تذكرة الفقهاء الجزء الأول ::: 211 ـ 225
(211)
    مسألة 61 : لو تيقنهما وشك في المتأخر ، قال أكثر علمائنا : يعيد الطهارة مطلقاًً لحصول الشك (1) ، وهو أحد وجوه الشافعية (2).
    وقيل : إن لم يسبق له وقت يعلم حاله فيه أعاد ، وإن سبق بنى على ضد تلك الحال ، فلو عرف بعد الزوال أنّه تطهر وأحدث ، وعلم أنّه قبل الزوال كان متطهرا ، فهو الآن محدث ، لأنّ تلك الطهارة بطلت بالحدث الموجود بعد الزوال.
    والطهر الموجود بعده يحتمل تقدمه على الحدث لإمكان التجديد ، وتأخره فلا يرفع حكماً تحققناه بالشك ، ولو لم يكن من عادته التجديد فالظاهر أنّه متطهر بعد الحدث ، فتباح له الصلاة.
    وان كان قبله محدثاً ، فهو الآن متطهر لارتفاعه بالطهر الموجود بعد الزوال ، والحدث الموجود يحتمل سبقه ، لإمكان توالي الاحداث ، وتأخره فلا تبطل طهارة متحققة بحدث موهوم (3).
    وقيل : يراعى الأصل السابق ، فإن كان قبل الزوال متطهرا أو محدثاً فهو كالسابق ، ويحكم بسقوط حكم الحدث والطهر الموجودين بعده لتساوي الاحتمالين ، وللشافعية الوجوه الثلاثة (4).
    والأقرب أن نقول : إنّ تيقن الطهارة والحدث متحدين متعاقبين ولم يسبق حاله على علم زمانهما تطهر ، وإن سبق استصحب.

    مسألة 62 : لو شك في شيء من أفعال الوضوء ، فإن كان على حاله لم
1 ـ منهم المفيد في المقنعة : 6 ، وابن حمزة في الوسيلة : 52 ، والشيخ الطوسي في المبسوط 1 : 24 ، وسلّار في المراسم : 40.
2 ـ كفاية الأخيار 1 : 23 ، مغني المحتاج 1 : 39 ، المجموع 2 : 64 ، فتح العزيز 2 : 83.
3 ـ القائل هو المحقق في المعتبر : 45.
4 ـ المجموع 2 : 64 ، فتح العزيز 2 : 81 ـ 82 ، كفاية الأخيار 1 : 23 ، مغني المحتاج 1 : 39.


(212)
يفرغ منه أعاد على ما شك فيه وعلى ما بعده ، ولو كان السابق قد جفّ استأنف من رأس ، لأنّ الأصل عدم الفعل ، فلا يدخل في الصلاة بطهارة غير مظنونة.
    ولو كان الشك بعد الفراغ والانصراف لم يلتفت إلى الشك ، لقضاء العادة بالانصراف من الفعل بعد استيفائه ، ولقول الباقر عليه السلام : « إذا كنت قاعداً على وضوئك فلم تدر أغسلت ذراعك أم لا ، فأعد عليها و على جميع ما شككت فيه ، وإذا قمت من الوضوء وفرغت منه وصرت في حالة اُخرى في الصلاة أو غيرها ، وشككت في شيء مما سمى الله عليك وضوء‌ه فلا شيء عليك فيه » (1) وهو نصّ في الحكمين.
    وبعض الشافعية سوى بين الحكمين ، وأوجب الاتيان بالمشكوك فيه وبما بعده لئلا يدخل إلى الصلاة بطهارة مشكوك فيها (2) ، ولا شك بعد الحكم لعدم الالتفات.
    تذنيب : لو كان الشك في شيء من أعضاء الغُسل ، فإن كان في المكان أعاد عليه وعلى ما بعده ، وإن كان بعد الانتقال فكذلك ، بخلاف الوضوء ، لقضاء العادة بالانصراف عن فعل صحيح ، وإنّما يصح هناك لو كمّل الافعال ، للبطلان مع الإخلال بالموالاة ، بخلاف الغسل.
    وفي المرتمس ، ومن عادته التوالي ، إشكال ينشأ من الالتفات إلى العادة وعدمه.
    والتيمم مع اتساع الوقت ، إنّ أوجبنا الموالاة فيه فكالوضوء ، وإلا فكالغسل.
1 ـ الكافي 3 : 33 / 2 ، التهذيب 1 : 100 / 261.
2 ـ المجموع 1 : 468.


(213)
    مسألة 63 : لو تيقن ترك عضو ، أتى به وبما بعده مطلقاًً بلا خلاف ، ولو جفّ السابق استأنف ، ولقول الصادق عليه السلام : « اذا نسي الرجل أن يغسل يمينه فغسل شماله ، ومسح رأسه ورجليه ، غسل يمينه وشماله ومسح رأسه ورجليه ، وإن كان إنّما نسي شماله فليعد الشمال ولا يعيد على ما كان توضأ » (1) ومن أسقط الترتيب أوجب الإتيان بالمنسي خاصة.
    ومع الجفاف يجب الجميع عند من أوجب الموالاة.
    ولو كان المتروك مسحاً مسح ، فإن لم يبق على يده نداوة أخذ من لحيته وحاجبيه وأشفار عينيه ، ومسح برأسه ورجليه ، لتحريم الاستئناف ، فإن لم يبق على شيء من ذلك نداوة استأنف.

فروع :
    أ ـ لو جدد ندباً وصلّى ثم ذكر إخلال عضو من إحداهما أعاد الطهارة والصلاة ، على ما اخترناه من اشتراط نيّة الوجوب أو الندب ، او الاستباحة أو الرفع ، أما من اكتفى بالقربة فلا يعيد شيئاً لأنّه من أي الطهارتين كان سلمت الاخرى.
    ولو صلّى بكل منهما صلاة أعاد الجميع عندنا ، وعند الشيخ يعيد الاُولى خاصة (2) ، لاحتمال أن يكون من طهارتها فتبطل ، وتصح الثانية بالثانية ، وأن يكون من الثانية فيصح الجميع ، فالاولى مشكوك فيها دون الثانية.
    ولو جدّد واجباً بنذر وشبهه ، فإن اكتفينا بالوجه فكالشيخ ، وإلّا فكالمختار.
    ب ـ لو توضأ وصلّى وأحدث ثم توضأ وصلّى أخرى ، ثم ذكر الاخلال
1 ـ الكافي 3 : 34 / 4 ، التهذيب 1 : 99 / 259.
2 ـ المبسوط للطوسي 1 : 24 ـ 25.


(214)
المجهول تطهر وأعادهما مع الاختلاف عدداً ، وإلّا العدد ينوي به ما في ذمته على الأقوى ، وقيل : الجميع مطلقاًً (1) ، وكذا لو ذكر أنّه نقض إحدى الطهارتين وجهل تعيينها.
    ج ـ لو صلّى الخمس بخمس طهارات من غير حدث ، ثم ذكرالحدث عقيب أحدها ، قال الشيخ : يعيد الجميع (2) وهو حق عندنا ، أما عنده (3) فالأقرب إعادة صبح ومغرب ، وأربع ينوي ما في ذمته ، وكذا لو تحقق الاخلال المجهول ، أما لو تطهر لكلّ من الخمس عقيب حدث وتيقن الإخلال المجهول أو النقض ، قال الشيخ : يعيد الجميع (4) والمعتمد الثلاث.
    د ـ لو توضأ للخمس خمساً عن حدث وتيقن الاخلال المجهول من طهارتين ، أعاد أربعا ، صبحاً ومغربا وأربعاً مرتين ، فله إطلاق النيّة فيهما والتعيين فيأتي بثالثة ويتخير بين تعيين الظهر أو العصر أو العشاء ، فيطلق بين الباقيتين وله الإطلاق الثاني ، فيكتفي بالمرتين.
    هـ ـ لو كان الترك من طهارتين في يومين ، فإن ذكر التفريق صلّى عن كلّ يوم ثلاث صلوات أربعا وثلاثا واثنين.
    وإن ذكر جمعهما في يوم واشتبه صلّى أربعاً ، ولو جهل الجمع والتفريق صلّى عن كلّ يوم ثلاث صلوات.
    والبحث فيما لو توضأ خمساً لكلّ صلاة طهارة عن حدث ثم ذكر النقض المجهول بين الطهارة والصلاة كذلك.
1 ـ قال به الشيخ الطوسي في المبسوط 1 : 24.
2 ـ المبسوط للطوسي 1 : 25.
3 ـ الصحيح « عندي » كما هو رأي المصنف في منتهى المطلب 1 : 75 وتحرير الاحكام : 11 ، وذيل الفرع شاهد على ذلك ، مضافاً إلى أن هذا الرأي ليس في المبسوط.
4 ـ المبسوط للطوسي 1 : 25 ـ 26.


(215)
    و ـ لو صلّى الخمس بثلاث طهارات عن حدث ثم ذكر الإخلال المجهول فإن جمع بين الرباعيتين بطهارة صلّى أربعا ، صبحاً ومغرباً وأربعاً مرتين ، وإلّا اكتفى بالثلاث.

* * *


(216)

(217)
    وهو قسمان : واجب ونفل ، فالواجب ستة : غسل الجنابة ، والحيض ، والاستحاضة ، والنفاس ، ومس الأموات بعد بردهم بالموت وقبل تطهيرهم بالغسل ، وغسل الموتى ، فهنا فصول :


(218)

(219)
    ومطالبه ثلاثة :
    الأول : في السبب وهو أمران : الإنزال والجماع.
    أما الإنزال : فهو خروج المني ، وله ثلاث خواص : أن تكون رائحته كرائحة الكثر (1) ما دام رطبا ، وكرائحة بياض البيض إذا جفّ ، وأن يندفق بدفعات ، وأن يتلذذ بخروجه ، وتنكسر الشهوة عقيبه ، وأما الثخانة والبياض فلمنيّ الرجل ، ويشاركه فيها الوذي ، والرقة والصفرة في مني المرأة ، ويشاركه فيهما المذي لقوله عليه السلام : ( الماء من الماء ) (2).
    وأما الجماع : فحدّه التقاء الختانين ، لقوله عليه السلام : ( إذا التقى الختانان فقد وجب الغُسل ) (3).

    مسألة 64 : إنزال الماء الدافق كيف كان يقظة ونوماً ، بشهوة وغيرها ، بدفق أو لا يوجب الغُسل ، الرجل والمرأة في ذلك سواء ، ذهب إليه علماؤنا
1 ـ الكثر : جمار النخل ويقال طلعها. الصحاح 2 : 803 مادة « كثر ».
2 ـ صحيح مسلم 1 : 269 / 343 ، سنن النسائي 1 : 115 ، مسند أحمد 3 : 29 ، سنن الدارمي1 : 194 ، سنن الترمذي 1 : 186 / 112 ، سنن ابي داود 1 : 56 / 217. سنن ابن ماجة 1 : 199 / 607.
3 ـ مسند أحمد 6 : 239 ، سنن البيهقي 1 : 163.


(220)
أجمع ، وبه قال الشافعي (1) للحديث (2) ، ولأنّه منيّ آدمي خرج من محله من المخرج المعتاد فيجب الغُسل ، كالملتذ والنائم.
    وقال أبو حنيفة ، ومالك ، وأحمد : لا يجب الغُسل إلّا إذا خرج الماء على وجه الدفق والشهوة ، لأنّه بدونهما كالمذي (3).
    والفرق ظاهر ، فإن المذي لا يوجب الغُسل بحال.

فروع :
    أ ـ إذا اغتسل من الماء ثم خرج منيّ آخر منه ، فإن كان يعلم أنّه منيّ وجب عليه الغُسل ، سواء بال أو لا ـ وبه قال الشافعي (4) ـ للنص (5).
    وقال أبو حنيفة : إنّ خرج قبل البول وجب أن يعيد الغُسل ، لأنّه بقية ما خرج بالدفق والشهوة ، وإن خرج بعده لم يجب ، لأنّه خرج بغير دفق ولا
1 ـ المجموع 2 : 139 ، فتح العزيز 2 : 125 ، كفاية الأخيار 1 : 23 ـ 24 ، الوجيز 1 : 17 ، مختصرالمزني : 5 ، الاُم 1 : 37 ، المحلى 2 : 5 ـ 6 ، المبسوط للسرخسي 1 : 67 ، بداية المجتهد1 : 47 ، الهداية للمرغيناني 1 : 16 ، شرح العناية 1 : 53 ، المغني 1 : 231 ، الشرح الكبير 1 : 230.
2 ـ مسند أحمد 3 : 29 ، صحيح مسلم 1 : 269 / 343 ، سنن النسائي 1 : 115 ، سنن الدارمي 1 : 194 ، سنن الترمذي 1 : 186 ، ذيل الحديث 112 ، سنن ابن ماجة 1 : 199 / 607 ، سنن أبي داود 1 : 56 / 217.
3 ـ المجموع 2 : 139 ، فتح العزيز 2 : 125 ، الوجيز 1 : 17 ، المحلى 2 : 6 المبسوط للسرخسي 1 : 67 ، بداية المجتهد 1 : 47 ، الشرح الصغير 1 : 61 ، المغني 1 : 231 ، الشرح الكبير 1 : 230 ، اللباب 1 : 16 ، شرح فتح القدير 1 : 53.
4 ـ الاُم 1 : 37 ، المجموع 2 : 139 ، فتح العزيز 2 : 125 ، الوجيز 1 : 17 ، كفاية الأخيار 1 : 24 ، المحلى 2 : 7 ، المغني 1 : 233 ، الشرح الكبير 1 : 234.
5 ـ مسند أحمد 3 : 29 ، صحيح مسلم 1 : 269 / 343 ، سنن النسائي 1 : 115 ، سنن


(221)
شهوة ، وبه قال الأوزاعي (1).
    وقال مالك : لا غسل عليه ، سواء خرج بعد البول أو قبله ، لأنّه قد اغتسل منه فلا يجب عليه أن يغتسل منه مرّة اُخرى (2) ـ وعنه في الوضوء روايتان (3) ـ وهو مذهب أبي يوسف ومحمد وإسحاق (4). وهو غلط لما بيّنا من عدم اعتبار الشهوة ، ولو تقطّر من بوله قطرة أعاد الوضوء.
    وأما إن لم يعلم أنّه مني ، فإن خرج بعد البول لم يجب الغُسل ، ووجب الوضوء ، لأنّ الظاهر أنّه من بقايا البول ، وإن كان قد استبرأ بالبول بعده ، أو اجتهد قبل البول ، واستبرأ فلا شيء ولا وضوء ولا غسل.
    ب ـ لو شك في أنّه أنزل أم لا فلا غسل عليه ، ولو شك في أن الخارج مني اعتبره بالصفات ، واللذة ، وفتور الجسد ، لأنّها من الصفات اللازمة في الغالب ، فمع الاشتباه يستند إليها لقول الكاظم عليه السلام : « وإن لم يجد شهوة ولا فترة به فلا بأس » (5).
    ج ـ لا يشترط في المريض الدفق ، وتكفي الشهوة وفتور الجسد ،
الدارمي 1 : 194 ، سنن الترمذي 1 : 186 ، ذيل الحديث 112 ، سنن ابن ماجة 1 : 199/ 607 ، سنن أبي داود 1 : 56 / 217.
1 ـ اللباب 1 : 16 ، المبسوط للسرخسي 1 : 67 ، شرح فتح القدير 1 : 54 ، المجموع 2 : 139 ، فتح العزيز 2 : 126 ، المغني 1 : 233 ، الشرح الكبير 1 : 234.
2 ـ المغني 1 : 233 ، الشرح الكبير 1 : 234 ، الشرح الصغير 1 : 61 ، الجموع 2 : 139 ، فتح العزيز 2 : 125 ، المحلى 2 : 7.
3 ـ حلية العلماء 1 : 172.
4 ـ المغني 1 : 233 ، الشرح الكبير 1 : 234 ، المجموع 2 : 139 ، حلية العلماء 1 : 171.
5 ـ التهذيب 1 : 120 / 317 ، الاستبصار 1 : 104 / 342.


(222)
لقصور قوته لقول الصادق عليه السلام : « لأنّ الرجل إذا كان صحيحاً جاء الماء بدفقة قوية ، وإن كان مريضاً لم يجئ إلّا بعد » (1).
    د ـ لو شك هل أنزل أم لا لم يجب عليه الغسل.
    هـ ـ إذا انتقل الماء إلى الذكر ولم يظهر ، لم يجب الغُسل حتى يظهر ـ وبه قال الشافعي (2) ـ لقوله عليه السلام لعلي عليه السلام : ( إذا فضخت الماء فاغتسل ) (3) ، والفضخ : الظهور (4) ، ولأن ما يتعلق به الطهارة يعتبر ظهوره كسائر الأحداث.
    وقال أحمد : يجب قبل الظهور لأنّ المعتبر الشهوة وقد حصلت بانتقاله (5) ، والمقدمتان ممنوعتان ، فإن كمالها بظهوره.
    و ـ إذا أنزلت المرأة وجب عليها الغُسل ، لأنّ ام سليم امرأة أبي طلحة قالت : يا رسول الله إنّ الله لا يستحي من الحق ، هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت ؟ فقال : ( نعم إذا رأت الماء ) (6).
    ز ـ لو خرج المني من ثقبة في الذكر أو الانثيين أو الصلب وجب الغسل.
    ح ـ لو استدخلت المرأة منيّ الرجل ثم خرج لم يجب عليها الغُسل ، لقول الصادق عليه السلام وقد سئل عن المرأة تغتسل من الجنابة ثم ترى نطفة
1 ـ التهذيب : 369 / 1124 ، الاستبصار 1 : 110 / 365 ، الكافي 3 : 48 / 4.
2 ـ المجموع 2 : 140 ، مغني المحتاج 1 : 70 ، كفاية الأخيار 1 : 24.
3 ـ مسند أحمد 1 : 109 ، سنن النسائي 1 : 111 ، سن ابي داود 1 : 53 / 206.
4 ـ اُنظر الفائق 3 : 124 ، النهاية لابن الاثير 3 : 453 ، مادة « فضخ ».
5 ـ المغني 1 : 231 ، الشرح الكبير 1 : 233 ، المجموع 2 : 140.
6 ـ صحيح مسلم 1 : 251 / 313 ، صحيح البخاري 1 : 44 ، سنن النسائي 1 : 114 ، سنن الترمذي 1 : 209 / 122 ، الموطأ 1 : 51 / 85.


(223)
الرجل بعد ذلك هل عليها غسل ؟ قال : « لا » (1).
    ولا يجب أيضاً الوضوء عند علمائنا ، خلافاً للشافعي (2).
    وكذا لو وطأها فيما دون الفرج فدب ماؤه إلى فرجها ثم خرج بعد أن اغتسلت ، أو وطأها في الفرج ثم خرج بعد غسلها ، وبه قال قتادة والأوزاعي وإسحاق والشافعي وأحمد (3).
    وقال الحسن : تغتسل ، لأنّه مني خارج فأشبه ماء‌ها (4).

    مسألة 65 : لو احتلم أنّه جامع وأمنى ، ثم استيقظ ولم ير شئيا لم يجب الغُسل إجماعاً ، لأنّ الصادق عليه السلام سئل عنه فقال : « ليس عليه الغُسل » (5).
    ولو رأى المني على جسده أو ثوبه وجب الغُسل إجماعاً لأنّه منه ، وإن لم يذكر الاحتلام ، لأنّ الصادق عليه السلام سئل عن الرجل يرى في ثوبه المني بعدما يصبح ، ولم يكن رأى في منامه أنّه قد احتلم ، قال : « فليغتسل وليغسل ثوبه ويعيد صلاته » (6).

    فروع :
    أ ـ لو استيقظ فرأى بللاً لا يعلم أنّه مني ، فلا غسل ، وإن احتلم بالجماع على إشكال ، لأنّ الطهارة متيقنة والحدث مشكوك.
1 ـ الكافي 3 : 49 / 3 ، التهذيب 1 : 146 / 413.
2 ـ المجموع 2 : 151.
3 ـ المحلى 2 : 7 ، المجموع 2 : 151 ، المغني 1 : 235 ، الشرح الكبير 1 : 232.
4 ـ المحلى 2 : 7 ، المجموع 2 : 151 ، المغني 1 : 235 ، الشرح الكبير 1 : 232.
5 ـ الكافي 3 : 48 / 1 ، التهذيب 1 : 120 / 316 ، الاستبصار 1 : 109 / 362.
6 ـ التهذيب 1 : 368 / 1118 ، الاستبصار 1 : 111 / 367.


(224)
    ب ـ لو رأى في ثوبه المختص منياً وجب عليه الغُسل ، وإن كان قد نزعه ، ما لم يشك في أنّه منيّ آدمي ، ويعيد من آخر نومة فيه إلّا مع ظن السبق ، وقال الشيخ : من آخر غسل رفع به الحدث (1) ، والوجه استحبابه من الوقت الذي يتيقن أنّه لم يكن منه.
    ج ـ لو كان مشتركا لم يجب على أحدهما الغُسل ، بل يستحب ، ولا يحرم على أحدهما ما يحرم على الجنب ، ولاحدهما أن يأتم بصاحبه لأنّها جنابة سقط اعتبارها في نظر الشرع ، وقيل : تبطل صلاة المؤتم ، لأنّ الجنابة لا تعدوهما (2).
    السبب الثاني : الجماع ، ويجب به الغُسل بالإجماع ، بشرط التقاءالختانين إن كان في القبل ، بمعنى المحاذاة ، إلّا ما روي عن داود أنّه قال : لا يجب (3) ، لأنّ أبا سعيد الخدري روى عن النبيّ صلّى الله عليه وآله : ( من جامع ولم يمن فلا غسل عليه ) (4) ، وفي بعض الالفاظ : ( من أقحط فلم يكمل فلا غسل عليه ) (5). وأقحط معناه : لم ينزل الماء : مأخوذ من القحط ، وهو انقطاع القطر (6) ، وهو محكي عن أبي ، وزيد ، ومعاذ بن جبل ، وأبي سعيد الخدري ، ثم رجعوا (7).
    والحديث منسوخ ، فإن أبي بن كعب قال : إنّ ذلك رخصة رخص فيها
1 ـ المبسوط للطوسي 1 : 28.
2 ـ القائل هو المحقق في المعتبر : 47.
3 ـ المجموع 2 : 136 ، المغني 1 : 236 ، الشرح الكبير 1 : 235 ، شرح الأزهار 1 : 106.
4 ـ صحيح مسلم 1 : 269 / 343 ، مسند أبي يعلى 2 : 432 / 262 ، ورد مؤداه فيهما.
5 ـ صحيح مسلم 1 : 270 / 345 ، سنن ابن ماجة 1 : 199 / 606 ، مسند أحمد 3 : 21 ، 26 ، 94 ، سنن البيهقي 1 : 165 ، مصنف ابن أبي شيء بة 1 : 89 ، ورد مؤداه في المصادر المذكورة.
6 ـ النهاية لابن الاثير 4 : 17 « قحط ».
7 ـ الكفاية 1 : 56 ، المجموع 2 : 136 ، المبسوط للسرخسي 1 : 68 ، عمدة القارئ 3 : 247 ، المحلى 2 : 4.


(225)
رسول الله صلّى الله عليه وآله أول الإسلام ثم أمر بالاغتسال بعد (1) ، وقال عليه السلام : ( إذا قعد بين شعبها الأربع وألصق الختان بالختان فقد وجب الغُسل ) (2) ، أراد شعبتي رجليها وشعبتي شفريها ، والإلصاق : المقاربة.
    ومن طريق الخاصة قول الباقر عليه السلام قال : « قال علي عليه السلام : أتوجبون الجلد والرجم ، ولا توجبون صاعا من ماء ؟! إذا التقى الختانان وجب الغُسل » (3).

    مسألة 66 : ودبر المرأة كالقبل ، وقاله السيد المرتضى (4) وجماعة من علمائنا (5) ، والجمهور (6) ، لقوله تعالى : ( أو لمستُم النساء ) (7) ، ووجوب البدل يستلزم وجوب المبدل ، ولأنّه فرج ومحل الشهوة ، ولقول علي عليه السلام : « أتوجبون الجلد والرجم ولا توجبون صاعاً من ماءً » (8) ووجود العلة يستلزم المعلول.
    وعن أحدهما عليهما السلام : « إذا أدخله فقد وجب الغُسل والمهر والرجم » (9) وادعى المرتضى الاجماع (10).
1 ـ سنن أبي داود 1 : 55 / 214 ، 215 ، سنن ابن ماجة 1 : 200 / 609.
2 ـ سنن أبي داود 1 : 56 / 216 ، صحيح البخاري 1 : 80 ، سنن النسائي 1 : 110 ، سنن ابن ماجة 1 : 200 / 610.
3 ـ التهذيب 1 : 119 / 314.
4 ـ حكاه المحقق في المعتبر : 48.
5 ـ منهم ابن ادريس في السرائر : 19 ، وابن حمزة في الوسيلة : 55 ، والمحقق في المعتبر : 48.
6 ـ المجموع 2 : 132 ، المغني 1 : 237 ، الشرح الكبير 1 : 235 ، الهداية للمرغيناني 1 : 17 ، الكفاية 1 : 56 ، شرح العناية 1 : 56 ، شرح فتح القدير 1 : 56 ، الهداية للأنصاري : 38.
7 ـ المائدة : 6.
8 ـ التهذيب 1 : 119 / 314.
9 ـ التهذيب 1 : 118 / 310 ، الاستبصار 1 : 108 / 358.
10 ـ حكاه عنه المصنف ايضاً في المختلف 1 : 31.
تذكرة الفقهاء الجزء الأول ::: فهرس