تنقيح المقال الجزء السادس عشر ::: 271 ـ 285
(271)
من بني اُمرئ القيس بن زيد مناة بن تميم
    [ الترجمة : ]
    عدّه أبو موسى (1) من الصحابة.
    وحاله مجهول (*).

    [ الضبط : ]
    قد مرّ (2) ضبط رياح في ترجمة : أبان بن تغلب.
    وضبط الأزدي في ترجمة : إبراهيم بن إسحاق (3).
1 ـ قال في اُسد الغابة 1/303 : جندب بن حيان أبو رمثة التميمي ، من بني اُمرئ القيس بن زيد مناة بن تميم ، اختلف في اسمه فسماه البرقي كذلك ، وأورده أبو عبد الله ابن منده في رفاعة. أخرجه أبو موسى كذا مختصراً ، وفي الإصابة 1/249 برقم 1215 مثله.
(*)
حصيلة البحث
    لم أقف في المعاجم الرجاليّة على ما يستكشف منه حال المعنون ، فهو مجهول الحال.
2 ـ في صفحة : 82 من المجلد الثالث ، إلاّ أن هناك جاء ضبط : رباح ـ بالباء ـ وأشار إلى أنّه يحتمل أن يكون : رياح ـ بالياء المثناة ـ وأحال ضبطه إلى إسماعيل بن رياح الذي مرّ في صفحة : 92من المجلّد العاشر.
3 ـ في صفحة : 292 من المجلد الثالث.


(272)
    [ الترجمة : ]
    وقد عدّه الشيخ رحمه الله (1) من أصحاب الصادق عليه السلام.
    وظاهره كونه إماميّاً ، إلاّ أنّ حاله مجهول (*).

    [ الضبط : ]
    قد مرّ (2) ضبط زهير في : أحمد بن ميثم بن أبي نعيم.
    كما قد مرّ (3) ضبط الأزدي في : إبراهيم بن إسحاق.
    وضبط الغامدي في : بكر بن محمّد الأزدي (4).
1 ـ الشيخ في رجاله : 164 برقم 48 ، وذكره غيره نقلاً عن رجال الشيخ رحمه الله من دون زيادة.
(*)
حصيلة البحث
    لم أقف على ما يتّضح منه حال المعنون ، فهو مجهول الحال.
(o)
مصادر الترجمة
    رجال الكشي : 69 حديث 124 ، تفسير الميزان 13/438 ، الدر المنثور 4/255 ، الجمل للشيخ المفيد : 36 [ المحققة : 108 ـ 109 ] وصفحة : 156 [ المحققة : 320 ] ، تقريب التهذيب 1/135 برقم 120 ، اُسد الغابة 1/303 ، الاستيعاب 1/84 برقم 291 ، الإصابة 1/249 برقم 1217 ، الكاشف 1/189 برقم 838 ، الجرح والتعديل 2/511 برقم 2107 ، تهذيب التهذيب 2/118 برقم 190 ، المعارف لابن قتيبة : 402 ، الوافي بالوفيات 11/194 برقم 288 ، تهذيب الكمال 5/141 ، العبر 1/39 ، صفين لنصر بن مزاحم : 398 وصفحة : 408 منه ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 5/210.
2 ـ في صفحة : 176 من المجلد الثامن.
3 ـ في صفحة : 292 من المجلد الثالث.
4 ـ في صفحة : 25 من المجلّد الثالث عشر.


(273)
    [ الترجمة : ]
    قال الكشّي (1) إنّه : قال الفضل بن شاذان : من التابعين الكبار ورؤسائهم ، وزهّادهم : جندب بن زهير ، قاتل الساحر .. ثمّ عدّ جماعة آخرين ، ثمّ قال : وأشباههم كثير أفناهم الحرب ، ثم كثروا بعد ، حتى قتلوا مع الحسين عليه السلام وبعده. انتهى.
    وأقول : في نسبة قتل الساحر إلى جندب بن زهير اشتباه ، فإنّ قاتل الساحر هو جندب بن كعب ، كما نصّ على ذلك في اُسد الغابة .. وغيره ، وستطلع عليه إن شاء الله تعالى.
    وعن تقريب ابن حجر (2) : إنّ جندب الخير الأزدي ، أبو عبد الله ، قاتل الساحر (3) ، مختلف في صحبته ، قال (4) أبيّ بن كعب ، ويقال : ابن زهير ، ذكره ابن حبّان في ثقات التابعين. وقال أبو عبيد : قتل بصفيّن. انتهى.
    وأقول : ما ذكره من الاختلاف في صحبته اشتباه (5) ، فقد اتّفق العادّون
1 ـ رجال الكشي : 69 حديث 124.
2 ـ تقريب التهذيب 1/135 برقم 120.
3 ـ اُسد الغابة 1/303.
4 ـ في المصدر : يقال : ابن كعب ـ بدون أبىّ ـ.
5 ـ أقول : اختلف في قاتل الساحر ، فقيل : جندب بن زهير ، وقيل : جندب بن كعب ، ففي الاستيعاب 1/84 برقم 291 ، قال : جندب بن كعب العبدي ، ويقال : الأزدي ، ويقال : الغامدي ، وهو عند أكثرهم قاتل الساحر بين يدي الوليد بن عقبة .. إلى أن قال : جندب بن كعب الغامدي له صحبة روى عنه أبو عثمان النهدي وحارثة بن مضرب ، وهو الذي قتل الساحر بين يدي الوليد بن عقبة .. إلى أن قال : فقيل : إنه جندب بن كعب ، وقيل : إنّه جندب بن زهير .. إلى أن قال : وممّن قال : إن قاتل الساحر جندب بن


(274)
للصحابة على كونه منهم.
    وفي اُسد الغابة (1) ، مسنداً عن ابن عبّاس ، قال : كان جندب بن زهير إذا صلّى
زهير ، الزبير بن بكار في خبر ذكره في قتله الساحر بين يدي الوليد ، والصحيح عندنا أنّه جندب بن كعب .. الخ.
    وقال في الإصابة 1/249 برقم 1217 : جندب بن زهير بن الحارث بن كثير بن سبع بن مالك الأزدي الغامدي ، ويقال : جندب بن عبد الله بن زهير الغامدي .. إلى أن قال : إنّ جندب بن زهير كان يوم الجمل مع عليّ [ عليه السلام ] .. إلى أن قال : إنه كان مع علي عليه السلام يوم صفين .. إلى أن قال : قال ابن عبد البر ذكر الزبير أنّ جندب بن الزهير هذا هو قاتل الساحر ، والصحيح أنّه غيره ، وقال في اُسد الغابة 1/303 : .. كان على رجّالة صفين مع علي [ عليه السلام ] ، وقتل في تلك الحرب بصفين ، قال أبو عمر : قيل : إنّ الذي قتل الساحر بين يدي الوليد بن عقبة بن أبي معيط هو جندب بن زهير قاله الزبير بن بكار ، وقيل : جندب بن كعب وهو الصحيح ، قال : وقد اختلف في صحبة جندب بن زهير ، فقيل : له صحبة ، وقيل : لا صحبة له .. إلى أن قال : وهو أحد جنادب الأزد ، وهم أربعة : جندب بن الخير بن عبد الله ، وجندب بن كعب قاتل الساحر ، وجندب بن عفيف ، وجندب بن زهير وقتل مع علي [ عليه السلام ] بصفين أخرجه ابن منده وأبو نعيم ..
    فيتّضح ممّا نقلناه أن لقتل جندب بن زهير الساحر له قائل ، وإن كان ترجيحهم للقول الآخر ، وهو أنّ قاتل الساحر هو جندب بن كعب.
    وراجع : الكاشف 1/189 برقم 838 ، والجرح والتعديل 2/511 برقم 2107 ، وتهذيب التهذيب 2/118 برقم 190 ، والمعارف لابن قتيبة : 402 في ترجمة بني صوحان ، واُسد الغابة 1/303 ، وذكره في الوافي بالوفيات 11/194 برقم 288 ، وتهذيب الكمال 5/141 برقم 975 ، وتقريب التهذيب 1/135 برقم 120.
    أقول : يتضح من كلام ابن الأثير في اُسد الغابة أن جندب الخير غير المترجم ؛ فإنّ المترجم كنيته : أبو عبد الرحمن ، وهذا كنيته : أبو عبد الله ، وليس جندب الخير ، بل جندب بن الخير بن عبد الله ، وليس هذا قاتل الساحر ، بل القاتل مردّد بين ابن زهير وابن كعب ، ثم الذي صرحوا بأنّه قتل بصفين ابن زهير لا ابن الخير ، فتفطن. 1 ـ اُسد الغابة 1/303.


(275)
أو صام أو تصدّق فذكر ارتاح له ، فزاد في ذلك لمقالة الناس ، فأنزل الله تعالى في ذلك : ( فمَن كَانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلاَيُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبّهِ أحَداً ) (1) فإنّ من نزلت في حقّه الآية كيف يشكّ في صحبته ؟!.
    وأمّا كونه قتل مع عليّ عليه السلام بصفّين ، فممّا صرّح به في اُسد الغابة .. وغيره أيضاً (2).
1 ـ سورة الكهف ( 15 ) : 110.
2 ـ أقول : ننقل بعض كلمات القوم ليقف الناظر على جلية الامر. قال ابن سعد في طبقاته 1/279 : أخبرنا لوط بن يحيى الأزدي ، قال : كتب النبي صلى الله عليه وآله وسلّم إلى أبي ظبيان الأزدي من غامد يدعوه ويدعو قومه إلى الإسلام ، فأجابه في نفر من قومه بمكّة ، منهم : مخنف ، وعبد الله ، وزهير بنو سليم ، وعبد شمس بن عفيف بن زهير ، هؤلاء بمكة ، وقدم عليه بالمدينة الحجن بن المرقع ، وجندب بن زهير ، وجندب بن كعب ..
    ونسبه الكلبي في كتابه نسب معد واليمن الكبير 2/483 بـ : جندب بن زهير بن الحارث بن كثير بن جشم بن سبيع ، ثم قال : قتل يوم صفين مع علي بن أبي طالب عليه السلام ، وكان على الرجالة.
    وقال الفخر الرازي في تفسيره 21/177 في ذيل آخر آية من سورة الكهف ( 15 ) : 110 : ( قُلْ إنّمَا أنا بَشرٌ مّثْلكُمْ يُوحَى إلَّي أَنّمَا الَـُهُكُمْ إلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُواْ لِقَاءَ رَبّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْركْ بِعبَادَةِ رَبّهِ أحَدَاً ) قال : قيل : نزلت هذه الآية في جندب بن زهير ، قال لرسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلّم : إني أعمل العمل لله تعالى فإذا اطّلع عليه أحدٌ سرّني .. وكذلك في تفسير القرطبي 11/69 : قال ابن عباس : نزلت في جندب بن زهير العامري.
    وقال في تفسير الميزان للعلاّمة الطباطبائي 13/438 بسنده .. عن ابن عباس ، قال : كان جندب بن زهير إذا صلى أوصام أو تصدّق فذكر بخير ارتاح له ، فزاد في ذلك لمقالة الناس : فلامه الله فنزل في ذلك : ( فَمَن كَانَ يَرْجُواْ لِقاءَ رَبّه ) ..
    وفي تفسير الدر المنثور 4/255 أيضاً ذكر شأن نزول الآية الكريمة ، وإنها نزلت في جندب بن زهير العامري ، وإنها تأديباً له لما كان يرتاح بسماع الناس أعماله الحسنة.


(276)
    ويستفاد من ذلك حسن حاله.
    بل مقتضى تأمير أمير المؤمنين عليه السلام إيّاه يوم صفين على الأزد ، وثاقته وعدالته ـ مع أنّ فيهم مثل مخنف بن سليم ، ومنزلته وبصيرته ـ لعدم تعقّل تأميره عليه السلام غير الثقة الامين على الجيش ، في قبال معاوية الغدّار (1).
فهؤلاء نقلوا صحبته جازمين عليها.
    ونقل صحبته بغير جزم ابن الأثير في اُسد الغابة 1/303. وفي الاستيعاب 1/84 برقم 291. وفي الإصابة 1/249 برقم 1217. وقد تقدم ذكر كلماتهم.
    وقال في العبر 1/39 : وقتل مع علي [ عليه السلام ] جندب بن زهير الغامدي الكوفي يقال : له صحبة.
    وقال في تهذيب التهذيب 2/118 برقم 190 : جندب الخير الأزدي العامري قاتل الساحر ، يكنّى : أبا عبد الله له صحبة ، يقال : إنه جندب بن زهير ، ويقال : جندب بن عبد الله ، ويقال : جندب بن كعب بن عبد الله .. إلى أن قال : قال علي بن عبد العزيز ، عن أبي عبيد جندب الخير هو جندب بن عبد الله بن ضبة ، وجندب بن كعب قاتل الساحر ، وجندب بن عفيف ، وجندب بن زهير كان على رجالة علي [ عليه السلام ] بصفين وقتل معه بصفين هؤلاء الأربعة من الأزد .. إلى أن قال : وقال البغوي : يشك في صحبته.
    وفي الكاشف 1/189 برقم 828 قال : جندب الخير الأزدي الغامدي قاتل الساحر ، هو ابن زهير ، وقيل : ابن كعب ، صحابي.
    أقول : يتضح أن تعدّد الجنادبة في الأزد في عصر واحد هو الذي أوقع المترجمين لهم في الترديد ، وعدم الجزم في التعيين ، إلاّ أننا بعد الوقوف على شأن نزول الآية الكريمة ، فإنها نزلت في جندب بن زهير ، وعدم الظفر على قول أحد أنها نزلت في رجل معين آخر نستطيع الجزم بأنّه من الصحابة ، فتفطن.
1 ـ أقول : ينبغي أن نوقف المراجع لهذا السفر على نظرة خاطفة من مواقف هذا الصحابي الجليل ليتّضح ولائه لأمير المؤمنين عليه السلام ، ومركزه الاجتماعي ، وصفاته النفسية.


(277)

    أما مواقفه في يوم الجمل ؛ فقد قال الشيخ المفيد رضوان الله عليه في كتابه الجمل : 36 [ طبعة مؤسسة آل البيت عليهم السلام : 108 ـ 109 ] في ذكر بيعة المسلمين بعد مقتل عثمان من بيعة المهاجرين ، ثم بيعة الأنصار ، ثمّ بيعة الهاشميين ، ثم قال : بيعة باقي الشيعة ومن يلحق بهم بالذكر من أوليائهم ، وعليه شيعتهم ، وأهل الفضل في الدين والعلم والفقه والقرآن المنقطعين إلى الله تعالى بالعبادة والجهاد والتمسك بحقائق الإيمان محمد بن أبي بكر .. إلى أن قال : وجندب الأزدي .. إلى أن قال : وحبّة العرني ممّن كانوا بالمدينة عند قتل عثمان ، وأطبقوا بالرضا بأمير المؤمنين عليه السلام ، فبايعوه على حرب من حارب ، وسلم من سالم ، وأن لا يولّوا في نصرته الادبار ، وحضروا مشاهده كلّها لا يتأخر عنه منهم أحدٌ ، حتى مضى الشهيد منهم على نصرته ، وبقى المتأخر منهم على حجته حتّى مضى أمير المؤمنين عليه السلام لسبيله.
    هذا ما يرجع إلى بيعته ؛ أما ما يرجع إلى مواقفه البطولية في الدفاع عن حريم الدين ، ونصرة إمام الحق واليقين ، فقد قال الشيخ المفيد رحمه الله في كتاب الجمل : 156 [ وصفحة : 320 من الطبعة المحقّقة ] في مقام عدّ أصحاب الالوية في تلك الحرب : .. وعلى خيل الأزد جندب بن زهير.
    ونقل في الإصابة 1/249 برقم 1217 : وروى ابن سعد بسند له : إنّه كان مع علي يوم الجمل.
    وأما مواقفه في صفين ؛ فقد ذكر نصر بن مزاحم في صفينه : 205 إنّ علياً [ عليه السلام ] ومعاوية عقدا الالوية وأمرا الاُمراء ، وكتبا الكتائب ، واستعمل علي [ عليه السلام ] على الخيل عمّار بن ياسر .. إلى أن قال : وعلى الأزد واليمن جندب بن زهير.
    وفي صفحة : 262 قال : إنّ مخنف بن سليم لما ندب أزد العراق إلى أزد الشام حمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : إنّ من الخطب الجليل والبلاء العظيم أنّا صُرِفْنا إلى قومنا وصُرِفوا إلينا ، فوالله ما هي إلاّ أيدينا نقطعها بأيدينا ، وما هي إلاّ أجنحتنا نحذفها بأسيافنا ، فإن نحن لم نفعل لم نناصح صاحبنا ، ولم نواس جماعتنا ، وإن نحن فعلنا فعزّنا أبحنا ، ونارنا أخمدنا ، فقال جندب بن زهير : والله لو كنا آباءهم وولدناهم أو كنّا أبناءهم وولدونا ، ثم خرجوا من جماعتنا وطعنوا على إمامنا ، وآزروا الظالمين


(278)
    ويؤيّد ما قلناه ، أنّه لما انتدب أزد العراق لقتال أزد الشام ، وخطب مخنف ابن سليم الأزدي خطبته التي قال فيها : لعمري ما هي إلاّ أيدينا نقطعها بأيدينا ، وما هي إلاّ أجنحتنا نحذفها بأسيافنا.
    قام جندب بن زهير هذا ، رادّاً عليه ، وقال : والله لو كنّا آباءهم ولدناهم ، أو كانوا آباءنا ولدونا ، ثمّ خرجوا عن جماعتنا ، وطعنواعلى
والحاكمين بغير الحق على أهل ملّتنا وديننا .. ما افترقنا بعد أن اجتمعنا حتى يرجعوا عمّا هم عليه ، ويدخلوا فيما ندعوهم إليه ، أو نكثر القتلى بيننا وبينهم ، ومثله باختلاف يسير في تاريخ الطبري 5/26.
    حيّ الله هذا التصلّب في الدين ، والصمود في سبيل العقيدة ، بحيث لا تعارض الابوّة أو البنوة إذا ناهضت عقيدته وخالفت مبدئه.
    ومن رجزه يوم صفين قوله :
هذا علي والهدى حّقاً معه فإنّه يخشاك ربّي فارفعه صهر النّبي المصطفى قد طاوعه ياربّ فاحفظه ولا تضيّعه نحن نصرناه على من نازعه أوّل من بايعه وتابعه
    راجع صفين لنصر بن مزاحم : 398.
    وفي صفحة : 408 منه قال : وتقدم جندب بن زهير برايته وراية قومه وهو يقول : والله لا انتهى حتّى أخضبها ، فخضبها مراراً إذ اعترضه رجل من أهل الشام فطعنه ، فمشى إلى صاحبه في الرمح حتى ضربه بالسيف وقتله.
    وذكر ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 5/210 فتقدم جندب بن زهير ، فبارز أزديّاً من أزد الشام ، فقتله الشامي. وفي تاريخ الطبري 5/27 مثله.
    وذكر الطبري في تاريخه 4/326 في تسيير عثمان من سيّر من أهل الكوفة ، قال : اجتمع نفر بالكوفة يطعنون على عثمان ، من أشراف أهل العراق : مالك بن الحارث الاشتر ، وثابت بن قيس النخعي ، وكميل بن زياد النخعي ، وزيد بن صوحان العبدي ، وجندب بن زهير الغامدي ، وجندب بن كعب الأزدي ، وعروة بن الجعد ، وعمرو بن الحمق الخزاعي ، فكتب سعيد بن العاص إلى عثمان يخبره بأمرهم ، فكتب إليه أن سيّرهم إلى الشام وألزمهم الدروب.


(279)
إمامنا ، ووازروا الظالمين الحاكمين بغير الحق ، على أهل ملّتنا وديننا ، افترقنا بعد أن اجتمعنا ، حتى يرجعوا عمّا هم عليه ، ويدخلوا فيما ندعوهم إليه ، أو تكثر القتلى بيننا وبينهم .. ثمّ تقدم فبارز أزديّاً من أزد الشام ، فقتله الشامي ، ومضى شهيداً رضوان الله عليه ، قاله نصر بن مزاحم ، في كتابه (1) (*).
1 ـ المسمّى بصفين : 121 ، قال : في دعوة أمير المؤمنين عليه السلام للناس بالخروج إلى حرب معاوية : فقام جندب بن زهير ، والحارث الاعور ، ويزيد بن قيس الارحبي ، فقال جندب : قد آن للذين أخرجوا من ديارهم إشارة إلى الآية الشريفة : ( اُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِاَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * اَ لَّذِين اُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ .. ) [ سورة الحج ( 22 ) : 39 ـ 40 ] وفي صفحة : 205 في عقد الالوية في صفين ونصب أمير المؤمنين عليه السلام لكل قبيلة رئيساً ، قال : وعلى الأزد واليمن جندب بن زهير ، وفي صفحة : 262 ذكر ردّه لمخنف بن سليم الأزدي .. إلى أن قال : وتقدم جندب بن زهير فبارز رأس أزد الشام ، فقتله الشامي ، وفي صفحة : 398 ذكر رجزه ، وفي صفحة : 408 ، قال : وتقدم جندب بن زهير برايته وراية قومه وهو يقول : والله لا انتهي حتى أخضبها ! .. فخضبها مراراً إذ اعترضه رجل من أهل الشام فطعنه ، فمشى إلى صاحبه في الرمح حتى ضربه بالسيف فقتله ..
(*)
حصيلة البحث
    لا يبقى شك لدى الباحث بعد وقوفه على ما نقلناه من المصادر الموثوقة ودراسة حاله ، أنّ المترجم من أشراف الأزد ، ومن ذوي البصائر ، والنافذين في عقيدته ، والمهاجرين من وطنه حماية عن الحق ، وممّن ثبت على بيعته لخليفة رسول ربّ العالمين صلى الله عليه وآله وسلّم طيلة حياته ، وممن جاهد الناكثين في حرب الجمل ، والقاسطين في حرب صفين ، حتى قضى شهيداً بين يدي سيد الوصيين صلوات الله وسلامه عليه مدافعاً عن ولي الله ، ذاباً عن دين الله ، مناصحاً لا تأخذه في الله لومة لائم ، فالحقّ أنّ عدّ المترجم من الحسان هضم لحقه ، وعدولاً عن الحق ، فهو ممن يستحق أن يعدّ ثقة جليلاً ، والحديث من جهته صحيحاً ، فتدبر.


(280)
    [ الضبط : ]
    تقدّم (1) ضبط الأزدي في ترجمة : إبراهيم بن إسحاق.
    [ الترجمة : ]
    ولم أقف في الرجل إلاّ على عدّ الشيخ رحمه الله إيّاه في رجاله (2) من أصحاب الصادق عليه السلام مضيفاً إلى ما في العنوان قوله : أسند عنه.
    وظاهره كونه إماميّاً ، إلاّ أن حاله مجهول (*).

    [ الترجمة : ]
    عدّه ابن عبد البر (3) ، وابن منده ، وأبو نعيم من الصحابة.
1 ـ في صفحة : 292 من المجلد الثالث.
2 ـ رجال الشيخ : 164 برقم 49 ، وذكره في مجمع الرجال 2/63 ، وجامع الرواة 1/169 وغيرهما نقلاً عن رجال الشيخ من دون زيادة.
(*)
حصيلة البحث
    لم أقف في المعاجم على ما يتّضح منه حال المعنون ، فهو مجهول الحال.
3 ـ في الاستيعاب 1/84 برقم 290 ، وفي اُسد الغابة 1/303 ، قال : جندب بن ضمرة


(281)
    وأنّه هو الذي نزل فيه قوله سبحانه : ( وَمَنْ يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِراً إلى اللهِ وَرَسُولِه ثُمَّ يُدْركْهُ الموْتُ فَقَد وَقَعَ أجْرُهُ عَلَى اللهِ ) (1).
    وروي في وجه النزول أنّه : كان ذا مال ، وله أربعة بنين ، فقال : اللّهم إني أنصر رسولك بنفسي غير أني أعود عن سواد المشركين إلى دار الهجرة ، فأكون عند النبي صلى الله عليه وآله وسلّم فأكثر سواد المهاجرين والأنصار ، فقال : [ لبنيه ] احملوني إلى دار الهجرة ، فأكون مع النبي صلى الله عليه وآله وسلّم ، فحملوه ، فلما بلغ التنعيم مات ، فأنزل الله تعالى الآية.
    وأقول : يستفاد من ذلك حسن حاله ، والله العالم (*).
الليثي ، هو الذي نزل فيه قوله تعالى : ( وَمَنْ يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِراً إلى اللهِ وَرَسُولِه ) .. الآية [ سورة النساء ( 4 ) : 100 ] ، وقد اختلف العلماء في اسمه ، فروى طاوس عن ابن عباس أنّ رجلاً من بني ليث اسمه : جندب بن ضمرة كان ذا مال .. ، ونقل ما سيذكره المصنف رحمه الله ، ثم قال : وروي أيضاً اسمه : جندع بن ضمرة .. إلى أن قال : وقيل : ضمضم بن عمرو الخزاعي ، وهذا الاختلاف ذكره ابن منده ، وأبو نعيم ، وأما أبو عمر فقال : جندب بن ضمرة الجندعي ، وذكره في الإصابة 1/253 برقم 1233 بعنوان : جندع بن ضمرة بن أبي العاص الجندعي الضمري أو الليثي.
1 ـ سورة النساء ( 4 ) : 100.
(*)
حصيلة البحث
    إن طلبه أن يهاجر إلى المدينة المنوّرة ليكثر من سواد المهاجرين والأنصار بحضوره ، ويبتعد عن تكثير المشركين ، وهجرته إلى رحاب سيد المرسلين صلى الله عليه وآله وسلّم ، كل ذلك يكشف عن حسن عقيدته ، وتصلبه في تشييد الإسلام في تلك الظروف القاسية ، فعليه عدّه ثقة ليس ببعيد ، ولا أقل من عدّه في أعلى مراتب الحسن ، والله العالم.


(282)
    [ الترجمة : ]
    عدّه الشيخ رحمه الله في نسختين معتمدتين من رجاله (1) ، من أصحاب علي عليه السلام.
    ولم أقف على نسخة خالية منه.
    وفي اُسد الغابة (2) : إنّه جندب الخير بن عبد الله الأزدي.
    وعن إعلام الورى (3) إنّه : روى جندب بن عبد الله الأزدي ، قال : شهدت
(o)
مصادر الترجمة
    رجال الشيخ : 37 برقم 2 ، مجمع الرجال 2/63 ، نقد الرجال : 77 برقم 9 [ الطبعة المحققة 1/374 برقم ( 1067 ) ] ، الاختصاص : 81 ، أمالي الشيخ الطوسي رحمه الله 1/183 ـ 184 [ طبعة مؤسسة البعثة : 180 ـ 181 حديث 302 ] ، الإرشاد : 150 ـ 151 [ الطبعة المحققة لمؤسسة آل البيت عليهم السلام 1/317 ـ 319 ] ، إعلام الورى : 173 ـ 174 ، اُسد الغابة 1/303 ، تاريخ بغداد 7/249 ـ 250 برقم 3740 ، تاج العروس 1/176.
1 ـ رجال الشيخ : 37 برقم 2 ، وذكره في مجمع الرجال ، ونقد الرجال ، وجامع الرواة في نسخة مصححة وغيرهم نقلاً عن رجال الشيخ قدّس سرّه.
2 ـ اُسد الغابة 1/303 في ترجمة جندب بن زهير بن الحارث في أواخر الترجمة ، قال : وهو أحد جنادب الأزد ، وهم أربعة : جندب الخير بن عبد الله ، وجندب بن كعب قاتل الساحر ، وجندب بن عفيف ، وجندب بن زهير ..
3 ـ إعلام الورى : 173 ـ 174 باختلاف يسير ، ونقل هذه الرواية شيخنا المفيد رحمه الله في الإرشاد : 150 ـ 151 [ الطبعة المحققة 1/317 ـ 319 ] وزاد على ما في إعلام الورى قوله : وهذا حديث مشهور شائع بين نقلة الآثار.


(283)

    وقال الخطيب في تاريخ بغداد 7/249 ـ 250 برقم 3740 : جندب بن عبد الله الأزدي ، من أهل الكوفة ، حضر مع علي بن أبي طالب [ صلوات الله وسلامه عليه ] قتال الخوارج بالنهروان وروى خبرهم ثم قال بسنده : .. عن جندب الأزدي قال : لمّا عدلنا إلى الخوارج ـ ونحن مع علي بن أبي طالب [ صلوات الله عليه ] ـ قال : فانتهينا إلى معسكرهم فإذا لهم دوّي كدوي النحل من قراءة القرآن ، وفيهم ذوو الثفنات وأصحاب البرانس .. وساق الحديث .. إلى أن قال : ثم قام علي [ عليه السلام ] فأمسكت له بالركاب ثم عدلت إلى درعي فلبستها ، وإلى فرسي فركبته ، وأخذت رمحي ، وسرت معه ، حتى إذا نظر إلى رابية ، قال : « يا جندب ! ترى تلك الرابية ؟ » قال : قلت نعم يا أمير المؤمنين [ عليه السلام ] قال : « فإنّ رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلّم أخبرني أنّهم يقتلون عندها .. » ، وذكر بقية الحديث.
    وفي تاج العروس 1/176 ، قال : وفي الصحابة من اسمه جندب : أبو ذر الغفاري جندب بن جنادة ، وجندب بن عبد الله .. إلى أن قال : وجندب بن عبد الله هو جندب الخير.
    وفي الأمالي للشيخ الطوسي رحمه الله 1/183 ـ 184 المجلس السابع [ طبعة مؤسسة البعثة : 180 ـ 181 حديث 302 ، وفيه : حصيرة ، بدلاً من : خضيرة ] بسنده : .. قال : حدّثني الحارث بن خضيرة عن أبي صادق ، عن جندب بن عبد الله الأزدي ، قال : قام علي بن أبي طالب [ عليه السلام ] في الناس ليستنفرهم إلى أهل الشام ، وذلك بعد انقضاء المدّة التي كانت بينه وبينهم ، وقد شنّ معاوية على بلاد المسلمين الغارات ، فاستنفرهم بالرغبة في الجهاد والرهبة ، فلم ينفروا ، فأضجره ذلك ، فقال : أيّها الناس المجتمعة أبدانهم ، المختلفة أهواؤهم ، ما عزّت دعوة من دعاكم ، ولا استراح قلب من قاساكم ، كلامكم يوهن الصم الصلاب ، وتثاقلكم عن طاعتي .. إلى آخر الخطبة ، ثم قال : قال : فكان جندب لا يذكر هذا الحديث إلاّ بكى ، وقال : صدق ـ والله ـ أمير المؤمنين ، قد شملنا الذّل ، ورأينا الاثرة ، ولا يبعد الله إلاّ من ظلم.
    وروى الشيخ المفيد رحمه الله في الاختصاص : 81 بسنده : .. عن جابر الجعفي ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : شهد مع علي بن أبي طالب عليه السلام من التابعين ثلاثة نفر بصفين شهد لهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم بالجنة ولم يرهم : أويس القرني وزيد بن صوحان العبدي وجندب الخير الأزدي رحمة الله عليهم.


(284)
مع علي عليه السلام الجمل وصفّين (1) لا أشكّ في قتال من قاتله ، حتّى نزلت النهروان ، فدخلني الشك ، وقلت : قرّاؤنا وخيارنا يأمرونا بقتلهم (2) .. ؟! إنّ هذا الامر عظيم. فخرجت غدوة أمشي ، ومعي إداوة [ و ] ماء (3) ، حتى برزت من الصفوف ، فركزت رمحي ، ووضعت ترسي عليه ، واستترت من الشمس. فإني لجالس إذ ورد عليّ أمير المؤمنين عليه السلام ، فقال : « يا أخا الأزد ! أمعك طهور ؟ » ، فقلت : نعم ، فناولته الإدواة (4) ، فمضى حتّى لم أره. ثمّ أقبل متطهّراً فجلس في خلل (5) الترس ، فإذا فارس يسأل عنه. فقلت : يا أمير المؤمنين (ع) ! هذا فارس يريدك ، قال : « فأشر إليه .. » فأشرت إليه فجاء ، وقال : يا أمير المؤمنين ! قد عبر القوم ، وقطعوا النهر ، فقال : « كلاّ ، ما عبروا » ، فقال : بلى ، والله ، لقد فعلوا [ قال : « كلاّ ما فعلوا .. » قال ] فإنّه كذلك إذ جاء [ رجل ] آخر ، فقال : ياأمير المؤمنين (ع) ! قد عبر القوم. فقال : « كلاّ ! ما عبر القوم » ، قال : والله ما جئتك حتى رأيت الرايات في ذلك الجانب [ والاثقال ] فقال : « والله ، ما فعلوا وإنّه لمصرعهم ، ومهراق دمائهم ».
    ثمّ نهض ، ونهضت معه ، فقلت في نفسي : الحمد لله الذي بصّرني بهذا الرجل ، وعرّفني أمره. هذا أحد رجلين ، إمّا رجل كذّاب جريّ ، أو على بينة من ربّه وعهد من نبيه (ص). اللّهم إني أعطيتك عهداً تسألني عنه يوم القيامة ،
1 ـ في المصدر : بيقين بدل ( وصفّين ).
2 ـ لا يوجد في المصدر المطبوع : يأمرونا بقتلهم.
3 ـ في المصدر : أداوة وماء.
4 ـ قال في القاموس المحيط 4/298 : الإداوة ـ بالكسر ـ : المَطْهَرة ، ( ج ) أداوى كـ : فتاوى.
5 ـ في المصدر : ظلّ .. ، وهو الظاهر.


(285)
إن أنا وجدت القوم قد عبروا أن أكون أوّل من يقاتله ، وأوّل من يطعن الرمح في عينه. وإن كانوا لم يعبروا ، أن أتمّ (1) على المناجزة والقتال. فرجعنا إلى الصفوف فوجدنا الرايات والاثقال كما هي.
    قال : فأخذ بقفاي ودفعني. وقال : « يا أخا الأزد ! اتبيّن لك الامر ؟! » فقلت : أجل يا أمير المؤمنين (ع) ! قال : « فشأنك بعدوّك » ، وقتلت رجلاً ، ثمّ قتلت آخر ، ثمّ اختلفت أنا ورجل آخر أضربه ويضربني ، فوقعنا جميعاً ، فاحتملني أصحابي فأفقت [ حين أفقت ] وقد فرغ القوم (*).

    [ الترجمة : ]
    عدّه الشيخ رحمه الله أيضاً في رجاله (2) من أصحاب الصادق عليه السلام.
    وظاهره كونه إماميّاً ، إلاّ أنّ حاله مجهول (**).
1 ـ كذا ، وفي المصدر : أن أقيم ، وهو الظاهر.
(*)
حصيلة البحث
    المعنون هو جندب الخير بن عبد الله الأزدي ، وعدّه حسناً هو المتعيّن.
(o)
مصادر الترجمة
    رجال الشيخ : 165 برقم 78 ، نقد الرجال : 77 برقم 10 [ الطبعة المحققة 1/375 برقم ( 1068 ) ] ، مجمع الرجال 2/63 ، جامع الرواة 1/169.
2 ـ رجال الشيخ : 165 برقم 78 ، وذكره في نقد الرجال ، ومجمع الرجال ، وجامع الرواة ، والجميع اكتفوا بنقل عبارة رجال الشيخ رحمه الله من دون زيادة.
(**)
حصيلة البحث
    لم يتعرض المعنونون له لبيان حاله ، فهو ممّن لم يبين حاله.
تنقيح المقال الجزء السادس عشر ::: فهرس