ادب الطف الجزء الاول ::: 226 ـ 240
(226)
لا أرهب الموت إذا الموت زقا (1) إني أنـا الـعباس أغدو بالسقا حتى اوارى في المصاليت لقى ولا أهاب المـوت يوم الملتقى
    اولاد سيدنا العباس واحفاده :
    اولاد سيدنا العباس واحفاده كانوا جميعاً علماء فضلاء ، أبرار أتقياء وكانوا كلهم ذوي شأن عظيم ومقام كريم من الجلالة والعظمة والعلم والحلم والزهد والعبادة و السخاء و الخطابة يستفيد الناس من علومهم وكمالاتهم.
    كان لسيدنا ابي الفضل العباس بن علي عليه السلام ولدان عبيد الله والفضل ، وأمهما لبابة بنت عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب هي زوجة سيدنا العباس. اما عبيد الله بن العباس بن امير المؤمنين فقد كان عالماً كبيرا ومنه العقب فإن الفضل اخاه لا عقب له ، وكان عبيد الله بن العباس ـ كما قال النسابة العمري في ( المجدي ) ـ من كبار العلماء موصوفاً بالجمال والكمال والمرؤة ؛ مات سنة 155 هـ ، تزوج من ثلاث عقائل كريمات الحسب : 1 ـ رقيه بنت الحسن بن علي 2 ـ وبنت معبد بن عبد الله بن عبد المطلب 3 ـ وبنت المسور ابن مخرمة الزبيري ـ كذا ذكر السيد البحاثة المقرم في كتابه ( قمر بني هاشم ) ثم قال : ولعبيد الله منزلة كبيرة عند السجاد كرامة لموقف ابيه ابي الفضل العباس عليه السلام ، وكان اذا رأى عبيد الله بن العباس رقّ واستعبر باكياً ، فاذا سئل عنه قال : اني اذكر موقف ابيه يوم الطف فما املك نفسي ،
1 ـ زقا اي صاح ومن قول العرب : زقت هامته.

(227)
ولعبيد الله بن العباس ولدان : عبد الله والحسن ، وانحصر العقب في الحسن فان عبد الله أخاه لاعقب له ، وذرية الحسن بن عبيد الله ابن العباس لهم فضل وعلم وأدب وهم خمسة كلهم أجلّاء فضلاء ادباء وهم :
    الفضل ، الحمزة ، ابراهيم ، العباس ، عبيد الله
قال الداودي في عمدة الطالب في انساب آل ابي طالب : كان اكبرهم العباس وكان سيداً جليلاً ، قال النجاري : ما رؤي هاشمي أعضب لساناً منه. وفي البحار عن تاريخ بغداد : انه جاء إلى بغداد ايام هارون الرشيد فاكرمه واعظمه واحترمه وبعده في ايام المأمون زاد المأمون في اكرامه حيث كان فاضلاً شاعراً فصيحا ، ويظنه الناس انه اشعر اولاد ابي طالب. ومن شعره قوله مفتخراً :
وقالت قـريش لـنا مـفخُر فـقد صـدقـوا لهمُ فضلهم وأدنـاهم رحمـا بالنـبـي بنا الفخر منكم على غيركم ففضل النبي علـيكم لنـا فان طرتم بسوى مـجدنا رفيعُ على الـناس لاينكرُ وبينهـم رتـبُ تـقصر اذا فخـروا فيـه المفخر فأمّا علينا فلا تـفخـروا أقرّوا به بعد ما انكـروا فان جـناحكم الاقصـر (1)
    وقال الخطيب البغدادي في ( تاريخ بغداد ) ج 12 ص 136 : العباس بن الحسن بن عبيد الله كان عالما شاعراً فصيحا من افصح رجال بني هاشم لسانا وبيانا وشعرا ، ويزعم اكثر العلوية انه اشعر ولد أبي طالب (2)
1 ـ عن الفصول المختارة للسيد المرتضى علم الهدى
2 ـ قال السيد المقرم في كتابه ( قمر بني هاشم ) : اولد العباس عشرة ذكور وذكر بعضهم.


(228)
ومن شعره يذكره إخاه ابي طالب عم النبي صلى الله عليه وآله وسلم ـ لعبد الله ـ والد رسول الله لأبيه وامه ـ من بين اخوته :
إنا وان رسـول الله يجـمـعـنا جاءت بنا ربّة من بيـن اسـرته حزنا بها دون من يسعى ليدركها رزقا من الله اعطانا فضـيـلته ابُ وامُّ وجـدُّ غـير مـوصـوم غرّاء من نسل عمران بن مخزوم قرابة مـن حواها غيـر مسهـوم والناس مـن بين مرزوق ومحروم
    قال الداودي ( في عمدة الطالب ) : واما الفضل بن الحسن بن عبيد الله بن العباس فقد كان لسناً فصيحاً ، شديد الدين عظيم الشجاعة محتشماً عند الخلفاء ويقال له : ابن الهاشمية ، وهو الذي يؤبن جده ابا الفضل شهيد الطف بقوله :
أحقّ الناس ان يبكي عليه فتى أبكى الحسين بكربلاء
    الابيات المتقدمة.
    اقول : واعقب الفضل من ثلاثة : جعفر والعباس ومحمد (1)
    واما الحمزة بن الحسن بن عبيد الله بن العباس فقد كان يشبّه بجده امير المؤمنين عليه السلام. خرج توقيع المأمون بخطه وفيه : يٌعطى الحمزة بن الحسن بن عبيد الله بن العباس بن امير المؤمنين ألف درهم لشبهه بجده امير المؤمنين. تزوج زينب بنت الحسين بن علي ابن عبد الله بن جعفر الطيار المعروف بالزينبي ، نسبة الى امه زينب بنت امير المؤمنين ، وكان حفيده محمد بن علي بن حمزة موجهاً شاعراً نزل البصرة وروى الحديث عن الرضا وغيره ، مات سنة 286 هـ كذا جاء في عمدة الطالب ، وترجمة الخطيب في تاريخ بغداد ج 2 ص 63 وقال : كان رواية للاخبار وهو صدوق وله
1 ـ ستاتي تراجمهم ان شاء الله في الجزء الثاني من هذه الموسوعة

(229)
الرواية عن جماعة كثيرة. وفي تهذيب التهذيب ج 9 ص 352 وصفه بالعلوي البغدادي ونقل عن ابن ابي حاتم انه صدوق ثقة.
    واما ابراهيم ويعرف بجردقة كان من الفقهاء والادباء والزهاد ، وابنه علي احد الاجواد له جاه وشرف مات سنة 264 وأولد تسعة عشر ولداً ، ومن احفاده ابو الحسن علي بن ابراهيم جردقة كان خليفة ابي عبد الله بن الداعي على النقابة ببغداد كذا جاء في ( العمدة ) وعبد الله بن علي بن ابراهيم جردقة جاء الى بغداد ثم سكن مصر وكان يمتنع من التحدث بها ثم حدث وعنده كتب تسمى الجعفرية فيها فقه على مذهب الشيعة ، توفي في مصرفي رجب سنة ثلثمائة واثني عشر كما جاء في تاريخ بغداد ج 10 ص 346 وكان زاهد عصره قد طاف اكثر الاقطار يكتب عن اهل البيت.
    واما عبيد الله بن الحسن بن عبيد الله بن العباس بن امير المؤمنين ففيه يقول محمد بن يوسف الجعفري : ما رايت احداً أهيب ولا أهيا ولاامرأ من عبيد الله بن الحسن تولى إمارة الحرمين مكة والمدينة والقضاء بهما ايام المامون سنة 204 كما ذكر ذلك البغدادي في تاريخ بغداد ج 10 ص 313. وفي سنة 204 وسنة 206 ولاه إمارة الحاج كما ذكر الطبري في ج 10 ص 355. مات ببغداد في زمن المامون وكانت امه وام اخيه العباس ام ولد.


(230)
    11 ـ النجاشي :
    : قال مصعب (1) بن عبد الله بن المصعب الزبيري في كتابه : نسب قريش ص 41 :
    وقال النجاشي يرثي الحسين بن علي :
يا جعـد بـكِّـيه ولا تـسـأمي على ابن بنت الطاهر المصطفى لن تُغلقـي باباً عـلى مـثـله بـكاءَ حـقٍّ لـيس بـالبـاطل وابن ابن عم المصطفى الفاضل في الناس من حـافٍ ولا نـاعلِ

1 ـ ولادته سنة 156 هـ ، ووفاته 236.

(231)
    12 ـ عبدالله بن غالب :
    روى ابن قولويه في ( كامل الزيارات ) ص 105 قال : حدثني محمد ابن جعفر عن محمد بن الحسين عن ابن ابي عمير عن عبدالله بن حسان عن ابن ابي شعبة عن عبدالله بن غالب ، قال دخلت على ابي عبدالله عليه السلام فانشدته مرثية في الحسين فلما انتهيت الى هذا الموضع :
فيا لبليّة تكسو حسينا بمسقاه الثرى عفر الترابِ
    صاحت باكية من وراء الستر : وآ أبتاه.


(232)
    قال الشيخ المامقاني : عبد الله بن غالب الاسدي عدّه الشيخ رحمه الله في رجاله تارة من اصحاب الباقر عليه السلام. قائلاً : عبد الله بن غالب الاسدي الشاعر الذي قال له ابو عبد الله عليه السلام : ان ملكاً يلقنك الشعر وإني لأعرف ذلك الملك. واخرى من اصحاب الصادق.
    وقال النجاشي : عبد الله بن غالب الاسدي الشاعر الفقيه ابو علي روى عن ابي جعفروابي عبدالله وابي الحسن عليهم السلام ثقة ثقة واخوه اسحاق بن غالب له كتاب تكثر الرواة عنه منهم الحسن ابن محبوب. وكذا جاء في الخلاصة.
    وقال الكشي : قال نصر بن الصباح البلخي : عبد الله بن غالب الشاعر الذي قال له ابو عبد الله ان ملكَاً يلقي عليه الشعر إني لآعرف ذلك الملك.


(233)
    13 ـ ابو هارون المكفوف :
    روى ابن قولويه في ( كامل الزيارت ) ص 105 قال : حدثني محمد بن الحسن عن محمد بن الحسن الصفار عن محمد بن الحسين عن محمد ابن اسماعيل عن صالح بن عقبة عن ابي هارون المكفوف ، قال : دخلت على ابي عبدالله عليه السلام فقال لي انشدني فانشدته :
أمرر على جدث الحسين وقل لأعظمه الزكية (1)
    قال : فلما بكى أمسكت انا ، فقال مر ، فمررت ، قال زدني زدني قال فانشدته :
يا مريم قومي واندبي مولاكِ وعلى الحسين فاسعدي ببكاكِ
    قال : فبكى وتهايج النساء ، قال فلما أن سكتن قال لي : يا ابا هارون مَن أنشد في الحسين عليه السلام فابكى عشرة فله الجنة ، ثم جعل ينقصّ واحداً واحداً حتى بلغ الواحد ، فقال من انشد في الحسين فابكى واحداً فله الجنة ، ثم قال : مَن ذكره فبكى فله الجنة.
    وروى ابن قولويه في الكامل ايضاً قال حدثنا ابو العباس القرشي عن محمد بن الحسين بن ابي الخطاب عن محمد بن اسماعيل عن صالح ابن عقبة عن ابي هارون المكفوف قال : قال ابو عبد الله عليه السلام :
1 ـ هذا البيت من ابيات للسيد الحميري ، وانما انشده انشاداً ولم ينشأه.

(234)
يا ابا هارون انشدني في الحسين عليه السلام ، قال فانشدته فبكى. فقال : أنشدني كما تنشدون ـ يعني بالرقة ـ قال فانشدته :
امرر على جدث الحسين فقل لاعظمه الزكّية
    قال فبكى ثم قال زدني ، قال فأنشدته القصيدة الاخرى ، قال فبكى وسمعت البكاء من خلف الستر ، قال فلما فرغتُ قال لي : يا ابا هارون من أنشد في الحسين شعراً فبكى وأبكى عشراً كتبت له الجنة ، ومَن انشد في الحسين شعراً فبكى وابكى واحدا كتبت لهما الجنة ، ومَن ذكر الحسين عنده فخرج من عينيه من الدموع مقدار جناح ذباب كان ثوابه على الله ولم يرضى له بدون الجنة.
    قال الشيخ المامقاني في ( تنقيح المقال ) ج 3.
    ابو هارون المكفوف عدّه الشيخ رحمه الله في اصحاب الباقر عليه السلام ، وله كتاب رواه عنه عبيس بن هشام. اقول وروى الشيخ المامقاني رواية تشير بالطعن على الرجل ، ثم قال : ولكن في الكافي رواية كاشفة عن كونه محل عناية الصادق وهي ما رواه عن علي بن ابراهيم عن ابيه عن ابي اسحاق الخفاف عن محمد بن ابي زيد عن ابي هارون قال قال لي ابو عبد الله عليه السلام : أيسرك أن يكون لك قائد يا ابا هارون ، قلت نعم جعلت فداك ، فاعطاني ثلاثين ديناراً فقال : اشتر خادماً كوفياً فاشتريته ، فلما أن حج دخلت عليه فقال : كيف رايت قائدك يا ابا هارون ، فقلت خيراً ، فاعطاني خمسة وعشرين ديناراً فقال : اشتر به جارية شبانية (1) فان اولادهن فره ، فاشتريتها وزوجتها منه فولدت ثلاث بنات فاهديت واحدة منهن الى بعض ولد ابي عبد الله عليه السلام وارجو أن يجعل الله ثوابي منها الجنة ، وبقيت ثنتان ما يسرني بهما ألوف.
1 ـ الشباني : الاحمرالوجه.

(235)
    قال الشيخ المامقاني : وظني ان اسم الرجل : موسى بن عميرة مولى آل جعدة بن هبيرة ، وقال السيد الامين في الاعيان : ابو هارون المكفوف : اسمه موسى بن عمير أو ابن ابي عمير ، مولى آل جعدة. روى الكليني في الكافي عن محمد بن سنان عنه عن ابي عبد الله عليه السلام هذا ما ذكره في الجزء 7 في باب الكنى. ثم ذكره في الجزء 49 ص 85 تحت عنوان :
    ابو المكفوف موسى بن عمير او ابن ابي عمير الكوفي مولى آل جعدة بن هبيرة المخزومي وروى الرواية التي تدل على الطعن فيه وقال : كل ما تقدم يدّل على حسن حال ابي هارون وان مانسب اليه من الغلو باطل انتهى.
    وقال الشيخ المامقاني في تنقيح المقال ايضاً : موسى بن عمير ابو هارون المكفوف مولى آل جعدة بن هبيرة كوفي ، عده الشيخ في رجاله من اصحاب الصادق (ع). وذكر رواية الكشي التي اشرنا اليها وان يكن لم يقطع بان المعنى هو لانه لم يصرح باسمه بل بالكنية فقط.


(236)
    زينب الكبرى بنت علي (ع) (1)
    قالت الحوراء زينب الكبرى بنت امير المؤمنين علي عليه السلام في ابيات ترثي بها اخاها الحسين :
علـى الطف الـسلام وساكنيه نفوس قدست في الارض قدساً مضاجع فتية عـبدوا فنـاموا علتهـم في مضاجعهـم كعاب وصيّرت القبـور لهم قصوراً وروح الله فـي تـلك القباب وقد خُلقت من النطف الـعذاب هجوداً في الفـدافد والـروابي باردان منعـمـة رطـاب مناخاً ذات أفنـيةٍ رحـاب (2)

1 ـ ملاحظة كان الواجب أن تكون في القرن الاول وانما اخرت سهواً.
2 ـ عن كتاب ( بطل العلقمي ) ج 3 ص 335.


(237)
    زينب الكبرى بنت امير المؤمنين عليه السلام :
    تُلقّب بالعقيلة وعقيلة بني هاشم وعقيلة الطابيين. وتلقب بالموثقة والعارفة. والعالمة غير المعلمة. والفاضلة. والكاملة. وعابدة آل علي.
    وهي اولى بنات امير المؤمنين (ع) ولدتها فاطمة الزهراء بعد الحسنين ، نشأت في حضن النبوة ودرجت في بيت الرسالة ورضعت لبان الوحي من ثدي العصمة فنشأت نشأةً قدسية روحانية فان الخمسة اصحاب العبا قد قاموا بتربيتها وتثقيفها وتهذيبها وكفى بهم مؤدبين ومهذبين.
    ذكر العلامة محمد علي احمد المصري في رسالته قال : ان السيدة زينب نشأت نشأة حسنة كاملة فاضلة عالمة من شجرة أصلها ثابت وفرعها في السماء ، وكانت على جانب عظيم من الحلم والعلم ومكارم الاخلاق ذات فصاحة وبلاغة ... الى أخر من قال. (1)
    قال الكاتب فريد وجدي : السيدة زينب بنت علي رضي الله عنهما ، كانت من فضليات النساء وشريفات العقائل. ذات تقي وطهر وعبادة.
    زينب الكبرى بنت امير المؤمنين علي من فاطمة الزهراء بنت رسول الله (ص) ولدت سنة خمس من الهجرة في الخامس من جمادي
1 ـ عن الكتاب ( عقيلة بني هاشم ) للخطيب علي بن الحسين الهاشمي.

(238)
الاول ، وكانت عند وفاة جدها رسول الله (ص) بنت خمس سنين ، وعند وفاة امها الزهراء ابنة ست إلا اشهراً.
    وروت الحديث عن امها الزهراء وروت خطبتها الشهيرة عنها على طولها مع أنها لما سمعتها كانت صغيرة السن ، وكان يرويها عنها اهل البيت ، وروى علي بن الحسين عنها عن امها فاطمة ما يتعلق بولادة الحسين ، وحدّثت عن أبيها امير المؤمنين وأخويها الحسنين.
    زوجها ابوها من ابن اخيه عبدالله (1) بن جعفر فولدت له عوناً (2) وعباساً وام كلثوم.
1 ـ عبدالله بن جعفر الطيار يقال له قطب السخاء وفيه يقول عبدالله بن قيس الرقيات :
وما كنت الا كالأغر ابن جعفر رأى المال لا يبقى فابقى له ذكرا
    وكان من احسن الناس وجهاً وأفصحهم منطقا واسمحهم كقا ، كانت ولادته بارض الحبشة وامه اسماء بنت عميس وحضر مع امير المؤمنين حروبه الثلاث ثم لازم الحسن والحسين مات سنة اربعة أو خمسة وثمانين من الهجرة.
2 ـ يتوهم البعض أن المرقد الواقع بالقرب من مدينة كربلاء المقدسة على سبعة أميال من شرقي المدينة انه عون بن عبدالله بن جعفر الذي امه الحوراء زينب بنت علي (ع) انما عون المذكور مدفون في الحائر الحسيني مع الشهداء في حفرة واحدة عند رجلي الامام الحسين (ع) ، وانما المرقد المعروف بهذا الاسم هو :
    عون بن عبدالله بن جعفر بن مرعي بن علي بن الحسن البنفسج بن ادريس بن داود ابن احمد المسود بن عبدالله بن موسى الجون بن عبدالله المحض بن الحسن المثني بن الحسن السبط بن علي بن ابي طالب.
    وكان سيداً جليلاً قد سكن الحائر الحسيني المقدس ، وكانت له ضيعة على ثلاثة فراسخ عن كربلاء فخرج اليها وادركه الموت فدفن في ضيعته ، فكان له مزار مشهور وقبة عالية والناس يقصدون بالنذور و قضاء الحاجات.
    وقبته ماثلة للعيان.ذكره النسابة السيد جعفر بن السيد محمد الاعرجي الكاظمي المتوفي سنة 1333 في كتابه ( مناهل الضرب في انساب العرب ).


(239)
    وللسيدة الحوراء زينب سلام الله عليها مواقف مليئة بالبطولة والشجاعة يوم وقعت الواقعة بين الحق والباطل في كربلاء ويوم استشهد جميع أنصار الحق لايريدون أن يذعنوا للباطل. زينب رمز المرأة المسلمة المؤمنة ، ومفخرة المرأة العربية المخلصة فقد شاطرت الحسين بهذه النهضة الجبارة ، قال العلامة المعاصر الشيخ عبد المهدي مطر في قصيدةعدد فيها مواقف السيدة زينب :
يا ريشة القلم استفزّي واكتبي هل كان هزّك مثل موقف زينب
    وفاتها :
    ذكر المؤرخون ان السيدة زينب ماتت في النصف من رجب سنة 65 هـ.
    وقال الاستاذ حسن قاسم في كتابه ، السيدة زينب :
    السيدة الطاهرة الزكية بنت الامام علي بن ابي طالب ابن عم الرسول وشقيقة ريحانتيه. لها اشرف نسب واجل حسب واكمل وأطهر قلب. فكأنها صيغت في قالب ضمخ بعطر الفضائل. فالمستجلي آثارها يتمثل أمام عينيه رمز الحق ، رمز الفضيلة. رمز الشجاعة. رمز المرؤة فصاحة اللسان. قوة الجنان. مثال الزهد والورع مثال العفاف والشهامة. ان في ذلك لعبرة.
    وقال العلامة محمد علي احمد المصري في رسالته : السيدة زينب :


(240)
    هي بنت سيدي الامام علي كرم الله وجهه ، وبنت السيدة فاطمة الزهراء بنت رسول الله وهي من أجل أهل البيت حسباً وأعلاهم نسباً. خيرة السيدات الطاهرات ومن فضليات النساء وجليلات العقائل التي قامت الفوارس في الشجاعة واتخذت طول حياتها تقوى الله بضاعة كريمة الدارين وشقيقة الحسنين.
    وقال عمر ابو النصر في كتابه ، فاطمة بنت محمد : واما زينب بنت فاطمة فقد اظهرت انها من اكثر اهل البيت جرأة وبلاغة وفصاحة. وقد استطارت شهرتها بما أظهرت يوم كربلاء وبعده من حجة وقوة وجرأة وبلاغة حتى ضرب بها المثل وشهد لها المؤرخون والكتاب.
    وقال ابن الاثير : إن زينب ولدت في حياة النبي وكانت عاقلة لبيبة جزلة ، وكلامها ليزيد بن معاوية حين طلب الشامي أختها فاطمة مشهور ، يدلّ على عقل وقوّة جنان.
    وقال العلامة البرغاني في ( مجالس المؤمنين ) : إنّ المقامات العرفانية الخاصة بزينب تقرب من مقامات الامامة ، وانها لما رأت حالة زين العابـدين ـ حين رأى أجساد أبيه وإخوته وعشيرته وأهل بيته على الثرى صرعى مجزرين كالاضاحي وقد اضطرب قلبه واصفرّ لونه ـ أخذت في تسليته ، وحدثته بحديث أمّ أيمن (1) كما روى ابن قولويه في
1 ـ هي مربية النبي (ص) ومولاته ، سوداء ورثها النبي عن امه ، وكان اسمها بركة ، فاعتقها وزوجها عبيد الخزرجي بمكة فولدت له أيمن ، فمات زوجها فزوجها النبي من زيد فولدت له اسامة أسود يشبهها ، فاسامة وأيمن اخوان. وام ايمن شهد النبي لها الجنة.
ادب الطف الجزء الاول ::: فهرس