رياض المسائل الجزء الخامس ::: 541 ـ 545
(541)
كفّارة ظهار (1) ، واختاره جماعة من متأخّري المتأخّرين (2).
    ولا يخلو عن قوّة ، لولا الشهرة العظيمة وحكاية الإجماع المتقدّمة ، المرجّحتين للموثّقة عليهما ترجيحاً قويّاً ، مضافاً إلى‏ صراحة دلالتها وقصور دلالتهما ، باحتمالهما لإرادة التشريك مع المُظاهِر في أصل الكفّارة أو مقدارها ، لا في ترتيبها.
    ولعلّه لذا لم يجعل في المختلف مخالفة المقنع صريحةً ، حيث إنّ عبارته عين عبارتهما.
     [ ولو كان ] الجماع [ في نهار رمضان لزمته كفّارتان ] بلا خلاف كما في التنقيح (3) وغيره (4) ، بل عليه الإجماع في الغنية وغيره (1) للرواية المتقدّمة.
    مضافاً إلى‏ عموم ما ورد بإيجابها بالجماع في كلّ من نهار رمضان والاعتكاف ، بناءً على‏ أنّ الأصل عدم التداخل ، سيّما على‏ القول باختلاف الكفّارتين ، تخييراً لرمضان ، وترتيباً للاعتكاف.
    ومنه يظهر وجوبهما لو وقع في نهار غير رمضان إذا كان الاعتكاف واجباً معيّناً بالنذر وشبهه ، أو صومه قضاءً عن رمضان وكان السبب بعد الزوال ، إحداهما لمخالفته ، والأُخرى للاعتكاف ومخالفته ، كما أفتى‏ به الفاضل (6) وجماعة (7).
1 ـ حكاه عن المقنع في المختلف : 254.
2 ـ كصاحب المدارك 6 : 348 ، والفيض في مفاتيح الشرائع 1 : 279.
3 ـ التنقيح الرائع 1 : 407.
4 ـ اُنظر الانتصار : 73 ، الحدائق 13 : 497 ، الذخيرة : 542.
5 ـ الغنية ( الجوامع الفقهية ) : 573 ، وانظر الخلاف 3 : 238.
6 ـ القواعد 1 : 71.
7 ـ منهم صاحب المدارك 6 : 348 ، والسبزواري في الذخيرة : 543.


(542)
    وفي التنقيح : أطلق الشيخ وباقي الأصحاب التكرار نهاراً (1). وفي التذكرة : والظاهر أنّ مرادهم رمضان (2).
    واستقرب الشهيد في الدروس هذا الإطلاق ، قال : لأنّ في النهار صوماً واعتكافاً (3).
    وهو ضعيف لأنّ مطلق الصوم لا تترتّب على‏ إفساده كفّارة.
    نعم ، في الغنية والخلاف الإجماع على‏ هذا الإطلاق (4) فهو الحجّة المعتضدة بالشهرة بين الأصحاب.
    مضافاً إلى‏ ما في المقنع من وجود رواية بذلك ، وعن الإسكافي : أنّه بذلك جاءت الروايات (5) ، لكن يحتمل أن يكون مرادهما منها نحو الرواية السابقة ، ويقرّبه ما في الفقيه ، حيث إنّه ـ بعد ذكره نحو ما في المقنع ـ أشار إلى‏ الرواية ، وقال : روى‏ ذلك ، ثم ساق الرواية السابقة (6).
    [ ولو كان ] الإفساد المدلول عليه بالسياق [ بغير الجماع ، ممّا يوجب الكفّارة في شهر رمضان ] كالأكل والشرب ونحوهما [ فإن وجب ] الاعتكاف [ بالنذر المعيّن ] أو كان صومه قضاءً عن رمضان والإفساد بعد الزوال [ لزمت الكفّارة ] للسبب الموجب لها اتّفاقاً.
    [ وإن لم يكن معيّناً ، أو كان تبرّعاً ] ولم يكن الصوم فيهما قضاءً عن رمضان ، أو كان الإفساد قبل الزوال [ فقد أطلق الشيخان ] والسيّدان‏
1 ـ التنقيح الرائع 1 : 407.
2 ـ التذكرة 1 : 294 ، وفيه : والظاهر أنّ مراد السيد المرتضى رمضان.
3 ـ الدروس 1 : 302.
4 ـ الغنية ( الجوامع الفقهية ) : 573 ، الخلاف 2 : 238.
5 ـ حكاه عنهما في المختلف : 254.
6 ـ الفقيه 2 : 122.


(543)
والحلبي والديلمي [ لزوم الكفّارة ] (1) بحيث يشمل جميع ذلك.
    ولا حجّة لهم واضحة ، عدا ما في الغنية من الإجماع ، فإن تمّ كان هو الحجّة ، وإلّا فالنصوص المثبتة لها مختصّة بالجماع ، ولا وجه للتعدية ، مع أنّ الأصل البراءة. ولذا اختار الماتن في الشرائع (2) وجماعة من المتأخّرين ـ بل أكثرهم كما في المدارك والذخيرة ـ (3) عدم وجوبها ، إلّا بالجماع خاصّة.
    ثم إنّ إطلاق عبارتهما كما يعمّ الصور بالإضافة إلى‏ المفطر عدا الجماع ، كذا يعمّها بالإضافة إليه أيضاً.
    ونحوهما هنا ـ زيادةً على‏ من قدّمنا ـ كلّ من اختصّت عبارته المنقولة في المختلف إلينا بالجماع خاصّة ، كالشيخ في النهاية والمبسوط والخلاف والاقتصاد ، والقاضي ، وابن حمزة ، والصدوق في المقنع ، والإسكافي ، والحلّي (4).
    وبالجملة : الظاهر أنّه المشهور بين القدماء ، بل لم يُرَ بينهم فيه خلاف ، بل عليه في الغنية والخلاف الإجماع (5) ، وهو خيرة الفاضل في التحرير (6).
1 ـ المفيد في المقنعة : 363 ، والطوسي في المبسوط 1 : 293 ، جمل العلم والعمل ( رسائل المرتضى 3 ) : 61 ، ابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : 573 ، الحلبي في الكافي : 187 ، الدليمي في المراسم : 99.
2 ـ الشرائع 1 : 220.
3 ـ المدارك 6 : 349 ، الذخيرة : 542.
4 ـ النهاية : 172 ، المبسوط 1 : 294 ، الخلاف 2 : 238 ، الاقتصاد : 296 ، القاضي في المهذّب 1 : 204 ، ابن حمزة في الوسيلة : 153 ، نقل قوله العلامة في المختلف : 254 ، حكاه عن الاسكافي في المختلف : 254 ، الحلي في السرائر 1 : 426.
5 ـ الغنية ( الجواامع الفقهية ( : 573 ، الخلاف 1 : 238.
6 ـ التحرير 1 : 88.


(544)
    ولا يخلو عن قوّة لإطلاق النصوص المتقدّمة (1) ، زيادةً على‏ حكاية الإجماع المزبورة.
    خلافاً لجماعة من المتأخّرين (2) ، تبعاً للماتن في المعتبر ، حيث قال فيه ـ بعد نقل الإطلاق عنهما ـ [ ولو خَصّا ذلك باليوم الثالث ] أو بالاعتكاف اللازم [ كان أليق بمذهبهما ] لأنّا بيّنا أنّ الشيخ ذكر في النهاية والخلاف : أنّ للمعتكف الرجوع في اليومين الأولين من اعتكافه ، وأنّه إذا اعتكفهما وجب الثالث ، وإذا كان له الرجوع لم يكن لإيجاب الكفّارة مع جواز الرجوع وجه ، لكن يصحّ هذا على‏ قول الشيخ في المبسوط ، فإنّه يرى‏ وجوب الاعتكاف بالدخول فيه (3).
    ونفى عنه البعد في المدارك ، قال : لأنّ الإطلاق لا عموم له ، فيكفي في العمل به إجراؤه في الواجب (4).
    وفيه نظر للزوم إرجاع الإطلاق إلى‏ العموم بالاتّفاق حيث تتساوى‏ أفراده بالإضافة إلى‏ ما يرجع إلى‏ اللفظ من التبادر ونحوه ، كما نحن فيه. مع أنّ إطلاقه بترك الاستفصال عموم.
    هذا ، وهو رحمه الله في بحث ما يجب على‏ المعتكف اجتنابه قال : وهل تختصّ هذه المحرّمات بالاعتكاف الواجب ، أو يتناول المندوب أيضاً ؟
    إطلاق النصّ وكلام الأصحاب يقتضي الثاني ، وتقدّم نظيره في التكفير في صلاة النافلة ، والارتماس في الصوم المندوب (5). انتهى‏.
1 ـ في ص : 537.
2 ـ منه صاحب المدارك 6 : 349 ، والسبزواري في الذخيرة : 542.
3 ـ المعتبر 2 : 743.
4 ـ المدارك 6 : 349 ـ 350.
5 ـ المدارك 6 : 347.


(545)
    وهو ـ كما ترى ـ ظاهر في منافاته لما قدّمنا عنه سابقاً.
    وممّا ذكرنا عنه أخيراً يظهر الجواب عن استبعاد المحقّق وجوب التكفير في نحو المندوب ، مع عدم وجوب أصله.
    ثم دعواه (1) إطلاق كلام الأصحاب بالإضافة إلى‏ المحرّمات ، منظور فيه أيضاً فإنّ من جملتهم جدّه في الروضة ، وهو قد خالف فيه ، فقيّدها بالاعتكاف الواجب ، وصرّح في غيره بعدم التحريم ، قال : وإن فسد في بعضها (2).

والحمد للَّه تعالى
    قد فرغت بعون اللَّه سبحانه من تسويد هذه الجملة ليلة الاثنين ، السادس والعشرين من شهر ربيع الأول من شهر ربيع الأوّل من شهور سنة ستّ وتسعين بعد الألف والمائة من الهجرة النبوية ، عليه وآله أفضل صلاةٍ وسلامٍ وتحية ويتلوه إن شاء اللَّه تعالى كتاب الحجّ ، وأسأل اللَّه سبحانه التوفيق والعصمة والإعانة.
1 ـ أي صاحب المدارك.
2 ـ الروضة 2 : 156.
رياض المسائل الجزء الخامس ::: فهرس