وصايا الرسول لزوج البتول ::: 121 ـ 135
(121)
وآفةُ العلمِ النِسيان (358) ، وآفةُ العبادةِ الفَترة (359) ، وآفةُ الجَمالِ الخُيَلاء (360) ، وآفةُ العلمِ الحَسد (361).

    (358) فإنّ النسيان يوجب زوال العلم وعدم الإستفادة منه .. وقد عرفت الاُمور التي توجب النسيان وينبغي إجتنابها.
    (359) أي انقطاع العبادة والضعف فيها .. وهذه الفترة تحدث بواسطة عدم التوجّه وعدم حضور القلب وعدم الخشوع في العبادة ، فإنّ حضور القلب والخشوع روح العبادة وحياتها.
    (360) فُسّر الجمال بحُسن الأفعال وكمال الأوصاف ، والكمالات المعنويّة كالزهد والعبادة .. والخيلاء هو التكبّر العُجب ، فالخيلاء آفةٌ لكمالات الإنسان.
    (361) هذه الآفة إنّما هي بالنسبة إلى المتّصف بالعلم والمسمّى بالعالم ، لا بالنسبة إلى نفس العلم ، والحسد من أرذل الصفات الذميمة ولا ينبغي أن يكون في العالم الربّاني الحقيقي.
    والحسد هو أن يرى الإنسان لأخيه نعمةً فيتمنّى زوالها.
    بينما الغبطة هي أن يرى الإنسان لأخيه نعمة فيتمنّى مثلها لا زوالها ، والمؤمن يغبط ولا يحسد ، والمنافق يحسد ولا يغبط ، كما في الحديث الصادقي الشريف (1).
    وإنّ الحسد ليأكل الإيمان كما تأكل النار الحطب ، كما في الحديث الباقري الشريف (2).
    بل في حديث داود الرقي ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال ، « قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ،

1 ـ اُصول الكافي ، ج 2 ، ص 307 ، ح 7.
2 ـ اُصول الكافي ، ج 2 ، ص 306 ، ح 1.


(122)
.........................

قال الله عزّوجلّ لموسى بن عمران ( عليه السلام ) ، يابن عمران لا تحسدنّ الناس على ما آتيتهم من فضلي ولا تمدنّ عينيك إلى ذلك ولا تتبعه نفسك ، فإنّ الحاسد ساخط لنعمي ، صادّ لقسمي الذي قسمت بين عبادي ، ومن يك كذلك فلست منه وليس منّي » (1).
    ومن هنا تعرف أنّ الحسد آفة ضارّة للعلم ..
    وفي علاج الحسد أفاد العلاّمة المجلسي ، أنّ الحسد من الأمراض العظيمة للقلوب ، ولا تُداوى أمراض القلوب إلاّ بالعلم والعمل ..
    والنافع لمرض الحسد هو أن تعرف تحقيقاً أنّ الحسد ضرر عليك في الدنيا والدين ولا ضرر فيه على المحسود لا في دنياه ولا في دينه بل ينتفع به المحسود دنياً وديناً ..
    أمّا كونه ضرراً عليك في الدين فهو أنّك بالحسد سخطت قضاء الله ، وكرهت نعمته التي قسّمها لعباده ، وعدله الذي أقامه في ملكه واستنكرت ذلك ، وهذه جناية على التوحيد وقذىً في الإيمان.
    وأمّا كونه ضرراً عليك في الدنيا فهو أنّك تتألّم بحسدك ، وتتعذّب به ، ولا تزال في غمّ له ، وتبقى مغموماً محزوناً كما يشتهي أعداؤك لك.
    وأمّا أنّ المحسود ينتفع به في الدين فهو أنّه يكون مظلوماً من جهتك لا سيّما إذا دعاك الحسد إلى غيبته والقدح فيه وهتك ستره وكشف مساويه .. فإنّك بهذا تهدي حسناتك إليه.
    وأمّا أنّ المحسود ينتفع به في الدنيا فهو أنّ من أهمّ أغراض الخلق مساءة أعدائهم وتعذيب من عاداهم ، ولا عذاب أعظم ممّا أنت فيه من ألم الحسد ، وقد فعلت

1 ـ اُصول الكافي ، ج 2 ، ص 307 ، ح 6.

(123)
    يا علي ، أربعةٌ يذهَبْنَ ضَياعاً (362) ، الأكلُ على الشَّبَع (363) ، والسراجُ في القمر (364) ، والزّرعُ في السَبْخة (365) ، والصنيعةُ (366) ، عند غير أهلها.
    يا علي ، مَن نسى الصلاةَ عليَّ فقد أخطأ طريقَ الجنّة (367).

بنفسك ما هو مرادهم.
    ومهما عرفت هذا عن بصيرة لم تكن عدوّ نفسك ، وصديق عدوّك ، بل فارقت الحسد لا محالة (1).
    (362) الضَياع ـ بالفتح ـ ، هو التلف والهلاك بلا فائدة ممّا يكون إسرافاً وتبذيراً للمال.
    (363) فلا فائدة في ذلك الأكل ، بل قد يكون سبباً للمرض.
    (364) فإنّه إهدار لذلك السراج إلاّ أن يكون لغرض عقلائي كالكتابة والمطالعة ونحوهما من الأغراض الشريفة.
    (365) السبخة ـ بالفتح ثمّ السكون ـ ، هي الأرض المالحة التي تعلوها الملوحة.
    (366) الصَّنيعة هو الإحسان ، وهو يذهب ضياعاً عند من لا يكون أهلا للإحسان إليه.
    (367) من حيث أنّه لو كان يصلّي لوصل إلى الجنّة ، فمن ترك الصلاة أخطأ طريق الجنّة.
    وفي حديث الكافي أيضاً ، « من ذُكِرْتُ عنده فنسي أن يصلَّي عليَّ خطّأ الله به طريق الجنّة » (2).

1 ـ مرآة العقول ، ج 10 ، ص 159.
2 ـ اُصول الكافي ، ج 2 ، ص 495 ، ح 20.


(124)
.........................

وهذا يدلّ على أنّ النسيان عقوبة له من الله على بعض أعماله الرذيلة فحرم من تلك الفضيلة ، وإن لم يكن معاقباً على النسيان لقوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، « رفع عن اُمّتي الخطأ والنسيان ... » ، ويمكن أن يكون هذا القول لبيان لزوم الإهتمام بهذا الأمر لئلاّ يقع منه النسيان فيفوت منه مثل هذه الفضيلة (1).
    واعلم أنّ الصلاة على النبي وآله ( عليهم السلام ) طريق الجنّة حقّاً ، وزاد الدنيا والآخرة واقعاً ومن أعظم الحسنات فائدةً كما تلاحظها في الأحاديث الشريفة التي نتبرّك منها بذكر ما يلي منها :
    1 ـ مارواه ثقة الإسلام الكليني بسنده عن هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال ، « لا يزال الدعاء محجوباً حتّى يصلّى على محمّد وآل محمّد » (2) وفي حديث آخر ، « من كانت له إلى الله عزّوجلّ حاجة فليبدأ بالصلاة على محمّد وآله ثمّ يسأل حاجته ، ثمّ يختم بالصلاة على محمّد وآل محمّد ، فانّ الله عزّوجلّ أكرم من أن يقبل الطرفين ويدع الوسط ، إذ كانت الصلاة على محمّد وآل محمّد لا تحجب عنه » أي مقبولة أبداً.
    2 ـ وعن أبي بصير ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال ، قال ، « إذا ذكر النبيُّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فأكثروا الصلاة عليه فإنّه من صلّى على النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) صلاة واحدة صلّى الله عليه ألف صلاة في ألف صفّ من الملائكة ، ولم يبق شيء ممّا خلقه الله إلاّ صلّى على العبد لصلاة الله عليه وصلاة ملائكته ، فمن لم يرغب في هذا فهو جاهل مغرور ، قد برىء الله منه ورسوله وأهل بيته » (3).

1 ـ مرآة العقول ، ج 12 ، ص 106.
2 ـ اُصول الكافي ، ج 2 ، ص 491 ، ح 1 ـ 16.
3 ـ اُصول الكافي ، ج 2 ، ص 492 ، ح 6.


(125)
.........................

    3 ـ وعن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال ، « قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، الصلاة عليَّ وعلى أهل بيتي تذهب بالنفاق » ، وفي حديث آخر ، « قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، ارفعوا أصواتكم بالصلاة عليّ فانّها تذهب بالنفاق » (1).
    4 ـ وعن معاوية بن عمّار ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال ، « من قال ، ياربّ صلّ على محمّد وآل محمّد مائة مرّة قضيت له مائة حاجة ثلاثون للدنيا [ والباقي للآخرة ] » (2).
    5 ـ وعن إسحاق بن فروخ مولى آل طلحة قال ، قال أبو عبدالله ( عليه السلام ) ، « يا إسحاق بن فروخ من صلّى على محمّد وآل محمّد عشراً صلّى الله عليه وملائكته مائة مرّة ، ومن صلّى على محمّد وآل محمّد مائة [ مرّة ] صلّى الله عليه وملائكته ألفاً ، أما تسمع قول الله عزّوجلّ ، ( هُوَ الَّذِي يُصَلّي عَلَيْكُمْ وَمَلاَئكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلَماتِ إلَى النُّورِ وَكَانَ بِالمُؤْمِنِينَ رَحِيماً ) (3) » (4).
    6 ـ وعن محمّد بن مسلم ، عن أحدهما ( عليهما السلام ) قال ، « ما في الميزان شيء أثقل من الصلاة على محمّد وآل محمّد ، وإنّ الرجل لتوضع أعماله في الميزان فتميل به فيُخرج ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الصلاة عليه فيضعها في ميزانه فيرجّح » (5).
    7 ـ وعن ابن القدّاح ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال ، « سمع أبي رجلا متعلّقاً بالبيت وهو يقول ، اللّهمّ صلّ على محمّد ، فقال له أبي ، ياعبَد الله ! لا تبترها لا تظلمنا

1 ـ اُصول الكافي ، ج 2 ، ص 492 ، ح 8 ـ 13.
2 ـ اُصول الكافي ، ج 2 ، ص 493 ، ح 9.
3 ـ سورة الأحزاب ، الآية 43.
4 ـ اُصول الكافي ، ج 2 ، ص 493 ، ح 14.
5 ـ اُصول الكافي ، ج 2 ، ص 494 ، ح 15.


(126)
.........................

حقّنا قل ، اللّهمّ صلّ على محمّد وأهل بيته » (1).
    8 ـ ما رواه شيخ المحدّثين الصدوق بسنده عن أبي حمزة ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) فكيف نصلّي على محمّد وآل محمّد ؟ قال ، « تقولون ، « صلوات الله وصلوات ملائكته وأنبيائه ورسله وجميع خلقه على محمّد وآل محمّد والسلام عليه وعليهم ورحمة الله وبركاته ».
    قال ، فقلت ، فما ثواب من صلّى على النبي وآله بهذه الصلاة ؟ قال ، الخروج من الذنوب والله كهيئته يوم ولدته اُمّه » (2).
    9 ـ ما رواه أيضاً بسنده عن الحسن بن فضّال قال ، قال الرضا ( عليه السلام ) ، « من لم يقدر على ما يكفّر به ذنوبه فليكثر من الصلاة على محمّد وآله فإنّها تهدم الذنوب هدماً » (3).
    10 ـ ما رواه أيضاً بسنده عن عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي ، عن أبيه ، عن جدّه قال ، « قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، من قال ، صلّى الله على محمّد وآله قال الله جلّ جلاله ، صلّى الله عليك ، فليكثر من ذلك.
    ومن قال ، صلّى الله على محمّد ولم يصلّ على آله لم يجد ريح الجنّة ، وريحها توجد من مسيرة خمسمائة عام » (4).
    11 ـ ما رواه أيضاً بسنده عن عبدالعظيم الحسني قال ، « سمعت علي بن محمّد

1 ـ اُصول الكافي ، ج 2 ، ص 495 ، ح 21.
2 ـ معاني الأخبار ، ص 367 ، ح 1.
3 ـ عيون الأخبار ، ج 1 ، ص 294.
4 ـ أمالي الصدوق ، ص 228.


(127)
.........................

العسكري ( عليه السلام ) يقول ، إنّما اتّخذ الله عزّوجلّ إبراهيم خليلا ، لكثرة صلاته على محمّد وأهل بيته صلوات الله عليهم » (1).
    12 ـ ما رواه أيضاً بسنده عن الصباح بن سيّابة ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال ، « ألا اُعلمك شيئاً يقي الله به وجهك من حرّ جهنّم ؟ قال ، قلت ، بلى ، قال ، قل بعد الفجر ، اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد مائة مرّة يقي الله به وجهك من حرّ جهنّم » (2).
    13 ـ ما رواه شيخ الطائفة الطوسي بسنده عن محمّد بن مروان ، عن جعفر بن محمّد ( عليهما السلام ) قال ، « قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، صلاتكم عليّ إجابة لدعائكم وزكاة لأعمالكم » (3).
    14 ـ ما رواه الشيخ الجليل ابن فهد الحلّي ، عن عبدالله بن نعيم قال ، « قلت لأبي عبدالله ( عليه السلام ) ، إنّي دخلت البيت ـ أي الكعبة ـ ولم يحضرني شيء من الدعاء إلاّ الصلاة على محمّد وآله ؟ فقال ، أما إنّه لم يخرج أحد بأفضل ممّا خرجت به » (4).
    15 ـ ما رواه الشيخ السبزواري من الأحاديث العديدة عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من قوله ، « من صلّى علَيَّ مرّة فتح الله عليه باباً من العافية ، والصلاة عليَّ نور على الصراط ومن كان له على الصراط من النور لم يكن من أهل النار ، والصلاة على النبي وآله أمحق للخطايا من الماء للنار ، ومن صلّى عليَّ مرّة لم يبق من ذنوبه ذرّة ، وأولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم عليَّ صلاة ، ومن صلّى عليَّ كلّ يوم أو كلّ

1 ـ علل الشرايع ، ص 34 ، باب 32 ، ح 3.
2 ـ ثواب الأعمال ، ص 186 ، ح 1.
3 ـ أمالي الشيخ الطوسي ، ص 215 ، ح 376.
4 ـ عدّة الداعي ، ص 150.


(128)
.........................

ليلة وجبت له شفاعتي ولو كان من أهل الكبائر ، وما من أحد من اُمّتي يذكرني ثمّ صلّى عليّ إلاّ غفر الله له ذنوبه وان كان أكثر من رمل عالج ، ومن صلّى عليّ في يوم الجمعة ألف مرّة لم يمت حتّى يرى مقعده من الجنّة ، ولن يلج النار من صلّى عليَّ » (1).
    16 ـ ما رواه البرقي بسنده عن حمّاد بن عثمان أنّه سأل أبا عبدالله ( عليه السلام ) قال ، أَخْبِرْنا عن أفضل الأعمال ؟ فقال ، « الصلاة على محمّد وآل محمّد مائة مرّة بعد العصر ، وما زدت فهو أفضل » (2).
    17 ـ ما رواه ابن إدريس ( قدس سره ) في مستطرفات السرائر عن جامع البزنطي ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله الصادق ( عليه السلام ) ، « من قال بعد العصر يوم الجمعة ، « اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد الأوصياء المرضيين بأفضل صلواتك وبارك عليهم بأفضل بركاتك والسلام عليهم وعلى أرواحهم وأجسادهم ورحمة الله وبركاته » كان له مثل ثواب عمل الثقلين في ذلك اليوم » (3).
    وأورد هذه الصلوات المحدّث القمّي في أعمال نهار الجمعة في المفاتيح (4) ، ثمّ أفاد أنّ هذه الصلوات مرويّة بما لها من الفضل الكثير في كتب مشايخ الحديث بأسناد معتبرة جدّاً ، والأفضل أن يكرّرها سبع مرّات ، وأفضل منه عشر مرّات.
    فعن الإمام الصادق ( عليه السلام ) أنّه من صلّى بهذه الصلوات حين يصلّي العصر يوم الجمعة قبل أن ينفتل من صلاته ـ أي ينصرف عنها ـ عشر مرّات صلّت عليه

1 ـ جامع الأخبار ، ص 153.
2 ـ المحاسن ، ص 59.
3 ـ السرائر ، ج 3 ، ص 577.
4 ـ مفاتيح الجنان ، ص 50.


(129)
.........................

الملائكة من تلك الجمعة إلى الجمعة المقبلة في تلك الساعة.
    وروى الثقة الكليني في الكافي أنّه إذا صلّيت العصر يوم الجمعة فقل ، « اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد الأوصياء المرضيين بأفضل صلواتك ، وبارك عليهم بأفضل بركاتك والسلام عليه وعليهم ورحمة الله وبركاته » فإنّ مَنْ قالها بعد العصر كتب الله عزّوجلّ له مائة ألف حسنة ، ومحا عنه مائة ألف سيّئة ، وقضى له بها مائة ألف حاجة ، ورفع له بها مائة ألف درجة.
    18 ـ ما رواه ثقة الإسلام الكليني بسنده عن الحسين بن زيد ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، « ما من قوم اجتمعوا في مجلس فلم يذكروا اسم الله عزّوجلّ ولم يصلّوا على نبيّهم إلاّ كان ذلك المجلس حسرةً ووبالا عليهم » (1).
    19 ـ ما رواه شيخ المحدّثين الصدوق بسنده عن الأعمش في حديث شرائع الإسلام عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) جاء فيه ، « والصلاة على النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) واجبة في كلّ المواطن ، وعند العطاس ، والرياح ، وغير ذلك » (2).
    20 ـ ما رواه أيضاً بسنده عن أبي بصير ومحمّد بن مسلم ، عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) ، عن آبائه الطيّبين ، عن أمير المؤمنين سلام الله عليه في حديث الأربعمائة الشريف حيث علّم أصحابه في مجلس واحد أربعمائة باب ممّا يصلح للمسلم في دينه ودنياه ، جاء فيه ، « صلّوا على محمّد وآل محمّد فانّ الله عزّوجلّ يقبل دعاءكم عند ذكر محمّد ودعائكم له وحفظكم إيّاه » (3).

1 ـ اُصول الكافي ، ج 2 ، ص 497 ، ح 5.
2 ـ الخصال ، أبواب المائة فما فوقها ، ص 607 ، ح 9.
3 ـ الخصال ، باب المائة فما فوقها ، ص 613 ، ح 10.


(130)
.........................

    21 ـ ما رواه أيضاً بسنده عن ابن المغيرة قال ، سمعت أبا الحسن ( عليه السلام ) يقول ، من قال في دبر صلاة الصبح وصلاة المغرب قبل أن يثني رجليه أو يكلّم أحداً ، « إنّ الله وملائكته يصلّون على النبي ياأيّها الذين آمنوا صلّوا عليه وسلّموا تسليماً. اللهمّ صلّ على محمّد النبي وذرّيته » قضى الله له مائة حاجة سبعون في الدنيا وثلاثون في الآخرة.
    قال ، قلت له ، ما معنى صلاة الله وصلاة ملائكته وصلاة المؤمنين ؟ قال ، صلاة الله رحمة من الله ، وصلاة ملائكته تزكية منهم له ، وصلاة المؤمنين دعاء منهم له.
    ومِنْ سِرِّ آل محمّد في الصلاه على النبي وآله « اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد في الأوّلين ، وصلّ على محمّد وآل محمّد في الآخرين وصلّ على محمّد وآل محمّد في الملأ الأعلى ، وصلّ على محمّد وآل محمّد في المرسلين ، اللهمّ أعط محمّداً [ وآل محمّد ] الوسيلة والشرف والفضيلة والدرجة الكبيرة ، اللهمّ إنّي آمنت بمحمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ولم أره ، فلا تحرمني يوم القيامة رؤيته ، وارزقني صحبته ، وتوفّني على ملّته ، واسقني من حوضه مشرباً رويّاً سائغاً هنيئاً لا أظمأ بعده أبداً إنّك على كلّ شيء قدير ، اللهمّ كما آمنت بمحمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ولم أره فعرّفني في الجنان وجهه ، اللهمّ بلّغ روح محمّد عنّي تحيّة كثيرة وسلاماً ».
    فإنّ من صلّى على النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بهذه الصلوات هُدمت ذنوبه ومحيت خطاياه ، ودام سروره واستجيبت دعاؤه ، واُعطي أمله ، وبسط له في رزقه ، واُعين على عدوّه ، وهيّىء له سبب أنواع الخير ، ويجعل من رفقاء نبيّه في الجنان الأعلى. يقولهنّ ثلاث مرّات غدوة ، وثلاث مرّات عشيّة » (1).

1 ـ ثواب الأعمال ، ص 187 ، ح 1.

(131)
.........................

    22 ـ ما رواه أيضاً بسنده عن عبدالله بن سنان ويأتي في الوصايا عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) أنّه قال ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ذات يوم لأمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، ألا اُبشّرك ؟ قال ، بلى بأبي أنت واُمّي فإنّك لم تزل مبشّراً بكلِّ خير ، فقال ، أخبرني جبرئيل آنفاً بالعجب ، فقال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وما الذي أخبرك يا رسول الله ؟ قال ، أخبرني أنّ الرجل من اُمّتي إذا صلّى عليَّ وأتبع بالصلاة على أهل بيتي فتحت له أبواب السماء ، وصلّت عليه الملائكة سبعين صلاة وإنّه للذَّنب حطّاً (1) ، ثمّ تحاتُّ عنه الذنوب كما تحاتُّ الورق من الشجر ، ويقول الله تبارك وتعالى ، لبّيك عبدي وسعديك ، يا ملائكتي أنتم تصلّون عليه سبعين صلاة وأنا اُصلّي عليه سبعمائة صلاة ، فإذا صلّى عليَّ ولم يتبع بالصلاة على أهل بيتي كان بينها وبين السماء سبعون حجاباً ويقول الله جلّ جلاله ، لا لبّيك ولا سعديك ، يا ملائكتي لا تصعدوا دعاءَه إلاّ أن يلحق بالنبي عترته ، فلا يزال محجوباً حتّى يلحق بي أهل بيتي (2).
    23 ـ روى الشيخ الصدوق باسناده إلى الإمام الباقر ( عليه السلام ) انّه سئل عن أفضل الأعمال يوم الجمعة ؟ قال ، « لا أعلم عملا أفضل من الصلاة على محمّد وآل محمّد » (3).
    24 ـ روى الشيخ المفيد عن الإمام أبي عبدالله الصادق ( عليه السلام ) انّه قال ، « إذا كانت عشيّة الخميس وليلة الجمعة نزلت ملائكة من السماء معها أقلام من الذهب

1 ـ في الأمالي للشيخ الصدوق ، ص 519 ، وان كان مذنباً خطّاءً ، وفي نسخة اُخرى ، وإنّه لمذنب خطّاء.
2 ـ ثواب الأعمال ، ص 188 ، ح 1.
3 ـ كنز الدقائق ، ج 10 ، ص 438.


(132)
.........................

وصحف من الفضّة ، لا يكتبون إلاّ الصلاة على النبي وآله إلى أن تغيب الشمس من يوم الجمعة » (1).
    25 ـ روى الشيخ المفيد أيضاً ، عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) أنّه قال ، « الصلاة على محمّد وآله يوم الجمعة بألف من الحسنات ، ويحطّ الله فيها ألفاً من السيّئات ، ويرفع فيها ألفاً من الدرجات ..
    وانّ المصلّي على محمّد وآله في ليلة الجمعة يزهر نوره في السماوات إلى يوم الساعة ، وانّ ملائكة الله عزّوجلّ في السماوات ليستغفرون له ، وليستغفر له الملك الموكّل بقبر رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إلى أن تقوم الساعة » (2).
    26 ـ روى الشيخ الصدوق باسناده إلى الإمام الرضا ( عليه السلام ) انّه قال ، « الصلاة على محمّد وآله تعدل عند الله عزّوجلّ التسبيح والتهليل والتكبير » (3).
    27 ـ روى الحميري بسنده عن أحدهما ( عليهما السلام ) انّه قال ، « أثقل ما يوضع في الميزان يوم القيامة الصلاة على محمّد وعلى أهل بيته » (4).
    28 ـ روى انّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قيل له ، يا رسول الله أرأيت قول الله تعالى ، ( إنَّ اللّهَ وَمَلاَئكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النبِيِّ ) كيف هو ؟
    فقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، « هذا من العلم المكنون ، ولولا أنّكم سألتموني ما أخبرتكم ، إنّ الله تعالى وكّل بي ملكين فلا أُذكر عند مسلم فيصلّي عليّ إلاّ قال له ذلك الملكان ، غفر

1 ـ المقنعة من الينابيع الفقهية ، ج 3 ، ص 130.
2 ـ المقنعة من الينابيع الفقهية ، ج 3 ، ص 129.
3 ـ أمالي الصدوق ، ص 65 ، المجلس السابع عشر.
4 ـ قرب الاسناد ، ص 14 ، ح 45.


(133)
.........................

الله لك ، وقال الله وملائكته آمين ، ولا أُذكر عند مسلم فلا يصلّي عليّ إلاّ قال له الملكان ، لا غفر الله لك ، وقال الله وملائكته ، آمين » (1).
    29 ـ عن ابن عبّاس قال ، قال لي النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، « رأيت في ما يرى النائم عمّي حمزة بن عبدالمطلّب ، وأخي جعفر بن أبي طالب وبين يديهما طبق من نبق فأكلا ساعة ، فتحوّل النبق عنباً فأكلا ساعة ، فتحوّل العنب لهما رطباً فأكلا ساعة ، فدنوت منهما وقلت ، بأبي أنتما أيُّ الأعمال وجدتما أفضل ؟
    قالا ، فديناك بالآباء والاُمّهات وجدنا أفضل الأعمال الصلاة عليك ، وسقي الماء ، وحبّ علي بن أبي طالب ».
    وقال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، « أكثروا الصلاة عليَّ ، فانّ الصلاة عليّ نور في القبر ، ونور على الصراط ، ونور في الجنّة » (2).
    30 ـ عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال ، « من صلّى عليّ في كتاب لم تزل الملائكة لتستغفر له ما دام إسمي في ذلك الكتاب » (3).
    هذا واعلم إنّ فضل الصلاة على النبي وآله وردت حتّى من طريق العامّة كالبخاري ومسلم وابن المغازلي والسمعاني وغيرهم كما تلاحظ إحصاء أحاديثهم في البحار (4).
    وبهذا يظهر بوضوح أنّ الصلوات أجلّ الدعوات المقبولات .. فيلزم على

1 ـ بحار الأنوار ، ج 94 ، ص 68 ، ب 29 ، ح 57.
2 ـ بحار الأنوار ، ج 94 ، ص 70 ، ب 29 ، ح 63.
3 ـ بحار الأنوار ، ج 94 ، ص 71 ، ب 29 ، ح 65.
4 ـ بحار الأنوار ، ج 27 ، ص 257 ، باب 15 ، الأحاديث.


(134)
.........................

الإنسان تحصيلا لخير دنياه وآخرته أن يصلّي على محمّد وعترته ..
    بل ينبغي بعد الصلاة عليهم أن يلعن أعداءهم ومبغضيهم .. تمسّكاً بكلا الركنين التولّي لأولياء الدين ، والتبرّي من أعداء الدين.
    وقد أورد شيخ الإسلام المجلسي أحاديث ثواب لعن أعدائهم (1).
    من ذلك حديث تفسير الإمام العسكري (2) ( عليه السلام ) عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) أنّه قال له رجل ، يابن رسول الله إنّي عاجز ببدني عن نصرتكم ، ولست أملك إلاّ البراءة من أعدائكم واللعن عليهم ، فكيف حالي ؟
    فقال له الصادق ( عليه السلام ) ، حدّثني أبي ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن رسول الله صلوات الله عليهم أنّه قال ، « من ضعف عن نصرتنا ولعن في خلواته أعدائنا بلّغ الله صوته جميع الأملاك من الثرى إلى العرش .. فكلّما لعن هذا الرجل أعدائنا لعناً ساعدوه ، ولعنوا من يلعنه ، ثمّ ثنّوا فقالوا ، اللّهمّ صلّ على عبدك هذا الذي قد بذل ما في وسعه ولو قدر على أكثر منه لفعل ..
    فإذا النداء من قبل الله عزّوجلّ ، قد أجبت دعاءَكم وسمعت نداءَكم وصلّيت على روحه في الأرواح وجعلته عندي من المصطفين الأخيار ».
    وجاء أيضاً هذا الحديث في المكيال (3) نقلا عن علي بن عاصم الكوفي ، عن مولانا العسكري ( عليه السلام ) .. وفيه ، « فكلّما لعن أحدكم أعداءَنا ساعدته الملائكة ولعنوا من لا يلعنهم ».

1 ـ بحار الأنوار ، ج 27 ، ص 218 ـ 239 ، باب 10 ، الأحاديث.
2 ـ بحار الأنوار ، ج 27 ، ص 222 ، باب 10 ، ح 11.
3 ـ مكيال المكارم ، ج 2 ، ص 67.


(135)
    يا علي ، إيّاك ونَقرةِ الغُراب (368) وفريشةِ الأسد (369).
    يا علي ، لأن أُدخِلَ يدي في فمِ التِنّين (370) إلى المرفقِ ...

وما أحسن الصلاة على الرسول والآل الكرام ، واللعن على أعداءهم اللئام إمتثالا لهذه الأحاديث المتظافرة ، ومصداقاً للتولّي والتبرّي اللذين هما من دعائم الدين الفاخرة (1).
    فصلوات الله تعالى على محمّد وآله الطاهرين ، ولعنته على أعدائهم إلى يوم الدين.
    (368) كناية عن تخفيف السجود ـ في الصلاة ـ وأنّه لا يمكث فيه إلاّ مقدار وضع الغراب منقاره فيما يريد أكله (2).
    (369) أي في السجود .. وهو أن يسجد الإنسان ويبسط ذراعيه على الأرض .. إذ المستحبّ هو أن يجنّح ذراعيه حين السجود ، مع التجافي أيضاً إلاّ في سجدة الشكر التي يستحبّ فيها أن يوصل صدره وذراعيه بالأرض كما اُفيد في الفقه.
    وفي بعض النسخ فرشة الأسد.
    (370) التنّين على وزن سكّين .. ضرب من الحيّات العظيمة جدّاً ، تعيش في إفريقية والهند .. سُمّي بالتنّين لأنّه يترك البرّ ويدخل البحر .. من التَّنن بمعنى ترك الأصدقاء ، أو لأنّه يشبه بعض الكواكب .. من التِنَّن بمعنى الشبيه.
    وذكر بعض أنّ صغار التنانين تبلغ خمسة أذرع وكبارها تبلغ ثلاثين ذراعاً.
    وفي فمّ التنّين أنياب مثل أسنّة الرماح ، وهو أحمر العينيّن ، واسع الفمّ (3).

1 ـ اُصول الكافي ، ج 2 ، ص 18 ، ح 3 ـ 10.
2 ـ مجمع البحرين ، مادّة نقر ، ص 307.
3 ـ المعجم الزوولوجي ، ج 2 ، ص 254.
وصايا الرسول لزوج البتول ::: فهرس