زينب الكبرى عليها السلام من المهد الى اللحد ::: 16 ـ 30
(16)
في نفوس وأرواح أولئك الأفراد ، ويعيد إليهم روح الإيمان والإلتزام بمبادئ الادين الحنيف ، والإعتزاز والإفتخار بالمذهب الحق : « مذهب أهل البيت عليهم السلام ».
    سكن في وطنه ( مدينة كربلاء المقدسة ) حوالي ستاً وأربعين سنة ، ثم هاجر من العراق إلى الكويت سنة 1394 هـ ، وبقي فيها حوالي ست سنوات ، قام خلالها بنشاط ديني واسع ومكثف ، وتربية جيل مؤمن من الشباب. ثم هاجر من الكويت إلى ايران عام 1400 هـ ، وسكن في مدينة قم المقدسة ، فاستعمر في العطاء عبر المنبر والقلم ، فكان خيرا معلم ومرب وخير ناع لسيد الشهداء الإمام الحسين عليه السلام.
    قبل وفاته بسنتين ونصف تقريباً أصيب بمرض يتلف ـ بالتدريج ـ إثنين من أعصاب المخ ، وهما المسؤولان عن الحركة الإرادية لتحريك اللسان للمتكلم والتلفظ ، ولقوة ابتلاع الطعام ، وأخيراً أودى به المرض إلى الوفاة ، بعد معاناة مريرة في الأشهر الأخيرة من حياته.
    فارق الحياة وانتقل إلى رحمة الله تعالى ، يوم الخميس 13 / جمادى الثانية / 1415 هـ ، رضوان الله عليه.
    وجرى لجنازته تشييع عظيم في مدينة قم المقدسة ، اشترك فيه مختلف طبقات المجتمع ، ومن كافة


(17)
الجنسيات.
    ترك من بعده : ثلاث بنات وخمسة بنين ، تخصص إثنان منهم في الخطابة والتأليف ، وتفرغ ثلاثة منهم للفقه والإجتهاد.
    وختاماً .. لا يفوتني أن أشكر الله تعالى أولاً وقبل كل أحد على أن وفقني لتحقيق وإخراج هذا الكتاب ، ثم أشكر كل من كانت له مسهمة أو تعاون في هذا المجال ، وأخص منهم بالذكر سماحة الخطيب البارع المخلص الشيخ علي أكبر القحطاني ، حيث زودنا بكل ما في مكتبته العامرة من كتب ومؤلفات حول اليسدة زينب الكبرى عليها السلام.
مصطفى بن محمد كاظم القزويني
9 / 12 / 1420 هـ
قم ـ إيران


(18)

(19)
زينب الكبرى عليها السلام
من المهد الى اللحد
بقلم المرحوم
السيد محمد كاظم القزويني


(20)

(21)
بسم الله الرحمن الرحيم
    الإهداء
    إليك يا سيدنا ومولانا
    يا سيد الشهداء وسبط رسول الله
    يا أبا عبد الله الحسين.
    إليك أهدي هذه الصحائف التي تتحدث عن رضيعتك في المواهب ، وشقيقتك في العظمة ، وزمليتك في الجهاد ، وشريكتك في المصائب : السيدة زينب الكبرى.
    عليط وعليها وعلى جدكما وأبيكما وأمكما وأخيكما ـ الإمام الحسن ـ آلاف التحية والثناء والسلام.
    فهل تتفضل علي بقبول هذه الخدمة الضئيلة ؟
محمد كاظم القزويني
مدينة قم ـ إيران
سنة 1409 هـ


(22)

(23)
    المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله كما هو أهله ، والصلاة والسلام على خير خلقه ، وأشف بريته : محمد وآله الطاهرين ، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً.
    وبعد ، يوجد في تاريخ البشر عدد كبير من الرجال وعدد من النساء الذين نبغوا نبوغاً في شتى الفنون والعلوم ، فطار صيتهم في العالم ، وكان نصيبهم من المجتمعات البشرية كل إعجاب وتقدير ، وإكبار وتجليل ، لأنهم امتازوا عن غيرهم بشتى المزايا.
    وكل إنسان إمتاز بمزية أو بمزايا فمن الطبيعي أن يفضل على غيره من ناقدي تلك المزايا.
    وقد كان أولياء الله في طليعة النابغين ، لتعدد جوانب النبوغ فهيم.


(24)
    والبيت النبوي الطاهر الشريف يضم رجالات وسيدات كانوا العناوين البارزة في صحيفة الإيجاد والتكوين ، وفي طليعة العظماء الذين من المستحيل أن يجود الدهر بأمثالهم.
    ونحن نريد أن نتحدث ـ في هذا الكتاب ـ عن حياة سيدة كانت تعيش قبل ثلاثة عشر قرناً ونصف قرن ، وقد امتازت حياتها ـ بجميع جوانبها ـ عن حياة غيرها من سيدات التاريخ.
    إنها السيدة زينب الكبرى بنت الإمام علي أمير المؤمنين عليهما السلام.
    إنها نادرة من نوادر الكون ، وآية إبداع في خلق الله تعالى ، وملتقى آيات العظمة ، ومفخرة التاريخ.
    ونحن إذا استقرأنا أسباب العظمة وموجبات الشرف في تاريخ البشر ـ على اختلاف انواعها وأقسامها ـ نجد كلها أو جلها مجتمعة ومتوفرة في السيدة زينب الكبرى.
    فإذا تحدثنا عن السيدة زينب على صعيد قانون الوراثة ، فإننا نجدها مطوقة بهالات من الشرف .. كل الشرف.
    شرف لم تسبقها اليه أنثى سوى أمها السيدة فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) ولم يلحقها لاحق ، ولا يطمع في إدراكه طامع ، فهي البنت الكبرى للإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ذلك المولى الذي يعتبر ثاني أعظم رجل في عالم الكون والوجود ،


(25)
فهو أشرف من أظلت عليه الخضراء ، وأقلته الغبراء بعد شخصية الرسول الأقدس صلى الله عليه وآله وسلم.
    وأمها : السيدة فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) وهي سيدة نساء العالمين ، وأفضل وأشرف أنثى في عالم النساء.
    فما تقول في هذه الأم التي انجبت وأرضعت بنتاً إمتازت بالنضج المبكر ، وارتضعت المواهب والفضائل من سدر أشرف أمهات العالمين ؟! وكبرت ونمت في حجر بنت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وعزيزته وحبيبته ؟!
    فالسيدة زينب حصيلة أبوين ، كانت حياة كل واحد منهما مشرقة بالمزايا والمكرمات ، وكل صفحة منها تفتح للانسان آفاقاً واسعة يطير الفكر في أرجائها ، وتسبح كواكب الفضائل في فضائها.
    أجل !
    إنها زينب.
    وما أدراك من زينب !
هي زينب بنت النبي المؤتمن هي زينب أم المصائب والمحن


(26)
هي بنت حيدرة الوصي وفاطم وهي الشقيقة للحسين وللحسن (1)
    ثم .. أليس النسب الرفيع من أسباب العظمة ؟!
    أو ليس العلم الغزير ـ بما فيه الفصاحة والبلاغة ـ من موجبات الشرف ؟!
    أو ليس الصبر على المكاره والفجائع الدامية والحوادث المذهلة فضيلة ؟!
    أو ليست الشجاعة ومواجهة العدو شرس ، المتجبر الطاغي السفاك تدل على قوة القلب ، وثبات القدم ، والإيمان الصادق ، والعقيدة الراسخة ؟!
    أو ليست صفة الوفاء والعاطفة والشفقة والحياء والعفة ، في طليعة الفضائل ؟!
    فما تقول لو أن هذه الصفات وغيرها من مكارم الأخلاق إجتمعت ـ بصورة وافرة ـ في سيدة ؟!
    الا تعتبر تلك السيدة نادرة الكون ومفخرة التاريخ ؟!
    بعد هذه اللمحة الخاطفة عن بعض جوانب العظمة في
1 ـ ننبه القارئ الكريم إلى أن هذين البيتين هي من نظم السيد المؤلف ( رحمة الله عليه ).      المحقق

(27)
السيدة زينب الكبرى نقول :
    كيف يمكن لنا الإحاطة بحياة سيدة قضت معظم حياتها في الخدر ، ووراء الستر ، ولم يطلع على حياتها العائلية إلا أهلها وذووها ؟
    والرزية كل الرزية : أن التأريخ قد ظلمها كما ظلمها الناس. التاريخ ظلمها كما ظلم أباها وإخوتها وأسرتها الطاهرة ، ولم يعبأ المؤرخون بترجمة حياتها كما ينبغي ، وكما تتطلبه هذه الشخصية.
    ورغم كل ذلك ، رأينا نجمع بعض ما وصل إلينا من معلومات وعينات تاريخية حولها ، ونسلط الأضواء على بعض جوانب حياتها الشريفة ، ونسأل الله العلي القدير أن يوفقنا لتحقيق هذا الهدف ، إنه ولي التوفيق.
المؤلف        


(28)

(29)
    تاريخ ميلاد السيدة زينب
    ولادة السيدة زينب
    إسمها وكنيتها



(30)
زينب الكبرى عليها السلام من المهد الى اللحد ::: فهرس