مكتبة الاسلامية ::: شعر

ادب الطف الجزء الاول ::: 166 ـ 180

(166)

أسكنت من كان في الأحشاء مسكنه يا قبر فاطـمة بنـت ابن فـاطـمة يا قبر مافيـك من دين ومـن ورع

بالرغم مني بين الترب والحجـرٍ بنت الأئمة بنـت الأنـجم الزهر ومن عفاف ومن صون ومن خفر

    وتقول المؤلفة ان وفاتها كانت سنة عشر ومائة للهجرة :
    قال الشيخ عباس القمي في كتابه ( نفس المهموم ) : توفيت فاطمة بنت الحسين في السنة التي توفيت بها اختها سكينة بنت الحسين وهي سنة سبع عشرة بعد المأة من الهجرة بالمدينة.
    اولادها :
    1 ـ عبد الله المحض وإنما سُمي بالمحض لانه اجتمعت عليه ولادة الحسن والحسين وكان يشبه برسول الله (ص) وهو شيخ بني هاشم في عصره و كان يتولى صدقات امير المؤمنين علي (ع). وقيل له : بم صرتم أفضل الناس ؟ فقال : لأن الناس كلهم يتمنون أن يكونوا منا ولا نتمنى ان نكون من احد.
    وكان من شعره :

بيض حرائر ما هممن بريبة يحسبن من لين الكلام زوانياً

كضباء مكة صيدهنّ حرامُ ويصدّهن عن الخنا الاسلام

مات في حبس المنصور الدوانيقي بالهاشمية يوم عيد الأضحى سنة خمس واربعين ومائة وصلى عليه اخوه الحسن بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام ، وله من العمر خمس وسبعون سنة ، وله

(167)

من الاولاد محمد ذو النفس الزكية ، وابراهيم باخمرا من أبطال الهاشميين.
    1 ـ ابراهيم الغمر.
    2 ـ الحسن المثلث.
    وكل من هؤلاء له عقب وكلهم ماتوا في حبس المنصور الدوانيقي لما حج المنصور ايام ولايته سنة 45 من الهجرة ودخل المدينة جمع بني الحسن فكانوا اكثر من عشرين رجلا وقيدهم بالحديد وقال لعبد الله المحض اين الفاسقان الكذابان يعني ولديه محمد وابراهيم قال : لا علم لي بهما ، فاسمعه كلاماً بذيئاً ثم اوقفه واخوته وعامة بني الحسن في الشمس مكشوفة رؤوسهم وركب هو في محمل مغطى فناداه عبد الله المحض : يا امير أهكذا ـ فعلنا بكم يوم بدر ـ يشير الى صنع النبي (ص) بالعباس حين بات يأنُّ ، قيل له : ما لك يا رسول الله لا تنام ، قال : كيف أنام وأنا أسمع أنين عمي العباس في الوثاق. قالوا : وكانت طفلة لعبد الله المحض اسمها فاطمة قد وقفت على الطريق لما مرَّ محمل المنصور وقالت يا أمير المؤمنين ، فالتفت اليها المنصور فأنشأت تقول :

ارحم كبيراً سِنـّه منـهـدماً ان جدت بالرحم القريبة بيننا

في السجن بين سلاسل وقيود ما جدَّنا مـن جـدّكـم ببـيعد

فلم يلتفت اليها ، وجاء ببني الحسن الى الهاشمية وحبسهم في محبس تحت الارض كانوا لا يعرفون ليلا ولا نهارا ، ومن أجل معرفة أوقات الصلاة فانهم جزؤوا القرآن وعند انتهاء كل جزء يصلون وقتا من

(168)

الاوقات. قال سبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص ولما حملوا من المدينة نظر اليهم ابن ابي زناد السعدي فقال :

مَـن لنفـس كـثيرة الإشفاق لفراق الذين راحوا الى الموت ثم ظـلـوا يسـلّمون علـينا

ولعينٍ كثـيرة الإطـراق عـياناً والموت مر المذاق بأكفٍ مشدودة في الوثـاق

قال : وحتى ماتوا في الحبس ويقال إن المنصور ردم عليهم الحبس فماتوا.

(169)

لـقد هدّ ركـني رزءُ آل محمدِ وابكت جفوني بالفرات مصارع عظام باكـناف الفرات زكـيّة فـكم حرّة مـسبـية ويتـيمة لآل رسول الله صـلّت عليهـم افاطم اشجاني بنوك ذوو العـلى وأضحيتُ لا ألتذّ طيب معيشتي ولا البارد العذب الفرات اسيغه يقولون لي صبراً جميلاً و سلوةً فكيف اصطباري بعد آل محمدِ

وتلك الرزايا والخطوب عظامُ لآل النبي المصـطفى وعـظام بـهنّ عـلينا حرمـةُ وذمـام وكم من كريـم قد علاه حـسام ملائـكة بيـض الوجـوه كرام فـشبتُ وانـي صـادق لغـلام كـأن عـليَّ الـطـيبات حـرام ولا ظل يهنـيني الغداة طـعـام وما لي الى الصبر الجمـيل مرام وفي القلب منـي لوعة وضـرام

(170)

    ابو محمد سفيان بن مصعب العبدي ⁽¹⁾ الكوفي من شعراء اهل البيت عليهم السلام ، وقد اكثر من شعره في مدح امير المؤمنين علي بن ابي طالب وذريته وتفجّع لمصابهم ، ولم نجد في غيرهم له شعر ، توفي حدود سنة 120 بالكوفة. ويرى الشيخ الاميني انه بقي اكثر من ذلك اي إلى حدود سنة 178.
    استنشده الامام الصادق في شعره كما في رواية ثقة الاسلام الكليني في روضة الكافي باسناده عن أبي داود المسترق عنه قال : دخلت على ابي عبد الله عليه السلام فقال :
    قولوا لأم فروة تجيء فتسمع ما صُنع بجدها ، قال فجاءت فقعدت خلف الستر ثم قال فانشدنا ، قال فقلت :
    فرو جودي بدمعك المسكوب.
    قال فصاحت وصحن النساء فقال ابو عبد الله عليه السلام : الباب. فاجتمع اهل المدينة على الباب ، قال فبعث اليهم ابو عبد الله صبي لنا غشي عليه فصحن النساء.
    وفي رجال الشيخ ان الامام الصادق عليه السلام قال : يا معشر الشيعة علموا أولادكم شعر العبدي فإنه على دين الله.
    وروى ابو الفرج في الاغاني ج 7 ص 22 عن ابي داود المسترق سليمان بن سفيان ان السيد الحميري والعبدي اجتمعا فانشد السيد :

إني أدينُ بما دان الوصيُّ به وبالذي دان يوم النهروان به

يوم الخريبة ⁽²⁾ من قتل المحلّينا وشاركت كـفه كـفى بصـفينا

1 ـ العبدي نسبة الى عبد القيس.
2 ـ الخريبة : موضع بالبصرة كانت به واقعة الجمل

(171)

    فقال له العبدي : أخطأت ، لو شاركت كفك كفه كنت مثله ، ولكن قل : وتابعت كفه كفى ، لتكون تابعاً لا شريكاً.
    فكان السيد الحميري بعد ذلك يقول : انا اشعر الناس إلاّ العبدي اقول ووجدت قصيدة لشاعرنا المترجم له في اعيان الشيعة جزء35 وهي من فاخر المدح وجيّد النظم وهي كما يقول السيد : من كنوز هذا الكتاب وقلما توجد في غيره فأجبت أن لا تخلو هذه الموسوعة منها.
    قصيدة سفيان بن مصعب العبدي :

هل في سؤالك رسمَ المنزل الحزب أم حرُّه يوم وشـك البيـن يُبـرده هيهات أن ينفد الوجـه المـثير له يا رائد الحيِّ حسب الحي ما ضمنت ما خلتُ من قبل ان حالت نوى قذف بانوا فكم أطلقـوا دمعاً وكم أسروا من غادِر لم أكـن يوماً أسّـر لـه

برء لقلـبك من داءِ الهوى الـوصِب ما استحدرته النوى من دمعـك السرب نأيُ الخلـيط الذي وليًّ فـلم يـؤب له المدامع من ماء ومـن عـشـب أنّ الـعيونَ لهم أهمى من السـحـب لُـبّاً وكم قطعوا لـلوصـل من سبب غدراً وما الغدر من شأن الفتى العربي

(172)

وحافظ العهد يهدي صفحتـي فرح بانوا قـبابا وأحـبابا تصونهـم وخلفوا عاشقا مـلقى ربى خلِـسا القى النـحول علـيه بُرده فغـدا لهفي لما استودعت تلك القباب وما من كل هيفاء اعطاف هظيم حشى كأنما ثـغرها وهـناً وريقـتها وفي الخـدور بدور لو برزن لنا وفي حشاي غليل بات يـضرمه يا راقد اللوعة اهبب من كراك فقد

للكاشـحـين وتخفي وجـه مكتئب ⁽¹⁾ عن النـواظر أطراف القـنا الـسلبِ بطرفه حِذر من يـهوى فلم يصـب كأنّه ما نسوا في الـدار من طـنـب حجبن من قضب فيهـا ومن كئـب لعْـساء مرتـشف غـرّاءَ مـنـتقب ما ضمَّت الكأس من راح و من حبب برّدن كل حـشى بالوجـد ملتـهبِ شوق إلى بَرد ذاك الظـلم والـشنب بان الخليط ويا مـضنى الغـرام ثِبِ

1 ـ يعني انه يبدي الفرح للكاشحين عند فرحه ليغيظهم بذلك ويخفي عنهم الكآبة عند حزنه لئلا يشمتوا به.

(173)

أما وعصر هـوى ذَبَّ الـعزاء له لأشـرقن بدمـعي ان نـأت بـهم ليس العـجيب بأن لم يبق لي جَلد شبتُ ابن عشرين عاماً والفراق له ما هزَّ عطفي من شـوق الى وطني مثـل اشتياقي من بُعـدٍ ومـنتزح أذكى ثرى ضم أزكى العالمين فذا ان كان عن ناظري بالغيب محتجباً مرت عليه ضروع الـمزن رائحة من كـل مقربـةٍ اقراب مرزمة يقذ بـها حر نيـران البروق ومـا

ريب المنون وغـالـته يد الـنوب دار ولم أقص ما في النفس من أرب لكن بقائي وقـد بانوا مـن العـجب سهم متى ما يصب شمل الفتى يشب ولا اعتراني من وجدِ ومن طرب من الغـريِّ وما فيه من الحـسـب خيرُ الرجال وهذه أشرف التـرب فانه عن ضميـري غير محـتجب مـن الجـنوب فرّوتـه من الحلب ارزامَ صـاديـة الأزوار والقـرب لهن تحـت سـجاليها من اللـهـبِ

(174)

حتى تـرى الجلعـد الكوماء رائـحة بل جاد ما ضمّ ذاك الترب من شرف تهـفو اشتـياقا الـيه كلّ جارحـةِ ولو تكـون لي الأقـدار مسـعدة يا راكبا جسـرة تـطوى مناسـمها هوجاء لا يطعـم الانـضاء غاربها تقيد المـغزل الادمـاء فـي صعـد تثنى الريـاح اذا مـرت بـغابتها بلِّغ سلامي قـبراً بالغـرىّ حـوى واجعل شـعارك للـه الخشوع بـه اسمع أبا حـسن إن الاولى عدلـوا

ممغوطة النسع ضمراً رخوة اللبب مزن المدامع مـن جار و منـسكب مني ولا مثل ما تحتاج في رجـب لطاب لي عنده بعـدي ومقـتربي ملاءة الـبيد بالتـقريب والخـبب مـسرى ولا تتشكـى مؤلم الـتعب وتطلح الكاسر الـفتخاء في صـبب حسرى الطلائع بالغيطان والهضـب أوفى البرية من عجم ومن عـرب ونادِ خيرَ وصـي صنوً خير نـبي عن حكمك انقلبوا عن خير منـقلب

(175)

ما بالهم نكـبوا نهج النجاة وقـد ودافـعوك عن الامر الذي اعتلقت ظلت تجاذبها حـتى لقد حزمـت وكان بالأمس منها المـستقيل فلم وأنت توسعه صبراً على مضض حتى اذا المـوت ناداه فأسـمعـه حَبا بها آخراً فاعتاض محتـقـب وكان أول مـن اوصى ببـيـعته حتى اذا ثـالث منهـم تقمصـها عادت كما بدأت شوهاء جـاهـلة وكان عنها لـهم في خم مـن دجرٍ

وضّحته واقتفوا نهجاً من العطب زمامَه من قريش كفّ مـغتصب خشاشها تربت من كفِّ مجـتذب أرادها اليوم لو لم يأت ........... والحلم أحسن ما يأتي مع الغضب والموتُ داعٍ متى يدع امرءً يجب منه بأفـضع محـمولِ ومحتقب لك النـبي ولكن حـال من كثب وقد تبدل منـهـا الـجد باللـعب تجرّ فـيـها ذئـاب أكلة الغـلب لمّا رقى احمدُ الـهادي علـى قتب

(176)

وقال والناس من دان اليه ومن قم يا علي فانـي قد أمـرتُ بأن إني نصبت عليـاً هـادياً علـماً فبايـعـوك وكـل باسـط يـده عافـوك لا مانع طولاً ولا حصر وكنت قطب رحى الإسلام دونهم ولا تساوت بكم في العلم مرتـبة ان تلحظ القرن والعسال في يده وان هززت قناةً ظـلت توردها ولا تـسلَّ حسـاماً يوم ملحمـة كيوم خيبر اذ لم يمتـنع رجـل

ثاو لديه ومن مـصغ ومرتقـب أبلِّـغ الناس والتبـليغ أجدر بـي بعـدي وان علياً خـير منـتصب اليك من فوق قلبِ عنـك منقـلب قولا ولا لهج بالغشَّ والريـب ولا تدور رحى إلا علـى قـطب ولا تماثلتم في البـيت و النـسب يظل مضطرباً في كف مضطرب وريد ممتـنع في الروع مجتـنب إلا وتحجـبه في رأس محـتجب من اليهود بغـير الـفرِّ والـهرب

(177)

فأغـضب المصطفى اذ جر رايـته فقال اني سأعـطيـها غـداً لفتـى حـتى غدوت بها جـذلان معـتزماً تلـقـاء أرعـن جـرار أحـمّ دج جمَّ الصلادم والـبيض الصوارم والز والأرض من لا حـقـيِّات مطهـمة وعـارض الجـيش من نقع بوارقـه أقدمت تضـرب صبراً تـحـته فغدا غادرت فرسانـه من هـارب فـرقِ لك المناقب يـعيا الحـاسـبون لها كرجعة الـشمس اذ رمت الصلاة وقد

على الثرىناكصاً يهوي على العقب يحـبه الله والمـبعوث مـنتـجب مظنة الـموت لا كالخائف النحـب مجر لهام طـحون جـحفل لجـب رق اللـهاذم والمـاذي واليـلـب والمـستظل مثار الـقسطل الـهدب لمع الأسنـة والـهنديـة القـضـب يصوب مزنا ولو أحـجمت لم يصب ومقعص بدم الاوداج مـخـتضـب عدا ويعجـز عـنا كل مكـتتـب راحت توارى عن الأبصار بالحجب

(178)

رُدّت عليك كأن الشهب مااتضحت وفـي براءة أنـباء عـجائبـها ولـيلـة الـغار لمابـت ممـتلئا ما انت إلا أخو الهادي وناصـره وزوج بـضعته الزهـراء يكنفها من كل مجتهد في الله مـعتـضدِ وارين هادين ان ليل الضلال دجا لـقِّـبت بالرفض لما أن منحتهم صلاة ذي العرش تترى كل آونة وأبنـيه من هالك بالسم مـخترم لولا الفـعـيلة ما قاد الذين هـم

لناظـر وكأن الـشـمس لم تَغـب لم تطو عـن نـازح يوماً ومقترب أمناً وغـيرك ملآن مـن الرعـب ومظهر الحق والمنعوت في الكتب دون الورى وابو ابنـائـها الـنجب بالله مـعـتـقـد لله محـتـسـب كانوا لطارقـهم أهـدى من الشهب ودّي وأحسـن ما أدعى به لقبـي على ابن فاطـمة الكشّـاف للكرب ومن معـفّر خدّ في الثرى تـرب أبناء حـربٍ اليهم جـحفل الحرب

(179)

والعابد الزاهـد الـسـجاد يتبـعه وجعفر وابنه موسى ويتبعه الـ والعسـكـريين والمهدي قائمـهم من يملأ الأرض عدلا بعدما ملئت القائد الـبهم والشوسَ الكمـاة الى أهل الهدى لا انـاس بـاع بائعهم لو أن أضغـانهم في النار كامـنة ياصاحب الكوثر الرقراق زاخـرة قارعت منهـم كماةً في هواكَ بـما حتى لـقد وسمـت كلما جباهـهم إن ترض عني فلا أسـديت عارفة

وباقر العلـم دانـي غاية الطـلب ـبّر الرضا والجواد الـعابد الدئب ذو الأمر لابس أثواب الهدى القشب جوراً ويقمع أهل الزيـغ والشغب حرب الطغاة على قبِّ الكلا شزب دين المـهـيمن بالديـنار والرتب لا غنت النار عن مذكٍ و محتطب ذُدّ النواصب عن سلسالـه الخصب جرَّدت من خاطر أو مقـول ذرب خواطري بمضاء الشـعر والخطب ان سـاءني سـخط أُمِ بـرةِ وأبِ

(180)

صحبت حبك والتقوى وقـد كثرت فاستجل من خاطر العـبدي آنسـة جاءت تمايل في ثوبيْ حياً وهوى أتعبت نفـسي في مدحـيك عارفة

لي الصحاب فكانا خيرَ مصطحب طابت ولو جاوزت اياك لـم تطب اليك حاليـة بالفـضل والأدب بأن راحتـها في ذلـك التـعـبِ

ادب الطف الجزء الاول ::: فهرس