تنقيح المقال ـ الجزء الثاني عشر ::: 136 ـ 150
(136)
إن شاء الله تعالى (1).
ليس للعيب منها مساغ ، والحمد لله ، فافهم المثل يرحمك الله فإنّك والله أحبّ الناس إليّ ، وأحبّ أصحاب أبي (ع) حيّاً وميّتاً ، فإنّك أفضل سفن ذلك البحر القمقام الزاخر ، وإنّ من ورائك ملكاً ظلوماً غصوباً يرقب عبور كلّ سفينة صالحة ترد من بحر الهدى ، ليأخذها غصباً ثمّ يغصبها وأهلها ، ورحمة الله عليك حيّاً ورحمته ورضوانه عليك ميّتاً ، ولقد أدّى إليّ أبناك الحسن والحسين رسالتك حاطهما الله وكلأهما ورعاهما وحفظهما بصلاح أبيهما كما حفظ الغلامين ، فلا يضيقنّ صدرك من الّذي أمرك أبي عليه السلام وأمرتك به ، وأتاك أبو بصير بخلاف الّذي أمرناك به ، فلا والله ما أمرناك ولا أمرناه إلاّ بأمر وسعنا ووسعكم الأخذ به ، ولكلّ ذلك عندنا تصاريف ومعان توافق الحقّ ، ولو أذن لنا لعلمتم أنّ الحقّ في الّذي أمرناكم به ، فردّوا إلينا الأمر ، وسلّموا لنا ، واصبروا لأحكامنا وارضوا بها ، والّذي فرّق بينكم فهو راعيكم الّذي استرعاه الله خلقه ، وهو أعرف بمصلحة غنمه في فساد أمرها ، فإن شاء فرّق بينها لتسلم ، ثمّ يجمع بينها لتأمن من فسادها وخوف عدوّها في آثار ما يأذن الله ، ويأتيها بالأمن من مأمنه ، والفرج من عنده ، عليكم بالتسليم والردّ إلينا ، وانتظار أمرنا وأمركم ، وفرجنا وفرجكم ، ولو قد قام قائمنا وتكلّم متكلّمنا ثمّ استأنف بكم تعليم القرآن ، وشرائع الدين والأحكام والفرائض كما أنزله الله على محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم لأنكر أهل البصائر فيكم ذلك اليوم إنكاراً شديداً ، ثمّ لم تستقيموا على دين الله وطريقه إلاّ من تحت حدّ السيف فوق رقابكم ، إنّ الناس بعد نبيّ الله [ صلّى الله عليه وآله وسلّم ] ركب الله به سنّة من كان قبلكم فغيّروا ، وبدّلوا ، وحرّفوا ، وزادوا في دين الله ونقصوا منه ، فما من شيء عليه الناس اليوم إلاّ وهو منحرف عمّا نزل به الوحي من عند الله ، فأجب رحمك الله من حيث تدعى إلى حيث تدعى ، حتى يأتي من يستأنف بكم دين الله استينافاً ، وعليك بالصلاة الستّة والأربعين .. ».
    أقول : وهذه الصحيحة توضح وجهة نظر الإمام عليه السلام في تنقيص المترجم وغيره من أمثاله ، وحينئذ كل ما ورد في ذمه وتنقيصه لا يعبأ به ، ولقد نقلنا الحديث الشريف بطوله ليقف طالب الحق على ما تضمّن هذا الحديث على مقاطع مهمة جداً ، ويعلم صحة ما ذكرناه في وجه الروايات الذامة لمثل المترجم ولزرارة ونظائرهما.
1 ـ اعترض بعض المعاصرين في قاموسه 2/168 على المؤلّف قدّس سرّه بقوله : أقول :


(137)
    وقد تلخّص ممّا ذكرنا كلّه : إنّ الرجل في غاية الجلالة ، ونهاية النباهة ، ومنتهى الثقة ، وفّقنا الله تعالى للبلوغ إلى مراتبهم ، ونيل درجاتهم ، آمين يا ربّ العالمين.
    التمييز :
    ميّزه الكاظميّ في المشتركات (1) برواية عليّ بن عقبة بن خالد الأسديّ ، وعمر بن أذينة ، وهشام بن سالم ، وأبان بن عثمان ، ويحيى بن عمران الحلبيّ ، وحريز ، والقسم [ القاسم ] بن عروة ، وحضير (2) الصيرفي ، وجميل بن صالح ، والحارث بن محمّد بن النعمان الأحول ، وعليّ بن رئاب ، وأيّوب بن الحرّ ، وأبي أيّوب ، و (3) إبراهيم بن عثمان ، عنه.
    وزاد في جامع الرواة (4) نقل رواية داود بن فرقد ، والحكم وإسماعيل ابني حبيب ، ومروان بن مسلم ، ويونس بن عبد الرحمن ، وابن بكير ، والحرث
لم يرو ( كش ) جميع هذه الأخبار في بريد ولا ترتيبها ، بل روى الثلاثة الأولى من المدح أوّلاً بالترتيب ، ثمّ ثلاثة الذمّ بجعل الأوّل ثانياً ثمّ روى الرابع من المدح في آخر ترجمته ، وروى الخامس في أبي جعفر الأوّل ، والسادس في أبي بصير ليث ، والسابع والثامن والتاسع في زرارة.
    وهذا الاعتراض غريب جداً ، وذلك أنّه متى قال المؤلّف قدّس سرّه إنّه كلّما يرويه فهو في ترجمة بريد أو أنّه التزم أنّه لا ينقل إلاّ على ترتيب ما ذكره الكشّي ، ومتى التزم أحد بذلك ، نعم الّذي يجب عليه وعلى كلّ من ينقل ويروي أن لا يروي إلاّ نصّ الرواية بلا زيادة ونقصان وفي المحل المناسب لها ، وعلى كلّ حال فالاعتراض ساقط بل واه.
1 ـ هداية المحدّثين : 4 ، باختلاف يسير أشرنا لبعضه.
2 ـ في المشتركات : وخضر ، وهو الصواب.
3 ـ لا توجد الواو في المصدر ، وهو الظاهر ، حيث إنّ كنية إبراهيم بن عثمان هي : أبو أيّوب ، فراجع.
4 ـ جامع الرواة 1/117.


(138)
[ الحارث ] بن أبي رسن ، وإسماعيل بن سهل ، وأيّوب بن الحرّ ، وعبد الله بن المغيرة ، وأبي أيوّب الخزّاز ، وربعي بن عبد الله ، والحسين بن المختار ، وصفوان ، وابن أبي عمير ، وهارون بن مسلم ، وغالب بن عثمان ، ودرست بن أبي منصور ، عنه.
    وبروايته عن الباقر عليه السلام والحسين بن موسى ، وعمر بن يزيد ، وثعلبة ابن ميمون ، وحمّاد بن عثمان ، وأبي الحسن الشامي ، وأبي سليمان الحمّاد (1) (*).

    [ الترجمة : ]
    لم أقف فيه إلاّ على عدّ الشيخ رحمه الله (2) إيّاه من أصحاب الصادق
1 ـ جاء في المصدر : الحمّار ـ بالراء ـ.
    أقول : هؤلاء الستة رووا عن المترجم لا أنّه روى عنهم ، فلاحظ جامع الرواة وغيره ..
(*)
حصيلة البحث
    ممّا لا ريب فيه أنّ المترجم في أعلى درجات الوثاقة والجلالة ، وقربه من أئمّة الهدى عليهم السلام ، وقد امتاز بفضائل ومميزات قلّ من حازها من الرواة ، فهو عندي ثقة ثقة ، ورواياته صحاح من جهته ، في أعلى درجات الصحّة ، والروايات الذامّة ليست إلاّ لحقن دمه من طواغيت زمانه ، فرضوان الله ورحمته وبركاته على روحه ، وحشرنا الله جلّ وعزّ معه ، وفي زمرة مواليه أئمّة الهدى عليهم أفضل الصلاة والسلام.
(o)
مصادر الترجمة
    رجال الشيخ : 158 برقم 61 ، مجمع الرجال 1/256 ، جامع الرواة 1/119.
2 ـ رجال الشيخ : 158 برقم 61 ، وذكره القهبائي في مجمع الرجال ، والأردبيلي في جامع الرواة ، وجمع آخر نقلاً عن رجال الشيخ بلا زيادة.


(139)
عليه السلام وقوله : كوفي.
    وظاهره كونه إماميّاً ، إلاّ أنّ حاله مجهول (*).
(*)
حصيلة البحث
    لم أهتدِ إلى ما يوضّح حال المترجم فهو مجهول الحال.

    جاء بهذا العنوان في بحار الأنوار 43/276 حديث 47 بسنده : .. عن الحسين بن علي بن عفّان ، عن بريد بن هارون ، عن حميد ..
    ولكن في أمالي المفيد : 78 حديث 3 : يزيد بن هارون ، وهو الصحيح.
حصيلة البحث
    المعنون إن كان بريد ، فهو ممّن لم يذكره أعلام الجرح والتعديل ، فهو مهمل.

    مرّ قريباً مستدركاً تحت عنوان : بريد بن كلثمة كونه نسخة فيه ، فراجع.

    جاء في علل الشرائع : 541 باب 328 حديث 1 بسنده : .. عن ابن


(140)

أبي عمير ، عن ابن اُذينة ، عن بريدة ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، وفي الكافي 7/361 باب القسامة حديث 4 بسنده : .. عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن اُذينة ، عن بريد بن معاوية ، عن أبي عبد الله عليه السلام .. ومتن الحديث فيهما واحد ، ومثله سنداً ومتناً في التهذيب 10/166 ، باب البيّنات على القتل حديث 661 ، وفي بحار الأنوار 104 باب القسامة حديث 3 مثل ما تقدم سنداً ومتناً إلاّ أنّ فيه : عن بريد ، والأمالي للشيخ الطوسي 1/260 بسنده : .. قال حدّثنا نضر بن خليفة وبريد بن معاوية العجلي و23 بسنده : .. عن جميل بن صالح ، عن بريد بن معاوية العجلي ، وبصائر الدرجات : 222 الجزء الخامس حديث 9 بسنده : .. عن ابن داود ، عن بريدة قال : كنت جالساً ..
حصيلة البحث
    المعنون إذا كان هو : بريد بن معاوية العجلي الثقة فهو المترجم في المتن ، وإلاّ كان بريدة هذا مهملاً ، والظاهر أنّ الصحيح : بريد بن معاوية ؛ لأنّ متن الحديث وسنده واحد ، فتدبّر.

    جاء في الخرائج والجرائح : 84 ـ 85 [ الطبعة المحقّقة 2/867 ـ 868 حديث 84 ] ، وبصائر الدرجات : 127 حديث 3 بسنده : .. عن أبي داود السبعي ، عن بريدة الأسلمي ، عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ..
    وكذلك في الخصال : 464 ، وخصائص الأئمّة للشريف الرضي : 67 ، وروضة الواعظين : 107 ، ومختصر البصائر : 18 و 69.
حصيلة البحث
    المعنون ممّن لم يتضّح حاله.


(141)
    الضبط :
    بُرَيْدَة : بضمّ الباء الموحّدة ، وفتح الراء المهملة ، وسكون الياء المثنّاة من
(o)
مصادر الترجمة
    رجال الشيخ : 10 برقم 21 ، الخلاصة : 27 برقم 2 ، التكملة 1/222 ، مجمع الرجال 1/256 ، جامع الرواة 1/119 ، نقد الرجال : 54 برقم 1 [ المحقّقة 1/269 برقم ( 682 ) ] ، رجال ابن داود : 67 برقم 230 ، منتهى المقال : 64 [ المحقّقة 2/136 برقم ( 437 ) ] ، منهج المقال : 67 [ المحقّقة 3/23 برقم ( 747 ) ] ، توضيح الاشتباه : 75 برقم 290 ، معجم رجال الحديث 3/288 برقم 1678 ، رجال السيّد بحر العلوم 2/128 ، ملخّص المقال في قسم الحسان ، الدرجات الرفيعة : 400 ، رجال البرقي : 2 ، رجال الكشّي : 38 برقم 78 ، الخصال للشيخ الصدوق 4612 ، بحار الأنوار 43/192 ، الإرشاد للشيخ المفيد : 74 [ المحقّقة 1/47 ] ، حاوي الأقوال 3/330 برقم 1944 [ المخطوط : 233 برقم ( 1353 ) ] ، دراية الشهيد : 131 طبعة النجف الأشرف ، الوجيزة : 146 [ رجال المجلسي : 167 برقم ( 271 ) ] ، تعليقة الوحيد المطبوعة على هامش منهج المقال : 67 [ المحقّقة 3/23 برقم ( 280 ) ] ، إتقان المقال : 166 .. وغيرها من كتب الخاصّة ، ومن العامّة الاستيعاب 1/69 برقم 218 ، الإصابة 1/150 برقم 632 ، لسان الميزان 1/432 برقم 797 ، طبقات ابن سعد 4/241 ، دول الإسلام للذهبي : 47 ، تهذيب الأسماء واللغات 1 / 133 ، تقريب التهذيب 1/96 برقم 29 ، شرح النهج لابن أبي الحديد أكثر من مورد ، اُسد الغابة 1/175 ، المستدرك للحاكم 3/110 ، حلية الأولياء 4/23 ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : 48 ، أسنى المطالب للجزري : 3 ، الجامع الصغير 3/555 ، كنز العمّال 6/397 ، تفسير المنار 6/464 ، مفتاح النجا ونزل الأبرار : 20 ، تهذيب التهذيب 1/432 برقم 797 ، شذرات الذهب 1/70 ، خلاصة تذهيب تهذيب الكمال : 47 ، تاريخ الخلفاء : 210 ، الكاشف


(142)
تحت ، والدال المهملة المفتوحة بعدها الهاء.
    وفي الخلاصة (1) : بغير هاء ، والظاهر أنّه من سهو الناسخ.
    والخَضِيْب : بالخاء المعجمة المفتوحة ، والضاد المعجمة المكسورة ، والياء المثنّاة من تحت الساكنة ، والباء الموحّدة (2).
    وقد مرّ (3) ضبط الأسلميّ في ترجمة : إبراهيم بن أبي حجر.
    وضبط الخزاعي في ترجمة : إبراهيم بن عبد الرحمن (4).
    الترجمة :
    قد عدّه الشيخ رحمه الله (5) تارة من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وآله
1/152 برقم 561 ، النجوم الزاهرة 1/157 ، العبر 661 ، مرآة الجنان 1/137 ، مشكاة المصابيح 3/614 برقم 77 ، تاريخ الثقات للعجلي : 79 برقم 142 ، ثقات ابن حبّان 3/29 ، الجمع بين رجال الصحيحين : 61 برقم 233 ، الأعلام 2/22 .. وغيرها.
1 ـ الخلاصة : 27 برقم 2.
2 ـ اختلفت كلمات الأعلام في ضبط ( خصيب ) ، ففي رجال الشيخ ، والتكملة ، وملخّص المقال باب قسم الحسان : بريدة الحصيب ، وفي مجمع الرجال ، وجامع الرواة ، ونقد الرجال ، ورجال ابن داود ، ومنهج المقال .. وغيرهم ذكروه بعنوان : بريدة بن الخضيب ـ بالخاء المنقّطة من فوق والضاد المعجمة ـ ولكن في الاستيعاب ، وتقريب التهذيب ، والإصابة ، وطبقات ابن سعد 4/241 ، ورجال السيّد بحر العلوم 2/128 ، والدرجات الرفيعة ، وتوضيح الاشتباه : 75 برقم 290 ضبطوها بالحاء والصاد المهملتين.
    وأمّا بريدة ؛ ففي توضيح الاشتباه بضم الباء وفي آخر الكلمة هاء فيكون العنوان هكذا : بريدة بن الحُصيب ـ بالمهملتين ـ مصغّراً ، وفي معجم رجال الحديث قال : بريدة الخصيب ـ بالخاء المعجمة من فوق ، والصاد المهملة ـ ، ومثله في دول الإسلام للذهبي : 47 ( لسنة 61 ) ، وفي تهذيب الأسماء واللغات 1/133 برقم 81 : بريدة بن الحصيب .. إلى أن قال : بضمّ الحاء المهملة.
3 ـ في صفحة : 220 من المجلّد الثالث.
4 ـ في صفحة : 132 من المجلّد الرابع.
5 ـ رجال الشيخ : 10 برقم 21.


(143)
وسلّم بقوله : بريدة بن الخضيب الأسلمي ، وقيل : أبو الخضيب. انتهى
    واُخرى (1) من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام بقوله : بريدة بن الخضيب الأسلميّ الخزاعيّ مدنيّ وعربيّ. انتهى.
    وقال بحر العلوم (2) : إنّه يقال له : أبو سهل صاحب لواء (3) ، وأسلم حين اجتاز (4) النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم مهاجراً إلى المدينة ، وشهد خيبراً ، وأبلى فيه (5) بلاءً حسناً وشهد الفتح مع النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ، واستعمله النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم على صدقات قومه ، سكن المدينة ، ثمّ انتقل إلى البصرة ، ثمّ إلى مرو ، وتوفّي فيها (6) سنة ثلاث وستّين ، وكان آخر من مات من الصحابة [ بخراسان ].
    وقد عدّه الفضل بن شاذان من السابقين الّذين رجعوا إلى أمير المؤمنين عليه السلام على ما رواه الكشي (7) عنه.
1 ـ رجال الشيخ : 35 برقم 1.
2 ـ رجال السيّد بحر العلوم 2/128.
    وعدّه البرقي في رجاله : 2 من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم.
3 ـ في رجال بحر العلوم : صاحب لواء أسلم.
4 ـ في رجال بحر العلوم : حين أسلم اجتاز به النبيّ .. بدلاً من قوله : وأسلم حين اجتاز.
5 ـ كذا ، وفي المصدر : فيها ، وهو الظاهر.
6 ـ في رجال السيّد بحر العلوم : بها ، بدلاً من : فيها.
7 ـ رجال الكشّي : 38 برقم 78.
    قال : .. وقال أيضاً : [ أي : الفضل بن شاذان ] : إنّ من السابقين الّذين رجعوا إلى أمير المؤمنين عليه السلام أبو الهيثم بن التيهان ، وأبو أيّوب ، وخزيمة بن ثابت ، وجابر ابن عبد الله ، وزيد بن أرقم ، وأبو سعيد الخدري ، وسهل بن حنيف ، والبراء بن مالك ، وعثمان بن حنيف ، وعبادة بن الصامت ، ثمّ ممّن دونهم قيس بن سعد بن عبادة ، وعديّ ابن حاتم ، وعمرو بن الحمق ، وعمران بن الحصين ، وبريد الأسلمي .. وبشرٌ كثير.


(144)
    ويشهد به ما روي (1) من أنّه : لما سمع بفوت النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ وكان في قبيلته ـ أخذ رايته فنصبها على باب بيت أمير المؤمنين عليه السلام ،
1 ـ قال السيّد بحر العلوم قدّس سرّه في رجاله 2/130 : وحكي أنّه لمّا توفي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم كان بريدة في قومه ، فأقبل برايته إلى المدينة ، ونصبها على باب دار أمير المؤمنين عليه السلام ، ثمّ إنّ القوم خوّفوه وهدّدوه فبايع أبابكر مكرهاً.
    وفي الدرجات الرفيعة : 403 ( طبعة النجف الأشرف ) ، قال : وفي مناقب ابن شهرآشوب جاء بريدة حتّى ركّز رآيته في وسط أسلم حتّى قال : لا أبايع حتّى يبايع عليّ (ع) ، فقال عليّ : « يا بريدة ! ادخل فيما دخل فيه الناس ، فإنّ اجتماعهم أحبّ إليَّ من اختلافهم اليوم ».
    أقول : كان بريدة هذا صاحب لواء اُسامة بن زيد أمير الجيش. قال ابن أبي الحديد في شرح النهج 1/160 في وفاة النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم : وثقل رسول الله صلّى الله عليه وآله ، واشتدّ ما يجده ، فأرسل بعض نسائه إلى اُسامة وبعض من كان معه ، يعلمونهم ذلك ، فدخل اُسامة من معسكره والنبيّ صلّى الله عليه وآله مغمور .. إلى أن قال : فتطأطأ اُسامة عليه فقبّله ، ورسول الله صلّى الله عليه وآله وقد أسكت فهو لا يتكلّم ، فجعل يرفع يديه إلى السماء ثمّ يضعهما على اُسامة كالداعي له ، ثمّ أشار إليه بالرجوع إلى عسكره ، والتوجّه لما بعثه فيه ، فرجع اُسامة إلى عسكره ، ثم أرسل نساء رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إلى أسامة يأمرنه بالدخول ، ويقلن : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله قد أصبح بارئاً ، فدخل اُسامة من معسكره يوم الاثنين ، الثاني عشر من شهر ربيع الأوّل فوجد رسول الله صلّى الله عليه وآله مفيقاً ، فأمره بالخروج وتعجيل النفوذ ، وقال : « اغد على بركة الله » ، وجعل يقول : « أنفذوا بعث أسامة » ويكرّر ذلك ، فودّع رسول الله صلّى الله عليه وآله ، وخرج ومعه أبو بكر وعمر ، فلمّا ركب جاءه رسول اُمّ أيمن ، فقال : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله يموت فأقبل ومعه أبوبكر وعمر وأبوعبيدة ، فانتهوا إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله حين زالت الشمس من هذا اليوم ، ـ وهو يوم الاثنين ـ وقد مات ، واللواء مع بريدة بن الحصيب ، فدخل باللواء فركزه عند باب رسول الله صلّى الله عليه وآله وهو مغلق وعليّ عليه السلام وبعض بني هاشم مشتغلون بإعداد جهازه وغسله.
    ومن هنا يتّضّح أنّ المترجم كان صاحب لواء اُسامة ، وبيده الراية العظمى الّتي نصبها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم.


(145)
فقال عمر : الناس اتّفقوا على بيعة أبي بكر ، ما لك تخالفهم ؟! قال : لا أبايع غير صاحب هذا البيت.
    وما روي (1) عن حذيفة ، قال : خرج بريدة إلى بعض طريق الشام ، ورجع وقد قبض رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وبايع الناس أبابكر ، فأقبل بريدة فدخل المسجد ـ وأبوبكر على المنبر ، وعمر دونه بمرقاة ـ فناداهما من ناحية المسجد : يا أبابكر ! ويا عمر ! فقالا : يا بريدة ! أجننت ؟! فقال لهما : والله ما جننت ، لكن أين سلامكما بالأمس على عليّ بن أبي طالب عليه السلام بإمرة المؤمنين؟! فقال أبو بكر : الأمر يحدث بعده الأمر ، وإنّك غبت وشهدنا والشاهد يرى ما لم يره الغائب. فقال لهما : رأيتما ما لم يره الله ولا رسوله ، وفى لك صاحبك بقوله : لو فقدنا محمّداً (ص) لكان هذا تحت أقدامنا ، إلاّ أنّ المدينة حرام عليَّ أن أسكنها أبداً حتّى أموت (2).
1 ـ بحار الأنوار 28/93 ، الدرجات الرفيعة : 293.
2 ـ أقول : إنكار بريدة بن الحصيب على أبي بكر جلوسه على عرش الخلافة رواه جمع بعبارات متقاربة ، فالصدوق قال في الخصال 2/461 ذكر اثني عشر من الصحابة الّذين أنكروا على أبي بكر جلوسه على دست الخلافة ونقل كلماتهم حتّى انتهى في صفحة : 464 إلى كلام المترجم ، فقال : ثمّ قام بريدة الأسلمي فقال : يا أبا بكر ! نسيت أم تناسيت أم خادعتك نفسك ؟! أما تذكر إذا أمرنا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فسلّمنا على عليّ بإمرة المؤمنين ونبيّنا عليه السلام بين أظهرنا ؟! ، فاتّق الله ربك ، وأدرك نفسك قبل أن لا تدركها ، وأنقذها من هلكتها ودع هذا الأمر ، ووكله إلى من هو أحقّ به منك ، ولا تماد في غيّك ، وارجع وأنت تستطيع الرجوع ، فقد نصحتك نصحي ، وبذلت لك ما عندي ، فإن قبلت وفّقت ورشدت.
    وقاله البرقي في رجاله : 63 والسيّد عليّ خان في الدرجات الرفيعة : 403 ( طبعة النجف الأشرف ) .. وغيرهم.


(146)
    فخرج بريدة بأهله وولده فنزل بين قومه بني أسلم ، فكان يطلع في الوقت دون الوقت ، فلمّا أفضى الأمر إلى أمير المؤمنين عليه السلام سار إليه ، وكان معه حتّى قدم العراق ، فلمّا اُصيب أمير المؤمنين عليه السلام ، سار إلى خراسان فنزلها ولبث هناك إلى أن مات.
    وعن الأربعين في إمامة الأئمّة الطاهرين (1) ، مسنداً عن الثقفي ، عن الكناني ، عن المحاربي ، عن الصادق عليه السلام : « إنّ بريدة قدم من الشام وقد بويع لأبي بكر ، فقال له : أنسيت تسليمنا على عليّ (ع) بإمرة المؤمنين واجبة من الله ورسوله (ص) ؟ ». قال : إنّك غبت وشهدنا ، وإنّ الله يحدث الأمر بعد الأمر ، ولم يكن ليجمع لأهل هذا البيت النبوّة والملك *.
    وفي رواية الثقفي والسدّي أنّ عمر قال : إنّ النبوّة والإمامة لا تجتمع في بيت واحد. فقال بريدة : « أمْ يَحْسُدُونَ الناسَ عَلى ما آتيهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ
    وفي قول المترجم له : ( نسيت أم تناسيت ) كأنّه يشير بقوله هذا إلى ما رواه الكشّي في رجاله : 94 برقم 148 بقوله : وبهذا الإسناد عن أبان ، عن فضيل الرسّان ، عن أبي داود قال : حضرته عند الموت وجابر الجعفي عند رأسه ، قال : فهمّ أنّ يحدّث فلم يقدر ، قال : ومحمّد بن جابر أرسله ، قال : فقلت : يا أبا داود ! حدّثنا الحديث الذي أردت. قال : حدّثني عمران بن حصين الخزاعيّ أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أمر فلاناً وفلاناً أن يسلّما على عليّ [ عليه السلام ] بإمرة المؤمنين ، فقالا : من الله ومن رسوله ؟ ثمّ أمر حذيفة وسلمان فسلّما ، ثمّ أمر مقداد فسلّم ، وأمر بريدة أخي ـ وكان أخاه لأمّه ـ فقال : « إنكم سألتموني من وليّكم بعدي ، وقد أخبرتكم به ، وأخذت عليكم الميثاق ، كما أخذ الله تعالى على بني آدم : ( أَلَسْتُ بِرَبِّكُم قَالُوا بَلى َ ) وايم الله لئن نقضتموها لتكفرُنّ ».
1 ـ الأربعين في إمامة الأئمّة الطاهرين : 90.
* ـ في هذا اعتراف بأنّ غرضهم الملك ، لا الدين والديانة.     [ منه ( قدّس سرّه ) ].


(147)
آتَيْنا آلَ إبراهِيمَ الكِتابَ وَ الحِكْمَةَ وآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً ) (1) فقد جمع لهم ذلك.
    وممّا يشهد بجلالته ما ورد في عدّة من الأخبار من أنّه ممّن شهد دفن فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ليلا (2) ، وإنّه ممّن خرج بها مع عليّ
1 ـ سورة النساء ( 4 ) : 54.
2 ـ روى المجلسي رحمه الله في البحار 43/192 في حديث وفاة سيّدة النساء فاطمة صلوات الله عليها فقال : وخرج أبوذر ، وقال : انصرفوا فإنّ ابنة رسول الله [ صلّى الله عليه وآله وسلّم ] قد اُخّر إخراجها في هذه العشيّة ، فقام الناس وانصرفوا ، فلمّا أن هدأت العيون ، ومضى شطر من الليل ، أخرجها عليّ والحسن والحسين [ عليهم السلام ] وعمّار والمقداد وعقيل والزبير وأبوذر وسلمان وبريدة .. ونفر من بني هاشم وخواصّه ، صلّوا عليها ودفنوها في جوف الليل ، وسوّى عليّ عليه السلام حواليها قبوراً مزوّرة مقدار سبعة حتى لا يعرف قبرها.
    أقول : رحم الله القاضي أبابكر بن قريعة حيث يقول : [ كما حكاها الشيخ القمّي في الكنى والألقاب 1/388 وغيره ] :
يا من يسائل دائباً لا تكشفنَّ مغطّى ولربّ مستور بدا إنّ الجواب لحاضر لولا اعتداء رعيّة وسيوف أعداء بها لنشرت من أسرار آل تغنيكم عمّا رواه وأريتكم أنّ الحسين ولأيّ حال أُلحدت ولما حمت شيخيكم اوه لبنت محمّد عن كلّ معظلة سخيفه فلربّما كشّفت جيفه كالطبل من تحت القطيفه لكنّني اُخفيه خيفه ألقى سياستها الخليفه هاماتنا أبداً نقيعة [ خ.ل نقيفه ] محمّد جملاً طريفه مالك وأبوحنيفه أصيب من يوم السقيفه بالليل فاطمة الشريفه عن وطئ حجرتها المنيفه ماتت بغصّتها أسيفه

(148)

    أقول : وهناك هفوة من المعنون تداركها بطلب الاستغفار من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم واستغفاره له نجّاه من الهلكة ، وقد روى هذه القضيّة جماعة ؛ فبعض تفصيلاً وبعض آخر إشارة واختصاراً ، وتفصيلها برواية الشيخ المفيد في إرشاده : 74 ـ 75 [ الطبعة المحقّقة 1/160 ـ 161 ] في قضيّة إسلام عمرو بن معدي كرب ثمّ ارتداده وإغارته على قوم من بني حرث وإرسال النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم عليّاً عليه السلام في بعث إلى جعفي وإرسال خالد بن الوليد ثمّ عند التقائهما يكون أمير المؤمنين عليه السلام أميراً على الجيش أجمع وفتح المسلمين وسبيهم للنساء ، قال : وكان أمير المؤمنين عليه السلام قد اصطفى من السبي جارية ، فبعث خالد بن الوليد بريدة الأسلمي إلى النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ، وقال له : تقدّم الجيش إليه فأعلمه بما فعل عليّ عليه السلام من اصطفائه الجارية من الخمس لنفسه ، وقع فيه ، فسار بريدة حتّى انتهى إلى باب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، فلقيه عمر بن الخطاب فسأله عن حال غزوتهم ، وعن الّذي أقدمه. فأخبره أنّه إنّما جاء ليقع في عليّ عليه السلام ، وذكر له اصطفاءه الجارية من الخمس لنفسه ، فقال له عمر : امض لما جئت له ، فإنّه سيغضب لابنته ممّا صنع عليّ (ع). فدخل بريدة على النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ومعه كتاب من خالد بما أرسل به بريدة ، فجعل يقرأه ووجه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يتغيّر ، فقال بريدة : يا رسول الله ! إنّك إن رخّصت للناس في مثل هذا ذهب فيئهم ! فقال له النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم : « ويحك يا بريدة ! أحدثت نفاقاً ، إنّ عليّ بن أبي طالب (ع) يحلّ له من الفيء ما يحلّ لي ، إنّ عليّ بن أبي طالب (ع) خير الناس لك ولقومك ، وخير من اُخلّف بعدي لكافّة أمتي ، يا بريدة ! احذر أن تبغض عليّاً (ع) فيبغضك الله » ، قال بريدة : فتمنّيت أنّ الأرض انشقّت لي فسخت فيها ، وقلت : أعوذ بالله من سخط الله وسخط رسول الله ، يا رسول الله ! استغفر لي فلن أبغض عليّاً أبداً ، ولا أقول فيه إلاّ خيراً .. فاستغفر له النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم.
    أقول : استغفار رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم للمترجم صانه من الانزلاق في الفتنة الكبرى بعد النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم وأعانه على الاستقامة في الولاء لصاحب الولاية الكبرى صلوات الله وسلامه عليه ، وممّن روى هذه القضيّة ابن الأثير في اُسد الغابة 1/175 ، والسيد في الدرجات الرفيعة : 400 ، وابن أبي الحديد في شرح النهج 1709 .. وغيرهم ولكن الحاكم في المستدرك 3/110 ذكر الواقعة بصورة


(149)
وابنيه عليهم السلام ، مع أنّها كانت أوصت أن لا يشهد جنازتها ظالم لها.
    وبالجملة : فالأخبار في غيرته للحقّ ، وإنكاره على لصوص الخلافة ، وهجره المدينة إلى أن عاد الحقّ إلى أمير المؤمنين عليه السلام متواترة المعنى ، وهي تكشف كشفاً قطعيّاً عن قوّة إيمانه ، ورسوخ ملكته ، وخشونته في ذات الله ، وتصلّبه في الديانة ، واتصافه بأعلى مراتب الوثاقة والعدالة ، والرجل إماميّ عدل ثقة بلا شبهة.
    ومن أمارات عدالته استعمال النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم إيّاه على صدقات قومه ، كما سمعته من العلاّمة الطباطبائي رحمه الله ؛ فإنّه لا يعقل تسليطه صلّى الله عليه وآله وسلّم على حقوق المسلمين غير العدل الثقة.
    ولعلّه لما ذكر عدّه في الخلاصة (1) ، ورجال ابن داود (2) ، في القسم الأوّل.
أخرى ، وإليك نص ما ذكره بسنده : ..
    عن ابن عباس ، عن بريدة الأسلمي رضي الله عنه ، قال : غزوت مع عليّ إلى اليمن فرأيت منه جفوة ، فقدمت على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، فذكرت عليّاً فتنقّصته فرأيت وجه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يتغيّر ، فقال : « يا بريدة ! ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ » قلت : بلى يا رسول الله ! فقال : « من كنت مولاه فعلي مولاه ».
    ورواية المترجم لحديث الغدير رواها عنه في حلية الأولياء 4/23 ، والاستيعاب 2/460 ، ومقتل الحسين للخوارزمي : 48 ، وأسنى المطالب للجزري : 3 ، والجامع الصغير 5552 ، وكنز العمال 6/397 ، وتفسير المنار 6/464 ، ونزل الأبرار : 20 ، .. وغيرها من المصادر الكثيرة.
    وذكره ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 20/221 فيمن قال بتفضيل أمير المؤمنين عليه السلام فقال : فصل ، فيما قيل في التفضيل بين الصحابة والقول بالتفضيل قول قديم ، قد قال به كثير من الصحابة والتابعين ، فمن الصحابة : عمّار ، والمقداد ، وأبوذر ، وسلمان ، وجابر بن عبد الله ، وأُبيّ بن كعب ، وحذيفة ، وبريدة.
1 ـ الخلاصة : 27 برقم 2.
2 ـ رجال ابن داود : 67 برقم 230 طبعة جامعة طهران [ وفي الطبعة الحيدريّة : 55 برقم ( 233 ) ].


(150)
    وإنّي لأستغرب عدّ الفاضل المجلسي رحمه الله إيّاه في الوجيزة (1) من الحسان ؛ لأنّه ـ مع اعتدال سليقته ـ كيف غفل عن كشف ما صدر منه عن أعلى مراتب العدالة والثقة ؟! وكيف لم يكتف بتوثيق الشهيد الثاني رحمه الله إيّاه في الدراية (2) ؟!
    ولا أستغرب عدّ الفاضل الجزائريّ في الحاويّ (3) إيّاه في قسم الضعفاء ؛ لابتلائه دائماً بالاعوجاج.
    ولقد أجاد الحائريّ (4) في قوله في حقّه إنّه : في المتأخّرين ـ كابن الغضائري في القدماء ـ يعني في كثرة تضعيف من لا يستحق التضعيف ، ولقد كان عليه أن يعدّه في الثقات لكونه إمامياً ، وثّقه الشهيد الثاني رحمه الله في الدراية.
    وعلى فرض عدم عثوره على التوثيق المذكور فليعدّه في خاتمة الثقات الّتي وضعها لعدّ من استفيدت وثاقته من القرائن ، ولا أقلّ من عدّه ـ كالمجلسي ـ في الحسان (5) ؛ لأنّ كون الرجل إماميّاً ـ وأيّ إماميّ ـ ممّا لا يرتاب فيه ذو مسكة ،
1 ـ الوجيزة : 146 الطبعة الحجريّة [ رجال المجلسي : 167 برقم ( 271 ) ].
2 ـ الدراية : 131 طبعة النجف الأشرف سنة 1379.
3 ـ حاوي الأقوال 3/330 برقم 1944 [ المخطوط : 233 برقم ( 1353 ) ].
4 ـ في منتهى المقال : 64 [ الطبعة المحقّقة 2/136 برقم ( 437 ) ] ، وذكر في التعليقة المطبوعة على هامش منهج المقال : 67 [ الطبعة المحقّقة 3/23 برقم ( 280 ) ] ، ويستفاد من الوحيد قدّس سرّه توثيقه.
    وقال ابن قتيبة في المعارف : 300 : بريدة الأسلميّ ، هو بريدة بن الخصيب ، وكان رئيس أسلم ولمّا هاجر رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم مرّ بكراغ الغميم ، وبريدة بها ، فدعاهم رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ، فأسلموا ، ثمّ قدم بريدة على رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] المدينة وهو يبني المسجد. ومات بريدة في خلافة يزيد ابن معاوية بمرو.
5 ـ في الوجيزة : 146 ( رجال المجلسي : 167 برقم ( 271 ) ] : بريد الأسلمي حسن .. ووثقه الشهيد الثاني.
    وعدّه في إتقان المقال : 166 ، وملخص المقال في قسم الحسان.
تنقيح المقال ـ الجزء الثاني عشر ::: فهرس