تذكرة الفقهاء الجزء الأول ::: 196 ـ 210
(196)
    ز ـ في افتقاره إلى النيّة وجهان ، من حيث إنّها عبادة ، أو لتوهم النجاسة.
    و ـ المضمضة والاستنشاق ، وليسا بواجبين في الوضوء والغسل ، ذهب إليه علماؤنا ، وبه قال الشافعي ، ومالك ، والزهري ، وربيعة ، والأوزاعي (1) ، لأنّه تعالى عقب غسل الوجه ، وقال صلّى الله عليه وآله : ( عشر من الفطرة ـ وعدّ ـ المضمضة والاستنشاق ) (2) والفطرة : السُنة.
    ومن طريق الخاصة ، قول الصادق عليه السلام : « ليس عليك مضمضة ولا استنشاق إنّهما من الجوف » (3) وقوله عليه السلام : « المضمضة والاستنشاق مما سنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله » (4).
    وقال أحمد ، وإسحاق ، وابن أبي ليلى : هما واجبان فيهما (5) ، لأنّ عائشة روت قول النبيّ صلّى الله عليه وآله : ( إنّهما من الوضوء الذي لا بدّ منه ) (6).
1 ـ المجموع 1 : 362 ، فتح العزيز 1 : 396 ، كفاية الأخيار 1 : 15 ، التفسير الكبير 11 : 157 ، بداية المجتهد 1 : 10 ، الشرح الصغير 1 : 46 ، المبسوط للسرخسي 1 : 62 ، عمدة القارئ 3 : 8 ، المغني 1 : 132 ، الشرح الكبير 1 : 157 ، نيل الأوطار 1 : 173 ، تفسير ابن كثير 2 : 25 ، المحلى 2 : 50.
2 ـ صحيح مسلم 1 : 223 / 261 ، سنن ابن ماجة 1 : 107 / 293 ، سنن النسائي 8 : 126 ، سنن ابي داود 1 : 14 / 53 ، مسند أحمد 6 : 137.
3 ـ الكافي 3 : 24 / 3 ، التهذيب 1 : 78 / 201.
4 ـ التهذيب 1 : 79 / 203 ، الاستبصار 1 : 67 / 202.
5 ـ التفسير الكبير 11 : 157 ، بداية المجتهد 1 : 10 ، كفاية الأخيار 1 : 15 ، المغني 1 : 132 ، الشرح الكبير 1 : 156 ، عمدة القارئ 3 : 8 ، المجموع 1 : 363 ، فتح العزيز 1 : 397 ، نيل الأوطار 1 : 172.
6 ـ سنن الدارقطني 1 : 84 / 1 ، سنن البيهقي 1 : 52.


(197)
    قال الدارقطني : إنّه مرسل ، من وصله فقد وهم (1) ، ويحمل على الاستحباب.
    وقال أبو ثور ، وداود : الاستنشاق واجب فيهما ، والمضمضة غير واجبة (2) ، لقوله عليه السلام للقيط بن صبرة : ( وبالغ في الاستنشاق إلّا أن تكون صائماً ) (3) ولا يدل على الوجوب.
    وقال أبو حنيفة ، والثوري : هما واجبان في الجنابة دون الوضوء (4) ، لرواية أبي هريرة أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله قال : ( المضمضة والاستنشاق للجنب ثلاثاً فريضة ) (5).
    ورواية بركة بن محمد الحلبي (6) ـ وهو كذاب (7) ، والفرض : التقدير (8) ـ متروكة الظاهر ، لأنّه أوجب ثلاثاً.
1 ـ سنن الدارقطني 1 : 84 ذيل الحديث 2.
2 ـ المغني 1 : 132 ، الشرح الكبير 1 : 156 ، المجموع 1 : 363 ، نيل الأوطار 1 : 172 ، بداية المجتهد 1 : 10.
3 ـ سنن ابن ماجة 1 : 142 / 407 ، سنن ابي داود 1 : 36 / 142 ، سنن النسائي 1 : 66 ، سنن الترمذي 3 : 155 / 788.
4 ـ اللباب 1 : 9 و 14 ، الهداية للمرغيناني 1 : 12 و 16 ، المبسوط للسرخسي 1 : 62 ، بداية المجتهد 1 : 10 و 45 ، المحلى 2 : 50 ، نيل الأوطار 1 : 173 ، المجموع 1 : 363 ، المغني 1 : 132 ، الشرح الكبير 1 : 156 ـ 157 ، تفسير ابن كثير 2 : 25 ، عمدة القارئ 3 : 8.
5 ـ سنن الدارقطني 1 : 115 / 3.
6 ـ سنن الدارقطني 1 : 115 / 3.
7 ـ نصّ على ذلك جمع منهم الدارقطني في السنن 1 : 115 ذيل الحديث 3 ، وابن حجر في لسانه 2 : 8 ، والذهبي في ميزانه 1 : 303 / 1149 ، وابن حبان في المجروحين 1 : 203 ، وابن عدي في كامله 2 : 479.
8 ـ لسان العرب 7 : 203 « فرض ».


(198)
فروع :
    أ ـ يستحب الاتيان بكل واحد منهما ثلاثاً.
    ب ـ ينبغي أن يتضمض ثلاث مرات بثلاث أكف ، ثم يستنشق كذلك ، ولو قصر الماء تمضمض ثلاثاً بكف ، واستنشق ثلاثاً بكف.
    ج‍ ـ ينبغي أن يكون الاستنشاق بعد إكمال المضمضة ، وللشافعي قولان ، هذا أحدهما ، والثاني : انه يتمضمض ثم يستنشق هكذا ثلاث مرات (1).
    د ـ ينبغي المبالغة فيهما ، فيدير ماءً المضمضة في جميع فمه ثم يمجه ، ويجذب ماءً الاستنشاق إلى خياشيمه ، إلّا الصائم.
    ز ـ تثنية الغسلات ، ذهب إليه أكثر علمائنا (2) ، لأنّ أبا هريرة روى أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله توضأ مرتين مرتين (3) ، ومن طريق الخاصة ، قول الصادق عليه السلام وقد سئل عن الوضوء : « أنّه مثنى » (4) وليس المراد الوجوب بالإجماع.
    ولقول الصادق عليه السلام : « الغرفة الواحدة تجزي » (5).
1 ـ المجموع 1 : 361 ـ 362 ، فتح العزيز 1 : 397 ـ 398 ، مغني المحتاج 1 : 58 ، عمدة القارئ 2 : 264.
2 ـ منهم الشيخ الطوسي في المبسوط 1 : 23 ، وسلار في المراسم : 38 ، والمحقق في المعتبر : 41 ، وابو الصلاح في الكافي : 133 ، وابن حمزة في الوسيلة : 51.
3 ـ سنن أبي داود 1 : 34 / 136 ، سنن الترمذي 1 : 62 / 43 المستدرك للحاكم 1 : 150.
4 ـ التهذيب 1 : 80 / 208 ، الاستبصار 1 : 70 / 213.
5 ـ الكافي 3 : 26 / 5 ، التهذيب 1 : 81 / 211 ، الاستبصار 1 : 71 / 216 ، وفيها عن الامام الباقر عليه السلام.


(199)
    وقال الصدوق : لا يؤجر على الثانية (1) ، وبه قال مالك (2) ، لأنّه تعالى أمر بالغسل (3).
    وأما الثالثة ، فعندنا أنها بدعة ، وهو اختيار الشيخ والصدوق (4) لتحريم اعتقاد مشروعية ما ليس بمشروع ، وقال المفيد : الثالثة تكلف (5) ، لأنّ الأمر بالمطلق لا يمنع الجزئيات.
    وقال الشافعي وأحمد وأصحاب الرأي : المستحب ثلاثاً ثلاثا (6) ، لأنّ ابي ابن كعب روى أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله توضأ مرّة مرّة وقال : ( هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلّا به ) وتوضأ مرتين مرتين وقال : ( من توضأ مرتين مرتين آتاه الله أجره مرتين ) وتوضأ ثلاثاً ثلاثا وقال : ( هذا وضوئي ووضوء الأنبياء قبلي ، ووضوء خليل الله إبراهيم ) (7).
    ويحتمل عدم استيعاب الغسل في الاوليين فتجوز الثالثة ، بل تجب ، أو يكون من خصائصه عليه السلام وخصائص الأنبياء ، ولأن ابن عباس روى أنّه عليه السلام توضأ مرّة (8) ، وأبوهريرة روى أنّه عليه السلام توضأ مرتين (9) ، ولو كان وضوء‌ه لما أخل به ، ولأن مالكاً لم يصححه مع أن الخبر مدني.
1 ـ المقنع : 4 ، الهداية : 17.
2 ـ المدونة الكبرى 1 : 2 ، المغني 1 : 159.
3 ـ المائدة : 6.
4 ـ المبسوط للطوسي 1 : 23 ، المقنع : 4 ، الهداية : 17.
5 ـ المقنعة : 5.
6 ـ كفاية الأخيار 1 : 16 ، مغني المحتاج 1 : 59 ، بداية المجتهد 1 : 13 ، مسائل أحمد : 6 ، بدائع الصنائع 1 : 22 ، المغني 1 : 159 ، فتح الباري 1 : 209 ، المجموع 1 : 431.
7 ـ مسند أبي يعلى 9 : 448 / 5598.
8 ـ سنن ابي داود 1 : 34 / 138 ، سنن النسائي 1 : 62 ، المستدرك للحاكم 1 : 150 ، صحيح البخاري 1 : 51 ، سنن الترمذي 1 : 60 / 42.
9 ـ سنن ابي داود 1 : 34 / 136 ، سنن الترمذي 1 : 62 / 43 ، المستدرك للحاكم 1 : 150.


(200)
فروع :
    أ ـ هذا البحث على تقدير الاستيعاب في الاُولى ، أما لو تخلّف شيء من غسل محل الفرض فإنه يجب غسله ثانياً ، ولو لم يعلم موضعه وجب إعادة غسل العضو ثانياً ، وهكذا لو لم يأت في الثانية على الجميع وجبت الثالثة فما زاد.
    ب ـ لو استعمل الثلاثة بطل الوضوء ، لأنّ المسح حينئذ بغير ماءً الوضوء.
    ج‍ ـ لو خالف في الأعضاء ، فغسل بعضها مرّة والباقي أزيد جاز.
    د ـ لو أعتقد وجوب المرتين أبدع ، وبطل وضوؤه ، لأنّ المسح بغير ماءً الوضوء ، لعدم مشروعيته على إشكال.
    هـ ـ لو شك في العدد احتمل البناء على اليقين ، والأكثر ، لئلا تحصل ثالثة.
    و ـ لا تكرار في المسح ، ذهب إليه علماؤنا أجمع ، وبه قال أبو حنيفة ، ومالك ، والثوري ، وأحمد ، وأبو ثور ، والحسن ، ومجاهد (1) ، لأنّ علياً عليه السلام وصف وضوء رسول الله صلّى الله عليه وآله : ومسح رأسه مرّة واحدة (2) ، وكذا من طريق الخاصة عن الباقر (3) والصادق (4) عليهما السلام حيث وصفاه.
1 ـ المبسوط للسرخسي 1 : 7 ، شرح فتح القدير 1 : 27 ، بدائع الصنائع 1 : 22 ، اللباب 1 : 10 ، القوانين الفقهية : 29 ، الشرح الصغير 1 : 49 ، المغني 1 : 144 ، الشرح الكبير 1 : 171 ، المجموع 1 : 432 ، فتح العزيز 1 : 408 ، نيل الأوطار 1 : 198.
2 ـ سنن الترمذي 1 : 67 / 48 ، سنن أبي داود 1 : 27 و 28 / 111 و 112 ، سنن النسائي 1 : 69 ، مسند أحمد 1 : 125.
3 ـ الكافي 3 : 24 و 25 / 1 ـ 5.
4 ـ التهذيب 1 : 81 / 210.


(201)
    وقال الشافعي : يستحب أن يكون ثلاثاً ، وبه قال عطاء (1) ، وقال ابن سيرين : يمسح مرتين فريضة ، ومرة سنة (2) ، لأنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله توضأ مرّة مرّة ، إلى أن قال : وتوضأ ثلاثاً وقال : ( هذا وضوئي ووضوء الأنبياء قبلي ) (3). وقد تقدم جوابه.
    فإن كرر معتقداً وجوبه فعل حراماً ولم يبطل وضوؤه ، ولو لم يعتقد وجوبه فلا بأس.
    ح ـ الدعاء عند كلّ فعل وعند الفراغ بالمنقول.
    ط ـ الوضوء بمد ، وهو قول علمائنا وأكثر أهل العلم (4) ، والواجب المسمى لحصول الامتثال ، وروى عبد الله بن زيد أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله توضأ بثلثي مد (5).
    ومن طريق الخاصة قول علي عليه السلام : « الغُسل من الجنابة والوضوء يجزي فيه ما جرى » (6).
1 ـ الاُم 1 : 26 ، المجموع 1 : 432 ، فتح العزيز 1 : 408 ، مغني المحتاج 1 : 59 ، المغني 1 : 144 ، الشرح الكبير 1 : 171 ، المبسوط للسرخسي 1 : 7 ، بداية المجتهد 1 : 13 ، بدائع الصنائع 1 : 22 ، تفسير القرطبي 6 : 89 ، نيل الأوطار 1 : 197.
2 ـ الموجود في المصادر التالية ، أن ابن سيرين قائل بالمسح مرتين ، مع أن عبارة المتن تنسب إليه القول بالثلاث ، ولعلّ العبارة كانت هكذا : يمسح مرتين ، مرّة فريضة ، ومرة سنة. اُنظر : المجموع 1 : 432 ، حلية العلماء 1 : 124 ، تفسير القرطبي 6 : 89.
3 ـ سنن ابن ماجة 1 : 145 / 420 ، مسند أحمد 2 : 98 ، سنن الدارقطني 1 : 81 / 6 ، سنن البيهقي 1 : 80.
4 ـ المهذب للشيرازي 1 : 38 ، المجموع 2 : 189 ، المغني 1 : 254 ، الشرح الكبير 1 : 254.
5 ـ المستدرك للحاكم 1 : 144 ، وروي عن ام عمارة كما في سنن النسائي 1 : 58 ، وسنن ابي داود 1 : 23 / 94.
6 ـ ورد الحديث في التهذيب 1 : 138 / 385 ، والاستبصار 1 : 122 / 414 ، هكذا : الغُسل من الجنابة والوضوء يجزي منه ما أجزأ من الدهن الذي يبل الجسد.


(202)
    وقال محمد : يجب المد ، وهو محكي عن أبي حنيفة (1).
    والغسل بصاع ، والواجب أقل المسمى ، والخلاف للدليل ، كما تقدم.
    والاستحباب لقول الباقر عليه السلام : « كان رسول الله صلّى الله عليه وآله يتوضأ بمد ويغتسل بصاع ، والمد رطل ونصف ، والصاع ستة أرطال » (2) ، يعني بالمدني.
    ي ـ بدأة الرجل في غسل يديه بظاهر ذراعيه في الاُولى ، وبالباطن في الثانية ، والمرأة بالعكس فيهما بإجماع علمائنا ، لما رواه الشيخ عن محمد ابن إسماعيل بن بزيع ، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال : « فرض الله على النساء في الوضوء ان يبدأن بباطن أذرعهن ، وفي الرجال بظاهر الذراع » (3) والمراد بالفرض هنا التقدير لا الوجوب.

    خاتمة :
    تشتمل على مباحث :
    أ ـ يكره التمندل ، وبه قال جابر (4) ، وابن عباس كرهه في الوضوء دون الغُسل (5) ، وللشيخ قول : إنّه لا بأس به (6).
    وللشافعي قولان كهذين (7) ، لأنّ الحسين عليه السلام كان يأخذ
1 ـ المغني 1 : 256 ، الشرح الكبير 1 : 256 ، بدائع الصنائع 1 : 35 ، فتح العزيز 2 : 191 ، المبسوط للسرخسي 1 : 45.
2 ـ التهذيب 1 : 136 / 379 ، الاستبصار 1 : 121 / 409.
3 ـ التهذيب 1 : 76 / 193 ، الكافي 3 : 28 / 6.
4 ـ المجموع 1 : 462 ، المغني 1 : 162 ، الشرح الكبير 1 : 177.
5 ـ المجموع 1 : 462 ، الشرح الكبير 1 : 177 ـ 178.
6 ـ النهاية : 16 ، المبسوط للطوسي 1 : 23.
7 ـ المجموع 1 : 461 ، فتح العزيز 1 : 446 ـ 447 ، كفاية الأخيار 1 : 17 ، مغني المحتاج1 : 61.


(203)
المنديل (1) ، وله قول آخر : الفرق بين الصيف والشتاء (2).
    ب ـ تكره الاستعانة بصب الماء عليه ـ وبه قال أحمد (3) ـ لأنّه عليه السلام قال : ( لا أستعين أنا على وضوئي بأحد ) (4).
    ومن طريق الخاصة : إنّ علياً عليه السلام كان لا يدعهم يصبون الماء عليه ، وقال : « لا احب أن اشرك في صلاتي أحدا » (5) ، وهو أحد قولي الشافعي ، والثاني : أنّه غير مكروه (6) ، لأنّه روي أنّه عليه السلام قد استعان أحياناً (7).
    ج‍ ـ يحرم التولية ، لأنّه مأمور بالغسل ، فلا يخرج عن العهدة بفعل غيره ، ولو اضطر جاز ، وبه قال داود (8) ، وقال الشافعي : يجوز (9).
    د ـ يجب الاستقصاء في الغُسل بحيث لا يبقى من محل الفرض شيء وإن قل فيبطل.
    هـ ـ يستحب تجديد الوضوء لكلّ صلاة ، فرضاً كانت أو نفلاً ،
1 ـ المجموع 1 : 462 : المغني 1 : 161 ، الشرح الكبير 1 : 177 ، سنن البيهقي 1 : 185. وفيها الحسن بن علي ( عليهما السلام ).
2 ـ المجموع 1 : 462 ، فتح العزيز 1 : 448 ، كفاية الأخيار 1 : 17.
3 ـ المغني 1 : 161 ، الشرح الكبير 1 : 177.
4 ـ فتح العزيز 1 : 443 ، نيل الأوطار 1 : 219.
5 ـ التهذيب 1 : 354 / 1057 ، الفقيه 1 : 27 / 85 ، علل الشرائع : 279 باب 188.
6 ـ المجموع 1 : 341 ، فتح العزيز 1 : 443 ـ 444 ، كفاية الأخيار 1 : 16 ـ 17 ، مغني المحتاج 1 : 61.
7 ـ صحيح البخاري 1 : 56 ، سنن الدارمي 1 : 175 ـ 176 ، سنن ابن ماجة 1 : 137 ـ 138 /389 ـ 392.
8 ـ المجموع 1 : 341 ، حلية العلماء 1 : 114.
9 ـ الاُم 1 : 28 و 29 ، المجموع 1 : 341 ، فتح العزيز 1 : 444 ، كفاية الأخيار 1 : 17 ، مغني المحتاج 1 : 61.


(204)
وللشافعي وجهان في النفل ، أحدهما : عدم الاستحباب ، قال : ولا يستحب التجديد لسجود التلاوة والشكر ، قال : ولو توضأ ولم يصل كره له التجديد ، وكذا لو توضأ وقرأ كره له التجديد (1) ، وليس بجيد ، لعموم الاستحباب.

* * *

1 ـ المجموع 1 : 469 ـ 470.

(205)
    مسألة 57 : يجوز أن يصلّي بوضوء واحد جميع الصلوات فرائضها وسننها ما لم يحدّث ، سواء كان الوضوء فرضاً أو نفلاً ، وسواء توضأ لفريضة أو نافلة ، قبل الوقت وبعده ، مع ارتفاع الحدث بلا خلاف ، أما مع بقاء الحدث كالمستحاضة ، فقولان سيأتي بحثهما.
    وقال بعض الظاهرية : لا يجوز أن يجمع بين صلوات كثيرة بوضوء واحد (1) ، نعم يستحب التجديد كما تقدم ، لقولهم عليهم السلام : « الوضوء على الوضوء نور على نور ، ومن جدد وضوء لغير حدث جدد الله توبته من غير استغفار » (2) وروي « أن تجديد الوضوء لصلاة العشاء يمحو لا والله وبلى والله » (3).

    مسألة 58 : قال الشيخ : من به سلس البول يجوز أن يصلّي بوضوء واحد صلوات كثيرة ، لعدم دليل وجوب التجديد ، وحمله على المستحاضة قياس لا نقول به ، ويجب أن يجعله في كيس ويحتاط لذلك (4).
    وقال الشافعي : لا يجمع بين فريضتين بوضوء ، ويجوز أن يجمع بين
1 ـ المجموع 1 : 470 ، الميزان 1 : 120 ، رحمة الامة 1 : 20 ، عمدة القارئ 3 : 112 و 113 ، إرشاد الساري 1 : 286.
2 ـ الفقيه 1 : 26 / 82 ، ثواب الأعمال 33 / 2.
3 ـ الفقيه 1 : 26 / 81 ، ثواب الأعمال : 33 / 1.
4 ـ المبسوط للطوسي 1 : 68.


(206)
فريضة ونوافل (1).
    والوجه عندي أنّه لا يجوز أن يجمع بين صلاتين بوضوء واحد ـ وهو قول للشيخ (2) أيضاً ـ لوجود الحدث ، فيبقى الأمر بالغسل عند القيام ثانياً فلا يخرج عن العهدة بدونه والتحفط ، لقول الصادق عليه السلام وقد سئل عن تقطير البول قال : « يجعل خريطة إذا صلّى » (3).

فروع :
    أ ـ المبطون : وهو الذي به البطن ، وهو الذرب (4) كصاحب السلس.
    ب ـ لو كان لصاحب السلس ، أو البطن حال انقطاع في وقت الفريضة ، وجب الصبر إليه ، وإزالة النجاسة عن ثوبه وبدنه ، والوضوء بنيةرفع الحدث.
    ج‍ ـ لا فرق في الأحداث الثلاثة ، أعني البول والغائط والريح.
    د ـ لو تلبس المبطون أو صاحب السلس أو الريح بالصلاة ثم فجأهالحدث ، فإن كان مستمرا فالوجه عندي الاستمرار لأنّها طهارة ضرورية كالمستحاضة ، وإن كان يمكنه التحفظ استأنف الطهارة والصلاة.
    وقيل في المبطون : إن كان الحدث مستمراً يتطهر ويبني على صلاته لقول الباقر عليه السلام : « صاحب البطن الغالب يتوضأ ثم يرجع في صلاته فيتم ما بقي » (5) ويحمل على ما بقي من الفرائض لا من الفريضة الواحدة.
    هـ ـ يجب أن يوقع الصلاة عقيب الطهارة لئلّا يتخلل الحدث.
1 ـ المجموع 1 : 471.
2 ـ الخلاف 1 : 249 مسألة 221.
3 ـ التهذيب 1 : 351 / 1037.
4 ـ ذربت معدته : فسدت. الصحاح 1 : 127 « ذرب ».
5 ـ التهذيب 1 : 350 / 1036.


(207)
    مسألة 59 : الجبائر إن أمكن نزعها نزعت واجباً وغسل ما تحتها إن أمكن أو مسحت ، وان لم يمكن وأمكنه إيصال الماء إلى ما تحتها بأن يكرره عليه ، أو يغمسه في الماء وجب ، لأنّ غسل موضع الفرض ممكن ، فلايجزي المسح على الحائل.
    وإن لم يمكنه مسح عليها ، ذهب إليه علماؤنا أجمع ، ولا نعرف فيه مخالفاً ، لأنّ علياً عليه السلام قال : « انكسرت إحدى زنديّ ، فسألت رسول الله صلّى الله عليه وآله عن ذلك ـ فأمرني أن أمسح على الجبائر » (1) والزند عظم الذراع.
    ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام : « إن كان يتخوف على نفسه فليمسح على جبائره وليصل » (2) ولأنّه في محل الضرورة ، فكان أولى بالجواز من التيمم.

فروع :
    أ ـ إذا كانت الجبائر على جميع أعضاء الغُسل وتعذر غسلها ، مسح على الجميع مستوعباً بالماء ، ومسح رأسه ورجليه ببقية البلل ، ولو تضرر بالمسح تيمم.
    ب ـ لو كان عليه دواء يتضرر بإزالته ، ويتعذر وصول الماء إلى ما تحته أجزأه المسح عليه ، فإن تضرر مسح على خرقة مشدودة عليه ، وحكم الخرقة حكم الجبيرة.
    ج ـ لو كان على الجرح خرقة مشدودة ، ونجست بالدم ، وتعذر نزعها وضع عليها خرقة طاهرة ومسح عليها.
1 ـ سنن ابن ماجة 1 : 215 / 657 ، سنن الدارقطني 1 : 226 / 3 ، سنن البيهقي 1 : 228.
2 ـ التهذيب 1 : 363 / 1100.


(208)
    د ـ المقارب لمحل الكسر مما لا بدّ من وضع الجبيرة عليه كمحل الكسر ، أما ما منه بدّ فكالصحيح ، فلو وضع على يده وتعذرت الإزالة فالوجه المسح ، والإعادة لما صلّى بذلك الوضوء إنّ فرط في الوضع ، وإلّا فلا.
    هـ ـ الجبيرة إنّ استوعبت محل الفرض مسح عليه أجمع ، وغسل باقي الأعضاء ، وإلّا مسح على الجبيرة وغسل باقي العضو ، ولو تعذر المسح على الجبيرة تيمم ، ولا يجب غسل باقي الاعضاء.
    و ـ يجب أن يستوعب الجبيرة بالمسح ليصدق المسح عليها ، إذ الجزء مغاير ، ولأن محل أصلها يجب مسحه فوجب ، وهو أحد قولي الشافعي ، والآخر : يمسح ما يقع عليه الاسم ، لأنّه مسح على حائل دون العضو ، فأجزأ ما يقع عليه الاسم كالمسح على الخفّين (1).
    والأصل ممنوع ، والفرق بأنّ محل أصل المقيس عليه لا يجب استيعابه ، بخلاف الفرع.
    ز ـ المسح على الجبائر لا يتقدر بمدة ، بل يجوز ما دام الضرر بنزعها أو المسح عليها باقياً ، ولا فرق بين أن يكون جنباً أو محدثاً ، ولا بين أن يكون لبس الجبائر على طهارة أو لا ، فلا يجب عليه إعادة الصلاة ، ذهب إليه علماؤنا أجمع ، وبه قال أحمد في إحدى الروايتين (2) للعموم.
    وقال الشافعي : إن كان لبس الجبيرة محدثاً مسح عليها ، ووجب عليه الإعادة قولاً واحداً ، وإن لبسها متطهرا فقولان ، لأنّه عذر نادر (3) ، وبعض الشافعية قال : في الأول أيضاً قولان (4).
1 ـ المجموع 2 : 326 ، فتح العزيز 2 : 283 ، كفاية الأخيار 1 : 38 ، المهذب للشيرازي 1 : 44.
2 ـ المغني 1 : 314 ، الشرح الكبير 1 : 186.
3 ـ المجموع 2 : 329 ، مغني المحتاج 1 : 107 ، المهذب للشيرازي 1 : 44.
4 ـ المجموع 2 : 329.


(209)
    ح ـ لا يجب على ماسح الجبيرة التيمم لاصالة البراء‌ة ، ولأنّه لا يجب عليه بدلان عن مبدل واحد.
    وللشافعي قولان ، أحدهما : الوجوب (1) ، لحديث جابر [ في ] (2) الذي أصابته الشجة أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله قال : ( إنّما كان يكفيه أن يتيمم ويعصب على جرحه خرقة ويمسح عليها ويغسل سائر جسده ) (3) ويحمل على جعل الواو بمعنى أو.
    ط ـ لو كانت الجبائر على موضع التيمم ، ولم يتمكن من نزعها مسح على الجبيرة وأجزأه ، وهو أحد قولي الشافعي ، وفي الآخر : يمسح بالماء ويتيمم ويمسح بالتراب على الجبائر ، قال : ويعيد الصلاة قولاً واحدا (4) وعندنا لا إعادة عليه ، لأنّه فعل المأمور به فخرج عن العهدة لما ثبت من أن الأمر للاجزاء.
    ي ـ لا فرق بين أن يكون ما تحت الجبيرة طاهراً أو نجساً اذا لم يتمكن من غسله.
    يا ـ لو زال الحائل ففي وجوب الاستئناف إشكال ، ينشأ من أن الحاضرة يجب أن تصلى بطهارة يقع فيها الغسل مباشرة مع المكنة ، وهي حاصلة هنا ، ومن أن الحدث ارتفع أولاً فلا مانع.

    مسألة 60 : من تيقن أحد فعلي الطهارة أو الحدث ، وشك في الآخر ، عمل على المتيقن وألغى الشك ، والأصل فيه ما روي أنّ النبيّ صلّى الله
1 ـ المجموع 2 : 327 ، فتح العزيز 2 : 284 و 285 ، كفاية الأخيار 1 : 38 ، المهذب للشيرازي 1 : 44.
2 ـ زيادة يقتضيها السياق.
3 ـ سنن ابي داود 1 : 93 / 336.
4 ـ المجموع 2 : 327 ـ 330 ، فتح العزيز 2 : 287.


(210)
عليه وآله قال : ( إنّ الشيطان ليأتي أحدكم فينفخ بين أليتيه فيقول : أحدثت أحدثت فلا ينصرفن عن صلاته حتى يسمع صوتا أو يجد ريحاً ) (1).
    ومن طريق الخاصة نحوه (2) ، وقول الصادق عليه السلام : « ولا ينقض اليقين أبداً بالشك ، ولكن ينقضه بيقين آخر مثله » (3).
    ولأنّه حرج ، لعدم انفكاك الانسان من الشك فيما فعله في الماضي ، فإن شك في الحدث لا يلتفت ، وإن شك في الطهارة تطهّر ، ولا نعرف فيه خلافاً إلّا من مالك فإنّه قال : إذا شك في الحدث مع تيقن الطهارة تطهر ، وهو أحد وجهي الشافعية (4).
    وقال الحسن البصري : إن كان في الصلاة بنى على اليقين ، وإن كان خارجها توضأ ، لأنّه يدخل في الصلاة مع شك الطهارة فلم يجز ، كما لو شك في طهارته وتيقن الحدث (5).
    وهو غلط ، لأنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله سئل عن الرجل يخيل إليه في الصلاة فقال : ( لا ينفتل حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً ) (6) ، ويخالف المقيس عليه ، لأنّ في الأصل بقاء الحدث ، وفي الفرع بقاء الطهارة.
1 ـ لم نعثر على نصها في كتب الحديث التي بأيدينا ، وهي موجودة في فتح العزيز 2 : 79 وورد مايقرب منه في عوالي اللآلي 1 : 380 / 1 ، نقلاً عن الشهيد في بعض مصنفاته وبمضمونه في مسند أحمد 3 : 96 وكنز العمال 1 : 251 / 1269 و 252 / 1270.
2 ـ الكافي 3 : 36 / 3 ، التهذيب 1 : 347 / 1017 ، الاستبصار 1 : 90 / 289.
3 ـ التهذيب 1 : 8 / 11.
4 ـ المجموع 2 : 64 ، فتح الباري 1 : 192 ، فتح العزيز 2 : 79 و 80 ، الوجيز 1 : 16 ، المدونة الكبرى 1 : 13 ، الشرح الصغير 1 : 56 ، نيل الأوطار 1 : 256.
5 ـ عمدة القارئ 2 : 253 ، فتح الباري 1 : 192 ، نيل الأوطار 1 : 256 ، المجموع 2 : 64 ، المغني 1 : 226 ، الشرح الكبير 1 : 227.
6 ـ صحيح البخاري 1 : 46 ، صحيح مسلم 1 : 276 / 361 ، سنن البيهقي 1 : 161.
تذكرة الفقهاء الجزء الأول ::: فهرس