تذكرة الفقهاء الجزء الأول ::: 91 ـ 105
(91)
وظهور علامة النجاسة ، كنقصان الماء في أمارة الولوغ.
    الثالث : لو أداه اجتهاده إلى إناء ، وصلّى فيه صبحاً ، ثم اجتهد فأداه إلى غيره وقت الظهر ، تيمم عند الشافعي ، لأنّ الاجتهاد لا ينقض الاجتهاد ، وعنه قول : أنّه يتوضأ به بعد أن يغسل ما على بدنه من الماء الذي غلب على ظنه أنّه نجس (1) ، وليس ذلك ينقض الاجتهاد الأول ، لأنّا لا نبطل طهارته الاُولى ولا صلاته ، بل معناه يغسل ما غلب على ظنه أنّه نجس.
    الرابع : قال الشيخ : يجب إراقة الإناء‌ين عند التيّمم (2) ـ وبه قال أحمد في إحدى الروايتين (3) ـ لئلّا يتيمم ومعه ماءً طاهر.
    والأجود عدمه ، إذ الشرط فقدان ماءً يتمكن من استعماله ، وهو إحدى الروايتين عن أحمد (4).
    وقال الشافعي : إنّ أراقهما أو صب أحدهما في الآخر لم يجب القضاء ، وإلّا وجب في أحد القولين (5) ، وعلى تعليل الشيخ ينبغي الجواز لو أراق أحدهما.
    الخامس : لو كان أحد الإناء‌ين بولاً لم يجز التحري ، وبه قال الشافعي ، وأبو حنيفة (6).
    ولو كان الثالث بولاً ، لم يجز عند الشافعي ، وجاز عند أبي حنيفة (7).
1 ـ فتح العزيز 1 : 285 و 286 ، الوجيز 1 : 10 ، مغني المحتاج 1 : 28.
2 ـ النهاية : 6 ، الخلاف 1 : 201 مسألة 163.
3 ـ المغني 1 : 80 ، المجموع 1 : 181.
4 ـ المغني 1 : 80.
5 ـ المجموع 1 : 185 ، فتح العزيز 1 : 284.
6 ـ المجموع 1 : 195 ، فتح العزيز 1 : 281 ، مغني المحتاج 1 : 27.
7 ـ المجموع 1 : 181 ، حلية العلماء 1 : 89.


(92)
    ولو كان أحدهما مستعملاً ، استعمل أيهما شاء عندنا ، لأنّ المستعمل في الطهارة طاهر مطهر ، أما عند الشيخ في الكبرى فاللائق استعمال كلّ منهما منفردا (1) ، وللشافعي في التحري وجهان (2).
    ولو كان أحدهما ماءً ورد استعمل كلّ منهما إجماعاً ، أما عندنا فلعدم جواز التحري مطلقاًً ، وأما عند الشافعي فلأنّ المضاف ليس له أصل في الطهارة (3).
    ولو صب المشتبه بالنجس في الآخر ، فإن بلغ كرا لم يطهر عندنا ، خلافاً لبعض علمائنا (4) ، ويجئ على قولهم الوجوب لو علمه.
    ولو أراق أحدهما لم يجز التحري في الباقي على أصلنا ، وهو أحد وجهي الشافعية (5). وفيما يصنع حينئذ قولان :
    الطهارة به ، لأنّ الأصل الطهارة ، وقد زال يقين النجاسة ، والتيمم لأنّه ممنوع من استعماله إلّا مع التحري ، وقد مُنع منه.
    والآخر : التحري كما لو كان الآخر باقياً (6).
    السادس : الاعمى لا يجتهد عندنا في الإناء‌ين.
    وللشافعي قولان ، فإن إدراك النجاسة قد يحصل بالمس ، كاضطراب الماء ، واعوجاج الإناء ، ولو عجز ومعه بصير اجتهد ، ففي جواز تقليده عنده.
1 ـ المبسوط للطوسي 1 : 8.
2 ـ المجموع 1 : 194 و 195 ، المهذب للشيرازي 1 : 16.
3 ـ المجموع 1 : 195 ، حلية العلماء 1 : 89.
4 ـ البعض هو السيد المرتضى في رسائله 2 : 361 ، وابن البراج في المهذب 1 : 23 ، وابن إدريس في السرائر : 8 ، ويحيى بن سعيد في الجامع للشرائع : 18.
5 و 6 ـ المجموع 1 : 185 ، المهذب للشيرازي 1 : 16 ، حلية العلماء 1 : 88.


(93)
وجهان ، ولو فقد البصير ففي أحد القولين له : أنّه يخمن ويتوضأ ، وفي الإعادة وجهان ، وفي الآخر : يتيمم (1).
    السابع : لو أخبر أعمى بوقوع بول في الإناء ، فإن قلنا : الظن كالعلم ، وحصل ، وجب القبول ، أما لو شهد عدلان أعميان قبل على ما اخترناه.
    ولو شهدا بنجاسته لن يقبل إلّا بالسبب ، لجواز أن يعتقدا أن سؤر المسوخ نجس ، وكذا البصراء.
    الثامن : الاشتباه مانع مع التعدد ، أما مع الاتحاد فلا.
    فلو كان معه إناء من الماء الطاهر وشك في نجاسته عمل على أصل الطهارة ، إذ لا يرفع يقينها شك النجاسة ، لقول الصادق عليه السلام : « ولا يرفع اليقين أبداً بالشك » (2).
    وكذا لو شك في نجاسة إناء اللبن ، أو الدهن ، أو في تخمير العصير ، أو في طلاق زوجته ، أو في حيضها.
    أمّا لو شك في اللبن هل هو لبن حيوان مأكول أو لا ، أو في اللحم هل هو مذكى أو لا ، أو هل النبات سم قاتل أو لا ، بنى على التحريم ، للتغليب ، وعدم أصالة الإباحة هنا.
    ولو وجد مع كافر إناء فيه ماءً ولم يعلم مباشرته ، ففي جواز الاستعمال نظر.
    التاسع : قال الشافعي : لو اختلف اجتهاد الاثنين ، عمل كلّ باجتهاده
1 ـ المجموع 1 : 196 ، فتح العزيز 1 : 284 ، المهذب للشيرازي 1 : 16.
2 ـ التهذيب 1 : 8 / 11.


(94)
ولا يأتم بصاحبه ، لاعتقاده وضوء‌ه بالنجس (1).
    وقال أبو ثور : يجوز ، لأنّ كلّ واحد تصح صلاته وحده (2) ، وهذا لا يتأتى عندنا ، إلّا فيما لو عمل أحد المجتهدين بقول ابن البراج ، والآخر بما اخترناه.
    فان كان الطاهر واحداً من ثلاثة ، فذهب كلّ واحد من الثلاثة إلى طهارة واحد ، وتوضأ به ، لم يجز أن يأتم واحد منهم بالآخر.
    وإن كان الطاهر اثنين جاز أن يؤم بهما أحدهم ، فإذا صلّى بهما الصبح صحت صلاته وصلاتهما ، لاعتقاد كلّ منهما أنّه توضأ بالطاهر ، ولا يخطيء إمامه في اجتهاده ، ولا يقول : إنّه توضأ بالنجس ، فصحت صلاته خلفه.
    فإن صلّى بهم آخر الظهر ، صحت صلاة الامام ، إذ لا يتعلق بغيره ، وصلاة إمام الصبح ، لأنّه لا يخطئ إمامه ، وأما الآخر فلا تصح صلاته للظهر لأنّه إذا لم يخطئ إمام الصبح خطأ إمام الظهر ، لأنّه لا يجوز أن يكونا جميعا توضئا بالطاهر عنده ، وقد حكمنا بصحة صلاة الصبح ، فلا تصح الظهر.
    فان صلّى بهم الثالث العصر ، صحت صلاته خاصة ، لأنّ كلّ واحد منهما قد صلّى خلف الآخر فتعين النجس في حق الثالث في حقهما.
    ولو كان كلّ من الاواني ، والمجتهدين أربعة فصلاة الصبح والظهر صحيحتان للجميع ، وصلاة العصر صحيحة لامام الصبح والظهر ولامامهما ، ولا تصح للآخر.
    العاشر : يستحب إزالة طين الطريق بعد ثلاثة أيام ، وليس واجباً ما لم يعلم نجاسته.
1 ـ المجموع 1 : 197 ، المهذب للشيرازي 1 : 17.
2 ـ المجموع 1 : 197.


(95)
    الحادي عشر : تجب إزالة النجاسة عن البدن للصلاة الواجبة ، والطواف ، ودخول المساجد ، وعن الثوب كذلك ، لا وجوبا مستقرا إلّا مع اتحاده ، وعن الاواني للاستعمال ، لا مستقرا.

* * *


(96)

(97)
    قال الكاظم عليه السلام : « من يتوضّأ للمغرب كان وضوؤه ذلك كفارة لما مضى من ذنوبه في نهاره ، ما خلا الكبائر ، ومن توضأ لصلاة الصبح كان وضوؤه ذلك كفارة لما مضى من ذنوبه في ليله إلّا الكبائر » (1).
    ويستحب للصلاة ، والطواف المندوبين ، ولدخول المساجد ، وقراء‌ة القرآن ، وحمل المصحف ، والنوم ، وصلاة الجنائز ، والسعي في حاجة ، وزيارة المقابر ، ونوم الجنب ، وجماع المحتلم ، وذكر الحائض ، والكون على طهارة ، والتجديد.
    وفي هذا الباب فصول :
1 ـ الكافي 3 : 70 / 5 ، الفقيه 1 : 31 / 103.

(98)

(99)
    مسألة 27 : يجب الوضوء عندنا بامور خمسة : خروج البول والغائط والريح من المعتاد ، والنوم الغالب على الحاستين ، وما شابهه من كلّ مزيل للعقل ، والاستحاضة القليلة.
    وقد أجمع المسلمون كافة على النقض بالثلاثة الأول لقوله تعالى : ( أو جاء أحد منكم من الغائط ) (1) وقول النبيّ صلّى الله عليه وآله : ( لكن من بول أو غائط ) (2) وقوله عليه السلام : ( فلا تنصرفن حتى تسمع صوتاً ، أو تجد ريحاً ) (3) وقال الصادق عليه السلام : « لا يجب الوضوء إلّا من غائط ، أو بول ، أو ضرطة ، أو فسوة تجد ريحها » (4).

فروع :
    الأول : لو خرج البول والغائط من غير المعتاد فالأقوى عندي النقض ،
1 ـ النساء : 43.
2 ـ سنن النسائي 1 : 98 ، سنن ابن ماجة 1 : 161 / 478 ، سنن الترمذي 1 : 159 / 96 ، مسند أحمد 4 : 239 ، 240 ، نيل الأوطار 1 : 239.
3 ـ سنن النسائي 1 : 98 ، سنن الترمذي 1 : 109 / 75 ، سنن ابن ماجة 1 : 171 / 514 ، سنن ابي داود 1 : 45 / 177 ، صحيح مسلم 1 : 276 / 361.
4 ـ التهذيب 1 : 10 / 16.


(100)
سواء قلّا أو كثرا ، وسواء انسد المخرج أو لا ، وسواء كانا من فوق المعدة أو تحتها ـ وبه قال أحمد بن حنبل (1) ـ لقوله تعالى : ( أو جاء أحد منكم من الغائط ) (2) والأحاديث (3).
    وقال الشيخ : إنّ خرجا من فوق المعدة لم ينقضا ، لأنّه لا يسمى غائطاً (4) ، ولقول الباقر والصادق عليهما السلام وقد سئلا ما ينقض الوضوء ؟ فقالا : « ما يخرج من طرفيك » (5) الحديث ، وما مستوعبة ، ولقول الصادق عليه السلام : « لا ينقض الوضوء إلّا ما خرج من طرفيك الأسفلين » (6) الحديث.
    ويمنع عدم التسمية ، والأحاديث محمولة على الاغلب.
    وقال الشافعي : إنّ انسد المعتاد وانفتح من أسفل المعدة نقض ، إلّا في قول شاذ ، وإن انفتح فوقها أو عليها فقولان ، أصحهما عنده : عدم النقض ، لأنّ ما تحيله الطبيعة تلقيه إلى الأسفل ، فالخارج فوقها أو محاذيها بالقي أشبه.
    وإن كان السبيل بحاله ، فإن انفتح تحت المعدة فقولان :
    أحدهما : النقض ، لأنّه معتاد ، وهو بحيث يمكن انصباب الفضلات إليه.
    والثاني وهو الاصح عندهم : المنع ، لأنّ غير الفرج إنّما يعطى حكمه للضرورة ، وإنّما تحصل مع الانسداد لا مع عدمه.
1 ـ بداية المجتهد 1 : 34 ، المغني 1 : 195 ، الشرح الكبير 1 : 209.
2 ـ النساء : 43.
3 ـ اُنظر على سبيل المثال ، الكافي 3 : 36 / 2 ، التهذيب 1 : 10 / 16 و 18.
4 ـ المبسوط للطوسي 1 : 27.
5 ـ التهذيب 1 : 8 / 12 ، الكافي 3 : 36 / 6 ، الفقيه 1 : 37 / 137.
6 ـ الكافي 3 : 35 / 1 ، التهذيب 1 : 16 / 36.


(101)
    وإن انفتح فوقها ، أو عليها ، لم ينقض إن كان الخارج نادراً كالحصى وإن كان نجاسة كالعذرة فقولان : أقواهما : العدم (1).
    الثاني : لو خرج من أحد السبيلين دود ، أو غيره من الهوام ، أو حصى أو دم غير الثلاثة ، أو شعر ، أو حقنة ، أو أشياف ، أو دهن قطره في إحليله ، لم ينقض ، إلّا أن يستصحب شيئاً من النواقض ، ذهب إليه علماؤنا أجمع ، وبه قال مالك وداود (2) لأنّه نادر فأشبه الخارج من غير السبيلين ، وللأصل ، ولمّا تقدم من الأحاديث.
    وقال أبو حنيفة ، وأصحابه ، والشافعي ، والثوري ، والأوزاعي ، وأحمد ، وإسحاق وأبو ثور : إنّه ناقض ، لعدم انفكاكه من البلة (3). وهو ممنوع.
    الثالث : الريح إنّ خرج من قبل المرأة نقض ، لأنّ له منفذاً إلى الجوف ، وكذا الآدر (4) أما غيرهما فإشكال ـ وبه قال الشافعي (5) ـ لعموم النقض (6) بخروج الريح.
    وقال أبو حنيفة : لا ينقض خروج الريح من القبل (7).
1 ـ المجموع 2 : 8 ، الوجيز 1 : 15 ، مغني المحتاج 1 : 33 ، فتح العزيز 2 : 13 ، 14.
2 ـ بداية المجتهد 1 : 34 ، شرح فتح القدير 1 : 33 ، المدونة الكبرى 1 : 10 ، عمدة القارئ 3 : 47 ، الشرح الصغير 1 : 52 ، 53 ، المجموع 2 : 7 ، فتح العزيز 2 : 10.
3 ـ اللباب 1 : 11 ، بدائع الصنائع 1 : 25 ، الهداية للمرغيناني 1 : 14 ، شرح فتح القدير 1 : 48 ، ألام 1 : 17 ، المجموع 2 : 4 و 6 ، مغني المحتاج 1 : 32 ، عمدة القارئ 3 : 47 ، فتح العزيز 2 : 10 ، المبسوط للسرخسي 1 : 83 ، المغني 1 : 192.
4 ـ الآدر : من يصيبه فتق في إحدى خصييه. مجمع البحرين 3 : 203.
5 ـ الاُم 1 : 17 ، المجموع 2 : 4 ، الوجيز 1 : 15 ، فتح العزيز 2 : 9.
6 ـ اُنظر على سبيل المثال : الكافي 3 : 36 / 6.
7 ـ اللباب 1 : 11 ، فتح العزيز 2 : 9 ، المجموع 2 : 8 ، المبسوط للسرخسي 1 : 83.


(102)
    الرابع : لو ظهرت مقعدته وعليها شيء من العذرة ثم خفيت ، ولم ينفصل شيء ، ففي النقض إشكال ، ينشأ من صدق الخروج ، ومن عدم الانفصال.
    الخامس : الخنثى المشكل إذا بال فحكمه حكم ما لو كانت الثقبة دون المعدة ، ولم ينسد المخرج فعندنا ينقض ، وللشافعي قولان (1) لجواز أن يكون ذلك المخرج ثقبة زائدة.

    مسألة 28 : النوم الغالب على السمع والبصر ناقض عند علمائنا أجمع ، وهو قول أكثر أهل العلم ، لقوله عليه السلام : ( العين وكاء السه ، من نام فليتوضأ ) (2) وقال الصادق عليه السلام : « لا ينقض الضوء إلّا حدث ، والنوم حدث » (3).
    وحكي عن أبي موسى الاشعري ، وأبي مجلز ، وحميد الاعرج ، أنّه لا ينقض (4) ، وعن سعيد بن المسيب ، أنّه كان ينام مضطجعاً مراراً ينتظر الصلاة ، ثم يصلّي ولا يعيد الوضوء (5) لأنّه ليس بحدث في نفسه ، والحدث مشكوك فيه.
    ونمنع الاُولى لما تقدم.
1 ـ المجموع 2 : 8 و 10 ، مغني المحتاج 1 : 32.
2 ـ سنن ابن ماجة 1 : 161 / 477 ، سنن ابي داود 1 : 52 / 203 ، مسند أحمد 1 : 111.
3 ـ التهذيب 1 : 6 / 5 ، الاستبصار 1 : 79 / 246.
4 ـ نيل الأوطار 1 : 239 ، المبسوط للسرخسي 1 : 78 ، أحكام القرآن لابن العربي 2 : 559 ، فتح الباري 1 : 251 ، تفسير القرطبي 5 : 221 ، المجموع 2 : 17 ، المغني 1 : 196.
5 ـ المغني 1 : 196.


(103)
فروع :
    الأول : نوم المضطجع ناقض ، قلّ أو كثر عند كلّ من حكم بالنقض.
    ونوم القاعد ناقض عندنا وإن قلّ ، للعموم ، وهو قول المزني ، والشافعي في أحد القولين ، وإسحاق ، وأبوعبيد (1) ، إلّا ابن بابويه منّا ، فانه قال : الرجل يرقد قاعداً لا وضوء عليه ما لم ينفرج (2) ، وهو قول الشافعي وإن كثر اذا كان ممكنا لمقعدته من الأرض ، لأنّ الصحابة كانوا ينامون ثم يقومون فيصلون من غير وضوء (3) ، وليس بحجة لإمكان السنة.
    وقال مالك ، وأحمد ، والثوري ، وأصحاب الرأي : إن كان كثيراً نقض وإلّا فلا (4).
    وأما نوم القائم ، والراكع ، والساجد فعندنا أنّه ناقض ، وبه قال الشافعي في الجديد ، وأحمد في إحدى الروايتين (5) للعموم ، والثانية : أنّه لا ينقض ، وبه قال الشافعي في القديم (6).
    وقال أبو حنيفة : النوم في كلّ حال من أحوال الصلاة غير ناقض ، وإن
1 ـ مختصر المزني : 4 ، نيل الأوطار 1 : 239 ، المحلى : 223 ، عمدة القارئ 3 : 109 ، المهذب للشيرازي 1 : 30 ، فتح الباري 1 : 251.
2 ـ الفقيه 1 : 38 / 144.
3 ـ المجموع 2 : 14 ، الوجيز 1 : 16 ، الاُم 1 : 12 ، سبل السلام 1 : 96 ، مغني المحتاج 1 : 34 ، فتح العزيز 1 : 21 ، المحلى 1 : 225.
4 ـ نيل الأوطار 1 : 239 ، المبسوط للسرخسي 1 : 78 ، المحلى 1 : 225 ، المجموع 2 : 17 ، المدونة الكبرى 1 : 9 ، مسائل الامام أحمد : 13 ، مقدمات ابن رشد 1 : 44 ، فتح العزيز 2 : 25 ، فتح الباري 1 : 251 ، بداية المجتهد 1 : 37 ، القواعد في الفقه الاسلامي : 342.
5 ـ نيل الأوطار 1 : 240 ، المبسوط للسرخسي 1 : 78 ، الاُم 1 : 13 ، بداية المجتهد 1 : 36 ، بدائع الصنائع 1 : 31 ، عمدة القارئ 3 : 110 ، فتح العزيز 2 : 24 ، المغني 1 : 197.
6 ـ المجموع 2 : 18 ، فتح العزيز 2 : 24 ، المغني 1 : 198.


(104)
كثر ، وهو أضعف أقوال الشافعي (1) ، لقول النبيّ صلّى الله عليه وآله : ( إذا نام العبد في سجوده باهى الله تعالى به ملائكته ، يقول : عبدي روحه عندي وجسده ساجد بين يدي ) (2) ، ولا حجة فيه.
    الثاني : السُنة ـ وهي ابتداء النعاس ـ غير ناقضة ، لأنّها لا تسمى نوماً ، ولأن نقضه مشروط بزوال العقل.
    الثالث : كلّ ما أزال العقل من إغماء ، أو جنون ، أو سكر ، أو شرب مرقد ، ناقض لمشاركته للنوم في المقتضي ، ولقول الصادق عليه السلام : « إذا خفي الصوت فقد وجب الوضوء » (3).
    وللشافعية في السكر قولان ، أضعفهما : عدم النقض ، لأنّه كالصاحي في الحكم فينفذ طلاقه وعتقه ، وإقراره وتصرفاته (4) ، وهو ممنوع.
    الرابع : ولو شك في النوم لم تنتقض طهارته ، وكذا لو تخايل له شيء ولم يعلم أنّه منام أو حديث النفس ، ولو تحقق أنّه رؤيا نقض.

    مسألة 29 : دم الاستحاضة إن كان قليلاً يجب به الوضوء خاصة ، ذهب إليه علماؤنا ، إلّا ابن أبي عقيل (5) ، لقول النبيّ صلّى الله عليه وآله : ( المستحاضة تتوضأ لكلّ صلاة ) (6).
    وقول الصادق عليه السلام : « وإن كان الدم لا يثقب الكرسف توضأت
1 ـ المبسوط للسرخسي 1 : 78 ، فتح العزيز 2 : 24 و 28 ، نيل الأوطار 1 : 240 ، المجموع 2 : 14 و 18 ، المحلى 1 : 224 ، اللباب 1 : 13 ، شرح فتح القدير 1 : 43.
2 ـ تلخيص الحبير 2 : 26.
3 ـ الكافي 3 : 37 / 14 ، التهذيب 1 : 9 / 14 ، وفيهما عن أبي الحسن (ع).
4 ـ المجموع 2 : 21 ، فتح العزيز 2 : 19.
5 ـ حكاه المحقق في المعتبر : 28.
6 ـ سنن ابي داود 1 : 81 / 300 ، سنن البيهقي 1 : 348.


(105)
وصلت كلّ صلاة بوضوء » (1).
    وقال ابن أبي عقيل : ما لم يظهر على القطنة فلا غسل ولا وضوء (2) وقال مالك : ليس على المستحاضة وضوء (3).

    مسألة 30 : لا يجب الوضوء بشيء سوى ما ذكرناه ، ذهب إليه علماؤنا أجمع ، وقد خالف الجمهور في أشياء نحن نذكرها.
    الأول : المذي والوذي ـ وهو ما يخرج بعد البول ثخين كدر ـ لا ينقضان الوضوء ، ذهب إليه علماؤنا أجمع ، للأصل ، ولقول الصادق عليه السلام : « إنّ علياً عليه السلام كان مذاء ، فاستحى أن يسأل رسول الله صلّى الله عليه وآله لمكان فاطمة عليها السلام ، فأمر المقداد أن يسأله ، فقال : ليس بشيء » (4).
    وقال الجمهور : إنّهما ناقضان (5) إلّا مالكاً فإنه قال : المذي إذا استدام به لا يوجب الوضوء (6) ، لأنّ علياً عليه السلام قال : « كنت اكثر الغسل من المذي حتى تشقق ظهري ، فسألت رسول الله صلّى الله عليه وآله فقال : إنّما يكفيك أن تنضح على فرجك ، وتتوضأ للصلاة » (7) وهو بعد
1 ـ الكافي : 89 / 2 ، التهذيب 1 : 107 / 277.
2 ـ حكاه المحقق في المعتبر : 28.
3 ـ بداية المجتهد 1 : 60 ، المغني 1 : 389 ، المحلى 1 : 253 ، المنتقى للباجي 1 : 127.
4 ـ التهذيب 1 : 17 / 39 ، الاستبصار 1 : 91 / 292.
5 ـ المبسوط للسرخسي 1 : 67 ، الاُم 1 : 39 ، الشرح الصغير 1 : 52 ، المحلى 1 : 232 ، المجموع 2 : 6 ، سبل السلام 1 : 101 ، المدونة الكبرى 1 : 10 ـ 12 ، بداية المجتهد 1 : 34 ، المغني 1 : 194 ـ 195 ، نيل الأوطار 1 : 237 ، عمدة القارئ 3 : 217 ، فتح الباري 1 : 302.
6 ـ بداية المجتهد 1 : 34 ، المجموع 2 : 7 ، المنتقى للباجي 1 : 89.
7 ـ سنن ابي داود 1 : 53 / 206 ، 207 ، سنن النسائي 1 : 111 ، صحيح مسلم 1 : 247 / 303 ، الموطأ 1 : 40 / 53.
تذكرة الفقهاء الجزء الأول ::: فهرس