تذكرة الفقهاء الجزء الأول ::: 256 ـ 270
(256)
قال : ( أقل الحيض ثلاثة أيام ) (1).
    ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام : « أقل ما يكون الحيض ثلاثة أيام » (2) ولأن الأصل ثبوت العبادة ، فيستصحب ، إلّا مع تعيين المسقط.
    وقال أبو يوسف : يومان وأكثر الثالث (3). وقال مالك : ليس لاقله حدّ يجوز أن يكون ساعة ، لأنّه لو كان أقلّه يوماً لكانت المرأة لا تدع الصلاةحتى يمضي يوم كامل (4) ، وقال أحمد ، وأبو ثور : أقلّه يوم وليلة ـ وهو أحد قولي الشافعي ، والثاني : يوم ، وبه قال داود (5) ـ لدلالة الوجود عليه (6) ، وهو ممنوع.

    مسألة 83 : وأكثره عشرة أيام بلا خلاف بين علمائنا ـ وبه قال أبو حنيفة والثوري (7) ـ لقول النبيّ صلّى الله عليه وآله : ( وأكثره عشرة أيام ) (8) ، ومن طريق الخاصة قول الرضا عليه السلام : « وأبعده عشرة أيام » (9).
1 ـ سنن الدارقطني 1 : 219 / 61.
2 ـ الكافي 3 : 75 / 2.
3 ـ بدائع الصنائع 1 : 40 ، الهداية 1 : 143 ، عمدة القارئ 3 : 307 ، المجموع 2 : 380.
4 ـ بداية المجتهد 1 : 50 ، بُلغة السالك 1 : 78 ، المغني 1 : 354 ، الشرح الكبير 1 : 354 ، المجموع 2 : 380 ، شرح العناية 1 : 142 ، فتح العزيز 2 : 412.
5 ـ المجموع 2 : 375 و 376 ، كفاية الأخيار 1 : 47 ، المغني 1 : 353 ، الشرح الكبير 1 : 354 ، مغني المحتاج 1 : 109 ، بدائع الصنائع 1 : 40 ، حلية العلماء 1 : 218.
6 ـ المغني 1 : 352 و 354 ، الشرح الكبير 1 : 354 ـ 355 ، عمدة القارئ 3 : 306 ، المجموع 2 : 380 ، حلية العلماء 1 : 218 ، المحلى 2 : 193.
7 ـ بدائع الصنائع 1 : 40 ، اللباب 1 : 42 ، شرح فتح القدير 1 : 143 ، عمدة القارئ 3 : 307 ، المجموع 2 : 380 ، المحلى 2 : 198 ، المغني 1 : 354 ، الشرح الكبير 1 : 354 ، بداية المجتهد 1 : 50 ، فتح العزيز 2 : 412.
8 ـ سنن الدارقطني 1 : 219 / 61 ، الجامع الصغير 1 : 202 / 1357 ، مجمع الزوائد 1 : 280.
9 ـ الكافي 3 : 76 / 3 ، التهذيب 1 : 156 / 446 ، الاستبصار 1 : 130 / 44.


(257)
    وقال الشافعي : خمسة عشر يوماً ، وبه قال مالك ، وأبو ثور ، وداود ، ورواه الجمهور عن علي عليه السلام ، وعطاء بن أبي رباح ، وأحمد فيإحدى الروايتين لدلالة الوجود عليه (1) ، وهو ممنوع.
    وفي رواية عن أحمد : سبعة عشر يوماً (2) ، وقال سعيد بن جبير : ثلاثة عشر يوماً (3).

فروع :
    الأول : اختلف علماؤنا في الثلاثة ، فالأكثر اشترط التوالي فيها (4) ، وقيل : يكفي كونها في جملة العشرة (5) ، والرواية به مقطوعة (6) ، وبها أفتى في النهاية (7) ، والمعتمد الأول احتياطاًً للعبادة.
    الثاني : ما تراه بين الثلاثة والعشرة مما يمكن أن يكون حيضاً حيض ، بأي لون كان ما لم يعلم غيره.
    الثالث : أقل الطُهر بين الحيضتين عشرة أيام ، ذهب إليه علماؤنا أجمع لقوله عليه السلام عن النساء : ( إنهنَّ ناقصات عقل ودين ) فقيل : يا رسول الله
1 ـ الاُم 1 : 67 ، المجموع 2 : 376 و 380 ، مختصر المزني : 11 ، كفاية الأخيار 1 : 47 ، مغني المحتاج 1 : 109 ، فتح العزيز 2 : 412 ، المدونة الكبرى 1 : 49 ، بداية المجتهد 1 : 50 ، المحلى 2 : 198 ، الشرح الكبير 1 : 354 ، مسائل أحمد : 22.
2 ـ المغني 1 : 352 و 353 ، الشرح الكبير 1 : 354 ـ 355.
3 ـ المغني 1 : 353 ، شرح فتح القدير 1 : 143 ، المحلى 2 : 198.
4 ـ منهم ابنا بابويه في الفقيه 1 : 50 ، والسيد المرتضى كما حكاه عنه المحقق في المعتبر : 53 ، والشيخ الطوسي في المبسوط 1 : 42 ، والجمل : 163 ، وابن حمزة في الوسيلة : 56 ، وابن إدريس في السرائر : 28 ، والمحقق في شرائع الإسلام 1 : 29.
5 ـ قال به القاضي ابن البراج في المهذب 1 : 34.
6 ـ الكافي 3 : 76 / 5 ، التهذيب : 157 / 452.
7 ـ النهاية : 26.


(258)
وما نقصان دينهنَّ ؟ فقال : ( تلبث إحداهن في قعر بيتها شطر دهرها لا تصوم ولا تصلّي ) (1) والشطر : النصف ، وقد ثبت أن أكثر الحيض عشرة أيام ، فأقل الطُهر مثله.
    وعن علي عليه السلام : انَّ امرأة طلّقت فزعمت أنها حاضت في شهر ثلاث حِيَض طهرت عند كلّ قُرء وصلّت ، فقال لشريح : « قل فيها » فقال : إنّ جاء‌ت ببينة من بطانة أهلها ، وإلّا فهي كاذبة ، فقال عليه السلام : « قالون » (2) وهو بالرومية جيد.
    ولقول الباقر عليه السلام : « أقل ما يكون عشرة من حين تطهر إلى أن ترى الدم » (3) وقول الصادق عليه السلام : « لا يكون الطُهر أقل من عشرة أيام » (4).
    وقال مالك ، والشافعي ، والثوري ، وأبو حنيفة : أقل الطُهر خمسة عشر يوماً (5) لما تقدم (6) في الحديث. وعندهم أكثر الحيض خمسة عشر يوما ـ الا أبا حنيفة ـ للوجود (7) ، وهو ممنوع.
1 ـ ورد نحوه في صحيح مسلم 1 : 86 / 132 ، سنن ابن ماجة 2 : 1326 / 4003 ، قال أبو إسحاق الشيرازي في المهذب 1 : 46 : لم أجده بهذا اللفظ إلّا في كتب الفقه.
2 ـ صحيح البخاري 1 : 89 ، سنن الدارمي 1 : 212 ـ 213.
3 ـ الكافي 3 : 76 / 4 ، التهذيب 1 : 157 / 451 ، الاستبصار 1 : 131 / 452.
4 ـ الكافي 3 : 76 / 5 ، التهذيب 1 : 157 / 452.
5 ـ الاُم 1 : 67 ، المجموع 2 : 376 ، كفاية الأخيار 1 : 47 ، مغني المحتاج 1 : 109 ، المغني1 : 356 ، الشرح الكبير 1 : 356 ، بداية المجتهد 1 : 50 ، بُلغة السالك 1 : 78 ، بدائع الصنائع 1 : 40 ، شرح فتح القدير 1 : 155 ، عمدة القارئ 3 : 314 ، المحلى 2 : 200.
6 ـ تقدم في الهامش (1).
7 ـ الاُم 1 : 67 ، المجموع 2 : 376 و 380 ، كفاية الأخيار 1 : 47 ، المغني 1 : 354 ، الشرح الكبير 1 : 354 ، المدونة الكبرى 1 : 49 ، بداية المجتهد 1 : 50 ، بدائع الصنائع 1 : 40 ، المحلى 2 : 198.


(259)
    وقال يحيى بن أكثم : أقل الطُهر تسعة عشر يوماً (1) (2) ، وقال أحمد : أقلّه ثلاثة عشر يوماً (3). وعن مالك أنّه قال : لا أعلم بين الحيضتين وقتاً يعتمد عليه (4) ، وعن بعض أصحابه عشرة أيام (5).
    الرابع : لا حدّ لأكثر الطُهر بالإجماع ، وقول أبي الصلاح : أكثره ثلاثة أشهر (6) بناء على غالب العادات.
    الخامس : أغلب مقادير الحيض ست أو سبع ، وأغلب الظهر باقي الشهر.

    مسألة 84 : ذهب علماؤنا أجمع إلى أن العادة إنّما تثبت بالمرتين ، ترى المرأة الدم فيهما بالسواء عدداً ووقتاً فترد في الثالثة اليهما ، ولا يكفي المرة الواحدة ، وبه قال أبو حنيفة وبعض الشافعية وأحمد في رواية (7) ، لأنّها مأخوذة من العود ، ولا تتحقق بالمرة.
    وقال الشافعي : تثبت بالمرة الواحدة ، وبه رواية عن أحمد (8) ، لأنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله قال : ( لتنظر عدد الايام والليالي التي كانت تحيضهن من الشهر قبل أن يصيبها الذي أصابها ، فلتدع الصلاة قدر
1 ـ المجموع 2 : 382.
2 ـ في مخطوطة « م » زيادة لفظها : لأنّ أكثر الحيض عشرة أيام ، وقد جعل الله تعالى مدة الحيض والطهر شهراً ، وقد يكون تسعة وعشرين يوماً.
3 ـ المغني 1 : 356 ، الشرح الكبير 1 : 356 ، المجموع 2 : 382 ، فتح العزيز 2 : 412.
4 ـ المدونة الكبرى 1 : 51 ، فتح العزيز 2 : 412 ، الكفاية 1 : 155 ، حلية العلماء 1 : 123.
5 ـ المنتقى للباجي 1 : 123 ، فتح العزيز 2 : 412 ، عمدة القارئ 3 : 314 ، الكافي في فقه أهل المدينة : 31.
6 ـ الكافي في الفقه : 128.
7 ـ المجموع 2 : 418 و 419 ، بدائع الصنائع 1 : 42 ، المغني 1 : 363 ، الشرح الكبير 1 : 364.
8 ـ المجموع 2 : 417 ، المغني 1 : 363 ، حلية العلماء 1 : 225.


(260)
ذلك ) (1) ولم يعتبر التكرار ، وهو لنا ، إذ لفظة « كان » تدل على الكثرة.
    وعن أحمد رواية : أنّه لا يكفي المرتان بل الثلاث ، إذ العادة إنّما تقال لما كثر وأقل الكثير ثلاثة (2) ، وليس بجيد ، لقول الصادق عليه السلام : فإن انقطع الدم لوقته من الشهر الأول حتى توالت عليها حيضتان أو ثلاث ، فقد علم أن ذلك صار لها وقتاً وخلقاً معروفاً (3).

فروع :
    أ ـ لا يشترط في استقرار العادة استقرار عادة الطُهر ، فلو رأت في شهر خمسة لا غير ، ثم في آخر خمسة مرتين استقرت العادة.
    وكذا لا يشترط الوقت ، فلو رأت خمسة في أول الشهر ، ثم في أوسط الثاني ، ثم في آخر من آخره استقرت عادتها عدداً ، فإن اتفق الوقت مع العدداستقرا عادة.
    ب ـ العادة إمّا متفقة كخمسة في كلّ شهر ، أو مختلفة كالمترتبة أدوارا ، كثلاثة من الأول ، وأربعة من الثاني ، وخمسة من الثالث ، ثم ثلاثة من الرابع ، وأربعة من الخامس ، وخمسة من السادس وهكذا ، وكلاهما معتبر.
    ج ـ لا يشترط في العادة تعدد الشهر ، بل يكفي مرور حيضتين عددا سواء وإن كانتا في شهر واحد.
    د ـ قد تحصل العادة من التمييز ، كمبتدأة استحيضت وتميز لها الدم
1 ـ سنن ابي داود 1 : 71 / 274 ، سنن النسائي 1 : 182 ، الموطأ 1 : 62 / 105 ، سنن الدارقطني 1 : 207 / 7.
2 ـ المغني 1 : 363 ، الشرح الكبير 1 : 364 ، المجموع 2 : 419.
3 ـ الكافي 3 : 88 / 1 ، التهذيب 1 : 384 / 1183.


(261)
فتحيضت به ثم مرّة ثانية ، فإن أيام التمييز تصير عادتها إذا اتفقت.
    المطلب الثاني : في أحكامه.
    وهي عشرة :
    الأول : يحرم عليها ما يفتقر إلى الطهارة كالصلاة فرضاً ونفلاً ، والطواف كذلك ، ومس كتابة القرآن ، ويكره لها حمل المصحف ، ولمس هامشه ، وقد تقدم (1) البحث فيه.
    ولو تطهرت لم يرتفع حدثها ، نعم يُستحب لها الوضوء عند كلّ صلاة ، والجلوس في مصلاها ذاكرة لله تعالى ، بقدر زمان صلاتها ، لقول الصادق عليه السلام : « ينبغي للحائض أن تتوضأ عند وقت كلّ صلاة ، ثم تستقبل القبلة فتذكر الله سبحانه بقدر ما كانت تصلّي » (2) ولا يرفع هذا الوضوء حدثا ، ولا يبيح ما شرطه الطهارة.
    وهل يشترط في الفضيلة عدم الناقض غير الحيض إلى الفراغ؟ إشكال.
    الثاني : يحرم عليها قراء‌ة العزائم وأبعاضها حتى البسملة إذا نوت أنها منها دون غيرها ، بل يُكره لها ما عداها ، لأنّها عبادة ذات سجود ، فاشترطت لها الطهارة من الحدث الاكبر كالصلاة ، وقول الباقر عليه السلام وقد سئل الحائض والجنب يقرآن شيء ئا ؟ قال : « نعم ما شاء‌ا إلّا السجدة » (3).
    وقال الشافعي : تحرم قراء‌ة القرآن مطلقاًً (4) ، وله قول آخر : أنّه مكروه (5) وكره علي عليه السلام لها قراء‌ة القرآن ، وبه قال الحسن البصري ،
1 ـ تقدم في مسألة 71.
2 ـ الكافي 3 : 101 / 3 ، التهذيب 1 : 159 / 455.
3 ـ التهذيب 1 : 129 / 352 ، الاستبصار 1 : 115 / 384.
4 ـ المجموع 2 : 158 و 357 ، فتح العزيز 2 : 143 ، الوجيز 1 : 28 ، مغني المحتاج 1 : 72 ، المغني 1 : 166 ، الشرح الكبير 1 : 241.
5 ـ المغني 1 : 165 ، المجموع 2 : 356 وفيه القول بالجواز.


(262)
والنخعي ، والزهري ، وقتادة (1) ، ولم يفرقوا بين العزائم وغيرها ، وسوغ لها القراء‌ة مطلقاًً سعيد بن المسيب ، وداود ، وابن المنذر ، ومالك (2) ، وقد تقدم (3).

فروع :
    أ ـ لا يكره لها شيء من الأذكار ، لقول الباقر عليه السلام : « ويذكران الله على كلّ حال » (4).
    ب ـ يكره لها قراء‌ة المنسوخ حكمه خاصة دون المنسوخ تلاوته ، وكذايحرم المس.
    ج‍ ـ لو نذرت قراء‌ة العزائم في وقت ، فاتفق حيضها فيه لم يجز لها قراء‌تها ، وفي وجوب القضاء إشكال ، ينشأ من أنها عبادة موقتة ، فلا تجب في غيره كقضاء الصلاة ، ومن استلزام نذر المعين المطلق.
    الثالث : الصوم ، فلا يصح منها فرضا ولا نفلا ، فهو مانع من صحته دون وجوبه ، والتحقيق المنع منه ، والقضاء تابع لثبوت سببه دونه.
    وفي الصلاة تمنع منهما بلا خلاف بين العلماء ، لقول النبيّ صلّى الله عليه وآله : ( أليست إحداكن إذا حاضت لا تصوم ولا تصلّي ) (5).
1 ـ المغني 1 : 165 ، الشرح الكبير 1 : 240.
2 ـ المجموع 2 : 158 و 357 ، المغني 1 : 165 ، الشرح الكبير 1 : 240 ، فتح العزيز 2 : 143 ، بداية المجتهد 1 : 49 ، الشرح الصغير 1 : 67 و 81.
3 ـ تقدم في المسألة : 68.
4 ـ التهذيب 1 : 129 / 352 ، الاستبصار 1 : 115 / 384 ، علل الشرائع : 288 باب 210.
5 ـ صحيح البخاري 1 : 83 ، سنن البيهقي 1 : 308.


(263)
    ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام وقد سئل عن امرأة طمثت في شهر رمضان قبل أن تغيب الشمس : « تفطر » (1).
    الرابع : الاستيطان في المساجد ، ذهب إليه علماؤنا ، ولا أعرف فيه مخالفاً ، لأنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله قال : ( لا اُحل المسجد لحائض ولا جنب ) (2).
    ومن طريق الخاصة قول الباقر عليه السلام : « إذا كان الرجل نائما في المسجد الحرام أو مسجد الرسول صلّى الله عليه وآله فأصابته جنابة ، فليتيمم ، ولا يمرّ في المسجد إلّا متيمما ، حتى يخرج منه ويغتسل ، وكذلك الحائض تفعل كذلك ، ولا بأس أن يمرا في سائر المساجد ، ولا يجلسان فيها » (3).

فروع :
    أ ـ يكره الاجتياز في المساجد مع أمن التلويث ، وهو أحد وجهي الشافعي والآخر : التحريم (4) ، الا المسجدين فإنه يحرم كما قلنا في الجنابة.
    ب ـ لا بأس لها أن تأخذ شيئاً من المساجد ، ويحرم عليها الوضع ، لأنّ حدثها أعظم من الجنابة ، وسأل زرارة الباقر عليه السلام كيف صارت الحائض تأخذ ما في المسجد ولا تضع فيه ؟ فقال : « إنّ الحائض تستطيع أن تضع ما في يدها في غيره ، ولا تستطيع أن تأخذ ما فيه إلّا منه » (5).
1 ـ التهذيب 1 : 393 / 1215 ، الاستبصار 1 : 145 / 498.
2 ـ سنن ابي داود 1 : 60 / 232 ، سنن ابن ماجة 1 : 212 / 645.
3 ـ الكافي 3 : 73 / 14.
4 ـ المجموع 2 : 160 ، فتح العزيز 2 : 418 ، كفاية الأخيار 1 : 48 ، الوجيز 1 : 25 ، المغني 1 : 166.
5 ـ الكافي 3 : 106 / 1 ، التهذيب 1 : 397 / 1233.


(264)
    ج ـ لو حاضت في أحد المسجدين ففي افتقارها إلى التيمم في خروجها منه إشكال ، وأوجبه ابن الجنيد (1) ، وبه رواية مرسلة سلفت (2).
    الخامس : الجماع ، وقد أجمع علماء الإسلام على تحريمه في قبل الحائض ، لقوله تعالى : ( فاعتزلوا النساء في المحيض ) (3) وعلى إباحة الاستمتاع بما فوق السرة وتحت الركبة ، واختلفوا في مواضع :
    أ ـ الاستمتاع بما بين السرة والركبة غير القُبل ، فالمشهور عندنا الإباحة وتركه أفضل ، وبه قال الثوري ، والأوزاعي ، وأحمد ، وإسحاق ، وأبو ثور ، وداود ، ومحمد بن الحسن ، وأبو إسحاق المروزي ، وابن المنذر ، وروي أيضاً عن النخعي ، والشعبي (4) ، عملاً بالأصل ، ولقوله عليه السلام : ( إصنعوا كلّ شيء غير النكاح ) (5).
    ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام وقد سئل عما لصاحب المرأة الحائض منها : « كلّ شيء عدا القبل بعينه » (6).
    وقال السيد المرتضى بالتحريم (7) ، وبه قال الشافعي ، ومالك ، وأبو حنيفة ، وأبو يوسف (8) ، لقول عائشة : إنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله كان يباشر
1 ـ حكاه المحقق في المعتبر : 59.
2 ـ سلفت آنفا في الحكم الرابع من أحكام الحيض.
3 ـ البقرة : 222.
4 ـ المجموع 2 : 366 ، المغني 1 : 384 ، الشرح الكبير 1 : 350 ، عمدة القارئ 3 : 267 ، شرح النووي ـ لصحيح مسلم 2 : 335 ، تفسير القرطبي 3 : 87 ، شرح فتح القدير 1 : 147.
5 ـ سنن ابن ماجة 1 : 211 / 644 ، سنن ابي داود 1 : 67 / 258 ، سنن النسائي 1 : 152 و 187.
6 ـ الكافي 5 : 538 / 1 ، التهذيب 1 : 154 / 437 ، الاستبصار 1 : 128 / 438.
7 ـ حكاه المحقق في المعتبر : 59.
8 ـ المجموع 2 : 365 ، فتح العزيز 2 : 428 ، كفاية الأخيار 1 : 49 ، عمدة القارئ 3 : 266 ،


(265)
نساء‌ه فوق الازار وهن حيض (1). ولا دلالة فيه.
    ب ـ المشهور كراهة الوطء قبلا بعد انقطاع الدم قبل الغُسل ، وبه قال أبو حنيفة إنّ انقطع لأكثر الحيض ، وإن انقطع قبله قال : لا يحل حتى تغتسل ، أو يمضي عليها وقت صلاة كامل (2) ، لقوله تعالى : ( حتى يطهرن ) (3) بالتخفيف.
    وقوله : ( والذين هم لفروجهم حافظون إلّا على أزواجهم ) (4) مقتضاه إباحة الاستمتاع مطلقاًً ترك العمل به في زمان الحيض لوجود المانع ، فيبقى ما عداه على الجواز.
    وسئل الكاظم عليه السلام عن الحائض ترى الطُهر أيقع عليها زوجها قبل أن تغتسل ؟ فقال : « لا بأس وبعد الغُسل أحب إلي » (5).
    وقال الصدوق : لا يجوز حتى تغتسل (6) ، وبه قال الزهري ، وربيعة ، والليث ، ومالك ، والثوري ، والشافعي ، وأحمد ، وإسحاق ، وأبو ثور (7) ،
المغني 1 : 384 ، الشرح الكبير 1 : 350 ، شرح النووي لصحيح مسلم 2 : 335 ، المحلى 2 : 176 ، شرح فتح القدير 1 : 147 ، تفسير القرطبي 3 : 87.
1 ـ صحيح البخاري 1 : 82 و 83 ، صحيح مسلم 1 : 242 / 293 ، سنن الترمذي 1 : 239 / 132 ، سنن النسائي 1 : 151 و 189 ، سنن ابن ماجة 1 : 208 / 635 و 636.
2 ـ شرح فتح القدير 1 : 150 ـ 151 ، المجموع 2 : 370 ، فتح العزيز 2 : 422 ، المغني 1 : 387 ، الشرح الكبير 1 : 349 ، بداية المجتهد 1 : 57 ـ 58 ، المحلى 2 : 173 ، التفسير الكبير 6 : 72 ، شرح النووي لصحيح مسلم 2 : 336 ، تفسير القرطبي 3 : 88 ـ 89 ، أحكام القرآن للجصاص 1 : 348.
3 ـ البقرة : 222.
4 ـ المؤمنون : 5 و 6 ، المعارج : 29 و 30.
5 ـ الكافي 5 : 539 ـ 540 / 2 ، التهذيب 1 : 167 / 481 ، الاستبصار 1 : 136 / 468.
6 ـ الفقيه 1 : 53 ، الهداية : 22.
7 ـ الاُم 1 : 59 ، المجموع 2 : 370 ، فتح العزيز 2 : 421 ـ 422 ، كفاية الأخيار 1 : 49 ، الشرح الصغير 1 : 81 ، بداية المجتهد 1 : 57 ، مغني المحتاج 1 : 110 ، المغني 1 : 387 ، الشرح


(266)
لقوله تعالى : ( فإذا تطهَّرن فأتوهُنَّ مِنْ حيثُ أمركُم الله ) (1). ولا دلالة فيه إلا من حيث المفهوم.
    وقال داود : إذا غسلت فرجها حلّ وطؤها ، فإن وطأها لم يكن عليه شيء (2).
    وقال قتادة والأوزاعي : عليه نصف دينار (3). وليس بجيد لأنّ الكفارة تتعلق بالوطئ للحائض.
    ج ـ لو وطأها قبلا جاهلا بالحيض ، أو الحكم لم يكن عليه شيء ، وكذا إن كان ناسياً ، وهو أحد وجهي أحمد ، وفي الآخر : يجب على الجاهل والناسي للعموم (4) ، ويبطل بقوله عليه السلام : ( عفي لأمتي عن الخطأوالنسيان ) (5).
    وإن كان عالماً بهما فقولان ، أكثر علمائنا على وجوب الكفارة (6) ، وبه قال الحسن البصري ، وعطاء الخراساني ، وأحمد ، والشافعي في القديم (7) ، لقول النبيّ صلّى الله عليه وآله : ( من أتى امرأة حائضاً فليتصدق
الكبير 1 : 349 ، المحلى 2 : 173 ، تفسير القرطبي 3 : 88 ، تفسير الكبير 6 : 73 ، شرح النووي لصحيح مسلم 2 : 336.
1 ـ البقرة : 222.
2 ـ المجموع 2 : 370 ، حلية العلماء 1 : 216.
3 ـ المغني 1 : 385 ، الشرح الكبير 1 : 351.
4 ـ المغني 1 : 386 ، الشرح الكبير 1 : 351.
5 ـ سنن ابن ماجة 1 : 659 / 2043 و 2045 نحوه.
6 ـ منهم المفيد في المقنعة : 7 ، والشيخ الطوسي في الخلاف 1 : 225. مسألة 194 ، وابن إدريس في السرائر : 8.
7 ـ المجموع 2 : 359 ، فتح العزيز 2 : 422 ، كفاية الأخيار 1 : 49 ، الشرح الكبير 1 : 350 ، شرح النووي لصحيح مسلم 2 : 334 ، تفسير القرطبي 3 : 87.


(267)
بدينار ، ومن أتاها وقد أدبر الدم عنها ولم تغتسل فليتصدق بنصف دينار ) (1).
    ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام : « يتصدق إذا كان في أوّله بدينار ، وفي أوسطه بنصف دينار ، وفي آخره بربع دينار » (2).
    وقال الشيخ في النهاية بالاستحباب (3) ، وبه قال الشافعي في الجديد ، ومالك ، والثوري ، وأصحاب الرأي (4) ، لقول النبيّ صلّى الله عليه وآله : ( من أتى كاهنا فصدقه بما يقوله ، أو أتى امرأة في دبرها ، أو حائضاً ، فقد بريء مما جاء به محمد ) (5) ، ولم يذكر الكفارة.
    ومن طريق الخاصة رواية عيص قال : سألت أبا عبد الله الصادق عليه السلام عن رجل واقع امرأته وهي طامث ، قال : « لا يلتمس فعل ذلك ، قد نهى الله عنه » قلت : إنّ فعل فعليه كفارة ؟ قال : « لا أعلم فيه شيئاً يستغفر الله » (6) وللأصل ، وهو الأقوى عندي.
    د ـ المشهور عندنا في قدر الكفارة ما روي عن الصادق عليه السلام : « دينار في أوّله ، ونصفه في أوسطه ، وربعه في آخره » (7).
1 ـ سنن الترمذي 1 : 245 / 137 ، كنز العمال 16 : 352 / 44884 نقلاً عن الطبراني ، سنن البيهقي 1 : 314 نحوه.
2 ـ التهذيب 1 : 164 / 471 ، الاستبصار : 134 / 459.
3 ـ النهاية : 26.
4 ـ المجموع 2 : 359 ، فتح العزيز 2 : 424 ، كفاية الأخيار 1 : 49 ، مغني المحتاج 1 : 110 ، المنتقى للباجي 1 : 117 ، عمدة القارئ 3 : 266. المغني 1 : 385 ، شرح النووي لصحيح مسلم 2 : 334.
5 ـ سنن الترمذي 1 : 242 / 135 ، سنن ابن ماجة 1 : 209 / 639 ، سنن الدارمي 1 : 259 مسندأحمد 2 : 408 و 476.
6 ـ التهذيب 1 : 164 / 472 ، الاستبصار 1 : 134 / 460.
7 ـ التهذيب 1 : 164 / 471 ، الاستبصار 1 : 134 / 459.


(268)
    وقال الصدوق : يتصدق على مسكين بقدر شبعه (1) ، وقال الشافعي : في إقبال الدم دينار ، وفي إدباره نصفه (2) وقال أحمد : هو مخير بين الدينار ونصفه (3) ، وقال الحسن البصري ، وعطاء الخراساني : يجب فيه كفارة الفطر في رمضان (4).

فروع :
    أ ـ لو غلبته الشهوة بعد الانقطاع قبل الغُسل أمرها بغسل فرجها ثم وطأها ، لقول الباقر عليه السلام : « إنّ أصابه شبق فليأمرها بغسل فرجها ثم يمسها إنّ شاء » (5).
    ب ـ لو وطأ الحائض مستحلاً كفر ، ومحرماً يفسق ويعزر.
    ج‍ ـ إذا أخبرته بالحيض ، فإن كانت ثقة وجب عليه الامتناع لقوله تعالى : ( ولا يحل لهن أنْ يكتمن ما خلق الله في أرحامهن ) (6) ومنع الكتمان يقتضي وجوب القبول منهن.
    وإن كان يتهمها بقصد منع حقه ، لم يجب الامتناع ما لم يتحقق.
    د ـ لو كرر الوطء ، فأقوى الاقوال تعدد الكفارة وجوباً أو استحباباً ، على الخلاف إن اختلف الزمان ، أو كفر عن الأول ، وإلّا فلا عملاً بالأصل.
1 ـ المقنع : 16.
2 ـ المجموع 2 : 359 ، فتح العزيز 2 : 422 ، الوجيز 1 : 25 ، كفاية الأخيار 1 : 49.
3 ـ المغني 1 : 385 ، الشرح الكبير 1 : 351 ، المجموع 2 : 361 ، فتح العزيز 2 : 424 ، مسائل أحمد : 26 ، بداية المجتهد 1 : 59 ، المحلى 2 : 187 ، تفسير القرطبي 3 : 87 ، تفسير البحرالمحيط 2 : 168.
4 ـ المجموع 2 : 361 ، عمدة القارئ 3 : 266 ، المحلى 2 : 187 ، سبل السلام 1 : 171 ، شرح النووي لصحيح مسلم 2 : 334.
5 ـ الكافي 5 : 539 / 1 ، التهذيب 1 : 166 / 477 ، الاستبصار 1 : 135 / 463.
6 ـ البقرة : 228.


(269)
    هـ ـ الأول والوسط والاخير بحسب عدد أيام عادتها ، فاليوم الأول وثلث الثاني أول الاربعة ، وثلث الثاني وثلثا الثالث الأوسط ، والباقي الأخير.
    و ـ لو لم تجد الماء بعد الانقطاع جاز الوطء قبل الغُسل ، ولا يشترط التيمم ، وقال الشافعي : إذا تيممت حلّ وطؤها (1). وقال مكحول : لا يجوز وطؤها حتى تغتسل ، ولا يكفي التيمم للآية (2) ، وقال ابن القاسم : لا توطأ بالتيمم ، لأنّه بالملاقاة ينتقض (3). وقال أبو حنيفة : لا يحل وطؤها حتى تصلّي به ، لأنّه لا يرفع الحدث فيلحقه الفسخ ما لم تصلّ به فلا يستبيح به الوطء (4).
    فلو تيممت ثم أحدثت حدثا ، قال الشافعي : لا يحرم وطؤها ، لأنّه لايبطل التيمم القائم مقام الغُسل ، وإنّما يوجب التيمم عنه (5).
    واذا صلّت بالتيمم صلاة الفرض ففي تحريم وطئها عنده وجهان : التحريم بناء‌ا على أن التيمم إنّما يستباح به فريضه واحدة ، وإذا صلّت به لم يحل لها فعل الفريضة ، ولا يلزم الحدث ، لأنّه مانع من الصلاة ، وهنا التيمم لم يبح إلّا فريضة واحدة.
    وعدمه لأنّ التيمم القائم مقام الغُسل باق ، ولهذا يجوز لها صلاة النافلة (6). وهذه الاصول عندنا فاسدة.
1 ـ الاُم 1 : 59 ، المجموع 2 : 368 و 370 ، فتح العزيز 2 : 421 ـ 422 ، مغني المحتاج 1 : 111 ، المنتقى للباجي 1 : 118.
2 ـ مصنف ابن أبي شيء بة 1 : 96 ، حلية العلماء 1 : 216 ، والآية 222 من سورة البقرة.
3 ـ المدونة الكبرى 1 : 48 ـ 49.
4 ـ حلية العلماء 1 : 217.
5 ـ المجموع 2 : 368.
6 ـ المجموع 2 : 368.


(270)
    ز ـ لو وطئ الصبي لم يجب عليه شيء ، وقال بعض الحنابلة : يجب للعموم (1) ، وقياسا على الإحرام (2). وهو خطأ لأنّ أحكام التكليف ساقطةعنه.
    ح ـ لا كفارة على المرأة لعدم النص ، وقال أحمد : يجب لأنّه وطء يوجب الكفارة (3).
    السادس : يحرم طلاقها مع الدخول ، وحضور الزوج ، وانتفاء الحائل والحبل بإجماع العلماء ، فإن طلق لم يقع عندنا ، خلافاً للجمهور ، وسيأتي.
    السابع : يجب عليها الغُسل عند الانقطاع لتأدية العبادات المشروطة بالطهارة بإجماع علماء الامصار ، وهو شرط في صحة الصلاة إجماعاً ، وفي الطواف عندنا خلافاً لأبي حنيفة (4).
    وهل هو شرط في صحة الصوم ، بحيث لو أخلت به ليلا حتى أصبحت بطل صومها ؟ الأقرب ذلك لعدم قصوره عن الجنابة.
    ولقول الصادق عليه السلام : « إن طهرت بليل من حيضها ثم توانت أن تغتسل في رمضان حتى أصبحت عليها قضاء ذلك اليوم » (5).
    وبدن الحائض طاهر عند علمائنا كبدن الجنب ، وهو قول أكثر الجمهور (6) ، لقوله عليه السلام : ( ليست حيضتك في يدك ) (7).
1 ـ سنن ابن ماجة 1 : 210 / 640 ، سنن أبي داود 1 : 69 / 264.
2 ـ المغني 1 : 386 ، الشرح الكبير 1 : 351.
3 ـ المغني 1 : 386 ، الشرح الكبير 1 : 352.
4 ـ المغني 3 : 397 ، الشرح الكبير 3 : 409.
5 ـ التهذيب 1 : 293 / 1213.
6 ـ المجموع 2 : 150 ، المغني 1 : 244 ، الشرح الكبير 1 : 260.
7 ـ صحيح مسلم 1 : 245 / 299 ، سنن ابن ماجة 1 : 207 / 632 ، سنن أبي داود 1 : 68 / 161 ،
تذكرة الفقهاء الجزء الأول ::: فهرس