تنقيح المقال ـ الجزء الثالث عشر ::: 76 ـ 90
(76)

الحسين عليه السلام ، وعدّه في ملخّص المقال في باب المجاهيل ، وذكره في الوسيط المخطوط : 55 من نسختنا ، ونقد الرجال : 61 برقم 1 [ المحقّقة 1/301 برقم ( 806 ) ] ناقلين نصّ عبارة الشيخ رحمه الله.
حصيلة البحث
    لم أقف على حال الرجل ، فهو مجهول الحال.

    جاء فـي بصائر الدرجات 42/337 الجزء 7 حديث 15 ، وفيه : كان بلال غلام أبي الحسن عليه السلام ..
    وعنه في بحار الأنوار 50/131 حديث 13 مثله.
حصيلة البحث
    المعنون يقتضي أن يكون حسناً لخدمته وملازمته للإمام عليه السلام ، والله العالم.

    هذا أحد الأقوال في اسم ابن أبي ليلى ، وسنأتي على ذكره في ضمن ترجمة حفيده : عبيد بن عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن ابن أبي ليلى ، فراجع ، وقيل : اسمه : يسار ، كما قيل : داود.


(77)
    الضبط :
    بِلاَل : بكسر الباء الموحّدة ، وفتح اللام بعدها ألف ، ولام (1).
    والحَارِث : بفتح الحاء المهملة ، بعدها ألف ، وراء مهملة مكسورة ، وثاء مثلثة (2).
    وقد مرّ (3) ضبط المزني في ترجمة : إبراهيم بن سليمان.
    الترجمة :
    عدّه ابن عبد البرّ (4) ، وابن منده ، وأبو نعيم ، والشيخ رحمه الله في
(o)
مصادر الترجمة
    رجال الشيخ : 9 برقم 5 ، الاستيعاب 1/60 برقم 168 ، الإصابة 1/168 برقم 734 ، الوافي بالوفيات 10/277 برقم 4778 ، اُسد الغابة 1/205.
1 ـ ضبطه في توضيح المشتبه 1/582 وقال : معروف.
2 ـ انظر ضبطه في توضيح المشتبه 3/7 ، وسيجيء في أول باب الحارث.
3 ـ في صفحة : 38 من المجلّد الرابع.
4 ـ في الاستيعاب 1/60 برقم 168 قال : بلال بن الحارث بن عاصم بن سعيد بن قرة المزني ، مدني وفد على النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم في وفد مزينة سنة خمس من الهجرة ، وسكن موضعاً يعرف بالأشعر وراء المدينة ، يكنى : أبا عبد الرحمن ، وكان أحد من يحمل ألوية مزينة يوم الفتح ، توفّي سنة ستين في آخر خلافة معاوية وهو ابن ثمانين سنة ، روى عنه ابنه الحارث بن بلال ، وعلقمة بن وقاص.
    وفي خلاصة تذهيب تهذيب الكمال : 53 مثله بزيادة : وفد في رجب سنة خمس.
    وفي الإصابة 1/168 برقم 734 ما يقرب منهما.
    وقال في الوافي بالوفيات 10/277 برقم 4778 : المزني الصحابي بلال بن الحارث ، أبو عبد الرحمن المزني الصحابي ، من أهل بادية المدينة ، شهد الفتح حاملاً


(78)
رجاله (1) بالعنوان المذكور من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم.
    وفي اُسد الغابة (2) إنّه : مدنيّ قدم على النبي صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم في وفد مزينة في رجب سنة خمس ، وكان ينزل الأشعر والأجرد وراء المدينة. وكان يأتي المدينة ، وأقطعه النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم العقيق ، وكان يحمل لواء مزينة يوم فتح مكة ، ثم سكن البصرة .. إلى أن قال : وتوفّي بلال سنة ستين آخر أيّام معاوية وهو ابن ثمانين سنة (*).
أحد ألوية مزينة ، وكان فيمن غزا دومة الجندل مع خالد .. إلى أن قال : في رجب سنة خمس من الهجرة .. ثم قال : وكان مستعملاً على الحمى أيام رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم وأبي بكر ، وعمر ، وعثمان إلى أن مات سنة ستين في خلافة معاوية ، وله ثمانون سنة ..
1 ـ رجال الشيخ : 9 برقم 5.
2 ـ اُسد الغابة 1/205.
(*)
حصيلة البحث
    إنّ حياة المترجم مظلمة ، وعمالته تكشف عن ضعفه ، فهو ضعيف أو مجهول.

    جاء بهذا العنوان في ينابيع المودة 2/66 حديث 54 بسنده : .. عن قند بن أحمد ، عن بلال بن حمام رضي الله عنه ، قال : طلع علينا .. ، وكذلك في 2/332 حديث 974 منه ، ولكن في 2/459 حديث 278 فيه : بلال بن همام .. ولكن في منتخب الطريحي : 103 : بلال بن حمامة ، وهو المعنون في المتن.
حصيلة البحث
    المعنون مجهول موضوعاً وحكماً.


(79)
    [ الترجمة : ]
    عدّه ابن موسى ، وابن الأثير (1) من الصحابة.
    وروى في اُسد الغابة (2) ، عن كعب بن نوفل المزني ، عن بلال بن حمامة هذا ،
(o)
مصادر الترجمة
    اُسد الغابة 1/206 ، الاستيعاب 1/59 برقم 166 ، الإصابة 1/184 برقم 826 ، المعارف لابن قتيبة : 176 ، تهذيب التهذيب 1/502 برقم 931 ، الكاشف 1/165 برقم 664 ، سير أعلام النبلاء 1/347 برقم 76 ، تهذيب الأسماء واللغات 1/136 برقم 88 ، الوافي بالوفيات 10/276 برقم 4776 ، شذرات الذهب 1/31 ، تقريب التهذيب 1/110 برقم 157.
1 ـ في اُسد الغابة 1/206 ، والإصابة 1/184 برقم 826.
2 ـ اُسد الغابة 1/206 في آخر الترجمة قال ـ بعد أن روى الحديث ـ : أخرجه أبو موسى ، وقال : هذا حديث غريب لا طريق له سواه ، وبلال هذا قيل : هو ابن رباح المؤذن ، وحمامة أمه نسب إليها.
    وقال في الإصابة 1/184 برقم 826 : بلال بن حمامة ، روى عنه كعب بن نوفل في زواج فاطمة [ عليها السلام ]. قلت : فرق أبو موسى بينه وبين بلال المؤذن ، والحديث واه جداً ، ولو ثبت لكان هو بلال بن رباح المؤذن.
    أقول : لا بدّ من تضعيف مثل هذه الروايات التي في فضائل أهل البيت عليهم السلام وبالخصوص المناقب التي تعود الى الصدّيقة الطاهرة فاطمة الزهراء ؛ لانّ عدم تضعيفها يناقض مذهبهم ، وإلى الله ترجع الاُمور ولا حول ولا قوّة الاّ بالله.
    واعترض بعض المعاصرين في قاموسه 2/237 على المؤلف قدّس سرّه بقوله : أقول : هو بلال المعروف ابن رباح الآتي عن ( جخ ) حمامة أمه ، ورباح أبوه ، كما صرح به ابن قتيبة ، وابن عبد البر ، ولم يتفطن المصنف لاتحادهما.
    أقول : تابع المصنّف رحمه الله ما صرّح به ابن حجر في الإصابة بأنّ أبا موسى فرّق بين بلال بن حمامة ، وبلال بن رباح ، وجعلهما اثنين ، لذا لزم ذكرهما بعنوانين مستقلين


(80)
    قال : طلع علينا رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ذات يوم يضحك ، فقام إليه عبد الرحمن بن عوف فقال : يا رسول الله (ص) ! ما أضحكك ؟ قال : « بشارة أتتني من الله عزّ وجلّ في أخي وابن عمّي وابنتي ، إنّ الله عزّ وجلّ لمّا أراد أن يزوّج عليّاً (ع) من فاطمة (ع) أمر رضوان فهزّ شجرة طوبى ، فنثرت رقاقاً : ـ يعني صكاكاً ـ بعدد محبينا أهل البيت. ثم أنشأ من تحتها ملائكة من نور ، فأخذ كلّ ملك رقّاً ، فإذا استوت القيامة غداً بأهلها ماجت الملائكة في الخلائق ، فلا يلقون محباً لنا أهل البيت إلاّ أعطوه رقاً فيه براءة من النار. فنثار أخي وابن عمّي فكاك رجال ونساء من أمتّي من النّار ». انتهى.
    وأقول : إنّي أستشعر من روايته هذه حسن حال بلال هذا ، والعلم عندالله
كما هو دأب علماء الرجال ، وبالإضافة إلى ذلك فإن ابن الأثير عنونه مستقلاً ، ثم ذكر حديث تزويج الصدّيقة الطاهرة فاطمة من علي أمير المؤمنين عليهما أفضل الصلاة والسلام ، وفي آخر الترجمة قال : وبلال هذا قيل : هو ابن رباح المؤذن ، وحمامة أمه نسب إليها.
    فترى أنّه عنون بلال بن حمامة ، وبلال بن رباح ، وعبّر عن اتّحاد العنوانين بلفظ قيل الكاشف عن عدم ثبوت ذلك عنده ، وبعد ما أوضحناه ، يتضح عن أنّ المؤلف قدّس سرّه كان ملزماً بذكر العنوانين تبعاً لأرباب الفنّ ، واعتراض المعاصر في غير محله ، فتفطّن.
بحث في اتّحاد ابن حمامة وابن رباح
    صرح جلّ علماء الرجل بأنّ حمامة أم بلال كما قاله في اُسد الغابة 1/206 ، والإصابة 1/169 برقم 736 ، والاستيعاب 1/59 برقم 166 ، والمعارف لابن قتيبة : 176 ، وتهذيب التهذيب 1/502 برقم 931 ، والكاشف 1/165 برقم 664 ، وسير أعلام النبلاء 1/347 برقم 76 ، وتهذيب الأسماء واللغات 1/136 برقم 88 ، والوافي بالوفيات 27610 برقم 4776 ، وشذرات الذهب 1/31 في حوادث سنة عشرين ، وتقريب التهذيب 1/110 برقم 157 ، وهذه المصادر وغيرها كلها قد صرحت بأنّ حمامة أم بلال المؤذن ، وحينئذ لا يبقى شك بأنّ العنوانين متّحدان ، وبلال بن حمامة وبلال المؤذن واحد ، فتفطن.


(81)
    تعالى (*).

    الترجمة :
    قد عدّه الشيخ رحمه الله في رجاله (1) من أصحابه ، وقال : شهد بدراً ، وتوفّي
(*)
حصيلة البحث
    إنّ المصنف قدّس سرّه عنون ابن حمامة ، وابن رباح بعنوانين تبعاً للإصابة 1/169 برقم 736 فقال : بلال بن رباح الحبشي مؤذن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم .. ، وفي صفحة : 184 برقم 826 : بلال بن حمامة .. ، ومثله في اُسد الغابة 1/206 إلاّ أنّ الذي عليه جلّ الرجاليين بل كلّهم ـ إلاّ من شذّ ـ اتّحاد العنوانين ، فعلى ذلك يتحد الحكم مع الآتي ، فراجع.
(o)
مصادر الترجمة
    رجال الشيخ الطوسي رحمه الله : 8 برقم 4 ، رجال الكشي : 38 حديث 79 ، التحرير الطاوسي : 59 برقم 63 طبعة بيروت [ وفي طبعة مكتبة السيد المرعشي : 93 ـ 94 برقم ( 64 ) ، المخطوط : 21 برقم ( 55 ) من نسختنا ] ، الخلاصة : 27 برقم 1 ، تعليقة الشهيد الثاني على الخلاصة المخطوطة : 3 من نسختنا ، الفقيه : 193 برقم 905 ، الخصال للشيخ الصدوق : 312 حديث 89 ، روضة المتقين 14/68 من المشيخة ، حاوي الأقوال 3/97 برقم 1061 [ المخطوط : 181 برقم ( 911 ) ] ، منهج المقال : 7 [ الطبعة المحقّقة 3/90 ـ 92 برقم ( 882 ) ] ، الوجيزة : 147 الطبعة الحجرية [ رجال المجلسي : 170 برقم ( 301 ) ] ، الطرائف لابن طاوس : 370 ، الإصابة 1/169 برقم 736 ، اُسد الغابة 1/106 ، الاستيعاب 1/59 برقم 166 ، تهذيب التهذيب 1/502 برقم 931 ، تقريب التهذيب 1/110 برقم 157 ، تهذيب الاسماء واللغات 1/136 برقم 88 ، خلاصة تذهيب تهذيب الكمال : 52 ، شذرات الذهب 1/31 ، النجوم الزاهرة 1/74 ، العبر 1/24 ، تاريخ الطبري 4/112 ، تاريخ دمشق الكبير لابن عساكر 3/318 ، تاج العروس 1/496 ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 3/273.
1 ـ رجال الشيخ : 8 برقم 4 قال : بلال مولى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم.


(82)
بدمشق في الطاعون سنة ثماني عشرة (1) كنيته : أبو عبد الله. وقيل : أبو عمرو. ويقال : أبو عبد الكريم. وهو بلال بن رباح مدفون بالباب الصغير بدمشق (2). انتهى.
    وفي بعض كتب العامّة (3) : إنّ أبابكر اشتراه من بني جُمَح ـ بضم الجيم ، وفتح
1 ـ كما صرّح به في الإصابة ، وخلاصة تذهيب تهذيب الكمال ، وشذرات الذهب في حوادث سنة عشرين ، والعبر في حوادث سنة عشرين ، والنجوم الزاهرة ، وتاريخ الطبري ، وجمع آخر صرحوا بأنه مات سنة عشرين ، واختاره ابن عساكر في تهذيب تاريخ دمشق الكبير ، وكذا في الاستيعاب قال : إنّه مات سنة عشرين ، وقيل : توفي سنة إحدى وعشرين ، وفي تهذيب التهذيب 1/502 برقم 931 قال : وقال عمرو بن علي : مات سنة خمس وعشرين ، وفي تقريب التهذيب 1/110 برقم 157 قال : ومات بالشام سنة سبع عشرة أو ثمان عشرة ، وقيل : سنة عشرين ، وفي تهذيب الأسماء واللغات 1/136 برقم 88 قال : توفي بدمشق سنة عشرين ، وقيل : إحدى وعشرين ، وقيل : ثمان عشرة ، وفي تاج العروس 1/496 كلمة ( ناب ) : مات في طاعون عمواس سنة سبع عشرة أو ثمان عشرة.
    فالأقوال في وفاته مختلفة : سنة سبع عشرة ، أو ثمان عشرة ، أو عشرين ، أو خمس وعشرين ، ولكن الصحيح عندنا أنّه مات سنة ثمان عشرة من الهجرة ، وقد شهد المشاهد كُلّها مع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم.
2 ـ اقول : اختلف المؤرخون في مكان وفاته ومكان دفنه كاختلافهم في سنة وفاته ؛ ففي الإصابة 1/169 برقم 736 قال : قال البخاري : ومات بالشام زمن عمر .. إلى أن قال : وفي المعرفة لابن منده أنّه دفن بحلب ، وفي اُسد الغابة 1/206 قال : وتوفى بلال بدمشق ، ودفن بباب الصغير .. إلى أن قال : وقال علي بن عبد الرحمن مات بلال بحلب ودفن على باب الأربعين ، وقال في الاستيعاب 1/59 برقم 166 : فذهب إلى الشام فكان بها حتى مات ، وفي تهذيب التهذيب 1/502 برقم 931 قال : مات بالشام زمن عمر .. إلى أن قال : وقال الذهلي ، عن يحيى بن بكير : مات بدمشق في طاعون عمواس سنة 17 ، أو سنة 18 ثم قال : وقال ابن زبر : مات بداريا ، وحمل على رقاب الرجال فدفن بباب كيسان ، وقيل : دفن بباب الصغير ، وقال ابن منده : في المعرقة : دفن بحلب .. ومثله غيره.
3 ـ في الإصابة وأسد الغابة وأكثر المعاجم الرجالية والتاريخية للعامة صرّحوا بأنّ بلالاً


(83)
الميم ، وإهمال الحاء ـ وأعتقه ، يقال له : بلال بن رياح التيمي ؛ لأنّه كان مولى أبي بكر الّذي هو من بني تيم.
    وروى الكشي (1) عن أبي عبد الله محمّد بن إبراهيم ، قال : حدّثني علي بن محمد بن يزيد القمي ، قال : حدّثني عبد الله بن محمّد بن عيسى ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : « كان بلال عبداً صالحاً. وكان صهيب عبد سوء ، وكان (2) يبكي على عمر ». انتهى.
    وفي التحرير الطاوسي (3) روى أنّ : « بلالا كان عبداً صالحاً ، وكان صهيب عبد سوء .. » ثمّ ذكر الطريق الّذي ذكره الكشي.
    واقتصر في الخلاصة (4) على نقل رواية الكشي ، بإسقاط ذيلها ، وهو قوله : « وكان يبكي على عمر ».
    وفي اُسد الغابة (5) أنّه : كان من السابقين إلى الإسلام ، وممّن يعذّب في الله
مولى لأبي بكر وأنه اشتراه وأعتقه ، ولكن الصحيح أنّه لم يكن مولى لأبي بكر ، بل مولى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، كما صرّح بذلك شيخ الطائفة رضوان الله تعالى عليه ، وجمع من العامة ، فقد ذكر ابن أبي الحديد في شرح النهج 13/273 أنّه : قال شيخنا أبوجعفر رحمه الله : أما بلال وعامر بن فهيرة ، فإنما أعتقهما رسول الله صلّى الله عليه وآله ، روى ذلك الواقدي وابن إسحاق وغيرهما. وقد أخذه من أبي جعفر الإسكافي في نقضه على العثمانية.
1 ـ رجال الكشي : 38 برقم 79.
    أقول : شهادة الإمام الصادق عليه السلام بصلاح بلال حجّة قطعية ، وفي الفقيه 1/184 برقم 872 بسنده : .. وروى أبو بصير ، عن أحدهما عليهما السلام أنّه قال : « بلال كان عبداً صالحاً ».
2 ـ لا توجد : وكان .. في المصدر.
3 ـ التحرير الطاوسي : 59 برقم 63 طبعة بيروت [ وفي طبعة مكتبة السيد المرعشي : 93 ـ 94 برقم ( 64 ) ].
4 ـ الخلاصة 27 برقم 1.
5 ـ اُسد الغابة 1/206.


(84)
عزّ وجلّ فيصبر على العذاب ، وكان أبو جهل يبطحه على وجهه في الشمس ، ويضع الرحى عليه حتّى تصهره الشمس. ويقول : اكفر بربّ محمد ، فيقول : أحد .. أحد. فاجتاز به ورقة بن نوفل ـ وهو يعذّب ويقول : أحد أحد ـ فقال : يا بلال ! والله لئن التزمت على هذا لأتّخذن قبرك حناناً.
    قيل : كان مولى لبني جمح ، وكان أميّة بن خلف يعذّبه ويتابع عليه العذاب ، فقدّر الله سبحانه أنّ بلال قتله ببدر. انتهى المهم ممّا في اُسد الغابة.
    وقال الشهيد الثاني رحمه الله في تعليقه (1) على الخلاصة : بلال بن رباح أبو عبد الله ، شهد بدراً وأحداً والخندق والمشاهد كلّها مع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، مؤذّن النبي (2) صلّى الله عليه وآله وسلّم ، لم يؤذِّن بعد النبي
1 ـ لا زالت هذه التعليقة مخطوطة : 3 من نسختنا.
2 ـ روى شيخنا الصدوق رحمه الله تعالى في الفقيه 1/193 ـ 194 حديث 905 : وكان لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم مؤذنان أحدهما : بلال ، والآخر : ابن أم مكتوم ، وكان ابن أم مكتوم أعمى ، وكان يؤذن قبل الصبح ، وكان بلال يؤذن بعد الصبح ، فقال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم : « إنّ ابن اُم مكتوم يؤذن بالليل ، فإذا سمعتم أذانه فكلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان بلال » ، فغيّرت العامة هذا الحديث عن جهته ، وقالوا : إنّه عليه السلام قال : إنّ بلالا يؤذّن بليل ، فإذا سمعتم أذانه فكلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم.
    أقول : إن هذا القلب والتغيير حيث إنّه على خلاف الطبيعة لا يحتاج في معرفة مجعوليته إلى دليل ، فإنّ من شأن الأعمى أن لا يسعه معرفة الوقت ، فربّما قدّم أو أخّر ، أما البصير الواجد لنعمة البصر يستطيع التطلّع إلى الأفق ومراقبة طلوع الفجر ، وعلى هذا الملاك الطبيعي القطعي يكون تقديم ابن ام مكتوم للأذان أمراً طبيعياً ، كما وأنّ أذان بلال في الوقت كذلك ، أما العكس فهو أمر يصعب تصديقه بالمرّة.
    هذا ولم أهتدِ إلى السبب الذي دعاهم إلى هذا القلب ، ويحتمل أن يكون منشأه أنّ بلالا لم يبايع أبابكر ، وتظاهر بذلك حتي ترك أحبّ البقاع إليه ، وهاجر إلى الشام بغية


(85)
صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ فيما روي ـ إلاّ مرّة واحدة في قدمة * قدمها المدينة لزيارة قبر النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم طلب منه الأصحاب ذلك ، فأذّن لهم ، ولم يتمّ الأذان.
    مات بدمشق سنة عشرين ، وقيل : سنة إحدى وعشرين. وقيل : سنة
الابتعاد عن ذلك الجوّ الكافر المكفهر ، وأما ابن أم مكتوم فلم يتخذ لنفسه موقفاً صعباً ، بل ماشا القوم فأرادوا الحط من بلال ، فقلبوا الرواية حطّاً لكرامته ، والله العالم.
* ـ شرح ذلك : ما رواه في اُسد الغابة من أنّ بلالا أيّام إقامته بالشام ، رأى النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم في المنام وهو يقول : ما هذه الجفوة يا بلال ؟ ، ما آن لك أن تزورنا ؟ ، فانتبه حزيناً ، فركب إلى المدينة ، فأتى قبر النبي صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ، وجعل يبكي عنده ، ويتمرّغ عليه ، فأقبل الحسن والحسين عليهما السلام فجعل يقبلهما ، ويضمّهما ، فقالا : نشتهي أن تؤذن في السحر ، فعلا سطح المسجد فلمّا قال : الله أكبر .. الله أكبر ، ارتجّت المدينة ، فلمّا قال : أشهد أن لا إله إلاّ الله ، زادت رجّتها ، فلمّا قال : أشهد أن محمداً رسول الله .. خرجت النساء من خدورهن ، فما رؤي يوم أكثر باكياً وباكية من ذلك اليوم.
    قال زعيم الطائفة الشيخ المفيد قدّس سره في الاختصاص : 73 : وكان بلال مؤذن رسول الله صلّى الله عليه وآله فلمّا قبض رسول الله صلّى الله عليه وآله لزم بيته ولم يؤذن لأحد من الخلفاء ، وقال فيه أبو عبد الله جعفر بن محمّد عليه السلام : « رحم الله بلالاً فإنّه كان يحبّنا أهل البيت ».
    وجاء في نفس الرحمن لمّا قبض النبي صلّى الله عليه وآله امتنع بلال من الأذان فقالت فاطمة عليها السلام ذات يوم : « إنّي اشتهي أن أسمع صوت مؤذن أبي بالأذان » ، فبلغ بلالاً ذلك فأخذ بالأذان فلمّا قال « التذاكير » .. إلى أن قال : « أشهد أنّ محمّداً رسول الله صلّى الله عليه وآله » شهقت فاطمة وسقطت لوجهها وغشيَ عليها ..
    [ منه ( قدّس سرّه ) ].
    انظر : اُسد الغابة 1/ 207.
    أقول : أنا ـ وأيم الحق ـ لا أستطيع معرفة الدواعي التي دفعت إلى تشويه هذه الواقعة ، وتصويرها بصور مختلفة ـ كما سيأتي ـ ، مع أنّ بلالا لم يؤذن بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلاّ مرّة واحدة ، وذلك بطلب من بضعته الصدّيقة الطاهرة سلام الله عليها ، حيث إنّه بنى على أن لا يؤذّن بعد سيد الأنبياء عليه السلام لأحد من الناس ، وربّما يظفر بعض المحقّقين على الدواعي التي خفيت علينا.


(86)
ثماني عشرة ، وهو ابن بضع وستّين سنة ، ودفن بالباب الصغير (1).
    وقال علي بن عبد الرحمن : إنّ بلالا مات بحلب ، ودفن على باب الأربعين.
    وبخطّ الشهيد رحمه الله (2) : إنّ بلالا شهد بدراً ، وتوفّي في دمشق في الطاعون سنة ثماني عشرة ، كنيته : أبو عبد الله.
    ثمّ علّق على قوله : ( عن ابن أبي عمير ) ، قوله : عنه ، عن معاوية بن حكيم :
1 ـ أقول : من الغريب ما ذكره العلاّمة الثبت عندهم في الاستيعاب 1/60 تحت رقم 166 من نقل خبرين متضادين ، فقال : وذكر ابن أبي شيبة ، عن حسن بن علي ، عن شيخ يقال له الحفصي ، عن أبيه ، عن جدّه قال : أذّن بلال حياة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، ثم أذّن لأبي بكر حياته ، ولم يؤذّن في زمن عمر ، فقال له عمر : ما منعك أن تؤذّن ؟ إنّي أذنت لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم حتى قبض ، وأذّنت لأبي بكر حتى قبض ، لأنّه كان ولي نعمتي ، وقد سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول : « يا بلال ! ليس عمل أفضل من الجهاد في سبيل الله » ، فخرج مجاهداً ، ويقال إنّه أذّن لعمر إذ دخل الشام .. ، وروى بلا فصل : حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد ، قال : حدّثنا محمّد بن بكر ، قال حدّثنا أبو داود ، قال : قُرِئ على سلمة بن شبيب وأنا شاهد قال : حدّثنا عبد الرزاق ، قال حدّثنا معمر ، عن عطاء الخراساني قال : كنت عند سعيد ابن المسيب فذكر بلالا ، فقال : كان شحيحاً على دينه .. ثم ذكر شراء العباس له من قبل أبي بكر .. إلى أن قال : فكان يؤذّن لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، فلمّا مات النبي صلى الله عليه وآله وسلم أراد أن يخرج إلى الشام ، فقال له أبوبكر : بل تكون عندي ، فقال : إن كنت أعتقتني لنفسك فاحبسني ، وإن كنت أعتقتني لله عزّ وجلّ فذرني أذهب إلى الله عزّ وجلّ ، فقال : اذهب .. فذهب إلى الشام ، فكان بها حتى مات.
    أقول : كيف يمكن الجمع بين الروايتين مع أنّ الأولى رواتها مجاهيل ، والشيخ حفص مجهول ، فكيف بأبيه وجده الذين لم يسمّيا ، وعلى كل حال هكذا تراهم يتلاعبون بالوقائع والتأريخ.
2 ـ ما نقل عن خط الشهيد رضوان الله تعالى عليه ذكره ابن الأثير في اُسد الغابة 1/209 ، فراجع.


(87)
إنّ أوّل من سبق إلى الجنّة بلال ، قال : لِمَ ؟ قال : لأنّه أوّل من أذّن. ذكره الشيخ رحمه الله في التهذيب (1) قبل باب كيفيّة الصلاة بعشرة أحاديث في باب الزيادات. انتهى.
    وشرح قوله : ( ولم يتم الأذان ) ، يفهم ممّا رواه في الفقيه (2) ، عن أبي بصير ، عن أحدهما عليهما السلام أنّه لمّا قبض النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم امتنع بلال من الأذان ، وقال : لا أؤذّن [ لأحد ] بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، وإنّ فاطمة عليها السلام قالت ذات يوم : « إنّي أشتهى أن أسمع صوت مؤذّن أبي بالأذان » ، فبلغ ذلك بلالا ، فأخذ في الأذان ، فلمّا قال : الله أكبر [ الله أكبر ] .. ذكرت أباها وأيّامه ، فلم تتمالك من البكاء ، فلمّا بلغ إلى قوله : أشهد أنّ محمداً رسول الله صلّى الله عليه وآله .. شهقت فاطمة (3) وسقطت لوجهها. وغشي عليها. فقال الناس لبلال : امسك يا بلال ! فقد فارقت ابنة رسول الله (ص) الدنيا .. وظنّوا أنّها قد ماتت ، فقطع أذانه ولم يتمّه ، فأفاقت فاطمة
1 ـ التهذيب 2/284 حديث 1133 بسنده : .. عن سليمان بن جعفر ، عن أبيه ، قال : دخل رجل من أهل الشام على أبي عبد الله عليه السلام فقال له : « إن أول من سبق إلى الجنّة بلال » ، قال : ولِمَ ؟ قال : « لأنّه أول من أذّن ».
2 ـ الفقيه 1/194 حديث 906 باختلاف يسير.
    ولبعض المعاصرين في قاموسه 2/239 ـ 240 جمعاً تبرعياً ، حيث قال في قاموسه : لو أريد الجمع بين الأخبار ليقل : أذّن بعده [ صلى الله عليه وآله وسلّم ] ثلاث مرّات ، أي : إنّ بلالاً أذّن للصدّيقة الطاهرة ولم يتمّ أذانه ، ومرّة أذّن للصحابة ، وثالثة أذّن لعمر بطلب منه في الشام ، . وهذا الجمع غير صحيح ؛ لأن الجمع بين الحديثين أو الأحاديث لا يجوز إلاّ بعد تكافىء الخبرين أو الأخبار من حيث السند وصياغة ألفاظ الخبر .. وغير ذلك ، وهنا الشروط مفقودة ، ثم أيّ شاهد يستفاد منه الجمع المذكور ؟! فهو وصف للأحاديث بشكل ناقص لا جمع بينهما ويقال له : الجمع التبرعي ، بل العمل على الروايات الصحيحة الدالّة على عدم أذانه مطلقاً مثل رواية الفقيه ، فلاحظ.
3 ـ في المصدر : شهقت عليها السلام شهقة ..


(88)
عليها السلام وسألته أن يتمّ الأذان فلم يفعل وقال لها : يا سيدة النساء ! إنّي أخشى عليك ممّا تنزلينه بنفسك إذا سمعتِ * صوتي بالأذان .. فأعفته عن ذلك.
    وعن الخصال (1) عن رجل من همدان ، عن أبيه قال : قال علي بن أبي طالب
* ـ خ. ل : سمعت.     [ منه ( قدّس سرّه ) ].
1 ـ الخصال 1/312 حديث 89.
    أقول : هذه الرواية ساقطة عن الاعتبار ضعيفة سنداً ومتناً :
    أما سنداً ؛ فلقوله عن كتب بعض أصحابنا ، فإنّ مؤلف الكتاب مجهول والراوي للحديث في الكتاب المجهول مجهول ، هذا على ما في التعليقة ، أما على ما في الخصال ففي سند الحديث : حدّثنا رجل من همدان ، عن أبيه ، قال : قال علي بن أبي طالب عليه السلام ..
    وأما متناً ؛ فإنّ من البديهيات لدى المسلمين عامة ، أنّ الله جلّ شأنه لا يفضّل أحداً من عباده على الآخرين إلاّ بعمله وإخلاصه فيه ، وإذا تأملنا تاريخ حياة كل واحد من هؤلاء الخمسة لابدّ وأن نجد في تاريخ حياتهم ما يوجب تفضيلهم على الآخرين ، فسلمان جدّ واجتهد في الوقوف على النبيّ المبعوث حتى استّرق واستعبد ، ثم أعتق ، ولاقى في سبيل النيل بدين الله جلّ وعزّ ما لاقى ، وبلال عُذّب أشد العذاب في سبيل أن يجبر على الارتداد عن الإسلام فتحمّل كل تلكم الآلام والتعذيب في سبيل الله تعالى ، وخباب الذي أوقدت له قريش النار وسحبوه عليها ، فما أطفأ تلك النار إلاّ ودك ظهره ، وقيل : ألبسوه الدرع الحديد ، وصهروه في الشمس فبلغ منه الجهد ولم يعط الكفّار ما سألوه ، وأمّا أمير المؤمنين وسيّد الموحّدين بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فهو من لا تخفى على أحد ممّن يوحّد الله مقاماته وتفانيه في سبيل إعلاء كلمة التوحيد ، وأما صهيب ؛ فلم نجد له في معاجم العامّة والخاصّة موقفاً واحداً يعرب عن دفاعه عن الإسلام ، أو تحمله للتعذيب في الدفاع عن عقيدته ، نعم كان من الفقراء ، ومن أهل الصفة ولو كان الفقر وجلوسه في الصفة ممّا يرفعه إلى مستوى السبّاقين لوجب عدّ العشرات من أهل الصفة من السبّاقين.
    ومن هذه الدراسة يعلم أن اسم صهيب أقحم في الأسماء الأربعة ، وليس له أصل وحقيقة ، بل لولائه للخليفتين وتأييده لهما أوجب ذلك ، بل وردت فيه روايات كثيرة ذامّة وأنه كان يبكي على عمر ، وقد ذكر ابن أبي الحديد في شرح النهج 10/104


(89)
عليه السلام : « السباق خمسة ، فأنا سابق العرب ، وسلمان سابق فارس ، وصهيب سابق الروم ، وبلال سابق الحبش ، وخبّاب سابق النبط ».
    ونقل الوحيد رحمه الله في التعليقة (1) عن جدّه ـ يعني المجلسي الأول (2) رحمه الله ـ أنّه قال : رأيت في بعض كتب أصحابنا ، عن هشام بن سالم ، عن الصادق عليه السلام ..
    وعن أبي البختري ؛ قال : حدّثنا عبد الله بن الحسن بن الحسن : أنّ بلالا أبى أن يبايع أبابكر ، وأنّ عمر أخذ بتلابيبه وقال له : يا بلال ! هذا جزاء أبي بكر منك أن أعتقك ، فلا تجيء تبايعه ؟! فقال : إن كان أبوبكر قد (3) اعتقني لله فليدعني لله. وإن كان أعتقني لغير ذلك ، فها أناذا. وأمّا بيعته فما كنت أبايع من لم يستخلفه رسول الله صلّى الله عليه وآله والذي استخلفه بيعته في أعناقنا إلى يوم القيامة ، فقال له عمر : لا أباً لك ! لا تقم معنا .. ! فارتحل إلى الشام. وتوفي بدمشق بباب الصغير ، وله شعر في هذا المعنى :
الله لا بأبي بكر نجوت ولو الله بوّأني خيراً وأكرمني لا يلّقيني تبوعاً كل مبتدع لا الله نامت على أوصالي الضبع وإنّما الخير عندالله يتّبع فلست متّبعاً مثل الذّي ابتدعوا (4)
    وفي التهذيب (5) في فضل الأذان ـ في الصحيح ـ عن سليمان بن جعفر
الرواية الصحيحة ، وجاءت بطرق متعددة ومصادر جمّة ، فقد روى ذلك فقال : قال أبو عمرو : ومن حديث أنس ، عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم : « اشتاقت الجنة إلى أربعة : علي ، وعمار ، وسلمان ، وبلال ». فتفطّن.
1 ـ التعليقة المطبوعة على هامش منهج المقال : 72 [ الطبعة المحقّقة 3/90 برقم ( 310 ) ] ، ولم ينقل الأشعار فيها.
2 ـ راجع : روضة المتقين 14/69 ولم ترد الأبيات فيه.
3 ـ لم ترد: قد ، في المصدر.
4 ـ في الأصل : فلست مبتدعاً مثل الذي ابتدعوا.
5 ـ التهذيب 2/284 حديث 1133.


(90)
    الجعفري ، عن أبيه ، قال : دخل رجل من أهل الشام على أبي عبد الله عليه السلام فقال [ له ] : « إنّ أوّل من سبق إلى الجنّة بلال » قال : ولِمَ ؟ قال : « لأنّه أوّل من أذّن ».
    واستظهر الميرزا (1) أنّ القائل الأول هو الشامي على مقتضى السياق ، قال : وإن كان إيراد الشيخ رحمه الله ذلك في فضل الأذان يقتضي خلاف ذلك.
    ويؤيّد ما قلناه أنّ ابن طاوس في الطرائف (2) نقل ذلك عن مخالفينا ، وأنكر عليهم ، فتأمل. انتهى.
    أقول : ومن غريب ما نقله العامة في ترجمة بلال رضوان الله تعالى عليه ما رواه في الاستيعاب 1/59 برقم 166 من قوله : وروى ابن وهب ، وابن القاسم ، عن مالك ، قال : بلغني أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال لبلال : « يا بلال ! إني دخلت الجنة فسمعت فيها خشفاً أمامي » ، قال : والخشف : الوطأ والحس ، فقلت : « من هذا ؟ قال : بلال » ، قال : فكان بلال إذا ذكر ذلك بكى.
    وهذه الرواية رواها جمع من أعلامهم. ثم إنّه قد تظافر النقل منهم ومنّا بأنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أول من يدخل الجنة قبل جميع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، وعليه اعتقادنا ، فعليه كيف يمكن الجمع بين سبق رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إلى الجنة وسبق بلال ، وهل يمكن أن يعتقد أحد من الأمة بسبق أحد من الأمة ـ مهما بلغ في مميّزاتّه وصفاته الرفيعة عند الله جلّ شأنه ـ بنبيه العظيم ، كلاّ ثم كلاّ !! أعوذ بالله من الزلل في القول والعمل والاعتقاد.
    إلا أن يقال : إنّ قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم : يا بلال ! إني دخلت الجنة .. أي : أول من يدخل الجنة من الأمة ، وإلا فإنّ آل محمّد عليهم السلام لا يقاس بهم أحد من الناس ، وعندي أنّ هذه الرواية ساقطة عن الاعتبار لأن جملة ( فسمعت خشفاً أمامي ) تسقط الرواية ، ففي الجنة أي خشف يتصور ؟ وعلى فرض صحّة ذلك فينبغي أن يكون الخشف من خلف لا الأمام ؟!
    وعلى كل ؛ لا نقاش لي في أنّ بلالاً السابق إلى الجنة من سائر المسلمين بل النقاش في رواية الاستيعاب ، فتدبر.
1 ـ في منهج المقال : 72 [ الطبعة المحقّقة 3/92 برقم ( 882 ) ].
2 ـ الطرائف : 370.
تنقيح المقال ـ الجزء الثالث عشر ::: فهرس