ادب الطف الجزء الاول ::: 121 ـ 135
(121)
كله انهما يسملان اعينكم ويقطعان أيديكم وأرجلكم ويمثلان بكم ويرفعانكم على جذوع النخل ، ويقتلان أماثلكم وقرائكم امثال حجر ابن عدي واصحابه ، وهاني بن عروة واشباهه ، ( قال ) فسبوه واثنوا على عبيد الله وابيه وقالوا والله لا نبرح حتى نقتل صاحبك ومن معه أو نبعث به وبأصحابه إلى الامير ( فقال ) لهم زهير : عباد الله إنّ ولد فاطمة (ع) احق بالود والنصر من ابي سمية ، فان لم تنصرهم فاعيذكم بالله ان تقتلوهم ، فخلوا بين هذا الرجل وبين يزيد ، فلعمري إنه ليرضى من طاعتكم بدون قتل الحسين عليه السلام ( قال ) فرماه الشمر بسهم ، وقال له اسكت اسكت : الله نامتك (1) فقد أبرمتنا (2) بكثرة كلامك ، فقال زهير يابن البوال على عقبيه ، ما اياك اخاطب ، إنما أنت بهيمة ، والله ما اظنك تحكم من كتاب الله آيتين ، فابشر بالخزي يوم القيامة والعذاب الاليم.
    فقال له شمر : إن الله قاتلك وصاحبك عن ساعة ، قال زهير : افبالموت تخوفني ، والله للموت معه احب اليّ من الخلد معكم ( قال ) ثم اقبل على الناس رافعاً صوته وصاح بهم ، عباد الله لا يغرنكم عن دينكم هذا الجلف الجافي واشباهه ، فوالله لا تنال شفاعة محمد (ص) قوم أهرقوا دماء ذريته واهل بيته ، وقتلوا من نصرهم وذب عن حريمهم ( قال ) فناداه رجل من خلفه : يا زهير إنّ ابا عبدالله (ع) يقول لك اقبل فلعمري لئن كان مؤمن آل فرعون نصح لقومه وأبلغ في الدعاء لقد نصحت لهؤلاء وابلغتَ ، لو نفع النصح والابلاغ ، فذهب اليهم.
    ( وروى ) ابو مخنف عن حميد بن مسلم قال حمل شمر حتى طعن
1 ـ النأمة بالهمزة والنأمة بالتشديد الصوت ، يقال ذلك كناية عن الموت وهو دعاء عند العرب مشهور.
2 ـ ابرمتنا : اضجرتنا.


(122)
فسطاط الحسين عليه السلام برمحه وقال : عليّ بالنار حتى احرق هذا البيت على اهله ، فصاحت النساء ، وخرجت من الفسطاط ، فصاح الحسين (ع) يابن ذي الجوشن ، أنت تدعو بالنار لتحرق بيتي على اهلي ، احرقك الله بالنار وحمل ، وحمل زهير بن القين في عشرة من اصحابه ، فشد على شمر و اصحابه ، فكشفهم عن البيوت حتى ارتفعوا عنها ، وقتل زهير ابا عزة الضبابي من اصحاب شمر وذوي قرباه ، وتبع اصحابه الباقين فتعطف الناس عليهم فكثروهم وقتلوا اكثرهم وسلم زهير ، ( قال ) ابو مخنف واستمر القتال بعد قتل حبيب فقاتل زهير والحر قتالا شديداً فكان اذا شد احدهما واستلحم ، شد الآخر فخلصه : فقتل الحر ، ثم صلى الحسين عليه السلام صلوة الخوف ولما فرغ منها ، تقدم زهير فجعل يقاتل قتالا لم يُر مثله ، ولم يسمع بشبهه واخذ يحمل على القوم فيقول :
انا زهير وانا ابن القين أذودكم بالسيف عن حسين
    ثم رجع فوقف امام الحسين (ع) وقال له :
فدتك نفسي هادياً مهديا وحسناً والمرتضى عليا اليوم القـى جدك النبـيا وذا الجناحين الشهيد الحيا
    فكأنه ودعه ، وعاد يقاتل ، فشد عليه كثير بن عبدالله الشعبي ومهاجر بن اوس التميمي فقتلاه ، ( وقال ) السروي في المناقب لما صرع ، وقف عليه الحسين (ع) فقال : لايبعدنك الله يا زهير ، ولعن الله قاتليك لعن الذين مسخوا قردة وخنازيرا.


(123)
    16 ـ عامر بن يزيد بن ثبيط العبدي البصري :
يافـرو قومـي فاندبـي وابكي الشـهـيد بعبرة وارث الحسين مع التفجُّع قتلوا الحـرامَ من الأئمة وأبكـي يزيد مجـدلا مـتزمليـن دمـاؤهم يا لـهف نفـسي لم تفز خير البـرية في القبور من فيض دمع ذي درور والتـأوه والـزفـير في الحـرام من الشـهور وأبـنيه في حرِّ الهجـير تجـري على لبب النحور معـهم بجـنـاتٍ وحـور


(124)
    روى هذه الأبيات الشيخ السماوي في ( ابصار العين في انصار الحسين ) وقال هي في رثاء يزيد بن ثبيط (1) وولديه الذين قتلوا مع الحسين وهي من نظم عامر بن يزيد قالها في رثاء ابيه وأخويه لما صرعوا يوم الطف مع ابي عبد الله الحسين عليه السلام. وكان من خبرهم ان يزيد بن ثبيط كان من الشيعة ومن اصحاب ابي الاسود وكان شريفاً في قومه.
    قال أبو جعفر الطبري : كانت مارية ابنة منقذ العبدية تتشيع وكانت دارها مألفاً للشيعة يتحدثون فيها ، وقد كان ابن زياد بلغه اقبال الحسين عليه السلام ومكاتبة أهل العراق له ، فأمر عامله أن يضع المناظر ويأخذ الطريق ، فأجمع يزيد بن ثبيط على الخروج الى الحسين وكان له بنون عشرة فدعاهم الى الخروج معه وقال : أيكم يخرج معي متقدماً ، فانتدب له اثنان : عبد الله وعبيد الله ، فقال لأصحابه في بيت تلك المرأة : اني قد أزمعتُ على الخروج وأنا خارج فمن يخرج معي فقالوا انا نخاف أصحاب ابن زياد ، فقال : اني والله لو قد استوت أخفافها بالجدد (2) لهان علي طلب من طلبني ، ثم خرج وابناه وصحبه عامر ومولاه وسيف بن مالك والأدهم بن امية ، وقوي في الطريق (3) حتى انتهى الى الحسين (ع) وهو بالابطح من مكة فاستراح في رحله ثم خرج الى الحسين الى منزله ، وبلغ الحسين (ع) مجيئه فجعل يطلبه حتى جاء الى رحله فقيل له قد خرج الى منزلك فجلس في رحله ينتظره وأقبل يزيدـ لما لم يجد الحسين في منزله وسمع أنه ذهب اليه ـ راجعاً على أثره ، فلما رأى الحسين (ع) في رحله قال : ( بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا ) السلام عليك يا بن رسول الله
1 ـ ثبيط بالثاء المثلثة والباء المفردة والياء المثناة والطاء المهملة.
2 ـ الجدد : صلب الارض ، وفي المثل : من سلك الجدد امن العثار.
3 ـ قوي في الطريق : تتبع الطريق القواء اي القفر الخالي.


(125)
ثم سلم عليه وجلس اليه واخبره بالذي جاء له ، فدعا له الحسين بالخير ثم ضم رحله الى رحله ، وما زال معه حتى قتل بين يديه في الطف مبارزة ، وقتل ابناه في الحملة الاولى كما ذكره السروي ، وفي رثائه ورثاء ولديه يقول ولده عامر بن يزيد ( الابيات ).
    وقال الشيخ ابن نما الحلي رحمه الله حدث ابو العباس الحميري قال : قال رجل من عبد القيس قتل اخوه مع الحسين (ع).
    أقول ورواها السيد الامين في ( الاعيان ) وقال : وعبد القيس قبيلة معروفة بالتشيع لأهل البيت عليهم السلام :
يا فرد قـومي فاندبـي وابكي الشهيد بعـبرةٍ ذاك الحسين مع التفجع قتلوا الحرام من الأئمة خيرَ البرية في القـبور من فيض دمع ذي درور والـتأوه والزفـيـر في الحـرام من الشهور


(126)
    17 ـ الفضل بن عباس بن عتبة بن ابي لهب بن عبد المطلب بن هاشم :
بكيـتُ لفـقد الاكرمين تتـابعوا من الأكرمين البيض من آل هاشم بهم فجعتنا والفواجـع كـاسـمها وفي كل حي نضـحة من دمـائنا فلله مـحـيانـا وكـان مـماتـنا لكل دم مولى ، ومـولـى دمـائنا فـسوف يرى أعـداؤنا حين تلتقي مصـابيح امـثـال الأهـلة إذ هم لوصل المنايا دارعون وحُـسّرُ لهم سلف من واضح المجد يذكر تميم وبكر والسّكون وحـمير بني هاشم يعلو سناها ويشـهر ولله قتـلانا تـدان وتنـشـر بمرتقب يعلو عليـكم ويـظهر لأي الفريقيـن النبـيُّ المـطهر لدى الحرب أو دفع الكريهة أبصر
    و منها :
أعينيَّ إن لا تبكيا لمصـيبتي أعينيَّ جودا من دموع غزيرة فكل عيون الناس عني أصبـر فقد حق إشفاقي وما كنت أحذر


(127)
    أبو لهب بن عبد المطلب واسمه عبد العزى ـ له من الأولاد : عتبة بن أبي لهب ، ومعتِّباً وعتيبة وهو الذي اكله الاسد وكان ابو لهب يكنى بأسماء بنيه كلهم وامهم ام جميل ، وهي ( حمالة الحطب ) بنت حرب بن امية بن عبد شمس وفيها يقول الاحوص الشاعر الانصاري :
ماذاتُ حبل يراه النـاس كلـهم كل الحبال حبال الناس من شعر وسط الجحيم ولا يخفى على احد وحبلهـا وسط أهل النار من مسد
    شهد عتبة ومعتب حنيناً مع النبي (ص) وثبتا فيمن ثبت معه ، و أُصيب عين معتب يومئذ.
    و من شعر الفضل بن العباس ـ و كان شديد الادمة ولذلك قال :
وأنا الأخضر (1) من يعرفني من يساجلني يساجلْ ماجـداً إنمـا عـبد منـاف جـوهر أخضر الجلدة في بيت العربْ يملأ الدلو الى عقـد الكـرب زيَّن الجوهـر عبد المـطلب
الشاعر
    هو الفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لهب بن عبد المطلب بن هاشم ( شاعر الهاشميين ).
    توفي في حدود سنة 90 في خلافة الوليد بن عبد الملك ، وكان احد شعراء بني هاشم وفصحائهم هاشمي الابوين ، امه آمنة بنت العباس ابن عبد المطلب.
    ومن شعره :
1 ـ كان شديد السمرة ، والعرب تسمي الاسمر اخضر وتتمدح بذلك.

(128)
ماكنت أحسب أن الامرَ منصرف من فيه ما فيهم من كل صالحـة أليـس اول من صلـى لقـبلتكم وأقرب الناس عهداً بالنبي ومن مـاذا يردكـم عـنه فنعـرفـه عن هاشم ثم منها عن أبي حـسن وليس في كلهم ما فيه من حـسن وأعلم الناس بالقرآن والسـنن جبريل عون له في الغسل والكفن ها إن ذا غَبَن من أعظم الغـبـن
    قال المرصفي في شرح الكامل : وكان من أصحاب علي (ع) وهو القائل يخاطب بني امية :
مهلاً بني عمنا مهـلاً موالينـا لا تطمعوا أن تهينونا ونكرمكم مهلا بني عمنا عن نحت أثلتنا الله يـعـلـم أنا لا نـحبـكم كل له نية في بغض صاحـبه لا تنبشوا بيننا ما كان مدفـونا وأن نكف الأذى عنكم وتؤذونا سيروا رويداً كما كنتم تسيرونا ولا نـلومـكـم ألا تحـبـونا بنعـمة الله نقلـيكم وتقـلونا
    وقال الوليد بن عقبة بن أبي معيط ـ أخو عثمان لأمه ـ يرثي عثمان ويتهم بني هاشم وعلياً ويتوعدهم :
ألا مَن لليل لا تغور كـواكـبه بني هاشم ردوا سلاح ابن اختكم بني هاشـم لا تعـجلوا بإفـادة فقد يجبر العظم الكسير وينبري وإنا وإياكـم وما كـان منكـم اذا لاح نـجـم لاح نجـم يـراقبـه ولا تنـهبوه لا تـحـلّ مناهـبـه سواء علـيـنا قاتلـوه وسالـبه لذي الحـق يوماً حـقـه فيـطالبه كصدع الصفا لا يرأب الصدعَ شاعبه


(129)
بني هاشم كيـف التعـاقد بيـننا لعمرك لا أنسى ابن أروى وقتله هم قـتلوه كي يـكـونوا مكـانه وإني لمـجتاب الـيكم بـجحفلٍ وعند عـلي سـيفه وحرائـبه وهل ينسينًّ الماء ما عاش شاربه كما غدرت يوماً بـكسرى مرازبه يصمُّ السـميعَ جرسه (1) وجلائـبه
    فانتدب له الفضل بن العباس بن عتبة يرد عليه فيقول :
فلا تسألونا بالسـلاح فإنـه سلوا أهل مصرعن سلاح ابن اختنا وكان ولـيّ العهد بعـد مـحـمد عـلي ولـيُّ الله أظـهر ديـنـه وقد أنـزل الرحـمن انك فاسـق وشبـهته كسرى وقد كـان مـثـله اضيـع وألقاه لدى الروع صاحبه فهم سـلبوه سـيفـه و حرائـبه علي وفـي كل المواطن صاحبه وأنت مـن الاشقين فيمن تحاربه فمالـك فـي الإسلام سهم تطالبه (2) شبيها بكسرى هـديه وعصـائبه

1 ـ الجرس : الصوت.
2 ـ في الوليد نزل قوله تعالى : «يا أيها الذين آمنوا ان جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا » الآية وذلك ان رسول الله (ص) ارسله الى بني المصطلق ليجيء بالزكاة فخرجوا للقائه فهابهم فعاد الى رسول الله يقول انهم ارتدوا عن الاسلام فنزلت الآية ومن ذلك سمي بالفاسق.


(130)
    18 ـ عوف الازدي :
    هو عوف بن عبد الله بن الاحمر الازدي ـ أحد التوابين ـ يرثي الحسين عليه السلام ، ويدعو إلى الأخذ بثأره فيقول :
صحوت وقد صح الصبا والعواديا وقولوا له إذ قام يـدعو إلى الهدى ألا وأنع خير النـاس جـداً ووالدا لبيك حسيـناً مرمل ذو خصاصـة فاضحى حسـين للرمـاح دريئـةً سقى الله قبراً ضمن المـجد والتقى فيا امـة تاهـت وضـلّت سفاهةً وقلت لاصـحابي أجيبوا المنـاديا وقبل الدعا لبيك لـبـيـك داعيـا ( حسيناً ) لأهل الدين ، إن كنت ناعيا عديم و أمـام تـشـكى المـواليـا وغودر مسلوباً لـدى الطـف ثاويا بغربية الطـفَ الغمـامَ الـغواديـا أنـيبوا ، فارضوا الواحد المتعاليـا (1)
    ومنها :
ونحن سمـونا لابن هند بجـحفل فلما التـقينا بيّن الضـرب أيّنـا لبيك حسـيناً كـلمـا ذرّ شـارق لحا الله قوماً اشخصوهم وغرروا ولا موفياً بالعهد إذ حمس الوغـا فيا ليـتني اذ ذاك كنتُ شهـدته ودافعت عنه ما استطعت مجاهداً كرجل الدبا يزجي اليه الدواهيا بصفين كان الاضرع المتوانـيا وعند غسوق الليل من كان باكيا فلم يَر يوم الباس منهم محـاميا ولا زاجراً عنه المضـلين ناهيا فضاربت عنه الشـانئين الأعاديا وأعملت سيفي فيـهم وسـنانيا

1 ـ عن كتاب « ادب الشيعة » عبد الحسيب طه ـ مصر.

(131)
    قال الشيخ القمي في الكنى : عوف الازدي ذكره المرزباني في معجم الشعراء فقال : عوف بن عبد الله بن الاحمر الازدي.شهد مع علي (ع) صفين وله قصيدة طويلة رثى فيها الحسين (ع) وحرض الشيعة : على الطلب بدمه وكانت هذه المرثية تخبأ أيام بني امية وإنما خرجت بعد ذلك. قاله ابن الكلبي ، منها :
ونحن سمونا لابن هند بجحفل كرجل الدبا يزجي اليه الدواهيا
    الابيات. وفي الاعيان ج 42 ايضاً رواها عن المرزباني اقول لاعجب اذا ضاع اكثر القصيدة و ذهب جلها ولم يبقى منها الاهذه الابيات لأن الدور لبني امية و الضغط على شيعة أهل البيت كان قائماً على قدم وساق ، لذا يقول : وكانت هذه المرثية تخبأ أيام بني امية حيث كانوا يأخذون الناس بالترغيب والترهيب ومتى حورب الشخص بهذين العاملين محى اسمه ومات وانطفأ ذكره.
    ملاحظة : وجاء في الجزء الاول من الاعيان ـ القسم الثاني ص 164 قوله : وعبد الله بن عوف بن الاحمر كان يحرض على الطلب لثأر الحسين عليه السلام ، وهو القائل :
الا وانع خير الناس جداً ووالداً سقى الله قبراً ضمن المجد والتقى حسيناً لاهل الدين إن كنت ناعيا بغربية الطف الغمـام الغواديـا
    هذين البيتين تتمة الابيات السابقة ولكن السيد جعل اسم الولد بمكان الوالد كما انه في جزء 32 ص 119 عند ترجمة رفاعة بن شداد البجلي قال : واراد رفاعة بن شداد الرجوع عن الحرب فقال عبد الله ابن عوف بن الاحمر : هلكنا والله إذاً لئن انصرفنا ليركبن اكتافنا فلا نبلغ فرسخاً حتى نهلك ، هذه الشمس قد قاربت للغروب فنقاتلهم على خيلنا فاذا غسق الليل ركبنا خيولنا وسرنا ، فقال رفاعة نعم ما


(132)
رأيت وأخذ الراية وقاتلهم قتالا شديداً فلما امسوا رجع اهل الشام الى معسكرهم ونظر رفاعة إلى كل رجل قد عقر فرسه وجرح فدفعه إلى قومه.
    قال الطبري قال ابو مخنف حدثني الحسين بن يزيد عن السري ابن كعب ، قال خرجنا مع رجال الحي نشيعهم فلما انتهينا الى قبر الحسين وانصرف سليمان بن صرد واصحابه عن القبر ولزموا الطريق استقدمهم عبدالله بن عوف بن الاحمر على فرس له مهلوب كميت مربوع تتأكل تأكلا وهو يرتجز ويقول :
خرجن يُلمعنَ بـنا أرسـالا نريد أن نلقـى به الأقـتالا وقد رفضنا الاهل والأموالا عوابـساً يحملنـنا أبـطـالا القاسطين الغـدر الضُّـلالا والخفرات البيض والحجالا
نُرضي به ذا النعم المفضالا


(133)
    19 ـ ابو دهبل (1) وهب بن زمعة الجحمي :
إليـك أخا الصب الشـجيّ صبابه عـجبـت وأيامُ الزمـان عجائب تبيـت النشـاوى من امـية نوّماً وتـضـحى كرام من ذؤابة هاشم وتغدو جسوم ما تغذت سوى العلى وربّات صون ما تـبدّت لعـينها تـزاولها ايـدي الـهوان كأنمـا و ما أفـسد الإسـلام الا عصابة وصارت قناة الدين في كف ظالم وخاض بها طخياء لا يهتدى لها ويخبط عشوا لا يُـراد مـرادها يجشّمها ما لا يجـشـمه الردى الى حيث القاها ببـيداء مجـهل رمتـها لأهل الطف منها عصابة فشَّنت بها شعواء فـي خير فتية تذيب الصـخور الجامدات همومُها ويظـهر بين المـعجبـات عظيمها وبالـطف قتلى ما يـنام حمـيمها يحـكّـم فيها كـيف شـاء لئيـمها غذاها على رغم المـعالي سهومها قبيل السـبا إلا لوقـت نجومها تقّـحم ما لا عـفـو فـيه أثيمـها تـأمرّ نـوكـاها ودام نعـيـمـها إذا مال منـها جـانب لا يقيـمها سبيل ولا يرجـى الهدى من يعومها ويركب عميـا لا يريدُّ عزومـها لأودى وعادت للنـفوس جسـومها تضل لأهل الـحلم فيـهـا حلومـها حداهـا الى هدم المكـارم لومـها تخلّت لكسب المكرمات هـمـومها

1 ـ دهبل كجعفر بفتح الدال المهملة وسكون الهاء وفتح الباء الموحدة وسكون اللام.

(134)
على أن فـيها مفـخراً لو سـمعت به فجـردن من سـحب الاباء بوارقـاً فما صـعـرت خداً لاحـراز عـزة أولـئـك آل الـلّـه آل محـمـد أكـارم أوليـن المـكارم رفعـة ضـيـاغم أعطـين الضياغـم جرأةٍ يـخوضون تـيار المـنـايا ظواميا يقوم بهـم للمـجد أبـيـض مـاجد حـمى بعد ما أدى الحفـاظ حمـاية الى أن قضى من بعدما إن قضى على أصابتـه شـنـعـاء فلو حل وقعـها فأيّمها لم تلق بالـطـف كـافـلا أضاءت غراب البين فيهـم فأصبحت فـقـصّر فـما طـول الكـلام ببالغ فمـا حمـلـت ام الرزايا بمـثـلـها أتـت أولاً فيـهـا بـأول مـعضل فأقسـم لا تنفـعـك نفسي جزوعة حـيـاتـي أو تلقـى امية وقـعـة لـقـد كان في ام الـكتاب وفي الهدى الى الشمس لم تحجب سناها غيومها يشـيم الفـتا قبل الفنا من يشيـمها إذا كان فيـها سـاعـة ما يضيمها كرام تحـدث ما حـداها كـريمها فحمد العلى لولا عـلاهـم ذميمها فما كـان الا من عطـاهم قدومها كما خاض في عذب الموارد هيمها أخو عزماتٍ أقعـدت من يرومـها و أحمى الحماة الحافظين زعيمـها ظمـاءٍ يـسـلى بالسهام فطيـمها على الأرض دكت قبل ذاك تخومها ولم ير مـن يحنو عليه فطـيـمها من الشجو لا تأوي العمارة بومـها مداها رمـى بالعـيّ عـنها كليمها وان ولدت فـي الدهر فهي عقيمها فما ذا الذي شـحّت على من يسومها وعيني سفوحـاً لا يملّ سجومهـا يذل لها حتـى الـممات قـرومـها وفي الوحي لم ينسخ لقوم علومـها


(135)
فرائض في القرآن قد تعلـمونها بها دان من قبل المسيح بن مريم فأما لكـل غيـر آل مـحمد وأما لميراث الرسـول وأهـله فكيف وضلوا بعد خمـسين حجة يلوح لذي اللب البصـير أُرومـها ومن بـعـده لـمـا أمرَّ بريمـها فيـقضـي بها حكامها وزعـيمها فكـل يراهـم ذمـها وجسيـمها يلام على هلـك الـشراة أديـمها
ادب الطف الجزء الاول ::: فهرس