سيد المرسلين صلى الله عليه وآله وسلم ـ الجزء الأوّل ::: 46 ـ 60
(46)
الّتي كانت قد تجذرت بشكل عجيب في نفوس ذلك القوم ، حتّى اصبحت السمة البارزة لحياتهم واصبح التغنّي بالخمرة ، ووصفها الطابع الغالب لآدابهم ، واللون البارز الّذي يصبغ قصائدهم واشعارهم.
    على أن الفساد الأخلاقي في المجتمع الجاهلي العربّي قبل الإسلام لم يكن ليقتصر على معاقرة الخمر ، ومزاولة الميسر بل تعدى إلى ألوان اُخرى ذكرها القرآن الكريم في ثلاثة عشر موضعاً ، حيث عدّ منها الزنا ، واللوط ، والقذف ، وإكراه الفتيات على البغاء وماشا كل ذلك (1).

    5 ـ وَأدُ البنات وإقبارُهن :
    ويشير القرآن الكريم أيضاً إلى عادة جاهلية سيئة اُخرى كانت رائجة بين قبائل العرب الجاهلية قاطبة وهي دفن البنت حيةً.
    فقد شجب القرآن الكريم هذه العادة البغيضة وهذا العمل اللانساني ونهى عنه بشدة في اربعة مواضع ، إذ قال تعالى : « وَإذا المَوؤدةُ سُئلتْ. بأيّ ذَنب قُتِلَتْ » (2). وقال تعالى : « وَلا تَقْتُلُوا أولادَكُمْ خَشيَةَ إمْلاق نَحْنُ نَرزقُهُمْ وَإياكُمْ إنَّ قَتْلَهُمْ كانَ خِطْئاً كبيراً » (3).
    وقد اتى جدُ « الفرزدق » « صعصعة بن ناجية بن عقال » رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم وعدّ من اعماله الصالحة في الجاهلية أنه فدى مائتين وثمانين موؤدة في الجاهلية ، وأَنقَذهُنَّ من الموت المحتَّمْ باشترائهنَّ من آبائهن بأمواله.
    وقد افتخر « الفرزدق » بإحياء جدِّه للموؤدات في كثير من شعره إذ قال :
ومنّا الّذي منَع الوائدات وأحيا الوئيد فلم يُوأد (4)

1 ـ راجع للوقوف على ذلك سورة النساء : 15 و 16. وسورة النور : 2 و 3 وغيرها. وراجع المحبر : ص 340.
2 ـ التكوير : 8 و 9.
3 ـ الإسراء : 31.
4 ـ بلوغ الارب في معرفة أحوال العرب : ج 3 ، ص 45 و 46.


(47)
    6 ـ تصوراتهم الخرافية حول الملائكة :
    وممّا اشار إليه القرآن الكريم تصورات العرب الجاهلية حول الملائكة ، فقد كانوا يعتقدون أن الملائكة من الإناث وأنهن بنات اللّه ، إذ يقول تعالى : « فَاستَفْتِهِمْ ألرَبِّكَ البَناتُ وَلَّهُمْ البَنُونُ. امْ خَلَقْنا الْمَلائكَةَ إناثاً وَهُمْ شاهِدونَ. ألا إنَّهُمْ مِنْ إفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ وَلَدَ اللّهُ وَإنَّهُمْ لَكاذِبُونَ أصطفى البَناتِ عَلى البَنينَ. ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ » (1).

    7 ـ كيفية الانتفاع من الانعام :
    إذا كانت العربُ الجاهلية تمتنع من تناول لحوم الأنعام الاربعة المذكورة آنفاً وتجتنب عن استعمال ألبانها وشعورها وأصوافها إلا أنها كانت في المقابل تتناول الدم ، والميتة والخنزير ، وتأكل من الحيوانات والأنعام الّتي تقتلها بصورة قاسية ، وبالتعذيب والأذى ، وربما كانت تعتبر ذلك نوعاً من العبادة ، ويُعرف ذلك من الآية التالية الّتي نزلت تنهى بشدة عن أكل هذه اللحوم ، وتحرّم تناولها ، إذ يقول سبحانه : « حُرِّمتْ عَليْكُمُ الميْتَة والدَّمُ وَلَحمُ الْخِنْزيرِ وَما اُهِلَّ لِغَيْرِ اللّه بِه وَالمُنخَنقةُ والموقوذةُ والمتردِّيةُ والنَطيحةُ وَما اكَلَ السَبُعُ إلاّ ما ذَكَّيْتُمْ وما ذُبِحَ عَلى النُصُب وأن تَسْتَقْسِمُوا بِالأزلامِ ذلِكُمْ فِسْقٌ » (2).
    فقد حرم اللّه في هذه الآية اكل :
    1 ـ الميتة.
    2 ـ الدم.
    3 ـ لحم الخنزير.
    4 ـ ما ذكر اسم غير اللّه عليه.
    5 ـ الّتي تموت خنقاً ، وهي المنخنقة.
1 ـ الصافّات : 149 ـ 154.
2 ـ المائدة : 3.


(48)
    6 ـ الّتي تضرب حتّى تموت ، وهي الموقوذة.
    7 ـ الّتي تقع من مكان عال فتموت وهي المتردية.
    8 ـ الّتي تموت نطحاً من حيوان آخر وهي النطيحة.
    9 ـ ما افترسه سبع إلا إذا ذُكي قبل موته.
    10 ـ وما ذُبِح أمام الاصنام.

    8 ـ الاستقسام بالازلام :
    فقد كان تقسيم لحم الذبيحة يتم عن طريق الأزلام ، والأزلام جمع ( زلم ) بوزن ( شَرَف ) وهي عيدان وسهام تستخدم في ما يشبه القرعة لتقسيم لحم الذبيحة.
    فقد كان يشتري عشرة أنفار بعيراً ثم يذبحونه ، ثم يكتبون على سبعة منها اسهماً مختلفة من الواحد إلى السبعة ولا يكتبون على ثلاثة منها شيئاً ، ثم يجعلونها في كيس ثم يستخرجونها واحدة بعد اُخرى ، كلُ واحدة باسم أحدهم فيأخذ كل واحد منهم من الذبيحة ما خرج له من السهم ، وهكذا يقتسمون الذبيحة بينهم (1) ، فنهاهم اللّه عن ذلك بقوله : « وأن تَستَقْسِمُوا بِالأزلامِ ذلِكُمْ فِسْقٌ » لأنَّه ضربٌ من القمار الّذي ينطوي على مفاسد الميسر والقمار.

    9 ـ النسيء :
    كان العرب الجاهليون يعتقدون حرمة الاشهر الحرم ( وهي اربعة المحرم ورجب وذوالقعدة وذوالحجة ) فكانوا يتحرجون فيها من القتال ، وجرت عادة العرب على هذا من زمن إبراهيم واسماعيل ( عليهما السلام ).
    الاّ أنَ سَدَنة الكعبة أو رؤساء العرب كانوا يعمَدُون أحياناً ، ولقاء مبالغَ يأخذُونها ، أو جرياً مع أهوائهم ، إلى تأخير الاشهر الحُرمَ ، وهو الأمر الّذي عبّر
1 ـ راجع للوقوف على تفصيل هذه الطريقة بلوغ الارب : ج 3 ، ص 62 و 63 ، والمحبر : ص 332 و 335.

(49)
عنه القرآن الكريم بالنسيء ثمّ نهى عنه وعدّه كفراً إذ قال : « إنّما النّسيء زيادةٌ في الكُفْر يُضَلُّ به الَّذينَ كَفرُوا يُحِلونَهُ عامَاً وَيحرِّمُونهُ عاماً ليُواطئوا عدَّة ما حَرَّمَ اللّه فيحلّوا ما حَرَّمَ اللّه زيِّنَ لهُم سوء أعْمالِهمْ واللّه لا يهدي الْقومَ الْكافِرينَ » (1).
    وقد ذكرت كُتُب التاريخ والسير كيفية النسيء وتأخير الأشهر الحرم ، الّذي كان يتم بصورة مختلفة منها : أن جماعة ما لو كانت ترغب في استمرار الغارة والقتال ولم تطق تاخير النضال مدة الاشهر الحرم كانت تطلب من سدنة الكعبة ، لقاء ما تقدمه لهم من هدايا واموال ، تجويز الغارة والقتال في شهر محرم ، وتحرم القتال في شهر صفر بدله ليتم عدد الأشهر الحرم ( وهي اربعة ). وهذا هو معنى قوله تعالى : « ليُواطِئوا عدةَ ما حَرَّمَ اللّهُ » وكانوا إذا أحلُّوا الْقتالَ والغارة في المحرم من سنة حَرَّمُوه في المحرم مِنَ السَنة التالية ، وهذا هو معنى قوله تعالى : « يُحلُّونَهُ عاماً ، ويُحرِّمُونِه عاماً ».

    10 ـ الربا :
    وممّا يشير إليه القرآنُ الكريم من المفاسد الشائعة ، والأعمال المنكرة في المجتمع العربي الجاهلي قبل الإسلام : « الربا » الّذي كان يشكل العمود الفقري في اقتصاد ذلك المجتمع.
    وقد حاربَ القرآنُ الكريمُ هذه العادة المقيتة ، وهذا الفسادَ الاقتصادي حرباً شعواء ، إذ قال تعالى : « يا أيّها الَّذينَ آمَنُوا اتّقوا اللّهَ وَذَرُوا ما بقيَ مِنَ الرِّبا إنْ كُنْتُمْ مُؤمِنينَ. فَإنْ لَم تَفْعَلُوا فَأذَنُوا بِحَرب مِنَ اللّهِ وَرَسُولِه و إنْ تُبْتُمْ فَلكُمْ رُؤُوسُ اموالِكُمْ لا تَظْلِمونَ وَلا تظْلَمُونَ » (2).
    والعجيب أنهم كانُوا يُبّررونَ هذا العمل اللإنساني بقولهم « إنّما البيعُ مِثلُ الرِّبا » (3) فاذا كان البيعُ حلالا وهو اخذ وعطاء فليكن الرّبا كذلك حلالا ، فإنه أخذٌ وعطاء أيضاً ، مع أن « الرّبا » من ابشع صور الاستغلال ، وقد ردَّ
1 ـ التوبة : 37.
2 ـ البقرة : 278 و 279.
3 ـ البقرة : 275.


(50)
سبحانه على هذه المقالة بقوله تعالى : « وأَحلَّ اللّه البَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا » (1) ففي البيع والشراء يتساوى الطرفان في تحمل الضرر المحتمل ، بينما لا يتضرر المرابي في النظام الربوي أبداً وإنّما يلحق الضرر بمعطي الربا دائماً ، ولهذا تنمو المؤسسات الربوية ، ويعظم رصيدُها ، وثروتها يوماً بعد يوم فيما يزداد الطرفُ الآخر بؤساً وفقراً ، ولا يحصل من جهوده المضنية إلا على ما يسدُّ جوعته ، ويقيم اوده ، لا اكثر ، كلُ ذلك نتيجة لهذا الاسلوب الاقتصادي غير العادل.

    صورٌ من الوضع الجاهلي
    ما قدمناه كان أبرز المفاسد الاخلاقية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية الّتي اشار اليها القرآن الكريمُ ، وأما التاريخ فمليء بالصور والقصص الّتي تحكي عن تردي حالة العرب الجاهلية وسقوطها الفضيع في قعر الفساد في جميع المناحي والجهات.
    واليك في ما يلي نماذج وصور معدودة تكفي للوقوف على الحالة العامة في ذلك المجتمع نقتبسها لك من أصحّ المصادر واوثقها :
    وها نحن نقدم قصة « أسعد بن زرارة » الّتي تسلط الضوء على ما كان عليه الوضع الجاهلي في اكثر مناطق الحجاز ، فقد قدم « أسعد بن زرارة » و « ذكوان بن عبد قيس » ـ وهما من الأوس وكان بين الاوس والخزرج حرب قد بقوا فيها دهراً طويلا ، وكانوا لا يضعون السلاح لا بالليل ولا بالنهار ، وكان آخر حرب بينهم « يوم بُعاث » وقد انتصر فيها الأوسُ على الخزرج ـ مكة في عمرة رجب يسألون الحلف على الاوس ، وكان اسعد بن زرارة صديقاً لعتبة بن ربيعة ، فنزل عليه فقال : انه كان بيننا وبين قومنا حربٌ وقد جئناك نطلب الحلف عليهم ، فقال له عتبة : إن لَنا شغلا لا نتفرّغ لشيء. قال سعد : وما شغلكم وأنتمْ في حرمكم وأمنكم ؟ قال له عتبة : خرج فينا رجلٌ يدعي أنّه رسول اللّه سفّه أحلامنا ، وسبّ آلهتنا وأفسدَ
1 ـ البقرة : 275.

(51)
شُبّاننا ، وفرّق جماعَتَنا ، فقال له أسعد : مَنّ هو منكم ؟ قال : ابن عبد اللّه بن عبد المطلب من أوسطنا شرفاً ، وأعظمنا بيتاً.
    وكان أسعد وذكوان ، وجميع الاوس والخزرج يسمعون من اليهود الذين كانوا بينهم : النضير وقريظة وقينقاع ، أن هذا أوان نبيّ يخرج بمكة يكون مهاجره بالمدينة لنقتلنكم به يا معشر العرب ، فلما سمعَ ذلك أسعد وقع في قلبه ما كان سمعَ من اليهود ، قال : فأينَ هو ؟ قال : جالس في الحجر ، وإنّهم لا يخرجون من شعبهم إلاّ في الموسم ، فلا تسمع منه ولا تكلمه فانه ساحر يسحرك بكلامه ، وكان هذا في وقت محاصَرة بني هاشم في شعب أبي طالب ، فقال له « أسعد » : فكيف أصنعُ وأنا معتمر لابدَّ لي أن أطوف بالبيت ؟ قال : ضعْ في اُذنيكَ القطنَ ، فدخل « أسعدُ » المسجد وقد حشا اُذُنيه بالقطن ، فطاف بالبيت ورسول اللّه جالس في الحجر مع قوم من بني هاشم ، فنظر إليه نظرة فجازه ، فلما كان في الشوط الثاني قال في نفسه : ما أجد أجهلَ مني ؟ أيكونُ مثل هذا الحديث بمكة فلا اتعرّفه حتّى ارجع إلى قومي فاخبرهم ، ثم أخذ القطن من اذنيه ورمى به وقال لرسول اللّه : أنعَمْ صباحاً ، فرفع رسولُ اللّه صلى الله عليه وآله وسلم رأسه إليه وقال : قد أبدَلَنا اللّه به ما هو احسن من هذا ، تحية أهل الجنة : السلام عليكم ، قال له أسعد : ( إنّ عهدَك بهذا لقريب ، إلى ما تدعُو يا محمَّد ؟ قال : إلى شهادة ألاّ إله إلاّ اللّه ، واني رسولُ اللّه ، وأدْعُوكُمْ إلى : « ألاّ تشركوا بِه شَيئاً وَبِالوالِدَينِ إحْساناً وَلا تَقْتُلُوا أوْلادَكُمْ مِنْ إمْلاق نَحْنُ نَرزُقُكُمْ وإيّاهُمْ وَلا تَقْرَبوا الفواحِشَ ما ظَهرَ منها وما بطَنَ وَلا تَقْتُلوا النَّفْسَ التي حَرَّمَ اللهُ إلا بِالحَقِّ ذلِكمْ وَصّاكُمْ بِهِ لَعلكُمْ تَعْقِلُونَ ، وَلا تَقرَبُوا مالَ اليتيم إلاّ بِالَّتي هي أَحسنُ حَتى يَبْلُغَ أشُدَّهُ وَأوْفُوا الكيلَ وَالْميزان بِالقِسْطِ لانُكَلِّفُ نَفْساً إلاّ وُسْعَها وإذا قلتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كانَ ذاقربى وَبِعَهْدِ اللّه أوْفُوا ذلِكُمْ وَصّاكُمْ بِه لَعَلَّكُمْ تَذكَّرُونَ » (1).
1 ـ الأنعام : 151 و 152.

(52)
    فلما سمع « أسعد » هذا قال له : أشهد أن لا إله إلاّ اللّه ، وأنك رسولُ اللّه ، يا رسول اللّه بأبي أنت واُمي ... (1).
    إن الامعان في مفاد هاتين الآيتين يغنينا عن دراسة شاملة وواسعة لاوضاع العرب الجاهلية لأن هاتين الآيتين تكشفان عن الأمراض الاخلاقية الّتي كانت تكتنف حياة العرب الجاهلية. ولهذا تلا رسول اللّه الآيات الّتي تشير إلى هذه الادواء والامراض ليلفت نظر « أسعد » إلى أهداف رسالته الكبرى.

    العقيدة والدين في الجزيرة العربية :
    عند ما رفع « إبراهيم الخليل » لواء التوحيد في البيئة الحجازية ، واعاد بناء الكعبة المعظمة ورفع قواعدها بمعونة ابنه « اسماعيل » ، تبعه في ذلك طائفة من الناس ممن أنار اللّه به قلوبهم ، الاّ انه من غير المعلوم إلى ايّ مدى استطاع ذلك النبي العظيم أن يعمّم دين التوحيد ويبسط لواءه على الجميع ، ويؤلف صفوفاً متراصة ، وجبهة عريضة قوية من الموحدين ، غير ان من المعلوم انه اصبحت تلك المنطقة مسرحاً للوثنية ولعبادة الاشياء المختلفة مع الايام فقد كانت الطبقة المثقفة من العرب تعبد الكواكب والقمر ، فهذا هو المؤرخ العربي الشهير الكلبي الّذي توفى عام 206 هجرية يكتب في هذا الصدد قائلا كان « بنومليح » من خزاعة يعبدون الجن وكانت « حمير » تعبد الشمس ، و « كنانة » تعبد القمر ، و « تميم » الدبران ، و « لخم » و « جذام » المشتري ، و « طي » سُهيلا ، و « قيس » الشِعرى ، و « أسد » عطارداً.
    أما الدهماء والذين كانوا يشكلون اغلبية سكان الجزيرة فقد كانوا يعبدون ـ مضافاً إلى الصنم الخاص بالقبيلة أو العائلة ـ ثلاثمائة وستين صنماً ، وكانوا ينسبون أحداث كل يوم من أيام السنة إلى واحد منها.
    وقد دخَلَتْ عبادةُ الأصنام والأوثان في مكة بعد « إبراهيم الخليل »
1 ـ بحار الأنوار : ج 19 ، ص 8 و 9 ، اعلام الورى : ص 35 ـ 40.

(53)
عليه السلام على يد « عمرو بن لحي » ، ولكنها لم تكن في بداية أمرها بتلك الصورة الّتي وصلت إليها في ما بعد فقد كانوا يعتبرونها في بداية الامر شفعاء إلى اللّه ووسطاء بينه وبينهم ، ولكنهم تجاوزوا هذا الحد في ما بعد حتّى صاروا يعتقدون شيئاً فشيئاً بانها اصحاب قدرة ذاتية مستقلة ، وأنها بالتالي آلهة وأرباب.
    وكانت الاصنام المنصوبة حول الكعبة تحظى باحترام جميع الطوائف العربية ، ولكن الاصنام الخاصة بالقبائل فقد كانت موضع احترام جماعة خاصة فقط ، ولأجل أن تبقى حرمة هذه الأصنام والأوثان الخاصة محفوظة لا يمسها أحد بسوء كانوا ينشؤون لها أماكن وبيوت خاصة ، وكانت سدانة هذه البيوت والمعابد تنتقل من جيل إلى آخر بالوراثة.
    أما الآصنام العائلية فقد كانت العوائل تقتنيها للعبادة كل يوم وليلة ، فاذا أراد احدهم السفر كان اخر ما يصنعه في منزله هو ان يتمسح به أيضاً.
    وكان الرجل إذا سافر فنزل منزلا أخذ أربعة أحجار فنظر إلى أحسنها ، واتخذهُ رَبّاً وجعَلَ ثلاثة أثافيّ لقدْره ، وإذا ارتحل تركه.
    وكان من شَغَفَ أهلِ مكة وَحُبّهم للكعبة والحرم أنه كان لا يسافر منهم أحدٌ إلا حَمَل معه حجراً من حجارة الحرم تعظيماً للحرم ، وحباً له فحيثما حلّوا نصبوه وطافوا به كطوافهم بالكعبة صبابة بها ، ويمكن أن تكون هذه هي « الأنصاب » الّتي فُسرت بالاحجار العادية غير المنحوتة وتقابلها الأوثان ، وهي الاحجار المنحوتة على هيئة خاصة ، وأما « الأصنام » فهي المعمولة من خَشَب أو ذهب أوفضة على صورة انسان.
    لقد بلغ خضوعُ العرب أمام الاصنام والأوثان حداً عجيباً جداً ، فقد كانوا يعتقدون بأنهم يستطيعون كسبَ رضاها بتقديم القرابين اليها ، وكانوا بعد نحر الهدايا يلطخون وجوه الاصنام ورؤوسها بدماء تلك الهدايا ، وكانوا يستشيرونها في مهام امورهم ، وجلائل شؤونهم ، فاذا ارادوا الوقوف على مستقبل الأمر الّذي تصدّوْا له ومعرفة عاقبته أخيرٌ هو أم شرٌ استقسمَ لهم أمين القداح بقدحي


(54)
( الأمر والنهي ) وهيَ قطع كُتِبَ على بَعضها ( إفْعَلْ ) وعلى بعضها الآخر ( لا تَفْعَلْ ) فيمدُّ أمين القداح يده ويجيل القداح ويخرج واحداً فانْ طَلَع الآمر فعل أو الناهي ترك.
    وخلاصة القول ، ان الوثنيّة كانت العقيدة الرائجة في الجزيرة العربية ، وقد تفشَّتْ فيهم في مظاهرَ متنوعة ومتعددة ، وكانت الكعبة المعظمة ـ في الحقيقة ـ محطَّ أصنام العرب الجاهلية وآلهتهم المنحوتة ، فقد كان لكل قبيلة في هذا البيت صنم ، وبلغ عدد الاصنام الموضوعة في ذلك المكان المقدس ( 360 ) صنماً في مختلف الاشكال والهيئات والصور ، بل كان النصارى أيضاً قد نقشوا على جدران البيت وأعمدته صوراً لمريم والمسيح والملائكة ، وقصّة ابراهيم.
    وكان من جملة تلك الأصنام : « اللات » و « العُزّى » و « مناة » الّتي كانت تعتبرها قريش بنات اللّه ويختص عبادتها بقريش.
    وكانت « اللات » تعتبر اُمُّ الالهة ، وكان موضعها بالقرب من « الطائف » وكانت من الحجر الابيض ، و أما « مناة » فكانت في عقيدتهم إلاهة المصير وربَّة الموت والاجل وكان موضعها بين « مكة » و « المدينة ».
    ولقد اصطحب « ابوسفيان » معه يوم « اُحد » : « اللات » و « العزّى ».
    ويروى انه مرض ذات يوم « أبو أُحيحة » وهو رجل من بني اُمية ، مرضه الّذي مات فيه ، فدخل عليه ابولهب يعوده ، فوجده يبكي ، فقال : ما يبكيك يا با احيحة ؟ أمن الموت تبكي ولابد منه ؟ قال : لا ولكني اخاف ان لا تُعبَد العزى بعدي ! قال ابولهب : واللّه ما عُبدَت حياتك ( اي لا جلك ) ولا تُترك عبادتُها بعدك لموتك !! فقال أبو اُحيحة : الآن علمتُ ان لي خليفة (1).
    ولم تكن هذه هي كل الأَصنام الّتي كانت تعظِّمها وتعبُدُها العربُ بل كانت لقريش اصنامٌ في جوف الكعبة وحولها وكان اعظمها « هُبَل » ، كما انه لم يكن لكل قبيلة صنم خاص فحسب بل كانت كل عائلة تعبد صنماً خاصاً بها
1 ـ الأصنام للكلبي : ص 23.

(55)
مضافاً إلى صنم القبيلة وكانت المعبودات تتراوح بين الكواكب ، والشمس ، والقمر ، والحجر ، والخشب ، والتراب ، والتمر ، والتماثيل المنحوتة المختلفة في الشكل ، والهيكل ، والاسم ، المنصوبة في الكعبة أو في سائر المعابد.
    لقد كانت الاصنام جميعها أو أغلبها معظَّمة عند العرب ، يتقربون عندها بالذبائح ويقرّبون لها القرابين ، وجرت عادة بعض القبائل انذاك أن تختار من بين أفرادها كل سنة شخصاً في مراسيم خاصة ثم تذبحه عند أقدام اصنامها ، وتقبر جسده على مقربة من المذبح.
    هذا العرض المختصر يكشف لنا كيف أن ارض الجزيرة العربية برمتها كانت قد اصبحت مسرحاً للاصنام ومستودعاً ضخماً للاوثان ، وكيف تحولت هذه البقعة من العالم ببيوتها وازقتها وصحاريها وحتّى بيت اللّه المحرم كانت قد تحولت إلى مخزن للنُصُب المؤلَّهة ، والتماثيل المعبودة ، ويتجلى هذا الأمر من قول شاعرهم الّذي اسلم وراح يستنكر ما كان عليه من عبادة الاصنام المتعددة الخارجة عن الاحصاء والعدّ ، إذ قال :
أَرَبّا واحِداً أمْ ألف رَب عَزلتُ اللاتَ والعزى جميعاً فلا عُزّى أدين ولا ابنتيها ولا غنماً أزورُ وكان ربّاً ولكن أعبدُ الرحمان رَبِّي أدينُ إذا تقسَّمَتِ الاُمورُ كذلك يَفعَلُ الجَلِدُ الصَبُور ولا صَنَميْ بني عمرو أزُورُ لنا في الدهر إذ حلمي يسيرُ لِيَغْفِرَ ذَنبِي الربُّ الغفُورُ (1)
    وقد حدثت بسبب الاختلاف والتعددية في عبادة الاصنام والاوثان المؤلَّهة السخيفة الباطلة ، تناقضاتٌ ، وصراعاتٌ ، وحروب ومناحرات ، قد جرّت بالتالي ويلات ومآس وخسائر مادية ومعنوية كبرى على تلك الجماعة المتوحشة ، الضالة.
1 ـ بلوغ الارب في معرفة أحوال العرب : ج 2 ، ص 249 و جاء البصير.

(56)
    عقيدة العرب حول حالة الإنسان بعد الموت :
    وعن مصير الإنسان وحالته ما بعد الموت هذه المشكلة الفلسفية العويصة كانت رؤية العرب ونظرتهم تتلخص في ما يلي :
    عند ما يموت الإنسان تخرج روحه من جسده على هيئة طائر شبيه بالبوم يسمى عندهم ب‍ « الهامّة والصدى » ثم يبقى هذا الطائر قريباً من جسد الميت ينوح نوحاً مقرحاً وموحشاً ، وعند ما يوارى الميت يبقى هذا الطائر مقيماً عند قبره إلى الابد !
    وربما وقفَ على جدار منزل الميت أحياناً لِتَسقُّطِ أخبار عائلته والاطلاع على أحوالهم !!
    قال شاعرهم في ذلك :
سُلِّطَ المُوتُ والمنونُ عليهم فَلَهم في صدى المقابر هامُ
    وإذا كان المرء قدمات بموتَة غير طبيعية كما لو قُتِلَ ـ مثلا ـ فإنَ ذلك الحيوان ينادي باستمرار : « اسقوني ... اسقوني » اي اسقوني بسفك دم القاتل واراقته ؛ ولا يسكن عن هذا النواح والنداء الخاص الابعد الانتقام والثأر من قاتله.
    قال احدهم في ذلك :
فياربّ إنْ أهلَكْ ولم تُروَهامتي بِلَيلي اَمُتْ لا قَبرَ أَعطَشَ مِن قَبري (1)
    من هنا بالضبط تتجلى الحقيقة للقارئ ويعلم جيداً كيف أن تاريخ العرب ما قبل الإسلام وتاريخهم ما بعد الإسلام ما هو الاّ تاريخان على طرفي نقيض :
    فذلك تاريخ جاهلية ، ووثنية وإجرام ، وهذا تاريخ علم ووَحدانية وانسانية وايمان ، وشتان ما بين وأد البنات ، وبين رعاية الايتام ، وبين السلب والنهب والاغارة وبين المواساة والايثار ، وبين عبادة الاوثان والاصنام الصماء العمياء
1 ـ بلوغ الارب : ج 2 ، ص 311 و 312.

(57)
والتقرب إلى اللّه الواحد القادر.

    الآداب مرآة آداب الشعوب ونفسياتها :
    المخلَّفاتُ الفكرية والثقافية ، وما يتركه أيُ شعب من الشعوب من قصص وحكايات افضل وسيلة للتعرف على خلفياته النفسية والأخلاقية ، ذلك لأنّ الآداب بما فيها الشعرُ والقصةُ ، والخطبةُ والحكايةُ ، والمثلُ والكنايةُ مرآة صادقةٌ تعكس المستوى الفكري لأيّة جماعة ، وتعتبرُ خير مقياس لتمدّنها ، وحضاراتها ، وأفكارها ونفسياتها ، تماماً كما تحكي اللوحاتُ الفنيةُ عن حياة عائلة ، أو منظر طبيعي جميل ، أو اجتماعات صاخبة ، أو مشاهدَ قتالية.
    إنَ القصائد والأَمثال العَربية الّتي كانت رائجة آنذاك تستطيع ـ قبل كل شيء ـ أن تكشف عن الوجه الحقيقي لتاريخهم ونمط حياتهم وسلوكهم ، ولهذا السبب لا يجوز لأي مؤرخ واقعي يسعى إلى الحصول على صورة كاملة عن تاريخ شعب من الشعوب أن يتجاهل التركة الفكرية والأدبية والثقافية لذلك الشعب سواء أكان شعراً أم نثراً ، أمثالا أم حكماً ، قصصاً أم أساطير.
    ومن حسن الحظ أنّ مؤرخي الإسلام اثبتوا وسجلوا باتقان ما اُثِرَ من العرب ممّا يرتبط بآدابهم في العصر الجاهلي بقدر ما اُتيحَ لهم ذلك.
    وقد كان ابو تمام « حبيب بن اويس » ( المتوفى عام 231 هجرية ) والّذي يُعتبر من كبار أُدباء الشيعة ، وله قصائد رائعة في مدح آل الرسول ، ممن اعتنى عناية بالغة بهذه الناحية ، حيث جَمع في كتاب واحد طائفة كبيرة جداً من الشعر الجاهلي مفصلة في عشرة أبواب هي :
    1 ـ الحماسة.
    2 ـ المراثي.
    3 ـ الادب.
    4 ـ النسيب.
    5 ـ الهجاء.


(58)
    6 ـ الاضافات.
    7 ـ الصفات.
    8 ـ السير.
    9 ـ المُلَح.
    10 ـ مذمة النساء.
    وقد تناولَ هذا الديوان التاريخيُ القيم عددٌ كبيرٌ من أُدباء المسلمين وعلمائهم بشرح ابياته ، وتفسير غوامضها ، وبيان اغراضها ، ومقاصدها.
    كما ترجم أصلُ الديوان إلى لغات اجنبية عديدة جاء ذكر طائفة منها في كتاب « معجم المطبوعات » (1).

    مكانة المرأة عند العرب الجاهلية :
    إن الباب العاشر من هذا الديوان خير وسيلة لمعرفة ما كانت عليه المرأة في العصر الجاهلي من الحرمان ، وأقوى دليل على أنها كانت تعيشُ ـ في ظل ذلك العهد ـ في أسوأ الحالات وأشد الظروف واتعسها.
    هذا مضافاً إلى أن الآيات القرآنية الّتي تنزلت وهي تشجبُ بعنف معاملة الجاهلين للعنصر النسائي ، وقسوتهم على الاُنثى ، هي الاُخرى افضل شاهد على مدى الانحطاط الاخلاقي والتدهور السلوكي الّذي انحدروا إليه في هذا المجال.
    إن القرآن الكريم يصف عادة وأد البنات بقوله : « وإذا الموؤدة سُئلت » (2) أي ليسئل يوم القيامة عن البنات اللاتي وُئدن وهنّ أحياء.
    إن القرآن الكريم بهذه العبارة الموحية إنما يتحدث ـ في الحقيقة ـ عن عادة وأدالبنات بمرارة ، ويشجبها بشدة حتّى أنه يعتبرها جريمة نكراء لا تمر ـ في الآخرة ـ بدون حساب شديد ، وسؤال خاص.
1 ـ معجم المطبوعات : ص 297 ، وقد اشتهر هذا الديوان ببابه الأول : « الحماسة » فسمي ديوان الحماسة.
2 ـ التكوير : 8.


(59)
    حقاً انه لأمرٌ يكشف عن مدى القسوة الّتي كان عليها قلوبُ الجماعة.
    إنها قسوة تغشى كل عواطف المرء فلا يعود يسمع معها نداء الضمير ، ولا يحسُّ معها بوخز الوجدان ، انه لا يعود يسمع معها حتّى صراخ بنته الجميلة البريئة ، واستغاثاتها المؤلمة وهي ترى باُم عينيها حفيرتها ، وتحس بيدي والدها القاسي ، وهو يدفعها إلى تلك الحفرة ويدفنها حية !
    إنها قسوة تكشف عن أسوأ وأحطّ درجات الانحطاط الخلقي ، والتقهقر الإنساني.
    وبنو تميم هي أول قبيلة اقدمت على هذه الجريمة النكراء ، وكان السبب أن « بني تميم » أمتنعوا من دفع ضريبة الاتاوة الّتي كانت عليهم إلى الملك ، فجرّد اليهم النعمان بن المنذر حاكم العراق آنذاك جيشاً كبيراً لضرب هذا التمرد ، وانتصر على « بني تميم » في المآل وغنم منهم الغنائم وسبى منهم الفتيات والنساء ، فوفدت وفود « بني تميم » على النعمان بن المنذر وكلّموه في الذراري والنساء ، فحكم النعمان بان يجعل الخيار في ذلك إلى النساء ، فأية امرأة اختارت زوجَها ردّت عليه ، فاختلَفْنَ في الخيار ، فاختار بعضهُنَّ العودة إلى الاهل والاباء ، واختارت بنتٌ لقيس بن عاصم سابيها على زوجها مما أثار هذا الموقف والاختيار غيظ والدها العجوز « قيس بن عاصم » فنذرَ من ذلك الحين أنْ يدسَ كلَ بنت تُولَد له. وهكذا سنّ لقومه الوأد ، واخذت بقية القبائل بهذه العادة البغيضة الوحشية إرضاءً لغيرتهم وظلّوا يمارسونها اعواماً متمادية (1).
    واليك واحدة من القصص المأساوية في هذا المجال :
    قيل لماوفد « قيس بن عاصم » على رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم سأله بعض الانصار عما يتحدث به في الموؤدات ، فاخبر انه ما ولدت له بنت إلاّ وأدها ، قال : كنتُ اخاف العار وما رحمتُ منهنَ إلاّ بُنيّة كانت ولدتها اُمها وأنا في سفر ، فدفعتها إلى أخواتها ، وقدمت أنا من سفري فسألتها عن الحمل ، فاُخبِرت أنها
1 ـ بلوغ الارب في معرفة أحوال العرب : ج 3 ، ص 42 و 43.

(60)
ولَدت ولداً ميتاً ، وكتمتْ حالها ، حتّى مضت على ذلك سنونٌ ، وكبرت الصبية ، وينعت ، فزارت اُمها ذات يوم ، فدخلتُ فرأيتها وقد ضفرت شعرها وجعلت في قرونها جداداً ونظمت عليها ودعاً ، والبستها قلادة من جزع فقلت لها : من هذه الصبية ؟ وقد اعجبني جمالها فبكت اُمها ، وقالت : هذه ابنتك ، فامسكتُ عنها حتّى غفلتْ اُمها ثم اخرجتها يوماً فحفرتُ لها حفرة وجعلتها فيها وهي تقول : يا ابت ما تصنع ؟ أخبرني بحقك !! وجعلتُ اُقلّب عليها التراب ، وهي تقول : أنت مغط عليَّ بهذا التراب ، أنت تاركي وحدي ، ومنصرفٌ عني ، وجعلتُ اقذفُ عليها حتّى واريتها ، وانقطع صوتُها ، فتلك حسرتها في قلبي ، فَدَمعتْ عينا رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم وقال : « إن هذه لقسوة ، ومن لا يَرحَم لا يُرحَم » (1).
    وقد ذكر ابن الاثير في كتابه « اُسد الغابة » في مادة : قيس : ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم سأل قيساً عن عدد البنات اللاتي وأدهنَّ في الجاهلية : فاجاب قيسٌ بانه وأد اثنتي عشرة بنتاً له (2).
    ورُوي عن ابن عباس أنه قال : كانت الحامل إذا قَربت ولادتها حفرت حفرة فمخضت على رأس تلك الحفرة ، فاذا ولدت بنتاً رمت بها في الحفرة وإذا ولدت ولداً حبسته (3).

    المرأة ومكانتها الاجتماعية عند العرب :
    كانت المرأة عندهم تباع وَتُشترى كالمتاع ، وكانت محرومة من جميع الحقوق الاجتماعيّة والفردية ، حتّى حق الارث.
    وقد كان المثقفون من العرب يعُدُّون النساء من الحَيوانات ، ولهذا كانوا يعتبرونهن جزءً من أثاث البيت ويعاملونهن معاملة الرياش والفراش حتّى سار
1 ـ حياة محمَّد : تأليف محمَّد علي سالمين ، ص 24 و 25.
2 ـ راجعُ اسد الغابة : ج 4 ، ص 220 ، وجاء في بلوغ الارب في معرفة أحوال العرب : ج 3 ، ص 43 أنه وأد بضع عشرة بنتاً.
3 ـ بلوغُ الارب : ج 3 ، ص 43.
سيد المرسلين صلى الله عليه وآله وسلم ـ الجزء الأوّل ::: فهرس