عبقـرية مبكـرة لأطفالنا ::: 196 ـ 210
(196)
شعره ويلبس ( التنورة ) ويضع على رقبته قلادة وكأنه أنثى لا تميزه إلا إذا اقتربت منه. وأصبحت المرأة تقلد الرجل في كل شيء. ومن الشيء المضحك أني رأيت في بريطانيا عند زيارة لها أكثر من امرأة قد صلعت وأصبح رأسها خالياً من الشعر بحيث فاق الربع الخالي في بلدنا!
    لذلك استحق هؤلاء وأمثالهم اللعن! فقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « لعن الله المتشبهات بالرجال من النساء ولعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء » (1).
    وهذا التشبه يجب أن يلاحظ منذ الصغر وأن يزال قبل أن يستفحل ويكون وبالاً عضالاً لا يمكن استئصاله إلا بالأمر الشديد ، بحيث إن هذه أصبحت دعوى من تربى في الإباحية المطلقة فهذا ( فاسيلكتشنكو 1983 ) عندما يتحدث عن التربية الجنسية السليمة ، فيقول : « يجب أن يعرف الأطفال بالفروق الجنسية ، وبالمناسبة عادة ما تجري الألعاب الأساسية قبل سن المدرسة ( رجال الفضاء والأدوات الميكانيكية وادوات النساء وغيرها ) بدون اعتبار لجنس الطفل ، بينما يفضلون في سن المدرسة للصبيان الألعاب المذكرة وللبنات الألعاب المؤنثة ، وإن أية تجليات للأنوثة عند الصبيان تقمع بشدة ».
    النقطة الثالثة : عدم إيقاظ الحس الجنسي المبكر عند الاطفال وذلك بمنعهم من المشاهد التي لا يصح الاطلاع عليها سواء كان ذلك عبر التلفاز ، أو أن يشاهد والديه بحالة خاصة ، أو أن يستمع إلى القصص الجنسية إذا حضر في مجلس عام ، أو غير ذلك ، فإن الطفل يدرك كل شيء ويحفظ كل ما يسمع وإن تظاهر بعدم المعرفة بما يقال أو ما يقصد.
1 ـ الوسائل : ج 2 ، ص 346.

(197)
    « سأل أحمد بن النعمان ابا عبدالله عليه السلام عن جارية ليس بيني وبينها محرم تغشاني فأحملها وأقبلها ؟ فقال : إذا أتى عليها ست سنين فلا تضعها على حجـرك » (1).
    وفي رواية أخرى قال أبوعبدالله عليه السلام : « إذا بلغت الجارية ست سنين فلا يقبلها الغلام والغلام لا يقبل المرأة إذا جاز سبع سنين » (2).
    ولا بأس بأن نذكر ما أوردته مؤسسة أمريكية مهتمة بحماية الاطفال والمراهقين عن الأعراض التي تلاحظ على الطفل عند تعرضه للاغتصاب أو غيره وهي :
    1 ـ معرفة الولد بالأمور الجنسية الغريبة والحديث عن الامور الجنسية حديث العارف الضليع بها.
    أقول : وهذا الأمر قد لا يكون جلياً في مناطقنا التي ما زلت سلطة الأب واحترام الكبير ، والأعراف موجودة فيكون شأنها أن يخبئ العارف بها عن الآخرين لا سيما مع وجود الطبقات ، وقد يكون منشأ معرفة الولد أو المراهق هذه الأمور بسبب مشاهدته للأفلام الجنسية أو القراءة عنها.
    2 ـ التقيؤ بدون سبب مرضي واضح.
    3 ـ حب العزلة والابتعاد عن معاشرة الأصدقاء والناس.
    4 ـ الخجل أمام الآخرين بشكل واضح.
    5 ـ الشعور بألم في الرأس والمعدة.
1 ـ الوسائل : ج 20 ، ص 229.
2 ـ الطفل حتى ثلاث سنوات : ص 170.


(198)
    6 ـ إظهار الميل إلى الانتحار.
    7 ـ فقدان الشهية.
    8 ـ وجود بقع من الدم أو مواد غريبة على ثيابه الداخلية.
    9 ـ حصول كوابيس متكررة له.
    10 ـ ظهور التهابات على فمه أو لثته.
    11 ـ حصوله على هدايا لا مبرر لها.
    12 ـ توفر نقود كثيرة لديه.
    13 ـ مطالعة المجلات الجنسية الخليعة.
    وتنصح المؤسسة بمراقبة الأولاد عن كثب ومن غير توجيه إحراج إلى الطفل بعده أمور :
    1 ـ معرفة أصدقاء الولد.
    2 ـ عدم ترك الطفل بدون مراقبة.
    3 ـ الاشتراك في نشاطات الولد.
    4 ـ الاستماع إلى ما يقوله الولد عما يرغب في أن يكون عليه في المستقبل.
    5 ـ الانتباه وأخذ الحذر عندما يظهر شخص غريب اهتماماً خاصاً بالولد أو البنت.
    6 ـ الانتباه إلى أي تغير يحصل في سلوك أو تفكير الولد.
    7 ـ إخبار المدرسة التي يرتادها الولد بأن تخبر الأهل عندما يغيب الولد عن المدرسة وذلك في نفس يوم غيابه.


(199)


(200)

(201)
    إن مسيرة الحياة مليئة بالمتضادات والمصالح المتناقضة بين أفراد البشرية ، ومن شأن ذلك إيجاد فئة من الناس تحاول أن تهبط عزائم الآخرين وتولد لديها حالة العجز واليأس والفشل حتى لا تتقدم عليها في حياتها ؛ فأي إنسان لا توجد لديه القدرة الذاتية للثبات والوقوف ضد التيار المعادي أو المخالف ، فإنه يسقط صريعاً أو ينزوي بعيداً عن التيار مما يؤدي إلى فشله في الحياة.
    أما كيفية إيجاد هذه القدرة الذاتية لدى الطفل فبعدة نقاط يلزم إيجادها في برنامج التربية للطفل وهي كالتالي :
    النقطة الأولى : خلق منافسة بين الأطفال مع بعضهم البعض.
    إن إيجاد منافسة أو مسابقة بين الأطفال على أمر معين أو الحصول على شيء ما يولد في الطفل رغبة التفوق على أقرانه ومن في سنه ، وهذه الحالة تنمي فيه أن هناك أناساً يريدون الحصول على ما يريده هو ، فلابد أن يجد من أجل ذلك ، وهذه المثابرة هي المطلوبة في هذه المرحلة فيتعلم أنه لا يمكن أن يحصل على شيء من غير سعي ومثابرة وجهد بكل الوسائل.
    النقطة الثانية : دعه يتغلب عليك في بعض الأمور.
    لكي يثق الطفل بقدرته وأنه قادر على تحقيق الأمور التي لا يقدر عليها كل من هو في سنه يجب على الوالدين في أثناء اللعب مع طفلهم التظاهر بالغلبة أو الانهزام أمامه حتى يشعر الطفل بالسعادة والقوة. فهذا الشيء العظيم الذي يراه ( الوالدين ) وقوتهما الجبارة قد انتصر وحقق فوزاً عظيماً عليهما. وأثر ذلك أن الطفل إذا أراد أن يفعل شيئاً كبيراً بالنسبة لمستوى سنه


(202)
وجاء أصدقاؤه وثبطوا عزيمته عن المضي لأن هذا الشيء كبير لا يمكن له أن يحققه لا يعبأ بهم ؛ لأنه في الميدان قد أتى بإنجازات من هذا القبيل فيبقى مواصلاً طريقه نحو هدفه.
    النقطة الثالثة : اذكر له قصصاً تقوي عزيمته.
    إن من أروع الامور التي تشكل ذهن الطفل هي القصص التي تسلب لبه وتأخذ عقله ، وتؤثر في تفكيره فيجب على الوالدين أن يكثرا من ذكر القصص التي فيها تحد ومقاومة والفوز في النهاية ، وليركزا في أثناء ذكر القصص على الامور التي يجب أن تبقى في ذهنه وأن يحذر من سماع كلام الضعفاء حتى لو كانوا أصدقاء ـ أي أصدقائه ـ وأن ينبه على تأثيرهم عليه وتضعيف عزمه بقولهم إنك لا تستطيع أن تفعل هذا وهذا الشيء أقوى منك وأنت ضعيف ، بل عليه أن يتحداهم ويقول لهم : إني أستطيع أن أفعله.
    فهذا الأمر خليق أن يعزز روحية المقاومة والإصرار على الاستمرار فيه. وكذا يلزم ذكر قصص الابطال فيها انهزموا مرة أو مرتين أو أكثر قبل التوصل إلى أهدافهم ورغباتهم. ومن شأن ذلك أن يربي في نفسه أن الهزيمة الأولى أو الثانية لا تعني الفشل والهزيمة باستمرار.
    النقطة الرابعة : لا تعطيه شيئاً فوق طاقته.
    من الضروري عندما نحس بتفوق الطفل أو إصراره على المضي في أمر ما أن نعطيه أشياء فوق طاقته ونقول له : إن كنت بطلاً ـ كما تقول ـ افعل هذا ؛ فإنه من آثار ذلك تضعيف ثقته بنفسه وإحساسه بالإحباط. نعم ، يلزم أن يعلم الطفل أنه لا يستطيع أن يفعل كل شيء ، وذلك لا لأنه لا يستطيع بل لأنه صغير مثلاً أو أن ذلك الشيء غير ممكن أصلاً وهكذا ؛ فعند ذلك يعرف أن العجز ليس في ذاته.


(203)
    النقطة الخامسة : علمه أن هناك أموراً يجب أن لا يتأثر بها.
    يلزم على الوالدين أن يخبرا ولدهما أن هنالك أشخاصاً لا يحبون أن يروا الغير متفوقاً عليهم ، أو أنه أفضل منهم وهؤلاء الناس قد يكونون من أصحابنا وزملائنا ، وهم يحاولون أن يهبطوا عزائمنا وقراراتنا يجب أن لا نسمع لهم ونمضي في طريقنا ، ونحو ذلك من الأمور التي يجب أن يطلع عليها حتى لا يصدم وتكون لديه حالة عكسية أو انزواء.


(204)

(205)


(206)

(207)
    الأسلوب الأول : القصة ودورها التربوي
    لاشك أن القصة من الفنون القديمة التي استخدمت على مر العصور لأغراض كثيرة وكان لها وقعها الكبير على المستمع بحيث صارت تشكل جزءاً مهماً من الثقافة لكل مجتمع وكل أمة ، بل إن دراسة التاريخ والراغبين في تحقيق معرفة دقيقة عن حقبة من الزمن فإنهم يدرسون القصص التي قيلت وألفت في ذلك الزمان ، وذلك لأنها تحكي عن واقع أو عن طريقة تفكير حتى في مسألة الخيال والتخيل فإنها تعكس نوعاً من الثقافة التي يعيشها أي مجتمع. وإذا كان هذا حال القصة فإنها تكون وسيلة كبيرة في تثقيف أي مجتمع أو أي شخص بالأفكار. بل لا نعدوا الصواب لو قلنا إنها من الوسائل الأول التي تستخدم في عملية التعليم سواء كان المراد تعليم الإنسان الكبير أم الطفل الصغير. وهذا واضح بالوجدان لكل إنسان منا.
    ويمكننا أن نتناول أهمية القصة في دورها التربوي من عدة زوايا :

    الزاوية الأولى : القصص ودورها التعليمي.
    لا يختلف اثنان في أن الطفل الصغير الذي لم يتعود أسلوب المعرفة العلمي أو تلقي العلوم بالطريقة العلمية البحتة من إثباتها بالبراهين والاستدلالات أنه ينفر من هذه الأساليب أشد النفور ، بل لا يمكن فرضها عليه بأي وجه من الوجوه ؛ لأنها لا تنفعه بأي صورة كانت. وهذا الجانب يقابله جانب آخر في التعليم له أثر كبير عليه ووقع عظيم على نفسيته وعلى


(208)
شعوره في مرحلة الوعي ، ولا وعي حيث يكون تخزين المعلومات من غير الالتفات إليها ، هذا الجانب هو القصص ، حيث يجد الطفل شغفه وراحته في الاستماع إلى هذه القصص التي تحكيها له جدته أو أمه أو أي قريب ومحيط له ؛ فما أن يشعر الطفل الصغير بأن أحد أقاربه يريد أن يحكي قصة أو أحدوثة إلا وترك لعبه وأطرق صامتاً محيطاً بمن يقص عليه مسلماً له كل شعوره وإحساسه ووجدانه ، ينتظر منه أن يتلفظ بأول كلمة ليسبح معها في أحداث القصة وما يجري فيها على الأبطال ، وتجده متفاعلاً تفاعلاً كبيراً مع القصة وأحداثها. هذه الحالة هي جانب من جوانب التعليم للطفل لذا يجب أن يستفاد منها بالشكل المطلوب.
    ذكر الدكتور نجيب الكيلاني في كتابة ( أدب الأطفال في ضوء الإسلام ) ما هذا نصه : أدب الأطفال مهم جداً في هذا المجال لأنه يؤثر بطريقة مباشرة وغير مباشرة في عقل الطفل ووجدانه » ص 21.
    واذا كان أسلوب القصة له أثر كبير على طريقة تفكير عقل الطفل كان لازماً على المربين الاهتمام بهذا الجانب لا سيما أنه أول مدرسة يتعلم فيها الطفل.

    الزاوية الثانية : القصة ودورها في بناء المستقبل.
    قبل أن نتكلم في كيفية بناء القصة للمستقبل يجب علينا أن نطرح سؤلاً : ما هو المستقبل ؟ وكيف يقرأ ؟
    المستقبل هو ذلك الزمان الذي سيقع بعد وما يتخلله من أحداث واقعة فيه وفي حيزه ، والنظرة المستقبلية أو القراءة للمستقبل تكون من خلال التأملات لما يحدث فيما بعد وذلك بقراءة الحاضر. وقراءته تكون بملاحظة التكوين العقلي للأمة وللأفراد. وهذا التكوين هو عبارة عن


(209)
مجموعة التحليلات التي يحللها الفرد للمواقف التي تجري له بواسطة المدركات التي يختزنها في عقله سواء كانت تحت نطاق الشعور أو اللاشعور.
    فإذا تقرر ذلك نقول :
    حيث إن القصة لها أهداف محددة تقصدها وأفكار معينة تريدها وهي تخاطب اللاشعور في الإنسان وتحاكي وجدانه من حيث شعر بذلك أم لم يشعر فإنها تخزن في عقله الأفكار. والطفل الصغير الذي لم يميز بعد كيف يميز بين الحق والباطل أو بين الصواب والخطأ لا يوجد عنده من الفكر إلا ما يلقى إليه ، وقد تأثر ذهنه بالقصص التي يسمعها أو يحفظها والتي أثرت فيه تكون هي راسمة له في المستقبل لحياته. ولا تستغرب من هذا حيث إن عظماء في التاريخ غيروا مجرى التاريخ بسبب قصة سمعوها في صغرهم ، ومن هؤلاء عمر بن عبدالعزيز حيث إنه هو الذي رفع سب الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام ، والذي دام أكثر من سبعين سنة بسبب قصة وقعت له في صغره. وذلك أنه كان طفلاً صغيراً يلعب وهو في طريقه إلى المسجد لكي يتعلم ، وكعادة ذلك الزمان أخذ يشتم علياً فمر عليه أستاذه وسمعه. فلما جاء عمر بن عبدالعزيز لكي يدرس رأى أستاذه متشاغلاً عنه وعن تدريسه وفي اليوم الثاني استعلم من أستاذه عن السر الذي جعله لا يعطيه درساً بالأمس. فأجابه الأستاذ أنه هل يجوز سب أهل بدر ؟
    فأجاب : لا يجوز. فقال له وكيف إذاً شتمت عليا ؟ فقال عمر بن عبد العزيز : أو علي من أهل بدر ؟
    فأجابه الأستاذ : بنعم. وأخذ يقص له دور علي في معركة بدر.
    بعد هذه القصة قرر عمر بن العزيز أنه إذا تولى الحكم أن يرفع سب علي من على المنابر ، وقد فعل. وكان ذلك وهو لا يتجاوز العاشرة من عمره. هذه قصة.


(210)
    وقصة أخرى للفيلسوف والفقيه والشهيد السيد محمد باقر الصدر حيث سأله أحد : كيف صرت هكذا ( عالماً كبيراً .. ألخ ) ؟
    فقال : كنت صغيراً في الكاظمية في بغداد وكان هناك خطيب دائماً يتكلم عن قصص المسلمين الأوائل وبطولاتهم وأمجادهم ، فقررت أن أعيد ذلك المجد وأن نكون مثلهم.
    فصار ذلك الولد الصغير عالماً كبيراً. كل ذلك بسبب قصة أو حادثة وقعت له في صغره فشكل مرتكزاً فكرياً في عالم اللاشعور فصار يتحرك نحو هذا النداء الذي يقوده إلى التقدم والرقي. وهناك قصص بالعكس يذكرها التاريخ.
    ومما يثبت صحة ما ذكرناه أن علماء النفس والتربية يحذروننا من مشاهدة الأفلام المرعبة للأطفال لأنها تأثر على شخصيتهم وكذلك الأفلام الإجرامية أو الجنسية أو كل فلم ومشهد له تاثير سلبي على ذهن الطفل ، بل قد يتعدى الحال إلى أن تتحول حياة الطفل إلى حالة مرضية من خلال الكوابيس والأحلام المرعبة التي يراها من جراء سماعه قصص الجن أو قصص مخيفة وما كان له أثر لولا أنها تتفاعل مع اللاشعور لهذا الطفل الصغير ، فتشكل له نظرة مستقبلية.

    الزاوية الثالثة : القصة ودورها التربوي العقائدي والثقافي.
    لا يخفى أثر القصة على نفسية المستمع سواء كان صغيراً أو كبيراً كما قلنا سابقاً ، ولذلك اعتمد المربون في استخدامها كوسيلة في بث الفكر العقائدي والمبدئي ؛ وذلك لأن الهدف التربوي ـ كما عليه علماء الاجتماع ـ يقوم على أساسين :
عبقـرية مبكـرة لأطفالنا ::: فهرس