سيد المرسلين صلى الله عليه وآله وسلم ـ الجزء الأوّل ::: 16 ـ 30
(16)
العلامة المغربي « ابن خلدون » (1) فقد أسس في مقدمته المعروفة باسم مقدمة ابن خلدون نمَط التاريخ التحليلي بنحو من الانحاء.
    وأما الطائفة الثانية من تلك الكتب فهي وإن اُلفت على نمط التاريخ التحليلي واتسمت بصفة التحقيق والدراسة ولكن حيث ان بعضهم لم يتجشم عناء التتبع والاستقصاء ، أو أنه اعتمد في تحليله للحوادث على المصادر غير المتقنة وغير الصحيحة ، فقد تورط في أخطاء فضيعة محيّرة ، وأكثر مؤلفات المستشرقين ـ الّتي لم تكتَب في الأغلب بهدف التوصل إلى الحقيقة ـ من هذا النمط ، ومن هذه القماشة.
    ولقد دأَب في هذه الدراسة ـ بعد ملاحظة هذه الاشكالات ـ على ان يقدم إلى القراء جهد امكانه كتاباً يخلو عن عيوب ونقائص كلتا الطائفتين.
    مزايا هذا الكتاب :
    قد لا يكون من الضروري بيان مزايا هذا الكتاب ، واستعراض امتيازاته في مقدمته ، فذلك أمرٌ ينبغي أن يقف عليه القارئ الكريم بنفسه ضمن مطالعته لهذه الدراسة ، إلاّ انه إلفاتاً لنظر القارئ نشير إلى مزيتين هامتين هما :
    أولا : أنّنا عمدنا ـ في هذا الكتاب ـ إلى تناول وبيان الحوادث والوقائع المهمة الّتي تنطوي على قَدَر ، اكبر من الفائدة ، والعبرة ، وأعرضنا صفحاً عن ذكر الاحداث الجزئية ، والوقائع الصغيرة مثل الكثير من السرايا.
    ثم أننا أخذنا الحوادث التاريخية هذه من المصادر الأصلية ، والأولية ، الّتي دُوِّنت في القرون الإسلامية المشرقة الاولى ، فقد استخلصنا الحادثة من مجموعة تلك المصادر ، ثم أشرنا إلى مصدر أو مصدرين من المصادر الّتي ذكرت الحادثة
1 ـ هو القاضي عبد الرحمان بن محمَّد الحضرمي المالكي المتوفى عام 808 هـ ، ومقدمته وتاريخه ـ على ما فيهما من أخطاء فضيعة في التحليل ـ معدودان من الكتب الجيدة المفيدة ، وهما مبتكران في نوعهما.

(17)
بصورة اكثر تفصيلا ودقة.
    وربما يظن بعضُ القرّاء الكرام أننا اكتفينا في نقل الحوادث والوقائع بمراجعة مصدر أو مصدرين ممّا ذكرناه في أقصى الصفحة ( أي الهامش ) في حين أن الواقع هو غير هذا ، فنحن قد راجعنا حتّى في نقل الحوادث الصغيرة مهما صغرت ، اكثر المصادر الأصلية المعروفة ، وبعد التحقق والتشبث منها لخصناها وذكرناها في هذا الكتاب.
    ولو أننا أشرنا ـ في جميع الحوادث والوقائع ـ إلى جميع المصادر الّتي مررنا بها لاستأثر جدول المصادر بقسم كبير من صفحات هذا الكتاب ، وهو أمرٌ من شأنه أن يبعث على الملل عند القرّاء ، فلكي لا يحس القرّاء بأيّ تعَب أو مَلَل من جانب ، ولأجل أن نحافظ على وثائقية الكتاب وأصالة أبحاثه وإتقانها من طرف آخر اكتفينا بذكر القدر اللازم من المصادر وتجنبنا تحشيدها بتلك الصورة الممِلّة.
    وأما المزية الثانية : فإننا أشرنا ـ ضمن الدراسات اللازمة ـ إلى الاعتراضات والاشكالات ، بل وأحيانا إلى مواطن الاساءة الّتي قام بها المستشرقون المغرضون وأجبْنا على جميع الانتقادات والاعتراضات غير المبرَّرة وغير الصحيحة بأجوبة مقنعة وقاطعة وصحيحة ، وجرَّدْناهم من الاسلحة الّتي شَهَرُوها في وجه الإسلام ورسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم كما يقول المثل ، وتلك حقيقة يقف عليها القارئ الكريم بنحو أجلى في محلّها.
    وعلى هذا الاساس عَمَدنا إلى ذكر رأي المؤلّفين الشيعة ( في المسائل المختلف فيها بين المؤرخين الشيعة والمؤرخين السنة ) مع ذكر المصادر والشواهد التاريخية الواضحة والمبرهنة عليه ، وأزحْنا كل ما يَدُور حول ذلك الرأي من شبهة أو إشكال ، ويستهدف إنكار صحته وحقانيته.
    إننا إذ نقدّمُ هذه الدراسة التحليليّة لشخصية وحياة خاتم الأنبياة محمّد صلى الله عليه وآله وسلم إلى القراء الكرام نأمل أن يهتم بها عامّة المسلمين وخاصة المثقفين والشّباب منهم بوجه خاصّ ، ويتناولوا هذه السيرة العطرة بالمطالعة المتأنيّة والتأمل


(18)
والتدبر ، ونآمل أن يستطيع شبابُنا المؤمن المتحمّس من أن يرسم خريطة حياته وحياة مجتمعه في ضوء ما يستلهمُه ويستوحيه من سيرة وحياة رسول الإسلام صلى الله عليه وآله وسلم في هذه الحقبة البالغة الخطورة. واللّه وليّ التوفيق.
جعفر السبحاني
26 / جمادى الآخرة / 1392





(19)
سيّد المرسلين
في ضوء القرآن الكريم
    لقد سلّط القرآن الكريم الضوء على رسول الإسلام محمَّد بن عبد اللّه صلى الله عليه وآله وسلم في آيات كثيرة تناولت بيان أسمائه ونشأته وصفاته وخصاله ، وبشارات الانبياء السابقين به وعصمته واُمّيته ورسالته وخاتميته وجهوده العظيمة التي بذلها في سبيل ابلاغ مهمته ، والخطابات الخاصة الالهية الموجّهة إليه وما يتوجب على المؤمنين تجاهه في حياته وبعد وفاته ، وما يتوجب عليهم تجاه أهل بيته وعترته ، ولكي تكون هذه الرؤية القرآنية الشاملة الدقيقة هي القاعدة الاساسية في دراسة الشخصية والسيرة المحمَّدية العظيمة آثرنا ادراج طائفة منها


(20)
في مقدمة هذا الكتاب.
    * وَما مُحَمَّدٌ إلاّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُسُلُ. ( آل عمران / 144 )
    * مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللّه وَالَّذِينَ مَعَهُ أشِدّاءٌ عَلى الكُفّار رُحَماءُ بَيْنَهُمْ. ( الفتح / 29 ).
    * وَإذ قالَ عيسى ابْنُ مَرْيَمُ يا بَني إسرائيل إنّي رَسُولُ اللّهِ اِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِما بِيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرية وَمُبَشِّراً بِرَسُول يَأتِى مِنْ بَعدي اسْمُهُ أحْمَدٌ. ( الصف / 6 ).
    * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى وَللآخِرَة خَيْرٌ لَكَ مِنَ الأُولى وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى أَلَمْ يَجِدْكَ يَتيماً فَآوى وَوَجَدَكَ ضالا فَهَدى وَوَجَدكَ عائلا فَأَغْنى. ( الضحى / 4 ـ 8 ).
    * ألَم نَشْرَحْ لكَ صَدْركَ وَوَضعْنا عَنْكَ وزْرَكَ الَّذي أنْقَضَ ظَهْرَكَ وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ. ( الانشراح / 1 ـ 4 ).
    * وَإذ أخَذَ اللّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتاب وَحِكْمَة ثمَّ جاءكُمْ رَسولٌ مُصدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُوُمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قالَ ءأَقْرَرتُمْ وَأَخذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إصْري قالوا أقْررنا قالَ فَاشْهَدوا وَأنا مَعَكُمْ مِنَ الشّاهِدينَ. ( آل عمران/ 81 ).
    * ألَّذينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيِّ الَّذي يَجِدونَهُ مَكْتوباً عِنْدؤهُمْ في التَّوريةِ وَالأنجِيلِ يَأمرهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْههُمْ عِنَ المُنْكَر وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ الْخبائثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إصّرَهُمْ وَالأَغْلالَ التَّي كانَتْ عَلَيْهِمْ. ( الأعراف / 157 ).
    * الَّذينَ آتيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أبْناءَهُم وَإنَّ فَريقاً مِنْهُمْ لَيكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ. ( البقرة / 146 ).
    * الَّذينَ آتَيناهُمُ الكِتابَ يَعْرِفونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أبْناءَهُمُ. ( الأنعام / 20 ).
    * فآمِنُوا بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الاُمِّيِّ الَّذينَ يُؤْمنُ بِاللّهِ وكَلماتِهِ واتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ. ( الأعراف / 158 ).
    * هُوَالَّذي بَعثَ في الاُميّينَ رَسُولا مِنْهُمء يَتْلوا عَلَيْهِم آياتِهِ وَيُزكّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتاب وَالحِكْمَةَ وإنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفي ضَلال مُبين وآخرينَ مِنْهم لَما يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ العَزيزُ الْحَكيمُ ذلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤتيهِ مَنْ يَشاءُ واللّهُ ذُوالْفَضلِ الْعَظيمِ. ( الجمعة / 2 ).
    * وَأنزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ الكِتابَ والحِكْمَةَ وَعَلَّمكَ ما لم تَكُنْ تَعْلَمُ وَكانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظيماً. ( النساء / 113 ).
    * وَما كُنتَ تَتلُوا مِن قَبلِهِ مِنْ كِتاب وَلا تخُطُهُ بِيَمينِكَ إذاً لارتَابَ المُبطِلُونَ. ( العنكبوت / 48 ).


(21)
    * إقرأ بِاسمِ رَبِّكَ الَّذي خَلق خَلَقَ الإنْسانَ مِنْ عَلَق إقْرأ وَرَبُّكَ الأكْرَمُ الَّذي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الإنسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ. ( العلق / 1 ـ 5 ).
    * ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إنْ هُوَ اِلاّ وَحْيٌ يُوحى عَلَّمهُ شَديدُ القُوى ذو مَرَّة فَاسْتَوى وَهُوَ بالافُقِ الاَْعْلى ثُمَّ دَنا فَتَدلّى فَكانَ قَاب قَوسَيْنِ أوْ أدْنى فَأَوحى إلى عَبْدِهِ ما أوْحى ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رأى أو قتُمارُونَهُ عَلى ما يَرى ولَقَدْ رآهُ نَزلَةً أُخرى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأوى إذْ يَغْشى السِّدرَةَ ما يَغْشى ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبَّه الْكُبرى. ( النجم / 2 ـ 17 ).
    * وَلَو تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الاَْقاوِيلِ لأَخَذْنا مِنْهُ بِالَيمينِ ثُمَّ لَقَطعْنا مِنْهُ الْوَتينَ فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحد عَنْهُ حاجِزينَ. ( الحاقة / 44 ـ 47 ).
    * وَما عَلَّمْناهُ الشِّعرَ وَما يَنْبَغي لَهُ إنْ هُوَ إلاّ ذِكْرٌ وَقُرآنٌ مُبينٌ. ( يس / 69 ).
    * وَيَقُولُونَ أنَّنا لَتارِكُوا آلهَتِنا لِشاعِر مَجْنُون بَلْ جاء بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الُمُرْسَلينَ. ( الصافات / 36 ـ 37 ).
    * إنَّهُ لَقَوْلُ رَسول كَريمْ وَما هوَ بَقَولِ شاعر قَليلا ما تُؤْمنُونَ. ( الحاقة / 40 ).
    * وَما هُوَ عَلى الغَيْبِ بِضَنين. ( التكوير / 24 ).
    * سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى. ( الاعلى / 6 ).
    * فَسَيكْفِيَكَهُمُ اللّهُ وَهُوَ السَّميعُ الْعَليمُ. ( البقرة / 137 ).
    * وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النّاسِ. ( المائدة / 67 ).
    * وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالوا. ( التوبة / 74 ).
    * إنّا كَفيْناكَ الْمُسْتَهْزئِينَ. ( الحجر / 95 ).
    * وَإنْ كادوا لَيَفْتِنونَكَ عِنَ الَّذي أوْحَيْنا إليْكَ لَتَفْتَرى عَلَيْنا غَيْرَهُ وَإذاً لاتَّخَذُوكَ خَليلا وَلَوْلا أنْ ثَبَّتناكَ لَقَدْ كِدْتَّ تَركَنُ إليْهِمْ شيئاً قَليلا. ( الاسراء / 73 ـ 74 ).
    * أَلَيْسَ اللّهُ بَكاف عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذينَ مِنْ دُونِهِ. ( الزمر/ 36 ).
    * وَأصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإنَّكَ بأَعْيُنِنا. ( الطور / 48 ).
    * تِلْكَ آياتُ اللّه نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالحَقِّ وَمَا اللّهُ يُريدُ ظُلْماً لِلْعالَمينَ. ( آل عمران / 108 ).
    * اتْلُ ما أوحِيَ إليْكَ مِنَ الكِتابِ. ( العنكبوت / 45 ).
    * واتَّبِع ما يُوحى إليْكَ مِنْ رَبِّكَ. ( الاحزاب / 2 ).
    * وَأنْذِر عَشيرَتِكَ الأقْرَبينَ. ( الشعراء / 214 ).


(22)
    * فَاصْدَعْ بِما تُؤمرُ. ( الحجر / 94 ).
    * قلْ يا ايُّها النّاسُ إنَّما انا لَكُمْ نَذيرٌ مُبينٌ. ( الحج / 49 ).
    * وَإنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إلى صِراط مُستَقيم. ( المؤمنون / 73 ).
    * تَبارَكَ الَّذي نَزَّلَ الْفُرقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمينَ نَذيراً. ( الفرقان / 1 ).
    * وَما أرْسَلْناكَ إلاّ مُبَشِّراً وَنَذيراً. ( الفرقان / 56 ).
    * وَما كانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأنْتَ فِيهِمْ. ( الأنفال / 33 ).
    * لَقد جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أنْفُسِكُمْ عَزيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَريصٌ عَلَيْكُمْ. ( التوبة / 128 ).
    * بِالْمؤمِنينَ رَؤوف رَحيمٌ. ( التوبة / 128 ).
    * وَما أرسَلْناكَ إلاّ رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ. ( الأنبياء / 107 ).
    * إنَّكَ لَعلى هُدىً مُسْتَقيم. ( الحج / 67 ).
    * نَزلَ بِهِ الرُّوحُ الأمينُ عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرينَ. ( الشعراء / 193 ).
    * إنّا أرسَلْناكَ بِالحَقِّ بَشيراً وَنَذيراً وَلا تُسئلُ عَنْ أصْحابِ الْجَحيم. ( البقرة / 119 ).
    * كَما أَرسَلْنا فِيكُمْ رَسُولا مِنْكُمْ يَتْلُوا عَلَيْكُم آياتِنا وَيُزكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكم الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ ما لَمْ تَكُونوا تَعْلَمُونَ. ( البقرة / 151 ).
    * لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلى الْمؤمِنينَ إذْ بَعثَ فيهِمْ رَسولا مِنْ انْفُسِهمْ يَتلْو عَليْهِمْ آياتِهِ وَيُزكِّيْهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ والْحِكْمَةَ وَإنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلال مُبينْ. ( آل عمران / 164 ).
    * هُوَ الَّذي أرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقَّ لَيُظْهِرَهُ عَلى الدّينِ كُلِّهِ وَكَفى بِاللّهِ شَهيداً. مُحمَّدٌ رَسُولُ اللّه. ( الفتح / 28 ـ 29 ).
    * يا ايُّها النَّبِيُّ إنَّا أرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذيراً وَداعِياً إلى اللّهِ بِإذْنِهِ وَسِراجاً مُنيراً. ( الاحزاب/46 ).
    * وَما أرْسَلْناكَ إلاّ كافَّةً لِلنَّاسِ بَشيراً وَنَذيراً. ( سبأ / 28 ).
    * قُلْ إنَّما أعِظُكُمْ بِواحِدَة أنْ تَقُوموا للّهِ مَثْنى وَفُرادى ثُمَّ تَتفَكَّرُوا ما بِصاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّة إنْ هُوَ إلاّ نَذيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذاب شَديد. ( سبأ / 46 ).
    * فَفِرّوا إلى اللّهِ إنّي لَكُم مِنْهُ نَذيرٌ مُبينٌ. ( الذاريات / 50 ).
    * وَأرْسَلْناكَ لِلنّاسِ رَسُولا وَكَفى باللّهِ شَهيداً. ( النساء / 78 ).
    * وَأنْزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ الْكِتابَ والْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظيماً. ( النساء / 113 ).


(23)
    * إنّا أوْحَينا إليْكَ كَما أوْحَينا إلى نُوح والنَّبِيينَ مِنْ بَعْدِهِ. ( النساء / 163 ).
    * لكن اللّه يَشْهَدُ بِما أنزَلَ إليْكَ أنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ والْملئكَةُ يَشْهَدونَ وَكَفى بِاللّهِ شَهيداً. ( النساء 166 ).
    * ما كانَ مُحَمَّدٌ أبا أحد مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسولَ اللّه وَخاتَمَ النَّبِيَّينَ. ( الاحزاب / 40 ).
    * قُلْ يا أيّها الناسُ إنّي رَسُولُ اللّه إلَيْكُم جَميعاً. ( الاعراف / 158 ).
    * وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إنَّ الْعِزَّة للّهِ جَميعاً هُوَ السَّميعُ الْعَلِيمُ. ( يونس / 65 ).
    * فَلعَلَّكَ تاركٌ بَعْض ما يُوحى إليْكَ وَضائِقٌ بِه صَدرُكَ أنْ يَقُولوا لَوْلا أُنزلَ عَليْهِ كَنْزٌ أوْ جاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إنّما أنْتَ نَذيرُ وَاللّهُ عَلى كُلِّ شيء وَكِيلٌ. ( هود / 12 ).
    * وَكُلاّ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ انْباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فؤَادَكَ وَجاءَكَ في هذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعظَةٌ وَذِكْرى لِلْمُؤمِنينَ. ( هود / 120 ).
    * وَلَقَدِ اسْتُهزئ بِرُسلُ مِنْ قَبْلِكَ فَأَملَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَروا ثُمَّ اخَذْتُهُمْ فَكَيفَ كانَ عِقابِ. ( الرعد / 32 ).
    * لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إلى ما متَّعْنا بِهِ أزْواجاً مِنْهُمْ وَلا تَحزْنْ عَلَيْهِمْ. ( الحجر / 88 ).
    * وَلَقَد نَعْلم ُ انَّكَ يَضيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولونَ فَسبِّح بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السّاجِدينَ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتى يَأتِيكَ الْيَقينُ. ( الحجر / 99 ).
    * وَأُصْبِرْ وَما صَبْرُكَ إلاّ بِاللّه وَلا تَحزَنْ عَلَيْهمْ وَلا تَكُ في ضَيْق مِمّا يَمْكُرونَ إنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقوْا والَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ. ( النحل / 128 ).
    * فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفسَكَ عَلى آثارِهِمْ إنْ لَمْ يُؤمنُوا بِهذا الْحَديثِ أسفاً. ( الكهف / 6 ).
    * فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولونَ. ( طه / 130 ).
    * وَإنْ يُكَذِّبُوكَ فَقدْ كَذَّبتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوح وَعادٌ وَثَمُودُ وَقَوْمُ إبْراهيمَ وَقَوْمُ لُوط وَأصْحابُ مَدْيَنَ وَكُذِّب مُوسى فَأَمْلَيتُ لِلْكافِرينَ ثُمَّ أخذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ نَكِير. ( الحج / 42 ـ 44 ).
    * وَكذلِكَ جَعلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِنَ الُمجْرِمينَ وَكَفى بِرَبِّكَ هادياً وَنَصيراً. ( الفرقان / 31 ).
    * لَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ ألاّ يَكُونوا مُؤمِنينَ. ( الشعراء / 3 ).
    * وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ في ضَيْق مِمّا يَمْكُرُونَ. ( النحل / 127 ).
    * فَاصْبِر إنَّ وَعْدَ اللّه حَقٌّ وَلا يستَخِفَّنَّكَ الَّذينَ لا يُوقِنونَ. ( الروم / 60 ).
    * وَمَنْ كَفَرَ فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ. ( لقمان / 23 ).
    * وَاِنْ يُكَذِّبوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبلِكَ وَإلى اللّه تُرجَعُ الاُمورُ. ( فاطر / 4 ).
    * سُبْحانَ الَّذي أسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلا مِنَ الْمَسجِدِ الْحرامِ إلى الْمَسْجِدِ الاَْقْصا الَّذي بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا إنَّهُ هُوَ السَّميعُ الْبَصيرُ. ( الأسراء / 1 ).
    * فَلا تَذهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسرات إنَّ اللّهَ عَليمٌ بِما يَصْنَعُونَ. ( فاطر / 8 ).
    * وَإنْ يُكَذبوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ جاءتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالبَيِّناتِ وَبالزُّبرِ وَبِالكِتابِ الْمُنيرِ. ( فاطر / 25 ).


(24)
    * فَلا يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إنّا نَعلَمُ ما يُسرّونَ وَما يُعلِنُونَ. ( يس / 76 ).
    * وَلَقَدْ سَبقَتْ كلِمَتُنا لِعبادِنا الْمُرسَلينَ إنَّهُمْ لَهُم الْمنصُورونَ. ( الصافات / 171 ـ 172 ).
    * وَإنْ جُنْدنا لَهُمُ الْغالِبُونَ فَتوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حين وابْصرْهُمْ فَسوْفَ يُبْصِرُونَ. ( الصافات/173 ـ175 ).
    * وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتّى حين وَاَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ. ( الصافات / 178 ـ 179 ).
    * إصْبِرْ عَلى ما يَقولونَ. ( ص / 17 ).
    * ألَيْسَ اللّه بِكاف عَبدَه وَيخوَّفونَكَ بِالَّذينَ مِنْ دونِهِ. ( الزمر / 36 ).
    * فَاصبِرْ إنَّ وَعْدَاللّه حَقٌ. ( المؤمن / 55 ).
    * وَلا تَطرُد الَّذينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالغَدوَةِ والعَشيِّ يُريدونَ وَجْهَهُ ما عَليْكَ مِنْ حِسابِهمْ مِنْ شَيء وَما مِنْ حِسابِكَ عَليْهِمْ مِنْ شَيء فَتطرُدِهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظالِمينَ. ( الانعام / 52 ).
    * وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالغَدوة والعشيِّ يُريدونَ وَجْههُ وَلا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ تُريدُ زينَة الحَيوة الْدُّنيا وَلا تُطِعْ مَنْ اغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرنا وَاتَّبعَ هَويهُ وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً. ( الكهف / 28 ).
    * إنَّما المُؤمنونَ الَّذينَ آمنوا بِاللّهِ وَرَسُوله وإذا كانوا مَعَهُ عَلى أمر جامِع لَمْ يَذهَبُوا حتّى يَسْتأذنوهُ إنَّ الَّذينَ يَستأذوننكَ أُولئكَ الَّذينَ يُؤمِنُونَ باللّه وَرَسُولِهِ فإذا اسْتأذنوك لِبَعْضِ شَأنِهِم فَأذَن لِمَنْ شِئتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ اللهَ إنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَحيمٌ لا تَجْعلُوا دُعاءَ الرَّسول بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً قَدْ يَعلَمُ اللّهُ الذينَ يَتَسلَلَّونَ مِنْكُمْ لِواذاً فَليَحْذِر الَّذينَ يُخالِفُونَ عَنْ أمْره انْ تُصبيَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصيبَهُمْ عَذابٌ أليمٌ. ( النور / 62 ـ 63 ).
    * يا ايُّها الَّذينَ آمنوا لا تَدْخُلوا بُيوتَ النَّبيَّ إلاّ أَنْ يُؤذَنَ لَكُمْ إلى طعام غَيْرَ ناظرينَ إناهُ ولكنْ إذ دُعيتُمْ فَادْخُلوا فَإذا طعِمْتُمْ فَانْتشِروا وَلا مُسْتأنِسينَ لِحَديث إنَّ ذلِكُمْ كانَ يُؤذي النَّبيَّ فَيستَحِي مِنْكُمْ وَاللّهُ لا يَسْتَحِي مِنَ الحَقِّ وَإذا سألُتموهُنَّ مَتاعاً فَسئلوهُنَّ مِنْ وَراء


(25)
حِجاب ذلِكُمْ أَطهَرُ لِقلُوبِكُمْ وَقلُوبِهِنَّ وما كان لَكُمْ أَنْ تُؤذوا رَسولَ اللّهِ وَلا أنْ تَنْكِحُوا أزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أبداً إنَّ ذلِكُمْ كانَ عِنْدَ اللّهِ عَظيماً. ( الاحزاب / 53 ).
    * يا ايها الَّذينَ آمنوا لا تُقدِّموا بَيْنَ يَدي اللّهِ وَرَسُولِهِ وَاتقُوا اللّهَ إنَّ اللّهَ سَميعٌ عَليمٌ يا ايُّها الَّذينَ آمنوا لا تَرْفعوا أصْواتَكُمْ فَوقَ صَوت النَّبيِّ ولا تَجْهروا لهُ بِالْقَولِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعض أنْ تَحْبَطَ أعمالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشعُرونَ إنَّ الذَّين يَغضُّونَ أصواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللّهِ أُولئِكَ الَّذينَ امْتَحَنَ اللّهُ قُلوبَهْمْ لِلتَّقوى لَهُمْ مَغْفِرةٌ وَأجرٌ عظيمٌ إنَّ الَّذينَ يُنادونكَ مِنْ وَراءِ الحُجراتِ أكثرُهُمْ لا يعقِلُونَ وَلَو أنَّهُمْ صَبَروا حتَّى تَخرُجَ إليْهِمْ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَاللّهُ غَفورٌ رَحيمٌ. ( الحجرات / 1 ـ 5 ).
    * وَاعْلَموا أَنَّ فيكُمْ رَسولَ اللّهِ لَو يُطيعُكُمْ في كَثير مِنَ الأَمْر لَعَنِتُّمْ وَلكِنَّ اللّهَ حَبَّبَ إليْكُمْ الإيمانَ وَزَيَّنَهُ في قُلوبِكُمْ وَكَرَّه إليْكُمُ الكُفْرَ وَالفُسوقَ وَالْعِصيانَ أُولئكَ هُمُ الرّاشِدُونَ. ( الحجرات / 7 ).
    * وَإنَّك لَعلى خُلُق عَظيم. ( القلم / 4 ).
    * وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِلمُؤْمِنينَ. ( الحجر / 88 ).
    * وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِمَن اتَّبَعكَ مِنَ الْمُؤْمِنينَ. ( الشعراء / 215 ).
    * لَقدْ جاءَكُمْ رَسولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزيزٌ عَليْهِ ما عَنِتُّمْ حَريصٌ عَلَيْكُمْ بِالمُؤمنينَ رَؤُوفٌ رَحيمٌ. ( التوبة / 129 ).
    * فَبِما رَحْمَة مِنَ اللّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَليظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَولِكَ. ( آل عمران / 159 ).
    * لَقَدْ كانَ لَكُمْ في رَسولِ اللّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُو اللّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذكَرَ اللّهَ كَثيراً. ( الاحزاب / 21 ).
    * قُلْ إنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللّه فَاتَّبِعُوني يُحْبِبْكُمْ اللّه وَيَغْفِرْلَكُمْ ذنوبَكُمْ وَاللّهُ غَفورٌ رَحيمٌ. ( آل عمران / 31 ).
    * فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤمنُونَ حَتّى يُحَكِّمُوكَ فيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لايَجِدوا في أنْفُسِهِمْ حَرجاً مِمَّا قَضيْتَ وَيُسَلِّموا تَسليماً. ( النساء / 65 ).
    * إنَّ اللّهَ وَملائكتهُ يُصَلُّونَ عَلى النَّبيِّ يا أيُّها الَّذينَ آمنُوا صَلُّوا عَليْهِ وَسَلِّمُوا تَسْليماً. ( الاحزاب / 56 ).
    * إنَّا أعْطيناكَ الْكَوثَر فَصلِّ لِرَبِّكَ وانْحَر إنَّ شانِئكَ هُوَ الأَبْتَرْ. ( الكوثر / 1 ـ 3 ).


(26)
    * إنَّما يُريدُ اللّهُ لِيُذْهِببَ عَنْكُمْ الْرِّجْسَ أَهلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهيراً. ( الاحزاب / 33 ). (1)
1 ـ ولقد بحث سماحة الاستاذ العلامة المحقّق الشيخ جعفر السبحاني صاحب هذه المحاضرات حول جميع هذه الآيات ونظائرها في دراسة عميقة وشاملة في الجزء السابع من موسوعته « مفاهيم القرآن ».

(27)
    الجزيرةُ العَربية هي في الحقيقة شبهُ جزيرة كبيرة وتقع في الجنوب الغربي من اسيا ، وتبلغ مساحتُها ثلاثة ملايين كيلومتر مربع ، أي ضِعف مساحة إيران ، وستة أضعاف فرنسا ، وعشرة أضعاف إيطاليا ، وثمانين ضِعف سويسرة.
    ويَحدُّ شبه الجزيرة ـ هذا الّذي هو اشبه ما يكون بمستطيل غير متوازي الاضلاع ـ من الشمال فلسطين وصحراءُ الشام ، ومن المشرق الحيرةُ ودجلة والفرات والخليج الفارسي ، ومن الجنوب المحيط الهندي وخليج عمان ، ومن المغرب البحر الأحمر.
    وعلى هذا يحاصر هذه الجزيرة من المغرب والجنوب البحر ، ومن الشمال والشرق الصحراء ، والخليج.
    وقد جرت العادة بتقسيم هذه المنطقة من القديم إلى ثلاثة اقسام :
    1 ـ القسم الشمالي والغربي ويسمى بالحجاز.
    2 ـ القسم المركزي والشرقي ويسمى بصحراء العرب.
    3 ـ القسم الجنوبي ويسمى باليمن.
    وتُشكّل داخلَ شبه الجزيرة هذا صحاري كبيرة ، ومناطق شاسعة رملية حارة ، وغير قابلة للسكنى تقريباً ، ومن جملة هذه الصحاري صحراء « بادية


(28)
ساوة » الّتي تسمى اليوم بصحراء « النفوذ » وصحراء اُخرى واسعة الاطراف تمتد إلى الخليج الفارسيّ يُطلق عليها اليوم إسم « الربع الخالي » وقد كان يسمى قسمٌ من هذه الصحاري سابقاً بالأحقاف ، ويسمى القسم الآخر بالدهناء.
    وعلى أثر هذه الصحاري تشكل ثُلث مساحة شبه الجزيرة هذا أراضي خالية من الماء والعشب وغير قابلة للسكنى ، اللهم إلاّ بعض ما يحصل من المياه بسبب تساقط الامطار ، في قلب الصحاري فيتجمع حولها بعض القبائل العربية بعض الوقت ، ويرعون فيها ابلهم وانعامهم ردحاً قليلا من الزمن.
    وأمّا حالة المناخ في شبه الجزيرة العربية ، فالهواء في الصحاري والأَراضي المركزية ( الوسطى ) حارٌ وجافٌ جداً ، وفي السواحل مرطوبٌ ، وفي بعض النقاط معتدلٌ ، وبسبب رداءة الطقس هذه لا يتجاوز عدد سكانه خمسة عشر مليون نسمة.
    وتوجد في هذه الجزيرة سلسلة جبال تمتد من الجنوب إلى الشمال ، ويقارب ارتفاع أعلى قممها 2470 متراً.
    وقد كانت معادن الذهب والفضة والاحجار الكريمة تشكل مصادر الثروة في شبه الجزيرة هذا منذ القديم ، وكان سكانها يعتنون ـ من بين الانعام والحيوانات ـ بتربية الابل والفرس اكثر من غيرهما ، ومن بين الطيور بالحمام والنعامة اكثر من الطيور الاُخرى.
    بيد أن اكبر مصدر للثروة في الجزيرة العربية اليوم يأتي عن طريق استخراج النفط.
    وتعتبر مدينة « الظهران » الّذي يسميه الاوربيون بالدهران المركز النفطي الرئيسي في هذه الجزيرة ، ويقع هذا البلد في ناحية الاحساء الّتي تقع في المنطقة الشرقية من الجزيرة العربية على حدود الخليج الفارسي.
    ولكي يتعرف القارئ الكريم على الأَوضاع في شبه الجزيرة العربية هذا بنحو اكثر تفصيلا فاننا نعمد إلى شرح الاقسام الثلاثة المذكورة :
    1 ـ « الحجاز » وهي المنطقة الّتي تشكل القسم الشمالي والغربي من الجزيرة


(29)
العربية وتمتد أراضيها على ساحل البحر الاحمر ابتداء من فلسطين وحتّى حدود اليمن.
    والحجاز بعد هذا منطقة جبلية ، وذات صحار قاحلة ، واراض حجرية ، وصخرية ، يكثر فيها الحصى.
    ولقد كانت هذه المنطقة ـ في التاريخ ـ اكثر شهرة من غيرها ، ومن المعلوم أنَّ هذه الشهرة جاءت بسبب جملة من العوامل المعنوية والدينية ، فهي الآن تضمّ بين جوانحها بيت اللّه الحرام « الكعبة المعظمة » ، قبلة ملايين المسلمين ، ومهوى افئدتهم.
    وقد كانت البقعةُ الّتي تقوم عليها بنية « الكعبة المعظمة » تحظى منذ سنوات مديدة قبل بزوغ الإسلام باحترام العرب وغيرهم ، ولهذا حَرَّموا القتال حول الكعبة تعظيماً لها ، حتّى إذا جاء الإسلام أقَرَّ للكعبة ولما حولها ، مثل ذلك الاحترام ، والتعظيم أيضاً.
    ومن أهمّ مُدُن الحجاز : « مكة » و « المدينة » و « الطائف » ، وكان للحجاز منذ القديم ميناءان هما : ميناء « جدة » الّذي يستخدمه أهل مكة ، وميناء « ينبع » الّذي يستخدمه أهلُ المدينة ، في سَدِّ الكثير من إحتياجاتهم ويقع هذان الميناءان على ساحل « البحر الاحمر ».

    مَكةُ المعظمة :
    وهيَ من أَشهر مُدُن العالم وأكثر المُدُن الحجازية سُكاناً ، وترتفع عن سطح البحر بما يقارب 300 متراً.
    وإذ تقع مدينة « مكة » بين سلسلتين من الجبال لذلك فانها لاتُرى من بعيد ، ويقطنها اليوم حوالي ( 150 ) ألفاً من السكان.

    تاريخ مكة :
    يبدأ تاريخ « مكة المكرمة » من زمن النبي إبراهيم الخليل ( عليه السلام ) ، فقد


(30)
أسكن هذا النبيُّ ولده « اسماعيل » مع اُمه « هاجر » في ارض مكة ، فنشأ اسماعيل هناك ، وتزوج من القبائل الّتي سكنت على مقربة من تلك المنطقة.
    ثم إن إبراهيم ( عليه السلام ) بنى وبأمر من اللّه تعالى البيت الحرام « الكعبة ».
    وتقول بعض الروايات الصحيحة إن الكعبة بنيت على يد النبيّ نوح ( عليه السلام ) وأن ابراهيم ( عليه السلام ) جدّد بناءها.
    وهكذا نشأت وبعد هذا تاسست مدينة مكة.
    وتتكون نواحي « مكة » من أراض سبخة شديدة الملوحة بحيث لا تكون قابلة للزراعة اصلا ، حتّى أن بعض المستشرقين يذهب إلى أنه لا يوجد أية منطقة في العالم في رداءة أوضاعها الجغرافية والمحيطية والطبيعية مثل هذه المنطقة.

    المَدينةُ المنوَّرةُ :
    وهي مدينة تقع في شمال مكة وتبعد عنها ب‍ : 90 فرسخاً تقريباً ، وتحيط بها بساتين ومزارع ونخيل وافرة ، وأرضها أكثر صلاحية لغرس الاشجار والزرع.
    وكانت المدينة المنورة تسمى قبل الإسلام ب‍ « يثرب » ، وبعد أن هاجر إليها رسول الإسلام صلى الله عليه وآله وسلم سُمّيت بمدينة الرسول ، ثم اُطلقت عليها لفظة « المدينة » مجردة تخفيفاً.
    ويحدثنا التاريخ أن العمالقة كانوا أول من سكن هذه الديار ، ثم خلف العمالقة طائفة اليهود ، والأوس والخزرج الذين سُمِّي المسلمون منهم بالأَنصار في ما بعد.
    هذا وقد سلمت الحجاز ـ على عكس سائر المناطق ـ من طمع الطامعين وغزو الغزاة والفاتحين ، ولم نشاهد فيها أي شيء من آثار حضارة الامبراطوريتين العظيمتين انذاك قبل الإسلام : الروم والفرس ، وذلك لأنها إذ كانت تتألَّف من أراض قاحلة مجدبة غير قابلة للسكنى والعيش لم تحظ باهتمام أحد من اُولئك الفاتحين حتّى يفكر في تسيير العساكر ، وتجييش الجيوش لفتحها ليعود بعد تحمّل آلاف المشاكل الّتي تستلزمها عملية الاستيلاء على أراضي تلك المنطقة
سيد المرسلين صلى الله عليه وآله وسلم ـ الجزء الأوّل ::: فهرس