تذكرة الفقهاء الجزء الأول ::: 61 ـ 75
(61)
أكله ، وليس بنجس إنّ مات فيما تولد فيه إجماعاً ، وإذا خرج فكذلك عندنا.
    وللشافعي قولان ، وكذا في أكله عنده قولان : أظهرهما : التحريم مع الانفراد (1).
    الخامس : لو وقع الذباب وشبهه في ماءً قليل ومات فيه ، لم ينجسه عندنا ، وللشافعي قولان (2).
    ولو تغير الماء به فكذلك عندنا ، وللشافعي ـ على تقدير عدم النجاسة بالملاقاة ـ وجهان (3) ولو سلبه الاطلاق فمضاف طاهر.
    السادس : حيوان الماء المحرم مما له نفس سائلة إذا مات في ماءً قليل نجسه عندنا ، لأنّفعال القليل بالنجاسة ، وبه قال الشافعي (4).
    وقال أبو حنيفة : لا ينجس ، لأنّه يعيش في الماء فلا ينجس بموته فيه ، كالسمك (5). ويبطل بالفرق.
    وما لا نفس له سائلة ـ كالضفدع ـ لا ينجس به الماء القليل ، وبه قال أبو حنيفة (6) ، خلافاً للشافعي (7).
    السابع : الجنين الذي يوجد ميتاً عند ذبح الاُم ـ إذا كان تاماً ـ حلال
1 ـ الوجيز 1 : 6 ، فتح العزيز 1 : 167 ـ 169 ، المجموع 1 : 131.
2 ـ الاُم 1 : 5 ، المجموع 1 : 129 ، الهداية للمرغيناني 1 : 19 ، المبسوط للسرخسي 1 : 51.
3 ـ المجموع 1 : 130.
4 ـ الاُم 1 : 5 ، الهداية للمرغيناني 1 : 19 ، المجموع 1 : 131.
5 ـ الهداية للمرغيناني 1 : 19.
6 ـ الهداية للمرغيناني 1 : 19 ، بدائع الصنائع 1 : 79.
7 ـ الاُم 1 : 5 ، فتح العزيز 1 : 163 ، الهداية للمرغيناني 1 : 19.


(62)
طاهر ، وإن لم تتم خلقته كان حراماً نجساً.
    الثامن : المتكون من النجاسات ـ كدود العذرة ـ طاهر ، للعموم ، وكذا الدود المتولد من الميتة ، وفي وجه للشافعي : أنّه نجس (1).
    التاسع : يكره ما مات فيه الوزغ والعقرب ، وقول ابن بابويه : إذا ماتت العضاء‌ة في اللبن حرم (2) ، لرواية عمار (3) ، ضعيف ، ويحمل على الكراهة ، أو على التحريم للتضرر ، لا للنجاسة.
    العاشر : لو وقع الصيد المجروح الحلال في الماء فمات ، فإن كانت حياته مستقرة فالماء نجس ، والصيد حرام ، وإن كانت حياته غير مستقرة فالضد منهما ، وإن اشتبه حكم بالأصلين فيهما على إشكال ينشأ من تضادهما ، فالاحوط التحريم فيهما.
    الحادي عشر : جلد الميتة نجس بإجماع العلماء ، إلّا الزهري ، والشافعي في وجه ، فإنه طاهر عندهما (4).
    الثاني عشر : عظم الحيوان وقرنه وظفره وسنه لا تحلها الحياة فهي طاهرة ، وبه وقال أبو حنيفة (5) ، وقال الشافعي : إنّها نجسة لنموها (6).
    الثالث عشر : الشعر والصوف والريش من الميتة طاهر ، إلّا من نجس العين على ما تقدم ، وبه قال أبو حنيفة ، والشافعي ـ في أحد القولين ـ لأنّها
1 ـ المجموع 1 : 131.
2 ـ الفقيه 1 : 15 ذيل الحديث 32 ، والمقنع : 11.
3 ـ التي رواها الشيخ كاملة في التهذيب 1 : 285 / 832.
4 ـ المجموع : 217.
5 ـ المجموع 1 : 236 ، بداية المجتهد 1 : 78 ، الهداية للمرغيناني 1 : 21 ، شرح فتح القدير 1 : 84 ، اللباب 1 : 24.
6 ـ المجموع 1 : 236 ، بداية المجتهد 1 : 78 ، شرح العناية 1 : 84.


(63)
لا تحلها الحياة ، وفي الآخر : إنّها نجسة لنمائها (1).
    ولو جز من حيوان ـ لا يؤكل لحمه ـ حي فطاهر عندنا ، خلافاً له (2) ولو جز من مأكول فهو طاهر إجماعا.
    ولو نتف منه حياًَ فكذلك عندنا ، وللشافعي وجهان : النجاسة لأنّه ترك طريق إباحته ، وهو الجز فصار كخنق الشاة ، والطهارة لكثرة الالم فهو كالتذكية (3).
    الرابع عشر : ما لا يؤكل لحمه إذا وقعت عليه الذكاة فذكي كان لحمه وجلده طاهرين ، عملاً بالأصل.
    وقال الشافعي : نجسان ، لأنّ التذكية لم تبح اللحم ، فلا تفيده الطهارة (4).
    وقال أبو حنيفة : الجلد طاهر ، وفي اللحم روايتان (5).
    الخامس عشر : البيضة في الميتة طاهرة إنّ اكتست الجلد الفوقاني ، وإلّا فلا ، وقال الشافعي : إنّها نجسة (6) ، ورواه الجمهور عن علي عليه السلام (7).
1 ـ المجموع 1 : 231 ـ 232 و 236 ، شرح العناية 1 : 84 ، بداية المجتهد 1 : 78.
2 ـ المجموع 1 : 241 ـ 242 ، المهذب للشيرازي 1 : 18.
3 ـ المجموع 1 : 241 ـ 242.
4 ـ المجموع 1 : 245 ، المهذب للشيرازي 1 : 18.
5 ـ المجموع 1 : 245 ، اللباب 3 : 230 ، شرح فتح القدير 1 : 84 ، الهداية للمرغيناني 1 : 21.
6 ـ المجموع 1 : 244.
7 ـ المجموع 1 : 245.


(64)
والمشيمة نجسة.
    السادس عشر : في لبن الشاة الميتة روايتان (1) ، أقواهما : التحريم والنجاسة ، لملاقاة النجاسة ، وللشافعي وجهان (2).

    مسألة 20 : الخمر نجسة ، ذهب إليه علماؤنا أجمع إلّا ابن بابويه ، وابن أبي عقيل (3) ، وقول عامة العلماء أيضاً إلّا داود ، وربيعة ، وأحد قولي الشافعي (4). لقوله تعالى : ( إنّما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس ) (5) والرجس لغة : النجس ، ولأنّ ما حرم على الاطلاق كان نجساً كالدم والبول ، ولقول الصادق عليه السلام : « لا تصلّ في ثوب أصابه خمر أو مسكر حتى تغسله » (6).
    وقولهم عليهم السلام : « إنّ الله حرم شربها ، ولم يحرم الصلاة فيها » (7). لا يدل على الطهارة ، واستصحاب حال كونه عصيراً ـ كما قاله داود ـ (8) ضعيف.
1 ـ فالدالة على الحلية ما في الكافي 6 : 258 / 3 ، الفقيه 3 : 216 / 1006 و 219 / 1011 ، التهذيب 9 : 75 / 320 و 76 / 324 ، الاستبصار 4 : 88 / 328 و 89 / 339 ، الخصال 2 : 434 / 19 وغيرها ، ومن الدالة على التحريم ما روي في التهذيب 9 : 77 / 325 ، الاستبصار 4 : 89 / 340 ، قرب الاسناد : 64 ، وغيرها.
2 ـ المجموع 1 : 244.
3 ـ الفقيه 1 : 160 / 752 ، علل الشرائع : 357 باب 72 ، وحكى المحقق قول ابن ابي عقيل في المعتبر : 117.
4 ـ المجموع 2 : 563 ، فتح العزيز 1 : 156 ، تفسير القرطبي 6 : 288 ، الميزان 1 : 105 ، مغني المحتاج 1 : 77.
5 ـ المائدة : 90.
6 ـ التهذيب 1 : 278 / 817 ، الاستبصار 1 : 189 / 660.
7 ـ الفقيه : 160 / 752 ، علل الشرائع : 357 باب 72 ، قرب الاسناد : 16.
8 ـ المجموع 2 : 563 ، الميزان 1 : 105.


(65)
فروع :
    الأول : كلّ المسكرات كالخمر في التحريم والنجاسة ، لقول الكاظم عليه السلام : « وما عاقبته عاقبة الخمر فهو خمر » (1) وقول الباقر عليه السلام : « قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : كلّ مسكر خمر » (2).
    وقال أبو حنيفة : النبيذ طاهر ، وهو أحد قولي الشافعي (3).
    الثاني : العصير إذا غلى حرم حتى يذهب ثلثاه ، وهل ينجس بالغليان أو يقف على الشدة ؟ إشكال.
    الثالث : الفقاع كالخمر عندنا في التحريم والنجاسة ـ خلافاً للجمهور (4) ـ لقول الرضا عليه السلام : « هو خمر مجهول » (5).
    الرابع : الخمر إذا انقلبت خلاً طهر إجماعاً ، ولو لاقته نجاسة ، أو عصره مشرك لم يطهر بالأنّقلاب.
    الخامس : بواطن حبات العنقود إذا استحال ما فيها خمراً كان نجساً ، وهو أحد قولي الشافعي (6).
    السادس : المسكرات الجامدة ليست نجسة وإن حرمت ، ولو تجمّد الخمر ، أو ما مازجه لم يخرج عن نجاسته ، وكذا لو سال الجامد بغير
1 ـ الكافي 6 : 412 / 2 ، التهذيب 9 : 112 / 486.
2 ـ الكافي 6 : 408 / 3 ، التهذيب 9 : 111 / 482.
3 ـ المجموع 1 : 93 و 2 : 564 ، فتح العزيز 1 : 158 ، مغني المحتاج 1 : 77 ، تفسير القرطبي 13 : 51 ، بداية المجتهد 1 : 33.
4 ـ بدائع الصنائع 5 : 117 ، المبسوط للسرخسي 24 : 17 ، المغني 10 : 337 ، رحمة الامة 2 : 170 ، المنتقى للباجي 3 : 150.
5 ـ الكافي 6 : 422 / 1 ، التهذيب 9 : 124 / 539 ، الاستبصار 4 : 95 / 368.
6 ـ المجموع 2 : 564 ، مغني المحتاج 1 : 77.


(66)
ممازجة لم يخرج عن طهارته.

    مسألة 21 : الكلب والخنزير نجسان عيناً ولعاباً ، ذهب إليه علماؤنا أجمع ، وبه قال علي عليه السلام ، وابن عباس ، وأبو هريرة ، وعروة بن الزبير ، والشافعي ، وأبو ثور ، وأبو عبيد ، وأحمد (1) ، لقول النبيّ صلّى الله عليه وآله : ( طهور إناء أحدكم إذا ولغ الكلب فيه أن يغسله سبع مرات ) (2) ، وقول الصادق عليه السلام عن الكلب : « رجس نجس » (3).
    وقال أبو حنيفة : الكلب طاهر ، والخنزير نجس ، لعدم وجوب غسل ما عضه الكلب من الصيد (4) ، وهو ممنوع.
    وقال الزهري ، ومالك ، وداود : الكلب والخنزير طاهران (5).

فروع :
    الأول : الحيوان المتولد منهما يحتمل نجاسته مطلقاًً ، واعتبار اسم أحدهما ، والمتولد من أحدهما وما غايرهما يتبع الاسم.
    الثاني : كلّ أجزاء الكلب والخنزير وان لم تحلها الحياة نجسة ، خلافاً للمرتضى (6).
1 ـ السراج الوهاج : 22 ، المجموع 2 : 567 ـ 568 ، الاشباه والنظائر للسيوطي : 431 ، مغني المحتاج 1 : 78 ، المحلى 1 : 112 ، الاُم 1 : 5 ، نيل الأوطار 1 : 42.
2 ـ صحيح مسلم 1 : 234 / 91 و 92 ، سنن أبي داود 1 : 19 / 71 ، مسند أحمد 2 : 427.
3 ـ التهذيب 1 : 225 / 646 ، الاستبصار 1 : 19 / 40.
4 ـ شرح فتح القدير 1 : 82 ، الهداية للمرغيناني 1 : 20 ، الكفاية 1 : 82 ، شرح العناية 1 : 82 ، المبسوط للسرخسي 1 : 48 ، بدائع الصنائع 1 : 63.
5 ـ المجموع 2 : 567 ـ 568 ، مغني المحتاج 1 : 78 ، نيل الأوطار 1 : 43 ، الشرح الصغير 1 : 18 ، تفسير القرطبي 13 : 45 ، المبسوط للسرخسي 1 : 48 ، فتح العزيز 1 : 161 ، بداية المجتهد 1 : 29 ، المدونة الكبرى 1 : 5.
6 ـ الناصريات : 218 المسألة 19.


(67)
    الثالث : كلب الماء طاهر بالأصل ، خلافاً لابن ادريس (1) ، ولا يجوز حمل اللفظ على الحقيقة والمجاز بغير قرينة.
    الرابع : الأقرب طهارة الثعلب ، والأرنب ، والفأرة ، والوزغة ـ وهو قول المرتضى ، وأحد قولي الشيخ (2) ـ عملاً بالأصل ، والنص الدال على طهارة سؤر ما عدا الكلب والخنزير (3).
    احتج الشيخ بأمر الكاظم عليه السلام بغسل أثر ما أصابته الفأرة الرطبة (4) ، وأمر الصادق عليه السلام بغسل اليد من مسّ الثعلب والأرنب (5) وهو محمول على الاستحباب.

    مسألة 22 : الكافر عندنا نجس لقوله تعالى : ( إنّما المشركون نجس ) (6) والحذف على خلاف الأصل ، والوصف بالمصدر جائز لشدة المعنى ، وقوله تعالى : ( كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون ) (7) ولقول النبيّ صلّى الله عليه وآله وقد سئل إنا بأرض قوم أهل كتاب نأكل في آنيتهم ؟ : ( لا تأكلوا فيها إلّا ان لا تجدوا غيرها ، فاغسلوها ثم كلوا فيها ) (8).
    وسئل الصادق عليه السلام عن سؤر اليهودي والنصراني.
1 ـ السرائر : 208.
2 ـ الناصريات : 216 المسألة 9 ، جمل العلم والعمل : 49 ، الخلاف 1 : 187 مسألة 144.
3 ـ التهذيب 1 : 225 / 646 ـ 647 و 261 / 760 ، الاستبصار 1 : 19 / 40 ـ 41.
4 ـ التهذيب 1 : 261 / 761 ، الكافي 3 : 60 / 3.
5 ـ التهذيب 1 : 262 / 763 ، الكافي 3 : 61 / 4.
6 ـ التوبة : 28.
7 ـ الأنعام : 125.
8 ـ سنن البيهقي 1 : 33 ، مستدرك الحاكم 1 : 143.


(68)
فقال : « لا » (1).

فروع :
    الأول : لا فرق بين أن يكون الكافر أصلياً أو مرتداً ، ولا بين أن يتدين بملة أو لا ، ولا بين المسلم إذا أنكر ما يعلم ثبوته من الدين ضرورة وبينة ، وكذا لو اعتقد المسلم ما يعلم نفيه من الدين ضرورة.
    الثاني : حكم الشيخ بنجاسة المجبرة والمجسمة (2) ، وقال ابن ادريس بنجاسة كلّ من لم يعتقد الحق إلّا المستضعف (3) ، لقوله تعالى : ( كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون ) (4).
    والأقرب طهارة غير الناصب لأنّ علياً عليه السلام لم يجتنب سؤر من باينه من الصحابة.
    الثالث : الناصب ـ وهو من يتظاهر ببغضه أحد من الائمة عليهم السلام ـ نجس ، وقد جعله الصادق عليه السلام شراً من اليهود والنصارى (5) ، والسر فيه أنهما منعا لطف النبوة وهو خاص ، ومنع هو لطف الامامة وهو عام.
    وكذا الخوارج لانكارهم ما علم ثبوته من الدين ضرورة ، والغلاة أيضاً أنجاس لخروجهم عن الإسلام وان انتحلوه.
    الرابع : أولاد الكفار حكمهم حكم آبائهم ، وهل يتبع المسبي السابي
1 ـ الكافي 3 : 11 / 5 ، التهذيب 1 : 223 / 638 ، الاستبصار 1 : 18 / 36.
2 ـ المبسوط للطوسي 1 : 14.
3 ـ السرائر : 13.
4 ـ الأنعام : 125.
5 ـ الكافي 3 : 11 / 6 ، التهذيب 1 : 223 / 639 ، الاستبصار 1 : 18 / 37.


(69)
في الإسلام ؟ اشكال.
    الخامس : قال ابن بابويه : لا يجوز الوضوء بسؤر ولد الزنا (1) ، وحكم ابن ادريس بنجاسته لأنّه كافر (2) ، وهو ممنوع ، والأقرب الطهارة.
    تذنيب : ظهر مما قررناه أن النجاسات بالاصالة عشرة : البول ، والغائط ، والمني ، والدم ، والميتة ، والخمر ، والفقاع ، والكلب ، والخنزير ، والكافر ، وما عدا ذلك طاهر ، تعرض له النجاسة بملاقاة أحدها رطبا.

* * *

1 ـ الهداية : 14 ، الفقيه 1 : 8.
2 ـ السرائر : 81 ، 183 ، 241 ، 287.


(70)

(71)
    مسألة 23 : النجاسات غير الدم يجب إزالة قليلها وكثيرها عن الثوب والبدن ، سواء قلّت أو كثرت عند علمائنا أجمع ، إلّا ابن الجنيد (1) ، وبه قال الشافعي (2) ، لقوله تعالى : ( وثيابك فطُهر ) (3) وقوله عليه السلام : ( تنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر منه ) (4).
    وقال ابن الجنيد : إن قلّت عن الدرهم فمعفو ، كالدم (5). وبه قال أبو حنيفة (6) ، وهو قياس في معارضة النص ، فيرد.
1 ـ حكاه المحقق في المعتبر : 118.
2 ـ المجموع 3 : 131 ، بداية المجتهد 1 : 81 ، كفاية الأخيار 1 : 55 ، الوجيز 1 : 8 ، الهداية للمرغيناني 1 : 35.
3 ـ المدثر : 4.
4 ـ سنن الدارقطني 1 : 127 و 128 / 2 و 7 و 9.
5 ـ حكاه المحقق في المعتبر : 118.
6 ـ اللباب 1 : 52 ، بداية المجتهد 1 : 81 ، فتح القدير 1 : 177 ، المحلى 1 : 94 ، بدائع الصنائع 1 : 80.


(72)
    وقال مالك : لا يجب إزالة النجاسة مطلقاًً ، قلت أو كثرت (1) لقول ابن عباس : ليس على الثوب جنابة (2) ، ولا دلالة فيه.
    وقال أبو حنيفة : النجاسة المغلظة يجب إزالة ما زاد على الدرهم ، والمخففة لا يجب إلّا أن يتفاحش (3).
    واختلف أصحابه في التفاحش ، قال الطحاوي : التفاحش أن يكون ربع الثوب (4) ، وقال بعضهم : ذراع في ذراع (5) ، وقال أبوبكر الرازي : شبر في شبر (6) ، وكل ذلك تخمين.
    وأما الدم منها فإن كان حيضاً ، أو استحاضة ، أو نفاساً ، وجب ازالة قليله وكثيره ـ خلافاً لأحمد حيث عفى عن يسيره (7) ـ لقول الصادق عليه السلام عن الحائض : « تغسل ما أصاب ثيابها من الدم » (8) ولأنّه مقتضى الدليل.
    وألحق به القطب الراوندي دم الكلب والخنزير ـ (9) ، واستبعده ابن ادريس (10).
1 ـ الكافي في فقه أهل المدينة : 17 ، بداية المجتهد 1 : 81 ، نيل الأوطار 2 : 119.
2 ـ مصنف عبدالرزاق 1 : 372 / 1450.
3 ـ اللباب 1 : 51 ـ 52 ، بداية المجتهد 1 : 81 ، شرح فتح القدير 1 : 177 ـ 178.
4 ـ حلية العلماء 2 : 44.
5 ـ بدائع الصنائع 1 : 80 ، شرح فتح القدير 1 : 178 ، حلية العلماء 2 : 44.
6 ـ حلية العلماء 2 : 44.
7 ـ المغني 1 : 59 ، الشرح الكبير 1 : 61.
8 ـ الكافي 3 : 109 / 1 ، التهذيب 1 : 270 / 652 الاستبصار 1 : 186 / 652.
9 ـ حكاه ابن ادريس في السرائر : 35.
10 ـ السرائر : 35.


(73)
    والحق عندي اختيار القطب ، ويلحق به أيضاً دم الكافر ، والضابط دم نجس العين ، لحصول حكم طارئ للدم ، وهو ملاقاته لنجس العين ، وكذا كلّ دم أصابه نجاسة غيره.
    وإن كان دم قرح أو جرح سائلا لازما لم تجب إزالته ـ وإن كثر مع نجاسته ، سواء الثوب والبدن في ذلك ـ للمشقة ، ولقولهم عليهم السلام عن دم القروح التي لا تزال تدمي : « يصلّي » (1).
    وان كانت الدماء تسيل ، فإن انقطع السيلان اعتبر بالدرهم ، لزوال حرج إزالته.
    وإن كان مغايراً لهذين القسمين من المسفوح كدم الفصاد والبثور والذبيحة كان نجساً وتجب إزالته إنّ زاد على الدرهم البغلي إجماعاً ، لقول الباقر عليه السلام : « وان كان أكثر من قدر الدرهم ورآه ولم يغسله وصلّى فليعد صلاته » (2).
    وان نقص عنه لم تجب إزالته إجماعاً ، لقول الباقر عليه السلام : « ما لم يكن مجتمعا قدر الدرهم » (3) وفي الدرهم قولان لعلمائنا (4) ، أحوطهما : الوجوب.
1 ـ التهذيب 1 : 256 / 744 ، الاستبصار 1 : 177 / 615.
2 ـ التهذيب 1 : 255 / 739 ، الاستبصار 1 : 175 / 610.
3 ـ التهذيب 1 : 256 / 742 ، الاستبصار 1 : 176 / 612.
4 ـ ممن ذهب إلى الوجوب السيد المرتضى في الانتصار : 13 ، وابن أبي عقيل على ما حكاه المصنف عنه في مختلف الشيعة : 60 ، وسلار في المراسم : 55.
وإلى عدمه الشيخ في المبسوط 1 : 35 ، والمفيد في المقنعة : 10 ، والصدوق في الهداية : 15 ، وابن البراج في المهذب 1 : 51.


(74)
فروع :
    الأول : قسم الشافعي النجاسة إلى دم وغيره ، والأول : إن كان من ذي النفس السائلة ففي قول عنه : أنّه غير معفو عنه مطلقاً. وفي القديم : يعفى عما دون الكف ، وفي ثالث : يعفى عن قليله ، وهو ما لم يتفاحش.
    وإن كان من غير ذي النفس فهو نجس يعفى عما قل ، دون المتفاحش ، وغير الدم لا يعفى عن قليله ولا كثيره (1).
    الثاني : الدرهم البغلي هو المضروب من درهم وثلث ، منسوب إلى قرية بالجامعين (2) ، وابن أبي عقيل قدّره بسعة الدينار (3) ، وابن الجنيد بأنملة الإبهام (4).
    الثالث : هذا التقدير في المجتمع ، والأقرب في المتفرق ذلك لو جمع ، فيجب إزالته ، أو ما يحصل معه القصور ، وقال الشيخ : ما لم يتفاحش (5).
    الرابع : لو لاقت نجاسة غير الدم ما عفي عنه منه لم يبق عفو ، سواء لاقت قبل الاتصال بالمحل أو بعده.

    مسألة 24 : نجس العين لا يطهر بحال ، إلّا الخمر تتخلل ، والنطفة والعلقة [ والمضغة ] (6) والدم في البيضة اذا صارت حيوانا إجماعاً ، ودخان
1 ـ المهذب للشيرازي 1 : 67 ، المجموع 3 : 133 ـ 135 ، حلية العلماء 2 : 42 ـ 43.
2 ـ الجامعين : هي حلة بني مزيد التي بأرض بابل على الفرات بين بغداد والكوفة. معجم البلدان 2 : 96. وللتوسعة في بحث الدرهم اُنظر : العقد المنير فيما يتعلق بالدراهم والدنانير.
3 ـ حكاه المحقق في المعتبر 119.
4 ـ حكاه المحقق في المعتبر : 119.
5 ـ النهاية : 52.
6 ـ الزيادة من النسخة « م ».


(75)
الاعيان النجسة عندنا ـ وهو أحد وجهي الشافعي (1) ـ وما أحالته النار عندنا ، وبه قال أبو حنيفة (3) ، فإن الاستحالة أبلغ في الإزالة من الغسل ، خلافاً للشافعي (3) ، لأنّها لم تنجس بالاستحالة فلم تطهر بها ، والملازمة ممنوعة.
    ولو وقع في القدر ـ وهي تغلي على النار ـ دم ، قال بعض علمائنا : تطهر بالغليان ، لأنّ النار تحيل الدم (4) ، وفيه ضعف ، ولو كان غير الدم لم تطهر إجماعا.
    ولو استحال الخنزير ـ وغيره من العينيات ـ ملحاً في المملحة ، أو الزبل الممتزج بالتراب ـ حتى طال عهده ـ ترابا ، قال أبو حنيفة : يطهر ، وللشافعي وجهان (5) ، وعندي في ذلك تردد ، وللشيخ قولان في تراب القبر بعد صيرورة الميت رميماً (6).
    وأما النجس بالملاقاة فعلى أقسام :
    الأول : الحصر ، والبواري ، والارض ، والثابت (7) فيها ، والأبنية ، تطهر بتجفيف الشمس خاصة من البول وشبهه ، كالماء النجس ، وإن كان خمراً إذا ذهبت الآثار.
1 ـ المجموع 2 : 579.
2 ـ المجموع 2 : 579 ، بدائع الصنائع 1 : 85.
3 ـ المجموع 2 : 579.
4 ـ الصدوق في المقنع : 12.
5 ـ المجموع 2 : 579 ، السراج الوهاج : 23 ، مغني المحتاج 1 : 81 ، بدائع الصنائع 1 : 85 ، حلية العلماء 1 : 245.
6 ـ المبسوط للطوسي 1 : 32 و 93.
7 ـ في نسخة « ش » : والنابت ، والصحيح ظاهراً ما اثبت من نسخة « م ».
تذكرة الفقهاء الجزء الأول ::: فهرس