تنقيح المقال الجزء السادس عشر ::: 331 ـ 345
(331)

الرجال 2/65 ، والاردبيلي في جامع الرواة 1/169 ، والكاظمي في هداية المحدثين : 34 ، وتوضيح الاشتباه : 100 برقم 418 ، ونقد الرجال : 77 برقم 2 [ الطبعة المحقّقة 1/376 برقم ( 1077 ) ] ، وشرح المشيخة المخطوط : 47 من نسختنا [ روضة المتقين 14/81 ].

جويرية في التاريخ والحديث
    قال ابن طاوس في كشف المحجة : 174 ، والفيض الكاشاني في مكاتيب الائمة المسمى بـ : معادن الحكمة 1/34 برقم 2 ، والكاظمي في التكملة 1/208 ، قال : كتب أمير المؤمنين عليه السلام ـ بعد منصرفه من النهروان ـ وأمر أن يقرأ على الناس ، وذلك أنّه سألوه عن أبي بكر وعمر وعثمان فغضب عليه السلام ، وقال : « تفرغتم للسؤال عمّا لا يعنيكم » ، وهذه مصر قد افتتحت » .. إلى أن قال : فدعا كاتبه عبيد الله بن أبي رافع فقال له : « أدخل عليّ عشرة من ثقاتي » ، فقال : سمّهم لي يا أمير المؤمنين ، فقال له : « أدخل أصبغ بن نباتة » .. إلى أن قال عليه السلام : « وجويرية بن مسهر العبدي ».
    وقال في الاختصاص : 6 ـ 7 : ذكر السابقين المقربين من أمير المؤمنين عليه السلام ، حدّثنا جعفر بن الحسين ، عن محمّد بن جعفر المؤدّب : الأركان الأربعة سلمان .. إلى أن قال : وجويرية بن مسهر العبدي.
    وقد سلف كلام ابن أبي الحديد في شرحه على نهج البلاغة 2/290ـ 291.
    أقول : ناقش بعض الأعلام معجم رجال الحديث 4/180 ـ 181 في سند الرواية ، وهو غريب ؛ وذلك إنّ ضعف السند لو سلم ينجبر بأحاديث واردة بمضمونه ومقوّ لدلالته وسنده وهذا من ذاك ، ومن الغريب أنّ هذا المعاصر المعظم يوثق الراوي ويصحح سند الرواية بأقل ممّا ورد في جويرية هذا.
    وفي إعلام الورى : 175 في ذكر طرف من آيات الله سبحانه الظاهرة على أمير المؤمنين عليه السلام ، قال : ومن ذلك قوله لجويرة بن مسهر : « ليقتلنك العتلّ الزنيم ، وليقطعن يدك ورجلك ، وليصلبنّك تحت جذع كافر .. » فلمّا ولي زياد في أيّام معاوية قطع يده ورجله ، وصلبه على جذع ابن معكبر.
    وذكر المفيد قدّس الله سرّه في الإرشاد : 152 [ 1/322 ، طبعة مؤسسة آل البيت عليهم السلام ] : ومن ذلك ما رواه العلماء أنّ جويرية بن مسهر وقف على باب القصر فقال : أين أمير المؤمنين (ع) ؟! فقيل له : نائم ، فنادى : أيّها النائم استيقظ ! فوالذي


(332)

نفسي بيده لتضربنّ ضربة على رأسك تخضب منها لحيتك كما أخبرتنا بذلك من قبل ، فسمعه أمير المؤمنين عليه السلام فنادى : « أقبل ـ يا جويرية ! ـ حتى اُحدثك بحديثك » ، فأقبل ، فقال : « وأنت ؛ والذي نفسي بيده لتعتلّنّ إلى العتلّ الزنيم ، وليقطعنّ يدك ورجلك ، ثم لتصلبن [ ليصلبنّك ] تحت جذع كافر » ، فمضى على ذلك الدهر حتى ولي زياد في أيام معاوية ، فقطع يده ورجله ، ثم صلبه إلى جذع ابن معكبر ، وكان جذعاً طويلا فكان تحته ..
    وقال في كتاب الغارات 2/843 : .. وقد كان معاوية لعنه الله يسبّ علياً [ عليه السلام ] ويتتبع أصحابه ، مثل ميثم التمار ، وعمرو بن الحمق ، وجويرية بن مسهر ، وقيس بن سعد ، ورشيد الهجري .. ويقنت بسبّه في الصلاة ، ويسبّ ابن عباس ، وقيس بن سعد ، والحسن ، والحسين عليهما السلام .. ولم ينكر ذلك عليه أحد !!
    وقال في بصائر الدرجات الجزء الخامس : 217 حديث 1 بسنده : .. عن أبي المقدام ، عن جويرية بن مسهر ، قال : أقبلنا مع أمير المؤمنين عليه السلام من قتل الخوارج ، حتى إذا قطعنا في أرض بابل ، حضرت صلاة العصر ، قال : فنزل أمير المؤمنين ونزل الناس ، فقال أمير المؤمنين : « يا أيّها الناس ! إنّ هذه الأرض ملعونة ، وقد عذبت من الدهر ثلاث مرات ، وهي إحدى المؤتفكات ، وهي أوّل أرض عبد فيها وثن ، إنّه لا يحلّ لنبي ولوصيّ نبي أن يصلي فيها .. » فأمر الناس فمالوا عن جنبي الطريق يصلّون ، وركب بغلة رسول الله [ صلى الله عليه وآله وسلم ] فمضى عليها ، قال جويرية : فقلت : والله لأتبعن أمير المؤمنين ولاُقلدنّه صلاتي اليوم ، قال : فمضيت خلفه فوالله ما جزنا جسر سورا حتى غابت الشمس ، قال : فسببته أو هممت أن أسبّه ، قال : فقال : « يا جويرية ! : أذّن » قال : فقلت نعم يا أمير المؤمنين ! ، قال : فنزل ناحية فتوضأ ، ثم قام فنطق بكلام لا أحسبه إلاّ بالعبرانيّة ، ثم نادى بالصلاة .. فنظرت والله إلى الشمس قد خرجت من بين جبلين لها صرير ، فصلّى العصر ، وصليت معه ، قال : فلمّا فرغنا من صلاته عاد الليل كما كان ، فالتفت إليّ فقال : « يا جويرية بن مسهر ! إنّ الله يقول : ( فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيْمِ ) فإنّي سألت الله باسمه العظيم فردّ الشمس ».
    وقال في صفحة : 218 حديث 3 بسنده : .. عن أبي الجارود ، قال : سمعت جويرية يقول : أسرى علي عليه السلام بنا من كربلاء إلى الفرات ، فلمّا صرنا ببابل قال لي : « أي موضع يسمّى هذا يا جويرية ؟ » قلت : هذه بابل يا أمير المؤمنين ! .. إلى آخره.


(333)
    مقتل رشيد ، وميثم ، وجويرية .. وفيه إيماء إلى مشكوريته وجلالته ، واشتهار حديثه في ردّ الشمس على أمير المؤمنين عليه السلام يعني بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلّم وكونها متلّقاة بالقبول ، يومي إلى الاعتماد عليه. انتهى.
    وأقول : مقتضى الحبّ المفرط من أمير المؤمنين عليه السلام إيّاه وثاقته ، فلا وجه لعدّ حديثه في الحسان ، بل ينبغي عدّه في الصحاح ، لعدم تعقّل حبّ الأمير عليه السلام غير العدل الثقة. بل الخبر المزبور (1) في ترجمة الاصبغ بن نباتة. وفي الفائدة الثانية عشر (2) نص في وثاقته .. لتنصيص أمير المؤمنين عليه السلام بكونه من ثقاته ، فلاحظ وتدبر (*).
    وقال في مشيخة الفقيه 4/29 : وما كان فيه عن جويرية بن مسهر في ردّ الشمس على أمير المؤمنين عليه السلام بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلّم .. فقد رويته عن أبي ، ومحمّد بن الحسن رضي الله عنهما ، قالا : حدّثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن أحمد بن عبد الله القروي ، عن الحسين بن المختار القلانسي ، عن أبي بصير ، عن عبدالواحد بن المختار الانصاري ، عن أمّ المقدام الثقفية ، عن جويرية بن مسهر.
    وفي روضة الكافي 8/241 حديث 331 ، قال : سهل بن زياد ، عن داود بن مهران ، عن علي بن إسماعيل الميثمي ، عن رجل ، عن جويرية بن مسهر ، قال : اشتددت خلف أمير المؤمنين عليه السلام فقال لي : « يا جويرية إنّه لم يهلك هؤلاء الحمقاء إلاّ بخفق النعال خلفهم ».
    وفي الفقيه 1/130 حديث 611 ، قال : روى جويرية بن مسهر أنّه قال : أقبلنا مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام من قتل الخوارج حتى إذا قطعنا أرض بابل ..
1 ـ تنقيح المقال 11/127 تحت رقم ( 2593 ) من الطبعة المحقّقة.
2 ـ الفوائد الرجالية المطبوعة أول تنقيح المقال 1/197 الطبعة الحجرية.
(*)
حصيلة البحث
    إنّ الإسهاب في نقل ما يخصّ المترجم ليس إلاّ لفسح المجال للمراجعين بأن يقفوا


(334)
    [ الضبط : ]
    [ جُوَيْبر : ] بضمّ الجيم ، وفتح الواو ، وسكون الياء المثنّاة من تحت ، والباء الموحدة من تحت المكسورة ، بعدها الراء (1). غير منسوب إلى أب ولا جدّ ولا مكان.
    [ الترجمة : ]
    هو من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم ومن الاجلاّء الاتقياء ، كما يظهر من الصحيح الذي رواه في الكافي (2) ، عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن مالك بن عطيّة ، عن أبي حمزة
على ما يخص المترجم ، وما روي فيه ، ليتمكنوا من الحكم عليه بما يصل إليه تحقيقهم ، وإني وأيم الحق لا أشك في أنّه نال أعلى مراتب الجلالة والوثاقة ، ونصّ أمير المؤمنين عليه أفضل الصلاة والسلام بأنّه أحد ثقاته حجة لا مدفع لها ، فالقول بأنّه ممدوح ، أو أنّه حسن ، ظلم لهذا التابعي الجليل ، وهضم لحقه ، وعدول عن الحق الصريح.
    نعم شكه في أمير المؤمنين في تأخير صلاته. وأنّه سبه أو همّ بسبه زلّة منه توجب سقوط منزلته إلاّ أنّ انكشاف الحق وظهور معجزته عليه السلام بردّ الشمس أوجب صلاح عقيدته ولم يعتبر أحد من الأعلام العصمة في الراوي .. فعليه لا بُدّ من عدّه ثقة لاختصاصه بإمام زمانه ، فتفطن.
(o)
مصادر الترجمة
    الكافي 5/339 ـ 343 حديث 1 ، التعليقة على هامش منهج المقال : 89 [ الطبعة المحققة 3/271 برقم ( 388 ) ] ، منتهى المقال : 84 الحجرية [ وفي المحققة 2/299 برقم ( 627 ) ].
1 ـ جُوَيْبر تصغير جابِر كما هو ظاهر ، وقد مرّ ضبط جابر في موضعه ، فراجع.
2 ـ الكافي 5/339 ـ 343 حديث 1 ، والحديث صحيح معتبر ، وفيه اختلافات أشرنا إلى بعضها.


(335)
الثمالي ، قال : .. قال أبو جعفر عليه السلام : « وإنّ رجلاً كان من أهل اليمامة ، يقال له : جويبر ، أتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم منتجعاً (1) للإسلام ، فأسلم وحسن إسلامه ، وكان رجلاً قصيراً دميماً * ، محتاجاً عارفاً (2). وكان من قباح السودان .. فضمّه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم لحال غربته [ وعراه ] ، وكان يجري عليه طعامه صاعاً من تمر بالصاع الأوّل ، وكساه شملتين ، وأمره أن يلزم المسجد ، ويرقد فيه باللّيل. فمكث بذلك ما شاء الله ، حتى كثر الغرباء ممّن يدخل في الإسلام من أهل الحاجة بالمدينة ، فضاق بهم المسجد. فأوحى الله عزّ وجلّ إلى نبيه صلى الله عليه وآله وسلّم أن طهّر مسجدك وأخرج من المسجد من يرقد فيه بالليل ، وأمره (3) بسدّ أبواب كلّ من كان له نحو المسجد باب إلاّ باب علي عليه السلام ومسكن فاطمة عليها السلام. ولا يمرّ فيه جنب ، ولا يرقد فيه غريب.
    قال : فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم عند ذلك (4) بسدّ أبوابهم إلاّ باب علي عليه السلام ، وأقرّ مسكن فاطمة عليها السلام على حاله.
    قال : ثمّ إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم أمر أن يتخذ المسلمون (5) سقيفة ، فعملت لهم ـ وهي الصفّة ـ ثمّ أمر الغرباء والمساكين أن يظلّوا فيها [ نهارهم وليلهم ، فنزلوها واجتمعوا فيها ].
1 ـ قال في لسان العرب 8/347: النُجْعَة: طلب الكلأ والعُرف ، ويستعار فيما سواهما .. إلى أن قال: وهؤلاء قوم ناجعة ومُنْتَجِعُون.
* ـ [ الدميم ] بالدال المهملة المفتوحة : الحقير.     [ منه ( قدّس سرّه ) ].
2 ـ في المصدر : عارياً.
3 ـ في المصدر : مُر.
4 ـ لا يوجد في المصدر : عند ذلك.
5 ـ في المصدر: للمسلمين.


(336)
    فكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم يتعاهدهم بالبر والتمر والشعير والزبيب إذا كان عنده ، وكان المسلمون يتعاهدونهم ويرقّون عليهم لرقّة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم ، ويصرفون صدقاتهم إليهم.
    وإنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم نظر إلى جويبر ذات يوم ـ برحمة منه له ورقّة عليه ـ فقال له : « يا جويبر ! لو تزوجت امرأة فعففت بها فرجك ، وأعانتك على دنياك وآخرتك ». فقال له جويبر : يا رسول الله ! بأبي أنت وأمي ، وأيّ امرأة ترغب فيّ (1) .. ؟! فوالله ما من حسب ولا نسب ، ولا مال ولا جمال ، فأيّ (2) امرأة ترغب فيّ ؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم : « فإنّ الله قد وضع بالإسلام من كان في الجاهلية ضعيفاً (3) [ وشرفّ بالإسلام من كان في الجاهلية وضيعاً ] وأعزّ بالإسلام من كان في الجاهلية ذليلاً ، وأذهب بالإسلام ما كان من نخوة الجاهليّة ، وتفاخرها بعشائرها ، وباسق أنسابها. فالناس [ اليوم ] كلّهم أبيضهم وأسودهم ، وقرشيهم وعربيّهم ، وعجميهم من آدم. وإنّ آدم خلقه الله تعالى من طين. وإنّ أحبّ الناس [ إلى الله عزّ وجلّ ] يوم القيامة أطوعهم له وأتقاهم. وما أعلم ـ يا جويبر ـ ، لأحد من المسلمين عليك اليوم فضلاً ، إلاّ لمن كان لله أتقى منك وأطوع ».
    ثمّ قال له : « انطلق ـ يا جويبر ! ـ إلى زياد بن لبيد ؛ فإنّه من أشرف بني بياضة * حسباً فيهم ، فقل له : إنّي رسول رسول الله (ص) إليك ، وهو يقول :
1 ـ في المصدر : من يرغب فيّ ؟ بدلاً من : وأي امرأة ترغب فيّ ..
2 ـ في المصدر : فأيّة.
3 ـ في الكافي : شريفاً ، بدلاً من : ضعيفاً.
* ـ [ بني بياضة : ] بطن من الأنصار من الخزرج.     [ منه ( قدّس سرّه ) ].
    أقول : جاء ذكر بني بياضة في جمهرة أنساب العرب لابن حزم : 356 : فقال : ولد


(337)
زوّج جويبراً ابنتك الذلفاء * ».
    فانطلق جويبر برسالة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم إلى زياد بن لبيد ـ وهو في منزله ، وجماعة من قومه عنده ـ فاستأذن ، فأعلم فأذن له ، [ فدخل ] وسلّم عليه ، ثم قال : يا زياد بن لبيد ! إنّي رسول رسول الله (ص) إليك في حاجة لي فابوح بها أم أسرّها إليك. فقال له زياد : لا بل بح بها ، فإنّ ذلك شرف لي وفخر. فقال [ له ] جويبر : إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم يقول : « زوّج جويبراً ابنتك الذلفاء ». فقال له زياد : أرسول الله أرسلك إليَّ بهذا يا جويبر ؟! فقال له : نعم ، ما كنت لأكذب على رسول الله (ص). فقال له زياد : إنّا لا نزوّج فتياتنا إلاّ أكفّاء [ نا ] من الأنصار ، فانصرف ـ يا جويبر ! ـ حتى ألقى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم فأخبره بعذري.
    فانصرف جويبر ، وهو يقول : والله ما بهذا نزل القرآن ، ولا بهذا ظهرت نبوّة محمّد صلى الله عليه وآله وسلّم.
    فسمعت مقالته الذلفاء بنت زياد ـ وهي في خدرها ـ فأرسلت إلى أبيها : أدخل إليَّ .. فدخل إليها ، فقالت له : يا أباه (1) ! ما هذا الكلام الذي سمعته منك تحاور به جويبراً ؟ فقال لها : ذكر لي أنّ رسول الله (ص) أرسله ،
زريق بن عبد حارثة بن مالك بن غَضْب : عامر ، فولد عامر : زُرَيق بطن ، وبياضه : بطن .. ثم ذكر عدّة من بني بياضة ، فراجع.
* ـ [ الذلفاء : ] اسم من اسماء النساء ، وأغلب ما تسمّى به الجميلة منهنّ. والذلف ـ في الأصل ـ صغر الانف في دقّة ، واستواء الارنبة.     [ منه ( قدّس سرّه ) ].
    أقول : قال في تاج العروس 6/112 : الذَلَف محركة : صغر الانف واستواء الارنبة كما في الصحاح أو صغره في دقة كما قال ابن دريد ، أو غلظ واستواء في طرفه ، كما قاله الليث .. إلى أن قال : والذلفاء من أسمائهن.
1 ـ لا يوجد في الكافي المطبوع : يا أباه.


(338)
    وقال : يقول لك رسول الله (ص) : « زوّج جويبراً ابنتك الذلفاء » قالت : لا والله ، ما كان جويبر ليكذب على رسول الله (ص) بحضرته ، فابعث رسولاً [ الآن ] يردّ إليك جويبراً.
    فبعث [ زياد ] رسولاً فلحق جويبراً ، فقال له زياد : يا جويبر ! مرحباً بك. اطمئنّ حتى أعود اليك.
    ثم انطلق زياد إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم فقال له : بأبي أنت وأمي ، [ إنّ ] جويبراً أتاني برسالتك. فقال : إنّ رسول الله (ص) يقول : « زوّج جويبراً ابنتك الذلفاء » ، فلم أُلن * له في القول. ورأيت لقاءك ، ونحن لا نزوّج إلاّ أكفاء [ نا ] من الانصار. فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم : « يا زياد ! جويبر مؤمن ، والمؤمن كفو المؤمنة ، والمسلم كفو المسلمة. فزوّجه ـ يا زياد ! ـ ولا ترغب عنه ». قال : فرجع زياد إلى منزله ، ودخل على ابنته ، فقال لها ما سمعه من رسول الله (ص) فقالت له : إنّك إن عصيت رسول الله (ص) كفرت .. فزوّج جويبراً.
    فخرج زياد ، فأخذ بيد جويبر ، ثم أخرجه إلى قومه ، فزوّجه على سنّة الله وسنة رسول الله (ص) وضمن صداقه.
    قال : فجهّزها زياد وهيّأها ، ثمّ أرسلوا إلى جويبر ، فقالوا [ له ] : ألك منزل فنسوقها إليك ؟. فقال : والله ! ما لي من منزل. قال : فهيؤها ، وهيّئوا لها منزلاً ، وهيئوا لها فيه فراشاً ومتاعاً ، وكسوا جويبراً ثوبين. واُدخلت الذلفاء في بيتها ، واُدخل جويبر عليها معتماً. فلمّا نظر إليها ، رآها في بيت (1) ومتاع وريح طيّبة ،
* ـ [ ألن ] من لانَ ، كما في قوله تعالى : ( وقولا له قولاً ليّناً ) [ سورة طه ( 20 ) : 44 ].     [ منه ( قدّس سرّه ) ].
1 ـ في المصدر : فلما رآها نظر إلى بيت ..


(339)
قام إلى زاوية البيت ، فلم يزل تالياً للقرآن راكعاً وساجداً حتّى طلع الفجر ، فلمّا سمع النداء ، خرج وخرجت زوجته إلى الصلاة ، فتوضأت وصلّت الصبح ، فسُئلت : هل مسّكِ ؟ فقالت : ما زال تالياً للقرآن ، وراكعاً وساجداً ، حتى سمع النداء فخرج.
    فلمّا كانت الليلة الثانية ، فعل مثل ذلك. وأخفوا ذلك من زياد. فلمّا كان اليوم الثالث ، فعل مثل ذلك ، فأخبر بذلك أبوها.
    فانطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم فقال له : بأبي أنت وأميّ يا رسول الله أمرتني بتزويج جويبر. ولا والله ! ما كان من مناكحنا. ولكن طاعتك أوجبت [ علىّ ] تزويجه. فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلّم : « فما الذي أنكرتم منه ؟ ». قال : إنّا هيأنا له بيتاً ومتاعاً ، وادخلت بنتي البيت ، وادخل معها معتّماً ، فما كلّمها ولا نظر إليها ، ولا دنا منها. بل قام إلى زاوية البيت فلم يزل تالياً للقرآن راكعاً وساجداً ، حتى سمع النداء. فخرج وفعل مثل ذلك في الليلة الثانية. ومثل ذلك في الليلة الثالثة. ولم يدن منها ، ولم يكلّمها إلى أن جئتك. وما نراه يريد النساء ، فانظر في أمرنا.
    فانصرف زياد ، وبعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم إلى جويبر فقال له : « أما تقرب النساء ؟ » ، فقال له جويبر : أوما أنا بفحل * ؟! بلى يا رسول الله (ص) وإني لشبق بهنّ (1). فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم : « قد أخبرت بخلاف ما وصفت به نفسك ، قد ذكروا لي أنهم هيئوا لك بيتاً وفراشاً
* ـ استفهام للإنكار. والشبق : شديد الشهوة للنساء.     [ منه ( قدّس سرّه ) ].
    أقول : قال في تاج العروس 6/390 ما ملخصه : شَبِق كفرح شبقاً : اشتدت غلمته كما في الصحاح ، والمراد بشدة الغلمة طلب النكاح والمرأة كذلك.
1 ـ في الكافي : نهم ، بدل من : بهنّ.


(340)
ومتاعاً ، واُدخلت عليك فتاة حسناء عطرة. وأنت (1) معتمّ ، فلم تنظر إليها ، ولم تكلّمها ، ولم تدن منها .. فما دهاك إذاً ؟! » ، فقال له جويبر : يا رسول الله ! أُدخلت بيتاً واسعاً ، ورأيت فراشاً ومتاعاً ، وفتاة حسناء عطرة ، وذكرتُ حالتي التي كنت عليها ، وغربتي ، وحاجتي ، [ و ] وضيعتي ، وسكوني مع الغرباء والمساكين. فأحببت إذ أولاني الله نعمة ذلك أن أشكره على ما أعطاني ، وأتقرّب إليه بحقيقة الشكر. فنهضت إلى جانب البيت ، فلم أزل في صلاتي تالياً للقرآن ، راكعاً وساجداً شكراً لله تعالى. حتى سمعت النداء فخرجت ، فلمّا أصبحت رأيت أن أصوم ذلك اليوم. ففعلت ذلك ثلاثة أيام ولياليها. ورأيت ذلك في جنب ما أعطاني الله يسيراً ، ولكني سأرضيها وأرضيهم الليلة إن شاء الله تعالى.
    فأرسل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم إلى زياد فلقاه فأعلمه ما قال جويبر ، فطابت أنفسهم. قال : ووفى لهم جويبر بما قال ..
    ثم إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم خرج في غزوة له ـ ومعه جويبر ـ فاستشهد رحمه الله ، فما كان في الأنصار ، أيم أنفق منها بعد جويبر.
    وإلى هذا الخبر أشار المولى الوحيد رحمه الله بقوله في التعليقة (2) إنّه : يظهر من كتب الاخبار جلالته ، مثل ما روي فيه في كتاب النكاح. انتهى.
    وما في بعض نسخ الرواية ، من إبدال جويبر : بـ : جويرة ، وجوير ، من سهو الناسخ (*).
1 ـ في المصدر : واتيت.
2 ـ التعليقة المطبوعة على هامش منهج المقال : 89 الطبعة الحجرية [ الطبعة المحققة 3/271 برقم ( 388 ) ].
(*)
حصيلة البحث
    إن المعنون من الصحابة الثقات الاعاظم ، فعليه رحمة الله سبحانه ورضوانه.


(341)
    الضبط :
    جُوَيْن : بالجيم المضمومة ، والواو المفتوحة ، والياء المثنّاة من تحت الساكنة ، والنون (1).
    [ الترجمة : ]
    وقد عدّه الشيخ رحمه الله بالعنوان المذكور في رجاله (2) من أصحاب الحسين عليه السلام.
    وهو جوين بن مالك بن قيس بن ثعلبة التميمي.
    وقد ذكر أهل السير (3) أنّ له ذكراً في المغازي والحروب ، وكان نازلاً في بني تميم ، وكان من الشيعة ، وخرج مع من خرج إلى حرب الحسين عليه السلام ، فلمّا رأى أنّ ابن زياد لم يقبل شروط الحسين عليه السلام ، وطلبه للرجوع .. مال مع من مال من عشيرته ليلاً ، ورحلوا إلى نصرته عليه السلام ، واستشهدوا بين يديه رضي الله عنهم.
(o)
مصادر الترجمة
    رجال الشيخ : 72 برقم 4 ، نقد الرجال : 77 برقم 1 [ الطبعة المحقّقة 1/377 برقم ( 1078 ) ] ، مجمع الرجال 2/65 ، منهج المقال : 89 [ الطبعة المحقّقة 3/273 برقم ( 1169 ) ] ، منتهى المقال : 84 في الهامش [ ولم ترد في الطبعة المحقّقة ! ] ، إبصار العين في أنصار الحسين عليه السلام : 113 ، جامع الرواة 1/170.
1 ـ انظر ضبطه في توضيح المشتبه 2/555.
2 ـ رجال الشيخ : 72 برقم 4.
3 ـ ذكر ذلك في إبصار العين : 113.


(342)
    وقد زاد ( جوين ) هذا شرفاً على شرف ، بتسليم الحجة عجل الله تعالى فرجه عليه في زيارة الناحية المقدسة (1) (*).

    [ الترجمة : ]
    عدّ (2) من الصحابة ، وهو الذي ذهب بنعي النبي صلى الله عليه وآله وسلّم إلى حضرموت. وله يقول امرؤ القيس بن عابس :
شمّت البغايا يوم أعلن جهبل بنعي أحمد النبي المهتدي
    وكان جهبل هذا يسكن هو وأهل بيته حضرموت.
    ولم أتحقّق حاله.
1 ـ المروية في بحار الأنوار 45/72 ، وفيها : « حوى بن مالك الضبيعي » ، ولكن في الجزء 21/84 طبعة كمپاني وفي الطبعة الحروفية 101/273 : في الزيارة المأثورة للشهداء ، قال : « السلام على جوين بن مالك الضبيعي » ، وفي صفحة : 341 في زيارة أوّل رجب والنصف من شعبان ، قال : « السلام على جوير بن مالك » ، وفي إبصار العين : 113 ، قال : جوين بن مالك بن قيس بن ثعلبة التيمي.
    والظاهر أنّ الصحيح ما في العنوان.
(*)
حصيلة البحث
    إنّ شهادته بين يدي ريحانة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم لأدّل دليل على حسن خاتمته ، وإنه بمنزلة الثقات الأبرار ، حشرنا الله تعالى في زمرته ، وتحت لواء سيده سيد الشهداء أرواحنا فداه.
2 ـ عدّه في اُسد الغابة 1/308 ، وتجريد أسماء الصحابة 1/92 برقم 867 وغيرهما من الصحابة.


(343)
    [ الضبط : ]
    وجَهْبَل : بالجيم المفتوحة ، والهاء الساكنة ، والباء المفتوحة ، واللام (1).
    وبنو الجلاّح ، بطن من كلب بن وبرة (*).

    الضبط :
    جَهْجاه : بفتح الجيم ، وسكون الهاء ، وفتح الجيم الثاني ، بعدها ألف ، وهاء (2).
    وقد مرّ (3) ضبط الغفاري في ترجمة : إبراهيم بن ضمرة.
    الترجمة :
    عدّه الشيخ رحمه الله في رجاله (4) ـ بالعنوان المذكور ـ من أصحاب
1 ـ قال في تاج العروس 7/368 ـ 369 : الجَهْبَل كجعفر أهمله الجوهري ، وقال غيره : هو العظيم الرأس أو المسن أو العظيم الرأس من الوعول.
(*)
حصيلة البحث
    لم أقف في المعاجم الرجالية على ما يتضح منه حاله ، فهو مجهول الحال.
(o)
مصادر الترجمة
    رجال الشيخ : 14 برقم 31 ، توضيح الاشتباه : 101 برقم 420 ، الاستيعاب 1/97 برقم 357 ، اُسد الغابة 1/309 ، الكامل لابن الأثير 3/403 ، الإصابة 1/254 برقم 1245 ، تاريخ الطبري 4/366 ، تاج العروس 9/385.
2 ـ ذكره في تاج العروس 9/385 ، وقال : وجهجاه الغفاري هو ابن قيس ، وقيل : ابن سعيد ، صحابي مدني ، روى عنه عطاء وسليمان ابنا يسار وشهد بيعة الرضوان .. إلى آخر ما قال : فراجع.
3 ـ في صفحة : 89 من المجلد الرابع.
4 ـ رجال الشيخ رحمه الله : 14 برقم 31.


(344)
الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم ، ثم قال : سكن المدينة. انتهى.
    وقد عدّه ابن عبد البر (1) ، وابن منده ، وأبو نعيم ، أيضاً من الصحابة.
    ولكن في اُسد الغابة (2) أنّه : ابن قيس. وقيل : ابن سعيد.
    وينافي قول الشيخ رحمه الله إنّه : سكن المدينة ، قول ابن الأثير إنّه : من أهل المدينة.
    فإنّ من كان من أهل بلدة لا يقال : إنّه سكنها.
    وعلى كلّ حال ؛ ففي اُسد الغابة : إنّه شهد مع النبي صلى الله عليه وآله وسلّم بيعة الرضوان ، وشهد غزوة المريسيع إلى بني المصطلق من خزاعة.
    وفي توضيح الاشتباه (3) : أنّه ممن خرج على عثمان.
    وفي بعض كتب السير (4) : أنّه أخذ العصا من يد عثمان ـ وهو يخطب ـ
1 ـ في الاستيعاب 1/97 برقم 357 ، قال : جهجاه الغفاري مدني ، وهو جهجاه بن مسعود ، ويقال : ابن سعيـد بن سعد بن حرام بن غفار ، يقال : إنه شهد بيعة الرضوان تحت الشجرة.
2 ـ اُسد الغابة 1/309.
    أقول : قال ابن الأثير في الكامل 3/403 في حوادث سنة 40 من الهجرة : وفي أوّل خلافة علي عليه السلام مات الجهجاه الغفاري ، له صحبة.
    أقول : وذلك أنّ أول بيعته سلام الله عليه كانت أواخر سنة خمس وثلاثين فيكون وفاة الجهجاه في أوائل سنة ست وثلاثين. وقال في اُسد الغابة 1/309 إنه : توفي بعد قتل عثمان بسنة ، وفي الإصابة 1/254 برقم 1245 ، قال : إنه مات بعد عثمان بأقل من سنة ، وفي الاستيعاب 1/97 برقم 357 ، قال : مات بعد عثمان بيسير.
3 ـ توضيح الاشتباه : 101 برقم 420.
4 ـ في اُسد الغابة 1/309 ، قال : جهجاه بن قيس ، وقيل : ابن سعيد بن سعد بن حرام بن


(345)
فكسرها (*).

    [ الضبط : ]
    [ جَهْدَمَة ] بالجيم ، والهاء ، والدال المهملة ، والميم ، والهاء (1).
غفار الغفاري ، وهو من أهل المدينة ، روى عنه عطاء وسليمان ابنا يسار ، وشهد مع النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلّم بيعة الرضوان ، وشهد غزوة المريسيع إلى بني المصطلق من خزاعة .. إلى أن قال : قال أبو عمر : وهو الذي تناول العصا من يد عثمان وهو يخطب فكسرها يومئذ ، فأخذته الآكلة في ركبته ، وكانت عصا رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلّم ، وتوفي بعد قتل عثمان بسنة.
    وفي الإصابة 1/254 برقم 1245 ، قال : قدم جهجاه الغفاري إلى عثمان ـ وهو على المنبر ـ فأخذ عصاه فكسرها فما حال على جهجاه الحول حتى أرسل الله في يده الآكلة فمات.
    وقال الطبري في تاريخه 4/366 ، بسنده : .. قال : أنا انظر إلى عثمان يخطب على عصا النبي صلى الله عليه وآله وسلّم التي كان يخطب عليها أبو بكر وعمر .. فقال له جهجاه : قم ـ يا نعثل ـ ! فأنزل عن هذا المنبر .. وأخذ العصا فكسرها على ركبته اليمنى ، فدخلت شظية منها فيها ، فبقي الجرح حتى أصابته الآكلة ، فرأيتها تدّود ، فنزل عثمان وحملوه ، وأمر بالعصا فشدوّها ، فكانت مُضبّبة ، فما خرج بعد ذلك اليوم ، إلاّ خرجة أو خرجتين حتى حصر فقتل ، وبسنده : .. عن نافع أنّ جهجاهاً الغفاري أخذ عصاً كانت في يد عثمان فكسرها على ركبته ، فرمى في ذلك المكان بآكلة.
    وانظر أيضاً تاج العروس 9/385.
(*)
حصيلة البحث
    بعد التأملّ فيما قيل في المعنون لم تحصل لي قناعة بحسنه أو ضعفه ، فهو عندي غير معلوم الحال.
1 ـ جَهْدَمَة من أسماء الرجال والنساء ، قال في تاج العروس 8/235 : جَهْدَمة أهمله
تنقيح المقال الجزء السادس عشر ::: فهرس