم القضاء ولو على طريق تأكّد الاستحباب ، وهو لا ينافي ثبوت أصله في الجملة ؛ فالجمع بينه وبين ما قدّمناه بهذا غير بعيد ، سيّما على القول بجواز التسامح في أدلّة السنن ، كما هو التحقيق ، أو بحمل الصحيح المانع على ما إذا لم يذكر أصلا ولو بعد الصلاة ، وهذان الحملان أقرب من طرح الصحيح المثبت ، المعتضد بقاعدة التسامح ، وفتوى جمع (4) ، وفحوى النص (5) والرضوي (6) المثبتين لقضائه مستقبل القبلة في الطريق.
    ( الثالث : ) أن يكون ( نظره ) حال كونه ( قائماً إلى موضع سجوده ) بلا
1 ـ المنتهى 1 : 300 ، وهو في المبسوط 1 : 113.
2 ـ التهذيب 2 : 161 / 632 ، الاستبصار 1 : 345 / 1299 ، الوسائل 6 : 285 أبواب القنوت ب 15 ح 1.
3 ـ التهذيب 2 : 160 / 628 ، الاستبصار 1 : 344 / 1296 ، الوسائل 6 : 287 أبواب القنوت ب 18 ح 1.
4 ـ راجع ص 266 ، 267.
5 ـ المتقدم في ص 267 الرقم 8.
6 ـ فقه الرضا ( عليه السلام ) : 119 ، المستدرك 4 : 412 أبواب القنوت ب 11 ح 1.


(269)
خلاف ؛ للصحاح (1).
    ( وقانتاً إلى باطن كفّيه ) على المشهور ، قيل (2) : جمعاً بين الخبرين الناهي أحدهما عن النظر في الصلاة إلى السماء (3) ، وثانيهما عن التغميض فيها (4).
    ( وراكعاً إلى ما بين رجليه ) على المشهور ؛ للصحيح (5) والرضوي (6) الآمرين به.
    خلافاًًًً للنهاية ، فيستحب التغميض فيه (7) ، كما في الصحيح الفعلي (8) ، وتبعه الحلّي (9).
    وربما يجمع بينهما بالتخيير ، كما هو ظاهر المنتهى (10). ويضعّف بفقد التكافؤ المشترط فيه ، لرجحان الأوّل بالتعدد ، والشهرة ، وقوة الدلالة ، مضافاً إلى إطلاق النهي عن التغميض في الرواية السابقة.
    ( وساجداً إلى طرف أنفه ، ومتشهداً ) وجالساً بين السجدتين ، بل قيل : مطلقاً (11) ( إلى حجره ) للرضوي : « ويكون نظرك في حال سجودك إلى طرف‏
1 ـ الوسائل 5 : 510 أبواب القيام ب 16.
2 ـ المعتبر 2 : 246 ، والمنتهى 1 : 301.
3 ـ الكافي 2 : 300 /6 ، التهذيب 2 : 199 / 782 ، الاستبصار 1 : 405 / 1545 ، الوسائل 5 : 510 أبواب القيام ب 16 ح 1 ، 3.
4 ـ التهذيب 2 : 314 / 1280 ، الوسائل 7 : 249 أبواب قواطع الصلاة ب 6 ح 1.
5 ـ الكافي 3 : 319 / 1 ، التهذيب 2 : 77 / 289 ، الوسائل 6 : 295 أبواب الركوع ب 1 ح 1.
6 ـ فقه الرضا ( عليه السلام ) : 106 ، المستدرك 4 : 435 أبواب الركوع ب 15 ح 2.
7 ـ النهاية : 71.
8 ـ الكافي 3 : 311 / 8 ، الفقيه 1 : 196 / 916 ، التهذيب 2 : 81 / 301 ، الوسائل 5 : 459 أبواب أفعال الصلاة ب 1 ح 1.
9 ـ انظر السرائر 1 : 225.
10 ـ المنتهى 1 : 301.
11 ـ كما قال به ابن البراج في المهذّب 1 : 93.


(270)
أنفك ، وبين السجدتين في حجرك ، وكذلك وقت التشهد » (1).
    وعلّل الجميع مع ذلك بكونه أبلغ في الخضوع والإقبال المطلوبين في الصلاة.
    ( الرابع : وضع اليدين قائماً على فخذيه بحذاء ركبتيه ) كما في الصحيحين المشهورين الواردين في كيفية الصلاة قولاً وفعلاً (2) ( وقانتاً تلقاء وجهه ) كما في الصحيح : « وترفع يديك في الوتر حيال وجهك » (3) ولا قائل بالفرق.
    مضافاً إلى إطلاق الخبر المروي عن معاني الأخبار : « الرغبة أن تستقبل براحتيك السماء وتستقبل بهما وجهك » (4).
    ويستفاد منه ما ذكره الأصحاب ـ كما في المعتبر والذكرى وغيرهما (5) ـ من استحباب كونهما مبسوطتين يحاذي ببطونهما السماء وظهورهما الأرض.
    وحكي في المعتبر القول بالعكس (6) ، لظواهر جملة من الأخبار (7). وهو نادر ، كقول المقنعة باستحباب الرفع حيال الصدر (8). فالمشهور أولى ، سيّما في مقابلة المفيد رحمه اللّه ، لعدم ظهور دليل عليه أصلاً ، مع ظهور الصحيحة المشهورة بخلافه ، كما عرفتها.
1 ـ فقه الرضا ( عليه السلام ) : 106 ، المستدرك 4 : 454 أبواب السجود ب 4 ح 2.
2 ـ الكافي 3 : 311 / 8 ، و 334 / 1 ، الفقيه 1 : 196 / 916 ، التهذيب 2 : 81 / 301 ، الوسائل 5 : 459 أبواب أفعال الصلاة ب 1 ح 1 ، 2 ، 3.
3 ـ الفقيه 1 : 309 / 1410 ، التهذيب 2 : 131 / 504 ، الوسائل 6 : 282 أبواب القنوت ب 12 ح 1.
4 ـ معاني الأخبار : 369 / 2 ، الوسائل 7 : 50 أبواب الدعاء ب 13 ح 6.
5 ـ المعتبر 2 : 247 ، الذكرى : 184 ، وانظر الحدائق 8 : 385.
6 ـ المعتبر 2 : 247.
7 ـ مثل ما ورد في قرب الإسناد : 45 / 146.
8 ـ المقنعة : 124.
رياض المسائل ـ الجزء الثالث ::: فهرس