|
|||
(286)
عدم البطلان فيه مطلقاً. وظاهره دعوى الإجماع ، كما في التذكرة والذكرى (1).
و هو الحجة فيه ، كالإجتماعات المستفيضة النقل في الأوّل (2) ؛ مضافاً فيه إلى إطلاق المستفيضة ، كالمروي في قرب الإسناد في التكتف في الصلاة :
« أنه عمل في الصلاة ، وليس في الصلاة عمل » (3).
والموثق الناهي عن قتل الحيّة بعد أن يكون بينه وبينها أكثر من خطوة (4). و الخبر الناهي عن الإيماء في الصلاة (5). والمروي في قرب الإسناد أيضاً : عن الرجل يقرض أظافيره أو لحيته وهو في صلاته ، وما عليه إن فعل ذلك متعمّداً ؟ قال : « إن كان ناسياً فلا بأس ، وإن كان متعمّداً فلا يصلح » (6). لكنها مطلقة شاملة لصور العمد والسهو والكثرة والقلة ، إلّا الأخير ، فمفصِّل بين الصورتين الْأُوليين ، مع أنّ الصلاة فير فاسدة في الثانية منهما إجماعاً ، كما مضى ، وكذا في الثانية من الأخيرتين على الظاهر ، المصرّح به في المنتهى (7). ومع ذلك معارضة بالصحاح المستفيضة وغيرها المجوّزة لقتل البرغوث 1 ـ التذكرة 1 : 132 ، الذكرى : 215. 2 ـ كما في المنتهى 1 : 310 ، والمفاتيح 1 : 171. 3 ـ قرب الإسناد : 208 / 809 ، الوسائل 7 : 266 أبواب قواطع الصلاة ب 15 ح 4. 4 ـ الفقيه 1 : 241 / 1072 ، التهذيب 2 : 331 / 1364 ، الوسائل 7 : 273 أبواب قواطع الصلاة ب 19 ح 4. 5 ـ الكافي 3 : : 305 / 20 ، التهذيب 2 : 54 / 185 ، الاستبصار 1 : 301 / 1111 ، الوسائل 5 : 396 أبواب الأذان والإِقامة ب 10 ح 12. 6 ـ قرب الإسناد : 190 / 713 ، الوسائل 7 : 290 أبواب قواطع الصلاة ب 34 ح 1. 7 ـ المنتهى 1 : 310. (287)
و الحيّة والعقرب والبقة والقمل والذباب ، كما في الصحاح وغيرها (1).
وضمّ الجارية المارّة إليه ، كما في الصحيح (2). وحمل الصبي وإرضاعه ، كما في الموثق وفيره (3). وتصفيق المرأة عند إرادة الحاجة ، كما في الصحيح (4). وعدّ الرجل صلاته بخاتمه أو بحصى يأخذه بيده ، كما فيه (5) ، وفي المنتهى دعوى الإجماع عليه (6). وتسوية الحصى في السجود بين السجدتين ، كما في الموثق (7). وضرب الحائط لإيقاظ الغلام ، كما في الصحيح (8). ومسح الرجل جبهته في الصلاة إذا لصق بها تراب ، كما في الموثق (9). و نحو ذلك من الأفعال التي تضمّنتها الأخبار الكثيرة التي كادت تبلغ هي مع سابقتها التواتر. ومع ذلك معمول بها بين الأصحاب ، وإن اختلفوا في الاقتصار على مواردها ، كما عن المعتبر ونهاية الإحكام (10) ، أو إلحاق ما يضاهيها بها ، كما 1 ـ الوسائل 7 : 274 أبواب قواطع الصلاة ب 20. 2 ـ التهذيب 2 : 329 / 1350 ، الوسائل 7 : 278 أبواب قواطع الصلاة ب 22 ح 1. 3 ـ التهذيب 2 : 330 / 1355 ، الوسائل 7 : 280 أبواب قواطع الصلاة ب 24 ح 1. 4 ـ الفقيه 1 : 242 / 1074 ، الوسائل 7 : 254 أبواب قواطع الصلاة ب 9 ح 1. 5 ـ الفقيه 1 : 224 / 987 ، الوسائل 8 : 247 أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 28 ح 3. 6 ـ المنتهى 1 : 310. 7 ـ الفقيه 1 : 176 / 834 ، التهذيب 2 : 301 / 1215 ، الوسائل 6 : 373 أبواب السجود ب 18 ح 2. 8 ـ الكافي 3 : 301 / 8 ، التهذيب 2 : 325 / 1329 ، الوسائل 7 : 256 أبواب قواطع الصلاة ب 9 ح 8. 9 ـ التهذيب 2 : 301 / 1216 ، الوسائل 6 : 373 أبواب السجود ب 18 ح 1. 10 ـ المعتبر 2 : 255 ، نهاية الإِحكام 1 : 521. (288)
يميل إليه بعض الأصحاب ، حيث قال ـ بعد نقل جملة من هذه الأخبار ـ : ففي النظر إليها يظهر قلّة وجود الفعل الكثير المبطل ، وعدم مدخلية الكثرة ، وأن بعض الأبحاث في هذه المسألة لا يخلو عن شيء مثل : هل يشترط في الكثرة التوالي أم لا ؟ وأن المرجع في القلّة والكثرة إلى العادة ، وأنه لا عبرة بالعدد ، فقد يكون الكثير قليلاً كحركة الأصابع ، والقليل كثيراً كالطفرة الفاحشة. انتهى (1) وهو حسن.
مع أن ما ذكروه من الرجوع في تحقيق الكثرة والقلة إلى العادة منظور فيه ، أوّلاً : بما ذكره بعض الأصحاب : من أن ذلك متجه إن كان مستند الحكم النص ، وليس كذلك ، فإني لم أطّلع على نصّ يتضمن أن الفعل الكثير مبطل ، ولا ذكر نصّ في هذا الباب في شيء من كتب الاستدلال ، فإذاً مستند الحكم هو الإجماع ، فيجب إناطة الحكم بمورد الاتفاق ، فكل فعل ثبت الاتفاق على كونه فعلاً كثيراً كان مبطلاً. ومتى ثبت أنه ليس بكثير فهو ليس بمبطل. ومتى اشتبه الأمر فلا يبعد القول بعدم كونه مبطلاً ، لأن اشتراط الصحة بتركه يحتاج إلى دليل بناءً على أن الصلاة اسم للأركان مطلقاً ، فيكون هذه الْأُمور خارجة عن حقيقتها. ويحتمل البطلان ، لتوقّف البراءة اليقينية من التكليف الثابت عليه (2). وثانياً : بأن العادة المحكوم بالرجوع إليها في ضبط الكثرة إن كان المراد بها ما يرادف العرف العام ففساده واضح ، وإن كان المراد بها عرف المتشرّعة فهو فرع ثبوته ، وهو في حيّز المنع لو أُريد بهم العلماء خاصة ، لاختلافهم في الكثير المبطل ، فبعض يبطل بما لا يبطل به الآخر ، ومعه لا يحصل الحقيقة التي 1 ـ انظر مجمع الفائدة 3 : 71. 2 ـ انظر الذخيرة : 355. (289)
هي المرجع ، وكذا لو أُريد بهم العوام ، مع أنهم ليسوا المرجع في شيء.
نعم ، هذا حسن فيما لو اتّفق الكل على كونه كثيراً ، كالأكل والشرب والوثبة العظيمة والخياطة والحياكة ونحوها مما تشهد بفساد الصلاة به البديهة ، ومعلوم أن الفعل الكثير المستدل لبطلان الصلاة به بهذا الدليل أعم منه ، ومع ذلك فحيث اتفقوا يكون المناط في البطلان هو الإجماع حقيقة ، كما مرّ عن بعض الأصحاب ، وما عداه يكون الوجه فيه ما ذكره ، وإن كان الوجه الأخير الذي احتمله أحوط. ( والبكاء لأُمور الدنيا ) يبطلها عمداً ، بلا خلاف يعتدّ به ، بل ظاهرهم الإجماع عليه كما عن ظاهر التذكرة (1) ؛ للخبر : « إن بكى لذكر جنة أو نار فذلك هو أفضل الأعمال في الصلاة ، وإن كان ذكر ميّتاً له فصلاته فاسدة » (2). وضعفه سنداً وقصوره عن إفادة تمام المدّعى مجبور بالشهرة ، وعدم القائل بالفرق بين الطائفة ، المؤيّدة بقرينة المقابلة الظاهرة في أن ذكر خصوص البكاء على الميت إنما هو لمجرّد التمثيل ، وإلّا لجعل مقابله مطلق البكاء على غيره ، لا البكاء على خصوص ذكر الجنة والنار. وفي السهو قولان ، من إطلاق النص ، واحتمال اختصاصه بحكم التبادر بصورة العمد كما في نظائره ؛ مضافاً إلى الأصل ، وحديث رفع القلم ، وحصر وجوب الإعادة في الخمسة ، وهذا خيرة الحلبيين وابن حمزة (3) وظاهر العبارة. 1 ـ التذكرة 1 : 132. 2 ـ التهذيب 2 : 317 / 1295 ، الاستبصار 1 : 408 / 1558 ، الوسائل 7 : 247 أبواب قواطع الصلاة ب 5 ح 4. 3 ـ أبو الصلاح في الكافي في الفقه : 120 ، ابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : 558 ، ابن حمزة في الوسيلة : 97. (290)
خلافاًًًً للمحكي عن المبسوط والمهذّب والإصباح (1) ، فالأول ، وهو أحوط.
ثمَّ إن إطلاق النص يقتضي عدم الفرق في البكاء بين أنواعه ، حتى ما خلا عن صوت ونحيب. وربما خصّ بما اشتمل عليهما ، اقتصاراً على المتفق عليه. وهو حسن إن انحصر الدليل في الاتفاق ، مع أن النص دليل آخر ، إلّا أن يضعّف دلالته باشتماله على لفظ البكاء ولا يدرى أممدود فيه فيختص أم مقصور فيعمّ. وفيه : أن لفظ البكاء المحتمل للأمرين إنما هو في كلام الراوي ، وأما لفظ الإمام الذي هو المعتبر فإنما هو « بكى » بصيغة الفعل المطلق الشامل للأمرين ، فتأمل. هذا مع أن الفرق بين الأمرين أمر لغوي لا أظن العرف يعتبره ، وهو مقدم على اللغة حيثما حصل بينهما معارضة ، كما قرّر في محله. ( و ) في بطلان الصلاة بالتكفير المفسّر عند الأصحاب ب ( وضع اليمين على الشمال ) مطلقاً ، وبالعكس أيضاً على ما ذكره جماعة منهم (2) ، ويظهر من بعض الروايات ، وإن كان ظاهر الصحيح أنه الأول خاصة. أو كراهته ( قولان ). إلّا أنّ ( أظهرهما ) وأشهرهما ( الإبطال ) بل عليه عامّة المتأخّرين ، وفي الانتصار والخلاف وعن الأمالي والغنية (3) الإجماع عليه ، والنصوص به مع 1 ـ المبسوط 1 : 118 ، المهذّب 1 : 154. 2 ـ العلّامة في القواعد 1 : 35 ، وابن فهد الحلّي في المهذّب 1 : 311 ، والشهيد الثاني في الروضة 1 : 235. 3 ـ الانتصار : 41 ، الخلاف 1 : 109 ، الأمالي : 512 ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : 558. (291)
ذلك مستفيضة ، منها الصحيح : قلت : الرجل يضع يده في الصلاة اليمنى على اليسرى؟ قال : « ذلك التكفير فلا تفعل » (1).
وفي الصحيح وغيره : « لا تكفّر فإنما يفعل ذلك المجوس » (2). وفي جملة من النصوص المتقدم بعضها المروية عن قرب الإسناد وغيره أن : « وضع الرجل إحدى يديه على الْأُخرى في الصلاة عمل ، وليس في الصلاة عمل » (3). وفي المروي عن دعائم الإسلام ، عن جعفر بن محمد بن علي عليهم السلام أنه قال : « إذا كنت قائما في الصلاة فلا تضع يدك اليمنى على اليسرى ، ولا اليسرى على اليمنى ، فإن ذلك تكفير أهل الكتاب ، ولكن أرسلهما إرسالا ، فإنه أحرى أن لا تشغل نفسك عن الصلاة » (4). وهو صريح فيما ذكره الجماعة من انسحاب الحكم في وضع الشمال على اليمين أيضاً ، وظاهر الشيخ في الخلاف دعوى الإجماع عليه (5) ، وهو ظاهر كل من استدل على المنع بكونه فعل كثير ونحوه كالمرتضى وغيره (6). ولا بأس به ، وإن تردّد فيه في المنتهى (7) ؛ لضعفه بدعوى الإجماع على خلافه ، المعتضدة بصريح الرواية ، وظاهر ما تقدمها ، بل صريحها من حيث التعليل المشترك بينه وبين الملحق به. 1 ـ التهذيب 2 : 84 / 310 ، الوسائل 7 : 265 أبواب قواطع الصلاة ب 15 ح 1. 2 ـ الكافي 3 : 299 / 1 ، الوسائل 7 : 266 أبواب قواطع الصلاة ب 15 ح 2. 3 ـ قرب الإسناد : 208 / 809 ، الوسائل 7 : 266 أبواب قواطع الصلاة ب 15 ح 4. 4 ـ دعائم الإسلام 1 : 159 ، المستدرك 5 : 421 أبواب قواطع الصلاة ب 14 ح 2. 5 ـ الخلاف 1 : 321. 6 ـ المرتضى في الانتصار : 41 ؛ وانظر المنتهى1 : 311. 7 ـ المنتهى 1 : 311. (292)
وهذه النصوص كبعض الإجتماعات المنقولة وإن لم يصرّح فيها بالإبطال ، لكن بعد ثبوت التحريم منها بمقتضى النهي الذي هو حقيقة فيه يثبت هو أيضاً بالقاعدة المتقدمة في بحث التأمين في الصلاة (1) ، وبالإجماع المركب المصرّح به في كلام جماعة كالمحقق الثاني وشيخنا الشهيد الثاني (2). فالقول بالتحريم دون البطلان كما في المدارك (3) ضعيف.
والقول الثاني للحلبي والإسكافي (4) ؛ ولا دليل عليه سوى الأصل ، وإشعار بعض الأخبار المعتبرة (5) به ، من حيث عدّ النهي عنه فيها في جملة من المكروهات المتفق عليها. ويضعفان بما مر ، فإن الأصل يجب الخروج عنه بالدليل ، والإشعار لا يعارض الظاهر فضلا عن الصريح. نعم ، في المروي عن تفسير العياشي : قلت له : أيضع الرجل يده على ذراعه في الصلاة ؟ قال عليه السلام : « لا بأس » (6) الخبر. لكنه قاصر عن المقاومة ، لما مرّ من وجوه عديدة ، مع انه محتمل للورود مورد التقية. وهل يختص الحكم بحالة المد ، أم يعمّها وغيرها ؟ وجهان ، ومضيا في نظائر المسألة ، وظاهر الأكثر هنا الأوّل ، وبه صرّح جماعة (7). 1 ـ راجع ص : 179 ـ 182. 2 ـ المحقق الثاني في جامع المقاصد 2 : 345 ، الشهيد الثاني في روض الجنان : 330. 3 ـ المدارك 3 : 461. 4 ـ الحلبي في الكافي : 125 ، وحكاه عن الإسكافي في المختلف : 100. 5 ـ انظر الوسائل 7 : 266 أبواب قواطع الصلاة ب 15 ح 2 ، 3. 6 ـ تفسير العياشي 2 : 36 / 100 ، المستدرك 5 : 421 أبواب قواطع الصلاة ب 14 ح 4. 7 ـ منهم : العلّامة في المنتهى1 : 311 ، والمحقق الثاني في جامع المقاصد 2 : 344 ، والشهيد. (293)
ثمَّ إن الحكم تحريماً أو كراهة يختص بحال الاختيار ، فلو اضطرّ إليه لتقية وشبهها جاز ، بل وربما وجب قولاً واحداً.
( ويحرم قطع الصلاة ) بلا خلاف على الظاهر ، المصرّح به في عبائر جماعة (1) ، معربين عن دعوى الإجماع عليه ، كما صرّح به جملة منهم في جملة من المنافيات المتقدمة ، كالشهيد ـ رحمه اللّه ـ في الذكرى في الكلام ، والحدث في الأثناء ، وتعمّد القهقهة (2). وهو الحجة ؛ مضافاً إلى الآية الكريمة ( وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ ) (3) والنهي للتحريم ، خرج منه ما أخرجه الدليل ويبقى الباقي ، والعبرة بعموم اللفظ لا خصوص المحل ، والعام المخصص حجة في الباقي. والنصّ بأن « تحريمها التكبير ، وتحليلها التسليم » (4) ولا معنى لكون تحريمها التكبير .. إلّا تحريم ما كان محلّلاً قبله به ، وتحليله بالتسليم وبعده. وفي الصحيح : عن الرجل يصيبه الغمز في بطنه وهو يستطيع أن يصبر عليه ، أيصلّي على تلك الحال أو لا يصلّي ؟ فقال : « إذا احتمل الصبر ولم يخف إعجالاً عن الصلاة فليصلّ وليصبر » (5) والأمر بالصبر حقيقة في الوجوب ، ولو لا حرمة القطع لما وجب. الثاني في روض الجنان : 330. 1 ـ منهم : صاحب المدارك 3 : 477 ، والسبزواري في الكفاية : 23 ، والفيض في المفاتيح 1 : 169. 2 ـ الذكرى : 216. 3 ـ محمد : 33. 4 ـ الكافي 3 : 69 / 2 ، الوسائل 6 : 415 أبواب التسليم ب 1 ح 1. 5 ـ الكافي 3 : 364 / 3 ، الفقيه 1 : 240 / 1061 ، التهذيب 2 : 324 / 1326 ، الوسائل 7 : 251 أبواب قواطع الصلاة ب 8 ح 1. (294)
وفي آخرين : « لا تقلّب وجهك عن القبلة فتفسد صلاتك » (1) ، وهو أظهر دلالة على حرمة الإفساد كلية ، حيث علّل به تحريم الالتفات.
وفي آخر : « إذا كنت في صلاة الفريضة فرأيت غلاماً لك قد أبق ، أو غريماً لك عليه مال ، أو حيّة تتخوفها على نفسك ، فاقطع الصلاة واتّبع غلامك وغريمك واقتل الحية » (2). وهو بمفهومه دالّ على الحكم المزبور ، وبمنطوقه على ما ظاهرهم الاتفاق عليه من الجواز في صورة خوف الضرر بترك القطع ، المشار إليها بقوله : ( إلّا لخوف ضرر ، كفوات غريم أو تردّي طفل ) أو نحو ذلك. مضافاً إلى الموثق الوارد فيها : عن الرجل يكون قائماً في صلاة الفريضة فينسى كيسه أو متاعاً يخاف ضيعته أو هلاكه ، قال : « يقطع صلاته ويحرز متاعه ثمَّ يستقبل القبلة » قلت : فيكون في صلاة الفريضة فتفلّت عليه دابته فيخاف أن تذهب أو يصيب منها عنتاً ، فقال : « لا بأس ، يقطع صلاته ويتحرّز ويعود إلى صلاته » (3). وفي القوي : رجل يصلّي ويرى الصبي يحبو إلى النار ، والشاة تدخل البيت لتفسد الشيء ، قال : « فينصرف وليتحرّز ما يتخوف منه ويبني على صلاته ما لم يتكلم » (4). وهو ظاهر في الجواز ، لكن مع البناءً دون القطع. 1 ـ الكافي 3 : 300 / 6 ، الفقيه 1 : 180 / 856 ، التهذيب 2 : 286 / 1146 ، الوسائل 4 : 312 أبواب القبلة ب 9 ح 3 وذيله. 2 ـ الكافي 3 : 367 / 5 ، الفقيه 1 : 242 / 1073 ، التهذيب 2 : 331/ 1361 ، الوسائل 7 : 276 أبواب قواطع الصلاة ب 21 ح 1. 3 ـ الكافي 3 : 367 / 3 بتفاوت ، الفقيه 1 : 241 / 1071 ، التهذيب 2 : 330 / 1360 ، الوسائل 7 : 227 أبواب قواطع الصلاة ب 21 ح 2. 4 ـ التهذيب 2 : 333 / 1375 ، الوسائل 7 : 278 أبواب قواطع الصلاة ب 21 ح 3. (295)
والاستثناء من المنع يقتضي ثبوت الجواز المطلق المجامع للوجوب والاستحباب والكراهة والإباحة ، ولذا قسّمه إليها الشهيدان وغيرهما (1) ، فقالوا :
يجب لحفظ النفس والمال المحترمين حيث يتعين عليه. ويستحب لاستدراك الأذان والإِقامة وقراءة الجمعة والمنافقين في الظهر والجمعة ، وللائتمام بإمام الأصل. ويباح لإحراز المال اليسير الذي لا يتضرّر بفواته ، وقتل الحية التي لا يظن أذاها. ويكره لإحراز المال اليسير الذي لا يبالي بفواته ، قاله في الذكرى واحتمل التحريم. وقال : وإذا أراد القطع فالأجود التحليل بالتسليم ؛ لعموم :
« وتحليلها التسليم » ولو ضاق الحال عنه سقط ، وإن لم يأت به وفعل منافياً آخر فالأقرب عدم الإثم ، لأن القطع سائغ ، والتسليم إنما يجب التحلّل به في الصلاة التامة.
وهل الحكم بتحريم القطع يختص بالفريضة ، أم يعمّها والنافلة ؟ ظاهر إطلاق العبارة كغيرها من أكثر الفتاوي والأدلّة الثاني. خلافاًًًً للقواعد وشيخنا الشهيد الثاني وغيرهما (2) ، فالأوّل ؛ لمفهوم بعض الصحاح المتقدمة ، وخصوصاً ما مرّ من المعتبرة في بحث الالتفات عن القبلة (3). وهو غير بعيد ؛ لاعتبار هذه الأدلة ، فتصلح أن تكون للإطلاقات مقيدة ، 1 ـ الشهيد الأول في الذكرى : 215 ، الشهيد الثانى في روض الجنان : 338 ؛ وانظر جامع المقاصد 2 : 359 ، والمسالك 1 : 33. 2 ـ القواعد 1 : 36 ، الشهيد الثاني في روض الجنان : 338 ؛ وقال الحلّي في السرائر 1 : 422 : لان عندنا العبادة المندوب اليها لا تجنب بالدخول فيها ـ بخلاف ما ذهب إليه أبو حنيفة ـ ما خلا الحج المندوب فانه يجب بالدخول فيه ، وحمل باقي المندوبات قياس ... ، وانظر مجمع الفائدة 3 : 109. 3 ـ راجع ص : 276 ـ 280. (296)
نعم يكره لشبهة الخلاف الناشئ من الإطلاق.
( وقيل ) والقائل الشيخ في النهاية والمبسوط والخلاف (1) ( يقطعها الأكل والشرب ) . ولا ريب فيه إذا بلغا الكثرة ، بل على البطلان حينئذ الإجماع في كلام جماعة (2). كما لا ريب في العدم مع النسيان مطلقاً ، للأصل ، مع دعوى الإجماع عليه في المنتهى (3). ويشكل مع القلّة ؛ لعدم دليل على البطلان بهما حينئذ يعتدّ به عدا دعوى الإجماع في الخلاف على البطلان بهما بقول مطلق ، وفي انصرافه إلى القليل منهما نظر ، لاختصاصه بحكم التبادر بالكثير ، مع أن في المنتهى الإجماع على عدم البطلان بابتلاع نحو ما بين الأسنان ، وبوضع سكرة في فيه فتذوب وتسوق مع الريق (4). وفي الصحيح : عن الرجل هل يصلح له أن يصلّي وفي فيه الخبز واللوز (5) ؟ قال : « إن كان يمنعه من قراءته فلا ، وإن كان لا يمنعه فلا بأس » (6) وهو ظاهر أيضاً في عدم البطلان. مضافاً إلى الأصل ، وفحوى النصوص المجوّزة لكثير من الأفعال المتقدمة في بحث الفعل الكثير ، من نحو إرضاع الطفل وإحضانه وقتل الحية 1 ـ لم نعثر في النهاية الا على التصريح بجواز شرب الماء عند لحوق العطش في صلاة الوتر. راجع النهاية : 121 المبسوط 1 : 118 ، الخلاف 1 : 413. 2 ـ منهم الشيخ في الخلاف 1 : 413 ، جامع المقاصد : 351 : ، روض الجنان : 331. 3 ـ المنتهى 1 : 312. 4 ـ المنتهى 1 : 312. 5 ـ كذا في النسخ ، وفي المصدر : « الخَرَز واللؤلؤ ». 6 ـ الفقيه 1 : 164 / 775 ، الوسائل 4 : 461 أبواب لباس المصلي ب 60 ح 3. (297)
و العقرب ونحو ذلك (1). فالأجود وفاقاً لجماعة من المتأخرّين (2) عدم البطلان بالقليل ، واختصاصه بالكثير.
ولا فرق في القطع بهما في الجملة أو مطلقاً بين الفريضة والنافلة ( إلّا في الوتر لمن عزم الصوم ولحقه عطش ) (3) وكان الماء أمامه بعيداً عنه بخطوتين أو ثلاثة ، فيجوز له الشرب حينئذ ، كما في النص (4). وهذا الاستثناء بهذه القيود مجمع عليه كما في التنقيح (5). وظاهره عدم الفرق بين القليل والكثير ، مع أن في المنتهى : الأقرب اعتبار القلّة (6). وفي المختلف : أن الرخصة إمّا في القليل ، أو في الدعاء بعد الوتر (7). أقول : وعليه لا معنى للاستثناء ؛ لاشتراك مطلق النافلة بل الفريضة أيضاً في جواز القليل من الأكل والشرب ، بل مطلق الأفعال فيها ، إلّا على القول بالمنع عنهما فيها مطلقاً ، ولم أجد به قائلاً صريحاً ، بل ولا ظاهراً ، لانصراف الإطلاق في كلام الشيخ الذي هو الأصل في هذا القول إلى الكثير المتفق على البطلان به كما مضى. نعم ، كل من عطفهما على الفعل الكثير ظاهره كونهما مبطلين عنده مطلقاً ، فيصحّ الاستثناء على هذا مطلقاً ولو قيّد الشرب في المستثنى بالقليل ، لكنه خلاف ظاهر النص والأكثر. 1 ـ راجع ص : 287. 2 ـ كالمحقق في المعتبر 2 : 259 ، والعلّامة في المنتهى 1 : 312 ، والشهيد في الذكرى : 215. 3 ـ في « ح » زيادة : شديد. 4 ـ الفقيه 1 : 313 / 1424 ، التهذيب 2 : 329 / 1354 ، الوسائل 7 : 279 أبواب قواطع الصلاة ب 23 ح 1 ، 2. 5 ـ التنقيح الرائع 1 : 217. 6 ـ المنتهى 1 : 312. 7 ـ المختلف : 103. (298)
وفي جواز استثناء مطلق النافلة مع القيود المزبورة أو مطلقاً كالوتر بدونها إشكال. والأصل يقتضي العدم ، كما هو ظاهر الأكثر (1).
ويحتمل الجواز ؛ لتخلّف حكم النافلة عن الفريضة في مواضع عديدة ، مع ورود النص بأن النافلة ليست كالفريضة (2) ، وفي الخلاف : وروي إباحة الشرب في النافلة (3). وظاهره المصير إلى هذا الاحتمال وورود نصّ به ، وإن احتمل أن يريد به المنصوص في هذا النص خاصة من غير تعميم لغيره ، ولا ريب أن الأحوط العدم. ( وفي جواز الصلاة والشعر معقوص قولان ، أشبههما الكراهة ) وفاقاً للمفيد والحلّي والديلمي والحلبي (4) وعامة المتأخرين ؛ للأصل ، وضعف دليل المانع ، وهو الشيخ في النهاية والمبسوط والخلاف (5) ، مدعياً فيه الإجماع ، ومستنداً إلى الخبر : في رجل صلّى صلاة فريضة وهو معقوص الشعر ، قال : « يعيد صلاته » (6). وفي السند ضعف ، وفي الإجماع وهن بندرة القائل به ، بل عدمه إلّا مدّعيه ، فلا يخصّص به الأصل المعتضد بفتوى الأكثر ، بل الكل إلّا النادر ، 1 ـ ومنهم الحلّي ( السرائر : 309 ) والفاضلان ( المحقق في الشرائع 1 : 91 ، العلّامة في القواعد 1 : 361 ) وغيرهما ، وبالجملة كل من رخّص الاستثناء بالوتر بالقيود المزبورة. منه رحمه الله. 2 ـ الكافي 3 : 448 / 22 ، التهذيب 2 : 336 / 1387 ، الوسائل 6 : 404 أبواب التشهد ب 8 ح 1. 3 ـ الخلاف 1 : 413. 4 ـ المفيد في المقنعة : 152 ، الحلّي في السرائر 1 : 271 ، الديلمي في المراسم : 64 ، الحلبي في الكافي : 125. 5 ـ النهاية : 95 ، المبسوط 1 : 119 ، الخلاف 1 : 510. 6 ـ الكافي 3 : 409 / 5 ، التهذيب 2 : 232 / 914 ، الوسائل 4 : 424 أبواب لباس المصلي ب 36 ح 1. (299)
و إن تبعه الشهيد في الذكرى (1) لشبهة نقل الإجماع وللاحتياط. وفي الأول ما مرّ ، وفي الثاني أنه مرجوح بالنسبة إلى المعارض ، مع أن في التمسك به للوجوب إشكالاً ليس هنا محل ذكره.
والحكم تحريماً أو كراهة مختصّ بالرجل دون المرأة إجماعاً ، كما صرّح به جماعة (2) ، ولكن بعض العبارات كالمتن مطلقة (3). والعقص هو جمع الشعر في وسط الرأس وشدّه ، كما عن المعتبر والتذكرة وفي غيرهما من كتب الجماعة (4). قيل : ويقرب منه قول الفارابي والمطرزي في كتابيه أنه جمعه على الرأس قال المطرزي : وقيل هو لَيُّه وإدخال أطرافه في أُصوله (5). قلت : هو قول ابن فارس في المقاييس (6). قال المطرزي : وعن ابن دُريد : عقصتْ شعرها شدّته في قفاها ولم تجمعه جمعاً شديداً. وفي العين : العقص أخذك خصلة من شعر فتلويها ثمَّ تعقدها حتى يبقى فيها التواء ثمَّ ترسلها (7). ونحوه المجمل والأساس (8) والمحيط ، وإن خلا عن الإرسال. و يقرب منه ما في الفائق : أنه الفتل (9). وما في الصحاح : أنه ضفره ولَيُّه على 1 ـ الذكرى : 217. 2 ـ منهم العلّامة في التذكرة 1 : 99 ، والمحقق الثاني في جامع المقاصد 2 : 353 ، وصاحب المدارك 3 : 469. 3 ـ كما في الشرائع 1 : 91 ، والتبصرة للعلامة : 30. 4 ـ المعتبر 2 : 260 ، التذكرة 1 : 99 ؛ وانظر الذكرى : 217 ، وجامع المقاصد 2 : 353. 5 ـ كشف اللثام 1 : 239. 6 ـ المقاييس 4 : 97. 7 ـ العين 1 : 127. 8 ـ مجمل اللغة 3 : 395 ، أساس البلاغة : 309. 9 ـ الفائق 3 : 17. (300)
الرأس (1). وهو المحكي في تهذيب اللغة (2) والغريبين عن أبي عبيدة ، إلّا أنه قال : ضرب من الضفر ، وهو ليّه على الرأس. وفي المنتهى : وقد قيل : إن المراد بذلك ضفر الشعر وجعله كالكُبّة في مقدم الرأس على الجبهة ، وعلى هذا يكون ما ذكره الشيخ حقّاً ، لأنه يمنع من السجود (3). انتهى. وحكى المطرزي قولاً إنه وصل الشعر بشعر الغير (4).
( ويكره الالتفات ) بالبصر أو الوجه ( يميناً وشمالاً ) ففي الخبر : « انه لا صلاة لملتفت » (5). وحُمل على نفي الكمال جمعاً كما مضى. وفي آخر عنه صلّى اللّه عليه وآله : « أما يخاف الذي يحوّل وجهه في الصلاة أن يحوّل اللّه تعالى وجهه وجه حمار » (6). والمراد تحويل وجه قلبه كوجه قلب الحمار في عدم اطّلاعه على الْأُمور العلويّة ، وعدم إكرامه بالكمالات العليّة. ( والتثاؤب ) بالهمزة ، يقال : تثاءبت ، ولا يقال : تثاوبت ، قاله الجوهري (7). ( والتمطّي ) وهو مدّ اليدين. ففي الخبر : أنهما من الشيطان (8). وفي النهاية الأثيرية : إنما جعلهما من الشيطان كراهية له ؛ لأنه إنما يكون مع ثِقَل البدن وامتلائه واسترخائه وميله 1 ـ الصحاح 3 : 1046. 2 ـ تهذيب اللغة 1 : 173. 3 ـ المنتهى 1 : 235. 4 ـ حكاه عنه الفاضل الهندى في كشف اللثام 1 : 239. 5 ـ عمدة القارى 5 : 311. 9 ـ اسرار الصلاة ( رسائل الشهيد الثاني ) : 107 ، صحيح مسلم 1 : 321 / 115 ، 116 بتفاوت يسير. 7 ـ انظر الصحاح 1 : 92. 8 ـ الكافي 3 : 301 / 7 ، الوسائل 7 : 259 أبواب قواطع الصلاة ب 11 ح 3 ، 4. |
|||
|