رياض المسائل ـ الجزء الثالث ::: 391 ـ 405
(391)
الأقوى ، بل عليه عامة متأخري أصحابنا ، وفي المختلف : لا خلاف في عدد التكبيرات وأنه تسع تكبيرات ، خمس في الْاُولى وأربع في الثانية (1). وظاهره دعوى الإجماع عليه ، وبه صرّح في الانتصار والناصرية والاستبصار والخلاف (2) ؛ وهو الحجّة.
    مضافاً إلى المعتبرة المستفيضة المتضمنة للصحاح والموثق وغيرها ، ففي الصحيح : « تكبّر تكبيرة تفتتح بها الصلاة ، ثمَّ تقرأ ، وتكبّر خمساً وتدعو بينهما ، ثمَّ تكبر أُخرى وتركع بها ، فذلك سبع تكبيرات بالتي تفتتح بها ، ثمَّ تكبّر في الثانية خمسا تقوم فتقرأ ، ثمَّ تكبّر أربعاً وتدعو بينهن ، ثمَّ تكبّر تكبيرة الخامسة » (3) ونحوه الموثق (4).
    وغيره من أخبار كثيرة ، وفيه : « الصلاة قبل الخطبتين ، والتكبير بعد القراءة ، سبع في الْاُولى وخمس في الأخيرة » (5).
    وفيه : عن التكبير في العيدين ، فقال : « سبع وخمس » (6).
    قيل : ويحتمل كتب الصدوق والمفيد والديلمي الثمان ، وفي المنتهى عن العماني وابن بابويه أنها سبع (7).
1 ـ المختلف : 112.
2 ـ الانتصار : 56 ، الناصرية ( الجوامع الفقهية ) : 203 ، الاستبصار 1 : 448 ، الخلاف 1 : 658.
3 ـ التهذيب 3 : 132 / 287 ، الاستبصار 1 : 449 / 1737 ، الوسائل 7 : 435 أبواب صلاة العيد ب 10 ح 8.
4 ـ التهذيب 3 : 132 / 288 ، الاستبصار 1 : 449 / 1738 ، الوسائل 7 : 436 أبواب صلاة العيد ب 10 ح 10.
5 ـ التهذيب 3 : 287 / 860 ، الوسائل 7 : 441 أبواب صلاة العيد ب 11 ح 2.
6 ـ التهذيب 3 : 127 / 270 ، الاستبصار 1 : 447 / 1729 ، الوسائل 7 : 435 أبواب صلاة العيد ب 10 ح 4.
7 ـ كشف اللثام 1 : 259.


(392)
    ومستندهما غير واضح ، نعم لعلّه لا بأس بهما على القول باستحباب هذه التكبيرات كما أشار إليه في المنتهى فقال : الوجه عندي أنّ التكبير مستحب ، لما يأتي ، فجائز فيه الزيادة والنقصان (1).
    وهو حسن. لكن القول بالاستحباب ضعيف ؛ لمخالفته التأسي وظاهر النصوص والإجماع المنقول عن ظاهر الانتصار (2) ، المؤيد جميع ذلك بالشهرة الظاهرة والمحكية في كلام جماعة (3) ؛ مع عدم وضوح دليل عليه ، عدا الأصل المضعّف بما مرّ ، والصحيح (4) وغيره (5) المحمولين ـ على تقدير تسليم دلالتهما ـ على التقية كما في الاستبصار وغيره قال : لأنهما موافقان لمذاهب كثير من العامة ولسنا نعمل به ، وإجماع الفرقة المحقة على ما قدّمنا (6).
    و محل هذه التكبيرات ( بعد قراءة الحمد والسورة وقبل تكبير الركوع على ) الأظهر ( الأشهر ) بين الطائفة ، وفي صريح الانتصار والخلاف (7) الإجماع عليه ؛ وهو الحجّة ، مضافاً إلى المعتبرة المتقدمة.
    خلافاًًًً للإسكافي والصدوق في الهداية (8) ، فجعلاه في الركعة الْاُولى قبل القراءة ؛ وبه أخبار صحيحة (9) ، لكنها محمولة على التقية ، قال الشيخ : لأنها
1 ـ المنتهى 1 : 341.
2 ـ الانتصار : 56.
3 ـ منهم : فخر المحققين في الإيضاح 1 : 128 ، والمحقق السبزواري في الذخيرة : 321.
    التهذيب 3 : 291 / 134 ، الاستبصار 1 : 1732 / 447 ، الوسائل 7 : 438 أبواب صلاة العيد ب 10 ح 14.
4 ـ التهذيب 3 : 286 / 854 ، الاستبصار 1 : 447 / 1731 ، الوسائل 7 : 437 أبواب صلاة العيد ب 10 ح 14.
5 ـ الاستبصار 1 : 448.
6 ـ الانتصار : 56 ، الخلاف 1 : 660.
7 ـ حكاه عن الإسكافي في المنتهى 1 : 342 ، الهداية : 53.
8 ـ التهذيب 3 : 131 / 284 ، 285 ، الاستبصار 1 : 450 / 1740 ، 1741 ، الوسائل 7 : 439


(393)
موافقة لمذاهب العامة (1).
    وللمفيد وغيره قول آخر (2) ذكرته في الشرح.
    ( ويقنت ) وجوباً ( مع كل تكبيرة ) أي بعده ( بالمرسوم استحباباً ).
    ولم يتعين بل يقنت بما شاء من الكلام الحسن كما في الصحيح (3) ، المعتضد باختلاف النصوص في القنوت المأثور ؛ مع أنه لا خلاف فيه إلّا من الحلبي فقال : يلزمه أن يقنت بين كل تكبيرتين فيقول : اللهم أهل الكبرياء والعظمة (4).
    وهو شاذ ، مع أنّ في الذكرى : إن أراد به الوجوب تخييراً والأفضلية فحقّ ، وإن أراد به الوجوب عيناً فممنوع (5).
    وما قلنا من وجوب القنوتات هو المشهور بين الأصحاب ، وفي الانتصار والغنية (6) الإجماع عليه ، وهو الحجّة ، مضافاً إلى ما مرّ في وجوب التكبيرات من الأدلة.
    خلافاًًًً للخلاف وجماعة (7) فتستحب ؛ للأصل ، ويضعّف بما مرّ ؛ ولعدم نصوصية الأخبار والصلوات في الوجوب ، ويضعّف بكفاية الظهور.
    ولخصوص ظاهر قوله في المضمر : « وينبغي أن يقنت بين كلّ تكبيرتين‏
أبواب صلاة العيد ب 10 ح 18 ، 20.
1 ـ التهذيب 3 : 131 ، الاستبصار 1 : 451.
2 ـ وهو أن محلّ التكبير الأول في الركعة الثانية قبل القراءة وباقي التكبيرات بعدها ، وهذا القول محتمل نسخة من المقنعة ( ص 195 الهامش 1 ) ، والغنية ( الجوامع الفقهية ) : 561.
3 ـ التهذيب 3 : 288 / 863 ، الوسائل 7 : 467 أبواب صلاة العيد ب 26 ح 1.
4 ـ الكافي في الفقه : 154.
5 ـ الذكرى : 242.
6 ـ الانتصار : 57 ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : 561.
7 ـ الخلاف 1 : 661 ؛ وانظر الوسيلة : 111 ، والمعتبر 2 : 314 ، وجامع للشرائع : 107.


(394)
ويدعو اللّه تعالى » (1).
    وفيه ـ بعد الإغماض عن قصور السند أو ضعفه ، وعدم وضوح ظهوره ، لكثرة الأخبار والفتاوي في التعبير عن الواجبات ب‍ : ينبغي ـ : أنّ في بعض النسخ : « وينبغي أن يتضرع ».
    ولاستلزام استحباب التكبيرات استحبابها ، وهو ضعيف بما مضى.
    ( وسننها ) أُمور :
    ( الإصحار بها ) أي الخروج إلى الصحراء لفعلها ، بإجماعنا وأكثر العامة كما صرّح به جماعة (2) ، والنصوص به مع ذلك مستفيضة (3).
    وعن النهاية : لا يجوز إلّا في الصحراء (4). ولعلّ مراده تأكد الاستحباب ، لأنه أحد نقلة الإجماع عليه في الخلاف (5).
    وفي الصحيح : « لا ينبغي أن تصلّى صلاة العيد في مسجد مسقف ولا في بيت ، إنّما تصلّى في الصحراء أو مكان بارز » (6).
    ويستثنى منه مكة ـ زادها اللّه شرفاً وتعظيماً ـ للخبرين : « من السنّة على أهل الأمصار أن يبرزوا من أمصارهم في العيدين ، إلّا أهل مكة فإنّهم يصلّون في المسجد الحرام » (7).
1 ـ التهذيب 3 : 130 / 283 ، الوسائل 7 : 439 أبواب صلاة العيد ب 10 ح 19 ، وفيه بتفاوت يسير.
2 ـ منهم : المحقق الثاني في جامع المقاصد 1 : 443 ، وصاحب المدارك 4 : 111.
3 ـ الوسائل 7 : 449 أبواب صلاة العيد ب 17.
4 ـ النهاية : 133.
5 ـ الخلاف 1 : 654.
6 ـ الفقيه 1 : 322 / 1471 ، الوسائل 7 : 449 أبواب صلاة العيد ب 17 ح 2.
7 ـ الأول :
    الفقيه 1 : 321 / 1470 ، الوسائل 7 : 449 أبواب صلاة العيد ب 17 ح 3.


(395)
    ولتكن فيه أيضاً تحت السماء لا تحت الظلال ؛ لعموم الصحيح السابق وغيره بالبروز إلى آفاق السماء.
    وألحق به الإسكافي المدينة ـ على مشرّفها ألف سلام وصلاة وتحية ـ للحرمة (1) ، وحكاه الحلّي أيضاً عن طائفة (2).
    وتردّه النصوص عموماً وخصوصاً ، وفيه : « قيل لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله يوم فطر أو أضحى : لو صلّيت في مسجدك ، فقال : إني لأحب أن أبرز إلى آفاق السماء » (3).
    ويستثنى منه أيضاً حال الضرورة ، للمشقة ، وخصوص المعتبرة ، منها : « مرض أبي عليه السلام يوم الأضحى فصلّى في بيته ركعتين ثمَّ ضحّى » (4).
    ومنها : « الخروج يوم الفطر والأضحى إلى الجبّانة حسن لمن استطاع الخروج إليها » (5).
    ووقت الخروج بعد طلوع الشمس على المشهور ، وفي الخلاف الإجماع عليه (6) ، وهو صريح ما مرّ في بحث الوقت من النصوص (7).
    الثاني :
    الكافي 3 : 461 / 10 ، التهذيب 3 : 138 / 307 ، الوسائل 7 : 451 أبواب صلاة العيد ب 17 ح 8.
1 ـ نقله عنه في المختلف : 115.
2 ـ انظر السرائر 1 : 318.
3 ـ الكافي 3 : 460 / 4 ، الوسائل 7 : 451 أبواب صلاة العيد ب 17 ح 7.
4 ـ الفقيه 1 : 320 / 1462 ، التهذيب 3 : 136 / 300 ، الاستبصار 1 : 445 / 1718 ، الوسائل 7 : 425 أبواب الصلاة العيد ب 3 ح 3.
5 ـ الفقيه 1 : 321 / 1464 ، التهذيب 3 : 288 / 864 ، الاستبصار 1 : 445 / 1721 ، الوسائل 7 : 422 أبواب صلاة العيد ب 2 ح 8.
6 ـ الخلاف 1 : 675.
7 ـ في ص 384.


(396)
    خلافاًًًً للمقنعة فقبل الطلوع (1). قيل (2) : ويوافقه الطبرسي في ظاهر جوامع الجامع ؛ إذ قال : كانت الطرقات في أيام السلف وقت السحر وبعد الفجر مغتصّة بالمبكّرين يوم الجمعة يمشون بالسرج ، وقيل : أول بدعة أُحدثت في الإسلام ترك البكور إلى الجمعة (3). انتهى.
    وهو مع مخالفته لما مرّ ـ مضافاً إلى استحباب الجلوس بعد صلاة الفجر إلى طلوع الشمس ـ غير واضح المستند ؛ مع أنّ في الخلاف نسب التبكير إلى الشافعي خاصة ، مدعياً على خلافه إجماع الإمامية كما عرفته.
    ( والسجود على الأرض ) للنصوص الصحيحة (4) ، وهو وإن كان أفضل في سائر الصلوات وفي غيرها لكنه آكد هنا.
    وعن الهداية وفي غيرها : قم على الأرض ولا تقم على غيرها (5). ولا بأس به ؛ للصحيح (6) وغيره (7).
    ( وأن يقول المؤذّن : الصلاة ) بالرفع أو النصب ( ثلاثاً ) كما في الصحيح (8) ، ولا خلاف فيه بين العلماء كما قيل (9).
    وعن العماني أن يقول : الصلاة جامعة (10). ولم أعرف مستنده.
1 ـ المقنعة : 194.
2 ـ كشف اللثام 1 : 261.
3 ـ جوامع الجامع : 493.
4 ـ الوسائل 5 : 117 أبواب صلاة العيد ب 17.
5 ـ الهداية : 53 ؛ وانظر الحدائق 10 : 265.
6 ـ التهذيب 3 : 285 / 849 ، الوسائل 7 : 451 أبواب صلاة العيد ب 17 ح 10.
7 ـ الوسائل 7 : 450 أبواب صلاة العيد ب 17 ح 6 ، 12 ، فقه الرضا ( عليه السلام ) : 213.
8 ـ الفقيه 1 : 322 / 1473 ، التهذيب 3 : 290 / 873 ، الوسائل 7 : 428 أبواب صلاة العيد ب 7 ح 1.
9 ـ المدارك 4 : 113.
10 ـ نقله عنه في المعتبر 2 : 316.


(397)
    وهل المقصود به إعلام الناس بالخروج إلى الصلاة فيكون كالأذان المعلم بالوقت كما في الذكرى عن ظاهر الأصحاب (1) ، أو بالدخول فيها فيكون بمنزلة الإقامة قريبة منها كما عن الحلبي (2) ؟ وجهان ، والظاهر تأدّي السنّة بكلّ منهما كما قيل (3).
    ( وخروج الإمام حافياً ) تأسّياً بمولانا الرضا عليه السلام مع نقله ذلك عن النبي صلّى اللّه عليه وآله والوصي عليه السلام (4) ، ولأنه أبلغ في التذلل والاستكانة.
    قيل : وأطلق استحبابه في التذكرة ونهاية الإحكام (5) ، وفيهما الإجماع ، وفي التذكرة إجماع العلماء.
    ونصّ في المبسوط على اختصاصه بالإمام (6) ، وهو ظاهر الأكثر ، ولا أعرف له جهة سوى أنهم لم يجدوا به نصّاً عاماً ، ولكن في المعتبر والتذكرة (7) :
    إنّ بعض الصحابة كان يمشي حافياً وقال : سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله يقول : « من اغبرت قدماه في سبيل اللّه حرّمهما على النار » (8).
    وأن يكون على ( سكينة ووقار ) ذاكراً للّه ؛ للإجماع المحكي عن الخلاف ونهاية الإحكام والتذكرة (9) ، قيل : وفيها إجماع العلماء. وعن مولانا
1 ـ الذكرى : 240.
2 ـ الكافي في الفقه : 153.
3 ـ المدارك 4 : 113.
4 ـ الكافي 1 : 488 / 7 ، العيون 2 : 147 / 21 ، إرشاد المفيد 2 : 265 ، الوسائل 7 : 453 أبواب صلاة العيد ب 19 ح 1.
5 ـ التذكرة 1 : 160 ، نهاية الإِحكام 2 : 64.
6 ـ المبسوط 1 : 170.
7 ـ المعتبر 2 : 317 ، التذكرة 1 : 160.
8 ـ سنن البيهقي 3 : 229.
9 ـ لم نعثر عليه في الخلاف ، وقد نقل الإجماع في مفتاح الكرامة 3 : 181 عن نهاية الإِحكام


(398)
الرضا عليه السلام أنه : كان يمشي ويقف في كل عشر خطوات ويكبّر ثلاث مرّات (1).
    ( وأن يطعم ) ويأكل ( قبل خروجه ) إلى الصلاة ( في الفطر ، وبعد عوده ) منها ( في الأضحى ) إجماعاً ، للنصوص المستفيضة (2).
    ويستحب في الأول التمر ، للنصوص ، ومنها الرضوي ، وزيد فيه الزبيب (3).
    وفي المنتهى والتحرير والتذكرةوالمبسوط والمهذب والسرائر وغيرها (4) :
استحباب الحلو ، وفي السرائر والذكرى والبيان (5) أنّ أفضله السكر ؛ ولعلّه للرضوي : « وروي عن العالم الإفطار بالسكر » وفيه أيضاً « أفضل ما يفطر عليه طين قبر الحسين عليه السلام » (6).
    أقول : وبه رواية علي بن محمد النوفلي (7).
    لكنهما مع ضعف سندهما ومخالفتهما لعموم المنع عن الطين (8) شاذتان ، كما صرّح به الشهيد ـ رحمه اللّه ـ والحلّي (9) ، فطرحهما متعين.
و التذكرة فقط ، نهاية الإِحكام 2 : 64 ، التذكرة 1 : 160.
1 ـ راجع الهامش ( 4 ) من الصفحة المتقدّمة.
2 ـ الوسائل 7 : 443 أبواب صلاة العيد ب 12.
3 ـ فقه الرضا ( عليه السلام ) : 210 ، المستدرك 6 : 130 أبواب صلاة العيد ب 10 ح 2.
4 ـ المنتهى 1 : 345 ، التحرير 1 : 46 ، التذكرة 1 : 160 ، المبسوط 1 : 169 ، المهذّب 1 : 121 ، السرائر 1 : 318 ؛ وانظر جامع المقاصد 2 : 447.
5 ـ الذكرى : 240 ، البيان : 203.
6 ـ فقه الرضا ( عليه السلام ) : 210 ، المستدرك 6 : 130 أبواب صلاة العيد ب 10 ح 2.
7 ـ الكافي 3 : 170 / 4 ، الفقيه 2 : 113 / 485 وفيهما بتفاوت يسير ، الوسائل 7 : 445 أبواب صلاة العيد ب 13 ح 1.
8 ـ الوسائل 24 : 220 أبواب الأطعمة المحرّمة ب 58.
9 ـ الشهيد في الذكرى : 240 ، الحلّي في السرائر 1 : 318.


(399)
    ويمكن حملهما على الاستحباب الإفطار بها في صورة جواز أكله بقصد الاستشفاء لا مطلقاً.
    وفي الثاني كون مطعومه ( ممّا يضحّي به ) إن كان ممّن يضحّي ، للصحيح : « لا تخرج يوم الفطر حتى تطعم شيئاً ، ولا تأكل يوم الأضحى إلّا من هديك وأُضحيّتك إن قويت عليه ، وإن لم تقو فمعذور » (1).
    ( وأن يقرأ ) بعد الحمد ( في ) الركعة ( الْاُولى ب‍ ) سورة ( الأعلى ، وفي الثانية ب‍ ) سورة ( والشمس ) وضحيها ، كما في الخبرين (2). وقيل : بالشمس في الْاُولى والغاشية في الثانية (3) ؛ للصحيحين (4).
    وهذان القولان مشهوران ، بل على ثانيهما الإجماع في الخلاف ، ولعلّه الأقرب.
    وهنا أقوال أخر (5) غير واضحة المأخذ ، عدا الرضوي (6) لبعضها.
1 ـ الفقيه 1 : 321 / 1469 ، الوسائل 7 : 443 أبواب صلاة العيد ب 12 ح 1.
2 ـ الأول :
    التهذيب 3 : 132 / 288 ، الاستبصار 1 : 449 / 1738 ، الوسائل 7 : 436 أبواب صلاة العيد ب 10 ح 10.     الثاني :
    الفقيه 1 : 324 / 1485 ، التهذيب 3 : 132 / 290 ، الوسائل 7 : 469 أبواب صلاة العيد ب 26 ح 5.
3 ـ قال به الشيخ في الخلاف 1 : 662 ، وصاحب المدارك 4 : 104.
4 ـ الأول.
    التهذيب 3 : 127 / 270 ، الوسائل 7 : 435 أبواب صلاة العيد ب 10 ح 4.
    الثاني :
    الكافي 3 : 460 / 3 ، التهذيب 3 : 129 / 278 ، الاستبصار 1 : 448 / 1733 ، الوسائل 7 : 434 أبواب صلاة العيد ب 10 ح 2.
5 ـ انظر المختلف : 112.
6 ـ فقه الرضا ( عليه السلام ) : 131 ، المستدرك 6 : 126 أبواب صلاة العيد ب 7 ح 4.


(400)
    ولا خلاف في جواز العمل بالكل ، وإنما اختلفوا في الأفضل ، ولعلّه ما ذكرنا.
    ( والتكبير ) في العيدين معاً على الأشهر الأقوى ، بل عليه عامة متأخري أصحابنا (1) ، وعليه الإجماع في المنتهى (2) ؛ وهو الحجّة ، مضافاً إلى الأصل والمعتبرة كالصحيح : عن التكبير أيام التشريق أ واجب هو؟ قال : « يستحب » (3).
    وفي آخر مروي عن نوادر البزنطي في السرائر : عن التكبير بعد كل صلاة ، فقال : « كم شئت إنه ليس بمفروض » (4).
    وفي الخبر : « أما إنّ في الفطر تكبيراً ولكنه مسنون » (5).
    والعدول عن الجواب ب‍ « نعم » إلى الجواب بقوله : « يستحب » في الأول صريح في أنّ المراد به الاستحباب بالمعنى المصطلح.
    كما أنّ التفويض إلى المشيّة مع التعليل بأنه ليس بمفروض ـ في الثاني ـ صريح في نفي الوجوب بالمعنى المصطلح ، لا نفي الوجوب الفرضي المستفاد من الكتاب في مقابلة الوجوب المستفاد من السنّة ، مع عدم استقامته بعد تضمّن الكتاب للأمر به في قوله تعالى ( وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى‏ ما هَداكُمْ ) (6) وعن التبيان ومجمع البيان وفقه القرآن للراوندي (7) : أنّ المراد به التكبير المراد
1 ـ منهم : المحقق الثاني في جامع المقاصد 2 : 448 ، وصاحب المدارك 4 : 107 ، والفاضل الهندي في كشف اللثام 1 : 260.
2 ـ المنتهى 1 : 346.
3 ـ التهذيب 5 : 488 / 1745 ، الوسائل 7 : 464 أبواب صلاة العيد ب 23 ح 1.
4 ـ مستطرفات السرائر : 30 / 27 ، الوسائل 7 : 465 أبواب صلاة العيد ب 24 ح 1.
5 ـ الكافي 4 : 166 / 1 ، الفقيه 2 : 108 / 464 ، التهذيب 3 : 138 / 311 ، الوسائل 7 : 455 أبواب صلاة العيد ب 20 ح 2.
6 ـ البقره : 185.
7 ـ التبيان 2 : 125 ، مجمع البيان 1 : 277 ، فقه القرآن 1 : 160.


(401)
هنا ، كما في النصّ المروي عن الخصال (1) ، وقوله تعالى ( وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ ) (2) وهي أيام التشريق بلا خلاف كما في الخلاف (3) والصحيح (4) ، والذكر فيها التكبير كما في الأخير.
    ومنه يظهر الجواب عن حمل السنّة في الخبر الأخير على الوجوب النبوي ، مع منافاته الاستدراك فيه ، مع عدم مصير القائل بالوجوب إليه ، لاستناده في إثباته إلى الأمر الكتابي.
    وبهذه الأدلة المعتضدة بالشهرة العظيمة القريبة من الإجماع يحمل على الاستحباب ما ظاهره الوجوب من الكتاب والسنّة.
    فظهر ضعف القول بالوجوب فيهما كما عن المرتضى في الانتصار (5) ، أو في التشريق خاصة مطلقاً كما عنه في الجمل (6) ، أو على من كان بمنى كما عن الشيخ في التبيان والاستبصار والجمل والشيخ أبي الفتوح في روض الجنان وابن حمزة والراوندي في فقه القرآن (7) ، أو في الفطر خاصة كما عن ابن شهرآشوب في متشابه القرآن (8).
    هذا ، واختلاف النصوص والفتاوي في بيان كيفية التكبير مطلقاً كما يأتي أقوى دليل على الاستحباب ، سيّما بعد اعتضاده بترك عامة الناس له مع عموم‏
1 ـ الخصال : 609 / 9 ، الوسائل 7 : 457 أبواب صلاة العيد ب 20 ح 6.
2 ـ البقرة : 203.
3 ـ الخلاف 1 : 667.
4 ـ الكافي 3 : 516 / 1 ، الوسائل 7 : 457 أبواب صلاة العيد ب 21 ح 1.
5 ـ الانتصار : 57.
6 ـ جمل العلم والعمل ( رسائل الشريف المرتضى 3 ) : 45.
7 ـ التبيان 2 : 175 ، الاستبصار 2 : 299 ، الجمل والعقودد الرسائل العشر ) : 238 ، روض الجنان 1 : 333 ، الوسيلة : 189 ، فقه القرآن 1 : 300.
8 ـ متشابه القرآن 2 : 177.


(402)
البلوى به واشتراك جميع المكلّفين فيه من رجل أو امرأة ، صغير أو كبير ، في جماعة أو فرادى ، في بلد أو قرية ، في سفر أو حضر ، كما يقتضيه إطلاق الأدلة ، وادّعى في الخلاف عليه إجماع الفرقة (1) ، وفي الخبر : « على الرجال والنساء أن يكبّروا أيام التشريق في دبر الصلاة ، وعلى من صلّى وحده ، ومن صلّى تطوعاً » (2).
    ثمَّ التكبير ( في الفطر عقيب أربع صلوات ، أوّلها المغرب وآخرها صلاة العيد ) للأصل ، وصريح الخبر : أين هو؟ قال : « في ليلة الفطر في المغرب والعشاء الآخرة وفي صلاة الفجر وصلاة العيد ثمَّ يقطع » (3).
    وفي الفقيه (4) وفي غيره (5) : وفي الظهر والعصر. وظاهره الفتوى بالاستحباب عقيبهما أيضاً كما حكي التصريح به عنه في المقنع والأمالي (6).
    قيل : وأسنده في العيون عن الفضل بن شاذان ، عن الرضا عليه السلام : « والتكبير في العيدين واجب في الفطر في دبر خمس صلوات » (7).
    وفي الخصال عن الأعمش ، عن الصادق عليه السلام : « أمّا في الفطر ففي خمس صلوات يبدأ به من صلاة المغرب إلى صلاة العصر من يوم‏
1 ـ الخلاف 1 : 670.
2 ـ التهذيب 3 : 289 / 869 ، الوسائل 7 : 463 أبواب صلاة العيد ب 22 ح 2.
3 ـ الكافي 4 : 166 / 1 ، الفقيه 2 : 108 / 464 ، التهذيب 3 : 138 / 311 ، الوسائل 7 : 455 أبواب صلاة العيد ب 20 ح 2.
4 ـ الفقيه 2 : 109 / ضمن الحديث 464 ، الوسائل 7 : 456 أبواب صلاة العيد ب 20 ح 3.
5 ـ فقه الرضا ( عليه السلام ) : 209 ، تفسير العيّاشي 1 : 82 / 195 ، مستدرك الوسائل 6 : 137 أبواب صلاة العيد ب 16 ح 4.
6 ـ حكاه عن المقنع في المختلف : 115 ، الأمالي : 517.
7 ـ العيون 2 : 124 ، تحف العقول : 315 رواه مرسلاً ، الوسائل 7 : 456 أبواب صلاة العيد ب 20 ح 5.


(403)
الفطر » (1).
    وكأنّه فهم منهما خمس فرائض مع العيد فتكون ستّاً كما نصّ عليه فيما قد ينسب إلى الرضا عليه السلام (2).
    أقول : وعلى القول بجواز التسامح في أدلة السنن لا بأس بمتابعته.
    ( وفي الأضحى عقيب خمس عشرة ) فريضة ( أولها ظهر يوم العيد لمن كان بمنى ، وفي غيرها عقيب عشر ) صلوات فرائض مبدؤها كما ذكر بلا خلاف أجده ، والنصوص به مستفيضة (3).
    وظاهرها ـ كالعبارة ونحوها من عبائر الجماعة ـ اختصاص الاستحباب بالفريضة دون النافلة ، كما صرّح به في الصحيح : التكبير في كل فريضة ، وليس في النافلة تكبير أيام التشريق » (4).
    خلافاًًًً للشيخ والإسكافي (5) ، فألحقاها بها وإن فرّقا بينهما بوجوبه في الْاُولى واستحبابه في الثانية ؛ للمعتبرة المصرّحة بذلك (6) ، المعتضدة بإطلاق جملة من المستفيضة. لكنها مقيدة بجملة أخرى منها ، مضافاً إلى الصحيحة الصريحة المعتضدة بالشهرة العظيمة التي كادت تكون إجماعاً كما يفهم من الفاضل في بعض كتبه (7) ، فهذه أرجح من تلك المعتبرة. لكن لا بأس بها أيضاً على القول بالمسامحة في أدلة السنن والكراهة.
1 ـ الخصال : 609 / 9 ، الوسائل 457 أبواب صلاة العيد ب 20 ح 6.
2 ـ انظر كشف اللثام 1 : 260.
3 ـ الوسائل 7 : 457 أبواب صلاة العيد ب 21.
4 ـ التهذيب 5 : 270 / 925 ، الاستبصار 2 : 300 / 1072 ، الوسائل 7 : 467 أبواب صلاة العيد ب 25 ح 2.
5 ـ الشيخ في الاستبصار 2 : 300 ، ونقله عن الاسكافي في البيان : 204.
6 ـ الوسائل 7 : 466 أبواب صلاة العيد ب 25.
7 ـ انظر المختلف : 311.


(404)
    كما لا بأس لأجله بالمصير إلى إلحاقها بها في الفطر كما قال به الإسكافي فيه أيضاً (1) ، وإن لم نقف له فيه على نصّ أصلاً ؛ واستدل له في المختلف بأنه ذكر يستحب على كلّ حال ، وأجاب بأنه مستحب من حيث إنه تكبير ، أمّا من حيث إنه تكبير عيد فيمنع مشروعيته.
    وصورته على ما ذكره الماتن هنا أن ( يقول ) في التشريق ( اللّه أكبر ، اللّه أكبر ، لا إله إلّا اللّه ، واللّه أكبر ، اللّه أكبر على ما هدانا ، اللّه أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام ).
    ( وفي الفطر : اللّه أكبر ثلاثاً ، لا إله إلّا اللّه ، واللّه أكبر (2) ، وللّه الحمد ، اللّه أكبر على ما هدانا ) وله الشكر على ما أولانا.
    والمشهور على ما في روض الجنان وغيره (3) في الفطر : اللّه أكبر ، اللّه أكبر ، لا إله إلّا اللّه ، واللّه أكبر ، اللّه أكبر على ما هدانا وله الشكر على ما أولانا.
و كذا في الأضحى إلّا أنه يزاد فيه بعد قوله : على ما أولانا : ورزقنا من بهيمة الأنعام.
    أقول : والأقوال هنا مختلفة غاية الاختلاف كالنصوص ، فممّا يتعلق منها بالفطر روايات ، منها كما في المتن ، لكن بزيادة : اللّه أكبر قبل : وللّه الحمد ، وإسقاط : وله الشكر .. إلى آخره ، وحذف التكبيرة الثالثة في أكثر النسخ (4).
    ونحوها اُخرى ، لكن بحذفها طرّاً ، وحذف التكبيرة الْأُخرى قبل : وللّه‏
1 ـ نقله عنه في المختلف : 115.
2 ـ في المختصر المطبوع زيادة : الله اكبر.
3 ـ روض الجنان : 302 ؛ وانظر كشف اللثام 1 : 260.
4 ـ الكافي 4 : 166 / 1 ، التهذيب 3 : 138 / 311 ، الوسائل 7 : 455 أبواب صلاة العيد ب 20 ح 2.


(405)
الحمد كالمتن ، وزيادة : والحمد للّه على ما أبلانا بعد قوله : هدانا (1).
    ومنها : المروي عن الإقبال : « التكبير أن يقول : اللّه أكبر ، اللّه أكبر ، لا إله إلّا اللّه ، واللّه أكبر ، اللّه أكبر ، وللّه الحمد على ما هدانا » (2).
    وممّا يتعلق منها بالأضحى روايات أيضاً منها الصحيح كما في المتن ، ولكن بزيادة : وللّه الحمد ، اللّه أكبر ، قبل : على ما هدانا ، والحمد للّه على ما أبلانا بعد قوله : من بهيمة الأنعام (3). ونحوه آخران (4) ، لكن بإسقاط الزيادة الأخيرة .. إلى غير ذلك من النصوص الغير الملتئمة هي ـ كنصوص الفطر ـ مع شي‏ء من الأقوال المنقولة في المقامين ، وكلّ ذلك أمارة الاستحباب ، فالعمل بكل منها حسن إن شاء اللّه تعالى ، وبه صرّح جماعة من أصحابنا (5).
    ( ويكره الخروج بالسلاح ) إلّا للضرورة ؛ للنص (6).
    ( وأن يتنفّل ) أداءً وقضاءً ( قبل الصلاة ) أي صلاة العيد ( وبعدها ) إلى الزوال ؛ للصحاح المستفيضة وغيرها من المعتبرة : « صلاة العيد ركعتان ليس قبلهما ولا بعدهما شي‏ء » (7).
1 ـ الفقيه 2 : 108 / 464 ، الوسائل 7 : 456 أبواب صلاة العيد ب 20 ح 3.
2 ـ الاقبال : 271.
3 ـ الكافي 4 : 517 / 4 ، التهذيب 5 : 269 / 922 ، الوسائل 7 : 459 أبواب صلاة العيد ب 21 ح 4.
4 ـ الكافي 4 : 516 / 2 ، 3 التهذيب 5 : 269 / 921 ، علل الشرائع : 447 / 1 ، الخصال : 502 / 4 ، الوسائل 7 : 458 أبواب صلاة العيد ب 21 ح 2 ، 3.
5 ـ منهم الشهيد الأول في الذكرى : 241 ، والمحقق الثاني في جامع المقاصد 2 : 451 ، والشهيد الثاني في الروضة 1 : 310.
6 ـ الكافي 3 : 460 / 6 ، التهذيب 3 : 137 / 305 ، الوسائل 7 : 448 أبواب صلاة العيد ب 16 ح 1.
7 ـ الوسائل 7 : 428 أبواب صلاة العيد ب 7.
رياض المسائل ـ الجزء الثالث ::: فهرس