رياض المسائل الجزء السادس ::: 76 ـ 90
(76)
فقال « إن مات في الحرم فقد أجزأت عنه حجة الإسلام ، وإن كان مات دون الحرم فليقض عنه وليّه حجّة الإسلام » (1).
    ونحوه الثاني : « إن كان صرورة ثم مات في الحرم أجزأ عنه حجّة الإسلام ، وإن كان مات وهو صرورة قبل أن يحرم جعل حمله وزاده ونفقته وما معه في حجة الإسلام » الخبر (2).
    لكن ذيله ربما أفهم القول الثاني ، لكنه معارض بمفهوم الصدر المعاضد بالصحيح السابق الظاهر في الأول صدراً وذيلاً.
    ونحوه المرسلة المروية في المختلف عن المفيد في المقنعة (3) ، وفيه : وهذا الشيخ [ ثقة ] يقبل مراسيله كما يقبل مسنده (4).
    هذا مع احتمال الأحرام فيه وفي كلام الخلاف ـ كما قيل ـ دخول الحرم ، فقد جاء بمعناه ، كالإتهام والاتجار. وربما يعضده السياق وما في الخلاف من أن الحكم منصوص للأصحاب لا يختلفون فيه.
    فلولا أن المراد من الإحرام في كلامه ما ذكرناه لتوجّه النظر إلى‏ ما ذكره من نفي الخلاف ، كيف لا والخلاف مشهور لو أُريد منه غيره.
    وكيف كان ، فالمذهب ما عليه الأصحاب في المقامين.
    ومقتضى الإجزاء أنه لايستعاد من تركته من الأُجرة شي‏ء ، وعن الغنية أنه لا خلاف فيه (5) ، وعن الخلاف إجماع أصحابنا على‏ أنه منصوص‏
1 ـ الكافي 4 : 276/10 ، الفقيه 2 : 269/1313 ، الوسائل 11 : 68 أبواب وجوب الحجّ ب 26 ح 1.
2 ـ الكافي 4 : 276/68 ، الفقيه 2 : 269/1314 ، التهذيب 5 : 407/1416 ، الوسائل 11 : 68 أبواب وجوب الحجّ ب 26 ح 2.
3 ـ المقنعة 445 ، الوسائل 11 : 69 أبواب وجوب الحجّ ب 26 ح 4.
4 ـ المختلف : 285. وما بين المعقوفين من المصدر.
5 ـ الغنية ( الجوامع الفقهية ) : 583.


(77)
لا يختلفون فيه (1). وعن المعتبر أنه المشهور بينهم (2).
    فإن ثبت عليه نصّ أو إجماع ، وإلّا توجه استعادة ما بإزاء الباقي من الأُجرة إن استوجر على‏ الأفعال المخصوصة ، دون المبرئ للذمة.
    واحترز بالشرطية عما لو مات قبل ذلك ولو كان قد أحرم فإنه لا يجزي. ولو قبض الأُجرة استعيد منها بنسبة ما بقي من العمل المستأجر عليه.
    فإن كان الاستيجار على‏ فعل الحج خاصة أو مطلقاً وكان موته بعد الإحرام استحقّ بنسبته إلى‏ بقية أفعاله.
    وإن كان عليه وعلى‏ الذهاب استحق اجرة الذهاب والإحرام واستعيد الباقي.
    وإن كان عليهما وعلى‏ العود فبنسبته الى‏ الجميع.
    وإن كان موته قبل الإحرام ففي الأولين لا يستحق شيئاً ، وفي الأخيرين بنسبة ما قطع من المسافة إلى‏ ما بقي منه من المستأجر عليه.
    هذا ما يقتضيه الأُصول ، وبه صرّح جماعة قاطعين به ، وفاقاً للمحكي عن السرائر والإصباج والمبسوط (3).
    خلافاً للفاضلين في الشرائع والقواعد وغيرهما (4) فقالوا بأنه يستحقّ مع الإطلاق بنسبة ما فعل من الذهاب إلى‏ المجموع منه ومن أفعال الحج والعود ، كما عن النهاية والكافي والمهذّب والغنية والمقنعة (5) من غير ذكر
1 ـ الخلاف 2 : 390.
2 ـ المعتبر 2 : 768.
3 ـ السرائر 2 : 628 ، حكاه عن الاصباح في كشف اللثام 1 : 297 ، المبسوط 1 : 323.
4 ـ الشرائع 1 : 232 ، القواعد 1 : 77 ؛ وانظر الارشاد 1 : 312.
5 ـ النهاية : 278 ، الكافي في الفقه : 220 ، المهذب 1 : 268 ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : 583 ، المقنعة : 443.


(78)
العود.
    وهو في غاية الضعف لأن مفهوم الحج لا يتناول غير المجموع المركب من أفعاله الخاصة ، دون الذهاب إليه وإن جعلناه مقدمة للواجب ، والعود الذي لا مدخل له في الحقيقة ولا ما يتوقف عليه بوجه.
    هذا ، ويمكن تنزيل إطلاقهم على‏ ما إذا شهدت قرائن العرف والعادة بدخول قطع المسافة في الإجارة وإن لم يذكر في صيغتها ، فيكون اللفظ متناولاً له بالالتزام ، كما هو المتعارف في هذا العصر ، بل جميع الأعصار ، ولهذا يعطى‏ الأجير من الأُجرة الكثيرة ما لا يعطى‏ مَن يحجّ مِن الميقات.
    ( ويأتي النائب بالنوع المشترط ) عليه من أنواع الحجّ ضمن العقد من تمتّع أو قران أو إفراد ، ولا يجوز له العدول إلى‏ غيره ، بلا خلاف في الأفضل إلى‏ غيره ، وفي العكس خلاف.
    فبين مَن جعله كالأول مطلقاً ، كالمتن والجامع (1) والتلخيص كما حكي (2) عملاً بقاعدة الإجارة من وجوب الإتيان بما تعلّقت به ، دون غيره ، لعدم الأمر بالوفاء به.
    أو إذا كان المشترط فريضة المنوب ، فيجوز في المندوب ، والواجب المخيّر ، والمنذور المطلق ، مطلقاً كما في عبائر (3) ، أو بشرط العلم بقصد المستنيب التخيير والأفضل ، وأنّ ما ذكر في العقد إنما هو للرخصة في الأدنى ، كما في أُخرى (4).
1 ـ الجامع للشرائع 226.
2 ـ حكاه عنه في كشف اللثام 1 : 299.
3 ـ كما في المعتبر 1 : 769 ، والمختلف : 323.
4 ـ كما في المنتهى 2 : 867.


(79)
    وهذا هو الأقوى‏ لكن في المقيد خروج عن مفروض المتن ، وهو العدول عن المشترط إذ فرض العلم بقصد التخيير ينافي اشتراط الفرد الأدنى ، لظهوره في عدم الرضا بتركه ، إلا أن يراد من الاشتراط مجرد الذكر في متن‏العقد كما هو مورد النص وأكثر الفتاوي في المسألة وإن خالفهما التعبير في نحو العبارة.
    وكيف كان ، فلا ينبغي أن يجعل هذا محل نزاع ولا إشكال لأن الشرط بهذا المعنى‏ لا ينفي جواز العدول بعد فرض العلم برضا المستنيب به ، لأن ذلك في حكم المأذون.
    وإنما الإشكال في جوازه مع فرض فقد القيد. فالذي يقتضيه القاعدة المنع ، مضافاً إلى‏ تأيدها برواية مقطوعة : عن رجل أعطى‏ رجلاً دراهم يحجّ بها حجّة مفردة ، قال : « ليس له أن يتمتع بالعمرة إلى‏ الحج ، لا يخالف صاحب الدراهم » (1).
    ولكن في الموثق بل الصحيح ـ كما قيل (2) ـ : في رجل أعطى‏ رجلاً حجّة مفردة ، فيجوز له أن يتمتع بالعمرة إلى الحج ؟ قال : « نعم ، إنما خالف إلى‏ الفضل » الخبر (3).
    وظاهره الجواز كما عليه معظم الأصحاب ، وإنما قيّدوه بما مرّ عملاً بما فيه من ظاهر التعليل ، فإن الإتيان بغير فريضة المنوب ليس فيه فضل فضلاً أن يكون أفضل.
1 ـ التهذيب 5 : 416/1447 ، الاستبصار 2 : 323/1146 ، الوسائل 11 : 182 أبواب النيابة في الحجّ ب 12 ح 2.
2 ـ مجمع الفائدة والبرهان 6 : 140.
3 ـ الكافي 4 : 307/1 ، الفقيه 2 : 261/1272 ، التهذيب 5 : 415/1446 ، الاستبصار 2 : 323/1145 ، الوسائل 11 : 182 أبواب النيابة في الحجّ ب 12 ح 1.


(80)
    وهنا يظهر ضعف القول بجواز العدول إلى‏ التمتع على‏ الإطلاق المشار إليه بقوله :
    ( وقيل : يجوز أن يعدل إلى‏ التمتع ولا يعدل عنه ) والقائل الشيخ في النهاية والخلاف والمبسوط والقاضي والإسكافي (1).
    وذلك لعدم دليل عليه حتى من النص ؛ لما مرّ ، مضافاً إلى‏ مخالفته القاعدة والاعتبار.
    هذا ، والذي ينبغي تحقيقه أن مراد هؤلاء ليس الإطلاق ، بل مع الشرط المتقدم ، كما يفهم من عبارة الشيخ في كتابي الحديث (2).
    مضافاً إلى‏ ما ذكره الحلّي بعد نقل ذلك عنهم بقوله : هذا رواية أصحابنا وفتياهم ، وتحقيق ذلك أن من كان فرضه التمتع فحجّ عنه قارناً أو مفرداً فإنه لا يجزيه ، ومن كان فرضه القران أو الإفراد فحجّ عنه متمتعاً فإنه لا يجزيه ، إلّا أن يكون قد حجّ المستنيب حجة الإسلام فحينئذ يصحّ إطلاق القول والعمل بالرواية.
    قال : ويدلُّ على‏ هذا التحرير قولهم : لأنه يعدل إلى‏ ما هو الأفضل. فلو لم يكن قد حجّ حجة الإسلام بحسب حاله وفرضه وتكليفه لما كان التمتع أفضل ، بل كان إن كان فرضه التمتع فهو الواجب ، وليس لدخول أفضل معنى‏ ، لأن أفعل لا يدخل إلّا في أمرين يشتركان ثم يزيد أحدهما على‏ الآخر ، وكذا لو كان فرضه القران أو الإفراد لما كان التمتع أفضل ، بل لا يجوز له التمتع ، فكيف يقال : أفضل. فيخصّ إطلاق القول والأخبار بالأدلة ، لأن العموم قد يخصّ بالأدلة إجماعاً (3). انتهى‏.
1 ـ النهاية : 278 ، الخلاف 2 : 390 ، المبسوط 1 : 324 ، القاضي في المهذب 1 : 268 ، ونقله عن الاسكافي في المختلف : 313.
2 ـ التهذيب 5 : 416 ، الاستبصار 2 : 323.
3 ـ السرائر 1 : 627.


(81)
    وفي عبارته إشعار بل ظهور في انعقاد الإجماع على‏ الرواية ، سيّما مع فتواه بها مع مخالفتها القاعدة كما مضى ، فإذاً لا مسرح ولا مندوحة عنها وإن كان عدم العدول مطلقاً أحوط وأولى.
    ومتى‏ جاز العدول استحق الأجير تمام الأُجرة ، أما مع امتناعه فلا وإن وقع عن المنوب عنه.
    وكما يجب الإتيان بالمشترط من نوع الحج مع تعلّق الفرض به ، كذا يجب الطريق المشترط معه عملاً بقاعدة الإجارة.
    وعليه أكثر المتأخرين (1) ، بل المشهور كما قيل (2) ، وزاد بعضهم فقال : بل الأظهر عدم جواز العدول إلّا مع العلم بانتفاء الغرض في ذلك الطريق وأنّ هو وغيره سواء عند المستأجر ، ومع ذلك فالأولى‏ وجوب الوفاء بالشرط مطلقاً (3).
    ( وقيل : لو شرط عليه الحج على‏ طريق جاز ) له ( الحج بغيرها ) للصحيح : عن رجل أعطى‏ رجلاً حجة يحجّ عنه من الكوفة فحجّ عنه من البصرة ، قال : « لا بأس إذا قضى‏ جميع المناسك فقد تمّ حجه » (4).
    والقائل : الشيخان والقاضي والحلّي والفاضل في الإرشاد (5) ، وعن
1 ـ منهم : المحقق في الشرائع 1 : 233 ، والاردبيلي في مجمع الفائدة 6 : 138 ، وصاحب المدارك 7 : 123.
2 ـ الحدائق 14 : 270.
3 ـ المدارك 7 : 123.
4 ـ الكافي 4 : 307/2 ، الفقيه 2 : 261/1271 ، التهذيب 5 : 415/1445 ، الوسائل 11 : 181 أبواب النيابة في الحجّ ب 11 ح 1.
5 ـ المفيد في المقنعة : 443 ، الطوسي في النهاية : 278 ، القاضي في المهذب 1 : 268 ، الحلي في السرائر 1 : 627 ، الارشاد 1 : 313.


(82)
الجامع نفي البأس عنه (1).
    ولعلّه لصحة الرواية ، مع عمل الجماعة ، ولا سيّما نحو الحلّي ، ووضوح الدلالة وإن ناقش فيها المتأخرون باحتمال أن يكون قوله « من الكوفة » صفة لرجل ، لا صلة للحج كما في كلام بعضهم (2).
    أو الحمل على‏ وقوع الشرط خارج العقد ، بناءً على‏ عدم الاعتبار بمثله عند الفقهاء كما في كلام آخر.
    أو تأويلها بما إذا لم يتعلق بطريق الكوفة مصلحة دينية ولا دنيوية لأن أغلب الأوقات والأحوال عدم تعلّق الغرض إلّا بالإتيان بمناسك الحج ، وربما كان في قوله عليه السلام : « إذا قضى‏ جميع المناسك فقد تمّ حجه » إشعار به ، كما في ثالث (3).
    أو أن الدفع وقع على‏ وجه الرزق ، لا الإجارة ، وهو الذي تضمنه الخبر ، كما في رابع (4).
    أو كون المراد حصول الإجزاء ، لا جواز ذلك للأجير ، كما في خامس (5).
    وظني بُعد الكل ، إلّا أن اجتماعها مع الشهرة على‏ خلاف الرواية ربما أوجب التردد في الخروج بمثلها عن قواعد الإجارة ، ولا ريب أن الاحتياط في الوقوف على‏ مقتضاها.
1 ـ الجامع للشرائع : 226.
2 ـ المدارك 7 : 123.
3 ـ الحدائق 14 : 271.
4 ـ منتقي الجمان 3 : 84.
5 ـ الذخيرة : 569.


(83)
    ثم إنه على‏ تقدير العمل بالرواية لا ريب في صحة الحج مع المخالفة ، واستحقاق الأُجرة.
    وأما على‏ غيره فالذي قطع به جماعة (1) صحته أيضاً وإن تعلّق الغرض بالطريق المعيّن لأنه بعض العمل المستأجر عليه ، وقد امتثل بفعله.
    ويضعّف : بأن المستأجر عليه الحج المخصوص ، وهو الواقع عقيب قطع المسافة المعيّنة ، ولم يحصل الإتيان به. نعم لو تعلّق الاستيجار بمجموع الأمرين من غير ارتباط لأحدهما بالآخر اتّجه ما ذكروه (2).
    ( ولا يجوز للنائب الاستنابة ، إلّا مع الإذن ) له فيها صريحاً ممّن يجوز له الإذن فيها ، كالمستأجر عن نفسه ، أو الوصي والوكيل مع إذن الموكل له فيه ، أو إيقاع العقد مقيداً بالإطلاق ، لا إيقاعه مطلقاً ، فإنه يقتضي المباشرة بنفسه.
    والمراد بتقييده بالإطلاق أن يستأجره ليحج عنه مطلقاً ، بنفسه أو بغيره ، أو بما يدل عليه ، كأن يستأجره لتحصيل الحج عن المنوب عنه.
    وبإيقاعه مطلقاً أن يستأجره ليحج عنه ، فإنّ هذا الإطلاق يقتضي مباشرته ، لا استنابته فيه.
    كلّ ذلك للأُصول المقررة ، وبها أفتى‏ جماعة ، كالحلّي في السرائر والشهيدين في الدروس واللمعتين (3) ، بل قيل : لا خلاف فيه.
1 ـ منهم : المحقق في المعتبر 2 : 770 ، والعلامة في التذكرة 1 : 313 ، والشهيد الثاني في الروضة 2 : 191.
2 ـ كما في المدارك 7 : 123.
3 ـ السرائر 1 : 627 ، الدروس 1 : 325 ، اللمعة ( الروضة البهية ) 2 : 191.


(84)
    مع أن الشيخ قال في التهذيب : ولا بأس أن يأخذ الرجل حجة فيعطيها لغيره ، وأطلق للخبر الذي رواه : في الرجل يعطى الحجة فيدفعها إلى‏ غيره قال : ( لا بأس ) ورواه الكليني أيضاً (1).
    وضعف سنده يمنع عن العمل به قطعاً ، فضلاً أن يقيّد به الأُصول المتقدمة ، بل ينبغي صرف التوجيه إليه بحمله على‏ صورة الإذن كما في الدروس (2) ، أو عدم تعلق الغرض بالنائب الأول كما في غيره (3).
    ( ولا ) يجوز للنائب أن ( يوجر نفسه لغير المستأجر في السنة التي استوجر لها ) قطعاً لاستحقاق الأول منافعه تلك السنة لأجل الحج ، فلا يجوز صرفها إلى‏ غيره.
    ويجوز لغيرها بشرط عدم فورية الحج ، أو تعذر التعجيل لعدم المنافاة بين الإجارتين.
    ولو أطلقت الأُولى‏ ففي جواز الثانية مطلقاً ، أو العدم كذلك ، أو الجواز في غير السنة الأُولى‏ والعدم فيها ، أوجه وأقوال. أوسطها أشهرها بناءً على‏ اقتضاء الإطلاق التعجيل عند المشهور ، كما في المسالك وغيره (4) ، بل عن المقدّس الأردبيلي لعلّه لا خلاف فيه (5) ، فيكون كالمعيّن الفوري.
    ومستنده غير واضح ـ إن لم يكن إجماع ـ عدا ما عن المقدّس الأردبيلي من فورية الحج ، واقتضاء مطلق الإجارة اتصال زمان مدة يستأجر
1 ـ الكافي 4 : 309/2 ، التهذيب 5 : 417/1449 ، الوسائل 11 : 184 أبواب النيابة في الحجّ ب 14 ح 1.
2 ـ الدروس 1 : 325.
3 ـ اُنظر المعتبر 2 : 770.
4 ـ المسالك 1 : 96 ؛ وانظر الحدائق 14 : 272.
5 ـ مجمع الفائدة والبرهان 6 : 145.


(85)
له بزمان العقد ، وهو يقتضي عدم جواز التأخير عن العام الأول.
    ويضعّف الثاني : بأنه مصادرة. والأول : بأنه أخصّ من المدّعى‏ ، فقد يكون الحج مندوباً أو واجباً مطلقاً ، ومع ذلك فالفورية إنما هي بالنسبة إلى‏ المستأجر لا الموجر ، ولا تلازم بينهما ، فتأمل جدّاً.
    هذا ، ولا ريب أن المنع مطلقاً أحوط وأولى.
    ( ولو صدّ قبل الإكمال ) أي إكمال العمل المستأجر عليه مطلقاً ( استعيد ) منه ( من الأُجرة بنسبة المتخلّف ) منه إن كانت الإجارة مقيدة بسنة الصدّ لانفساخها بفوات الزمان الذي تعلّقت به.
    ( ولا يلزم ) المستأجر ( إجابته ) لو التمس عدم الاستعادة ( وضمن الحج ) من قابل ( على‏ الأشبه ) لعدم تناول العقد لغير تلك السنة.
    خلافاً لظاهر السرائر والنهاية والمبسوط والمقنعة والمهذّب والحلبي (1) كما حكي ، فيلزم.
    ومستنده غير واضح ، مع احتمال أن يكون مرادهم الجواز برضا المستأجر ، ولا كلام فيه حينئذ.
    ولا فرق بين أن يقع الصدّ قبل الإحرام ودخول الحرم ، أو بعدهما ، أو بينهما لعموم الأدلة.
    وإلحاقه بالموت قياس فاسد في الشريعة ، مع كونه مع الفارق لما قيل : من الاتفاق على‏ عدم الإجزاء مع الصدّ إذا حجّ عن نفسه ، فكيف عن غيره (2).
1 ـ السرائر 1 : 629 ، النهاية : 278 ، المبسوط 1 : 323 ، المقنعة : 443 ، المهذب 1 : 268 ، الحلبي في الكافي في الفقه : 220.
2 ـ كشف اللثام 1 : 297.


(86)
    خلافاً لظاهر الماتن في الشرائع والمحكي عن الخلاف (1) ، فألحقاه بالموت. ولا وجه له ، مضافاً إلى‏ ما عرفته.
    نعم ، عن الخلاف أنه نظمه مع الموت في سلك ، واستدل بإجماع الفرقة على‏ أن هذه المسألة منصوص لهم لا يختلفون فيها.
    قال الناقل : وظنّي أن ذكر الإحصار من سهو قلمه أو غيره (2).
    وإن كانت الإجارة مطلقة وجب على‏ الأجير الإتيان بالحج بعد الصد لعدم انفساخها به.
    وهل للمستأجر أو الأجير الفسخ ؟ قال الشهيد : ملكاه في وجه قوي (3).
    وعلى‏ تقديره له اجرة ما فعل ، واستعيد بنسبة ما تخلّف.
    ومتى‏ انفسخت الإجارة استوجر من موضع الصدّ مع الإمكان ، إلّا أن يكون بين مكة والميقات فمن الميقات لوجوب إنشاء الإحرام منه.
    ( ولا ) يجوز له أن ( يطاف عن حاضر متمكن من الطهارة ) للأصل ، والمعتبرة ، منها : الرجل يطوف عن الرجل وهو مقيم بمكة ، قال : ( لا ) (4).
    و ( لكن يطاف به ) ( حيث لا يمكنه الطواف بنفسه ) (5) كما في الصحاح المستفيضة ، منها : « المريض المغلوب أو المغمى‏ عليه يرمى‏ عن‏
1 ـ الشرائع 1 : 233 ، الخلاف 2 : 390.
2 ـ كشف اللثام 1 : 297.
3 ـ الدروس 1 : 323.
4 ـ الكافي 4 : 422/5 ، الوسائل 13 : 397 أبواب الطواف ب 51 ح 1.
5 ـ ما بين القوسين ليست في ( ق ) و ( ك ).


(87)
ويطاف به » (1).
    ( ويطاف عمّن لم يجمع الوصفين ) بأن كان غائباً ، أو غير متمكن من استمساك الطهارة ، كما في الصحاح المستفيضة وغيرها من المعتبرة ، وسيأتي إن شاء اللَّه تعالى‏ ما يتعلق منها بالغائب في بحث الطواف.
    وأما ما يتعلق منها بالمريض فصحيح مستفيض ، منها : « المريض المغلوب والمغمى‏ عليه يرمى عنه ويطاف عنه » (2).
    ومنها : « المبطون والكبير يطاف عنهما ويُرمى عنهما » (3).
    ولا خلاف في شي‏ء من الأحكام المزبورة أجده ، وبه صرّح جماعة (4) ، بل قيل في الأولين : كأنه اتفاقي (5).
    قيل : وإنما يطاف عن المريض ومثله بشرط اليأس عن البرء أو ضيق الوقت (6) ، كما في الخبرين (7) الآتي أحدهما قريباً ، وهو أحوط ، وبالأصل أوفق ، فيجبر به ضعف سند النص ، ويقيّد به إطلاق ما مرّ من الأخبار.
    وليس الحيض من الأعذار المسوّغة للاستنابة في طواف العمرة لما
1 ـ التهذيب 5 : 123/400 ، الاستبصار 2 : 225/776 ، الوسائل 13 : 393 أبواب الطواف ب 49 ح 1.
2 ـ التهذيب 5 : 123/403 ، الاستبصار 2 : 226/779 ، الوسائل 13 : 389 أبواب الطواف ب 47 ح 1.
3 ـ التهذيب 5 : 124/404 ، الاستبصار 2 : 226/780 ، الوسائل 13 : 393 أبواب الطواف ب 49 ح 3 وفي الجميع : الكسير ، بدل : الكبير.
4 ـ منهم العلامة في المنتهى 2 : 701 ، والفيض الكاشاني في المفاتيح 1 : 364 ، والفاضل الهندي في كشف اللثام 1 : 299.
5 و 6 ـ كشف اللثام 1 : 299.
7 ـ الأول : التهذيب 5 : 124/406 ، الاستبصار 2 : 226 /782 ، الوسائل 13 : 387 أبواب الطواف ب 45 ح 3.
    الثاني : سياتي تخريجه في الصفحة 2759.


(88)
سيأتي إن شاء اللَّه تعالى‏ من إمكان عدولها إلى‏ حجّ الإفراد ، للروايات ، إلّا في طواف الحج والنساء مع الضرورة الشديدة اللازمة بانقطاعها من أهلها في البلاد البعيدة ، فيجوز لها الاستنابة ، كما عن الشيخ (1) ، وقوّاه جماعة كالفاضل المقداد في التنقيح وشيخنا في المسالك وسبطه في المدارك (2) وغيرهم من المتأخرين (3).
    للصحيح : إنّ معنا امرأة حائضاً ولم تطوف النساء وأبي الجمّال أن يقيم عليها ، قال : فأطرق وهو يقول : « لا تستطيع أن تتخلف عن أصحابها ولا يقيم عليها جمّالها » ثم رفع رأسه إليه فقال : « تمضي فقد تمّ حجها » (4).
    بحمله على‏ الاستنابة لعدم قائل بعدمها وعدم وجوب المباشرة.
    ويعضده الخبر المعلّل الوارد في المريض : « هذا ما غلب اللَّه تعالى‏ عليه ، فلا بأس أن يؤخر الطواف يوماً أو يومين ، فإن خلته العلّة عاد فطاف أُسبوعاً ، وإن طالت علّته أمر من يطوف عنه أسبوعاً » الخبر (5). وليس في سنده سوى‏ سهل ، وضعفه ـ كما قيل (6) ـ سهل.
    ( ولو حمل إنساناً فطاف به احتسب لكل منهما طوافه ) لو نويا ، كما
1 ـ اُنظر المبسوط 1 : 331.
2 ـ التنقيح الرائع 1 : 430 ، المسالك 1 : 97 ، المدارك 7 : 130.
3 ـ راجع مفاتيح الشرائع 1 : 364.
4 ـ الفقيه 2 : 245/1176 ، الوسائل 13 : 452 أبواب الطواف ب 84 ح 13.
5 ـ الكافي 4 : 414/5 ، التهذيب 5 : 124/407 ، الاستبصار 2 : 226/783 ، الوسائل 13 : 386 أبواب الطواف ب 45 ح 2.
6 ـ لم نعثر علي هذا اللفظ ، ولكن قال المجلسي في الوجيزة : 224 : وعندي لا يضر ضعفه لكونه من مشايخ الاجازة ، واستقرب توثيقه الحر العاملي في الوسائل 30 : 389 ، ولمزيد الاطلاع انظر تعليقات الوحيد البهبهاني علي منهج المقال 176 ، 177.


(89)
عن النهاية والمبسوط والوسيلة وفي الشرائع وغيرها (1).
    أما عن المحمول فبالاتفاق كما في الإيضاح (2) ، وللصحيح : في المرأة تطوف بالصبي وتسعى‏ به ، هل يجزي ذلك عنها وعن الصبي ؟ قال : « نعم » (3).
    وأما عن الحامل فله ، وللصحاح الأُخر الواردة في الطائف بزوجته حول البيت وهي مريضة محتسباً بذلك لنفسه ، وفيها : هل يجزيني ؟ قال : « نعم » (4).
    ولانتفاء المانع ، فإنهما شخصان متخالفان ينوي كل بحركته طوافه.
    ولا يفتقر المحمول إلى‏ نية الحامل طوافه وإن لم يكن المتحرك حقيقة وبالذات إلّا الحامل ، كراكب البهيمة.
    ولا فرق في إطلاق النصوص ونحو العبارة بين ما لو كان الحمل تبرعاً أو بأُجرة.
    خلافاً للإسكافي (5) وجماعة (6) ، فمنعوا عن الاحتساب في الثاني ، قالوا : لأن هذه الحركة مستحقة عليه لغيره ، فلا يجوز له صرفها إلى‏ نفسه ،
1 ـ النهاية 240 ، المبسوط 1 : 358 ، الوسيلة : 174 ، الشرائع 1 : 233 ؛ وانظر الروضة 2 : 193 ، والمدارك 7 : 130 ، وكشف اللثام 1 : 299.
2 ـ ايضاح الفوائد 1 : 278.
3 ـ الكافي 4 : 429/13 ، التهذيب 5 : 125/411 ، الوسائل 13 : 395 أبواب الطواف ب 50 ح 3.
4 ـ الفقيه 2 : 309/1534 ، التهذيب 5 : 125/410 ، الوسائل 13 : 395 أبواب الطواف ب 50 ح 2.
5 ـ نقله عنه في المختلف : 288.
6 ـ منهم : فخر المحققين في الإيضاح 1 : 279 ، والشهيد الثاني في الروضة 2 : 194 ، وصاحب المدارك 7 : 131.


(90)
كما إذا استوجر للحج.
    وفي المختلف : التحقيق أنه إن استوجر للحمل في الطواف أجزأ عنهما ، وإن استوجر للطواف لم يُجز عن الحامل (1).
    قيل : والفرق طاهر لأنه على‏ الثاني كالاستيجار للحج. ولكن الظاهر انحصاره في الطواف بالصبي أو المغمى‏ عليه فإن الطواف بغيرهما إنما هو بمعنى الحمل ، نعم إن استأجره غيرهما للحمل في غير طوافه لم يجز الاحتساب (2).
    ( لو حجّ عن ميت تبرعاً ) جاز و ( برئ الميت ) إذا كان الحج عليه واجباً إجماعاً ، كما في صريح عبارة جماعة (3) ، وظاهر آخرين (4) ، وللصحاح المستفيضة وغيرها من المعتبرة ، أجودها دلالةً في الواجب : الموثق : قلت لأبي عبد اللَّه عليه السلام : إنسان هلك ولم يحجّ ولم يوص بالحج ، فأحجّ عنه بعض أهله رجلاً أو امرأة ، هل يجزي ذلك ويكن قضاءً عنه ويكون الحج لمن حجّ ويوجر من أحجّ عنه ؟ فقال : « إن كان الحاج غير ضرورة أجزأ عنهما جميعاً وأجزأ الذي أحجه » (5).
    والخبر : قلت له عليه السلام : بلغني عنك أنك قلت : « لو أنّ رجلاً مات ولم يحجّ حجة الإسلام فأحجّ عنه بعض أهله أجزأ ذلك عنه » فقال : « أشهد
1 ـ المختلف : 289.
2 ـ كشف اللثام 1 : 300.
3 ـ كالفيض الكاشاني في المفاتيح 1 : 301 ، وانظر كشف اللثام 1 : 301.
4 ـ كالعلامة في التذكرة 1 : 310 ، وصاحب المدارك 7 : 131 ، وصاحب الحدائق 14 : 287.
5 ـ الكافي 4 : 227/14 ؛ الوسائل 11 : 176 أبواب النيابة في الحجّ ب 8 ح 3 ، في ( ق ) و ( ك ) والكافي : واجر الذي احجه.
رياض المسائل الجزء السادس ::: فهرس