تسلية المُجالس وزينة المَجالس الجزء الثاني ::: 331 ـ 345
(331)
والنعمان ابن عمرو الراسبي ، وزاهر بن عمرو مولى ابن الحمق ، وجبلة بن عليّ ، ومسعود بن الحجّاج ، وعبد الله بن عروة الغفاري ، وزهير بن بشر الخثعمي ، وعمّار بن حسّان ، وعبد الله بن عمير ، ومسلم بن كثير ، وزهير بن سليم (1) ، وعبد الله وعبيدالله ابنا زيد البصري ، وعشرة من موالي الحسين عليه السلام ، وموليان من موالي أمير المؤمنين عليه السلام.
    هؤلاء المقتولون في الحملة الاُولى الى تمام الخمسين ، والباقون قتلوا بعد هؤلاء ، وهم : الحرّ ، وبرير ، وعمرو بن خالد الأسدي ، وحبيب بن مظاهر ، وزهير بن القين ، وغيرهم ممّن ذكرنا أوّلاً رضي الله عنهم أجمعين ، ولعن الله قاتلهم إلى يوم الدين.
    قال : ثمّ إنّ عمر بن سعد لعنه الله سرح (2) برأس الحسين عليه السلام يوم عاشوراء ـ يوم قتل فيه عليه السلام ـ مع خوليّ بن يزيد الأصبحي وحميد بن مسلم الأسدي إلى ابن زياد لعنه الله ، ثمّ أمر برؤوس الباقين من أهل بيته وأصحابه فقطعت وسرّح بها مع شمر بن ذي الجوشن [ وقيس بن الأشعث وعمرو بن الحجّاج ] (3) إلى الكوفة ، وأقام ابن سعد يومه ذلك وغده إلى الزوال ـ كما أشرنا أوّلاً ـ.
    وروي أنّ رؤوس أصحاب الحسين عليه السلام وأهل بيته كانت ثمانية وسبعين رأساً ، وأقتسمتها القبائل لتتقرّب بذلك إلى عبيد الله وإلى يزيد :
    فجاءت كندة بثلاثة عشر رأساً ، وصاحبهم قيس بن الأشعث.
1 ـ كذا في المناقب والبحار ، وفي الأصل : مسلم.
2 ـ في الملهوف : بعث.
3 ـ من الملهوف.


(332)
    وجاءت هوازن باثني عشر رأساً ، وصاحبهم شمر.
    وجاءت تميم بسبعة عشر رأساً.
    وجاءت بنو أسد بستّة عشر رأساً.
    وجاءت مذحج بسبعة رؤوس.
    وجاء سائر الناس بثلاثة عشر رأساً. (1)
    ثمّ أذن ابن سعد بالرحيل إلى الكوفة ، وحمل بنات الحسين وأخواته وعلي بن الحسين وذراريهم ، فاُخرجوا حافيات حاسرات مسلّبات باكيات يمشين سبايا في أسر الذلّة ، فقلن : بحقّ الله ما نروح معكم ولو قتلتمونا إلاّ مررتم بنا على مصرع الحسين ، فأمر ابن سعد لعنه الله ليمرّوا بهم من المقتل حتّى رأين إخوانهنّ ، وأبناءهنّ ، وودّعنهم ، فذهبوا بهنّ إلى المعركة ، فلمّا نظر النسوة إلى القتلى صحن وضربن وجوههنّ.
    قال : فوالله ما أنسى زينب بنت عليّ وهي تندب الحسين وتنادي بصوت حزين : يا محمدا ، صلّى عليك مليك السماء ، وهذا حسين مرمّل بالدماء ، مقطّع الأعضاء ، وبناتك سبايا ، إلى الله المشتكى ، وإلى محمد المصطفى ، وإلى عليّ المرتضى ، وإلى حمزة سيّد الشهداء.
    وا محمداه هذا حسين بالعراء ، تسفي عليه الصبا ، قتيل أولاد البغايا ، يا حزناه واكرباه ، اليوم مات جدّي رسول الله ، يا أصحاب محمد ، هؤلاء ذرّيّة
1 ـ نَقَل هذه القطعة المجلسي رحمه الله في البحار : 45/62 عن كتابنا هذا ، وكذا البحراني في عوالم العلوم : 17/ 306.

(333)
المصطفى يساقون سوق السبايا.
    وفي بعض الروايات : يا محمداه ، بناتك سبايا ، وذريتك قتلى ، تسفي عليهم الصبا ، هذا ابنك مجزوز (1) الرأس من القفا ، لا هو غائب فيرجى ، ولا جريح فيُداوى ، فما زالت [ تقول هذا القول ] (2) حتّى أبكت والله كلّ صديق وعدوّ ، حتّى رأينا دموع الخيل تنحدر على حوافرها ، ثمّ إنّ سكيّنة اعتنقت جسد الحسين فاجتمع عدّة من الناس حتّى جرّوها. (3) (4).
    قلت : ولمّا قرعت هذه الأخبار الشنيعة بقوارعها سمعي ، وأحرقت هذه الآثار الفضيعة فؤادي ، وأجرت دمعي بصورته عليه السلام صريعاً بين يدي الأعادي بين بصيرتي ، ومثّلته طريحاً في سرّي وفكرتي ، ونقشت صورة ذاته الشريفة في لوح حياتي ، وأجريت ذكره قتيلاً في خاطري وبالي ، وأوقفت في عالم الخيال نحيل بدني بين يديه ، ومزّقت بيد فكري جيب صبري جزعاً عليه ، وناديت صارخاً بأنّه ينبىء عن عظيم مصيبتي ، وندبت جازعاً بزفرة
1 ـ في الملهوف ، محزوز.
2 ـ من المقتل.
3 ـ في « ح » : لمحرّره الحقير :
أخي يابن اُمّي ليتك اليوم غائب فأرضى على نيران هجرك أحرق فيرجو وصالك قلبي وقلب من ويا ليت اُمّي لم تلدني ولم أعش أخي نور عيني أنت امي ووالدي تنوح سكينة بالحزن والأسى أبي ما ... يا أنيسي وكافلي فلم أراك قطّ قبل يوم وفاة بشرط حياتك يا ذا الجود والحسنات هواك من الأحباب حال حياة ولم أر جسمك مجروحاً بسيف طغاة فأيتمتني والله والأخوات تقول أبي وأين صاحب الحملات لحزن طويل منتهاه حياتي
4 ـ مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : 2/4 ـ 39 ، الملهوف على قتلى الطفوف : 156 ـ 190.


(334)
تجبر في جنبه رزيّتي ، قائلاً : يا حزني ، موضع انقضاك مماتي ، ويا وجدي خذ منتهاك وفاتي ، ويا عبرتي موضع جمودك حفرتي ، ويا زفرتي وقت جمودك منيّتي ، ويا مهجتي تصاعدي دماً بنار أحزاني من مقلتي ، ويا كبدي ذوبي بضرام أشجاني ونفسي ، فلأيّ فقيد أدّخر دمعي بعد مصابي بأحبّائي ؟ وعلى أيّ شهيد أبذل جهدي بنحيبي وبكائي.
    فيا من خدّت واقعة أخاديد في خدودي من ماء جفوني ، وأذابت رزّيته أحشائي فاسالتها دماً من شؤون عيوني ، أعلى أيّ قانت سواك أشقّ ثوب صبري ؟ أم على أيّ هالك غيرك أهتك مصون ستري ؟ وحبّك ديني ومعتقدي ، وولاؤك روحي في جسدي ، وذكرك انيس وحدتي ، ومدحك جليس خلوتي ، وخيالك في سواد مقلتي ، وجمالك في سويداء مهجتي ، أيليق البكاء إلاّ على مصيبتك ؟ أم يحسن العزاء إلاّ لرزيّتك ؟ هل لنبيّي سبط غيرك شهيداً فأبكيه ؟ أم لولييّ قرّة عين سواك فأرثيه ؟ أم للزهراء ثمرة قلب إلاّ جمال بهجتك ؟ وهل لأئمة الهدى شرف إلاّ من شريف حضرتك ؟
    واقعتك أرخصت في سوق الأحزان عقيق عبرتي ، ومصيبتك هدّت بمعاول الأشجان قواعد تثبّتي ، وأحرقت بقوادح الأسقام مهجتي ، وأغرقت أسفاً بتناثر العبرات وجنتي ، وبدّلت برقادي سهادي ، وصيرّت الأوصاب دثاري ومهادي ، فجسمي سقيم ، وصبري عديم ، وقلبي حريق ، وطرفي غريق ، لشيبك الخضيب ، وخدّك التريب ، ونسوتك الاُسارى ، وذريتك الحيارى ، وأطفالك الّذين سقوا من ثدي الحمام قبل الفطام ، وجرعوا كؤوس الممات بمقابل الطعام ، ذكر ظعنك يطيف الأحزان بقلبي ، وتفوّر حتفك يهيج نيران الأسى غمومي وكربي ، ومصرع شبانك يذهل عقلي ولبّي ، ومقتل فتيانك


(335)
يجعل من دموعي شربي ، لغمّتك شجرة الغموم بقلبي نبتت ، ولكربتك قواعد الهموم بلبّي ثبتت ، سحقاً لأيّامي إن استمسكت بغير عروتكم يدي ، وبُعداً لمقامي إن جعلت سواكم معتقدي ، وخرساً للهاتي إن فاهت بغير مدحتكم ، وعمىً لطرفي إن نظر جميلاً سوى بهجتكم ، لا قرّت عيني إن نثرت على غير عروس مجدكم فائق نثري. ولا راف معيني إن أطافت بسوى كعبة جودكم رائق شعري.
    أنتم وسيلتي إلى خالقي ، وبكم وضحت في الحقّ طرائقي ، وإلى نحوكم منطق شكري صرفته ، وعلى مدحكم بديع نظامي وقفته ، إن رضيتم خدّي موطئاً لأقدامكم ، ووجهي موضعاً لنعالكم ، وأثبتم اسمي في جرائد عبيدكم ، ووفرتم قسمي من عنايتكم وجودكم ، فيا زلفتي من ربّي ، ويا وصولي وقربي ، وإن طردتموني عن أبواب كرمكم ، ومحو تموني من دفاتر خدمتكم ، فيا خسارة صفقتي ويا سوء عاقبتي ، فيا سعادة أنفساً بذلت في طاعتكم أرواحاً وأبداناً ، ويا فرحةً طائفة بلغت في نصرتكم بوجوهها وصدورها حساماً وسناناً.
    فلعمري لقد حازوا بجميل صبرهم ثواباً جسيماً ، فياليتني كنت معهم فأفوز فوزاً عظيماً ، جلت رياض الجنّة عرائس أزهارها على زهيرهم ، وأعلت على منازل أبرارها درجة حرّهم وبريرهم ، وجعلت حبيبهم حبيب حور عينها ، وصيرت لمنثور لؤلؤها لون جُونها ، ووهب وهبتها من غرفاتها أعلاها ، ويسّرت لمسلمها من قداح لذاتها معلّاها ، كانت دار النعيم أشدّ شوقاً إليهم ، وأشدّ ابتهاجاً بمقدمهم منهم عليها ، وفوا لله سعيهم فوفى لهم بما عاهدهم ، وصدقوا ما عاهدوه عليه فأنالهم الحسنى وزيادة على ما وعدهم.


(336)
    فوا أسفاه إذ لم أكن معهم شهيداً ، وواحزناه إذ لم أكن في زمرتهم عديداً ، أتلقّى عن سيّدي رماح الأعداء كما تلقّوا بقلوبهم وصدورهم ، واُقابل صفاح الأشقياء كما قابلوا بوجوههم ونحورهم ، وأجعل خدّي جُنّة لجَنّتي في حشري ، ووجهي وقاية لمعادي يوم نشري ، ويراني سيّدي لأمره سميعاً مطيعاً ، وبين يديه شهيداً صريعاً ، قد قطّعت في نصره أعضائي ، واُريقت في جنبه دمائي ، مجاهداً عنه بقولي وفعلي ، مجالداً بسيفي ونبلي ، قائلاً :
    يا اُمّة كفرت بأنعم ربّها ، واستوجبت سوء العذاب بحربها ، وقطعت رحم رسولها ، وانتهكت حرمة بتولها ، وهدمت بنية إسلامها ، ونكثت بيعة إمامها ، تبّاً لك من اُمّة شرت ضلالها بهداها ، ودنياها باُخراها ، ونكصت على أعقابها ، بلامع سرابها.
    ويلكم أتدرون على من جرّدتم سيوفكم ، ورتّبتم صفوفكم ؟ هذا سبط خاتم الرسل ، وريحانة موضح السبل ، أشرف من مشى على وجه الغبراء ، وأفضل من تأزّر بالمجد وارتدى ، وأفخر من قامت سيّدة النساء ، وأجمل من كفلته البضعة الزهراء ، حجرها مهده ، وفرعها ولده ، وثديها مشربه ، وكتف والدها مركبه ، عنه سماء صلب نبيّكم انفطرت ، ومنه ينابيع ذرّيّة وليكم تفجّرت ، خادم مهده جبرائيل ، وبشير مولده ميكائيل ، ووليّ عقد نكاح اُمّه الملك الجليل ، وخطيب عرس والده راجيل.
    سفهت أحلامكم ، ونكست أعلامكم ، وأحاطت أطواق العار بأعناقكم ، واستوجبت أطباق النّار بنفاقكم ، يا عباد الجبت والطاغوت ، ويا كفّاراً بصاحب العزّة والجبروت ، يا جند الشيطان ، ويا أعداء الرحمان ، أليس


(337)
هذا ابن نبيّكم وهاديكم ؟ أليس أبوه بنصّ الغدير واليكم ؟ نقضتم حبل إسلامكم ، وعكفتم على أصنامكم ، أهذا كان جزءاً من اُرسل إليكم رحمة ، وعليكم نعمة ، أن تقتلوا ذرّيّته ، وتهتكوا اُسرته ، وتذبحوا أطفاله ، وتقتلوا رجاله ، تبّاً لكم يا قتلة أولاد النبيّين ، وبعداً لكم يا خذلة أوصياء المرسلين.
    ثمّ أزدلف لقتالهم بقالبي وقلبي ، مشتاقاً بجهدي إلى لقاء ربّي ، طالباً درجة الشهادة بين يدي وليّي وابن وليّي ، راغباً في منازل السعادة بمرافقة رسولي ونبيّي ، اُورد حسامي من نحورهم ، واصدر عاملي من صدورهم ، أتلقّى سيوفهم بسواعدي ومناكبي ، وأردّ سهامهم بوجهي وترائبي ، لا ضارع ولا ناكل ، ولا خاضع ولا متواكل ، بل عزمي أمضى من ذي شفرتين ، وحدّي أقطع من ذي حدّين ، أقذف بعزيز نسبي في جموعهم ، واُبالغ بعروفي عصبي في تقطيعهم ، مبالغاً في النصيحة لوليّ أمري. سمحاً في جهاد أعدائه بالبقيّة من عمري ، متلقّياً من سهام القوم ما يصل إليه ، مقطّعة اوصالي بسيوفهم بين يديه.
    فيالها حسرة في قلبي مدّتها لا تنقضي ، وغصّة في نفسي جمرتها لا تنطفي ، إذ لم أرق بقدم الشهادة إلى منازل الأبرار ، ولم اطر بقوادم السعادة إلى مواطن الأخيار ، بل قعد بي جسدي ، وكَلَّ عن ذلك جدّي ، وتأخّر زمن وجودي ، وغابت أنجم سعودي ، قبل بلوغ مجهودي ، ونيل مقصودي.
    فها أنذا أنشد من قلب بسهام المصائب مصاب ، وأروي عن فؤاد بضرام النوائب مذاب ، مرتدياً ببردة حزني على ولد البتول ، ومعارضاً برائق نظمي ببرداة أشرف نبيّ ورسول :
الصبر والحزن مقطوع وموصول والنوم والدمع ممنوع ومبذولُ


(338)
والجسم منسقم والطرف منسجم وفي فؤادي من فرط الأسى حرق من ما جرى بعد خير الرسل من عصبٍ خانت عهوداً وأيماناً مؤكّدة مما جنت سفها يوم السقيف دم وسبطه بوجي السمّ مخترم خانوه إذ وعدوه حفظ اُسرته وفي الغدير أقروّا باللسان وفي ال‍ يا اُمّة كفرت بالله إذ مكرت وضيّعوا ما به أوصى النبيّ وما والوجد محتكم والقلب متبول منها الحشا بضرام الحزن مشعول في الدين من سعيها نقص وتبديلُ فالحقّ من جهلها في الناس مجهولُ الوصيّ صنو رسول الله مطلولُ وشِلْوُه في صعيد الطفّ مقتولُ فالعقد منهم بكفّ الغدر محلولُ ‍فؤاد عهدهم بالنقض مفلولُ بعقد خمّ وغرّتها الأباطيلُ يوم القيامة عنه المرء مسؤولُ


(339)
من صدق ودّ اولي قربى النبيّ وَمن قوم ولاؤهم فرض وحبّهم سل عنهم « هل أتى » تلقى بها شرفاً وفي العقود وفي النجوى مديحهم وإن تلاه زنيم الأصل حلّ به فكلّ فخر على أبواب مجدهم البحر علمهم والطود حلمهم أخنى الزمان عليهم فانثنوا ولهم في كربلاء أصبحوا يروي مناقبهم طافت عليهم بكأس الموت طائفة فيهم أتانا من الرحمن تنزيلُ حبل بحبل إله العرش موصولُ في ذكره لهم مدح وتفضيلُ يزينه من سليم القلب ترتيلُ من خبث باطنه بالجهل تأويلُ له سجود وإذعان وتقبيل بفضلهم كامل الإفضال مفضول بأس لمجمله بالصبر تفصيلُ حتى القيامة جيل بعده جيلُ فكلهم لعقاب الحتف مغلولُ


(240)
فاستشعروا حبنا من حسن صبرهم مضوا كراماً بأرض الطفّ يشملهم نالوا بقتلهم في الله ما قصرت حازوا السعادة من بذل النفوس ففي لم ينسخ الظلّ منها ضوء مشرقه راقت مشاربها فاقت عجائبها أشباحهم في الثرى منبوذة ولهم قوم لأوجههم يوم القراع وفي قوم تراهم وسوق الحرب قائمة أسد الشرى في ظلام النقع ترفل في بها رضا الله مطلوب ومأمولُ من ذي المعارج توقير وتبجيلُ عن وصفه من بني الدنيا الأقاويلُ دار الخلود لهم فضل وتفضيلُ فيا لهم بجميل الصبر تنويلُ فسعى طالبها ما فيه تضليلُ أرواح صدق لها بالصفو تكميلُ بذل المكارم تقطيب وتهليلُ والرمح والسيف منصوب ومسلولُ سرد الحديد لها سمر القناغيلُ


(341)
أجسادهم بعروض الموت قطعها لها ثرى كربلاء مغنى وللملأ الـ في الله مذ بذلوا الأرواح قيل لهم معارج العالم العلويّ منزلهم يا من مصابهم أوهى قواي فما قضيّة الصبر في أحشائي مهملة لهفي لنسوتكم عنفاً تساق على وفي الرماح بدور من وجوهكم يا اُمّة قتلت آل الرسول وفي ضلّت مساعيكم خابت ظنونكم من الصوارم في الهيجاء تفاعيلُ أعلى لدى تربها حمداً وتهليلُ في جنّة طاب مثواها لكم قيلُ له عليه بأمر الله تنزيلُ للحزن عن قلبي المكروب تحويلُ والكرب والغم موضوع ومحمولُ كور المطي لها بالسير تعجيلُ لها بشمس الضحى بالحسن تمثيلُ عفو الإله لها بالظن تأميلُ فما لكم غير خزي الله محصولُ


(342)
قد هيّئت لكم في الحشر أربعة يعوذ أهل لظى منكم ويلعنكم قتلتم عترة خير الأنام لهم ومن بفضلهم في الذكر قد شهدت ومن لهم بفؤادي منزل رحب يا عاذلي لا تلمني إن بكيت دماً من سفح عيني في سفح الطفوف جرى ويا معاشر لوّامي على جزعي اسناد وجدي صحيح لا خلاف به دعواي صدق ولاءهم لا يدنّسه نارٌ وعارٌ وأغلالٌ وتنكيلُ أهل الضلال وفرعون وقابيلُ جدُّ وسادسهم في العدِّ جبريلُ من غافر الذنب في القرآن تنزيلُ بخالص الودّ معمور ومأهولُ لما عراهم فما ذو الحزن معذولُ عقيق دمع بكفّ الوجد معمول لما أصابهم ما شئتم قولوا لكن أحاديث سلواني مراسيلُ شكّ بوسوسة الشيطان مغلولُ


(343)
لمرسل الدمع من عيني معجزة صرفت نحوهم من منطقي درراً إذا تلاها وليّ طاب مولده بهذه طرباً موصول نعمتها يا سادتي يا بني طه الهداة ومن ومن إذا خابت الآمال كان بهم كم شانىء صدّه الله العليّ بكم يصدّ عنّي بوجه كالح وله رام انتقاصي برأي قائل فلذا إذا تصوّرت ما ابداه من حمق فيها دليل على صدق ومدلولُ بيانها من معاني الحبّ منقولُ له فؤاد على الاخلاص مجبولُ ومن بلاغتها وصل وتذييلُ بحبّهم عملي في الحشر مقبولُ لي في المعاد إذا حوسبت مأمول عنّي فردّ بغيض وهو مخذولُ طرفٌ بمرود ما يجفيه مكحولُ ك الحدّ منه بعون الله مغلولُ فيه لقلبي تخويف وتهويلُ


(244)
جعلتكم جُنّتي من ينل فتنته يا من هم عصمتي في النائبات ومَن لا تطردوني عن أبواب جودكم حسّاد رائق شعري في مديحكم مددت كفّ سؤالي نحو سيبكم سجّل دعواي في صدق الولاء له ولي شهود على إثبات معتقدي لدر فائق نظمي في محبّتكم منّي عليكم سلام ليس يحصره ما لاح صبح به للناظرين هدى فتنثني وهو بالتوبيخ مرذولُ أمري إليهم مدى الأيّام موكولُ فأنتم غايتي والقصد والسؤلُ إليَّ ترمق منهم أعين حُولُ إذ ليس لي غيركم في الناس مسؤول من حاكم العقل أبيات وتسجيلُ لها من الله بالتصديق تعذيلُ بالدر من ناقد الألفاظ تعديلُ من طالب عده جد ولا قيلُ أو فاح روض بماء المزن مبلولُ


(345)
المجلس الثامن
في الأحوال الّتي جرت بعد قتل الحسين عليه السلام
من سبي ذراريه ونسائه ، وحملهم إلى اللعين
ابن مرجانة لعنه الله ، ثمّ منه إلى يزيد بن معاوية عليهما
لعنة الله والملائكة والناس أجمعين

    الحمد لله الّذي أشرقت بنور عناية قلوب العارفين ، وتعلّقت بأذيال رحمته أرواح السالكين ، وغرقت في بحار ربوبيّته عقول العالمين ، واحترقت بشعاع سحاب بهجته أفئدة العالمين ، وأطلعت على أسرار حكمته نفوس المخلصين ، وتاهت في بيداء إلهيّته أفكار الطالبين ، فانقلبت أبصار بصائرهم حيرة عن إدراك كمال عظمته ، ورجعت أنفسهم خاسئة عن تصوّر جلال عزّته ، وقعد بهم جدّهم عن الوصول إلى كعبة عرفانه ، وطال عهدهم في طلب المحجوب من أسرار عظيم شأنه ، فعلموا أنّ جلاله جلّ عن الاحاطة بفكر وضمير ، ومجده عزّ عن الشبيه والنظير ، فعزفت أنفسهم عن مشاركة اُولي الأنفس الناقصة لكمالها وتمامها ، وعرجت إلى الرفيق الأعلى بأقدام عزمها وإقدامها ، وشربت من عين الحياة الباقية الّتي لا انقطاع لمعينها ، وطلبت درجة السعادة العالية الّتي لا انقضاء لنعيمها ، فأطلعها مبدعها على أسرار ملكوته ،
تسلية المُجالس وزينة المَجالس الجزء الثاني ::: فهرس