حياة الشيخ الطوسي ::: 71 ـ 80
(71)
الباب الثاني :
منهجية الشيخ الطوسي في تفسيره
    الفصل الاول : نشاة التفسير وتطور مناهجه ، وصف مجمل لتفسير التبيان
    الفصل الثاني : الجانب العقلي في التبيان
    الفصل الثالث : الجانب الاثري في التبيان
    الفصل الرابع : الجانب اللغوي في التبيان



(72)

(73)
الفصل الاول :
نشاة التفسير وتطور مناهجه
وصف مجمل لتفسير التبيان
    لـمـا كان القران الكريم كتاب اللّه الذي انزله على رسوله الامين محمد (ص) ، ليخرج به الناس من الـظـلمات الى النور ، فانه لابد للمسلمين من ان يتفهموا معانيه ، ويفقهوا اياته ليتمكنوا من العمل على ضـوء تعاليمه ووفق مفاهيمه وعلى وحي من هداه ، وكان لابد لرسول اللّه (ص) من ان يبين للناس ما فـي هذا الكتاب العزيز ( وانزلنا اليك الذكر لتبين للناس ما نزل اليهم ولعلهم يتفكرون ) (1) ، خـاصـة وان الـقران الكريم قداحتوى المحكم والمتشابه من الايات والمطلق والمقيد من الاحكام ، فضلا عن تضمنه الحقيقة والمجازوالتصريح والكناية ، وفعلا فقدتولى رسول اللّه (ص) مسؤولية التفسير والشرح لايات الكتاب طيلة سني حياته ، ليوضح اسباب النزول ويبين مايحتاج الى البيان من الـمـجـمـل والـمـتـشـابـه والـنـاسـخ والـمـنـسوخ ، كما ويشرح عمليا بعض الاحكام العبادية والـواجـبـات الـشـرعـية التي جاء بها الكتاب المجيد ، وفي هذا الصدد كان هناك رايان حول ما اذا كـان الـرسـول (ص) قـدبـيـن لـلـصـحابة كتاب اللّه كله ، الفاظه ومعانيه ام لا؟ فابن تيمية يؤكد ان الرسول (ص) كان قدبين
1 ـ النحل ( 16 ) الاية 44.

(74)
للصحابة القران كله الفاظه ومعانيه (1) ، في حين يؤكدالزركشي ان تـفـسـيـر الـقـران وتاويله بجملته لم ينقل الينا عن الصحابة ، فنحن نحتاج الى ماكانوا يحتاجون اليه (2) ، والواقع ان فهما اجماليا للقران كان قدتوفر للعديد من الصحابة ، ولكن نجوات التباين بين افهامهم بقيت كبيرة ، وتشهد كتب الصحاح بذلك ، وهي تروي لنا ماوقع فيه الصحابة من اخطاء في تـفـسـيـر ايـات القران الكريم ، ومرد ذلك الى اختلاف مداركهم ومعارفهم واستيعابهم للغة ومدى التصاقهم بالرسول الاكرم ( ص ) وقربهم منه.
    فقد روي عن عدي بن حاتم قوله :
    لـمـانـزلـت ( حـتـى يـتـبـين لكم الخيط الابيض من الخيط الاسود ) (3) عمدت الى عقال ابـيـض فجعلته تحت وسادتي ، فجعلت انظر في الليل فلايستبين لي ، فغدوت على رسول اللّه (ص) ، فذكرت له ذلك ، فقال : انما ذلك سواد الليل وبياض النهار (4).
    وعن ابن عباس روي قوله :
    كنت لاادري ما ( فاطر السموات والارض ) حتى اتاني اعرابيان يختصمان في بئر ، فقال احدهما : انا فطرتها ، اي انا ابتداتها (5).
    ورغـم كـل ذلك فقدكان القران في عصر الرسالة قريبا الى عقول الناس وافهامهم ، وان تفاوتت تلك الافهام في درجة المعرفة والادراك (6).
    وعـنـدمـا فـجـع الـمسلمون بوفاة المفسر الاول (ص) لجاوا بعد ذلك الى صحابته الذين عاشروه وسـمـعـوا منه وتفقهوا على يديه ، يسالونهم تفسير مايستغلق على اذهانهم فهمه من مفردات القران الـكـريـم واياته ، فيروي لهم الصحابة ماسمعوه من رسول اللّه (ص) في ذلك ،
1 ـ مـقـدمـة في اصول التفسير لابن تيمية ، تحقيق عدنان زرزور ، ص 35 ، بيروت مؤسسة الرسالة ، 1972 م ، ط 2.
2 ـ البرهان في علوم القران ، تحقيق محمد ابوالفضل ابراهيم ، ص 15 ، بيروت دار المعرفة ، 1972 م ، ط.
3 ـ البقرة ( 2 ) الاية 187.
4 ـ صـحـيـح الـبخاري ، كتاب الصوم ، باب قوله تعالى : ( كلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الابيض ).
5 ـ تفسير الطبري ، ج11 ، ص 283 ، الاية : الانعام ( 6 ) 14.
6 ـ حسن الامين ، دائرة المعارف الاسلامية الشيعية ، ج11 ، ص 65.


(75)
ولايتردد بعضهم من الاعـتراف بجهله في معاني بعض الكلمات تنزيها للقران من التفسير بالراي والظن (1) ، ومن ذلك ماروي عن الخليفة الثاني عمربن الخطاب انه قرا ( وفاكهة وابا ) فقال : هذه الفاكهة قدعرفناها فـمـا الاب ؟ ثـم قـال : قدنهينا عن التكلف (2)ومع كثرة الصحابة الذين عايشوا رسول اللّه وعـاصـروه وسـمعوا منه الحديث الا اننا لانكاد نجدمن بينهم نسبة عالية من المفسرين ، وفي هذا المجال يصرح السيوطي في الاتقان بقوله :
    اشـتهر بالتفسير من الصحابة عشرة : الخلفاء الاربعة وابن مسعود وابن عباس وابي بن كعب وزيدبن ثـابـت وابـو مـوسى الاشعري وعبداللّه بن الزبير. اما الخلفاء فاكثر من روي عنه منهم علي بن ابي طـالـب ، والرواية عن الثلاثة الاخرين نزرة جدا ، وكان السبب في ذلك تقدم وفاتهم كما ان ذلك هو الـسـبب في قلة رواية ابي بكر للحديث ولااحفظ عن ابي بكر في التفسير الا اثارا قليلة جدا لاتكاد تجاوز العشرة (3).
    امـا روايات اهل البيت (ع) وروايات اخرى عن الصحابة ، فانها تؤكد ان رسول اللّه (ص) قداختص الامـام عليا (ع) بالتعليم وبيان كتاب اللّه ، وان اهل البيت (ع) قدورثوا علوم رسول اللّه (ص) ، وهم رفـقـاء القران ، لاينفكون عنه ، فقدروى المسلمون بالتواتر عن رسول اللّه (ص) قوله : اني مخلف فيكم الثقلين : كتاب اللّه وعترتي اهل بيتي ...
    لـذا فهم المرجع بعد رسول اللّه (ص) في التفسير وبيان الاحكام ، ومع ذلك فقد برزت مدرستان في التفسير : مدرسة تعتمد على ماصدر عن ائمة اهل البيت (ع) كمراجع للتفسير ، ومدرسة تعتمد على ماصدر عن الصحابة وحدهم فيما لم يرد فيه بيان عن النبي (ص).
    ومدرسة التفسير عند الصحابة تعتمد المصادر التالية :
    1 ـ الـقـران الـكـريم : لمايشتمل عليه من عموم وخصوص واطلاق وتقييد واجمال وتبيين وايجاز واطناب ، وفي ذلك يقول الامام علي (ع) في معرض وصفه للقران ينطق بعضه
1 ـ السيد ابوالقاسم الخوئي ، البيان ، ج1 ، ص 278.
2 ـ الدر المنثور ، ج6 ، ص 317 ، الاية : عبس ( 80 ) 31.
3 ـ السيوطي ، الاتقان ، ج2 ، ص 321.


(76)
ـ ببعض ، ويشهد بعضه عـلـى بعض (1) ، والى هذا المعنى يشير الزمخشري في الكشاف الى انه اسد المعاني مادل عليه القران (2) ، وفي هذا الصدد جاءت الايات الكثيرة وهي تفسر اخواتها وتشرح مفرداتها ومضامينها فابن كثير مثلا يذكر في تفسيره قول اللّه تعالى ( وفصاله في عامين ... ) الاية :
    ان جـماعة من الصحابة استنبطوا ان اقل مدة للحمل ستة اشهر لقوله تعالى ( وحمله وفصاله ثلاثون شهرا ) (3) و (4).
    2 ـ الـرسـول الاكـرم (ص) : حـيـث كان (ص) يبين للصحابة ماخفي عليهم ولذلك حفظوا عنه من الاحـاديـث شـيـئا كثيرا كانوا قداستعانوا بها فيما بعد على تفسير ايات الكتاب العزيزوبذلك صار الحديث النبوي الشريف مصدرا مهما من مصادر التفسير في عصر الصحابة ومابعده ايضا.
    3 ـ الاجتهاد في الراي : ـ والصحابة لايلجؤون الى هذا اللون من التفسير الا بعد ان عدم التيسير لهم لـلاخذ عن القران او النبي (ص) ، لذلك يضطرون الى اعمال رايهم في تفسيربعض من ايات القران المجيد يساعدهم في ذلك معرفتهم بمفردات اللغة وصياغتهاواسرارها.
    4 ـ كتب الديانات الاخرى كالانجيل والتوراة : حيث اعتمد الصحابة عليها في معرفة قصص الانبياء والامم الغابرة ، وقدكان الصحابة يرجعون في ذلك الى من دخل في الاسلام من اهل الكتاب مثل كعب الاحبار وعبداللّه بن سلام وامثالهما.
    وفي عهد التابعين اضيف الى هذه المصادر الاربعة مصدر اخر في التفسير ، كان التابعون يولونه شيئا مـن الاهـتـمـام ، وهـو اقـوال الصحابة فصارت مصادرهم التفسيرية القران الكريم وروايتهم عن الـصـحـابـة احـاديـث الـنـبـي (ص) واقوال الصحابة واجتهاد التابعين انفسهم
1 ـ محمد عبده ، شرح نهج البلاغة ، ج2 ، ص 17 ، بيروت.
2 ـ الزمخشري ، الكشاف ج2 ، ص 193.
3 ـ ان الـذى بين هذا الامام على (ع) كما وضحت الروايات ذلك ، انظر الدر المنثور ، ج 6 ، ص 40.
4 ـ ابن كثير ، تفسير القران العظيم ، ج3 ، ص 445.


(77)
واستنباطهم واهل الكتاب (1).
    ثم جاء عهد الفتوحات الاسلامية ، فاحدثت تلك الفتوحات تغييرا مهما في ثقافة المسلمين وحياتهم ، اذ ان الـتـلاقـح الـفكري والحضاري الذي حدث بين افكار الشعوب المفتوحة والفكر الاسلامي كان عاملا مهما في التاثير على المسلمين انفسهم حيث امتزجت العادات والتقاليد والنظم ، فنشات مذاهب جديدة طغت على بعضها الخرافات والبدع (2).
    وفـي اواخـر ايـام الحكم الاموي بدا عصر التدوين لاحاديث الرسول (ص) ، وكان التفسيربابا من الابـواب الـتـي شملها تدوين الحديث ، حيث لم يفرد له في بداية الامر تاليف خاص يفسر القران من الـبـداية الى النهاية ، ولكن ذلك لم يدم طويلا حيث بدا التفسير ينفصل عن الحديث فاصبح علما قائما بـنفسه ، ووضع لكل اية من القران تفسير ، ورتب ذلك على حسب ترتيب المصحف ، كما هو الحال في جامع البيان في تفسير القران لابن جرير الطبري ( ت 310ه ) (3).
    وهـنـا لابـد لـنـا من ذكر المناهج التفسيرية التي درج عليها المفسرون في تفاسيرهم والتي يمكن تقسيمها من حيث الاساس الى :
    1 ـ التفسير بالماثور 2 ـ التفسير بالراي 3 ـ التفسير اللغوي 1ـ الـتـفـسير بالماثور : ويشمل هذا النوع من التفسير كل ماجاء في القران نفسه من تفسيرالايات بـعـضـهـا لـلـبـعـض الاخـر ، ومـانـقـل عـن الـرسـول (ص) ومانقل عن الصحابة (4) وعـن الـتـابـعـيـن (5)
1 ـ الذهبي ، التفسير والمفسرون ، ج1 ، ص 99.
2 ـ الشحات سيد زغلول ، الاتجاهات الفكرية في التفسير ، ص 110.
3 ـ الذهبي ، التفسير والمفسرون ، ج1 ، ص 140
4 و 5 ـ وللشيعة الاماميه آراء مخالفه لهذا الاتجاه.


(78)
ايـضـا (1) ، وهذا النوع من التفسير هو اول انواع التفسير ظـهـورا (2) ، ويـبـدو ان هـناك اعتراضات من قبل بعض المفسرين حول اعتبار ماينقل من التابعين من قبيل الماثور ، وفي هذا الصدد يقول ابن تيمية وهو يتحدث عن اقوال التابعين :
    انها ليست بحجة على غيرهم ممن خالفهم ، اما اذا اجتمعوا على الشي ء فلايرتاب في كونه حجة ، فان اختلفوا فلايكون قول بعضهم حجة على بعض ولاعلى من بعدهم ، ويرجع في ذلك الى لغة القران او السنة او عموم لغة العرب او اقوال الصحابة.
    وهناك من يعتبر اقوال التابعين من قبيل الراي (3) ولايعدها من الماثور.
    ويـعـتـبـر تفسير الطبري من اهم واول كتب التفسير بالماثور ، ويمتاز تفسيره باسناد الاقوال الى اصحابها مسلسلة ، والتعويل على ماروي عن الرسول (ص) والصحابة والتابعين (4).
    وقـدتـوسـع بعض المفسرين في هذا المنهج ، ونقلوا عن اهل الكتاب شيئا كثيرا ، وخاصة في مجال القصص النبوي واحوال الامم الغابرة مبررين كثرة النقل عن هؤلاء بان مثل هذه المنقولات ليست مما يـرجـع الـى الاحـكـام والـعـقائد ، فتساهلوا في ذلك ، وملاوا تفسيراتهم بمنقولات عن عامة اهل الـتـوراة (5) ، ولـعـل الـتفسير الكبير لاحمدبن محمد بن ابراهيم الثعالبي النيسابوري ( ت 427هـ ) كـان واحـدا مـن بين اكثر كتب التفسير نقلا عن اهل الكتاب ، وكان لكثرة النقل عن اهل الكتاب اكبر الاثر في تضعيف التفسير بالماثور ، وذلك بسبب ماخالطه من الوضع والاسرائيليات التي كـانت لاتعبر عن وجهة نظر اسلامية اطلاقا ، والتي كانت تحمل بين طياتها اهدافا شريرة ، القصد مـنـها الاساءة للاسلام ولرسوله ولسائرالانبياء (ع) ، كما ساهم في تضعيف التفسير بالماثور ايضا حـذف الاسـانـيـد مـن الـروايـات ، وخاصة بعد
1 ـ السيد الخليل ، نشاة التفسير في القران والكتب المقدسة ، ص 34.
2 ـ الذهبي ، التفسير والمفسرون ، ج1 ، ص 152.
3 ـ محمود بسيوني فودة ، التفسير ومناهجه في ضوء المذاهب الاسلامية ، ص 21.
4 ـ السيد خليل ، نشاة التفسير ، ص 54.
5 ـ ابن خلدون ، المقدمة ، ص 367 ، السيد خليل ، نشاة التفسير ، ص 34.


(79)
تفسير الطبري (1) ، وهو مالجا اليه بعض الـمـفـسـريـن بـقـصد الاختصاركماحدث للبغوي الفراء ( ت 510ه ) وابن كثير ( ت 774ه ) والسيوطي ( ت 911ه ) الذي يقول في مقدمة الدر المنثور :
    فـلـمـا الفت كتاب ترجمان القران ، وهو التفسير المسند عن رسول اللّه (ص) واصحابه رضي اللّه عـنهم ، وتم بحمداللّه في مجلدات ، فكان ما اوردته فيه من الاثار باسانيد الكتب المخرج منها ورايت قـصور اكثر الهمم عن تحصيله ورغبتهم في الاقتصار على متون الاحاديث دون الاسناد وتطويله فـلـخـصـت منه هذا المختصر مقتصرا فيه على متن الاثرمصدرا بالعزو والتخريج الى كل كتاب معتبر وسميته بالدر المنثور في التفسيربالماثور (2).
    ويـقـف مـفـسـرو الامامية من الماثور ولايعتبرون الا بما جاء في القران الكريم من بيان وتفصيل ، ومـاروي عـن الـنـبـي (ص) وعن الائمة من اهل البيت (ع) ، وهذا مااشار اليه الشيخ ‌الطوسي في تفسيره فقال :
    ان الـرسول (ص) حث على قراءة القران والتمسك بما فيه ، ورد اليه مايرد من اختلاف الاخبار في فروع ، ثم اردف قائلا :
    ان اصـحابنا ـ يعني الامامية ـ ذكروا بان تفسير القران لايجوز الا بالاثر الصحيح عن النبي (ص) وعن الائمة (ع) الذين هم قولهم حجة كقول النبي (ص) (3).
    وفـيما عدا ذلك فالامامية لاتعتبر اي نقل حجة ، وفي ذلك يقول السيد محمدتقي الحكيم : واما ما نقل عـن الـصـحـابـة والـتابعين فليس بحجة في ذاته (4) ، ولدى الامامية تفاسير عديدة عنيت بالماثور منها :
    1 ـ تفسير العياشي لمحمد بن مسعود بن عياش ، وهو من فقهاء الشيعة الامامية في القرن
1 ـ الذهبي ، التفسير والمفسرون ، ج1 ، ص 157.
2 ـ السيوطي ، الدر المنثور ، ج1 ، ص 3.
3 ـ الطوسي ، التبيان ، ج1 ، ص 3.
4 ـ الحكيم ، الاصول العامة للفقه المقارن ، ص 135.


(80)
الثالث الهجري ، وللعياشي هذا اكثر من مائتي مصنف (1).
    2 ـ تفسير فرات لفرات بن محمد بن فرات الكوفي ، وهو من علماء القرن الثالث للهجرة (2).
    3 ـ تـفسير القمي لعلي بن ابراهيم بن هاشم القمي ، وهو من رجال القرن الثالث والرابع للهجرة النبوية الشريفة (3).
    2ـ الـتـفسير بالراي : ويعني تفسير القران بالاجتهاد (4) ، والراي لغة هو الاعتقادوالقياس والاجتهاد ، ويعتبر اصحاب القياس من اصحاب الراي ، لانهم يقولون برايهم فيمالم يجدوا فيه حديثا او اثـرا (5) ، واعتماد الراي في التفسير جاء متاخرا ، وان كانت هناك محاولات تفسيرية من قبل بعض المسلمين في عصر النبوة ، حيث كانوا يعملون نظرهم في القران ، عندما لم يتيسر لهم لقاء الرسول (ص) ، فوجد في تلك الفترة من كان يفسر القران برايه (6).
    وهـذا الـلـون مـن الـتـفسير قدتعرض الى هجوم شديد من قبل بعض المسلمين ، حتى كان بعضهم يحرمونه وينهون عنه (7) مستندين في ذلك الى قول الرسول (ص) :
    مـن قـال فـي الـقـران برايه فاصاب فقد اخطا (8) ، بينما اجاز هذا النوع من التفسيرقوم اخـرون مستدلين بما جاء في القران الكريم من دعوة وحث على النظر في كتاب اللّه ، كمافي قوله تعالى ( كتاب انزلناه اليك مبارك ليدبروا اياته وليتذكر اولوا الالباب ) (9).
1 ـ الامينى ، اعيان الشيعة ، ج1 ، ص 366.
2 ـ نفس المصدر ، ج1 ، ص 366 ، الخوانساري ، روضات الجنات ، ج5 ، ص 353.
3 ـ الذهبي ، التفسير والمفسرون ، ج1 ، ص 255.
4 ـ نفس المصدر.
5 ـ القاموس المحيط ، فصل الراء باب الواو والباء.
6 ـ الشحات زغلول ، الاتجاهات الفكرية في التفسير ، ص 81.
7 ـ نفس المصدر.
8 ـ انظر سنن الترمذي ، ابواب تفسير القران ، باب ماجاء في الذي يفسر القران برايه.
9 ـ ص ( 38 ) الاية 29.
حياة الشيخ الطوسي ::: فهرس